بسم الله الرحمن الرحيم
منذ أن نشأت جماعة الإخوان على يد حسن البنا رحمه الله ، جعلت هدفها المنشود هو الوصول للحكم مهما كلفها الأمر ، ولو تنازلت عن أمور كثيرة تراها في غير أهمية الحكم ، أو ساهمت في تدمير البلاد ، مما أداها للدخول في صدامات دموية مع الحكام ، لا سيما في بلد النشأة ( مصر ) قبل وبعد حكم جمال عبدالناصر ، صداماتٌ أُزهقت فيها أرواح مسلمة زكية من جميع الأطراف ، لم تُخلّف وراءها غير المآسي والسجون التي طالت الجماعة وجعلتها تعيش حالة نفسية أشبه بالبكائية ، حيث أصبحت تستمتع بتلك المواجهات وتتلذذ بها ، وتُربي عليها الأجيال ، غير آبهة كثيرًا بالناصحين الذين ذكروهم بالقاعدة العلمية : " من استعجل شيئًا قبل أوانه عُوقب بحرمانه " ، فكيف إذا كان المُستعجل لم يقم بالشروط الشرعية اللازمة للحصول على ذاك الشيئ ؟! لهذا أصبحت النكبات المتتالية حليفة للجماعة ، ولا تزال ، كما أنها خسرت تعاطف الناس ، وأصبحوا يمقتون تصرفاتها .
كنت أقرأ كثيرًا للإخوان وأتابع مواقفهم وأتساءل : أليس فيهم رجلٌ رشيد يُخرجهم من هذه الزاوية الضيقة التي حصروا أنفسهم فيها ، ويُخبرهم أن الله طلب منهم تحقيق دينه بـ" التصفية والتربية " ، ولم يُكلفهم ما لا طاقة لهم به ..
حتى وجدت هذا الرجل الرشيد – ولله الحمد - وهو الأستاذ حسان حتحوت – رحمه الله - أحد تلاميذ الشيخ حسن البنا ، وممن رباهم على عينه ، تجد ترجمته هنا :
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%...AD%D9%88%D8%AA
حيث كتب الأستاذ حسان في آخر حياته مذكراته التي طُبعت عام 1421هـ عن دار الشروق بعنوان " العقد الفريد " ( ص 23 ) وختمها بنصيحة ذهبية لأبناء الجماعة بعد هذا العمر المديد ، قائلاً ( ص 112 ) :
( ويبقى السؤال الأخير .. فلو استقبلنا من الأمر ما استدبرنا : هل هناك ما وددت لو تغير ؟ وهل تجدي لو ؟ نعم أحيانًا . فالنظرة الخلفية في مقام قد تكون النظرة المستقبلية في مقام آخر . فلا أقصد لو الندم .
لعلي الآن رغم حماستي وقتها – كنتُ أرى أن لا يستعجل الإخوان اقتحام الميدان السياسي ، خاصةً فيما يختص بالحكم . لنترك العظْمة للكلاب ، ونتفرغ لتحويل شعب مصر كله إلى شعب يؤمن بربه ، ويُطيعه ، لا في العبادات فقط ، بل في المعاملات جميعًا .. ) .
فهل يستمع الإخوان لهذا الصوت الرشيد ؟! أتمنى ذلك ..