بالوثائق.. أمريكا وبريطانيا دبرتا لتدمير الشرق الأوسط في الخمسينات

[سيوف العـز]

في سباقهما التاريخي مع روسيا للاستحواذ على النفط

بالوثائق.. أمريكا وبريطانيا دبرتا لتدمير الشرق الأوسط في الخمسينات

واشنطن (أمريكا)

كشفت وثائق كانت مصنفة "سرية للغاية" لعدة سنوات، أن بريطانيا وأمريكا أعدتا خطة لاستخدام الأسلحة النووية لمنع الاتحاد السوفييتي من السيطرة على نفط منطقة الشرق الأوسط.
وتعرض الوثائق التي اكتشفتها مجلة "بوليتيكو" في الأرشيف الوطني في لندن، ملامح حول الخطوات التي أعدتها بريطانيا والولايات المتحدة لمنع النفط الحيوي من الوصول إلى أيدي الاتحاد السوفييتي؛ وذلك في فترة الخمسينيات من القرن الماضي.
وقالت الوثائق التي استعرضتها المجلة، إنه في صيف عام 1951، أخبر ضابط وكالة المخابرات المركزية جورج بروسينج، 3 مسؤولين تنفيذيين في صناعة النفط البريطانية بخطة رسمية بريطانية-أمريكية سرية لتدمير الشرق الأوسط إذا تعرض للغزو من قبل الجيش الأحمر (الروسي).
وقالت الوثائق إن الخطة -التي عرفت آنذاك باسم "سياسة إنكار"- كانت تقضي بتدمير مصافي وحقول النفط وتعطيل خطوط الأنابيب.
ومن المفارقات أنه في عام 1941 كانت بريطانيا والاتحاد السوفييتي حليفين في زمن الحرب، وأنهما بدأتا عملية غزو سلمي لما كان يعرف في ذلك الحين بـ"بلاد فارس" للسيطرة على نفط المنطقة، الذي كان ضروريًّا في محاربة الألمان، ولكن بعد الحرب أصبح ستالين والاتحاد السوفييتي أعداء لبريطانيا وأمريكا بمجرد بدء الحرب الباردة، وفقًا لصحيفة "ديلي ميل" التي نقلت عن المجلة الجمعة (24 يونيو 2016).
وقالت الوثائق إن "خطة الإنكار" قد تم وضعها في عام 1948؛ عندما حاول الاتحاد السوفييتي حصار برلين الغربية، واضطرت القوات الجوية الأمريكية والبريطانية إلى الطيران من أجل توفير إمدادات حيوية لبرلين.
وخشي الرئيس الأمريكي آنذاك هاري ترومان من أن احتمالية غزو الروس لإيران والعراق وربما شبه الجزيرة العربية، سوف يخنق إمدادات النفط التي كانت حيوية لأمريكا وأوروبا.
ووفقًا للوثائق، فقد أدرك ترومان وجنرالاته أنهم لن يكونوا قادرين على وقف الغزو السوفييتي في الشرق الأوسط؛ لذلك بدأ العمل على خطة سرية قصوى لتخريب المنشآت النفطية في المنطقة.
ووضع مجلس الأمن القومي الأمريكي خطة عرفت باسم مجلس الأمن القومي 26/2، وافق عليها ترومان في عام 1949، وتقضي بتفجير آبار النفط وخطوط الأنابيب والمصافي للحيلولة دون وقوعها في أيدي ستالين، لكنهم كانوا يحتاجون لتعاون شركات النفط البريطانية والأمريكية التي كانت تعمل في هذه الصناعة في دول الشرق الأوسط.
لهذا السبب وصل ضابط المخابرات الأمريكي جورج بروسينج وعقد لقاءات مع المديرين التنفيذيين الذين عملوا في شركات النفط بالعراق والكويت والبحرين. وقال لهم بروسينج إن "الأمن الآن هو أكثر أهمية من نجاح أي عمليات".
كما تسلط الوثائق المتاحة في المكتبة الرئاسية لترومان بالولايات المتحدة، الضوء على محاولات لمنع السوفييت من الوصول إلى نفط المملكة العربية السعودية.
وذكرت الوثائق أن وكيل وكالة المخابرات المركزية ألين دالاس، الذي أصبح لاحقًا مدير الوكالة؛ قد زار تيري دوتشي نائب رئيس شركة "أرامكو"، في ذلك الوقت؛ حين كانت "أرامكو" ملكية مشتركة بين إيكسون وموبيل وشيفرون وتكساكو والسعودية.
وتشير الملفات إلى أن "دوتشي" وافق على الفور للمساعدة وعرض تطوع موظفي أرامكو لتنفيذ الخطة، في حال وقوع الغزو السوفييتي.
وأوضحت الوثائق أن بريطانيا اختبرت بنجاح أسلحة نووية خاصة بها في أوائل الخمسينيات. وفي عام 1953 ساعد البريطانيون والأمريكيون في الإطاحة برئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق بعد أن تجرأ وعزم على تأميم شركة النفط الأنجلو-الفارسي، التي أصبحت فيما بعد تابعة لشركة بريتش بتروليوم. وفي عام 1955 أبدت هيئة الأركان المشتركة في بريطانيا اهتمامًا باستخدام الأسلحة النووية لتدمير منشآت النفط في إيران والعراق.
وقال تقرير مجلة "بوليتيكو" إنه الوثائق تشير نصًّا إلى أن "الطريقة الأكثر اكتمالًا لتدمير المنشآت النفطية ستكون بالقصف النووي".
وتشير وثائق الجيش البريطاني إلى وجود خطط لطلب مساعدة الولايات المتحدة عن طريق استخدام بعض ترسانتها النووية في مواجهة الغزو السوفييتي المحتمل.
وقال التقرير إن مسؤولين أمريكيين وبريطانيين ناقشوا الخطة في لندن في أوائل 1956، لكن تقرر تأجيل القرار حتى يتمكن بروسينج من مراجعتها، وكذلك تفقد حقول النفط في ايران.
وجاء في مذكرة لهيئة الأركان البريطانية المشتركة: "في المستقبل القريب، ستكون الوسائل الممكنة الوحيدة لتنفيذ خطة إنكار النفط (في إيران)، عبر التحرك النووي الأمريكي".
غير أن اندلاع أزمة السويس في وقت لاحق من ذلك العام، والانتقاد الكبير الذي تم توجيهه إلى التدخل العسكري الأنجلو-فرنسي في مصر من قبل الأمريكان، كان بداية النهاية لبريطانيا كقوة عالمية كبرى ولاعب كبير ومؤثر في منطقة الشرق الأوسط؛ الأمر الذي حال دون تنفيذ الخطة.