بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاه والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه الصلاه والتسليم .
أخي الغالي:
تقول في مقدمه حديثك:
انا ميزان الحكمة اؤمن بانه يمكن للعبد ان يتخذ واسطة لله سبحانه تعالى، سواء حي او ميت ....
بمعنى انك تتخذ معبودا بينك وبين الله في جلب منفعه او درء مضره ..
إليك أخي الغالي تفصيلا لكلامك واتمنى أن يكون شرحي واضحا لموضوعك وان لا يخرج عنه:
صرف شيء من العبادات لغير الله تعالى
فالعبادات بأنواعها القلبية, والقولية, والعملية, والمالية حق لله تعالى لا يجوز أن تصرف لغيره. ... فمن صرف شيئاً منها لغير الله فقد وقع في الشرك الأكبر.
قال علامة الهند: صديق حسن خان القنوجي في تفسير قوله تعالى: أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ [الإسراء: 23] قال رحمه الله: (وقد تقرر أن العبادة لا تجوز إلا لله، وأنه هو المستحق لها، فكل ما يسمى في الشرع عبادة ويصدق عليه مسماها فإن الله يستحقه، ولا استحقاق لغيره فيها، ومن أشرك فيها أحداً من دون الله فقد جاء بالشرك، وكتب اسمه في ديوان الكفر) . اتمنى تكون النقطه هذي واضحه..؟
والشرك بصرف شيء من العبادة لغير الله له صور كثيرة، يمكن حصرها في الأمرين التاليين:
الأمر الأول: الشرك في دعاء المسألة
دعاء المسألة هو أن يطلب العبد من ربه جلب مرغوب, أو دفع مرهوب .
ويدخل في دعاء المسألة: الاستعانة, والاستعاذة, والاستغاثة, والاستجارة.
قال الخطابي رحمه الله تعالى: (ومعنى الدعاء: استدعاء العبد ربه – عز وجل – العناية، واستمداده إياه المعونة. وحقيقته: إظهار الافتقار إليه، والتبرؤ من الحول والقوة. وهو سمة العبودية، واستشعار الذلة البشرية، وفيه معنى الثناء على الله – عز وجل – وإضافة الجود والكرم إليه) .
والدعاء من أهم أنواع العبادة، فيجب صرفه لله تعالى، ولا يجوز لأحد أن يدعو غيره كائناً من كان، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر: 60]، وقال تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن: 18]، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الدعاء هو العبادة)) ، وقال صلى الله عليه وسلم في وصيته لابن عباس: ((إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله)) .، فمن دعا غير الله فقد وقع في الشرك الأكبر – نسأل الله السلامة والعافية -.
ومن أمثلة الشرك في دعاء المسألة ما يلي:
أ- أن يطلب من المخلوق ما لا يقدر عليه إلا الخالق، سواء أكان هذا المخلوق حياً أم ميتاً، نبياً أم ولياً, أو ملكاً أم جنياً أم غيرهم، كأن يطلب منه شفاء مريضه, أو نصره على الأعداء، أو كشف كربة، أو أن يغيثه، أو أن يعيذه، وغير ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله، فهذا كله شرك أكبر، مخرج من الملة بإجماع المسلمين ؛ لأنه دعا غير الله، واستغاث به، واستعاذ به، وهذا كله عبادة لا يجوز أن تصرف لغير الله بإجماع المسلمين، وصرفها لغيره شرك، ولأنه اعتقد في هذا المخلوق ما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى .
ب- دعاء الميت.
ج- دعاء الغائب.
فمن دعا غائباً أو دعا ميتاً وهو بعيد عن قبره، وهو يعتقد أن هذا المدعو يسمع كلامه, أو يعلم بحاله فقد وقع في الشرك الأكبر، سواء أكان هذا المدعو نبياً أو ولياً، أم عبداً صالحاً أم غيرهم، وسواء طلب من هذا المدعو ما لا يقدر عليه إلا الله أم طلب منه أن يدعو الله تعالى له، ويشفع له عنده ، فهذا كله شرك بالله تعالى مخرج من الملة؛ لما فيه من دعاء غير الله، ولما فيه من اعتقاد أن المخلوق يعلم الغيب، ولما فيه من اعتقاد إحاطة سمعه بالأصوات، وهذا كله من صفات الله تعالى التي اختص بها، فاعتقاد وجودها في غيره شرك مخرج من الملة .
د- أن يجعل بينه وبين الله تعالى واسطة في الدعاء، ويعتقد أن الله تعالى لا يجيب دعاء من دعاه مباشرة، بل لابد من واسطة بين الخلق وبين الله في الدعاء، فهذه شفاعة شركية مخرجة من الملة .
واتخاذ الوسائط والشفعاء هو أصل شرك العرب ، فهم كانوا يزعمون أن الأصنام تماثيل لقوم صالحين، فيتقربون إليهم طالبين منهم الشفاعة، كما قال تعالى: أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر: 3].
اتمنى أن ينفعك الله بما رأيت ووقع في قلبك.
وأرجو أن يكون الكلام والإستدلال من كتاب الله وسنه نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم واضحا
تحياتي
عفوا أبو سند فلم أرى ردك الجميل
تحياتي لك والصفحات كلها لك أعذرني أخي الغالي