يقول الميلاني في موقعه في جواب على احد السائلين عن حديث غدير خم ما يلي :-
ما الوجه في الاحتجاج به مع عدم تواتره؟
[حديث الغدير متواتر عندنا وعند الجمهور؛ فلذا يتمّ الاحتجاج به على الإمامة على أُصول الفريقين، وممّا يدلّ على ذلك:]
النواميس الطبيعية تقضي بتواتر نصّ الغدير.
عناية اللّه عزّ وجلّ به.
عناية رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم.
عناية أمير المؤمنين.
عناية الحسين.
عناية الأئمّة التسعة.
عناية الشيعة.
تواتره من طريق الجمهور.
حسبك من وجوه الاحتجاج هنا ما قلناه لك آنفاً ـ في المراجعة 24 ـ.
* على أنّ تواتر حديث الغدير ممّا تقضي به النواميس التي فطر اللّه الطبيعة عليها، شأن كلّ واقعة تاريخية عظيمة يقوم بها عظيم الأُمّة، فيوقعها بمنظر وبمسمع من الأُلوف المجتمعة من أُمّته من أماكن شتّى، ليحملوا نبأها عنه إلى مَن وراءهم من الناس، ولا سيّما إذا كانت من بعده محلّ العناية من أُسرته وأوليائهم في كلّ خلف، حتّى بلغوا بنشرها وإذاعتها كلّ مبلغ، فهل يمكن أن يكون نبؤها ـ والحال هذه ـ من أخبار الآحاد؟! كلاّ بل لابُدّ أن ينتشر انتشار الصبح، فينظم حاشيتي البرّ والبحر (ولن تجد لسُنّت اللّه تحويلاً)(1).
* إنّ حديث الغدير كان محلّ العناية من اللّه عزّ وجلّ؛ إذ أوحاه تبارك وتعالى إلى نبيّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وأنزل فيه قرآناً يرتّله المسلمون آناء الليل وأطراف النهار، يتلونه في خلواتهم وجلواتهم، وفي أورادهم وصلواتهم، وعلى أعواد منابرهم، وعوالي منائرهم: (يا أيّها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته واللّه يعصمك من الناس)(2)، فلمّا بلّغ الرسالة يومئذ بنصّه على عليّ بالإمامة، وعهده إليه بالخلافة، أنزل اللّه عزّ وجلّ عليه: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً)(3)، بخ بخ (ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء)؛ إنّ من نظر إلى هذه الآيات، بخع لهذه العنايات.
* وإذا كانت العناية من اللّه عزّ وجلّ على هذا الشكل، فلا غرو أن يكون من عناية رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ما كان، فإنّه لمّا دنا أجله، ونعيت إلى نفسه، أجمع ـ بأمر اللّه تعالى ـ على أن ينادي بولاية عليّ في الحجّ الأكبر على رؤوس الأشهاد، ولم يكتف بنصّ الدار يوم الإنذار بمكّة، ولا بغيره من النصوص المتوالية، وقد سمعت بعضها، فأذّن في الناس قبل الموسم أنّه حاجّ في هذا العام حجّة الوداع، فوافاه الناس من كلّ فجّ عميق، وخرج من المدينة بنحو مئة ألف أو يزيدون(4)..فلمّا كان يوم الموقف بعرفات نادى في الناس: عليّ منّي، وأنا من عليّ، ولا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو عليّ(5).
ولمّا قفل بمن معه من تلك الألوف وبلغوا وادي خمّ، وهبط عليه الروح الأمين بآية التبليغ عن ربّ العالمين، حطّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم هناك رحله، حتّى لحقه من تأخّر عنه من الناس ورجع إليه من تقدّمه منهم، فلمّا اجتمعوا صلّى بهم الفريضة، ثمّ خطبهم عن اللّه عزّ وجلّ، فصدع بالنصّ في ولاية عليّ، وقد سمعت شذرة من شذوره، وما لم تسمعه أصحّ وأصرح، على أنّ في ما سمعته كفاية..
وقد حمله عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كلّ مَن كان معه يومئذ من تلك الجماهير، وكانت تربو على مئة ألف نسمة من بلاد شتّى.
فسُنّة اللّه عزّ وجلّ التي لا تبديل لها في خلقه تقتضي تواتره، مهما كانت هناك موانع تمنع من نقله، على أنّ لأئمّة أهل البيت طرقاً تمثّل الحكمة في بثّه وإشاعته.
* وحسبك منها ما قام به أمير المؤمنين أيّام خلافته؛ إذ جمع الناس في الرحبة فقال: أُنشد اللّه كلّ امرئ مسلم سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يقول يوم غدير خمّ ما قال، إلاّ قام فشهد بما سمع، ولا يقم إلاّ من رآه بعينيه وسمعه بأذنيه.فقام ثلاثون صحابياً فيهم اثنا عشر بدرياً، فشهدوا أنّه أخذه بيده، فقال للناس: أتعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟! قالوا: نعم، قال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: مَن كنت مولاه فهذا مولاه، اللّهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه... الحديث.
وأنت تعلم أنّ تواطؤ الثلاثين صحابياً على الكذب ممّا يمنعه العقل، فحصول التواتر بمجرّد شهادتهم ـ إذن ـ قطعي لا ريب فيه، وقد حمل هذا الحديث عنهم كلّ مَن كان في الرحبة من تلك الجموع، فبثّوه بعد تفرّقهم في البلاد، فطار كلّ مطير.
ولا يخفى أنّ يوم الرحبة إنّما كان في خلافة أمير المؤمنين، وقد بويع سنة خمس وثلاثين، ويوم الغدير إنّما كان في حجّة الوداع سنة عشر، فبين اليومين ـ في أقلّ الصور ـ خمس وعشرون سنة، كان في خلالها طاعون عمواس، وحروب الفتوحات والغزوات على عهد الخلفاء الثلاثة..
لقد بايع الخليفة ابو بكر الصديق هؤلاء المائة الف من الصحابة فهل تواطؤ على تكذيب الرسول ولم يمضي الا وقت يسير على حادثة غدير خم..........
وهل تواطؤ ثلاثين صحابيا لا يقبله عقل وتواطؤ مائة الف تقبله عقولكم.....!!!!!!!!!!