العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات الخاصة > منتدى مقالات الشيخ عبدالرحمن دمشقية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-02-08, 10:42 AM   رقم المشاركة : 1
حسينا
موقوف





حسينا غير متصل

حسينا is on a distinguished road


ما هو افضل رد على من يدعي ان طاعة النبي في حياته فقط

شيخنا الفاضل عبدالرحمن دمشقية حفظه الله

ماهو الرد على شخص يدعى

1-ان طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته فقط

2-وانه يتبع فقط الاحاديث المتواترة التي تبلغ 309 حديث
وجزاكم الله خيرا

=========
اقتباس من شخص يدعى نهرو طنطاوي

أما عن ما يسمى بالسنة فسوف أنقل بعض الفقرات من كتاباتي التي كتبتها منذ أكثر من ثلاثة أعوام في كتابي (قراءة للإسلام من جديد)، وفي مقالي: (طاعة الرسول واجبة في حياته وليست بعد وفاته). وما ذكرته في كتاباتي هذه هو ما علمته وما أوقن به وأومن من خلال فهمي وإدراكي الشخصي لما يسمى بالسنة:

السنة في لسان قوم الرسول هي: الطريقة والمثال.

السنة في اصطلاح الفقهاء هي: كل قول أو فعل أو تقرير للرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى ذلك رأى الفقهاء وجوب اتباع الرسول في كل فعل أو قول أو تقرير نسب إليه عليه الصلاة والسلام.

إن مصطلح السنة بهذه الطريقة التي اصطلح عليها الفقهاء لم يرد له ذكر في القرآن وليست له أية شرعية قرآنية (وأعني هنا وجوب اتباع كل فعل أو قول أو تقرير للرسول صلى الله عليه وسلم), فلم يرد في القرآن وجوب أتباع كل ما يصدر عن الرسول من قول أو فعل أو تقرير هكذا على وجه العموم، أو جعله مصدرا ثانيا للتشريع ومساويا للمصدر الوحيد الذي هو القرآن الكريم.

إن كل ما ورد عن الرسول بطريق متواتر (أي لا خلاف عليه) كالقرآن وكيفية أداء الصلاة والصيام والزكاة والحج، والعمرة والأذان والإقامة والطهارة ومواقيت الصلاة وغير ذلك من الأفعال المتواترة التي لم يختلف عليها اثنان من المسلمين سنة كانوا أو شيعة أو أي مذهب آخر من المذاهب الإسلامية منذ كان الرسول حيا وإلى يومنا هذا، كل هذا هو وحي من عند الله مساو للقرآن تماما، وقد اتفق أهل ملة الإسلام قاطبة بلا استثناء على وجوبه وشرعيته.



إذاً ما تواتر عن الرسول صلى الله عليه وسلم في كيفية أداء العبادات إنما هو بوحي الله إلى رسوله، ليريه كيف يصلي وكيف يحج وكيف يتطهر وغيرها من الأفعال والأقوال المتواترة، وهذا لا اختلاف فيه مع أحد في أنه شرع ودين ووحي أوحاه الله إلى رسوله صلي الله عليه وسلم ولا خلاف بين أمة الإسلام بجميع طوائفهم وفرقهم في هذا.

إلا أن هذه العبادات وكيفيتها ليست هي السنة التي يقصدها الفقهاء، فما يقصده الفقهاء هو ما جاء في البخاري ومسلم والترمذي وبن ماجة وأبو داود ومسند أحمد وغيرها من كتب الأحاديث، فأوجبوا على المسلمون اتباع كل ما جاء في هذه الكتب دون مناقشة أو اعتراض، وإلا كفرنا وارتددنا عن الإسلام.

أما الحقيقة التي أعلمها بإدراكي الشخصي فهي أن كل ما نسب للرسول من أحاديث غير متواترة وغير متفق عليها بين أمة الإسلام أو ما يسميه الفقهاء بأحاديث الآحاد ، كل هذه الأحاديث يرفضها القرآن في الحالات التالية:

في حالة إضافة أحكام على ما جاء في القرآن.

في حالة إضافة محرمات على ما حرمه الله في القرآن.

في حالة مصادمة أو مناقضة لما جاء في القرآن.



حديث الآحاد:

[ خبر الآحاد هو كل خبر يرويه الواحد أو الاثنان أو الأكثر عن الرسول (ص) ولا يتوافر فيه شرط المتواتر.

أما عدد أحاديث الآحاد فمجموعه يزيد على 599 ألف حديث أي الغالبية العظمى من الأحاديث التي نسبت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه الأحاديث قال عنها جمهور العلماء أنها أحاديث ظنية بمعنى ليست قطعية في ثبوتها عن الرسول أي مشكوك في نسبتها للرسول، وهذا ليس قولي بل هو قول جمهور علماء السنة، وأذكر شيئا مما قيل عن أحاديث الآحاد مما خطته أيدي العلماء أنفسهم:

قال الأستاذ المرحوم الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه "أصول الفقه" عن حكم حديث الآحاد:

(حديث الآحاد يفيد العلم الظني الراجح, ولا يفيد العلم القطعي, إذ الاتصال بالنبي (ص) فيه شبهة. ويقول صاحب كشف الأسرار فيه: الاتصال فيه شبهة صورة ومعنى, أما ثبوت الشبهة فيه صورة, فلأن الاتصال بالرسول لم يثبت قطعا (أي بصورة قطعية), وأما معنى، فلأن الأمة تلقته بالقبول "أي في الطبقة التي تلي التابعين").

ويقول الشيخ أبو زهرة: (ولهذه الشبهة في إسناد الحديث بالرسول (ص) قالوا إنه يجب العمل به إن لم يعارضه معارض, ولكن لا يؤخذ به في الاعتقاد, لأن الأمور الاعتقادية تبنى على الجزم واليقين, ولا تبنى على الظن, ولو كان راجحا, لأن الظن في الاعتقاد لا يغني عن الحق شيئا).

وأين دليل الشيخ أبو زهرة على أن حديث الآحاد يؤخذ به في غير الاعتقاد؟.

هل كل قول أو فعل أو تقرير للرسول بوحي من الله؟:

قال تعالى في سورة النجم: (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى). يعتقد البعض أن كل كلمة نطق بها الرسول وكل فكرة خطرت له وكل خطوة خطاها هي بوحي من الله، وهذا فهم خاطئ للآية الكريمة، ومخالف لنصوص القرآن ووقائع السيرة، فقد عرضت على الرسول أسئلة كثيرة من المسلمين وغير المسلمين، فلم يكن لدى رسول الله جوابا عليها حتى يتنزل عليه القرآن بالإجابة، وكانت هناك اجتهادات للرسول كثيرة في بعض المواقف، فكان القرآن ينزل بخلافها ويعارضها، وسياق الآيات القرآنية نفسها يشهد بذلك وسياق السيرة كذلك، وليس هنا محلا لحصرها فهي كثيرة، فالمقصود من عدم نطق الرسول إلا بوحي وفق إدراكي هو ما نطق به الرسول من قرآن، أو توجيه الله لرسوله في بعض المواقف. وكان للوحي دورا أيضا مع الرسول في غير القرآن، كتوجيه الرسول في قيادة المسلمين والحكم بينهم بما أراه الله لقوله تعالى: (فاحكم بينهم بما أراك الله) وكان للوحي دورا أيضا أثناء خوضه صلى الله عليه وسلم للمعارك ضد أعدائه، وكان دور الوحي أيضا للرسول في غير القرآن يكمن في تثبيت الرسول والذين أمنوا معه بإنزال السكينة والطمأنينة في قلوبهم.



تكرار القرآن وتأكيده على طاعة الرسول كان للذين عاصروه في حياته:

إن ورود عشرات الآيات التي تأمر وتحض على طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في القرآن، إنما تنم عن تثبيت الله لأهمية طاعته صلى الله عليه وسلم في نفوس أصحابه وعدم مخالفة أمره، وأراد الله أيضا أن يعلمهم أن طاعته صلى الله عليه وسلم هي بإذن من الله، وهي طاعة لله، وأن ما ينطق به من قرآن ودين هو وحي من الله، وليس عن هوى أو اجتهاد شخصي، أيضا إن التكرار الكثير والتأكيد الصارم على طاعة الرسول إنما ينم عن عدة أمور هامة وهي كالتالي:

- تصديقه صلى الله عليه وسلم فيما بلغه عن ربه من القرآن العظيم وتثبيت ذلك في نفوس المسلمين, فالمسلمون وقتها كانوا حديثي عهد بالإسلام، وكانوا أيضا خارجون لتوهم من الجاهلية بعاداتها وتقاليدها وأعرافها وحميتها للقبيلة والنسب, فالتكرار والتأكيد في ذلك الوقت على طاعة الرسول وأن طاعته من طاعة الله يثبت في نفوس المسلمين عدم تحيز رسول الله فيما يقوله أو يأمر به أو يفعله إلى فئة ما أو قبيلة ما أو عصبية ما، بل إن ما يقوله ويفعله من أمور الدين هو بإذن من الله وتوجيه منه سبحانه لرسوله – صلى الله عليه وسلم – وليس من عند نفسه.

- كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقتها يؤسس لأمة ويؤسس لدين سيكون أتباعه يوما ما عددهم بالملايين وهذا شيء ليس بالسهل ولا اليسير, وذلك مما جعل القرآن يؤكد دائما علي طاعة الرسول وعدم الخروج عن حكمه وقضائه وأمره، وأن أي شك في رسول الله هو بمثابة شك في القرآن, لأن رسول الله –صلى الله عليه وسلم– لو عمد إلى التحيز أو الخطأ أو الكذب، لكان أدعى لأتباعه أن يشكوا في القرآن وما جاء فيه من أحكام وأوامر ونواهي، فكان لابد من التأكيد الدائم والتذكير المستمر بطاعة الرسول، لأنه حينئذ يؤسس ويبني أمة جديدة على العالم وعلى أتباعها.



إذن فتكرار القرآن وتأكيده على طاعة الرسول مرات كثيرة لم يكن لمجرد التكرار أو لمجرد التذكير بطاعته وحسب، ولم يكن ذلك التأكيد وذلك التكرار للذين يأتوا من بعده كما يزعم الفقهاء، بل كان للذين معه وللذين عاصروه في حياته على وجه التحديد، والدليل على ذلك أنه كانت هناك أسباب كبيرة وخطيرة تقف وراء هذا التكرار والتأكيد، حتى يكاد ينطق بها القرآن ويقرأها المرء في سياق النصوص التي جاءت تأكد على طاعة الرسول وتحذر وتنذر من معصيته.

وأما ما نسب إلى رسول الله من أحاديث، فيجب أن يوضع في ميزان القرآن فما وافق منه القرآن، فلنأخذ به، وما خالف منها القرآن، أو وضع أحكاما لم يأت بها القرآن، أو أحل حراما، أو حرم حلالا، لم يأت ذكره في القرآن، فيجب تركه وعدم العمل به.



طاعة الرسول بعد وفاته :

أما طاعتنا للرسول بعد وفاته ففيما جاء به من قرآن، وفي بيانه لكيفية عبادة الله من صلاة وزكاة وصيام وحج وطهارة وغيرها من عبادات، وطاعته صلى الله عليه وسلم والتأسي به، وكيف أنه كان يطيع الله ويعبده ويتبع ما أوحي إليه. والتأسي به صلى الله عليه وسلم في خلقه العظيم، والطاعة في هذا واجبة على جميع المسلمين سواء في حياة الرسول أو بعد مماته، ووجوب طاعة الرسول في ما جاء به من قرآن للأسباب التالية:

- القرآن هو الإسلام وهو الدين وهو الشريعة.

– القرآن وصل إلينا بالتواتر عن جمع غفير من المسلمين أحالت العادة دون تواطؤهم على الكذب.

– القرآن ذكر للعالمين في حياة الرسول وبعد مماته.

إذن فطاعته صلى الله عليه وسلم بعد وفاته تكون في الإيمان بما جاء به من قرآن والعمل به، لأن ما جاء به الرسول وبلغه عن ربه من قرآن وعبادات هو كلام الله وهو الإسلام، وشرعه ودينه وحكمه وأمره للناس، فليس لمسلم مؤمن بدين الإسلام أن يرده أو يعارضه ما دام أنه رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد –صلى الله عليه وسلم– رسولاً, ولا سبيل لمسلم إلا أن يعمل بما جاء فيه من أحكام ما استطاع إلى ذلك سبيلا.



هذا نتيجة بحثي وإدراكي الشخصي وما أوقن به منذ سنوات حول ما ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام من أقوال وأفعال من غير القرآن، فأنا لا أنكر كل ما ورد عن الرسول ولا يمكنني ذلك، ولا أقبله كله كذلك، وإنما أضعه في ميزان القرآن والعقل والبحث العلمي، فما رجحه القرآن والعقل والبحث العلمي أعتمده كدين ووحي من عند الله، وقد جئت بتلك المقتطفات من كتاباتي التي كتبتها منذ سنوات وهي منشورة على الكثير من المواقع، حتى لا يزايد أحد علي في هذه المسألة، وحتى لا يظن أحد أنني أتبع ذلك الفكر المبتور الأعور الذي يسمى بـ (فكر القرآنيين).



ومن هنا أطالب جميع المهتمين بالفكر الديني الإسلامي في كافة مواقعهم، أن يعتمدوا القرآن الكريم كمرجعية وحيدة للحكم على ما جاء فيما يسمى بالسنة من أحكام تشريعية ودينية وتحريمية، وكذلك على الاجتهادات الفقهية لكل من تصدر للفتوى والاجتهاد، وألا نحكم بالسنة على القرآن في الجانب التشريعي الأحكامي، بل العكس هو الصحيح، ولنعلم أنه لن يستقيم الدين باستقلال البعض بأحدهما وإعفاء الآخر، ولنعلم كذلك أن ما نسب إلى الرسول قد يحمل في جزء ليس بقليل منه، الكثير من التنبؤات الغيبية المستقبلية، وقد تحقق جزء كبير منها، وهي بالتأكيد من الوحي الذي أوحى الله به إلى خاتم النبيين محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، وبدون ذلك سيظل الباب مفتوحا على مصراعيه للاختلاف والتناقض والتضارب في أحكام الدين.



ومما أعلمه وأوقن به كذلك من خلال إدراكي ودراستي الشخصية لهذا الموضوع، أن كل ما ورد عن الرسول في كتب السنن كالبخاري ومسلم ومسند أحمد وغيرها من كتب التراث والتاريخ، لا أكذبه كله ولا أصدقه كله، ومع ذلك أرى أنه قد يكون هناك الكثير مما ورد في هذه الكتب من أقوال وأفعال تنسب إلى النبي محمد عليه الصلاة والسلام كحياته الشخصية وصفاته وأقواله وأفعاله وأوامره ونواهيه واجتهاداته، قد تكون صدرت عنه بالفعل، وقد تكون صحيحة في نسبتها إليه عليه الصلاة والسلام، فليس من المنطق ولا من العقل ولا من البحث العلمي الجاد أن النبي محمد عليه الصلاة والسلام لم يتكلم بكلمة واحدة في فترة تبليغه للرسالة والتي مكثت نحو ثلاثة وعشرون عاما إلا بالقرآن فقط، فهذا محال ولا يقول به من ليس لديه أدنى مسكة من عقل.



إن بعض السذج من الذين لا يعلمون والذين لا يبصرون، ممن ابتلي الإسلام بانتمائهم إليه، لا يفرقون بين النصوص الدينية التي أوحى الله بها في القرآن وغير القرآن، وبين التطبيق الفعلي العملي لتلك النصوص، ولا بين تأثير الواقع وثقله في تحديده وفرضه لكيفية تطبيق النصوص، فهناك فرق لائح بين النص، وبين طرق وكيفية تطبيقه والتي يفرضها الواقع ويحددها، فالنص كما هو لا يتغير إنما الواقع هو من يتغير ويتبدل، وتبدل الواقع وتغيره المستمر يفرض على الشخص أو الجماعة التي تريد تطبيق النصوص، سلوك سبل أخرى أو طرق مختلفة لذلك التطبيق عن الذين مضوا، وذلك وفق ما تقتضيه الظروف وما يمليه الواقع، فتطبيق النصوص هو طاعة لله وفق ظروف وواقع







  رد مع اقتباس
قديم 21-02-08, 07:30 PM   رقم المشاركة : 2
حسينا
موقوف





حسينا غير متصل

حسينا is on a distinguished road


الدليل على طاعة النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته

=====

وجوب طاعته بعد وفاته :

كما وجب على الصحابة بأمر الله في القرآن اتباع الرسول وطاعته في حياته ، وجب عليهم وعلى من بعدهم من المسلمين اتباع سنته بعد وفاته ، لأن النصوص التي أوجبت طاعته عامة لم تقيد ذلك بزمن حياته ، ولا بصحابته دون غيرهم ، ولأن العلة جامعة بينهم وبين من بعدهم ، وهي انهم أتباع لرسول أمر الله باتباعه وطاعته ، ولأن العلة أيضاً جامعة بين حياته ووفاته ، إذ كان قوله وحكمه وفعله ناشئاً عن مُشرع معصوم أمر الله بامتثال أمره ،فلا يختلف الحال بين أن يكون حياً أو بعد وفاته ، وقد ارشد صلى الله عليه وسلم وجوب اتباع سنته حيث يغيب المسلم عنه حيث بعث معاذ بن جبل إلى اليمن ، فقال له : [ كيف تقضي إذا عرض لك القضاء ؟ ] قال : أقضي بكتاب الله ، قال : [ فإن لم يكن في كتاب الله ؟ ] قال : فبسنّة رسول الله ، قال : [ فإن لم يكن في سنة رسول الله ؟ ] قال : أجتهد رأي ولا آلو ، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدره ، وقال : [ الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله ] (أخرجه أحمد ، وأبو داود ، والدارمي ، والترمذي ، والبيهقي في المدخل ، وابن سعد في الطبقات ، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله) .
كما حث على وجوب العمل بسنته بعد وفاته في أحاديث كثيرة جداً بلغت حد التواتر المعنوي ، منها ما رواه الحاكم وابن عبد البر عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي] (جامع العلم والبيان وفضله 2/42) (وأخرجه أيضاً البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وأخرج البخاري والحاكم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ] قالوا يا رسول الله ومن يأبى ؟ قال : [ من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى] وأخرج أبو عبد الله الحاكم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبة الوداع : [ إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم ولكن رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم فاحذروا ، إني قد تركت فيكم ما أن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً : كتاب الله وسنة نبيه ] وأخرج ابن عبد البر عن عرباض بن سارية قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ، فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقيل : يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا ، قال : [ عليكم بالسمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً ، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهتدين ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة ] .
من أ جل هذا عني الصحابة رضوان الله عليهم بتبليغ السنة لأنها أمانة الرسول عندهم إلى الأجيال المتلاحقة من بعدهم ، وقد رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبليغ العلم عنه إلى من بعده بقوله : [ رحم الله امرءاً سمع مقالتي فأداها كما سمعها ، ورب مبلّغ أوعى من سامع ] .

من كتاب السنة ومكانتها في التشريع







  رد مع اقتباس
قديم 21-02-08, 07:33 PM   رقم المشاركة : 3
حسينا
موقوف





حسينا غير متصل

حسينا is on a distinguished road


طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم

1- وجوب طاعة الرسول في حياته

كان الصحابة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفيدون أحكام الشرع من القرآن الكريم الذي يتلقونه عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكثيراً ما كانت تنـزل آيات القرآن مجملة غير مفصلة ، أو مطلقة غير مقيدة ، كالأمر بالصلاة ، جاء مجملاً لم يبين في القرآن عدد ركعاتها ولا هيئتها ولا أوقاتها ، وكالأمر بالزكاة ، جاء مطلقاً لم يقيد بالحد الأدنى الذي تجب فيه الزكاة ، ولم تبين مقاديرها ولا شروطها ، وكذلك كثير من الأحكام التي لا يمكن تنفيذها دون الوقوف على شرح ما يتصل بها من شروط وأركان ومفسدات ، فكان لا بد لهم من الرجوع إلى رسول صلى الله عليه وسلم لمعرفة الأحكام معرفة تفصيلية واضحة .
وكذلك كانت تقع لهم كثير من الحوادث التي لم ينص عليها في القرآن ، فلا بد من بيان حكمها عن طريق عليه الصلاة والسلام ، وهو مبلَّغ عن ربه ، وأدرى الخلق بمقاصد شريعة الله ونهجها ومراميها .
وقد أخبر الله في كتابه الكريم عن مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم بالنسبة للقرآن أنه مبين له وموضح لمراميه وآياته ، حيث يقول الله تعالى في كتابه : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزّل إليهم ولعلهم يتفكرون ) (سورة النحل : 44) ، كما بين أن مهمته إيضاح الحق حين يختلف فيه الناس : ( وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) ( سورة النحل: 64) .
وأوجب النـزول على حكمه في كل خلاف : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما ) ( سورة النساء : 65) .
وأخبر أنه أوتي القرآن والحكمة ليعلم الناس أحكام دينهم فقال : ( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) (سورة آل عمران : 164) .
وقد ذهب جمهور العلماء والمحققين إلى أن الحكمة شيء آخر غير القرآن ، هي ما أطلعه الله عليه من أسرار دينه وأحكام شريعته ، ويعبر العلماء عنها بالسنة ، قال الشافعي رحمه الله : ( فذكر الله الكتاب وهو القرآن ، وذكر الحكمة فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول : الحكمة سنة رسول الله ، وهذا يشبه ما قال والله أعلم ، لأن القرآن ذكر واتبعته الحكمة ، وذكر الله منّة على خلقه بتعليمهم الكتاب والحكمة ، فلم يجز - و الله أعلم - أن يقال الحكمة هنا إلا سنة رسول الله ، وذلك أنها مقرونة مع الكتاب ، وأن الله افترض طاعة رسوله ، وحتم على الناس اتباع أمره ، فلا يجوز أن يقال لقول فُرضَ إلا لكتاب الله وسنة رسوله لما وصفناه من أن ا لله جعل الإيمان برسوله مقروناً بالإيمان به .
وواضح مما ذكره الشافعي هنا رحمه الله أنه يجزم بأن الحكمة هي السنة ، لأن الله عطفها على الكتاب ، وذلك يقتضي المغايرة ، ولا يصح أن تكون شيئاً غير السنة ، لأنها في معرض المنة من الله علينا بتعليمنا إياها ، ولا يمن إلا بما هو حق وصواب ، فتكون الحكمة واجبة الاتباع كالقرآن ، ولم يوجب علينا إلا اتباع القرآن والرسول ، فتعين أن تكون الحكمة هي ما صدر عن الرسول من أحكام وأقوال في معرض التشريع .
وإذا كان كذلك ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أوتي القرآن وشيئاً آخر معه يجب اتباعه فيه ، وقد جاء ذلك مصرحاً في قوله تعالى في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم ( يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ) (سورة الأعراف : 156) ، وما دام اللفظ عاماً فهو شامل لما يحله ويحرمه مما مصدره القرآن ، أو مصدره وحي يوحيه الله إليه ، وقد روى أبو داود عن المقدام ابن معد يكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : ( ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ) .
ويدل على ذلك أن الله أ وجب على المسلمين فيما يأمر وينهي فقال : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) ( سورة الحشر : 7) .وقرن طاعة الرسول بطاعته في آيات كثيرة من القرآن فقال : (وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون) (سورة آل عمران : 132) وحث على الاستجابة لما يدعو ، فقال : ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذ دعاكم لما يحييكم ) (سورة الأنفال : 34) واعتبر طاعته طاعة لله واتباعه حباً لله : ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) (سورة النساء :180) وقال أيضاً : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ) (سورة آل عمران : 31) .

من كتاب السنة ومكانتها في التشريع







  رد مع اقتباس
قديم 21-02-08, 07:35 PM   رقم المشاركة : 4
حسينا
موقوف





حسينا غير متصل

حسينا is on a distinguished road


حجيَّة أحاديثِ الآحاد في العقائد والأحكام
د. علاء بكر
المصدر: من كتاب "ملامح رئيسية للمنهج السلفي"
--------------------------------------------------------------------------------

حجيَّة أحاديثِ الآحاد في العقائد والأحكام


من أساليب المتكلِّمين الَّتي يُبَرِّرونَ لأَنْفُسِهم بها نَبْذَ الكتاب والسُّنة زَعْمُهُم أنَّ حديثَ الآحاد لا يُحْتَجُّ به في العقائد، فيُسقِطون السنَّة النبويَّة من حساباتهم في إثبات أمور العقيدة والتوحيد؛ إذ إنَّ أكْثَرَ السُّنَّة النبوية آحاد، والمتواتِر منها بالنسبة إلى الآحاد قليل.
وحُجَّتُهم: أنَّ الأحاديثَ المُتَواتِرة تُفِيد القَطْع واليقين؛ فيُحتجُّ بها، وأحاديثَ الآحاد – على كثرتها – ظنيَّةٌ تفيد العلم الظنِّيَّ لا اليقينيَّ؛ فيُعمَل بها في الأحكام لا في العقائد؛ إذ إن الشرع نهى عنِ اتِّباع الظنِّ والأخْذِ به.


وحديث الآحاد هو: كلُّ حديث لم يَبلُغْ حدَّ التَّواتُر، حتَّى وإن كان مستفيضًا، حتَّى وإن كان صحيحًا مِمَّا اتَّفق عليه البخاريُّ ومسلمٌ، وتلقَّتْهُ الأُمَّةُ عنهما بالقَبول.
والمحصّلة: نَبْذ أكثر السّنَّة النبويَّة، وقَصْر الاحتجاج في أغلب مسائل العقيدة والتوحيد على القرآن وَحْدَهُ، مع تقديم أقوالِ المُتَكلِّمين وآرائهم على الآيات عند تعارِضُهما في الأذهان، مستخدمينَ التأويلَ لصرف المعاني عن ظاهرها لتُوافِق مذاهب المتكلمين.


والصواب: أنَّ أحاديثَ الآحادِ الصحيحةَ حُجَّةٌ بِنَفْسِها في العقائد والأحكام، لا يُفَرَّقُ بينها وبين الأحاديث المتواترة، وعلى هذا جرى علماء الأمَّة جِيلاً بعد جِيل[1]، والتفريق بين الأحاديث المتواترة والآحاد في الاحتجاج في العقائد باطل من وجوه، منها:
1- أنَّ هذا القول قول مُبتدَع مُحْدَث، لا أصل له في الشريعة، لم يعرفه السلف الصالح - رضوان الله عليهم - ولم ينقل عن أحد منهم، ولا خطر لهم على بال[2]، وفي الحديث: ((من أحدث من أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))؛ متفق عليه، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إياكم ومُحْدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار))؛ رواه أحمد، وأصحاب السنن، والبيهقي، والجملة الأخيرة منه عند النسائي، والبيهقي، بإسناد صحيح.


وإنما قال هذه المقالة جماعة من علماء الكلام، وأخذ بها من تأثَّر بهم من علماء الأصول من المتأخرين، وتلقَّاها عنهم بعض المُعاصرين بالتسليم دون مناقشة أو برهان.
وما هَكَذَا شَأْنُ العَقِيدة خاصَّةً مِمَّن يَشْتَرِطُون لِثُبوتِ مَسائِلِها بثبوتها بأدلَّة قطعيَّة عندهم. وأعجب من ذلك وأَغْرب ادّعاء اتّفاق الأُصُولِيّين على الأخْذ بذلك، وهي دعوى باطلة، وجُرْأة زائدة، فكيف يكون الاتّفاق على ذلك وقد نصَّ على أنَّ خبر الآحاد يُفيد العلم - كما يفيد العمل - الإمامُ مالك، والشافعي، وأصحابُ أبي حنيفة، وداودُ بن علي، وابنُ حزم[3]، والحسين بن علي الكرابيسي، والحارث بن أسد المحاسبي، وغيرهم[4].


قال ابن خويز منداد في كتاب "أصول الفقه" وقد ذكر خبر الواحد الذي لم يَرْوِهِ إلاَّ الواحد والاثنان: ويقع بهذا الضرْبِ أيضًا العِلْم الضروري، نص على ذلك مالك، وقال أحمد في حديث الرؤية: "نعلم أنها حق، ونقطع على العلم بها"، وقال القاضي أبو يَعْلَى في أوَّل "المخبر": "خبر الواحد يُوجِب العلم إذا صحَّ سَنَدُه، ولم تختَلِفِ الرواية فيه، وتلقَّتْهُ الأُمَّة بالقَبول، وأصحابنا يطلقون القول فيه، وأنه يوجب العلم، وإن لم تتلقَّهُ الأُمَّةُ بِالقبول".
قال: "والمذهب على ما حكيت لا غير".


وقال بذلك أبو إسحاق الشيرازي في كتبه في الأصول؛ كـ"التبصرة"، و"شرح اللمع" وغيرهما، ولفظه في "الشرح": "وخبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول يوجب العلم والعمل، سواء عمل به الكل أو البعض"، ولم يحك فيه نزاعًا بين أصحاب الشافعي، وحكى هذا القول القاضي عبدالوهاب من المالكيَّة عن جماعة من الفقهاء، وذكره أبو بكر الرازي في كتابه "أصول الفقه"[5].
2– أنَّ الشَّرْعَ دَلَّ على أخْذِ العِلْمِ من الأفراد والجماعات الناقلين له قال – تعالى -: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122]، والطائفة تقع على الواحد فما فوقه، والإنذار إعلام بما يُفيد العلم، والتبليغ لأمور الشرع من عقيدة وغيرها بلا فرق.


وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] وفي قراءة: {فَتَثَبَّتُوا}، ومفهوم الآية قَبول خَبَر الوَاحِد الثقة.
وفي الأحاديث الحث على تبليغ ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فلازم ذلك قبول خبره من الواحد، طالما أنه من طريق صحيح[6].


فإن قيل: أحاديث الآحاد تفيد الظن والشرع نهى عن اتباع الظن[7]، فجوابه: هذا في الظن المَرْجُوح الذي لا يُفيد عِلْمًا، فيكون قائمًا على الهَوَى، مُخَالِفًا للشرع، وليست أحاديث الآحاد من ذلك في شيء؛ بل هي من الشرع.
ولازم ذلك رد العمل بأحاديث الآحاد في الأحكام والمعاملات، إذا اعتبرناها من الظن المنهِيّ عن الأخذ به شرعًا. وهذا باطل غاية البُطلان.


وعلى هذا نقول:
أين الدليل الذي يُعْتَدّ به على تَرْك العمل بحديث الآحاد في العقائد والتوحيد؟! هل ثبت ذلك بآية قرآنية أو حديث نبوي صحيح؟!
وهل ثبت عن الصحابة - رضي الله عنهم - العمل بذلك أو التصريح به؟!
وهل ثبت عن أحدٍ من الصحابة ردُّ ما أخبره به أحدُهم من أحاديثَ نبوية، تضمن أمورًا عقائدية؟ وهل فعل ذلك أحد من أئمة التابعين ومن بعدهم؟


إننا نجزم - بلا شك - أنه ما من أحدٍ من الصحابة أو التابعين، أو أئمة الهدى رَدَّ خبر الواحد الذي يتضمَّن أمورًا عقائدية؛ بل كانوا يتقبلون الخبر بالقَبول واليقين، طالما ثبتَتْ صحته؛ كما في أحاديث الرؤية، وتكليم الله، وندائه، ونزوله في ثلث الليل الأخير كل ليلة... إلخ.


3 – أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: ((بَلِّغُوا عني))؛ متفق عليه، ومن بَلَّغ عنه فقد أقام الحجَّة على المبلغ، وحصل له بذلك العلم، وادّعاء أنَّ العلم والحجة لا تقوم بإخبار المبلِّغ، ما كان للأمر بذلك معنى.
وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُرْسِل الوَاحِد من أصحابه؛ يبلغ عنه، فتقوم الحجة بذلك على مَنْ بَلّغه[8].
وقد أرسل - صلى الله عليه وسلم – عليًّا، ومعاذًا، وأبا موسى - رضي الله عنهم - في أوقات مختلفة إلى اليمن؛ يُبلّغُون عنه؛ ويُعلِّمُون الناس الدين، وأهمُّ شيء في الدين إنما هو العقيدة.


وهذا دليلٌ قاطِع على أنَّ العقيدة تَثْبُت بخبر الواحد، وتقوم به الحجَّة على الناس، وإلا ما اكتفى - صلى الله عليه وسلم – بِمُفْرَدِه، ولأرسل معه من يَتواتر به النقل.
4 – أنَّ القول المذكور يستلزم اختلاف المسلمين فيما يجب عليهم اعتقاده، فيكون الحديث حجة في حقِّ الصحابي، باطلاً مردودًا في حق من بعده، فالصحابي الذي سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - حَصَل له اليقين بما سَمِع، واعتقد ذلك عن يقين.
ومن جاء بعده فلم يقبل قول هذا الصحابي؛ لكونه حديث آحاد لا يرى هذا الاعتقاد ويرده، وما ثبت تواتُرًا في زمن التابعين، ولم يثبت بعدهم متواترًا اختلف الاعتقاد بين الزمنين.. وهكذا.


ومن لوازم ذلك أن حديث الصحابي كان صدقًا وحجة في حق الصحابي، ويعد باطلاً ومردودًا في أزمان بعده.
ومِن لوَازِم ذلك رَدّ كلِّ ما رواه الصحابة مباشرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمور الاعتقاد، إذا لم ينقل عنهم متواترًا، ويبقى إثبات ما كان فيها من اعتقادات أخَذَهَا الصحابة من النبي - صلى الله عليه وسلم - كأفراد على وصول عقول المتكلمين إلى إدراكها وإثباتها.


5 – أن القول المذكور من لوازمه أن لا يُكْتَفَى بإخبار الوَاحِد من علماء الحديث، بأن هذا الحديث مُتواتِر، إذ إنه خبره عن تواتر الحديث خبر آحاد لا يُحْتَجّ به؛ أي أنه لا يحتج إلا بما شَهِد بتواتره جميع الناس، لا واحد أو قِلة من أهل الاختصاص، ومثل هذا لا يتيسر لكل أحد أن يثبت شهادة الجميع بتواتر الحديث، إما لنقص العلم عنده، أو لعدم الاطلاع على كتب أكثر أهل الحديث.
ويزيد الأمر غرابةً أنَّ هؤلاء المتكلمينَ أبعد الناس عن تعلم الحديث، ومُطَالَعة كُتُبِ علمائه، وبضاعتهم فيه مزجاة، ويفوتهم من أقوال المحدثين الكثير والكثير[9].


وأعجب من ذلك: ذمهم للتقليد في أمور العقيدة، وهم في علم الحديث لا يملكون إلا التقليد فيه.
6 – فإن قيل: حديث الآحاد يفيد الظن، ويحتمل الخطأ فيه، عمدًا أو سهوًا، أو بعدم ضبط في النقل ونحوه، وما كان هذا صفته لا تؤخذ منه عقائد. فوجب ترك العمل بحديث الآحاد لذلك. والجواب: هذا مردود من وجهينِ:
الأول: إجْمَاع السلف على قَبول أحاديث الآحاد في العقائد، وإثبات صفات الرب تعالى، والأمور الغيبية العلمية بها.
الثاني: هذا الادِّعاء يُوجِب أيضًا طَرح العمل بأحاديث الآحاد في الأحكام، والفرعيات لنفس العلة، وهذا باطل؛ فإن الذين نقلوا هذا هم الذين نقلوا هذا، فإن جاز عليهم الخطأ والكذب في نقلها، جاز عليهم ذلك في نقل غيرها، وحينئذ فلا وثوق بشيء نُقِل لنا عن نبينا - صلى الله عليه وسلم - وهذا انسلاخ من الدين.


قال ابن القيم - رحمه الله -: ولا يمتنع إثبات الأسماء والصفات بها؛ كما لا يمتنع إثبات الأحكام الطَّلَبِيَّة بها، فما الفرق بين باب الطَّلَب وباب الخبر، بحيث يحتج بها في أحدهما دون الآخر، وهذا التفريق باطل بإجماع الأمة، فإنها لم تَزَل تحتج بهذه الأحاديث في الخَبَرِيَّات، كما تحتج بها في الطلبيات العمليات، ولا سيما الأحكام العملية: تتضمَّن الخبر عن الله بأنه شَرَّع كذا، وأوجبه ورضيه دينًا، فشرعه ودينه راجع إلى أسمائه وصفاته، ولم تزل الصحابة، والتابعون، وتابعوهم، وأهل الحديث، والسنة، يحتجون بهذه الأخبار في مسائل الصفات، والقدر، والأسماء، والأحكام، ولم ينقل عن أحد منهم ألبتة أنه جَوَّز الاحتجاج بها في مسائل الأحكام دون الأخبار عن الله وأسمائه وصفاته، فأين سلف المفرقين بين البابين؟


نعم سلفهم بعض مُتأخِّري المتكلمين، الذين لا عناية لهم بما جاء عن الله ورسوله وأصحابه؛ بل يصدون القلوب عن الاهتداء في هذا الباب بالكتاب، والسنة، وأقوال الصحابة، ويحيلون على آراء المتكلمين، وقواعد المتكلفين، فهم الذين يعرف عنهم التفريق بين الأمرينِ، وادعوا الإجماع على هذا التفريق، ولا يحفظ ما جعلوه إجماعًا عن إمام من أئمة المسلمين، ولا عن أحد من الصحابة والتابعين، وهذا عادة أهل الكلام، يحكون الإجماع على ما لم يقله أحد من أئمة المسلمين؛ بل أئمة المسلمين على خلافه. اهـ[10].


7 – أن مآل الأَخْذ بهذا القول، هو الاقْتِصار في العقيدة على ما جاء به القرآن، وترك العمل في العقائد بالأحاديث النبوية، وعدم الاعْتِداد بما جاء فيها من الأمور الغَيْبِيَّة.
فإن أكثر الأحاديث النبوية آحادٌ، والمتواتر منها قليل بالنسبة إلى الآحاد، والمُتواتِر اللفظي منها أقل، والمتواتر المعنوي إنما تختلف ألفاظه وتتفاوت، والناس يختلفون في إثبات هذا المُتواتِر ويتفاوتون.


ويشهد لذلك أنَّ هؤلاء المتكلمينَ لا تجدهم يثبتون أمرًا عقائديًّا مستدلينَ بثبوته متواترًا عند علماء الحديث، فَهُم أبعد الناس عن الأخْذ بذلك؛ لأنهم أجهل الناس بالأحاديث وطُرُقها، وأزْهَد الناس في الاشتغال بها وطلبها، ولذلك تراهُم يحكمون على أحاديث أنها من الآحاد، وهي عند أهل العلم بالحديث من المتواتر.


وأغْرب من ذلك وأَعْجَبُ ادّعاء بعضهم أنه لا حاجة إلى السنة في أمور العقيدة، وأنه لم يثبت في أحاديث الآحاد ما تنفرد السنة به في أمور العقيدة، والأعْجَب تصديق البعض ذلك والأخذ به، يقول أحدهم: "وليس في العقائد ما انفرد الحديث بإثباته"[11]. ويقول في موضع آخر: "وقد قرر مؤلف "المقاصد": أن جميع أحاديث أشراط الساعة آحادية"[12]. فهذا بوضوح ما انتهى به الأمر بالنسبة لهؤلاء القائلينَ بعدم الأخذ بأحاديث في العقائد أن نبذوا السنة النبوية كلها من الناحية العملية.


8 – أنَّ كثيرًا من العقائد الإسلامية التي تَلَقَّتْها الأُمَّة عن السَّلَف، وتلقت أحاديثها بالقبول، هي من الآحاد، وتَرْكُ العمل بأحاديث الآحاد تَرْكٌ لهذه العقائد الإسلامية الثابتة، وتخطئة للسلف في اعتقادها، واتخاذها دينًا، وأن يكون إسلامنا غير إسلامهم، وعقائدنا غير عقائدهم[13].


ومن أمثلة هذه العقائد السلفية:
1- أفضليَّة نبيّنا مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - على جميع الأنبياء والرسل.
2- إثبات الشفاعة للنَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - العُظْمَى في المحشر، وشفاعته لأهل الكبائر من أمته.
3- مُعْجزاته - صلى الله عليه وسلم – المادية، ما عدا القرآن الكريم.
4- ما ورد في الأحاديث عن بدء الخلق، وصفة الملائكة والجن، وصفة الجنة والنار، وأنَّهما مخلوقتان الآن.
5- القَطْع بأن العشرة المبشرين بالجنة من أهل الجنة.
6- الإيمان بالميزان ذي الكِفَّتينِ يوم القيامة.
7- الإيمان بحَوْضِه - صلى الله عليه وسلم – الكوثر، وأن من شَرِب منه لم يظمأ أبدًا.
8- الإيمان بالقلم، وأنه كتب كل شيء.
9- الإيمان بأن الله حَرَّمَ على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء.
10- الإيمان بأشراط الساعة: كخروج المهدِي، وظهور الدجال، ونزول عيسى عليه السلام... إلخ.
11- الإيمان بعروجه - صلى الله عليه وسلم - إلى السموات العُلَى، ورؤيته لآيات الله – تعالى - الكُبْرَى فيها.


وكما كان السَّلَف الصالح لا يُقَدّمون الاجتهادات العقليَّة على الأدلة الشرعية في مسائل العقيدة والتوحيد، فقد كانوا كذلك لا يُقَدّمون الاجتهادات الفقهيَّة على الأدلة الشرعية في مسائل الفقه وقضاياه، لذا فقد كان منهجهم في ذلك اتباع الأحكام الفقهية المبنية على الكتاب والسنة، وتَرْك ما عداها من آراء الفقهاء المخالفة للكتاب والسنة، وهم في ذلك كله يرَوْن العذر للمجتهدين المخالفينَ، لا يجعلون ردَّ أقوالِهم قَدْحًا في إمامتهم وعلْمِهم وصلاحهم[14]، ولكن لا يرَوْن عُذْرًا لمن قَلَّد الأئمة في آرائهم التي اتَّضَحَ بِجَلاءٍ مُخالَفَتُها للكتاب والسنة، ولم يكن من منهج السلف التقيُّد بإمام معين في كل فتاويه، والاجتهاد عندهم واجب على من قدر عليه واستكمل أدواته. "فالعامي له أن يُقَلِّد مَنْ غلب على ظنه أنه من أهل العلم والدين، أما العالم فعليه أن يأخذ بالأرجح"، لذا ينبغي "أن يدرس ما دَوَّنَهُ الأئمة الأربعة وغيرهم دون تعصُّب لرأي أحد منهم"[15].


والأئمة أنفسهم حثوا تلاميذهم وأتباعهم على تقديم الكتاب والسنة على اجتهاداتهم وآرائهم إذا تبينت المخالفة.
فعن الشافعي قال: "إذا صح الحديث فهو مذهبي، وإذا رأيتم كلامي يخالف الحديث فاعملوا بالحديث، واضربوا بكلامي الحائط".
وعن الإمام أحمد: "ليس لأحد مع الله ورسوله كلام".


وعن الإمام مالك: "ما من أحد إلا ومأخوذ من كلامه ومردود عليه، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وعن أبي حنيفة: "لا ينبغي لمن لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي".


فائدة:
تنقسم الأحكام الشرعية إلى:
1- أحكام قطعيَّة يقينية، وهي بدورها تنقسم إلى:
أ – أحكامٌ قطعيَّة لا يجهلها أحد من المسلمين: لاستفاضة العلم بها بين العامة والخاصة، كوجوب صوم رمضان؛ ووُجُوبِ الصلوات الخمس؛ وحُرْمَة الخمر؛ وحُرْمة الزنا؛ ووجوب الغُسْلِ من الجنابة، وهذه الأحكام تسمى: المعلوم من الدين بالضرورة، فمن خالف هذا المعلوم من الدين يكفر كفر عين.
ب – أحكام قطعيَّة لا يعلَمُها إلا الخاصَّة من العلماء، ويجهَلُهَا الكثير من العامة: كحرمة زواج المرأة وخالتها؛ أو المرأة وعمتها؛ وأن للجدة السُّدس في الميراث؛ وأنَّ القاتل عمدًا لا يرث؛ وهذه الأحكام مع كونِها قطعية فمن يخالفها لا يكفر؛ حتى تُقام عليه الحجة التي يكفر مخالفُها.


نقل الإمام النووي في شرحِه على "صحيح مسلم" عن الإمام الخطَّابي أنه قال بعد ذكره أن مانِعِي الزَّكاة في عَهْدِ أَبِي بكر - رضِيَ الله عنه - هم أهل بغي: "فإن قيل كيف تأوَّلْتَ أمر الطائفة التي منعت الزكاة على الوجه الذي ذكرت، وجعلتهم أهل بغي؟ وهل إذا أنكرَتْ طائفة من المسلمين في زماننا فرض الزكاة، وامتنعوا عن أدائِها، يكون حكمهم حكم أهل البغي؟ قلنا: لا، فإنَّ مَنْ أنكر فرض الزكاة في هذه الأزمان كان كافرًا بإجماع المسلمينَ، والفَرْق بين هؤلاءِ وأولئك أنَّهم إنما عُذِروا لأسباب وأمور لا يحدث مثلُها في هذا الزمان، منها: قُرْبُ ا


http://www.alukah.net/Articles/Artic...ArticleID=2026







  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:02 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "