الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبيَّ بعده ,,,وبعد:
كنتُ أستمعُ شريطاً للشيخ / عبّاس شرقاوي _التائب من جماعة التبليغ بعد مبايعته لهم _ بعنوان اسمع حتّى لا تزيع , الجزء رقم : 3 _ يتكلّم فيه عن جماعة التبليغ_ وقد سأله أحدُ الإخوة : هل لجماعة التبليغ علاقةٌ بالسياسة ؟ , فأجاب الشيخ عبّاس بهذا المعنى : " لعم " , لن أقول " لا" ولن أقول " نعم " , لأنّهم يتظاهرون بعدم تدخُّلهم في السياسة , ويتظاهرون بأنّهم ضُعفاء دراويش , ولكنّهم يسعوْنَ إلى تفريغ المضمون لتسهيلِ هدم الظاهر.
ثمّ يتساءل الشيخ عبّاس : هل السياسة سياسة الأرض أم سياسة الناس ؟ , فيردُّ مجاوباً على نفسه : لا قيمة لسياسة الأرض إن لم يكن بها النّاس.
ثمّ يُحذّر بقوله : لا تظنّ أنّ هؤلاء كما يظهرون ضُعفاء ودراويش , بل هم أدهى من ذلك وأخطر...
*يقول الناطق الرسمي بلسان الدعوة _ أي : باسم جماعة التبليغ_ محمّد عمر بلمبوري _ لجماعته_:
" هذا البرتقال له قشرٌ وله لُب , ونحنُ نركّز على اللب , ونأخذ اللب ونجمعه , والآخرون ينشغلون بالقشر , ألا ترضوْن أن يكون اللب لنا والقشر لهم , ألا تُريدون ذلك ؟ ألا يكفي هذا لكم , اللب لنا والقِشْرُ لهم _ويكرّرها ليطرب بها هو , ويُطربَ جماعته _"
وأقول :
لن أتطرّق إلى التدليس والتلبيس الموجود في مقالته هذه , لأن المقام لا يسع لذلك , ولكن أتساءل : هل تفريغ اللبّ أخطر أم إزالة القشر ؟ .
فهذا الناطق يرمي في مقالته مغزىً بعيداً , حيثُ يُظهِرُ أنّ دعوته ليست كدعوة الثوريين الذين يُظهرون العداوة للدُول , ويُلحقون بما استطاعوا الخراب والدمار , دون التدرّج في ذلك , فتُعاديهم الحكومات , وتُعاقب منهم من تُعاقب , وتسجن منهم من تسجن , وتُعْدِمْ منهم من تُعدِم..., فهو يرمي إلى أنّ سياستهم أعمقُ من ذلك , حيثُ أنّهم يلتزمون في عملهم الصمت بخلاف الثوريين , ويلتزمون في عملهم البُعد الظاهري عن السياسة , حتّى يتمّ تفريغ اللُب بأمان , و حتّى تتمّ سيادتهم الروحية المرجوَّة على النّاس , ومتّى تمّت السيادة الروحية على الناس تمّت سياستهم بيُسرٍ وسهولة , وبذلك يكون من السهل بعد تفريغ المضمون , كسرُ القِشْرِ أو الاستيلاء عليه .
لأنّ منطق دعوتهم يقول :
" كونوا كالسوس يدخل في داخل الخشب العظيم , يأكل الخشب ويرمي البيض , والبيض يفقُس , ويأتي سوسٌ آخر يأكل في الخشب _ أي مكمّلاً لعمل الأوّل , فتنبّه_ حتّى يُصبِح الخشبُ من الداخلِ مُفرغاً , ومن الخارج ما زال قوياً , وبضربةٍ واحدةٍ ينكسرُ الخشب".
أقول :
أليس عدوّ الباطن أشدُّ خطراً من عدوِّ الظاهر ؟
ولا يخفى على صاحبِ البصيرة فيهم , أنّهم يُفرِّغون الناس من كلّ شيء (إلّا منهم) , ومن هو فُرِّغ إلّا منهم , يُصبح تبعاً لهم مُعتقداً ومنهجاً وفكراً والتزاماً وتطبيقاً .
فهم يُفرِّغون الناس ابتداءً من دينهم وعقيدتهم , إلى أن يُفرِّغونهم حتّى من أنفسهم , فيُصبحَ تابعيهم رؤوساً (ولكن) في أرجل قيادتهم المتصوّفة , وبذلك يستطيعون توجيه الضربة بهم بعد تفريغ اللُب , لأنّ البناء إنْ فُرِّغَ لُبَّهُ أصبح هشاً , لا يُقاوم الهدم.
(( كلّ هذا المكر و أكثر تحت شعار البُعد عن السياسة )
فيا ليت شِعري , هل تنبّه النّاس وهل تنبّهت الحكومات لخطر هؤلاء ؟ الظاهرين بلباس الدراويش والضُعفاء مكراً منهم .
وتبقى الإجابة لمن يسأل عن علاقة جماعة التبليغ بالسياسة ب : "لعم".
للكاتب : سهيل عمر عبدالله سهيل الشريف.
المصدر: مجلّة الزاخر الأدبية.