هل خالفت أمنا عائشة قوله تعالى
( وقرن في بيوتكن )
كما يزعم الزملاء الشيعه بأن امنا عائشة خالفت قوله عز وجل
( وقرن في بيوتكن)
والله عز وجل يقول
(لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) ((
فهل هناك تعارض بين الآيتين
يقول ابن العربي: « وأما خروجها إلى حرب الجمل فما خرجت لحرب، ولكن تعلق الناس بها وشكوا إليها ما صاروا إليه من عظيم الفتنة وتهارج الناس، ورجوا بركتها في الإصلاح وطمعوا في الاستحياء منها إذا وقفت للخلق، وظنت هي ذلك، فخرجت مقتدية بالله في قوله:
{لاخير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس}(1) وبقوله:
{وإن طائفتان من المؤمنين أقتتلوا فأصلحوا بينهما}(2) والأمر بالإصلاح ، مخاطب به جميع الناس من ذكر أو أنثى حر أو عبد...».(3)
وقد صرحت عائشة نفسها بأن هذا هو سبب خروجها، كما ثبت ذلك عنها في أكثر من مناسبة وفي غيرما رواية.
فروى الطبري أن عثمان بن حنيف - رضي الله عنه - وهو والي البصرة من قبل علي بن أبي طالب أرسل إلى عائشة -رضي الله عنها- عند قدومها البصرة من يسألها عن سبب قدومها، فقالت: ( والله ما مثلي يسير بالأمر المكتوم، ولا يغطّي لبنيه الخبر، إن الغوغاء من أهل الأمصار، ونزاع القبائل، غزوا حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأحدثوا فيه الأحداث، وآووا فيه المحدثين، واستوجبوا فيه لعنة الله ولعنة رسوله مع ما نالوا من قتل إمام المسلمين بلا ترة ولا عذر، فاستحلوا الدم الحرام فسفكوه، وانتهبوا المال الحرام، وأحلوا البلد الحرام، والشهر الحرام، ومزقوا الأعراض والجلود، وأقاموا في دار قوم كانوا كارهين لمقامهم، ضارين مضرين غير نافعين ولا متقين، ولا يقدرون على امتناع ولا يأمنون، فخرجت في المسلمين أعلمهم ما أتى هؤلاء القوم وما فيه الناس وراءنا، وما ينبغي لهم أن يأتوا في إصلاح هذا، وقرأت:
{ لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس}(4) فنهض في الإصلاح ممن أمر الله عز وجل ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصغير والكبير والذكر والأنثى، فهذا شأننا إلى معروف نأمركم به ونحضكم عليه، ومنكر ننهاكم عنه ونحثكم على تغيــــيره).(5)
ــــــــــ
(1) سورة النساء آيه 114.
(2) سورة الحجرات آيه 9.
(3) أحكام القرآن 3/569-570.
(4)سورة النساء آيه 114.
(5)تاريخ الطبري 4/462.
وايضااا ......
وروى ابن حبان أن عائشة -رضي الله عنها- كتبت إلى أبي موسى الأشعري والي علي على الكوفة: (فإنه قد كان من قتل عثمان ما قد علمت، وقد خرجت مصلحة بين الناس، فمر من قبلك بالقرار في منازلهم، والرضا بالعافية حتى يأتيهم ما يحبون من صلاح أمر المسلمين).(1( ولما أرسل علي القعقاع بن عمرو لعائشة ومن كان معها يسألها عن سبب قدومها، دخل عليها القعقاع فسلم عليها، وقال: ( أي أُمة ما أشخصك وما أقدمك هذه البلدة؟ قالت: أي بنيّ إصلاح بين النـــاس).(2)
وبعد انتهاء الحرب يوم الجمل جاء علي إلى عائشة -رضي الله عنها- فقال لها: (غفر الله لك، قالت: ولك، ما أردت إلا الإصلاح).(3)
فتقرر أنها ما خرجت إلا للإصلاح بين المسلمين، وهذا ((سفر طاعة)) لا ينافي ما أمرت به من عدم الخروج من بيتها، كغيره من الأسفار الأخرى التي فيها طاعة لله ورسوله كالحج والعمرة.
ـــــــ
(1) الثقات لابن حبان 2/282.
(2) تاريخ الطبري 4/488، والبداية والنهاية لابن كثير 7/248.
(3) نقله ابن العماد في شذرات الذهب 1/42، وروى هذا الأثر بدون قولها: ( ما أردت إلا الإصلاح) الطبري في تأريخه 4/534
وايضااا......
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في هذه المسألة: ( فهي -رضي الله عنها- لم تتبرج تبرج الجاهلية الأولى، والأمر بالاستقرار في البيوت لا ينافي الخروج لمصلحة مأمور بها، كما لو خرجت للحج والعمرة، أو خرجت مع زوجها في سفره، فإن هذه الآية قد نزلت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وقد سافر بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك كما سافر في حجة الوداع بعائشة -رضي الله عنها- وغيرها وأرسلها مع عبد الرحمن أخيها فأردفها خلفه، وأعمرها من التنعيم، وحجة الوداع كانت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأقل من ثلاثة أشهر بعد نزول هذه الآية، ولهذا كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يحججن كما كن يحججن معه في خلافة عمر- رضي الله عنه - وغيره، وكان عمر يوكل بقطارهن عثمان، أو عبد الرحمن بن عوف، وإذا كان سفرهن لمصلحة جائزاً،فعائشة اعتقدت أن ذلك السفر مصلحة للمسلمين فتأولت في ذلك».(1)
وأما قول الرافضي: استباحت قتال خليفة المسلمين ... فقد تقدم إنها ما خرجت لذلك، وما أرادت القتال، وقد نقل الزهري عنها أنها قالت بعد موقعة الجمل: (إنما أريد أن يحجز بين الناس مكاني، ولم أحسب أن يكون بين الناس قتال، ولو علمت ذلك لم أقف ذلك الموقف أبداً).(2)
ولهذا ندمت -رضي الله عنها- بعد ذلك ندماً عظيماً على شهود موقعة الجمل، على ماروى ابن أبي شيبة عنها أنها قالت:
( وددت أني كنت غصناً رطباً، ولم أسر سيري هذا ).(3)
وفي الكامل لابن الأثير أنها قالت للقعقاع بن عمرو: ( والله لوددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة ).(4 (
وموقف عائشة -رضي الله عنها- هذا هو موقف علي - رضي الله عنه - من الحرب بعد وقوعها.
فقد روى ابن أبي شيبة: أن علياً قال يوم الجمل: ( اللهم ليس هذا أردت، اللهم ليس هذا أردت ).(5)
وعنه - رضي الله عنه - أنه قال: ( وددت أني كنت مت قبل هذا بعشرين ســـنة ).(6)
فثبت بهذا أن عائشة -رضي الله عنها- ما أرادت القتال أولاً، وندمت أن شهدته بعد وقوعه، فلئن كان ذنباً فهو مغفور لها من وجهين: بعدم القصد، وبالتوبة منه، هذا مع ما ثبت أنها خرجت لمقصد حسن وهو الصلح بين المسلمين، فهي بذلك مأجورة على قصدها مغفور لها خطؤها.
ــــــــــ
(1)منهاج السنة 4/317-318.
(2) المغازي للزهري ص154.
(3) المصنف لابن أبي شيبة 7/543.
(4) الكامل في التاريخ 3/254.
(5) المصنف لابن أبي شيبة 7/541.
(6) المصدر نفسه 7/544، والكامل لابن الأثير 3/254.
وايضااا.......
وموقف علي - رضي الله عنه - من الحرب دليل على أنه يرى أنها حرب فتنة، ولهذا تمنى لو لم يدخلها، وأنه مات قبلها بعشرين سنة، وذلك لاشتباه الأمور فيها، ولكونه لم يظهر له أن في قتال مخالفيه يوم الجمل حقاً ظاهراً، ولو أنه كان يعتقد في مخالفيه ما يعتقده الرافضة فيهم من الكفر والردة عن الإسلام بحربهم لعلي - رضي الله عنه -، فإنه لو كان يعتقد فيهم هذا لما ندم على قتالهم ذلك الندم العظيم، ولفرح بقتلهم وقتالهم لما في ذلك من عز الإسلام وقمع أعدائه، ولما فيه من الأجر العظيم. كما حصل ذلك منه بعد قتال الخوارج -مع كونه لا يعتقد كفرهم- إلا أنه فرح بقتالهم فرحاً عظيماً، وكبر الله سروراً بقتلهم لمّا تأكد له وصفهم، الذي عهد به رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك وجود ذي الثدية فيهم، على ما جاء ذلك مخرجاً في الصحيحين.(1)
وفي هذا أكبر رد على هؤلاء الرافضة الطاعنين في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المتهمين لهم بالعظائم، فلو كان لهم عقول لما حادوا عن موقف علي من مخالفيه الذي لم يكن يتهمهم في دينهم، ولا يذمهم بشيء مما يتشدق به هؤلاء الأفاكون المجرمون ، بل ثبت ثناؤه عليهم، ووصفه لهم بالإيمان والتقوى، واستغفاره لهم، كما تقدم نقل ذلك مفصلاً فيما قد سبق من البحث(2) وكما مر قريباً استغفاره لعائشة واستغفارها له(3) فرضي الله عنهم جميعاً.
وأما طعن الرافضي في أم المؤمنين عائشة بقول عمار: ( والله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة، ولكن الله تبارك وتعالى ابتلاكم بها ليعلم إياه تطيعون أم هي )
فالرد عليه: أن ليس في قول عمار هذا ما يطعن به على عائشة -رضي الله عنها- بل فيه أعظم فضيلة لها، وهي أنها زوجة نبينا صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، فأي فضل أعظم من هذا، وأي شرف أسمى من هذا، فإن غاية كل مؤمن رضا الله والجنة، وعائشة -رضي الله عنها- قد تحقق لها ذلك بشهادة عمار - رضي الله عنه - الذي كان مخالفاً لها في الرأي في تلك الفتنة، وأنها ستكون في أعلى الدرجات في الجنة بصحبة زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما شهد لها بذلك علي نفسه بعد انتهاء حرب الجمل على ما نقل الطبري أنه جاءها فأثنت عليه خيراً وأثنى عليها خيراً(4) وكان فيما قال: ( أيها الناس صدقت والله وبرّت... وإنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة ).(5)
وبهذا قد جاء الحديث الصحيح المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم على ما روى الحاكم في المستدرك من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: ( أما ترضين أن تكوني زوجتي في الدنيا والآخرة، قالت: بلى والله ، قال: فأنت زوجتي في الدنيا والآخرة(6)
______________________________
(1) انظر: صحيح البخاري: ( كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام ) فتح الباري 8/617-618، ح3610، وصحيح مسلم: ( كتاب الزكاة، باب التحريض على قتل الخوارج ) 2/748-749.
(2)انظره ص 243-247.
(3) تقدم ص444.
(4) تقدم نقل ذلك ص 245 .
)5) تاريخ الطبري 4/544.
(6) رواه الحاكم في المستدرك 4/10، وقال: « حديث صحيح ولم يخرجاه» وقال الذهبي في التلخيص المطبوع في حاشية المستدرك: «صحيح» كما أورد هذا الحديث مصطفى العدوي في كتابه الصحيح المسند من فضائل الصحابة وحكم بصحة الحديث ص356.
اذا تبي تتأكد اكثر لاني انا ماجبت لك كل شي الا القليل
ادخل على هذا الرابط ..
http://alsrdaab.com/vb/showthread.php?t=54087