العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات العلمية > منتدى القرآن الكريم وعلومه وتفاسيره

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-03-12, 08:59 PM   رقم المشاركة : 1
Nabil48
عضو ماسي







Nabil48 غير متصل

Nabil48 is on a distinguished road


لا تقصص رؤياك على إخوتك / د. عثمان قدري مكانسي

لا تقصص رؤياك على إخوتك

الدكتور عثمان قدري مكانسي

بدأ الإمام صلاة التراويح بسورة يوسف عليه السلام ، وكان صوته مريحاً ، فلم يكن صوته جميلاً ولا قبيحاً لكنّ تلاوته كانت جيدة وقراءته هادئة ، لهذا قلت إن صوته كان مريحاً ومما يزيد في راحة النفس أن مكبر الصوت يملأ المسجد دون جلبة أوضوضاء .
قلت في نفسي وأنا أدخل المسجد : لعل الله يرزقني فكرة أدندن حولها في خواطري الرمضانية إذ لم أكن قررت الفكرة التي أدور حولها ليوم الغد . فلما قرأ الإمام قوله تعالى " يا بنيّ لا تقصص رؤياك على إخوتك " قلت في نفسي – فقد كنا في الصلاة ولا يجوز الكلام فيها بغير الصلاة – جاءت الخاطرة فلا بدّ من إنضاجها . ولعل القارئ يشاركني اليوم الحديث عنها ، ويقدح زناد فكره فيها ، فهلمّ إلى ما يفتح الله بها علينا من خير نحن نحتاجه جميعاً :

1- لا بد من صدر حنون ذي خبرة في الحياة يسدد خطوي ويشاركني همومي – إن صح أنها هموم – أو يشاركني خواطري وتفكيري حين ألجأ إليه أستعين بمشورته وخبرته . وسيدنا يعقوب عليه السلام أيده الله بالحكمة وسداد الرأي وفهم الحياة ، فقد عركها وذاق حلوها ومرّها ، وهو نبي ابن نبي وحفيد أبي الأنبياء ، والله سبحانه وتعالى يلهمه الصواب ، ويسدده بالوحي ، ثم إنه الأب الحاني والصدر المشفق ، والوالد المحب ، فنِعم المستشار هو لولده يوسف عليهما السلام .

2- لا بد من الحذر والحيطة في كل الأمور ، ولا ينبغي للسر أن يتجاوز صدر صاحبه إلا إلى الأمين ، وإلا شاع وعرفه القاصي والداني ، كما أن لكل منا خصوصية يحتفظ بها ، ويخفيها عن الآخرين ولو كانوا من المقرّبين . والأب يهمس في أذن ولده " يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك ".

3- ولكنّ الأخ – عادة - محب ويود لأخيه الخير والسعادة والهناء ، فلماذا يحذر الأب ابنه من إخوته ؟! لا شك أن الأمر خطير إن عرفه إخوته فسوف يحسدونه ، ويكيدون له . إن هذه الرؤيا بشارة بالنبوّة التي تهفو لها نفوس الإخوة جميعاً فأبوهم نبيّ ، ولا بد أن يرثه في النبوّة واحد أو اثنان أو أكثر ، والجميع يحرصون على ذلك ، وليس الكل أهلاً لهذه المكانة العظيمة . وسيزداد الكره ليوسف حين تتجاوزهم هذه المكانة – وهم الكبار – إلى يوسف الفتى الصغير ، لا شك أن الله يختار من يشاء ويصطفي من يريد لدعوته ، ولكن هل يعي الجميع هذا الأمر ويرضونه ؟ أم تراهم يكيدون ليوسف ويأتمرون به إيذاء وإقصاء؟ هكذا فكر بعضهم ثم نفّذه جميعهم ، والله – سبحانه - يفعل ما يشاء .

4- قال تعالى:
" لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً "
ونلاحظ فعل الكيد يتبعه المفعول المطلق ليصف نفسية إخوة يوسف وما فيها من الحسد والبغضاء لمن يعتبرونه سلبهم أمراً يظنونه من حقهم " الله أعلم حيث يجعل رسالته " والإيمان الناقص إذا خالطه حقد وحسد دفع بصاحبه إلى التصرف المشين والحمق البيّن . ، والأب يعرف أبناءه وشدة مكرهم ، ويعلم أيضاً أن الله يحفظ عباده الصالحين ، إلا أنه لا بد من الحذر وأخذ الحيطة على مبدأ " اعقلها وتوكل " فالتوكل وحده نقص واضح ، والعقلُ دون توكل أكثر نقصاناً .

5- ومن الذي يدفعهم إلى الكيد الشديد لأخيهم ؟ إنه الذي أقسم أن يغوي الناس أجمعين إلا من عصمه الله وحفظه ، إنه الشيطان الذي أقسم بالله ليحتنكَنّ ذرية آدم وليضلنّهم وليزرعَنّ البغضاء في قلوبهم فهو عدوّهم الأول في هذه الحياة
" إن الشيطان للإنسان عدوٌّ مبين "
إنه مَن أخرج أباهم من الجنّة وحمل على عاتقه أن يأخذ من استطاع منهم إلى النار .

6- وهل يقدر الشيطان أن يفعل ذلك مع أبناء الأنبياء ؟! وقد ربّى يعقوب أبناءه على الإسلام والإيمان ؟ ألم يوصِ هذا الأب أبناءه أن يكونوا مسلمين ويحيَوا مؤمنين ويموتوا على ذلك
" ووصّى بها إبراهيم بنيه ويعقوبُ يا بنيّ إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتُنّ إلا وأنتم مسلمون "
ألم يعاهدوه وهو على فراش الموت أن يعبدوا الله وحده
" أم كنتم شهداء إذ حضرَ يعقوبَ الموتُ إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهاً واحداً ونحن له مسلمون " بلى لقد عاهدوه بعد أن تعلموا الدرس واعترفوا بخطئهم أمام يوسف في مصر واعتذروا له وأنهم كانوا خاطئين وسألوا أباهم أن يستغفر لهم ذنوبهم .

7- وليس شرطاً أن يكون أبناء الأنبياء والصالحين مثلهم فالهداية من الله ، فهذا قابيل قتل أخاه هابيل حسداً ، وهذا ابن نوح يدعوه أبوه عليه السلام أن يؤمن ويركب معه سفينة النجاة ، فأبى واستكبر وقال بلهجة الجاحد المعاند :
" سآوي إلى جبل يعصمني من الماء "
وتنكب طريق الهداية فكان من المغرقين أهل النار .

8- والحياة علمتنا أن الإخوة قد يكون بعضهم أشد عداوة لبعض من الآخرين ، فكم من بيوت هّمت وكم من دماء للإخوة أريقت بأيدي إخوانهم لمال أو أرض أو امرأة أو منصب أو جاه .
فلا بد أيها الأحباب من الحذر والحيطة ، ولا بد أن يحفظ الإنسان سرّه ، ولا بد أولاً وأخيراً أن يسأل الله تعالى العون والهداية
" فالله خيرٌ حافظاً وهو أرحم الراحمين "







 
قديم 07-10-18, 04:18 PM   رقم المشاركة : 2
محمد السباعى
عضو ماسي






محمد السباعى غير متصل

محمد السباعى is on a distinguished road


جزاك الله خيرا







 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:30 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "