كان لرجل في الجاهليه ذرية من بنات وكان لا يملك مالا .. فأراد أن يغزو لكي يؤمن لبناته المال من بعده وقد أقسم ان لا يرجع إلا بالمال ..
فخرج إلى الصحراء فجعل يبحث عن أي شيئ حتى إذا غربت الشمس وجد مراحا لإبل ومربض لغنم ولم يكن فيها شيئ سوى خيمة إقترب منها فوجد فيها رجلا شيخا ً طاعنا ً في السن .. فقال أنتظر حتى يرجع الراعي ، فمكث مكانه ،حتى إذا جن الليل إذ بفارس على فرسه وإذ بالراعي يسوق الركب وأي ركب إنها إبل عظيمة وغنم كثيرة ، فاختبأ الرجل في الخيمة خلف اثاث وراء ظهر الشيخ ، فدخل الفارس إلى الخيمة وذهب الراعي يؤمن ركبه ثم نادى الفارس يا أيها الراعي : إسق مهلهل، ثم خرج الفارس من الخيمة ، فحلب الراعي ناقة ثم جاء بالمد ووضعه أمام مهلهل فجرع مهلهل منه جرعة وكان الرجل المختبىء قد أضناه الجوع واشتد به العطش فاقترب من الوعاء خلسة فأخذه وشربه فقال الراعي: مولاي مهلهل عطشان . فقال: إسق مهلهل ، فحلب له ثم جاءه بالمد فجرع مهلهل منه جرعة ثم وضعه فاختلس الرجل المد فشربه فقال الراعي: مولاي مهلهل جوعان . فقال : اطعم مهلهل فذبح الراعي وجاء بالزاد فأخذ مهلهل لقمة منه واختلس الرجل الباقي فأكله ، فصرخ الراعي مولاي: مهلهل جوعان، فقال الفارس: زده ، فما زال يزيد حتى شبع الرجل وهو مختبئ وهويقول في نفسه أنتظر حتى منتصف الليل فأسرق الإبل ..
ثم نام الفارس والراعي والكهل ، وفي الليل ذهب الرجل إلى مراح الإبل وفك الفحل فسارت الإبل كلها خلفه وذهب في الصحراء وفي الصباح إستيقظ الفارس فلم يجد إبله فخرج في طلبه ، وفي الظهيره رأى الرجل نكته في الصحراء خلفه فعلم أنه الفارس فذهب يأوي إلى تله وأخفى فيها الإبل وربط الفحل ثلاث عقد فجاء الفارس فنادى يا أيها الرجل: إنزل : فقال لا إنك قاتلي . فأخذ الفارس سهما من كنانته وضرب على عقدة الفحل الأولى فحلها فقال له إنزل: فقال لا إنك قاتلي . فأخذ سهما ثانيا فضرب به العقده الثانيه فانحلت ، فقال: إنزل ، فقال : لا إنك قاتلي فأخذ سهما ثالثا فضرب العقده الأخيره فانحلت كل عقده فنزلت الإبل فقال له الفارس إنزل: قال الرجل:إنك قاتلي . فقال الفارس : " أو تظن يا رجل أني أقتل رجلا شارك مهلهلا ً طعامه وشرابه " فقال أو كنت تعلم: قال نعم . فنزل الرجل وعليه الأمان وأردفه الفارس خلفه . فقال الفارس للرجل : ما حملك على فعلتك هذه ، فقص عليه قصته ، فقال الفارس : والله يا رجل إن هذه الإبل لأخواتي وعماتي ، ولولا أني أخشى أن تعيرني العرب بسرقتها لتركتها لك ولكن أمكث قليلا معي حتى أغزو فأعطيك ما تريد لبناتك ، فمكث الرجل مع ذلك الفارس الشهم حتى غزا وأعطاه من الإبل ما يريد وزياده ، وعندما أراد الرجل ان يغادر سأله الفارس : من أين الرجل ؟ فقال: من يثرب ،فقال الفارس : وما أخبار يثرب؟ فقال الرجل : خرج فيها رجل يدعي أنه رسول ، قال : بم يأمر ؟ فأجابه ، وعن ماذا ينهى ؟ فأجابه ، فقال الفارس سأخرج لألتقي به ، فقال الرجل إذا ذهبت إليه فحييه بالسلام فإنه يحب هذه التحية ، ثم خرج الفارس إلى يثرب فجعل يسأل عن محمد صلى الله عليه وسلم حتى دل عليه ، فلما رآه قال : السلام عليكم ، فأجاب صلى الله عليه وسلم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، يا مرحبا بزيد الخيل ،فقال زيد : أو تعرفني يا محمد ؟فقال النبي : ومن لا يعرف زيد الخيل الفارس ألذي لم يقتل من شارك أباه طعامه وشرابه ؟فقال زيد : والله لا يعلم أحد من أهل الأرض بهذا ألأمر إلا الله ثم ذلك الرجل ، وأشهد ان لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن العرب تناديك بزيد الخيل وأنا أناديك بزيد الخير ، مرحبا بك يا زيد الخير..
فكان إسلام زيد الخير رضي الله عنه وأرضاه ومن الجنة أسكنه وأعطاه ،ثم ودع زيد القوم وودع رسول الله ولم يكن يعلم أنه سوف لن يرى محمد وصحبه إلا في الجنه ،ففي طريق عودته أصيب بالحمى رضي الله عنه حيث لم تبق عليه . وفاز بجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للذين سبقت لهم من ربهم الحسنى .. فرضي الله عنه و أرضاه ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ...