طبعاً الإسماعيلية ينصون على عبادة العقل الأول وانه منتهى وغاية دعوتهم و مرادهم لأنه في ملتهم ليس دون الله ونصوصهم ظاهرة للجميع في ذلك ...وسبب قولهم ذلك أنهم يعتقدون بأن الله خلق مثيلاً له 100% لدرجة أنه يستوي فيه القول بأن الله خلقه أو أنه خلق الله ..ولك أن تقول بأن العقل الأول خلق مثل خلق الله فخلق النفس ..ولك أن تقول بأن العقل الأول خلق نفسه بنفسه ....تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً.....وهذا القول كفر وشرك بالله وهو قول بتسلسل الألهة....وهو ممتنع نقلاً وعقلاً ...فالنقل قوله تعالى : (وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ) لم يكن له مثل ولا عديل وقوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) وفيها نفي المثيل والرد على المعطلة وقوله تعالى: (( رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً) نفي الشريك له او المثيل له...
وعقلاً انه لن يخلق مثيلاً له إلا ان يكون مخلوقاً ...
فالمخلوق إما ان يستطيع غيره خلق مثيلاً له....وهذا محل إجماع نقلأً وفطرةً و عقلاً ان من يستطيع غيره خلق مثيلاً له أنه مخلوق وحادث.....والله هو وحده من يستطيع خلق مثيلاً لك ولي ولجميع الأنس والجن والملائكة والسماوات والأرض وما بينهما بل ويستطيع خلق خلق أخر غير المعروف لنا بالنظر والمشاهدة....ومن يقول بأنه يخلق مثل خلق الله ابتداءً او إنتهاءً فهو طاغوت زنديق قائل بأنه الله وقائل بوجود خالق لله تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً...
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ بِٱلْحَقِّ ۚ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍۢ جَدِيدٍۢ)
القسم الثاني:
من يخلق مثيلاً له .. وهذا كذلك محل إجماع من أمة الإسلام قاطبة إلا الزنادقة الذين ينتسبون للإسلام كذباً وزوراً فمن يخلق مثيلاً له فإنه مخلوق نقلاً وعقلاً وفطرةً ...فالنقل هو ما قدمته من الآيات الكريمة التي فيها إثبات أن الله غير مخلوق وانه لانظير ولا سمي ولا شريك له ...وكذلك جميع الآيات بل جميع ما في القرآن الكريم يدل دلالة قطعية على ان الله ليس له مثيل وعلى أن الله واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد فكيف يخلق الله مثيلاً له....بل القول بأن الله خلق له مثيلاً هو قول من بدل دين انبياء الله ورسوله عليهم الصلاة والسلام وقد ذكر الله ذلك في القرآن الكريم فاليهود تقول بأن عزير أبن الله والنصارى تقول بأن المسيح ابن الله وكلا هما يقول بأن عزير والمسيح هما الله في دينهم والعياذ بالله ..والباطنية تقول بقول أعداء انبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام ولكن بتغيير لا يختلف عن حقيقة قولهم فهم يقولون بأن اليهود والنصارى تقول بخلق الله من البشر كما في عزير والمسيح وهم يقولون بأن الله خلق من نفسه مثيلاً له وهذا ممتنع كما ذكرت لك عقلاً واتى إبطاله في الشرع في مثل قوله تعالى في سورة الإخلاص:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)
فهذه السورة تثبت أن الله صمد غير قابل للإنقسام أو الولادة وتقطع علائق من يقول بتعدد الألهة مثل صريح قول الإسماعيلية و بالإلحاد مثل القول بتسلسل الألهة والعياذ بالله الذي هو حقيقة قول الإسماعيلية بتعدد الألهة في نظري...ومثل القول بقدم العالم وانه لا خالق له ...او القول بأنه خلق نفسه بنفسه والعياذ بالله وقد قدمت أن من قال عن شيء بأنه خلق نفسه بنفسه فإنه قائل بأن هذا الشيء هو الله تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً وهو موافق لأصول أهل السنة الصحيحة الصريحة وللعقل الصحيح من أن من جعل لغير الله ما هو من خصائص الله فهو قائل بأن لله مثيلاً تعالى الله عن قول الزنادقة الملاحدة علواً كبيراً....وليس معنى هذه القاعدة الصحيحة أن الله خالق لذاته او صفاته لا أبداً بل معناها أن الله هو الخالق لكل مخلوق فمن يقول بأن المخلوق خلق نفسه أو المُبدَع ابدع نفسه فهو قائل بأن الله مخلوق ومُبدَع والعياذ بالله وهي شبهة الشيطان الرجيم والعياذ بالله من الشيطان الرجيم ومن قوله الخبيث....
ومما يقطع علائق كفرهم وزندقتهم وإلحادهم قول رسول الله عليه الصلاة والسلام:
لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال : هذا ، خلق الله الخلق ، فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل : آمنت بالله . وفي رواية : يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق السماء ؟ من خلق الأرض ؟ فيقول : الله ثم ذكر بمثله . وزاد : ورسله
الراوي: أبو هريرة المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 134
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وفي الحديث أنها قول الشيطان وشبهته وهو دينهم بل ويزيدون على سؤال الشيطان جواباً يصححون به قول ابليس إمامهم في الكفر بل إبليس محتاج لهم في تقرير كفره وشبهته على عباد الله بأن من خلق الله في دينهم هو الله وهم يعلمونه أتباعهم فهم يقولون بأن العقل الأول هو الله وهو منتهاهم وغايتهم ويجعلونهم يعتقدون بأن من خلق العقل الأول هو مثيل للعقل الأول وينصون على أن العقل الأول مخلوق من مثيل له قبله...فيثبتون تسلسل الألهة بدلاً من تسلسل الحوادث الذي هو موافق لشهادة التوحيد(لا إله إلا الله) ولا يخالف حديث بداء الخلق الثابث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بل موافق له ولإصل الدين (لا إله إلا الله)...
ونخلص لمسئلة هادمة لدينهم وهي:
انهم يقولون بأن العقل الأول اول الحوادث وانه لم يسبقه حادث ....ومن البيان الذي تم اثبتنا بأن الله الذي خلق العقل الأول في دينهم او ابدعه كما يقولون مبدَع وحادث (والمبدع حادث ومخلوق في دين الله وفي العقل والفطرة كذلك) وصدقوني انهم لا يستطيعون الجواب والسبب إن الشيطان إبليس ليس لديه جديد في حربه على دين الله بل هي نفس الشبه القديمة يصوغها بصورة جديدة .....و كذلك أهل التوحيد أهل السنة والقرآن ليس لديهم جديد في رد الكفر الذي يأتي به الشيطان ولكنه يصوغ شبهته بصورة أخرى ونحن نصوغ رد علمائنا أهل السنة و حجج القرآن بصورة أخرى....تبين لهم أنهم ليسوا على دين الله الذي ارسل به رسله عليهم الصلاة والسلام وانهم اتباع الشيطان الرجيم نعوذ بالله منه ومن أتباعه ....
فلن يستطيعوا إثبات أن في دينهم فوق العقل الأول إله بل يصلون لما وصل له الشيطان من التشبيه على عباد الله بأن الله مخلوق فقط ...ونحن نصل لما اخبرنا به رسول الله عليه الصلاة والسلام من أن الله غير مخلوق وانهم كفرة يعبدون غير الله(العقول والكواكب) وانهم خارجون من دين الله جملةً وتفصيلاً ....