العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات الخاصة > منتدى مقالات الشيخ سليمان بن صالح الخراشي رحمه الله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-12-15, 08:15 PM   رقم المشاركة : 1
سليمان الخراشي
حفظه الله







سليمان الخراشي غير متصل

سليمان الخراشي is on a distinguished road


الألوسي المُفسر يعتذر لغلاة الصوفية .. والأستاذ عباس العزاوي يتعقبه

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الأستاذ عباس العزاوي – رحمه الله – في كتابه " ذكرى أبي الثناء " ( ص 42 – 46 ) :

( موضوع بحثنا هنا : غلاة التصوف : وهؤلاء بحث الأستاذ الألوسي في عقائدهم كثيرًا ، وتناول مشاكلهم بالتمحيص والتدقيق ، فقد دخل الباطنية بينهم ؛ فكانوا مدعاة لدخول عقائد جديدة لا تمت إلى الإسلام بصله ؛ فهي عقائد أهل الإشراق ، فخرجت في موضوعها عن الزهد والتقوى ، بالرغم من أنها كانت تتظاهر بهما ، وتركت الرسوم الدينية وصارت تعتقد بالوحدة والاتحاد والحلول والتناسخ ، وتجاهر برفع التكاليف ، وهذا عين عمل الغلاة ، فإنهم (عُبــّاد أشخاص ) ، ولكن الأستاذ الألوسي قد بين أنهم صلحاء ، كما ظهر له ، وأبدى في الوقت نفسه أن عقيد تهم فوق الإدراك ، لا يفهمها غيرهم ! فلا تصلح أن تكون عقيدة ، ولذا قال الأستاذ:

" يا بنيّ عليكم بحسن الظن بالساده الصوفية ، وإياكم والوقيعة فيهم ، فهي والله ردية ، وافطموا أسماعكم من استماع كلماتهم التي تخالف ظواهرها الشريعة ، فليس مرادهم منها سوى السلوك كما سلكوا ذريعة ، وما هو وراء العقل ، كيف يوصل إليه بسوى براق الفضل ... مرامٌ شط مرمى العقل فيه * ودون مداه بيدٌ لا تبيد
وإياكم أن تظنوا أن القوم أرادوا ظواهرها البينة البطلان ، فحاشاهم ثم حاشاهم ، من أن يحوم حول حماهم ذلك الهذيان ، ولا يُنقص أحدكم شيئًا أن يقول إذا سئل عن شيء من ذلك : لا أدري ، ومالي والسلوك في مضايق لا يسري فيها نسيم الفكر ، ولا يجري " اهـ .


وأقول : إن ما ذكره الأستاذ من (حسن الظن) بالصوفية ، فهذا لا يُقبل منهم بوجه ؛ إذا كان لا يحتمل التأويل ، في حين أننا رأينا كتبهم ومصطلحاتهم ودعاواهم صريحة ، وتدويناتهم لا تقبل التساهل مما يخالف العقيدة الإسلامية ، قبلوا وحدة الوجود والاتحاد والحلول ، ونفوا الصفات ، ورفعوا التكاليف ، وكل هذه صريحه في مخالفة نصوص القرآن الكريم .
وهل يصح أن نقول : هذا وراء العقل ، ونكتفي بذلك ؟ في حين أن العقيدة الإسلامية صريحة وسهلة ، يفهمها كل أحد ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك ، فكيف ساغ لهم استعمال اللغة بقلب معانيها ؟ وما الغرض من هذه المصطلحات المخالفة لنصوص الكتاب ؟ ولا طريق لفهمها إلا بإنكار معاني الآيات ! في حين أنهم لم يؤولوا ، فكيف نفطم أسماعنا عن هذه الألفاظ الجائرة ؟!
قد قيل ما قيل إن صدقًا وإن كذبا
فما اعتذارك من قولٍ اذا قيلا؟


رحم الله الأستاذ الألوسي ، فإن النصوص التاريخية تنطق بمحاربة هذا الغلو ، ومطاردة أربابه بمختلف العصور ؛ فقُـتل الحلاج والسهروردي المقتول ، ورد أبونعيم الأصفهاني علي أرباب الحلول ، وكذا ابن سبعين والشهرزوري وعامر بن عامر البصري وعبدالرزاق الكاشاني وعبدالكريم الجيلي وفضل الله الحروفي ونسيمي البغدادي ، وقُتل الأخيران .
فتصدى للرد عليهم : شيخ الإسلام ابن تيمية في رسائله ، والعلاء البخاري في رسالته " فاضحة الملحدين وناصحة الموحدين " ، وممن رد عليهم : البقاعي في رسائله المعروفة بـ" مصرع التصوف " ، وعلي القاري ، وابن كمال باشا ، ومن آخر من رد عليهم أو ناقشهم وقارعهم في آرائهم : الأستاذ أبو الثناء الألوسي .


ولا نرى فرقًا بين هؤلاء الغلاة وبين الباطنية ؛ فإن عقائدهم واحدة ، وأشهر أوصافها " عبادة الأشخاص " ، ويُستغرب جدًا أن تظهر هذه العقائد بعد إعلان الإسلام عقيدة التوحيد . وقد مات " الإشراق " الذي يستندون إليه ، ولا يزالون متمسكين به ، ونرى أستاذنا الألوسي أكثر من الاشتغال به في الرد عليهم ، وزاد على معاصريه في إيراد النصوص بنفوذ نظر ، ووقوفٍ على الدخائل ، لا سيما عقائد المتصوفة ، وله علاقة كبيرة بتاريخ التصوف ؛ بسرد آراء رجاله ، وبيان أغراضهم ، وهؤلاء غير الزهاد الصُـلحاء .


أوضح عن عقائد الغلاة كثيرًا ، بتعليق منه ، أو بنقلٍ عن غيره وبلا تعليق . وأحيانًا يكتفي بذكر الآراء المعارضة ، أو الناقدة الناقمة ، بلّغ بما علم ، وأبدى ما عنده . ففي كتابه " الفيض الوارد " وجه نحو الوجهة الحقة ، وكذا في كتابه " الأجوبة العراقية " ، وفي تفسيره أوضح ذلك ، كشف عن الغلو ببيان عن " وحدة الوجود " ، والقائلين بها ، وما يتصل بذلك ، وهكذا مضى إلى أغراض جليلة يَعجب المرء من الالتفات إليها ، بعرضها ، والتعليق عليها ، مما يدل على إحاطة كبيرة ، مع قلة المادة في محدودية خزائن الكتب ، فخالف ماجرى ، وعدها مشكلة المشاكل .
وكان يُعد من الناقمين على طريق الفلسفة ، وكأنه نظر من وراء الغيب إلى ما سيجري من تقدمٍ علمي في هذه المطالب ، حتى تموت هذه الفلسفة .


والتصوف الغالي عقيدة تستند إلى الفلسفة الأفلاطونية الحديثة " الإشراقية " . وقد بث الأستاذ الألوسي ماعنده ، وراعى المجال فيما حاول . نقل آراء من نقد هؤلاء ، وبذر بذرة صارت أصلاً في توجيه الآراء . دخل مدخلاً جليلاً ، وخرج مخرجًا فائقًا عظيمًا ، بفكرة قويمة .


ولا نزال نلتفت إلى أن الفلسفة اليونانية ظهرت في عقائدنا وقد ماتت ، ولا نزال متمسكين بها . والفلسفة الأفلاطونية الحديثة اكتسحت الكثير منا بآرائها في الإبطان والتصوف الغالي ، مع أنها لم تبق لها قيمة علمية في عصرنا الحاضر .ولا تزال الدعوة إليها كما كانت إبان ظهورها . والأستاذ أبو الثناء كاد يقطع ببطلان الفلسفتين ، بل جزم ، ودعا لمذهب السلف وإن لم يُجاهر بإعلان ؛ لما كان يحف ذلك من أخطار . ومن الضروري أن نبصر بالكثير من الآراء الدخيلة من هاتين الناحيتين ، ومما دخل من آراء باطلة أو سخيفة.
ولا يزال عمل هؤلاء دائبًا بحركة قوية .


وجه الأستاذ الآراء ، وبذلك دعا إلى مراجعات . فكأن اشتغال هؤلاء المتصوفة بنشر مؤلفاتهم لم يُجد نفعا ، وإنما صار التصوف (مادة الباحث ) ، وطريق النظر لإبداء مطالعات حقة . فنحن مغرورون بمن زوقوا القول في مدح التصوف ، وظن العوام أنهم يقصدون الزهد دون عقائد فلسفية شذت عن الإسلام ومبادئه ، فكانت نظرة الأستاذ صائبة ، ومثله علماؤنا المخلصون. والكل متفقٌ على محاربة هؤلاء بالطرق الحقة . وهي أقوى من أن تُقوّى ببهتان أو باطل .
والتصوف عند هؤلاء الغلاة عقيدة إشراقية ، أو فلسفة أفلاطونية حديثة . ومثلهم الباطنية اتخذوها عقيدة أيضًا ، ولم نر فرقًا بينهما ، وقد بث الأستاذ الألوسي ما يقولون به ، وأورد ما قاله العلماء ، أو بذر بذرة صارت أصلاً لتوجيه الناس . ولو رأى ماعرفناه اليوم من انتشار هذه المطالب ، وما انكشف من آثارها ، وما يهدف القوم ومن على شاكلتهم ؛ لأبدى قدرة فوق ما أبدوا من النشر ، ولظهر ظهورًا بيناً أكبر مما ظهروا ، بل لو رأى المجال الذي نراه ؛ لفاض في تقديم المعرفة . ومع هذا لم يُقصّر ، وإنما عرف قيمة هذه الآراء ومكانتها العلمية ، ووجه توجيهًا صالحًا .


ومما كتبه نتبين أنه أول من نبه في القرن السابق إلى عقائد هؤلاء ، وتتجلى خدماته في هذه المطالب . وكان العلماء قد حاربوا الحلاج وابن عربي وابن سبعين وأضرابهم من القائلين بالوحدة والاتحاد .


والمهم : أن الغلاة من المتصوفة حاولوا اقتناصه ، وتوسموا عظمته ؛ ففشلوا ، ولم يُفلحوا في إفساد عقيدته الحقة ، بل رأوه مناضلاً عن الإسلام ، مُنددًا بما خالف القرآن ، ولا مجال هنا لبسط أقواله ، ومراجعة " تفسيره " وافية بالغرض ، وكذا " الأجوبة العراقية " ، و " الفيض الوارد " ) . انتهى كلام الأستاذ العزاوي رحمه الله .

قلت : وقد تعرض الأستاذ العزاوي لهذه المسألة في مواضع متفرقة من كتابه " تاريخ العقيدة الإسلامية " ، ( انظر : ص 328 ، 395 ، 452 ) .

قال ( ص 397 ) : ( ولعله - أي الألوسي - كان يخشى أن يُصارح بالإنكار من إيثار فتنة ، وعصره كان كعصور سابقة ، ميلٌ للتصوف الغالي ) .



ختامًا :


قال الدكتور محسن عبدالحميد في رسالته " الإمام الألوسي ومنهجه في التفسير " ( ص 214 ) مؤيدًا كلام العزاوي السابق : ( استشهد الألوسي في تفسيره بابن عربي في تفسيراته الصوفية والإشارية ، وهو يؤول له ويدافع في أكثر الأحيان ، ويدعو إلى حسن الظن به ) .






  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:55 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "