أولا الظاهر أن عنوان الموضوع خطأ.
فالعنوان يوحي بأن فيه تأصيلا علميا لطريقة الرد على المخالف، بينما الموضوع كله يتكلم في الحكم على المخالف.
أما الرد على المخالف فهو مطلق، فكل من يخالف يرد عليه، وكل الأمثلة المضروبة مردود عليها، فقد رد أهل العلم على كل من خالف في التوسل الشوكاني وغيره، وردوا على من اتهم الدعوة في المملكة بالخروج والتوسع ومن تكلم في ما كان من قتال.
ورد أهل العلم على ابن خزيمة في حديث الصورة قبل ابن تيمية كما رد عليه ابن تيمية رحمه الله.
وابن خزيمة عندنا إمام الدنيا وفخر المسلمين، فحين تفخر علينا الأمم برجالها، نفاخرهم بأمثال ابن خزيمة بعد الصحابة والتابعين.
وقد بين الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله مخالفات ابن حجر في الفتح في تعليقاته النفيسة عليه.
وابن حجر هو من هو في علمه وإمامته ومنة ابن حجر علينا بعلمه في فتح الباري جليلة، كيف وله من المصنفات سوى فتح الباري ما فيه من العلم العشرات.
فهذا الرد على المخالف من ناحية التأصيل العلمي.
أما الحكم على المخالف، بأن يقال فلان مجانب للسنة أو فلان مبتدع، فهذه فيها مجال للنظر والاجتهاد.
فقد يرى بعض العلماء في المخالف أنه جرى على الأصول واستدل واستفرغ الوسع والجهد ثم خالف في مسألة أو مسألتين أو أكثر، كبارا كانت المخالفات أو صغارا.
فهنا يحكم عليه بأنه من أهل السنة.
وهو هو يحذر من مخالفاته.
ولو كان حيا لناصحه وكاتبه وأعلمه بالصواب.
ونفس هذا الرجل، قد يرى بعض أهل العلم أنه إنما جرى في مخالفاته على أصول أهل الأهواء، فلبغته النصوص فأولها بغير دليل ولم يكن له سلف في تأويله إلا من وافقه في البدعة من أهل الأهواء، فيحكم عليه بأنه ليس من أهل السنة.
فوجب التنبيه على مسألتين كما قدمت.
أولا أن عنوان الموضوع بخلاف الموضوع.
ثانيا أن الحكم على المخالف والتفصيل فيه، مسألة، وأما الرد على المخالف فهذا لا خلاف في وجوبه لأن بيان الحق ودفع الشبه والبدع والمخالفات عن الأمة واجب على الكفاية، لا يسع الأمة التخلف عنه مهما كان قدر الذي وقع في المخالفة.