القضيـــــة الأحوازية بعــــد عاصفة الحـــــزم
محمد الأحوازي
بسم الله الرحمن الرحيم
لم يتوقع احد ولا حتى اشد المتفائلين ان يأتي الرد الخليجي مزلزلاً بهذه القوة ما شاء الله، ولا بهذا التنسيق الإقليمي الواسع (تركيا، باكستان، السودان،.... بالاضافة لباقي دول مجلس التعاون الخليجي دون عمان، وبالإضافة لمصر والاردن) ولا الموافقة الامريكية لتجد ايران نفسها حائرة وهي تمني نفسها بالاماني في مفاوضاتها النووية الحالية مع الغرب.
لقد سئم الخليجيون من مهاترات ايران والاعيبها وتعقد القضية اليمنية ونقض علي عبدالله صالح لتعهداته لهم وانقلابه عليهم وتحالفه مع الحوثيين عملاء ايران. كل ذلك بالإضافة للغرور الفارسي الذي رفض كل مناشدات دول مجلس التعاون الخليجي لتحكيم العقل وحفظ حسن الجوار لاجل التعايش السلمي. بل ان ملالي طهران أصبحوا يتبجحون علانية وعلى رؤوس الاشهاد كما حدث من خلال تصريحات المعمم يونسي وزير استخباراتهم الأسبق والمستشار الحالي لمرشدهم خامنئي والذي قال مفتخراً بأن إيران امبراطورية وعاصمتها بغداد!!! ناسياً رمزية بغداد عربياً واسلامياً واهميتها خليجياً وعربياً.
فما كان من بد سوى القيام بحرب خاطفة وبقصف جوي مركز لتدمير الالة العسكرية الحوثية والقوات المواليه للرئيس السابق علي عبدالله صالح. لكن هذه الحرب بدأت بذكاء وبسرية واذهلت العدو قبل الصديق واستغلت عنصري المفاجأة والمباغته لتبث الرعب في قلوب الحوثيين وعلي صالح الذي هرب من صنعاء، فهل تنتهي بهذه السهولة؟
لا أعتقد نهاية حرب كعاصفة الحزم سهلة نظراً لكون إيران التي وراء تدمير اليمن وامالهم معلقة عليها لتكون نقطة ارتكاز مهمة للسيطرة على شبة الجزيرة العربية ومضيق باب المندب وبالتالي اعلان قيامها كإمبراطورية كأمر واقع. فلن يكتفوا برد الصاع صاعين بل بتدمير عنيف يطال المملكة العربية السعودية وحلفائها. وأولى بوادر وعلامات ذلك الرد كان في البحرين التي تعاني من المظاهرات الشيعية المناوئه للحكومة السنية ولكن بشكل اقوى من ذي قبل. ومن هنا أصبح الصراع مذهبي طائفي مقيت سني شيعي واضح وجلي سيحرق الحرث والنسل ان لم يتم تدارك ابعاده وتبعاته بذكاء وحنكة.
وهنا يجب ذكر بعض المقارنات البسيطة بين جهود ملالي طهران الإرهابية في زرع الفتن والقلاقل داخل الدول العربية بدءاً من العراق للبنان وسوريا واليمن والبحرين وغيرهم بوتيرة اقل وضوحاً. مقابل سليمة ودبلوماسية الدول العربية في مطالبة ايران للاستماع للغة العقل. فايران شكلت وسلحت مليشيات شيعية مواليه لها منذ سنة 1982 عندما اسسوا حزب الله اللبناني ثم فيلق بدر العراقي اسماً فقط في ايران سنة 1985 ولازلت مستمرة بوتيرة سريعة جدا في ذلك الجهد المليشياوي المقيت خاصة في العراق في ظل تعدد التنظيمات التابعة لها وأخيرا وليس اخراً الحوثيين في اليمن. في حين لم تجند الدول العربية او تدرب او تأسس تنظيما عسكرياً واحداً لاسيما وان ايران دولة تحتل قوميات كثيرة في ضمن نطاق جغرافيتها الحالي مما يجعل تأسيس أي تنظيم سهلاً ومبني على عقائد وطنية وقومية ومذهبية احياناً كما في حالة البلوش والعرب الاحوازيين وغيرهم.
فالحرب الجوية لم تنه حربأ واحدة في التاريخ الحديث ولابد من الجهد والتحرك للقوات البرية لبسط نفوذها على الأرض. ومن هنا يجب ان تكون نهاية الحرب بدعم واسع للقوميات داخل ايران لأشغالها من الداخل وقطع تمويلها للحوثيين وللنظام السوري وعملائها الاخرين في العراق والبحرين وغيرهم. وبذلك تهدأ المنطقة مؤقتاً لحين تغيير الخارطة السياسية بدءاً بتحرير كامل التراب العربي الاحوازي لتحويل نظام الملالي إلى نظام هش داخل دولة قارية خلف جبال زاغروس ومنعه من التمتع واستغلال النفط الاحوازي الذي يعتبر شريان الاقتصاد لإيران حالياً.
فبدون تحرير الاحواز ستبقى إيران كابوساً جامثاً على قلوب وعقول الدول العربية عامةً والخليجية بشكل خاص، بل وجار سوء لا تؤمن تعهداته ومواثيقه. فسنة 1988 وبعدما أنهكت السعودية فتن إيران واستغلالها لمواسم الحج لبث المظاهرات لضرب النظام وزعزعته، قامت المملكة العربية السعودية بتصريح يتيم بالمطالبة بتحرير عربستان (الاحواز) وانضمامها للجامعة العربية والأمم المتحدة (دون مجلس التعاون الخليجي) مما اجبر ايران على الخضوع وتغيير سياستها مؤقتا ووقعت اتفاقيات مختلفة مع السعودية لتدخل المنطقة في سلام مؤقت اشعله احتلال العراق للكويت، ثم تحريرها دولياً بقيادة أمريكية التي بدورها امنت وجودها بمنطقة الخليج العربي وبكثافة ولايزال مستمراً لما شاء الله.
ولكن ايران عادت لمراوغاتها وفتنها مرة أخرى بعد ان ضعف النظام السياسي في العراق وخارت قواه العسكرية، ثم استغلت سقوط نظام صدام حسين سنة 2003 لتدخل بكل قواها وتملأ الفراغ الأمني والثقافي (بثقافتها الشيعية الصفوية) ولتحكم قبضتها العسكرية (من خلال مليشياتها الطائفية) والسياسية (من خلال الساسة الشيعة الخاضعين لها قلباً وقالباً) على العراق الذي اصبح اليوم حديقة خلفية لإيران ومرتعاً خصباً لها مستغلة كل طاقات العراق الاقتصادية والتجارية والجغرافية لصالحها وللهروب من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
فالتأريخ يثبت ان ايران دولة لا يؤمن غدرها وعنادها لا يتزحزح فمشكلة الجزر الاماراتيه الثلاثة معها مثلاً عالقة منذ أيام الشاه سنة 1971 ، فوجود نظام ملكي مثل الشاه او نظام الملالي الحالي المغاير له ايديولوجياً لم يغير النزعة التوسعية والعدوانية لهم ضد العرب والدول العربية. بل ان بغضهم التأريخي للعرب منذ أيام الخليفة عمر بن الخطاب الذي اغتاله فارسي لئيم عندما كان الخليفة يؤلم المصلين في صلاة الفجر غدراً ، فلم تنس ايران يوماً ان الخليفة عمر بن الخطاب هو من انهى دولتهم حسب تنبأ الرسول صل الله عليه واله وصحبه وسلم الذي قال "لا كسرى بعد كسرى".
بل ان معممين ايران يعتبرون اهل السنة والجماعة كافة مجرد خارجين عن الملة ويكفرونهم. مما يجعل البون شاسع بين العنصرية الفارسية المبنية على صفوية عدوانية لا تمت للاسلام بشيء وحاقدة على العرب والمسلمين من اهل السنة والجماعة وبين أنظمة عربية خليجية تتبع المذاهب السنية ومسالمة.
لكن الأنظمة السياسية الخليجية تنظر لانهاء عاصفة الحزن بحل سياسي سريع بعد ان تركع لهم ايران بعد هزائمها وهزائم عملائها في اليمن وسوريا (فقد بدأ الانتصار السريع في ادلب وتحريرها يشير لجهد سعودي إقليمي وتعاون مع تركيا). ولكن هذا منطقياً جائز ولكنه عملياً مستحيل. فرغم التوقيت الممتاز لبدء عاصفة الحزم التي جاءت متزامنة مع بدء المفاوضات النووية الإيرانية مع الدول الكبرى (5 + 1) مما جعل ايران تقدم تنازلات ولكنها محدودة وغير حاسمة للان. فهناك فهم الشخصية الإيرانية وفهم السياسات السابقة لنظام الملالي الذي انفق المليارات من الدولارات على مرتزقته بجهد عسكري وثقافي وطائفي ضخم جداً وتمويل مالي لا محدود لن يتنازل عن أحلامه وتطلعاته التوسعية وان حصل ذلك فسيكون مؤقتاً لحين تجميع قواهم ومفاجأة السعودية والدول الخليجية الأخرى برد انتقامي مزلزل مقابل لعاصفة الحزم.
فايران لها طابورها الخامس من الشيعة التابعين لها في الدول الخليجية لاسيما في المنطقة الشرقية في السعودية الغنية بثروات السعودية النفطية. والشيعة العرب والمستعربين يمتلكون ثروات وامكانيات اقتصادية ونفوذ اجتماعي ووجود عسكري غير اعتيادي قادرين بموجبها وبدعم من ايران بقلب الطاولة على الدولة الخليجية بلحظة واحدة. بل ان هناك طبقة من ذوي الأصول الفارسية الذين حصلوا على الجنسيات الخليجية ومن هم من اهل السنة والجماعة والتابعين لإيران سراً وهؤلاء أسوأ واخطر من الشيعة التابعين لإيران لانهم شبه مجهولين ولا تتوقع حكوماتهم الخليجية أي ضرر من طرفهم.
ويجب الإشارة هنا ان الشيعة العرب في الدول الخليجية والعراق ولبنان وان كان بعضهم مسالم ولا يتبع ايران سياسياً الا انهم تابعين لهم عقائدياً مما سيشكك في ولائهم لاوطانهم الخليجية والعربية التي يحملون جنسياتها. فتأثير الفتاوي للمراجع الشيعية كالسحر على اتباعهم وما المظاهرات والتوتر الحاصل في البحرين منذ قرابة خمس أعوام الا مثال واضح على ذلك.
فهل يتخذ القادة الخليجين القرار الصائب ويدعمون الاحوازيين دعم سياسي وعسكري ومالي وتخطيطاً لاستقلالها عن ايران لتقويض ايران ام انهم سيرتكبون غلطة صدام حسين الذي اذاق ايران الامرين في حرب الثمان سنوات لاسيما في سنواتها الثلاثة الأخيرة ولكن ايران بالمقابل تحتل العراق حالياً واعدمت صدام على ايدي عملائها وفي ليلة عيد الأضحى المبارك....
عاصفة الحزم في ايامها الأولى ولن تكشف اسرارها سريعاً وقرارتها لازالت ضمن المجهول وبدأت تظهر تباعاً مع امتداد عمر الحرب، وسنرى ما سيحدث لكن نهايتها لن تكون سهلة على الدول العربية بدون دعم القضية الاحوازية لانهاء الحرب بنتيجة مشرفة وبعيداً عن خسائر بشرية كبرى او مالية فادحة.
موقع عربستان الاحوازي
http://www.arabistan.org/articledeta...0#.VS7E09yUckY