الدليل التاسع :
قال المؤلف : (( 9- عن الحارث بن حسان البكري رضي الله عنه قال: خرجت أنا والعلاء ابن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .. الحديث وفيه فقلت: أعوذ بالله وبرسوله أن أكون كوافد عاد، فقال: أي سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم: وما وافد عاد؟.....الخ )) [ ص 97 – 98 ] .
قلت : أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره فقال : ((حدثنا أبو كريب قال ثنا أبو بكر بن عياش قال ثنا عاصم عن الحارث بن حسان البكري .... الحديث )) [ ص 220/8 ] ، دون ذكر زيادة (( وبرسوله )) فتكون هكذا : (( أعوذ بالله أن أكون كوافد )) .
وأخرجه أيضا أبو محمد الأصبهاني في كتاب العظمة فقال : (( حدثنا إبراهيم بن محمد حدثنا أبو شيبة الرهاوي حدثنا يحيى بن آدم عن أبي بكر ابن عياش عن عاصم بن أبي النجود عن الحارث بن حسان البكري ... الحديث )) [ ص 1320 – 1321 / 4 ] ، ولفظه : (( فأعوذ بالله يا رسول الله أن أكون كوافد عاد )) من غير ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم .
وهذا منقطع بين عاصم بن أبي النجود وبين الحارث بن حسان البكري رضي الله عنه ، ولكن وصله الترمذي في السنن فقال : (( حدثنا بن أبي عمر حدثنا سفيان بن عيينة عن سلام عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن رجل من ربيعة قال : قدمت المدينة فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت عنده وافد عاد فقلت : أعوذ بالله أن أكون مثل وافد عاد ... الحديث )) [ ح 3273 ] .
وأخرجه الطبري أيضا في تفسيره موصولا فقال : ((حدثنا أبو كريب قال ثنا زيد بن الحباب قال ثنا سلام أبو المنذر النحوي قال ثنا عاصم عن أبي وائل عن الحارث بن يزيد البكري .... الحديث )) [ ص 221/8 ] . ولفظ هذا الطريق : (( أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد ))
وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير فقال : ((حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا عفان بن مسلم ومحمد بن مخلد الحضرمي أنا سلام أبو المنذر القارئ ثنا عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن الحارث بن حسان .... الحديث )) [ ص 354/2 ] ولفظه : (( أعوذ بالله وبرسول الله أن أكون كوافد عاد ))
وأخرج الإمام أحمد في المسند فقال : (( ثنا زيد بن الحباب قال حدثني أبو المنذر سلام بن سليمان النحوي قال ثنا عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن الحرث بن يزيد البكري ... الحديث )) [ ص 482/2 ]. ولفظه : (( أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد ))
وأخرجه مختصرا النسائي في السنن الكبرى قال : (( أنبأ إبراهيم بن يعقوب قال حدثنا عفان قال حدثنا سلام أبو المنذر عن عاصم عن أبي وائل عن الحارث بن حسان ... الحديث )) [ ح 8607 ]
وأخرجه مختصرا أيضا ابن ماجه قال : (( حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن الحارث بن حسان .. الحديث )) [ ح 2816 ]
قلت : هذه رواية عاصم بن بهدلة ، وعاصم صدوق سيء الحفظ في الحديث حجة في القراءة ، قال الدارقطني : (( في حفظه شيء )) ، وقال العقيلي : (( لم يكن فيه إلا سوء الحفظ )) [ راجع ترجمته في تهذيب التهذيب ] وهذا الجرح ومفسر بسوء الحفظ فيقدم على التوثيق .
ويظهر سوء الحفظ جليا في هذا الحديث فهو لم يضبط الحديث لاختلاف الرواة عنه فتارة يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم وتارة لا يذكره ، وتارة يروى منقطعا وتارة موصولا مما يدل على عدم ضبط اللفظ ، فكيف يحتج بمثل هذا ؟؟!!
وقد رجح رواية سلام عن عاصم عن أبي وائل عن الحارث على رواية أبي بكر عن عصام عن الحارث الحافظ أبو الفتح الأزدي فقال : (( هكذا روى هذا الحديث سلام القاري عن عاصم عن أبي وائل عن الحارث بن حسان وهو الصحيح وسلام قد حمل الناس عنه ورواه أبو بكر بن عياش وهو من الثقات عن عاصم عن الحارث بن حسان ولم يذكر أبا وائل وقول سلام في هذا عن أبي وائل أثبت وأصح وإن كان أبو بكر بن عياش ثقة إلا أنه بشر يقع عليه السهو )) [ المخزون في علم الحديث ص 72 ]
وكذلك الحافظ ابن عبد البر فقال : (( روى عنه أبو وائل واختلف في حديثه منهم من نجعله عن عاصم ابن بهدلة عن الحارث بن حسان لا يذكر فيه أبا وائل والصحيح فيه عن عاصم عن أبى وائل عن الحارث بن حسان قال قدمت المدينة فأتيت المسجد فإذا النبي على المنبر وبلال عائم متقلد سيفا وإذا رايات سود فقلت من هذا قالوا هذا عمرو بن العاص قدم من غزاة ..... الخ )) [ ص 285 – 286 / 1 ]
وكذلك الحافظ ابن كثير رواية سلام الموصولة على رواية أبي بكر المنقطة فقال : (( وقد رواه الترمذي والنسائي من حديث أبي المنذر سلام بن سليمان به، ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود، عن الحارث البكري، ولم يذكر أبا وائل وهكذا رواه الإمام أحمد عن أبي بكر بن عياش عن عاصم عن الحارث والصواب عن عاصم عن أبي وائل عن الحارث كما تقدم )) [ البداية والنهاية ص 90 / 5 ]
فراوية أبي بكر بن عياش ضعيفة لانقطاعها ، وكذلك لوهمه كما قال أبو الفتح الأزدي وترجيح الحفاظ رواية سلام على رواية أبي بكر ، فسلام هو ابن سيلمان أبو المنذر تكلم فيه العلماء النقاد القاري النحوي قال الحافظ ابن حجر في التقريب : (( صدوق يهم )) ، وقال ابن حبان : (( كان يخطئ )) وقال الساجي : (( صدوق يهم ، ليس بمتقن في الحديث )) .
وأختلف الرواة عن سلام عليه فزيد بن الحباب وعفان بن مسلم ومحمد بن مخلد الحضرمي رووا لفظ : (( أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد )) ، ولفظ (( أعوذ بالله وبرسول الله أن أكون كوافد عاد )) وخالفهم سفيان بن عيينة فرواه بلفظ : (( أعوذ بالله أن أكون مثل وافد عاد )) كما في رواية الترمذي .
وسفيان بن عيينة ثقة حافظ فقيه إمام حجة ، وزيد بن حباب صدوق ، وعفان بن مسلم ثقة ثبت وإن كان هم ثلاثة وسفيان واحد إلا أن روايته أرجح وذلك بقرينة ما رواه أبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة قال : (( حدثناه أبو بكر الطلحي ، ثنا محمد بن أحمد بن الوضاح ، ثنا عبد العزيز بن منيب ، ثنا أحمد بن الحارث الجرجاني ، ثنا أحمد بن أبي طيبة ، عن عنبسة بن الأزهر الذهلي ، عن سماك بن حرب ، قال : سمعت الحارث بن حسان البكري ، يقول : لما كان بيننا وبين إخواننا من بني تميم ما كان وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووافيته وهو على المنبر وهو يقول : « جهزوا جيشا إلى بكر بن وائل » ، فقلت : يا رسول الله ، أعوذ بالله أن أكون كوافد عاد ، وذكر الحديث بطوله نحو حديث سلام أبي المنذر )) [ ص 791 / 2 ] .
فيتبين لنا أن الرواة اختلفوا على سلام على لفظين (( أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد )) ، ولفظ : (( أعوذ بالله أن أكون مثل وافد عاد )) فلا يختار لفظ على لفظ إلا بمرجح ، وهذا الله تعالى أعلم .
قال المؤلف : (( فها هو رضي الله عنه الله عنه يستعيذ بسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ورغم هذا اقره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهل من المعقول أن يقره على الإشراك بالله )) [ ص 98 ].
قلت : والمؤلف هنا يرجح لفظ : (( أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد )) ، أو لفظ (( أعوذ بالله وبرسول الله أن أكون كوافد عاد )) ، لا لشيء إلا لأنه ظن أن هذا يوافق ما يدعو إليه من استغاثة بغير الله عز وجل فنقول أن اللفظة غير محفوظة كما مر تحقيقه وإن صحة ليس هذا من باب الشرك أو الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم بما هو من خصائص الربوبية فالحارث بن حسان وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وبطريقه إلى المدينة حمل معه امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجدها في الطريقة ، فلما حضرا عند النبي صلى الله عليه وسلم سأل النبي صلى الله عليه وسلم الحارث عن حال الحرب بين بكر وتميم فقال صلى الله عليه وسلم : (( هل كان بينكم وبين بني تميم شيء )) فأجابه وقال : نعم قال وكانت لنا الدبرة عليهم ومررت بعجوز من بني تميم منقطع بها فسألتني أن أحملها إليك وها هي بالباب فأذن لها فدخلت فقلت يا رسول الله إن رأيت أن تجعل بيننا وبين بني تميم حاجزا فأجعل الدهناء .
فلما سمعت هذه المرأة مقالة الحارث حميت لقومها قال : فحميت العجوز واستوفزت قالت : يا رسول الله فإلى أين تضطر مضرك ، تريد العجوز أن يقتله النبي صلى الله عليه وسلم فقال الحارث : إنما مثلي ما قال الأول معزاء حملت حتفها حملت هذه ولا أشعر أنها كانت لي خصما أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد ، والمقصود أعوذ بالله وبك يا رسول الله أن تقتلني بما قالت المرأة التي أظن أن صنعي بها كان خير لي فإذ هو يجر إلي حتفي .
فهذا هو معنى الحديث فأين الاستغاثة الشركية بهذا اللفظ إن صح ؟! فهذا الحديث لا دلالة به على ما يرمي إليه المؤلف ولله الحمد والمنة .
الدليل العاشر :
قال المؤلف : ((10- وعن سيدنا جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ليأتين على الناس زمان يخرج الجيش من جيوشهم فيقال: هل فيكم من صحب محمدا فيستنصرون به فينصرون ثم يقال: هل فيكم من صحب محمدا فيقال: لا فيقال: فمن صحب أصحابه؟ فلو سمعوا به من وراء البحر لأتوه» )) [ ص 98 ] .
قلت : أخرجه أبو يعلى في مسنده فقال : (( حدثنا عقبة حدثنا يونس حدثنا سليمان الأعمش عن أبي سفيان عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليأتين على الناس زمان يخرج الجيش من جيوشهم فيقال هل فيكم أحد صحب محمدا فتستنصرون به فتنصروا ثم يقال هل فيكم من صحب محمدا فيقال لا فمن صحب أصحابه فيقال لا فيقال من رأى من صحب أصحابه فلو سمعوا به من وراء البحر لأتوه " )) [ ص 132/4 ] .
ووجه دلالة المؤلف من هذا الحديث عبارة : (( فتستنصرون به فتنصروا )) ، فهذا اللفظ تفرد به يونس بن بكير ، ويونس تكلم العلماء فيه قال أبو داود : (( ليس هو عندي حجة يأخذ كلام ابن إسحاق فيوصله بالأحاديث )) ، وقال النسائي : (( ليس بالقوي )) ، وقال الحافظ ابن حجر : (( صدوق يخطئ )) ووثقه غير واحد .
وقد محاضر بن المورع الهمداني أحد رجال مسلم دون ذكر هذه اللفظة كما أخرجها أيضا أبو يعلى فقال : (( حدثنا ابن نمير حدثنا محاضر عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يبعث بعث فيقال لهم هل فيكم أحد صحب محمدا فيقال نعم فيلتمس فيوجد الرجل فيستفتح فيفتح عليهم ثم يبعث بعث فيقال هل فيكم من رأى أصحاب محمد فيلتمس فلا يوجد حتى لو كان من وراء البحر لأتيتموه ثم يبقى قوم يقرؤون القرآن لا يدرون ما هو " )) [ ص 200/4 ] .
ومحاضر أيضا قد تكلم فيه العلماء فقال أحمد بن حنبل : (( سمعت منه أحاديث لم يكن من أصحاب الحديث كان مغفلا جدا )) وقال أبو حاتم : (( ليس بالمتين ، يكتب حديثه )) وقد وثقه غير واحد من النقاد .
والراجح من الألفاظ رواية محاضر ولذلك لقرائن ، فالقرينة الأولى ما قاله ابن عدي الكامل قال : (( روى عن الأعمش أحاديث صالحة مستقيمة وغيره إذا روى عن غيره كذلك ولم أر في رواياته حديثا منكرا فاذكره إذا روى عنه ثقة )) [ ص 441 / 6 ] ، فروايته تقدم على رواية يونس لأنه روى عن الأعمش أحاديث صالحة كما قال ابن عدي .
القرينة الثانية أن الراوي عنه ثقة أحد رجال الصحيحين وهو محمد بن عبد الله بن نمير قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب : (( ثقة حافظ فاضل )) ووثقه الحفاظ النقاد .
والقرينة الثالثة هي متابعة جعفر بن عون لمحاضر على عدم ذكر هذه اللفظة كما أخرجها عبد بن حميد في مسنده فقال : (( أنا جعفر بن عون أنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليأتين على الناس زمان يخرج الجيش فيطلب الرجل من أصحابي فيقال : هل فيكم رجل من أصحاب محمد فيقولون : نعم فيستفتحون به فيفتح عليهم ثم يأتي على الناس زمان فيخرج الجيش فيقال : هل فيكم رجل من أصحاب محمد فيطلبونه فلا يجدونه فيقال : هل فيكم أحد رأى أحدا من أصحاب محمد فيطلبونه فلا يجدونه فلو كان رجل من أصحابي وراء البحر لأتوه " )) [ ح 1020 ] .
وأصل الحديث في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال البخاري : (( حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا سفيان عن عمرو سمع جابرا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يأتي زمان يغزو فئام من الناس فيقال فيكم من صحب النبي صلى الله عليه وسلم فيقال : نعم فيفتح عليه ثم يأتي زمان فيقال فيكم من صحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيقال : نعم فيفتح ثم يأتي زمان فيقال : فيكم من صحب صاحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيقال نعم فيفتح " )) [ ح 2740 ] ومسلم قال : (( حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب وأحمد بن عبدة الضبي واللفظ لزهير قالا حدثنا سفيان بن عيينة قال سمع عمرو جابرا يخبر عن أبي سعيد الخدري ... الحديث )) [ ح 2532 ].
وليس في الحديث السابق دليل على التوسل بالذوات والاستغاثة فيما لا يستطيعونه ، إنما هو تقديمه للدعاء بالنصر على الأعداء فعن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( " كم من ضعيف متضعف ذي طمرين لو أقسم على الله لأبر قسمه منهم البراء بن مالك " ، فإن البراء لقي زحفا من المشركين وقد أوجع المشركون في المسلمين فقالوا : يا براء إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنك لو أقسمت على الله لأبرك فاقسم على ربك " ، فقال أقسمت : عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم ثم التقوا على قنطرة السوس فأوجعوا في المسلمين فقالوا له يا براء أقسم على ربك فقال أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم وألحقتني بنبيك صلى الله عليه وسلم فمنحوا أكتافهم وقتل البراء شهيدا )) [ المستدرك على الصحيحين ص 331/3 ] .
فليس في الحدث دليل على جواز التوسل بالذوات والاستغاثة بهم ؟؟ أما التوسل في طلب الدعاء من الصالحين فهذا لا ينكره أحد ، ثم هذا الحديث دليل على عدم جواز التوسل بالذوات ولو كان جائز عندهم لما التمسوا صحابيا أو تابعيا حيا ليدعو لهم بالنصر واكتفوا بالتوسل بذواتهم سواء كانوا حاضرين أم غائبين .
قال المؤلف : (( وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم )) [ ص 98 ] .
قلت : نعم صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن كيف يكون النصر بهم ؟؟ الجواب : ما أخرجه النسائي في السنن الصغرى قال : أخبرنا محمد بن إدريس قال حدثنا عمر بن حفص بن غياث عن أبيه عن مسعر عن طلحة بن مصرف عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه ظن أن له فضلا على من دونه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : (( إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم )) [ ح 3178 ، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ح 12683 ] .
بين هذا الحديث أن النصر بسبب إخلاصهم بالدعاء ما جاء في الحديث ، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري : (( قال ابن بطال : تأويل الحديث أن الضعفاء أشد إخلاصا في الدعاء وأكثر خشوعا في العبادة لخلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا وقال : المهلب أراد صلى الله عليه وسلم بذلك حض سعد على التواضع ونفي الزهو على غيره وترك احتقار المسلم في كل حالة وقد روى عبد الرزاق من طريق مكحول في قصة سعد هذه زيادة مع إرسالها فقال : قال سعد : يا رسول الله أرأيت رجلا يكون حامية القوم ويدفع عن أصحابه أيكون نصيبه كنصيب غيره فذكر الحديث ، وعلى هذا فالمراد بالفضل إرادة الزيادة من الغنيمة فأعلمه صلى الله عليه وسلم أن سهام المقاتلة سواء فإن كان القوي يترجح بفضل شجاعته فإن الضعيف يترجح بفضل دعائه وإخلاصه )) [ ص 89 / 6 ] .
ثم قال المؤلف (( وهذا دليل على الاستغاثة بالصحابة والتوسل بهم إلى الله طلبا للنصر )) [ ص 98 ] .
لقد تبين المقصود من الحديث أنه طلب الدعاء منهم بالنصر لا استغاثة أو توسل بذواتهم فهذه الأحاديث ليست فيها دلالة على ما يرمي إليه المؤلف ولله الحمد والمنة .