5 – مما يدل على بطلانها معرفة جذورها ،
ثم معرفة كيفية دخولها على المسلمين .
وقد بين العلماء والباحثون المتخصصون ،
أن عقيدة العقول العشرة والتي تسمى نظرية الفيض
دخيلة على الإسلام ، ومن غثاء فلاسفة اليونان .
فقال أحد الباحثين المحققين :
" إن المصدر الأول لهذه العقيدة والتي تسمى بنظرية الفيض
إنما هو أفلوطين ،
إلا إنهم جمعوا في هذه النظرية آراء أفلاطون إلى آراء أرسطو "
[ من أفلاطون إلى ابن سيناء – د / جميل صليبيا " ( 97 ) ]
وقال في تاريخ الفلسفة العربية ص ( 235 ) :
" المصدر الأساسي لأصحاب تلك النظرية هو كتاب التساعيات لأفلوطين "
ثم قال ص ( 150 ) :
" نظرية الفيض مستمدة من الفلسفة الأفلاطونية الحديثة " .
فهذه العقيدة أو النظرية دخيلة على الإسلام ،
ولم تذكر في الكتب السماوية لا التوراة ولا الإنجيل ولا القرآن الكريم
ولم تأت على لسان نوح ولا إبراهيم ولا موسى
ولا محمد صلى الله عليه وسلم .
ومما يؤكد ذلك أن دعاة الإسماعيلية أنفسهم
عند عرضهم لهذه العقيدة ، وشرحهم لها في كتبهم ،
لم يقولوا : قال الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
بل يقولون : قال الفلاسفة كذا ، وعلى رأي الفلاسفة كذا ،
وقال الحكماء اليونانيون كذا
[ انظر كتاب كنز الولد : ( 33 , 76 ، 134 ، 153 ، 136 ) ] .
والخلاصةإن الفلسفة دخيلة على الإسلام والمسلمين ،
وقد عمل كل من ابن سيناء والداعي السجستاني
وإخوان الصفا وغيرهم من الإسماعيلية
على إدخال غثاء الفلاسفة
وزبالة أذهانهم وسفسطاتهم إلى المسلمين ،
بل حاولوا التوفيق بينها وبين نصوص الشرع ،
فلووا أعناق النصوص الشرعية
ليستدلوا بها على أفكار الفلاسفة ويصبغونها بالصبغة الشرعية .
وقد سُئل أحد الإسماعيلية عن عقيدتهم فقال :
عقيدة الفلاسفة تركونا معلقين بين السماء والأرض ،
لا نحن في السماء ولا نحن في الأرض
وقد صدق في هذا الوصف ،
وقد سبقه إلى هذا الإقرار علماء أهل الكلام ( الفلاسفة )
وعلى رأسهم الرازي وكان مشتغلاً بعلم الكلام حيث قال :
نهاية إقدام العقول عقال *** وغاية سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا *** وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا *** سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
فكم قد رأينا من رجال ودولة *** فبادوا جميعاً مسرعين وزالوا
وكم من جبال قد علت شُرُفاتها *** رجال فزالوا والجبال جبال
ثم قال : لقد تأملت الطرق الكلامية ، والمناهج الفلسفية
فما رأيتها تشفي عليلاً ، ولا تروي غليلاً ،
ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن ،
أقرأ في الإثبات { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [1] ،
{ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ } [2] .
وأقرأ في النفي : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ }[3] ،
{ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا } [4] .
ثم قال : ومن جرب مثل جربتي عرف مثل معرفتي .
وكذلك قال الشيخ أبو عبد الله الشهرستاني
وكان إماماً في الفلسفة :
إنه لم يجد عند الفلاسفة والمتكلمين إلا الحيرة والندم حيث قال :
لعمري لقد طفت المعاهد كلها *** وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أرَ إلا واضعاً كف حائر *** على ذقن أو قارعاً سنَّ نادم
فيا ليت قومي يعلمون .
6 – أن هذه العقيدة قد بين العلماء المحققون
تهافتها وبطلانها وفسادها
فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
" إن هذه العقول إنما توجد في الذهن لا في الخارج ،
وإن أكثر المتكلمين قالوا :
انتفاء هذه معلوم بضرورة العقل "
وقال العلامة ابن خلدون في مقدمته :
" إن هذا الذي ذهبوا إليه باطل بجميع وجوهه "
وقال الإمام الغزالي عن هذه العقيدة :
" ما ذكرتموه تحكمات وهو على التحقيق ظلمات ،
لو حكاه إنسان في نومه عن منام رآه
لاستدل به على سوء مزاجه "
وصدق في هذا القول عفا الله عنه .
ومن المعلوم أن هذه العقيدة الباطلة الفاسدة ،
هي أصل معتقدهم وأساس منطقهم ، وقاعدة تصورهم ،
وهي كما سبق مبنية على اعتقادات شركية ،
وأقوال وثنية ، ومقالات جاهلية ،
وإذا كان هذا هو الأساس
فما هو الظن بما بُني على ذلك من عقائد وعبادات .
اللهم اهدِ قومي فإنهم نعم القوم ونعم العشيرة
إلا أن أكثرهم لا يعلمون ،
اللهم أرهم الحق حقاً وارزقهم اتباعه
وأرهم الباطل باطلاً وارزقهم اجتنابه
إنك على كل شيء قدير .
`````````````````````````````
[1] /[ سورة طه الآية : 5 ].
[2] /[ سورة فاطر الآية : 11 ].
[3] / [ سورة الشورى الآية : 11 ].
[4] / [ سورة طه الآية : 110 ].