إلى السيد مصطفى بوهندي : أبو هريرة صحابي جليل
امحمد رحماني
نشر في هسبريس يوم 22 - 02 - 2010
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد
فقد التقيت مرات عديدة السيد مصطفى بوهندي على شبكة الانترنيت ، وكان يجري بيننا حوار بسيط يطلب مني فيه رأي في العديد من الأمور والآراء التي طرحها والتي يطرحها بين الفينة والأخرى ، كان آخرها حواري معه حول الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه ونفي الصحبة عنه وكان مرارا وتكرارا يسألني عن رأي في كتابه المسمى "أكثر أبو هريرة" ويطلب مني قراءته ، فوعدته بذلك ، وأردت أن أنشر في ذلك مقالات أعبر فيها عن رأي فيما ذكره في كتابه .
وفي الحقيقة كنت قد اطلعت على كتابه مرات ولم يعجبني المنهج الذي سار عليه في دراسته تلك ( أو في ادعائه ذلك ) بحيث خالف جميع المناهج العلمية المتعارف عليها بين الباحثين والدارسين ، ورأيت نوعا من الغرابة في الكتاب فكون صاحبه يعتبر أن أبا هريرة رضي الله عنه ليس بصحابي وإنما ادعى الصحبة ، ويرفض مروياته ويقابلها بالتشكيك بل بالتكذيب ويتهم أبا هريرة بالتدليس ، ومرة يقبل بمرويات أبي هريرة وهو يوثق ما وقع بينه وبين الصحابة الكرام حينما تساءلوا عن كثرة مروياته .
فهذه غرابة عجيبة لم يأت بها أحد إلا اعتبر مخالفا للمناهج وغير عارف بها بل ويعتبر مدلسا في ذلك ، فكون الدارس يقبل مرويات الراوي فيما يرى فيه مصلحته ويرفضها فيما يرى فيه مخالفته ، فهذا ليس بمنهج أصلا ، فهذا يسمى بمنهج "العبث واللعب واللهو" في مرويات الراوي ، ويعتبر الباحث هنا من غير أهل الاختصاص الذين لو سكتوا لما كان هناك خلاف ، ويبعد عن الدراسة والتحليل لمخالفته لقواعد المنهج.
ثم بعد اطلاعي الشديد على الكتاب رأيت الرجل لم تكن له سعة في الاطلاع بحيث أصبح يطلق في الأحكام والاستنباطات هكذا جزافا دون مراعاة ما يعرف عند الأصوليين ب "وحدة القضية في الاستدلال" أي يجب عليه أن يصل إلى كل ما تبلغه يده من المصادر والمراجع والأدلة ويجهد في ذلك نفسه ثم يدرسها بنوع من الحياد وعدم الانحياز ثم يدرس ما قيل فيها وما لها وما عليها ثم ينظر في قول من سبقه فيها ، ثم يطلق الحكم آنذاك ، أما أن يأتي الرجل برواية أو روايتين فيستدل بها على أن كل مرويات أبي هريرة جاءت في القصص والأخبار والغرائب وفضائل بني أمية فيصدر بذلك حكما بعدم صحبة أبي هريرة رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوالله ما سمعنا بهذا قديما ولا حديثا .
وصراحة وبنوع من الحياد وعدم الانحياز لأي طرف أقول : الكتاب كله مغالطات وأدلة سيئ فهمها وتداعي على الحقيقة بزعم باطل لم يظهر فيه الكاتب بمنهج علمي رصين ، من ذلك نفي الصحبة عن أبي هريرة رضي الله عنه ونفي وجود أهل الصفة والتشكيك في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة وغيرها كثير من المغالطات التي لو تأنى الرجل في دراستها لخرج بحب أبي هريرة رضي الله عنه واحترامه وتوقيره لا بنفي الصحبة عنه واتهامه بالكذب والتدليس .
وقد ارتأيت أن يكون رأيي في الكتاب عبارة عن مقالات ، في كل مقالة أناقش مسألة (أو مغالطة ) ذكرها بوهندي في كتابه ونرجع الحق إلى نصابه إن شاء الله ، ومن في رأسه الطنن لا يكفيه الرنن .
والحمد لله نحن في زمن يتواجد فيه العلماء الربانيون بكثرة ، فليس لكل من قال قولا مسلم له فيه ، وليس لأحد أن يقول ما يشاء ، إنما هناك علماء يدققون ويحققون ، فما كان من حق فيما كتبنا أثبتوه وما كان من باطل أزاحوه وأزالوه ، والله الموفق والهادي لسواء السبيل ولن يضر الإسلام بسط زينب لظفيرتها وإبداء زينتها .
وأول ما أردت بيانه في هذه المقالة الأولى من نفي ما ادعاه مصطفى بوهندي في أن دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة بالحفظ والتثبت لم يروها إلا أبو هريرة عن نفسه .
قال بوهندي :[ إن دعوة رسول الله لأبي هريرة بالحفظ وبسط الرداء لم يروها إلا أبو هريرة عن نفسه على الرغم من أنه كان في مجمع من الصحابة ] .
وهذا انزلاق كبير وخطير سقط فيه بوهندي يدل على أنه لم يكلف نفسه عناء البحث والتدقيق قبل إصدار الحكم ، أو هو تغافل عنه بعد معرفته تدليسا منه على القراء ، فقد ثبت من غير رواية أبي هريرة رضي الله عنه اختصاصه بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم له بالحفظ ، فقد أخرج البخاري في التاريخ الكبير ( 1/213 ) قال : حدثنا محمد بن عقبة قال حدثنا الفضل بن العلاء قال حدثنا إسماعيل بن أمية قال حدثنا محمد بن قيس أن زيد بن ثابت قال : دعا النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة . ورجال السند ثقات كلهم.
وهذا دليل لوحده كاف لرد ما ادعاه بوهندي من أن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة لم يروها أحد غيره .
فما يفعل زيد بن ثابت هنا يا ترى ؟
والذي يظهر لي هنا أن السيد بوهندي اختلط عليه الأمر في دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة رضي الله عنه له بالحفظ ، فظنها حصلت لمرة واحدة فقط هي التي رواها أبو هريرة رضي الله عنه بنفسه ، ولكن دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة رضي الله عنه وقعت أكثر من مرتين :
مرة حينما كان أبو هريرة وزيد بن ثابت ورجل آخر في المسجد فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة بالحفظ وعدم النسيان وقد ذكر ذلك ابن حجر في الإصابة .
مرة طلب فيها الرسول صلى الله عليه وسلم من الصحابة أن يبسط أحد منهم ثوبه فسبقهم أبو هريرة رضي الله عنه .
ومرة أخرى حينما طلب أبو هريرة رضي الله عنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو معه بالتثبت في الحفظ بعد خوفه من النسيان ، وذلك حينما قال : يا رسول الله إني سمعت منك حديثا كثيرا فأنساه ، قال :"ابسط رداءك " فبسطت فغرف بيده فيه ثم قال ":ضمه" فضممته فما نسيت حديثا بعد . ( البخاري ) .
وقال بوهندي :[ أنه لا يعقل أن يحجم الصحابة على بسط أرديتهم في موقف كهذا ولا يبادرون كما بادر أبو هريرة فيدركوا ما أدرك ] .
ومن أدراك يا سيد بوهندي أن الصحابة أحجموا عن بسط أرديتهم ؟ بل أين دليلك في ذلك ؟ أم هو النفي فقط ، إذا ادعيت فالدليل وإذا نطقت فالصحة .
لقد بادر الصحابة إلى بسط أرديتهم ليحصلوا على دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن عممها عليهم ولم يختصها بأبي هريرة حينما قال :"لن يبسط أحد منكم ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه ثم يجمعه إلى صدره فينسى من مقالتي شيئا أبدا" ( البخاري 2047 ) ( مسند أحمد 2/334 ) فسبقهم أبو هريرة وبسط نمرة كانت عليه حتى قضى النبي صلى الله عليه وسلم مقالته ثم جمعها إلى صدره فما نسي بعد ذلك شيئا ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم طلب أحدا من الصحابة يبسط ردائه ولم يخص فيه أحدا وإنما الحق لمن يسبق في البسط ، وهذا لا يعني أن الصحابة لم يبادروا إلى بسط أرديتهم فقد بسطوها ولكن كان قد سبقهم في ذلك أبو هريرة رضي الله عنه ، فهذا فضل اختص به رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا منهم فقط كمثل ما وقع يوم قال عكاشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ادعوا الله أن يجعلني منهم ؟ بعد أن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لله كذا من العباد يوم القيامة يدخلون الجنة بغير حساب " أو كما قال رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" اللهم اجعله منهم" ، فقام رجل آخر فقال مثل ما قال عكاشة ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : "سبقك بها عكاشة ". فلا يمكنني أن آتي هنا وأقول إن عكاشة ادعى ذلك وليس له لأنه كان في مجمع من الصحابة ولم يحصل ذلك لأحد غيره ، فهذا محال ولم يقل به أحد من المعتد بهم من أهل العلم .
وكذلك نفس الأمر هنا وما يؤكد ذلك ما رواه الحميدي في مسنده ( 2/483 ) قال : قال المسعودي : وقام آخر فبسط رداءه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "سبقك بها الغلام الدوسي" ( أي أبو هريرة ) .
وقال بوهندي :[ إن هذه الدعوة لو حصلت لأصبح أبو هريرة مرجعا للصحابة في ما نسوا من الأخبار ولسموه "صاحب النمرة أو الرداء" تخليدا لهذه المعجزة العظيمة وعليه فإن الذين رفضوا إكثاره واستنكروا منه لن يعتبروا هذا الحديث إلا واحدا من غرائبه وخبرا من أخبار ادعائه الذي لو بثه لقطعوا هذا البلعوم ] .
وأقول للسيد بوهندي : أنت مخطئ هنا فلقد اعتبر الصحابة أبا هريرة رضي الله عنه مرجعا لهم فيما نسوه من الأخبار والأحاديث ، فقد اخرج ابن حجر في الإصابة ( 4/208 ) بسند جيد أن رجلا جاء إلى زيد بن ثابت فسأله فقال له زيد : عليك بأبي هريرة ، فإني بينما أنا وأبو هريرة وفلان في المسجد ندعو الله ونذكره إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس إلينا ، فقال : عودوا للذي كنتم فيه ، قال زيد : فدعوت أنا وصاحبي فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمن على دعائنا ودعا أبو هريرة فقال : إني أسألك ما سأل صاحباك وأسألك علما لا ينسى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم آمين ، فقلنا يا رسول الله : ونحن نسألك علما لا ينسى فقال :"سبقكم بها الغلام الدوسي" ورواه أيضا الهيثمي في مجمع الزوائد ( 9/364 ) والشوكاني في در السحابة ( 372 ) ورجال إسناده ثقات ، والذهبي في سير أعلام النبلاء ( 2/600 ) .
فيا ترى ما معنى قول زيد : عليك بأبي هريرة ؟
وقد التبس على الصحابة يوما الحنتم ، فرجعوا إلى أبي هريرة رضي الله عنه وقالوا : ما الحنتم؟ فقال : الجرار الخضر ( مسلم : 1993 ) .
وقد أخرج ابن سعد في طبقاته عن أبن أبي دئب أن ابن عمر قال لأبي هريرة : أنت أعلمنا يا أبا هريرة برسول الله وأحفظنا لحديثه ، وعند الترمذي ( 3836 ) بإسناد حسن عن الوليد بن عبد الرحمن بلفظ : يا أبا هريرة أنت ألزمنا لرسول الله وأحفظنا لحديثه .
بل لقد سماه الصحابة ب" وعاء العلم " وليس فقط ب"صاحب النمرة أو الرداء" فقد اخرج الحاكم بسند صحيح أقره الذهبي عن أبي سعيد الخدري قال :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبو هريرة وعاء العلم " ( المستدرك 3/509 ) وقال أصحاب الحديث أن هذا اللفظ "وعاء العلم" موقوف على أبي سعيد وأنه هو رأيه في أبي هريرة فوهم أحد رواته مع ثقتهم فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقد كان معروفا بينهم ب" وعاء العلم" غير أنه كان يحب أن ينادى عليه بما ناداه به رسول الله صلى الله عليه وسلم ب" يا أبا هر " . وقد أخرج الذهبي في ميزان الاعتدال ( 2/176 ) عن أبي سعيد الخدري قال :" أرحم هذه الأمة بها أبو بكر وأقواهم في دين الله عمر وأقرضهم زيد وأقضاهم علي وأصدقهم حياء عثمان وأمين الأمة أبو عبيدة وأقرؤهم أبي وأبو هريرة وعاء العلم وسلمان علم لا يدرك ومعاذ اعلم الناس بحلال الله وحرامه وما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أو البطحاء من ذي لهجة أصدق من أبي در " وفي إسناده ضعف لكن ضعف إسناده لا ينفي عن كون أبي هريرة كان معروفا بينهم بوعاء العلم .
نكتفي بهذا ونكمل في المقالات الآتية إن شاء الله .
اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك والكتبة الموكلين بي وأشهد خلقك وجميع من قرأ مقالتي هذه أنني أحب أبا هريرة وصحابة رسولك كلهم حبا جما يليق بمقامهم وينزههم عن الكذب والافتراء عليهم أو منهم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
[email protected] http://[email protected]
============
إلى السيد مصطفى بوهندي : أبو هريرة صحابي جليل -2-
امحمد رحماني
نشر في هسبريس يوم 28 - 02 - 2010
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه
وبعد
فنكمل إن شاء الله بيان ما جاء في كتاب بوهندي من المغالطات
يقول بوهندي :[ لا نعرف شيئا عن أهل الصفة إلا من روايات أبي هريرة ، ما هي أسماؤهم ؟ أو أسماء بعضهم غير أبي هريرة ؟ لماذا لا يتحدثون عن أنفسهم ويقولون نحن أضياف الإسلام لا شغل لنا إلا انتظار الصدقات في المسجد النبوي ؟ وهل كان محمد يبارك تجمعهم هذا بينما يذهب الأنصار والمهاجرون إلى أسواقهم وأموالهم ؟ لماذا لا يتحدث إلا أبو هريرة عنهم ؟ أليسوا هم الأصحاب الحقيقيون الملازمون لرسول الله ؟ ألم يقل لهم الرسول يوما :"اخرجوا من هذه المسكنة والذلة الذي أنتم فيها واكسبوا قوتكم من عرق جبينكم فإن الإسلام الذي جئتكم به لا يصنع ( المعتكفين المتسولين ( وإنما يصنع ( العباد العاملين ذوي الأيدي ( [ .
قلت : سبحان الله ، وكأن أبا رية هو الذي يتحدث هنا وليس بوهندي !!!
أنت يا سيد بوهندي الذي لا تعرف شيئا عن أهل الصفة إلا من روايات أبي هريرة وحقدك على أبي هريرة رضي الله عنه أعماك عن غير رواياته .
أما نحن والحمد لله فقد أخبرنا عنهم عبادة بن الصامت وعلي بن أبي طالب وأنس بن مالك وعبد الله بن مسعود وابن عباس وفضالة بن عبيد وأبو أمامة الباهلي وأبو ذر الغفاري وقتادة وواثلة بن الأسقع وعبد الرحمن بن عوف والبراء بن عازب والحسن البصري ويزيد بن عبد الله بن قسيط وعلقمة المزني إرسالا رضي الله عنهم أجمعين .
فكم يا ترى من صحابي هنا حدثنا عن وجود أهل الصفة وعن حالهم دون احتساب أبي هريرة رضي الله عنه ومن أرسل الأحاديث من التابعين ؟
فيكون عدد الصحابة الذين حدثونا عن أهل الصفة من دون احتساب أبي هريرة ومن غير رواياته إثنا عشر صحابيا جليلا ، وهم :
1 – عبادة بن الصامت .
2 – علي بن أبي طالب .
3 – أنس بن مالك .
4 – عبد الله بن مسعود .
5 – أبو أمامة الباهلي .
6 – أبو ذر الغفاري .
7 – واثلة بن الأسقع .
8 – عبد الرحمن بن عوف .
9 – البراء بن عازب .
10 – قتادة .
11 – ابن عباس .
12 – فضالة بن عبيد .
رضي الله عنهم أجمعين ، أما من طريق الإرسال والرواية من التابعين :
1 – الحسن البصري .
2 – يزيد بن عبد الله بن قسيط .
3 – يزيد بن أصرم .
4 – علقمة المزني .
رضي الله عنهم أجمعين ، فيكون عدد من حدثنا عن أهل الصفة ست عشر راويا ، أفلا يكيفيك إثنا عشر عدلا وأربعة من التابعين يخبروك بوجود أهل الصفة ؟
هذا فيما وصلت إليه أنا العبد الضعيف في البحث أما لو بحث من هو أعلم مني لربما لا يستطيع حصرهم من كثرتهم .
وهذه أحاديثهم تباعا :
أخرج البخاري في تهذيب الكمال ( 12/378 ( وفي التاريخ الكبير ( 2/140 ( عن علي بن أبي طالب قال : مات رجل من أهل الصفة فقيل يا رسول الله : ترك دينارا ودرهما ؟ قال :"كيتان صلوا على صاحبكم" وفي إسناده عتيبة ويزيد مجهولان .
واخرج أبو داود في سننه ( 3416 ( عن عبادة بن الصامت قال : علمت ناسا من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إلي رجل منهم قوسا فقلت : ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله عز وجل لأتين رسول الله فلأسألنه ؟ فأتيته فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم : رجل أهدى إلي قوسا ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله ؟ قال :"إن كنت تحب أن تطوق طوقا من نار فاقبلها" ورواه علي بن المديني في تنقيح تحقيق التعليق ( 3/65 ( ورواه ابن حبان في المجروحين ( 2/339 ( وابن عبد البر في التمهيد ( 21/113 ( وفي الاستذكار ( 4/420 ( وابن القيسراني في تذكرة الحفاظ ( 220 ( وفي معرفة التذكرة ( 167 ( .
وأخرج أبو حاتم الرازي في العلل لأبن أبي حاتم ( 2/218 (عن أنس بن مالك : أن رجلا من أهل الصفة مات وترك متاعا فباع النبي صلى الله عليه وسلم متاعه فيمن يزيد.
وأخرج المنذري في الترغيب والترهيب ( 2/86 (عن عبد الله بن مسعود قال : توفى رجل من أهل الصفة فوجدوا في شملته دينارين فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال :"كيتان" .
وأخرج المنذري كذلك في الترغيب والترهيب ( 2/86 ( عن أبي أمامة أن رجلا توفى على عهد رسول الله فلم يوجد له كفن فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :" انظروا إلى داخلة إزاره" فأصيب دينار أو ديناران فقال "كيتان" وفي رواية : توفى رجل من أهل الصفة فوجد في مئزره دينار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كية" ثم توفى آخر فوجد في مئزره ديناران فقال:"كيتان" .
وأخرج المنذري كذلك في الترغيب والترهيب ( 4/145 ( عن أبي ذر الغفاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له :"يا أبا ذر : أترى كثرة المال هو الغنى ؟" قلت : نعم يا رسول الله ، قال :"فترى قلة المال هو الفقر ؟" قلت : نعم يا رسول الله ، قال:"إنما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب" ثم سألني عن رجل من قريش قال :"هل تعرف فلانا ؟" قلت : نعم يا رسول الله ، قال :"فكيف تَراه أو تُراه ؟" قلت : إذا سأل أعطي وإذا حضر أدخل ، قال : ثم سألني عن رجل من أهل الصفة فقال :"هل تعرف فلانا ؟" قلت : لا يا والله ما أعرفه يا رسول الله ، فما زال يجليه وينعته حتى عرفته ، فقلت : قد عرفته يا رسول الله ، قال :"فكيف تَراه أو تُراه ؟" قلت : هو رجل مسكين من أهل الصفة ، فقال :"هو خير من طلاع الأرض من الآخر " قلت : يا رسول الله : أفلا يعطى من بعض ما يعطى الآخر ؟ فقال :"إذا أعطي خيرا فهو أهله وإذا صرف عنه فقد أعطى حسنة" .
وأخرج العراقي في تخريج الإحياء ( 4/208 ( عن أنس بن مالك أن رجلا من أهل الصفة استشهد فقالت أمه هنيئا لك يا بني الجنة هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتلت في سبيل الله ، فقال صلى الله عليه وسلم :" وما يدريك لعله كان يتكلم بما لا ينفعه ويمنع مالا يضره " وفي إسناده ضعف ، وهذا لا يعني أن هذا الصحابي الجليل كان يتكلم بما لا ينفعه ويمنع مالا يضره وإنما قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله ذلك للمرأة أن لا تزكي أحدا بالجنة ، فذاك أمر لله ولرسوله وليس لأحد دونهما أن يشهد لأحد بالجنة .
وأخرج الهيثمي في مجمع الزوائد ( 8/308 ( عن واثلة بن الأسقع قال : كنت في أهل الصفة فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بقرص فكسره في القصعة وضع فيها ماء سخنا ثم صنع فيها ودكا ثم سفسفها ثم لبقها ثم صنعها ثم قال :" اذهب فائتني بعشرة أنت عاشرهم" فجئت بهم فقال :" كلوا وكلوا من أسفلها ولا تأكلوا من أعلاها فإن البركة تنزل في أعلاها " فأكلوا منها حتى شبعوا . ورجال إسناد الحديث موثقون .
واخرج ابن حجر في الفتح ( 11/291 ( عن يزيد بن عبد الله بن قسيط مرسلا قال : كان أهل الصفة ناسا فقراء لا منازل لهم فكانوا ينامون في المسجد لا مأوى لهم غيره .
وأخرج ابن حجر في الإصابة ( 4/69 ( عن عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أهل الصفة يكنى أبا رزين :"يا أبا رزين إذا خلوت فحرك لسانك بذكر الله فإنك لا تزال في صلاة ما ذكرت ربك يا أبا رزين إذا أقبل الناس على الجهاد فأحببت أن يكون لك مثل أجورهم فالزم المسجد تؤذن فيه ولا تأخذ على أذانك أجرا". وإسناده ضعيف .
وأخرج البخاري في الأجوبة المرضية ( 2/869 ( عن الحسن البصري مرسلا أنه صلى الله عليه وسلم خرج على أهل الصفة يوما فذكر الحديث فقال لهم يوما :"أنتم اليوم خير أم أنتم حين تغدون في حلة وترحون في حلة وتغدو عليكم قصعة وتروح أخرى ؟ " فقالوا : يا رسول الله نحن اليوم بخير وإنا لنرى أنا يومئذ خير منا اليوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"كلا والذي نفس محمد بيده لأنتم اليوم خير منكم يومئذ" .
وأخرج الترمذي في الجامع ( 2987 (عن البراء بن عازب في قوله تعالى ( ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ( قال : نزلت فينا معشر الأنصار كنا أصحاب نخل ، فكان الرجل يأتي من نخله على قدر كثرته وقلته وكان الرجل يأتي بالقنو والقنوين فيعلقه في المسجد وكان أهل الصفة ليس لهم طعام فكان أحدهم إذا جاء أتى القنو فضربه بعصاه فيسقط البسر والتمر فيأكل وكان ناس ممن لا يرغب في الخير يأتي الرجل بالقنو فيه الشيص والخشف وبالقنو قد انكسر فيعلقه فأنزل الله تبارك وتعالى ( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه ( قال : لو أن أحدكم أهدى إلي مثل ما أعطى لم يأخذه إلا على إغماض أو حياء .
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن فضالة بن عبيد الله قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى بالناس يخر رجال من قيامهم في صلاتهم لما بهم من الخصاصة وهم أهل الصفة حتى يقول الأعراب : إن هؤلاء مجانين .
بل لقد ذكرهم الله سبحانه في كتابه وشهد لهم بأن انقطاعهم كان في سبيل الله فقد أخرج ابن سعد في طبقاته ( 1/255 (من طريق الواقدي عن محمد بن كعب القرظي أنه قال في تفسير قوله تعالى ( للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا بستطيعون ضربا في الأرض ( قال : هم أصحاب الصفة .
وقال القرطبي في تفسير هذه الآية [ وإنما خص فقراء المهاجرين بالذكر لأنه لم يكن هناك سواهم وهم أهل الصفة وكانوا نحوا من أربعمائة رجل وذلك أنهم كانوا يقدمون فقراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لهم من أهل ولا مال فبنيت لهم صفة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لهم أهل الصفة [ ( 3/340 ( .
وأخرج ابن المنذر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى ( للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله ( قال : هم أصحاب الصفة (. الدر المنثور ( .
ثم إن هؤلاء الصحابة الكرام ( أهل الصفة ( لم يكونوا ينتظرون الصدقات من الناس ، لقد كانت من علاماتهم ( لا يسألون الناس إلحافا ( و ( يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ( وكانوا يقومون بفروض عظيمة منها تلقي القرآن والسنن ودراستهما حيث كانت الصفة مدرسة الإسلام وكان يدرس فيها أكابر الصحابة وقد مر بنا حديث عبادة بن الصامت حينما أهدى له رجل من أهل الصفة قوسا .
فكيف يطردهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نزل عليه قوله تعالى ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ( كيف يطردهم ويقول لهم اذهبوا واعملوا ولا تجلسوا هنا ، الإسلام يحب العمل لا التكاسل !!!
أهل الصفة يا سيد بوهندي كانوا طلبة علم ، وهؤلاء طلبة الجامعات والمعاهد والمدارس العتيقة وطلبة القرآن قد وقفوا أنفسهم على طلب العلم على الرغم من كون أقرانهم يذهبون للعمل والانشغال بالأموال والأولاد والأعمال ، ولكن الدولة تصرف عليهم وتقدم لهم منحا وكذلك الناس يكفونهم المؤونة حتى يتعلموا ويقرؤوا ويدرسوا حتى إذا ما طلع علينا رجل مثلك يشكك في صحابي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ردوا عليك .
أفيكون قعودهم لطلب العلم وملازمتهم للجامعات والمدارس ، بل ومنهم من يسكن فيها ( الداخليات ، الخيريات ( قبولهم ورضاهم بالصدقة ؟ .
فهل ترى أن على الدولة طردهم من الجامعات والمدارس والمعاهد ويعملوا كما عمل أقرانهم يخرجون للعمل والصفق بالأسواق فنبقى أمة بغير علم ويبقى مدرجك فارغا في الجامعة ؟
هل ترى أن على الناس أن يطردوا طلبة القرآن من الكتاتيب والمدارس العتيقة فنبقى أمة بغير قرءان ؟
أولئك يردون زللك إذا أخطأت وهؤلاء يصلون بك إذا هداك الله .
لقد كان أهل الصفة يمثلون قطاع التعليم يا سيد بوهندي ، وهل ترى للدولة قيام بغير تعليم ؟
ثم إنهم كانوا – أهل الصفة – يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا يستعدون لتنفيذ أوامره وحاجاته في طلب من يريد من المسلمين وغير ذلك ، كانوا قائمين بهذه الفروض عن المسلمين فكانت نفقتهم على سائر المسلمين وإن سميت صدقة ، فصبروا على تلك الحال طلبا للعلم حتى فرج الله عليهم ، ذكر القرطبي في تفسيره قال :[ قال علماؤنا : وكانوا رضي الله عنهم في المسجد ضرورة وأكلوا من الصدقة ضرورة فلما فتح الله على المسلمين استغنوا عن تلك الحال وخرجوا ثم ملكوا وتأمروا [ ( 3/340 (
أترى أنهم لو لم يتعلموا كيف يتملكوا ويتأمروا ؟
هذا ومع حالهم ذلك فقد سجلوا أسمائهم مع الصحابة في الجهاد وارتقى العديد منهم إلى ربه شهيدا مرضيا عليه فقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبعين منهم قبل إسلام أبي هريرة إلى غزوة بئر معونة واستشهدوا ( فتح الباري 2/82 ( .
أما عن قولك :[ كيف لأبي بكر وعمر يمران على أبي هريرة وهو في تلك الحالة من الجوع ولا ينتبهان له ويمر رسول الله فيأخذه ويطعمه ، إن مثل هذا التوجيه ليجعل الصحابة لا يأبه بعضهم ببعض إذ كيف أن أحدهم وهو من أضياف الإسلام يكاد يموت جوعا حتى يغشى عليه ويمر خيرة الصحابة عليه ولا يدركون ما هو فيه ، إنهم حسب هذا الادعاء لا يهمهم أمر الفقير والمسكين هذا عن خيرتهم فكيف بعامتهم [.
وهذا استدلال خاطئ يا سيد بوهندي فكون أبي بكر وعمر يمران على أبي هريرة في حالة جوع ولا ينتبهان له فنستدل بذلك على عدم اهتمامهما بالفقير والمسكين فهذه مغالطة كبيرة فلقد ضرب أبو بكر وعمر أروع الأمثلة في الكرم والإنفاق وبذل المال في خدمة الفقير والمسكين ، وقد يأتيك صديق وهو جائع ويكثر عليك من الأسئلة حتى تأخذه معك للغذاء أو العشاء أو حتى لشرب الشاي ولكن لا تتفطن لما قصده من أسئلته لك وذلك لاستحيائه طلب الطعام منك ، أفيكون ذلك دليلا لي حتى أتهمك بعدم الاهتمام بأصدقائك ، ثم لقد كانت المدينة المنورة في تلك الآونة في حالة جوع عام فكان من له طعام يأخذ الرجل والرجلين ومن ليس له طعام يضاف إلى أهل الصفة فحالة الجوع كانت عامة للظروف التي كانت تمر على المسلمين آنذاك حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه أخرجهم الجوع من بيوتهم ، وفرغ بيت علي من الطعام حتى بكى الحسن والحسين من الجوع وما عند فاطمة كسرة خبز تلهيهما في قصة أخرجها أبو داود بسند صحيح عن سهل بن سعد الساعدي ، وفرغت بيوت أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لم يبق فيها للضيف إلا الماء ، فهل نقول بأن الصحابة أهملوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لم يكن للضيف في بيته إلا الماء ؟ فحاشا صحابته الكرام ذلك وهم الذين فدوه بأعمارهم وأولادهم لا بطعامهم فقط .
وقد جاع المقداد وصاحباه حتى لم يجدوا في المدينة من يقبل ضيافتهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد اخرج ذلك مسلم في صحيحه .
أما عن قولك :[ ما هي أسماؤهم ؟ أو أسماء بعضهم غير أبي هريرة ؟ لماذا لا يتحدثون عن أنفسهم ويقولون نحن اضياف الإسلام [ .
أقول لك : عجزك عن البحث وضيق يدك فيه هي من جعلتك لا تعرف أسمائهم ، أما أنك لو رجعت إلى مؤلفات ابن الأعرابي والسلمي والحاكم وأبو نعيم لعلمت أنهم قد أفردوا مؤلفات في جمع أصحاب الصفة وبيان أسمائهم وصفاتهم ومناقبهم .
وقد ذكر القرطبي في تفسيره قال [ قال أبو ذر : كنت من أهل الصفة وكنا إذا أمسينا حضرنا باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأمر كل رجل فينصرف برجل ويبقى من بقي من أهل الصفة عشرة أو أقل فيأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعشائه ونتعشى معه فإذا فرغنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"ناموا في المسجد" ( 3/340 (.
فهذا أبو ذر يشهد بنفسه على أنه من أصحاب الصفة ، أتراه قد دفعه أبو هريرة بأن يقول ذلك حتى يسكت بوهندي عن اتهامه بالكذب ؟
وذكر الحاكم في المستدرك قال [ فأما أهل الصفة على عهد رسول الله فإن أساميهم في الأخبار المنقولة إلينا متفرقة ولو ذكرت كل حديث منها بحديثه وسياقة متنه لطال به الكتاب ولم يجئ بعض أسانيدها على شرطي في هذا الكتاب فذكرت الأسامي من تلك الأخبار على سبيل الاختصار وهم : أبو عبد الله الفارسي وأبو عبيدة بن عبد الله بن الجراح وأبو اليقظان عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود الهذلي والمقداد بن عمرو بن ثعلبة وقد كان الأسود بن عبد يغوث تبناه فقيل المقداد بن الأسود الكلبي وخباب بن الأرث وبلال بن رباح وصهيب بن سنان بن عتبة بن غزوان وزيد بن الخطاب أخو عمر وأبو كبشة مولى رسول الله وأبو مرثد كناز بن حصين العدوي وصفوان بن بيضاء وأبو عبس بن جبر وسالم مولى أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة ومسطح بن أثاثة بن عباد بن عبد المطلب وعكاشة بن محصن الأسدي ومسعود بن الربيع القاري وعمير بن عوف مولى سهيل بن عمرو وعويم بن ساعدة وأبو لبابة بن عبد المنذر وسالم بن عمير بن ثابت وكان أحد البكائين من الصحابة وفيه نزلت ( وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ( وأبو البشر كعب بن عمرو وخبيب بن يساف وعبد الله بن أنيس وأبو ذر جندب بن جنادة الغفاري وعتبة بن مسعود الهذلي وكان عبد الله بن عمر بن الخطاب ممن يأوي إليهم ويبيت معهم في المسجد وكان حذيفة بن اليمان أيضا ممن يأوون إليهم ويبيت معهم وأبو الدرداء عويمر بن عامر وعبد الله بن زيد الجهني والحجاج بن عمرو السلمي وأبو هريرة الدوسي وثوبان مولى رسول الله ومعاذ بن الحارث القاري والسائب بن خلاد وثابت بن وديعة رضي الله عنهم أجمعين [ ( 3/555 (.
أيكفيك هؤلاء من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأطهار الأبرار أم تزيد ؟ والله عندنا المزيد وبالأسانيد أيضا ومن غير رواية أبي هريرة رضي الله عنه .
فاتق الله في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
نكتفي بهذا ونكمل في المقالات الآتية إن شاء الله .
اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك والكتبة الموكلين بي وأشهد خلقك وجميع من قرأ مقالتي هذه أنني أحب أبا هريرة وصحابة رسولك كلهم حبا جما يليق بمقامهم وينزههم عن الكذب والافتراء عليهم أو منهم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
[email protected]
==============
============
مصطفى بوهندي على خطى الروافض والمعتزلة
عبد الله الزناسني نشر في هسبريس يوم 20 - 02 - 2009
فأين أوصياء المذهب المالكي والحريصون على تسكين ضمير المؤمنين والمؤمنات؟
انكار للنسخ في القرآن الكريم ولإعجازه في اللغة، واستهزاء بكتب ومناهج المفسرين، وطعن في عصمة الأنبياء والمرسلين، وإنكار لنزول المسيح عليه السلام، وتشكيك في عدالة الصحابة، واستهانة بكتب السنة، وجحد لفريضة الحجاب لكونه ظاهرة اجتماعية لا دينية، وابن كثير انتهى زمانه، والإمام مالك فقدت صلاحية كلامه، كل هذه الموبقات هي خلاصات أبحاث أجراها أستاذ يدرس أبناء المسلمين في الجامعة المغربية. ""
فبين الحين والآخر يخرج علينا مصطفى بوهندي بكتيب أو مقال أو لقاء أو حوار ينكر فيه معلوما من الدين بالضرورة، أو يشكك بحقيقة ظلت ثابتة على مر تاريخ الإسلام، مدعيا البحث العلمي، كان آخرها حوار معه نشر على إحدى المواقع الإلكترونية مدعيا فيه "تحريك الفكر العربي الإسلامي في أمور مقدسة"، و"خلخلة كثير من المُسَلمات البالية"، علما أن هذه الأمور التي يثيرها ليست وليدة اليوم، فهو وأمثاله كثير لم تصل عقولهم إلى درجة التنظير والتحليل والبحث العلمي كما يدعون، ومن يتتبع أقوالهم يجدها منقولة بالحرف عن رؤوس أهل البدع من المعتزلة والخوارج والرافضة، وعن المستشرقين الحاقدين عن الدين، وهم يستغلون ضعف الاطلاع عند الناس لإلقاء مثل هذه الشبهات وادعاء مثل هذه الأمور ونسبتها إلى أنفسهم.
إن افتراءات بوهندي وطعنه في الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه مثلا، استقاها من كتب الروافض وغيرهم ممن طعن في أبي هريرة وتابعهم على ذلك بعض المستشرقين أمثال "جولدزيهر" و"شبرنجر"، واستلها من كتب أمثال عبد الحسين شرف الدين العاملي الشيعي الذي افترى على أبي هريرة أكاذيب خدمة لنحلة الرافضة، حتى انتهى إلى تكفير الصحابي الجليل، وقد استقى من كتابه أيضا أبو رية صاحب كتاب أضواء على السنة المحمدية، فكان أشد حقدا وكذبا وإفكا على أبي هريرة من أستاذه وأكثر ضلالاً وزيفاً.
فقد أكثر أعداء الإسلام والسنة الطعن في أبي هريرة رضي الله عنه منذ الصدر الأول ليتوصلوا بهذا للطعن في الدين، والغرض ليس الطعن في أبي هريرة -رضي الله عنه-، بل هو توطئة لهدم الإسلام، فإن هؤلاء يدركون جيدا أن إسقاط أكبر راو لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم إسقاط لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وإذا انهدم انهدم معه قسم كبير من السنة.
فلِمَ يكذب أبو هريرة حافظ الصحابة؟! وهو الذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: "اللهم حبب أبا هريرة وأمه إلى عبادك"، ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو هريرة حافظ الصحابة، ما طعن واحدٌ منهم -رضي الله عنهم أجمعين- في صدقه قط.
ثم إن معظم الأحاديث التي رواها أبو هريرة شاركه فيها جملة من الصحابة، ولم ينفرد إلا بأحاديث معدودة كما ذكر ذلك صاحب كتاب "أقباس من مناقب أبي هريرة".
وقد وقف العلماء للافتراءات الموجهة في حق الصحابي الجليل بالمرصاد، قال الحاكم أبو عبد الله البستي (المتوفي سنة 405ه) في المستدرك عن إمام الأئمة ابن خزيمة (المتوفى 311ه): "وإنما يتكلم في أمر أبي هريرة لدفع أخباره، من قد أعمى الله قلوبهم، فلا يفهمون معاني الأخبار، إما معطل جهمي يسمع أخباره التي يرويها خلاف مذهبهم -الذي هو كفر- فيشتمون أبا هريرة ويرمونه بما الله تعالى نزهه عنه، تمويها على الرعاع والسفل أن اخباره لا تثبت بها الحجة، وإما خارجي أو قدري اعتزل الإسلام وأهله أو جاهل يتعاطى الفقه ويطلبه من غير مظانه، إذا سمع أخبار أبي هريرة فيما يخالف مذهب من قلد، تكلم في أبي هريرة ودفع أخباره".
وقال الإمام أبو زرعة الرازي، رحمه الله تعالى:
"إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حق، والقرآن حق، و إنما أدى إلينا هذا القرآن والسنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة". الكفاية في علوم الرواية للخطيب البغدادي.
وقال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "أول هذه الأمة هم الذين قاموا بالدين تصديقاً وعلماً، وعملاً وتبليغاً، فالطعن فيهم طعن في الدين، موجب للإعراض عما بعث الله به النبيين، وهذا كان مقصود أول من أظهر بدعة التشيع، فإنما كان قصده: الصد عن سبيل الله، وإبطال ماجاءت به الرسل عن الله" منهاج السنة 1/18.
وقال الإمام أبو نعيم رحمه الله: "فلا يتتبع هفوات أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وزللهم ويحفظ عليهم ما يكون منهم في حال الغضب والموجدة إلا مفتون القلب في دينه.. ولا يبسط لسانه فيهم إلا من سوء طويته في النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته والإسلام والمسلمين" الإمامة لأبي نعيم / 344.
وتحذير العلماء هنا عام يشمل جميع الصحابة.
ولم يكتف بوهندي بالطعن في أبي هريرة بل ارتسم لنفسه منهجا للطعن في الصحابة أجمعين بنفي أنهم عدول، وادعى أننا "نحن المسلمين في حديثنا عن الصحابة، نذكر إيجابياتهم ونغمض أعيننا عن سلبياتهم، فكيف بمن ليسوا صحابة حقيقة؟ وهذا من الغلو في الدين وينطبق عليه قول الله تعالى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون).
فلينظر القارئ الكريم كيف يستشهد هذا الحاقد بالقرآن الكريم ليطعن في الصحابة رضي الله عنهم، ولينفي العدالة عمن زكاهم الله تعالى، خلافا لأهل السنة الذين إذا صح الإسناد عندهم وجُهِل الصحابي لم يؤثر ذلك في صحة الحديث؛ لأنَّ الصحابة كلَّهم عدول بشهادة الله لهم، وبشهادة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبإجماع الأمة على خيريتهم وفضلهم، فهم أولى الناس دخولاً في قوله تعالى :{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "خير الناس قرني" البخاري ومسلم.
والله تعالى قد زكى الصحابة من فوق سبع سماوات ورضي الله عنهم، ورضاه لا يعقبه سخط أبدا كما هو مقرر، قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} التوبة.
أما منتقصوهم فقد قال فيهم إمامنا مالك رحمه الله تعالى: "إنما هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يمكنهم ذلك، فقدحوا في أصحابه، حتى يقال رجل سوء، ولو كان رجلا صالحا لكان أصحابه صالحون.(رسالة في سب الصحابة، عن الصارم المسلول ص580).
وقال الإمام أحمد رحمه الله: "إذا رأيت رجلا يذكر أحدا من الصحابة بسوء فاتهمه على الإسلام" (البداية والنهاية 8/142).
وهذا منطبق بالتمام والكمال على بوهندي الذي ما ترك شبهة من شبه الملحدين والروافض الحاقدين إلا وضمنها كتبه طاعنا في الدين باسم البحث العلمي، فأي بحث علمي هذا الذي تتطابق نتائجه مطابقة تامة مع طعون أعداء الإسلام ومحاربيه، إنه محض ترويج لما أفرزته قلوب وعقول مستشرقي الحروب الصليبية وقساوسة الكنائس في العصور الوسطى.
فكيف يسمح لرجل مثل بوهندي أن يطعن في أئمتنا ويستهتر بمراجعنا وينكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة تحت مسمى النقد والبحث العلمي، ويتهم رجل كالدكتور محمد بن عبد الرحمن المغراوي الذي لم يتجاوز أن فسر آية من كتاب الله تعالى وفق ما جاء في مذهب البلد، فتصادر بسبب تفسيره أكثر من ستين جمعية تعنى بتحفيظ القرآن الكريم بدعوى أن لها صلة به؟!
بل ويتحرك المجلس العلمي الأعلى ووزارة الداخلية والأوقاف لتسكين ضمير المومنين والمومنات، في حين لا تحرك ساكنا حين يهان أسلافنا ويفترى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمتنا وأعلامنا بالمين والزور والبهتان.
فما بالنا لم نر بيانات تصك، وقرارات تتخذ، وصحف وجرائد ومجلات تكتب في حق من طعن في ثوابتنا صراحة، واتهم أئمتنا بالبهتان؟
أليست العقيدة الذي يصرح بها مصطفى بوهندي هي عقيدة روافض إيران نفسها؟
وهل يسكت عنه فقط لأنه علماني له من يحميه في الداخل والخارج؟
===========
==========
رسالة إلى د. مصطفى بوهندي
حسن أبوعقيل
نشر في هسبريس يوم 19 - 02 - 2009
جهر د. مصطفى بوهندي من خلال كتابه " أكثر أبو هريرة " أن لغة القرآن عادية وأبوهريرة ليس صحابيا والإمام مالك فقدت صلاحية كلامه وابن كثير انتهى زمانه . ""
فبالله عليكم هل يعقل لدكتور يدرس الطلبة المغاربة في الجامعة بمعرفة ضعيفة كفتات الموائد تمويها للتاريخ الإسلامي وتزييفا لحقائق الأئمة والمفسرين . فبالله عليكم أين هذا الجامعي من الإمام مالك الذي يعتبر المذهب القائم والرسمي للمغاربة وللأمة الإسلامية في أرجاء المعمور وشهدت له كبار رجال الدين لما حققه من إنجاز تاريخي قل نظيره إنه مذهب تبناه المغرب والمغاربة ملكا وشعبا وعلماء تحت إشراف إمارة المؤمنين فالتساهل في نشر دعوة هذا الرجل عن طرق النشر والطباعة أمر يتطلب من الأجهزة الأمنية التدخل للكشف عمن يخرب وينشر البلبلة ويشوش عن إسلامنا السمح.
فإذا كان الإمام مالك حسب رأيك القاصر يا بوهندي بأنه فقدت صلاحية كلامه فإن شهادة دكتوراك لا تصلح إلا للاستعمال في المراحض (حاشا السامعين ) وأفتخر بقولي هذا أمام كل ما كتبته يا د. عن الحجاب وعن كل كلمة كتبتها لغرض في نفس يعقوب وأنت تعرف يعقوب،فإذا كنت ترعى دراسات الإملاء للتحريف فأمثال أسيادك وأولهم إبن كثير لا يزال زمانه قائما وأن المناهج والأبحاث بدون ابن كثير ما عرفت كيف تتوضأ وتتطهر وتصلي .
أما أبوهريرة الصحابي الجليل فإليك ما تيسر من القول لتكون كمن بهت الذي كفر .
أَبُو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ صَخْرٍ
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، المُجْتَهِدُ، الحَافِظُ، صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ، اليَمَانِيُّ، سَيِّدُ الحُفَّاظِ الأَثْبَاتِ.
اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ عَلَى أَقْوَالٍ جَمَّةٍ، أَرْجَحُهَا: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ صَخْرٍ. كَانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ اسْمُهُ عَبْدُ شَمْسٍ، أَبُو الأَسْوَدِ، فَسَمَّاهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَبْدَ اللهِ، وَكَنَّاهُ أَبَا هُرَيْرَةَ. مما يؤكد أن الصحابي الجليل عاش وصاحب النبي الكريم وأن ما تحليل مصطفى بوهندي بني على باطل .
حَمَلَ عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِلْماً كَثِيْراً، طَيِّباً، مُبَارَكاً فِيْهِ، لَمْ يُلْحَقْ فِي كَثْرَتِهِ، وَعَنْ: أُبَيٍّ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأُسَامَةَ، وَعَائِشَةَ، وَالفَضْلِ، وَبَصْرَةَ بنِ أَبِي بَصْرَةَ، وَكَعْبٍ الحَبْرِ.
خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى خَيْبَرَ، وَقَدِمْتُ ( ابو هريرة ) المَدِيْنَةَ مُهَاجِراً، فَصَلَّيْتُ الصُّبْحَ خَلْفَ سِبَاعِ بنِ عُرْفُطَةَ، كَانَ اسْتَخْلَفَهُ، فَقَرَأَ فِي السَّجْدَةِ الأُوْلَى: بِسُوْرَةِ مَرْيَمَ، وَفِي الآخِرَةِ: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِيْنَ.
فَقُلْتُ: وَيْلٌ لأَبِي، قَلَّ رَجُلٌ كَانَ بِأَرْضِ الأَزْدِ إِلاَّ وَكَانَ لَهُ مِكْيَالاَنِ، مِكْيَالٌ لِنَفْسِهِ، وَآخَرُ يَبْخَسُ بِهِ النَّاسَ.
وَلَمَّا هَاجَرَ كَانَ مَعَهُ مَمْلُوكٌ لَهُ، فَهَرَبَ مِنْهُ.
صَحِبَ رسول الله أَرْبَعَ سِنِيْنَ.
إِنَّكُمْ تَقُوْلُوْنَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الحَدِيْثَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَقُوْلُوْنَ: مَا لِلْمُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ لاَ يُحَدِّثُوْنَ مِثْلَهُ؟ وَإِنَّ إِخْوَانِي المُهَاجِرِيْنَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، وَكَانَ إِخْوَانِي مِنَ الأَنْصَارِ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِيْناً مِنْ مَسَاكِيْنِ الصُّفَّةِ، أَلْزَمُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، فَأَحْضُرُ حِيْنَ يَغِيْبُوْنَ، وَأَعِي حِيْنَ يَنْسَوْنَ، وَقَدْ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَدِيْثٍ يُحَدِّثُهُ يَوْماً: (إِنَّهُ لَنْ يَبْسُطَ أَحَدٌ ثَوْبَهُ حَتَّى أَقْضِي جَمِيْعَ مَقَالَتِي، ثُمَّ يَجْمَعُ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ، إِلاَّ وَعَى مَا أَقُوْلُ). فَبَسَطْتُ نَمِرَةً عَلَيَّ، حَتَّى إِذَا قَضَى مَقَالَتَهُ، جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِي، فَمَا نَسِيْتُ مِنْ مَقَالَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِلْكَ مِنْ شَيْءٍ.
وهذه حجة كذلك تنفي قول مصطفى بوهندي وتؤكد عدم درايته بصحابة رسول الله وفهمه لا لأئمة الإسلام ولا للمفسرين الأتقياء فكيف يمكن لهذا الرجل الجامعي أن يدرس الأديان وهو يتمتع بفكر أجوف وفارغ وأنصحك بأن تتمعن في هذا السؤال من أبي هريرة إلى رسول الله
يَا رَسُوْلَ اللهِ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ؟
قَالَ: (لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ لاَ يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الحَدِيْثِ أَحَدٌ أَوَّلَ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيْثِ، إِنَّ أَسْعَدَ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، خَالِصاً مِنْ نَفْسِهِ). أليس هذا حوار دار بين الصحابي الجليل وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم (الله يلعن اللي ما يحشم )
حَفِظْتُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وِعَاءيْنِ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ فِي النَّاسِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ، لَقُطِعَ هَذَا البُلْعُوْمُ.
روى أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ.
فَقَالَ: عَلَيْكَ بِأَبِي هُرَيْرَةَ، فَإِنَّهُ بَيْنَا أَنَا وَهُوَ وَفُلاَنٌ فِي المَسْجِدِ نَدْعُو، خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَلَسَ، وَقَالَ: (عُوْدُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ).
قَالَ زَيْدٌ: فَدَعَوْتُ أَنَا وَصَاحِبِي، وَرَسُوْلُ اللهِ يُؤَمِّنُ، ثُمَّ دَعَا أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِثْلَ مَا سَأَلاَكَ، وَأَسْأَلُكَ عِلْماً لاَ يُنْسَى.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (آمِيْنَ).
فَقُلْنَا: وَنَحْنُ نَسْأَلُ اللهَ عِلْماً لاَ يُنْسَى.
فَقَالَ: (سَبَقَكُمَا بِهَا الدَّوْسِيُّ).
أما من جهة أخرى يا دكتور (بتاع الأديان ) لابد وزأن أسمعك ما يطرب عن ابن كثير
أما عن منهج ابن كثير في "تفسيره" فيمكن حصره في خطوات ثلاث:
الأولى: اعتماده تفسير القرآن الكريم على المأثور؛ فهو أولاً يفسر الآية بآية أخرى، وهو في هذا شديد العناية، وبارع إلى أقصى غاية في سرد الآيات المتناسبة في المعنى الواحد. ثم بعد ذلك يشرع في سرد الأحاديث المتعلقة بالآية المراد تفسيرها، ويبين ما يُقبل من تلك الأحاديث وما لا يُقبل. ثم يشفع هذا وذاك بذكر أقوال الصحابة والتابعين، ومَن بعدهم من أهل العلم، ويرجِّح ما يراه الأرجح، ويُعْرِض عن كل نقل لم يصح ثبوته، وعن كل رأي لم ينهض به دليل .
الثانية: ومن منهجه - وهو مما امتاز به - أن ينبِّه إلى ما في التفاسير من منكرات المرويات الإسرائيلية؛ فهو مثلاً عند تفسيره لقصة البقرة، وبعد أن يسرد الروايات الواردة في ذلك نجده يقول: "...والظاهر أنها مأخوذة من كتب بني إسرائيل، وهي مما يجوز نقلها، ولكن لا تصدق ولا تكذب، فلهذا لا يعتمد عليها إلا ما وافق الحق عندنا..."
أما الخطوة الثالثة من منهجه، فتظهر من خلال التعرف على موقفه من آيات الأحكام، إذ نجده ينقل أقوال أهل العلم في مسائل الأحكام، مشفوعة بأدلة كل منهم، ثم يُرجِّح من أقوالهم ما يرى أن الدليل يدعمه، أو أن السياق يؤيده؛ وهو في كل ذلك مقتصد غير مسرف، ومعتدل غير مفرط .
وعلى الجملة...فإن تفسير ابن كثير من أخير التفاسير بالمأثور وأنفعها، وأقومها سبيلاً، يُنْبِئُكَ بهذا قبول الناس له قديمًا وحديثًا، ويكفيك في هذا ما قاله الإمام السيوطي - رحمه الله - في حق هذا التفسير: " بأنه لم يؤلَّف على نمطه مثله " .
وبعد...يشار أخيرًا إلى أن هذا التفسير قد طُبع أكثر من طبعة، وقام على تحقيقه وتخريج أحاديثه عدد من العلماء، المشهود لهم بالخير والصلاح، وطول الباع في هذا الشأن، وقد قدموا بعملهم هذا خدمة جليلة لهذا التفسير، الذي لا يزال يحظى برضى الجميع من الخاصة والعامة .
ولك أيضا يادكتور ما يلي :
[قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخرج ناس من المشرق والمغرب في طلب العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة] ويقصد إمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس رحمه الله فإذا لم يعجبك قول خير البرية فلك ألا تخاطب المغاربة أو تتحدث عن الإسلام والمسلمين فلست أعرف من أمير المؤمنين والمجلس العلمي الأعلى برجاله الأفاضل وتضع فكرك وعقلك الضعيف بين أخيار رجالات الاسلام .
أما عن القرآن الكريم وإعجازه فقد فاتتك الآية الحكيمة التي لم تعرف بشهادة الدكتوراه تفسيرها مع العلم كان عليك أن ترجع لابن كثير ليشرح لك المعنى الحقيقي لقول الله تعالى :" قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتو بمثل هذا القرآن , لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا " فلا الشعراء ولا الكتاب ولا أنت صاحب دكتوراه تستطيع ان تأتي بمثله اي في لغته وبلاغته وما في باطنه وظاهره
ولنا عودة في الموضوع .