تحريم الغلو في محبة آل محمد r
من المؤكد أن الغلو محرم قطعا قال الله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ}.[المائدة: 77].لأنه سبب للهلاك فإنه قد يؤول إلى الشرك، فغلو قوم نوح في الصالحين آل بهم إلى الشرك,لذلك حذر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمته منه،فقال:"إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو[1].فيتَحَقَّق الغلو بِإِطْلَاق مَا لَا يحل إِطْلَاقه فِي المحبوب المغلو فِي حبه أَو فعل مَا لَا يحل فعله ,فقد حصل غلو في أهل البيت من قبل الشيعة بسبب الحب المفرط وحصل الغلو في أهل البيت من قبل النواصب بسبب البغض والتفريط فالغلو نزغة من نزغات الشَّيْطَان يُؤَدِّي إِلَى الْخُرُوج عَن الْحق.
فمن الأمثلة التي تدل على غلو الشعة في الآل ما يلي:
يقول الإمام الوادعي رحمه الله تعالى:"أما كفانا أن أحمد بن سليمان من أئمة الزيدية له كتابان بعنوان "الحكمة الدرية" والثاني "حقائق المعرفة"، فيهما السب الصراح لأبي بكر وعمر، حتى نستورد من كتب أهل إيران، ولكن هذه الكتب التي تستورد من كتب أهل إيران تعتبر دعوة لأهل السنة لأن فيها الكفر والشرك، ففيها: أن الشمس قالت لعلي بن أبي طالب: السلام عليك يا أول ياآخر يا ظاهر يا باطن يا من هو بكل شيء عليم.
وفيها أيضًا أن علي بن طالب قال وحاشا عليًا أن يقول : أما تعلم أنني أعلم السر وأخفى، وأنني أعلم ما في الأرحام. وإذا أردت أن تحصل على الكتاب الذي فيه هذا الكلام، فكلم شخصًا حالق لحية، مغبّر يديه كأنه يشتغل في الأسمنت، فإنّهم لن يعطوك إذا كنت ذا لحية، ثم يذهب إلى المكتبات في صعدة ويقول لهم: أريد كتاب "عيون المعجزات"، وكذلك كتاب "سلوني قبل أن تفقدوني"، وهو كتاب في مجلدين، وهذا الكتاب الضال فيه وهو يصف علي بن أبي طالب :
أهلك عادًا وثمود بدواهيه *** كلّم موسى فوق طور إذ يناجيه
وفيه أن رجلين اختصما: هل علي أفضل أم أبوبكر؟ ورضيا بأول داخل يدخل من الباب أنه الحكم، فدخل داخل وقالا له: إننا قد اختصمنا أيهما أفضل أبوبكر أم علي؟ فقال: علي أفضل لأنه خلق أبا بكر!.
والكتاب يباع، تبيعه في صنعاء (مكتبة اليمن الكبرى)، عجل الله بإحراقها، فإنّها تريد أن تزعزع عقيدة اليمنيين [2].اهـ.
قال يحيى بن سعيد ،: كنت عند علي بن حسين فجاءه نفر من الكوفيين فقال علي بن الحسين : يا أهل العراق أحبونا حب الإسلام ، سمعت أبي يقول : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم : « يا أيها الناس ، لا ترفعوني فوق قدري ، فإن الله اتخذني عبدا قبل أن يتخذني نبيا » فذكرته لسعيد بن المسيب فقال:«وبعد ما اتخذه نبيا[3]»اهــ.
ومن الأمثلة التي تدل على غلو النواصب في الآل ما يلي:
أولا :طريقة النواصب والخوارج في الماضي والحاضر عموما أنهم يؤذون أهل البيت بأقوالهم وأعمالهم.
ففي الماضي قد حصل جفاء وسب واعتداء على علي بن أبي طالب رضي الله عنه وذريته وغيرهم من الهاشميين بسبب البغض المفرط وهذا أمر غير خاف فلا داعي لذكر التفاصيل خشية الإطالة.
أما في الحاضر فقد أبت بعض النفوس الشريرة إلا أن تسيء إلى آل بيت النبوة بشتى الأساليب المهينة التي لا تليق أن تقال لأي من البشر احتراما للنفس البشرية فما بالك أن تقال لمسلم قد حرم دمه وعرضه وماله فضلا عن أن يتصل نسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الأمر الذي يدل على أن الحقد والكراهية في أهل النصب الخفي في زمننا هذا قد بلغا ذروتهما وهؤلاء سيكون خصمهم يوم القيامة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأنهم قد فرضوا على أنفسهم وعلى غيرهم الاستمرار في السير على هذا المنهج المعوج الخطير المعادي لأهل بيت النبوة.
وقد انحرف مع هؤلاء بعض الفجرة الذين كانوا لا يسطيعون إظهار ما في نفوسهم من عداوة لأهل البيت من قبل حتى جاء من ينعشهم في الصحف والمجلات وغيرها.لماذا هذا الهجوم الهمجي الشرس والحملات المتتاليات المسعورات الذي قد يكون من ورائه مكاسب مادية أو سياسية؟ لأن كثيرا من المنتسبين لأهل بيت النبوة يتمتعون بصفات فاضلة نادرة إلى جانب النسب والخلق والدين القويم.
وقد جاء عن قتادة رحمه الله تعالى أنه قال:"ما كثرت النعمة على قوم قط إلا كثر أعداؤها [4]".
وأسباب الترويج للباطل كثيرة ووسائل القبول له أكثر وقد تفنن أصحاب النصب في هذا العصر وبذلوا جهودا صبيانية لتضليل الناس في الصحف والمجلات وفي الكتب والرسائل وغير ذلك ,من أجل التشويه والسخرية بأهل البيت والمراد من ذلك كله هو إبطال ما لهم من الحقوق والواجبات والخصائص التي ميزهم الله بها ظنا منهم بأنه إذا طُعِن في أنساب أبناء الحسنين سلبت منهم الصفات والفضائل التي يحسدهم أعداؤهم عليها,وبالتالي يحكم عليهم جميعا بأنهم أحقر الناس قدرا وأقلهم شأنا لادعائهم النسب الشريف زورا وبهتانا وهذا هو مراد أصحاب النصب الخفي في زمننا هذا,وأتباعهم من غلاة ومقلدة .
فإنهم يريدون بهذا المذهب الهدام أن يضلوا الناس بهذا الجرح في أهل بيت النبوة ليبطلوا ما خصهم الله به ويقدحوا في فضائلهم التي جاءت في الكتاب وصحيح السنة لينـزلونهم من مكانتهم الرفيعة التي رفعهم الله إليها ويسقطون هيبتهم بسبب طعنهم في أنسابهم وتشكيكهم في صحتها,فإنهم يعلمون علم اليقين بأنهم لو أنكروا شرف النسب النبوي بالكلية أو أنكروا حقوق أهل البيت أو فضائلهم لن يقبل منهم أحد ذلك,ولهذا لجؤوا إلى الطعن والتشكيك في النسب الشريف بدون دليل ولا برهان,وهذا هو رأي الرافضة الذين طعنوا في خير خلق الله بعد الأنبياء والمرسلين, فقد كان مراد الرافضة من طعنهم في الصحابة الكرام هو الطعن في الإسلام ,لذلك خطؤوا الصحابة واستنقصوهم ليبطلوا عدالتهم,فيبطل بذلك ما لهم من فضل ومنزلة عند الناس.
فإنهم كما قال أبو زرعة الرازي (264هـ) رحمه الله تعالى:"إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فاعلم أنه زنديق وذلك أن الرسول حق والقرآن حق وما جاء به حق وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة [5]"اهـ.
فإذا علمت أن رجلا يتنقص أهل البيت ويجعل الطعن فيهم ديدنه فتأكد أنه ناصبي مهما تستر بالدين واختلق المبررات.
ومهما تكن كثرة الزيف والأباطيل والضجيج ضد الصحابة والقرابة فإن العبرة بمعرفة حال أصحاب الأقاويل ومقاصدهم فإذا عرف السامع أو القارئ حال ومقصد من يروج للباطل ليجعله في صورة مقبولة باسم الذب عن أهل البيت أو باسم السنة والنصيحة أو باسم الدفاع عن الحق عند إذ لن يتأثرا بما يروجه المبطل وإن دس السم في العسل فإنهما سيكونا على حذر منه بعد معرفة حقيقته ومقصده ومكره.
فأعداء الإسلام اليوم يدعون أنهم حماة الإنسانية وهم في الحقيقة يسحقون دولا ويبيدون شعوبا ويذلون ويمزقون أمما باسم الدفاع عن حقوق الإنسان وغير ذلك من المسميات الخداعة.
ولهذا نقول للرافضي والناصبي كما قال بعض السلف:"الصحابة والقرابة كالعيون,علاجها ودواؤها ألا تمس,هل سمعت أن العين إذا تضررت تمسها وتحكها؟هذه العين اليمنى هم القرابة ,وهذه اليسرى هم الصحابة.[6]اهـ .
[1] - رواه: أحمد في مسنده(1/215, 347) , والنسائي في "الصغرى"5/268)وابن ماجه2/1008)وابن أبي عاصم في "السنة"(98) , وابن حبان(1011) , والطبراني في "الكبير"(12747)والحاكم (1/466)وصححه,ووافقه الذهبي, والبيهقي في "االكبرى" (5/127) . وقال النووي في "المجموع" (8/137) : "إسناده صحيح على شرط مسلم", وكذا قال شيخ الإسلام في "اقتضاء الصراط المستقيم" (ص 106) .
[2] - تحفة المجيب فضائل آل بيت النبوة .
[3] - رواه الحاكم. و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي وهو في " السلسلة الصحيحة " 6 / 106
[4] - رواه أحمد في العلل ومعرفة الرجال(116)و(1160).
[5] - رواه الخطيب البغدادي في الكفاية (ص 97)وانظر الإصابة لابن حجر 1/11 وابن عساكر في تاريخه (38/32) .
[6] - مودة أهل البيت عند أهل السنة ص 46. مودة أهل البيت عند أهل السنة ص 46.