بسم الله الرحمن الرحيم
(( من تعظيم شيخ الإسلام للرسول عليه الصلاة والسلام ))
نص الرسالة
أرجو منكم نشر هذا المقال فقد وجدته في بعض المنتديات ؛ وهو يختص بمكانة رسولنا الحبيب عند شيخ الإسلام ؛ مما له علاقة بموضوع الكلام عن سخرية الدنماركيين بنبينا !!
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رجل أراد أن يشتكي على رجل ؛ فشفع فيه جماعة ، فقال :
( لو جاء محمد بن عبد الله فيه ما قبلت ) .
فقالوا : كفرت ! استغفر الله من قولك ، فقال : ما أقول؟
فأجاب رحمه الله تعالى :
( أما قول الرجل : ( لو جاءني محمد بن عبد الله ) إذا ثبت عليه هذا الكلام ؛ فإنه يقتل على ذلك ، ولو تاب بعد رفعه
إلى الإمام لم يسقط عنه القتل في أظهر قولي العلماء ، ولكن إن تاب قبل رفعه إلى الإمام سقط عنه القتل في أظهر القولين ،
وإن عزر بعد التوبة كان سائغاً ) 0 ( مجموع الفتاوى ) 35 / 199 .
وهذا والله ! من تعظيم حق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً ؛ فإن إساءة الأدب معه عليه الصلاة والسلام
حياً وميتاً - بأبي هو وأمي - موجب للقتل كما هو صريح فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ؛ وهذا يدل دلالة
قاطعة على عظمة مقامه صلى الله عليه وآله وسلم في نفس ابن تيمية ؛ بل قد ألف رحمه الله كتاباً حافلاً في الموضوع
بعنوان ( الصارم المسلول على شاتم الرسول ) صلى الله عليه وآله وسلم .
وكأنه رحمه الله أخذ هذا حكم هذه الفتوى من حكم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي رواه أبو داود في (
السنن ) 2683 ، 4359 من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال :
( لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين ، وسماهم ، وابن أبي
السرح .
فذكر الحديث ، قال : وأما ابن أبي السرح ؛ فإنه اختبأ عند عثمان بن عفان ، فلما دعا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : يا نبي الله ! بايع عبد الله ، فرفع
رأسه ، فنظر إليه ثلاثاً ، كل ذلك يأبى ، فبايعه بعد ثلاث ، ثم أقبل على أصحابه فقال :
( أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله ؟ فقالوا : ما ندري يا رسول الله ما في
نفسك ؛ ألا أومأت إلينا بعينك ؟ فقال : ( إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين ) .
وإسناد الحديث حسن من أجل الخلاف في شأن السدي الكبير ، وهو إسماعيل بن أبي كريمة ؛ والراجح فيه أنه حسن
الحديث كما قال الذهبي في ( الكاشف ) برقم 391 .
وعبد الله بن أبي السرح رضي الله عنه كان قد أسلم قبل الفتح ، ثم ارتد والعياذ بالله ، ثم أسلم ثانية ، وسبب ردته : أنه
كان يكتب الوحي فأزله الشيطان ؛ فلحق بالكفار ، فكان يطعن في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فأهدر دمه مع
أولئك ، وقال عليه الصلاة والسلام :
( اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة ) ثبت ذلك فيما رواه النسائي في ( السنن ) 7 / 105 ، 106 بهذا
الإسناد الحسن .
وقد صحح شيخ الإسلام ابن تيمية إسناده في كتابه الآنف ( الصارم المسلول ) ص115 ، 116 ، ط المكتب
الإسلامي ؛ ولاشك في صحة الحديث ؛ فإن له شواهد كثيرة مرسلة بأسانيد لا بأس بها في الشواهد والمتابعات ، وقد
استوفاها شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه ( ص117 - 121 ) .
وقد وقفت على شاهد لم يذكره شيخ الإسلام رحمه الله : أخرجه البيهقي في ( دلائل النبوة ) 5 / 60 -61 من حديث
أنس رضي الله عنه بإسناد صالح في الشواهد ، وهو في ( معجم الطبراني الأوسط ) 7 / 298 - 300 ، وقال
الهيثمي : وفيه الحكم بن عبد الملك ، وهو ضعيف .
( مجمع الزوائد ) 6 / 167 ، 168 .
ثم رأيته في ( مشكل الآثار ) للطحاوي 11 / 411 ، وكذا رواه أحمد في ( المسند ) 3 / 151 ، وأبو داود برقم
3194 ، من طريق أخرى صحيحة ، لكن الظاهر أنها واقعة مختلفة إلا أن الشاهد منها قوله عليه الصلاة والسلام :
( إنه ليس لنبي أن يؤمض ) أي : يرمز بعينه ، فهو في معنى الحديث الآخر .
وقد دعم شيخ الإسلام ابن تيمية بهذا الحديث وبما في معناه من أحاديث كثيرة ، وآثار صحيحة استدلاله الذي بنى عليه
كتابه في أن الذي يطعن في الرسول عليه الصلاة والسلام يقتل وإن تاب كما هو في الفتوى التي ذكرتها أول المقالة .
فاللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن .
فائدة : عبد الله بن سعد بن أبي السرح هو أخو عثمان بن عفان رضي الله عنهما من الرضاعة ، وقد ذكره الحافظ ابن
حجر رحمه الله في ( الإصابة ) 2 / 316 ، 317 ثم قال :
( وروى البغوي بإسناد صحيح عن يزيد بن أبي حبيب قال : خرج ابن أبي السرح إلى الرملة ، فلما كان عند الصبح
قال : اللهم اجعل آخر عملي الصبح ؛ فتوضأ ثم صلى فسلم عن يمينه ، ثم ذهب يسلم عن يساره فقبض الله روحه يرحمه
الله ) .
هذا وصلى الله على النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم .
منقول