بدايةً القرآن ينسخ القرآن والسنة تنسخ السنة وتفسر القرآن .. وكل ما صح من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن الله تبارك وتعالى قاله .. ولا يمكن أن نترك نسخ رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحريمها إلى يوم القيامة ونغُضّ الطرف عنها .. وأنت من نقلك أثبت صحة الأحاديث المروية من كتب أهل السنة والجماعة ولم تنكرها! .. ولكنك تضرب بها عرض الحائط! مع أن حديث النهي الصريح روي عن طريق عليٍّ رضي الله عنه رغم ما أفتى به حبر الأمة ابن عباسٍ رضي الله عنهما بجوازها للمضطر وفي أوقات الجهاد! .. مع أن ابن عباس لم يحكم بإباحتها مطلقاً وأنه قال هي للمضطر! .. وقد قيل لابن عباس: ( لقد سارت بفتياك الركبان، وقال فيها الشعراء"، يعني المتعة، فقال: "والله بهذا أفتيت وما هي إلا كميتة لا تحمل إلا للمضطر ) انظر: فتح الباري في شرح صحيح البخاري (9/171). وانظر: للبيهقي في كتاب النكاح: باب نكاح المتعة (7/205).
وممن أنكر عليه بشدة خليفة المسلمين وسيدٌ من سادتنا وإمامٌ من أئمتنا عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه حيث قيل له: ( إن ابن عباس لا يرى في متعة النساء بأساً ). فقال: ( إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - نهى عنها يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الإنسية ). كما جاء ذلك في البخاري، وكذلك أنكر عليه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وقد تراجع عن فتواه حبر الأمة ابن عباس ٍ رضي الله عنهما حيث نقل الترمذي والطبراني وابن حجر رحمهم الله رجوعه عن فتواه في جواز المتعة حتى للمضطر. انظر: فتح الباري في شرح صحيح البخاري (9/173). وأيضاًَ نقل القرطبي عن ابن العربي جزمه بثبوت رجوع ابن عباس عن فتواه في المتعة. انظر: الجامع في أحكام القرآن للقرطبي. (5/87). وأيضاً ذكر الترمذي بعد حديثعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه المعروف في النهي عن المتعة فقال: ( والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم - وغيرهم, وإنما روي عن ابن عباس شيء من الرخصة في المتعة ثم رجع عن قوله، حيث أُخبر عن النبي– صلى الله عليه وسلم ). انظر : سنن الترمذي (3/430).
وأيضاً جاء في الحديث الصحيح حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عبدالله والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر الإنسية ). انظر: صحيح مسلم: 1407. وللتوضيح أن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قبل الرجوع عن فتواه لم يبلغه المنع حيث أنه يبيح المتعة بالنساء وكذلك لحوم الحمر الأهلية! والحديث الذي روي عن طريق سيدنا عليٍّ رضي الله عنه كان يختص بتحريم المتعة ولحوم الحمر الأهلية! .. فأول من رد على فتوى ابن عباسٍ رضي الله عنهما هو عليٌّ رضي الله عنه وأرضاه؟! ولم تنكر أنت هذا الحديث بل قمت بالنسخ واللصق بدون ما تعلّق عليه ولو مجازاً!
ومتى أنتم أخذتم بقول الله سبحانه وتعالى حتى تأخذوا أنتم حكمها من كتابه؟! .. أم هو ديدن الشهوة التي ما وافق أهوائكم قول الله عز وجل أخذتم به وما خالفها ضربتم به عرض الحائط؟! .. وإذا كنت تأخذ بما قال الله سبحانه وتعالى وترمي بما دونه فإني ألزمك بمبايعة الخلفاء الراشدين المهديين والترضي عن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين كما أثنى الله عليهم وترضّى عنهم في كتابه العظيم: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) الفتح آية 29.
ختاماً:
في الحديث الصحيح عن الربيع بن سبرة بن معبد الجهني عن أبيه أنه غزى مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة، فقال: ( يا أيها الناس، إني كنت قد أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فيخل سبيلها، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً ). انظر: صحيح مسلم كتاب النكاح: باب نكاح المتعة ح (1406).وفي هذا الحديث ثبوت التحريم نهائياً والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: ( وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة ). وقد ذكر الإمام الشافعي رحمه الله هذه المسألة فقال: ( لا أعلم شيئاً أحله الله ثم حرمه ثم أحله ثم حرمه إلا المتعة ). المغني 10/47.
وفي ختام قولك .. وبيان جهلك .. قلت: ( بأن زواج المتعة طيب ) .. فكيف يكون طيباً وهو يضرب الأنساب بالأنساب؟! .. فلا الولد يوقن من والده .. ولا الوالد يوقن من ولده .. فيكون ضياع النسب واضحاً وموجوداً يحيك بالنفس .. واعلم أنه الزنا بعينه ولم أقلها أنا بل قالها الأئمة رضوان الله عليهم أجمعين وفي كتبكم ما يثبت ذلك .. فقد جاء عن الإمام الصادق في المتعة قال: ( ذلك زنا ). وعن الباقر قال: ( هي الزنا بعينه ). وروى الكليني بإسناده عن المفضل ابن عمر قال سمعت أبا عبد الله يقول: ( دعوها، أما يستحي أحدكم أن يُرى في موضع العورة، فيُحمل ذلك على صالحي إخوانه وأصحابه ). انظر: خلاصة الإيجاز للشيخ المفيد (57). وجواهر الكلام للشيخ الجواهري (30/ 151 .. وعن الصادق أيضاً أنه سئل عن المتعة فقال: ( وما تفعلها عندنا إلا الفواجر ). انظر: زواج المتعة للشيخ جعفر مرتضى (2/ 133). وسائل الشيعة للحر العاملي ((21/30).
أستزيدك أم أتوقف؟!