الحديث رواه الترمذي،عن النبي،صلى الله عليه وسلم،أنه قال(من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل،إلا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة)
ومعنى من خاف يعني من خاف أن يدرك في الطريق وأن يلحقه قطاع الطريق أدلج في السير،
يعني سار بغاية النشاط والقوة حتى يقطع السير بسرعة،وحتى يسلم من خطر قطاع الطريق،
والدلجة،السير في أول الليل،وقيل في آخره لأن السير في أول الليل وفي آخره يكون فيه نشاط وقوة،
وفي حديث آخر(استعينوا بالغدوة والروحة وشيءٍ من الدلجة)المعنى،إن المؤمن يأخذ نصيبه من الطريق بقوة ونشاط وذلك بالجد في طاعة الله والحذر من معاصي الله، فمن خاف النار وخاف غضب الله جد في الطلب واستقام واستمر ولم يكسل بل يستمر في طاعة الله وترك معاصيه حتى يلقى ربه سبحانه وتعالى،
ثم قال رسول الله(ومن أدلج بلغ المنزل)يعني،من سار بالجد وصبر على تعب السير بلغ المنزل في وقتٍ أسرع ممن تساهل وتباطأ،
ثم بين أن سلعة الله غالية، هي جديرة بأن يعمل المؤمن ويجتهد ويصبر ويواصل السير حتى يدرك هذه السلعة العظيمة وهي الجنة،
وقد جعل الله جل وعلا،ثمنها النفس(إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ)التوبة
فالنفس أغلى شيء عند الإنسان فاشتراها سبحانه بالجنة، فالجنة هي الثمن العظيم لمن جد واجتهد وصبر وصابر، فقد باع نفسه على الله وسلمها لله في جهادها في طاعته واستعمالها في مرضاته، وكفها عن محارمه يرجو أن يحصل له الثمن وهو الجنة،
الله سبحانه وتعالى،وصف العذاب في كتابه في عدة مواضع ليتحقق الخوف في نفوس العباد،قال(لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُون)الزمر،
كيف لا نخاف والله حذرنا،قال تعالى(وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَه)آل عمران،
كيف لاتخاف عقاب الله،من الأحاديث ما رواه مسلم،عن أبي هريرة رضي الله عنه،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة،ما طَمِع بجنته أحدٌ قط)
ضع خط أحمر بالنسبة لذنوب الخلوات التي تُفعَل فى السِّر,
ألا تخاف من مكر الله،يقول تعالى(أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ)الأعراف،
أنت تفعل ذنوب وربنا يبعث لك نعم هذا اسمه استدراج،
النبي صلى الله عليه وسلم،قال(إنكم ستروّن ربكم كما تروّن القمر في ليلة البدر )
انظر إلى السماء ستجد معانى بداخلك تعظيم وإجلال،ومحبة
وشوق،لذلك أدمِن النظر إلى السماء،
وكان أبو بكر رضي الله عنه يُمسِك لسانه ويقول هذا الذي أوّردني المهالك، ياليتني شجرة تُؤكل ،
كان في خد عمر بن الخطاب،رضي الله عنه،خطان أسودان محفوران، من شدة بُكاءه،كان عمر رضي الله عنه يسمع(إنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ،مَا لَهُ مِن دَافِعٍ)الطور،
فيجلس شهر لا يستطيع أن يخرج للصلاة، شهر مريض في بيته،ويعودونه،
عثمان بن عفان،رضي الله عنه كان يقول،وددت لو أني مت فلم أُبعث،
اللهم ارزقنا خشيتك في الغيب والشهادة،واجعلنا نخشاك كأننا نراك،ومُنَّ علينا بمراقبتك في السر والعلانية،
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
تفسير،الشيخ ابن باز رحمه الله،