العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-12-11, 07:50 AM   رقم المشاركة : 1
جاسمكو
عضو ماسي






جاسمكو غير متصل

جاسمكو is on a distinguished road


تطور التشيع من حزب سياسي إلى مذهب ديني الباقر والصراع على زعامة الشيعة

تطور التشيع من حزب سياسي إلى مذهب ديني الباقر والصراع على زعامة الشيعة

--------------------------

تطور التشيع من حزب سياسي إلى مذهب ديني
احمد الكاتب
الإمام الباقر والصراع على زعامة الشيعة

استراتيجية الباقر في الصعود نحو القمة:
أ - شعار "أهل البيت" في مقابل "العترة"
دعوى النص على الإمام علي
ج - حصر الإمامة في الفاطميين و إخراج سائر العلويين منها
معجزة الحجر الأسود"
معجزة حصاة أم أسلم"
"علم الغيب"
د - إقصاء بني الحسن
ولاية الدم
سلاح رسول الله (ص)
هـ - إقصاء الباقر لأخوته العشرة
- إقصاء أخيه الإمام زيد
إضفاء الصبغة الدينية الإلهية على نظرية الإمامة
شمولية الشريعة الإسلامية
2 - انحصار العلم في أهل البيت
3- علم الأئمة بالغيب
4- تحدث الملائكة مع "الأئمة المحدَّثين"
"صعوبة حديث آل محمد"
المبحث الثالث: وجوب الولاء للأئمة
========================
م/4
الفصل الرابع: تطور التشيع من حزب سياسي إلى مذهب ديني

المبحث الأول: الإمام الباقر والصراع على زعامة الشيعة

في تلك الظروف المشحونة بالغلو في أهل البيت، والتي كان الغلاة لا يتورعون فيها من نسبة النبوة والألوهية للأئمة (كما فعل عبد الله بن سبأ بالنسبة للإمام علي، والكيسانية الحربية بالنسبة للإمام محمد بن الحنفية، والجناحية بالنسبة لعبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر، والرواندية بالنسبة للعباسيين والخطابية بالنسبة للصادق، وغيرهم وغيرهم).. في تلك الظروف، ولد المذهب الإمامي الذي كان يقول بأن الأئمة من أهل البيت مفروضون من الله ومعينون من قبله لإمامة المسلمين، وأنهم يشكلون امتدادا للنبوة، ولديهم علم خاص من الله لا يحتاجون معه إلى التعلم والاجتهاد. وقد نسب الإماميون نظريتهم في "الإمامة الإلهية" إلى الإمامين محمد بن علي الباقر ( 57 – 114 هـ) وجعفر بن محمد الصادق (توفي سنة 148هـ)، وروى الكليني في "الكافي" روايات كثيرة عنهما بما يفيد تبنيهما ودعوتهما لها.
ورغم شكنا بوضع تلك الروايات على لسان الباقر والصادق، إلا أننا سوف نقوم باستعراض نظرية "الإمامة الإلهية" كما جاءت في أهم المصادر الإمامية. وسنقوم قبل ذلك باستعراض الظروف السياسية التي كانت تحيط بالباقر والصادق.

الظروف السياسية المحيطة بالباقر

وجد أبو جعفر محمد بن علي الباقر نفسه في بداية القرن الثاني الهجري أمام مجموعة من القيادات الشيعية المتنافسة كالهاشميين: أتباع أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية (توفي سنة 98هـ) والعباسيين (الراوندية) الذين ادعوا الوصية من أبي هاشم ( إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، ثم ابنه ابراهيم الإمام أخي السفاح والمنصور) والجناحيين بقيادة عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر الطيار، الذي ادعى الوصية من أبي هاشم أيضا. والحسنيين بقيادة عبد الله بن الحسن بن الحسن، بالإضافة إلى البيانية (اتباع بيان بن سمعان النهدي التميمي) والحربية (أتباع عبد الله بن عمرو بن حرب الكندي) الذين كانوا يدعون الزعامة لأنفسهم ويتنافسون حول قيادة الشيعة. ولذلك وجد الباقر نفسه أمام مهمة كبيرة تتمثل بالتصدي لقيادة الشيعة، وممارسة حقه في الزعامة كواحد من الهاشميين.

استراتيجية الباقر في الصعود نحو القمة:
أ - شعار "أهل البيت" في مقابل "العترة"

وبما أن العباسيين والطالبيين (آل جعفر وآل عقيل) كانوا يستندون في بناء شرعيتهم السياسية إلى دعوى كونهم من العترة النبوية؛ اعتمادا على تفسيرهم الخاص لآية :"قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى". الشورى 23 التي كانت تشمل (حسب ذلك التفسير) جميع العوائل الهاشمية المتنافسة في ذلك الوقت.[1] وحديث الثقلين: "إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي".[2] الذي كان يشمل كل من له علاقة نسبية بالرسول، لأن "العترة" حسب اللغة: هم أقرباء الرجل الذين يشتركون معه في "العتر" أي الذكر، وتطلق على الأبناء وأبناء العم.[3] لهذا كان على الباقر أن يضيق دائرة الشرعية، ويفند دعاوى العباسيين والطالبيين، ويؤسس دعوته للإمامة على أساس جديد مغاير، ويقدم حجة أقوى تسمح له بإفحام خصومه تمهيدا للتفرد بالزعامة، ودعوة الناس إليه دون غيره.
وبناء على ما يستنتج من بعض الروايات، ولكي يخرج الباقر أبناء عمه من حلبة الصراع، قام أولاً بطرح شعار "أهل البيت" في مقابل شعار "العترة" الذي كان يتشبث به العباسيون والطالبيون. وخطب في المدينة قائلا:" قد بلغ رسول الله (ص) الذي أرسل به فألزموا وصيته وما ترك فيكم من بعده من الثقلين كتاب الله وأهل بيته اللذين لا يضل من تمسك بهما ولا يهتدي من تركهما".[4] وقام بتفسير كلمة "أهل البيت" الواردة في القرآن الكريم في سورة الأحزاب: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا" بأن المقصود منها: "الأئمة" من نسل الرسول، الذين أوصى بهم وأمر باتباعهم.[5] وقال :" نحن والحمد لله لا ندخل أحدا في ضلالة ولا نخرجه من هدى، إن الدنيا لا تذهب حتى يبعث الله عز وجل رجلا منا (أهل البيت) يعمل بكتاب الله لا يرى فيكم منكرا إلا أنكره".[6] وروى عن رسول الله (ص) أنه قال:" أنا أول وافد على العزيز الجبار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتي ثم أمتي، ثم أسألهم ما فعلتم بكتاب الله وبأهل بيتي".[7]

وفي محاولة أخرى منه للرد على العباسيين والطالبيين، قام الباقر بالاحتجاج بأن العلويين، أو الفاطميين بالخصوص، هم من صلب رسول الله (ص) وبالتالي فهم أحق بالإمامة من غيرهم. ولإثبات قرابته من رسول الله (ص) في مقابلهم، قال الباقر لأحد أصحابه المقربين (زياد بن المنذر العبدي) : يا أبا الجارود ما يقولون (العباسيون) لكم في الحسن والحسين؟ قال: ينكرون علينا أنهما ابنا رسول الله (ص). قال: فأي شئ احتججتم عليهم؟ قال: احتججنا عليهم بقول الله (عز وجل) في عيسى ابن مريم (ع):" ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين ، و زكريا ويحيى وعيسى" فجعل عيسى ابن مريم من ذرية نوح (ع). قال أبو جعفر: فأي شئ قالوا لكم؟ قال: قالوا: قد يكون ولد الابنة من الولد ولا يكون من الصلب. قال: فأي شئ احتججتم عليهم؟ قال أبو الجارود: احتججنا عليهم بقول الله تعالى لرسوله (ص): " قل تعالوا ندع أبناء‌نا وأبناء‌كم ونساء‌نا ونساء‌كم وأنفسنا وأنفسكم". قال أبو جعفر الباقر: فأي شئ قالوا؟. قال: قالوا: قد يكون في كلام العرب أبناء‌ رجل وآخر يقول: أبناؤنا. فقال أبو جعفر: يا أبا الجارود لأعطينَّكها من كتاب الله (جل وتعالى) أنهما من صلب رسول الله (ص) لا يردها إلا الكافر. قال: وأين ذلك جعلت فداك؟ قال: من حيث قال الله تعالى: "حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم" الآية.. إلى أن انتهى إلى قوله تبارك تعالى: "وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم" فسلهم يا أبا الجارود هل كان يحل لرسول الله (ص) نكاح حليلتيهما؟ (أي زوجتي الحسن والحسين) فإن قالوا: نعم، كذبوا وفجروا وإن قالوا: لا فهما ابناه لصلبه".[8]
وارتكز الباقر أيضاً على آية أولي الأرحام: " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله" .الأحزاب 6، ليحصر الإمامة في ذرية النبي. وقال:" إنها نزلت في الإمرة، فنحن أولى بالأمر وبرسول الله (ص) من المؤمنين والمهاجرين والأنصار".[9] وبما أن الآية - على هذا التفسير - كانت تشمل جميع أرحام النبي من العباسيين والطالبيين، فقد فسرها الباقر تفسيرا ثانيا بالذرية، وقال لعبد الرحيم بن روح القصير الذي سأله: هل لولد جعفر أو العباس أو سائر بطون بني عبد المطلب فيها نصيب؟ قال بصورة قاطعة:" لا، لا، لا". [10]
ب – دعوى النص على الإمام علي
وحسبما يروي الكليني فقد طرح الباقر من أجل إثبات حقه في الإمامة، إضافة إلى ذلك، حجة أخرى هي: " الوصية والنص على الإمام علي بن أبي طالب بالخلافة من رسول الله". حيث قام بتقديم رواية خاصة عن النبي (ص) وتأويل آية إكمال الدين بالولاية، فقال:"... نزلت الولاية في يوم الجمعة بعرفة، أنزل الله عز وجل: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي " وكان كمال الدين بولاية علي ابن أبي طالب (ع) ... فنزلت " يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين" فأخذ رسول الله (ص) بيد علي فقال: أيها الناس إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي إلا وقد عمَّره الله، ثم دعاه فأجابه، فأوشك أن ادعى فأجيب وأنا مسؤول وأنتم مسؤولون فما ذا أنتم قائلون؟ فقالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت، وأديت ما عليك فجزاك الله أفضل جزاء المرسلين، فقال: اللهم اشهد - ثلاث مرات - ثم قال: يا معشر المسلمين هذا وليكم من بعدي فليبلغ الشاهد منكم الغائب...ثم إن رسول الله (ص) حضره الذي حضر، فدعا عليا فقال: يا علي إني أريد أن أأتمنك على ما ائتمنني الله عليه من غيبه وعلمه ومن خلقه ومن دينه الذي ارتضاه لنفسه. فلم يشرك والله فيها أحدا من الخلق".[11] كما روى حديثا عن الإمام علي أنه خطب في أصحاب رسول الله بعد وفاته قائلا:"إن الله تبارك اسمه ... شدَّ بي أزر رسوله .. واختصني بوصيته واصطفاني بخلافته في أمته فقال (ص) .. : أيها الناس إن عليا مني كهارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي... كان ذلك منه استخلافا لي كما استخلف موسى هارون (ع) حيث يقول: "اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين". [12]
وربما كان الهدف من هاتين الروايتين إثبات الإمامة بالنص للإمام علي من أجل إخراج العباسيين والطالبيين من المنافسة حولها ومنعهم من ادعاء الحق بالإمامة باسم "العترة".

ج - حصر الإمامة في الفاطميين و إخراج سائر العلويين منها
وحسب بعض الروايات التي يذكرها الكليني، فإن الباقر حاول أن يخرج أبناء عمه العلويين واحداً واحداً من المنافسة معه، بدعوى اختصاص العلم والإمامة بأشخاص معينين من أبناء علي. واعتبار ادعاء الإمامة "دون حق" افتراء على الله، حتى وإن كان المدعي من ولد علي بن أبي طالب. فانتقل إلى الخطوة التالية، وهي حصر الإمامة في الفاطميين ثم في الحسينيين، فقام بإخراج عمه محمد بن الحنفية (وبالتالي أبناءه زعماء الحركة الكيسانية) من وراثة الإمامة، فقال: "إن عليا لما حضره الذي حضره دعا ولده وكانوا اثنا عشر ذكرا فقال لهم: يا بني ... إن هذين ابنا رسول الله (ص) الحسن والحسين، فاسمعوا لهما وأطيعوا، ووازروهما فإني قد ائتمنتهما على ما ائتمنني عليه رسول الله (ص) مما ائتمنه الله عليه من خلقه ومن غيبه ومن دينه الذي ارتضاه لنفسه. فأوجب الله لهما من علي ما أوجب لعلي من رسول الله (ص) ... ثم إن الحسن حضره الذي حضره فسلم ذلك إلى الحسين، ثم إن حسينا حضره الذي حضره فدعا ابنته الكبرى فاطمة - بنت الحسين - فدفع إليها كتابا ملفوفا ووصية ظاهرة وكان علي بن الحسين مبطونا لا يرون إلا أنه لما به، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين ثم صار والله ذلك الكتاب إلينا".[13]
وفي رواية أخرى يقول أبو جعفر الباقر: إن الإمام أمير المؤمنين دفع إلى ابنه الحسن، الكتاب والسلاح وقال له : يا بني أمرني رسول الله (ص) أن أوصي إليك وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إلي ودفع إليَّ كتبه وسلاحه، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين، ثم اقبل على ابنه الحسين فقال: وأمرك رسول الله (ص) أن تدفعها إلى ابنك هذا، ثم أخذ بيد علي بن الحسين. ثم قال له: وأمرك رسول الله (ص) أن تدفعها إلى ابنك محمد، واقرأه من رسول الله (ص) ومني السلام.[14]
وقد ورد موضوع "السلام" أيضا في رواية عن جابر بن عبد الله الأنصاري (توفي سنة 78) أنه أخذ بيد الباقر وقال:" إن رسول الله (ص) أخبرني أني سأدرك رجلا من أهل بيته يقال له: محمد بن علي يكنى أبا جعفر، فإذا أدركته فاقرأه مني السلام" فقال له أبوه: "هنيئا لك يا بني ما خصك الله به من رسوله من بين أهل بيتك لا تطلع اخوتك على هذا فيكيدوا لك كيدا، كما كادوا اخوة يوسف ليوسف عليه السلام".[15]
ولكن الباقر كان يواجه مشكلة صعبة تتمثل في وصل حبل الإمامة الذي انقطع باعتزال أبيه علي زين العابدين عن السياسة، وتصدي عمه محمد ابن الحنفية لقيادة الشيعة، إضافة إلى عدم وجود نص واضح وصريح ومعروف من الحسين لابنه علي بالإمامة، فقد قتل الحسين في كربلاء دون أن يوصي إليه – حسبما يقول الباقر والصادق -: "لأنه كان مبطونا لا يرون إلا أنه لما به". [16] والروايات المنقولة تشير إلى أن الباقر حلَّ هذه المشكلة بالقول: "إن الحسين أوصى إلى ابنته الكبرى فاطمة وسلمها كتابا ملفوفا ووصية ظاهرة. وإن فاطمة دفعت الكتاب إلى علي بن الحسين، ثم صار والله ذلك الكتاب إلينا".[17] أو القول "إن الحسين لما صار إلى العراق استودع أم سلمة رضي الله عنها الكتب والوصية، فلما رجع علي بن الحسين دفعتها إليه".[18]
وقال الباقر للكيسانية:" إن رسول الله (ص) أوصى إلى علي والحسن والحسين فلما مضى علي أوصى إلى الحسن والحسين، ولو ذهب يزويها عنهما لقالا له: نحن وصيان مثلك ولم يكن ليفعل ذلك، وأوصى الحسن إلى الحسين ولو ذهب يزويها عنه لقال: أنا وصي مثلك من رسول الله (ص) ومِن أبي. ولم يكن ليفعل ذلك، قال الله عز وجل: "وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض" هي فينا وفي أبنائنا".[19] وقد أثار الباقر في حوار مع ابن عمه أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية، في المسجد النبوي، موضوع النسب الفاطمي كدليل على أحقيته بالإمامة، فقال له:" قل ما بدا لك فأنا ابن فاطمة وأنت ابن الحنفية".[20]
"معجزة الحجر الأسود"

وحسبما يقول الكليني والصفار وابن بابويه فإن الباقر قام أيضا بتدعيم موقفه ضد الكيسانية برواية هذه القصة "الإعجازية" فقال: "لما قتل الحسين أرسل محمد بن الحنفية إلى علي بن الحسين.. فخلا به فقال له: يا ابن أخي قد علمت أن رسول الله (ص) دفع الوصية والإمامة من بعده إلى أمير المؤمنين ثم إلى الحسن، ثم إلى الحسين، وقد قتل أبوك رضي الله عنه وصلى على روحه ولم يوصِ، وأنا عمك وصنو أبيك وولادتي من علي في سني وقديمي أحق بها منك في حداثتك، فلا تنازعني في الوصية والإمامة ولا تحاجني. فقال له علي بن الحسين : يا عم اتق الله ولا تدَّعِ ما ليس لك بحق إني أعظك أن تكون من الجاهلين، إن أبي يا عم صلوات الله عليه أوصى إلي قبل أن يتوجه إلى العراق وعهد إلي في ذلك قبل أن يستشهد بساعة، وهذا سلاح رسول الله (ص) عندي، فلا تتعرض لهذا، فإني أخاف عليك نقص العمر وتشتت الحال، إن الله (عز وجل) جعل الوصية والإمامة في عقب الحسين فإذا أردت أن تعلم ذلك فانطلق بنا إلى الحجر الأسود حتى نتحاكم إليه ونسأله عن ذلك. قال أبو جعفر (الباقر): وكان الكلام بينهما بمكة، فانطلقا حتى أتيا الحجر الأسود، فقال علي بن الحسين لمحمد بن الحنفية: ابدأ أنت فابتهل إلى الله (عز وجل) وسله أن ينطق لك الحجر ثم سل، فابتهل محمد في الدعاء وسأل الله ثم دعا الحجر فلم يجبه، فقال علي بن الحسين: يا عم لو كنتَ وصيا وإماما لأجابك، قال له محمد: فادع الله أنت يا ابن أخي وسله، فدعا الله علي بن الحسين بما أراد ثم قال: أسألك بالذي جعل فيك ميثاق الأنبياء وميثاق الأوصياء وميثاق الناس أجمعين لما أخبرتنا من الوصي والإمام بعد الحسين بن علي؟ قال: فتحرك الحجر حتى كاد أن يزول عن موضعه، ثم أنطقه الله عز وجل بلسان عربي مبين، فقال: اللهم إن الوصية والإمامة بعد الحسين ابن علي إلى علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وابن فاطمة بنت رسول الله (ص) قال: فانصرف محمد بن علي وهو يتولى علي بن الحسين عليه السلام".[21]
"معجزة حصاة أم أسلم"
وروي عن الباقر أنه قال: إن امرأة تسمى "أم أسلم" جاءت يوما إلى النبي (ص) فقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله إني قد قرأت الكتب وعلمت كل نبي ووصي، فموسى كان له وصي في حياته ووصي بعد موته، وكذلك عيسى، فمن وصيك يا رسول الله؟ فقال لها: يا أم أسلم وصيي في حياتي وبعد مماتي واحد، ثم قال لها: يا أم أسلم من فعل فِعْلي هذا فهو وصيي، ثم ضرب بيده إلى حصاة من الأرض ففركها بإصبعه فجعلها شبه الدقيق، ثم عجنها، ثم طبعها بخاتمه، ثم قال: من فعل فعلي هذا فهو وصيي في حياتي وبعد مماتي، فخرجت من عنده، فأتيت أمير المؤمنين فقلت: بأبي أنت وأمي أنت وصي رسول الله (ص)؟ قال: نعم يا أم أسلم ثم ضرب بيده إلى حصاة ففركها فجعلها كهيئة الدقيق، ثم عجنها وختمها بخاتمه، ثم قال: يا أم أسلم من فعل فعلي هذا فهو وصيي، فأتيت الحسن وهو غلام فقلت له: يا سيدي أنت وصي أبيك؟ فقال: نعم يا أم أسلم، وضرب بيده وأخذ حصاة ففعل بها كفعلهما، فخرجت من عنده فأتيت الحسين - وإني لمستصغرة لسنه - فقلت له: بأبي أنت وأمي، أنت وصي أخيك؟ فقال، نعم يا أم أسلم ائتيني بحصاة، ثم فعل كفعلهم. فعمرت أم أسلم حتى لحقت بعلي بن الحسين بعد قتل الحسين في منصرفه، فسألته أنت وصي أبيك؟ فقال: نعم، ثم فعل كفعلهم صلوات الله عليهم أجمعين". [22]
"علم الغيب"
وحسبما جاء في "رجال الكشي" فقد روى الباقر عن أبي خالد الكابلي (خادم محمد بن الحنفية) أنه لم يكن يشك في إمامة ابن الحنفية ، حتى أتاه ذات يوم فقال له : جعلت فداك إن لي حرمة ومودة وانقطاعاً ، فأسألك بحرمة رسول الله وأمير المؤمنين إلا أخبرتني أنت الإمام الذي فرض الله طاعته على خلقه؟ قال : فقال :" يا أبا خالد حلفتني بالعظيم ، الإمام: علي بن الحسين عليه السلام وعليك وعلى كل مسلم". فأقبل أبو خالد لما سمع ما قاله محمد بن الحنفية، إلى علي بن الحسين، فاستأذن عليه ، فلما دخل عليه دنا منه قال : مرحباً بك يا "كنكر" ما كنت لنا بزائر ما بدا لك فينا ؟ فخرَّ أبو خالد ساجداً شاكراً لله تعالى مما سمع من علي بن الحسين عليه السلام فقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى عرفت. فقال له علي: وكيف عرفت إمامك يا أبا خالد ؟ قال : إنك دعوتني باسمي الذي سمّتني أمي التي ولدتني ، وقد كنت في عمياء من أمري ، ولقد خدمت محمد بن الحنفية عمراً من عمري ولا أشك إلا وانه إمام، حتى إذا كان قريباً سألته بحرمة الله وبحرمة رسوله وبحرمة أمير المؤمنين فأرشدني إليك وقال : هو الإمام عليَّ وعليك وعلى خلق الله كلهم ، ثم أذنت لي فجئت فدنوت منك سميتني باسمي الذي سمتني أمي فعلمت انك الإمام الذي فرض الله طاعته عليَّ وعلى كل مسلم.[23]

د - إقصاء بني الحسن
وحسبما تقول بعض الروايات الأخرى، فقد قام الإمام محمد الباقر، بعد إقصاء أبناء محمد بن الحنفية، بخطوة أخرى هي إقصاء بني عمه الحسن الذين كانوا ينافسونه في قيادة الشيعة، وحصر الإمامة في أبناء الحسين. وبما أن آية أولي الأرحام " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله" كانت – حسب تفسير الباقر السابق - تشمل أبناء الحسن والحسين، فقد قام الباقر، حسب بعض الروايات، باتهام أبناء عمه بالكذب على الله بادعائهم الإمامة، وأوَّلَ هذه الآية: "ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة" بهم، ثم فسرها بقوله:" من قال إني إمام وليس بإمام.. وإن كان علويا".[24] وفي رواية أخرى:"وإن كان فاطميا علويا".[25] وعندما سأله عبد الرحيم القصير : هل لولد الحسن فيها (إي في الإمرة) نصيب؟ قال: "لا والله، يا عبد الرحيم ما لمحمدي فيها نصيب غيرنا، وإن هذه الآية جرت في ولد الحسين من بعده".[26]
وقد أثار حصر الباقر للإمامة في ولد الحسين، ابنَ عمه عبد الله بن الحسن بن الحسن الذي رد عليه قائلا:" كيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون الحسن وهما سيدا شباب أهل الجنة؟ وهما في الفضل سواء؟ ألا إن للحسن على الحسين فضلا بالكبر، وكان الواجب أن تكون الإمامة إذن في الأفضل".[27] مما دفع الباقر للرد عليه، فقال:"كذبوا والله، أَوَ لم يسمعوا الله تعالى يقول:" وجعلها كلمة باقية في عقبه" فهل جعلها إلا في عقب الحسين؟". [28]
ولاية الدم
وحسب رواية ينقلها العياشي في تفسيره، فإن الباقر حاول أن ينتقد الإمام الحسن بسبب تنازله لمعاوية، وأن يثبت حقه بالإمامة بناء على ولاية دم الحسين، فقال :" رحم الله عمي الحسن .. لقد غمد الحسن أربعين ألف سيف حين أصيب أمير المؤمنين، وأسلمها إلى معاوية .. وخرج الحسين صلوات الله عليه فعرض نفسه على الله في سبعين رجلا !.. مَن أحق بدمه منا ؟.. نحن والله أصحاب الأمر وفينا القائم ومنا السفاح والمنصور، وقد قال الله تعالى :"ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا". نحن أولياء الحسين بن علي وعلى دينه". [29] غير أن هذا التأويل كذلك لم يكن مقنعا بصورة كافية ولا حاسما في معركة التنافس على الإمامة.
سلاح رسول الله (ص)
وفي محاولة لتجاوز هذا الخلاف مع أبناء عمه الحسنيين، وتعزيز شرعية مطالبته بقيادة الشيعة، اعتمد الباقر- إضافة إلى موضوع "ولاية الدم"- على موضوع آخر هو: "امتلاكه لسلاح رسول الله" ووراثته من أجداده، حيث روي أنه كان يقول:" إن السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل كان حيثما دار فثم الملك، وحيث ما دار السلاح فثم العلم". وكان يتساءل في معرض تفنيد دعاوى بني عمه: "ألا يقولون عند من كان سلاح رسول الله ؟..وما كان في سيفه من علامة كانت في جانبيه إن كانوا يعلمون؟". [30]
ولكن الباقر لم يستطع حسم المعركة بإظهار سلاح رسول الله للملأ، وظل موقفه بالتالي ضعيفا أمام أبناء عمه الحسنيين الذين كان يتزعمهم عبد الله بن الحسن بن الحسن، ويحاول قيادة عموم الشيعة ويدعي أيضا امتلاكه لسلاح رسول الله.
هـ - إقصاء الباقر لأخوته العشرة
وخاض الإمام الباقر معركة أخيرة في إثبات الإمامة بالوراثة لشخصه من بين اخوته العشرة.[31] لا سيما وأن الناس كانوا يتساءلون :"ما بالها أبطحت من ولد أبيه مَن له مثل قرابته ومن هو أكبر منه وقصرت عمن هو اصغر منه؟" فاعتمد في حصر الإمامة فيه من بين اخوته، على دعوى الوصية إليه من أبيه ووراثته لسلاح رسول الله، حيث قال: "يعرف صاحب هذا الأمر بثلث خصال لا تكون في غيره، هو أولى الناس بالذي قبله وهو وصيه وعنده سلاح رسول الله (ص) ووصيته وذلك عندي لا أنازع فيه".[32] وقال إن أباه ورث سلاح رسول الله، من أبيه وجده فاختصه به عند وفاته، وكان يوجد في سفط، وعندما نازعه اخوته على السفط، قال لهم*:" والله ما لكم فيه شيء ، ولو كان لكم فيه شيء ما دفعه إلي".[33] وقد قال في الرواية السابقة التي تحدث فيها عن دفع الإمام علي الكتاب والسلاح إلى ابنه الحسن، أنه أخذ بيد علي بن الحسين، ثم قال له: وأمرك رسول الله (ص) أن تدفعها إلى ابنك محمد، واقرأه من رسول الله (ص) ومني السلام.[34]
وثمة روايات أخرى ينسبها الإمامية إلى الباقر تعتمد على توافق سلاح رسول الله مع جسد الإمام، كعلامة من علامات الإمامة، بحيث "إذا لبس درع رسول الله (ص) كانت عليه وفقا وإذا لبسها غيره من الناس طويلهم وقصيرهم زادت عليه شبرا...".[35]
و - إقصاء أخيه الإمام زيد
وبالرغم مما يقال من وجود تنسيق بين الباقر وأخيه زيد.[36] فان بعض الروايات تتحدث عن وجود منافسة قوية للباقر من أخيه زيد بن علي الذي رفع راية الجهاد والثورة، وقال: "ليس الإمام منا من جلس في بيته وأرخى ستره وثبط عن الجهاد ، ولكن الإمام منا من منع حوزته وجاهد في سبيل الله حق جهاده ودفع عن رعيته وذب عن حريمه".[37] مما أدى إلى التفاف كثير من الشيعة حوله، وخاصة في الكوفة التي أرسل أهلها إليه كتبا يدعونه فيها إلى أنفسهم ويخبرونه باجتماعهم ويطلبون منه الخروج. وحسبما ينقل الكليني، فإن الباقر قام هنا بطرح موضوع "العلم" وسأل أخاه قائلاً: هذه الكتب ابتداء منهم أو جواب ما كتبت بهم إليه ودعوتهم إليه؟ فقال زيد: بل ابتداء من القوم لمعرفتهم بحقنا وبقرابتنا من رسول الله ولما يجدون في كتاب الله (عز وجل) من وجوب مودتنا وفرض طاعتنا، ولما نحن فيه من الضيق والضنك والبلاء . فقال له الباقر: إن الطاعة مفروضة من الله عز وجل، وسنة أمضاها في الأولين وكذلك يجريها في الآخرين، والطاعة لواحد منا والمودة للجميع، وأمر الله يجري لأوليائه بحكم موصول وقضاء مفصول وحكم مقضي وقدر وأجل مسمى لوقت معلوم، فلا يستخفنك الذين لا يوقنون .. إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا فلا تعجل، فان الله لا يعجل لعجلة العباد ، ولا تسبقن الله فتعجزك البلية فتصرعك.. وقال: هل تعرف يا أخي من نفسك شيئا مما نسبتها إليه فتجيء عليه بشاهد من كتاب الله أو حجة من رسول الله أو تضرب به مثلا؟..فإن الله عر وجل أحل حلالا وحرم حراما ، وفرض فرائض وضرب أمثالا وسن سننا ، ولم يجعل الإمام القائم بأمره شبهة فيما فرض له من الطاعة أن يسبقه بأمر قبل محله أو يجاهد فيه قبل حلوله …فجعل لكل شيء أجلا ولكل اجل كتابا، فإن كنت على بينة من ربك ويقين من أمرك وتبيان من شأنك فشأنك، وإلا فلا ترومنَّ أمراً أنت منه في شك وشبهة ، ولا تتعاطَ زوال ملك لم تنقض أكله ولم ينقطع مداه، ولم يبلغ الكتاب أجله ، فلو قد بلغ مداه وانقطع أكله وبلغ الكتاب أجله لانقطع الفصل وتتابع النظام و لأعقب الله التابع والمتبوع الذل والصغار، أعوذ بالله من إمام ضل عن وقته فكان التابع فيه أعلم من المتبوع، أتريد يا أخي أن تحيي ملة قوم قد كفروا بآيات الله وعصوا رسوله؟ أعيذك بالله يا أخي أن تكون غداً المصلوب بالكناسة".[38]
وسواء كانت العلامات والمحاولات والأحاديث والقصص التي نسبت إلى الإمام محمد بن علي الباقر صحيحة أم مزورة وموضوعة من قبل الغلاة، فإنها لعبت، أو لعب بعضها على الأقل، دورا في تأسيس إمامة الباقر "الدينية" للشيعة في بداية القرن الثاني الهجري، خصوصا بعد وفاة زعيم الحركة الكيسانية القوي أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية سنة 98 للهجرة، وضعف القيادات الشيعية الأخرى المنافسة للباقر، حيث كان محمد بن علي بن عباس معتزلا في الحميمة وهي قرية من قرى الأردن، وكان عبد الله بن الحسن بن الحسن يعد ابنه الصغير محمد (ذا النفس الزكية) للخروج في المستقبل البعيد، وقد أسماه بالمهدي عند ولادته. [39] وكان عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر (الذي خرج في اصفهان سنة 129) أصغر من أن ينافس الباقر، بالإضافة إلى تفرق الحركة الكيسانية إلى فرق صغيرة أخرى كربية وبربرية وبيانية. كل ذلك دفع جماهير الحركة الكيسانية – فيما يبدو - إلى الانضواء تحت لواء الإمام الباقر وإعلان الولاء له، وهذا ما أدى إلى انتقال تلك الجماهير مع الكثير من أفكار ونظريات الكيسانية المغالية إلى شيعة الباقر، وقيامها بإسقاط نظرياتها على الإمام، مثل الألوهية والنبوة فضلاً عن "الإمامة الإلهية" (القائمة على النص والوصية والوراثة في السلالة العلوية الحسينية) وتأليف أحاديث ونسبتها إلى الإمام الباقر وابنه جعفر الصادق فيما بعد.

المبحث الثاني:
إضفاء الصبغة الدينية الإلهية على نظرية الإمامة

وبعيدا عن الجدل حول صحة تلك الأحاديث وفيما إذا كانت موضوعة من قبل الغلاة، أم صادرة حقا من الإمام الباقر (وابنه جعفر الصادق فيما بعد)، فإننا يمكن أن نلاحظ نشوء نظرية "الإمامة" وتطورها عبر الخطوات التالية:

1- شمولية الشريعة الإسلامية

في المرحلة الأولى، يمكننا مشاهدة بذرة "الإمامة" تنمو وسط الجدل الذي دار في تلك الأيام حول شمولية الشريعة الإسلامية لكل شيء في الحياة وتوفيرها لأحكام تفصيلية لكل شيء، أو محدوديتها في مسائل معينة وتركها لمسائل أخرى للعقل الإنساني، وهو ما يعرف بالمسائل المدنية العرفية كموضوع العلاقة بين الحكام والمحكومين وكيفية انتخاب الحاكم، وجواز الاجتهاد وقياس المسائل الحادثة على المسائل المشابهة المعلومة في الشريعة الإسلامية. ذلك الجدل الذي قسم المسلمين إلى مدرستين هما مدرسة "أهل الحديث" ومدرسة "أهل الرأي". وحسب الروايات الواردة في التراث الإمامي فإن الإمام الباقر (وابنه جعفر الصادق فيما بعد) قد اتخذ موقفا مضادا لكلا المدرستين أهل الرأي وأهل الحديث، حيث أكد في البداية مبدأ شمولية الشريعة الإسلامية لكل شيء في الحياة، وقال :"إن الله تبارك وتعالى لم يدَع شيئا تحتاج إليه الأمة إلا أنزله في كتابه وبينه لرسوله (ص) وجعل لكل شئ حداً وجعل عليه دليلا يدل عليه، وجعل على من تعدى ذلك الحد حداً".[40] ولكن الباقر – حسبما يقول زرارة بن أعين - اتخذ موقفا سلبيا من استعمال القياس في استنباط أحكام جديدة في الحوادث الواقعة، وقال :" يا زرارة! إياك وأصحاب القياس في الدين، فانهم تركوا علم ما وكلوا به، وتكلفوا ما قد كفوه، يتأولون الأخبار، ويكذبون على الله عزّ وجلّ، وكأني بالرجل منهم ينادى من بين يديه، فيجيب من خلفه، وينادى من خلفه، فيجيب من بين يديه، قد تاهوا وتحيروا في الأرض والدين".[41]
وفي نفس الوقت خاض الإمام الباقر معركة حامية مع أهل الحديث الذين كانوا يتناقلون أحياناً روايات ضعيفة، حيث استنكر ذلك ونادى بالعودة إلى القرآن والاحتجاج به، وتقديمه على الروايات الضعيفة. وحذر من التصديق "بالأحاديث الكاذبة على الله التي يكذبها القرآن ويتبرأ منها ومن حملتها ورواتها".[42] وقد روى عن آبائه عن رسول الله (ص) أنه قال:"... إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع وماحل مصدق. ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار وهو الدليل يدل على خير سبيل ... فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ودليل على المعرفة".[43] كما روى حديثا أسنده إلى جده الإمام علي، يوصي فيه أصحابه بالقرآن، ويقول:"اعلموا أن القرآن هدى النهار ونور الليل المظلم على ما كان من جهد وفاقة".[44]

2 - انحصار العلم في أهل البيت
وربما كانت الدعوة للتمسك بالقرآن ورفض القياس ونبذ الأحاديث الضعيفة علامة مميزة لمدرسة أهل البيت، وهي بحد ذاتها لا تنطوي على مشكلة كبيرة، ما عدا بعض الأمور التفصيلية التي كان يجادل فيها أصحاب مدرسة الرأي أو أهل الحديث، ولكن تلك الدعوة قادت إلى خطوة أخرى هي حصر عملية فهم القرآن بالأئمة المعينين من قبل الله فقط، ولسنا متأكدين بنسبة هذا القول إلى الباقر أو الصادق، ولكن الروايات التي ينقلها الإمامية عنهما تدعي أن الباقر قال:" إنما يعرف القرآن من خوطب به".[45] وأنه قال:"إن أول وصي كان على وجه الأرض هبة الله بن آدم، وما من نبي مضى إلا وله وصي وكان جميع الأنبياء مائة ألف نبي وعشرين ألف نبي، منهم خمسة أولو العزم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام وإن علي بن أبي طالب كان هبة الله لمحمد، وورث علم الأوصياء، وعلم من كان قبله، أما إن محمداً ورث علم من كان قبله من الأنبياء والمرسلين".[46] وقال:"إن عليا عليه السلام كان عالما والعلم يتوارث، ولن يهلك عالم إلا بقي من بعده من يعلم علمه، أو ما شاء الله". [47]
ويزعم الإمامية أن الباقر قال: إن رسول الله (ص) وضع العلم الذي كان عنده عند الوصي. وفسر قول الله عز وجل:" الله نور السموات والأرض" بأنه يقول: أنا هادي السماوات والأرض مثل العلم الذي أعطيته وهو نوري الذي يهتدى به مثل المشكاة فيها المصباح، فالمشكاة قلب محمد (ص) والمصباح النور الذي فيه العلم وقوله: " المصباح في زجاجة " يقول: إني أريد أن أقبضك فأجعل الذي عندك عند الوصي كما يجعل المصباح في الزجاجة " كأنها كوكب دري" فأعلمهم فضل الوصي... وقوله عز وجل: "يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء" يقول: مثل أولادكم الذين يولدون منكم كمثل الزيت الذي يعصر من الزيتون .. يقول: يكادون أن يتكلموا بالنبوة ولو لم ينزل عليهم ملك. [48]
وأن الباقر اعتمد على "حديث الثقلين" في حصر العلم في أهل البيت.[49] وأنه قال لسعد الإسكاف:"لا يزال كتاب الله والدليل منا يدل عليه حتى يردا عليَّ الحوض".[50]

http://www.alkatib.co.uk/4.htm

للمزيد

http://www.alsrdaab.com/vb/showthread.php?t=51447







 
قديم 01-09-13, 07:35 PM   رقم المشاركة : 2
جاسمكو
عضو ماسي






جاسمكو غير متصل

جاسمكو is on a distinguished road


الإمام الصادق في خضم التيارات السياسية والفقهية

http://www.dd-sunnah.net/forum/showt...C7%E1%CD%D3%E4







التوقيع :
دعاء : اللهم أحسن خاتمتي
وأصرف عني ميتة السوء
ولا تقبض روحي إلا وأنت راض عنها .
#

#
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله :
العِلمُ قَالَ اللهُ قَالَ رَسولُهُ *قَالَ الصَّحَابَةُ هُم أولُو العِرفَانِ* مَا العِلمُ نَصبكَ لِلخِلاَفِ سَفَاهَةً * بينَ الرَّسُولِ وَبَينَ رَأي فُلاَنِ

جامع ملفات ملف الردود على الشبهات

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=83964
من مواضيعي في المنتدى
»» بوستر حفصة بنت محمد (الديباج) حفيدة الخلفاء الأربعة وطلحة والزبير رضي الله عنهم أجمعي
»» الرد على الشيعي الاثناعشري لماذا لا تذكرون روايات اهل البيت
»» الغنوشي: الناس أحرار في تغيير أديانهم
»» نوري المالكي... على خطى بشار السفاح? داود البصري
»» المهدي يحتاج الي300 شيعي ليخرج
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:16 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "