بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ، فمن خلال دراستي العابرة لبعض تصريحات علماء الإمامية ومروياتهم بخصوص حادثة الغدير - والذي حمله الإمامية على تنصيب علي رضي الله عنه لمقام الإمامة بعد النبي صلى الله عليه وسلم - ترشحت عندي بعض علامات الاستفهام أحببت عرضها هنا بشكل وقفات للتأمل لعل تحرك عقول الإمامية قبل أهل السنة للتفاعل معها والبحث عن جواب علمي مقنع لها ، راجياً من الله تعالى التسديد والقبول ، وإليكم بيان تلك الوقفات:
الوقفة الأولى:
وهي قائمة على رواية مفادها أن الله تعالى أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتبليغ ولاية علي رضي الله عنه في غدير خم وشدد عليه بعدم التأخير كيلا يتفرق الناس عنه ومن ثم لا يحصل سماع النص لجميع المسلمين الحاضرين معه صلى الله عليه وسلم ...
وهذه الرواية أوردها شيخ المفيد في كتابه ( الإرشاد ) ( 1 / 174-175 ) ، وعلامتهم محمد باقر المجلسي في كتابه ( بحار الأنوار ) ( 23 / 386 ) ، وعالمهم ابن أبي الفتح الإربلي في كتابه ( كشف الغمة ) ( 1 / 237 ) ، وإليكم الحقيقة المشار إليها من نص الرواية:
[ ولما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله نسكه أشرك عليا عليه السلام في هديه ، وقفل إلى المدينة وهو معه والمسلمون ، حتى انتهى إلى الموضع المعروف بغدير خم ، وليس بموضع إذ ذاك للنزول لعدم الماء فيه والمرعى ، فنزل صلى الله عليه وآله في الموضع ونزل المسلمون معه . وكان سبب نزوله في هذا المكان نزول القرآن عليه بنصبه أمير المؤمنين عليه السلام خليفة في الأمة من بعده ، وقد كان تقدم الوحي إليه في ذلك من غير توقيت له فأخره لحضور وقت يأمن فيه الاختلاف منهم عليه ، وعلم الله سبحانه أنه إن تجاوز غدير خم انفصل عنه كثير من الناس إلى بلادهم وأماكنهم وبواديهم ، فأراد الله تعالى أن يجمعهم لسماع النص على أمير المؤمنين عليه السلام تأكيدا للحجة عليهم فيه . فأنزل جلت عظمته عليه : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ) يعني في استخلاف علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام والنص بالإمامة عليه ( وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) فأكد به الفرض عليه بذلك ، وخوفه من تأخير الأمر فيه ، وضمن له العصمة ومنع الناس منه ].
فإن كانت الغاية من تأكيد الله تعالى على تبليغ الإمامة في غدير خم وعدم السماح بتأخيرها هو لكي يسمع النص جميع المسلمين الحاضرين مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يتفرقوا عنه ...
أما كانت هذه العلة تتحقق بصورة أكمل لو أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبلغ الإمامة في الحج قبل أن يتفرق الناس عنه وحينها سيسمع بنص الإمامة جميع من حضر الحج من المسلمين ، بخلاف تأخير تبليغه إلى حين عودته حيث انفصل عنه معظم المسلمين من أهل مكة والمدن والبوادي ولم يتحقق سماع النص إلا لفئة قليلة متمثلة بأهل المدينة وضواحيها الراجعون معه من الحج ؟!!!
أليس هذا التساؤل منطقي ومشروع من أجل تحقيق الغاية التي وردت في الرواية المذكورة ؟!!!