العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات الخاصة > منتدى مقالات الشيخ سليمان بن صالح الخراشي رحمه الله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-12-13, 05:09 PM   رقم المشاركة : 1
سليمان الخراشي
حفظه الله







سليمان الخراشي غير متصل

سليمان الخراشي is on a distinguished road


لماذا جاء الشرع بالتشديد مع أهل البدع في مقابل الحاكم المسلم الجائر ؟!

بسم الله الرحمن الرحيم

قال لي صاحبي : لقد أشكل عليّ تشديد الشرع مع أهل البدع ، في مقابل النصوص الواردة في لزوم طاعة الحاكم المسلم الجائر – رغم ظلمه واستئثاره - ، ولنأخذ " الخوارج " نموذجًا لأهل البدع ، فقد جاءت أحاديث كثيرة صحيحة في الذم الشديد لهم ، والأمر بقتلهم ؛ منها قوله صلى الله عليه وسلم : " سيكون في أمتي اختلافٌ وفرقةٌ، قومٌ يُحسنون القيل ويسيئون الفعل، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدِّين مروق السهم من الرميّة، لا يرجعون حتى يرتدَّ على فُوقه، هم شرُّ الخلق والخليقة، طوبى لمن قتلهم وقتلوه يدعون إلى كتاب اللّه وليسوا منه في شىء، من قاتلهم كان أولى باللّه تعالى منهم " أخرجه الإمام أحمد في المسند ، وأبو داود .
ومنها : قوله صلى الله عليه وسلم : " يخرج في هذه الأمة قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز حلوقهم، أو حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرميَّة " أخرجه البخاري وقال : ( وكان ابن عمر يراهم شرار خلق الله ) .
ومن أعجبها حديث سعيد بن جُهمان – الذي لعله أشكل عليه ما أشكل عليّ - قال: أتيتُ عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه فسلّمت عليه، فقال لي: مَن أنت؟ فقلت: أنا سعيد ابن جُهمان، قال: فما فعل والدك؟ قلت: قتلَتْه الأزارقة – فرقة من الخوارج - فقال: لعن الله الأزارقة! لعن الله الأزارقة! حدَّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم: ( كلاب النار ) ، قال: قلت: الأزارقة وحدهم أم الخوارج كلها؟ قال: بل الخوارج كلها، قال: قلت: فإن السُلطان يظلم الناسَ ويفعل بهم، قال: فتناول يدي فغمزها بيده غمزة شديدة ثم قال: " ويحك يا ابن جُهمان! عليك بالسواد الأعظم، عليك بالسواد الأعظم، إن كان السلطان يسمع منك فأْتِهِ في بيته فأخبره بما تعلم، فإن قَبِل منك وإلا فدَعْهُ .
قال صاحبي : جاءت هذه الأحاديث بالتشديد معهم ، رغم أن بدعة الخوارج كما يقول ابن تيمية ( هي من سوء فهمهم للقرآن ، ولم يقصدوا معارضته ، لكن فهموا منه ما لم يدل عليه ) .
في مقابل هذا نجد الأحاديث الكثيرة الصحيحة الآمرة بعدم قتال ولاة أمور المسلمين ، وإن جاروا وظلموا .

قلت له : أما عن أهل البدع ؛ فالمقصد الحسَن لا يُسوّغ لصاحبه أن يتبنى ما يُخالف عقيدة الصحابة رضي الله عنهم وإن رآه حسَنًا ، وإلا لأصبح الأمر فوضى ؛ لأن كلاً سيقول برأيه في الدين ، والله يقول : ( أفمن زُين له سوء عمله فرآه حسنا ) ، ويقول عن الكفار : ( ويحسبون أنهم مهتدون ) ، وما حدثت البدع إلا جراء عدم الالتزام بفهم الصحابة رضي الله عنهم ، الذي تلقوه عن نبينا صلى الله عليه وسلم ، والذين قال الله عنهم : ( فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا ) .
أما استشكالك السابق ، فقد وجدت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى ( 14 / 268 ) أزال هذا الإشكال الذي قد يرد على قلوب البعض ، كما هي عادته رحمه الله في لطائفه وفوائده .
حيث قدّم بمقدمة عن أنواع الشر الجزئي والشر العام ، وأنه ليس إذا وقع في المخلوقات ما هو شر جزئي بالإضافة ، يكون شرًا كليًا عامًا ، بل الأمور العامة الكلية لا تكون إلا خيرًا ، ومصلحةً للعباد ؛ كالمطر العام ، وكإرسال رسول عام ، وهذا الأمر مما يقتضى أنه لا يجوز أن يؤيد الله كذابًا عليه بالمعجزات التي أيد بها أنبياءه الصادقين ، فان هذا سيكون شرًا عامًا للناس ، حيث يُضلهم هذا المتنبئ ، ويُفسد عليهم دينهم وديناهم وآخرتهم .
ثم قارن بين هذا الشر العام الذي سيلحق العباد من جراء تأييد المتنبئ الكذاب ، والشر الجزئي الذي يكون مع الحكام الظلمة .
فقال : ( وليس هذا كالملك الظالم ؛ فإن الملك الظالم لابد أن يدفع الله به من الشر أكثر من ظلمه ، وقد قيل : " ستون سنة بإمام ظالم خير من ليلة واحدة بلا إمام " ، وإذا قُدِّر كثرة ظلمه ، فهو كالمصائب التي تكون كفارة لذنوب الناس ، ويثابون عليها ، ويرجعون فيها إلى الله ، ويستغفرونه ، ويتوبون إليه ، و مثل هذا كذلك ما يُسلط عليهم من العدو.
فهو شرٌ جزئي .
وأما من يكذب على الله ويدعي أنه نبي ، فلو أيده الله تأييد الصادق ؛ للزم أن يُسوى بينه وبين الصادق ، فيستوي الهدى والضلال ، والخير والشر ، وطريق الجنة وطريق النار ، ويرتفع التمييز بين هذا وهذا ، وهذا مما يوجب الفساد العام للناس في دينهم و ديناهم و آخرتهم .
ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتال من يُقاتل على الدين الفاسد من أهل البدع ؛ كالخوارج ، وأمر بالصبر على جور الأئمة ، و نهى عن قتالهم ، والخروج عليهم .
ولهذا قد يُمكن الله كثيرًا من الملوك الظالمين مدة .
وأما المتنبؤن الكذابون فلا يُطيل تمكينهم ، بل لابد أن يُهلكهم ؛ لأن فسادهم عام في الدين والدينا والآخرة ؛ كما قال تعالى : ( ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين ) ، وقال تعالى : ( أم يقولون افترى على الله كذبًا فان يشأ الله يختم على قلبك ) ، فأخبر أنه بتقدير الافتراء لابد أن يُعاقِب من افترى عليه ) .

قلت : الخلاصة :
1-أن التشديد مع أهل البدع ؛ لأجل تغليب مصلحة حفظ الدين .
2-وأما الحاكم المسلم الجائر ؛ فلأجل تغليب مصلحة وحدة الجماعة .
والله أعلم ..






  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:17 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "