أقسام الحديث عند الشيعة :
يلحظ أن بداية تقويم الشيعة للحديث وتقسيمه إلى صحيح وغيره قد كانت في القرن السابع ، - مع أن بداية دراسة أحوال الرجال عندهم كانت في القرن الرابع كما مر - وجاءت متوافقة مع حملة شيخ الإسلام ابن تيمية عليهم في منهاج السنة حينما شنع على الشيعة قصورهم في معرفة علم الرجال ، حيث اعترفوا بأن هذا الاصطلاح - وهو تقسيم الحديث عندهم إلى صحيح وموثق وضعيف ، مستحدث في زمن العلامة 0[وسائل الشيعةج20/100] 0
( والعلامة إذا أطلق في كتب الشيعة يقصد به ابن المطهر الحلي الذي رد عليه شيخ الإسلام ) 0
وقد اعترف شيخهم ‘‘الحر العاملي’’ بأن سبب وضع الشيعة لهذا الاصطلاح واتجاههم للعناية بالسند هو النقد الموجه لهم من أهل السنة فقال :‘‘والفائدة في ذكره - أي السند - دفع تعيير العامة - يعني أهل السنة - الشيعة بأن أحاديثهم غير معنعنة، بل منقولة من أصول قدمائهم’’ [ وسائل الشيعة ج20/100] 0 ويؤكد شيخهم الحر العاملي أن الاصطلاح الجديد ( وهو تقسيم الحديث عندهم إلى صحيح وغيره ) والذي وضعه ابن المطهر هو محاولة لتقليد أهل السنة حيث قال :‘‘والاصطلاح الجديد موافق لاعتقاد العامة واصطلاحهم ، بل هو مأخوذ من كتبهم كما هو ظاهر بالتتبع ’’[وسائل الشيعة ج20/100] 0 وهذا يفيد تأخر الشيعة في الاهتمام بهذه القضية وأن الدافع لذلك ليس هو الوصول إلى صحة الحديث بقدر ما هو توقي نقد المذهب من قبل الخصوم والدفاع عنه لذلك فعلم الجرح والتعديل عندهم مليء بالتناقضات والاختلافات حتى قال شيخهم الفيض الكاشاني : ‘‘في الجرح والتعديل وشرايطهما اختلافات وتناقضات واشتباهات لا تكاد ترتفع بما تطمئن إليه النفوس كمالا يخفى على الخبير بها’’[الوافي ج1/11-12] 0 وهذه الاعترافات الخطيرة من الكاشاني ، والحر العاملي لم تظهر إلا في ظل الخلاف الذي دار ويدور بين الإخباريين والأصوليين ، والذي ارتفعت فيه التقية لا سيما وأن في الشيعة - كما يقول الكافي- خصلتين النـزق وقلة الكتمان 0
ومنهج التصحيح والتضعيف الذي وضعه المتأخرون إن طبقوه لم يبق معهم من حديثهم إلا القليل ، كما كشف ذلك شيخهم يوسف البحراني ( ت 1186 هـ ) حيث قال :‘‘الواجب إما الأخذ بهذه الأخبار ، كما هو عليه متقدمو علمائنا الأبرار ، أو تحصيل دين غير هذا الدين ، وشريعة أخرى غير هذه الشريعة لنقصانها وعدم تمامها ؛ لعدم الدليل على جملة أحكامها ، ولا أراهم يلتزمون شيئا من الأمرين ، مع أنه لا ثالث لهما في البيّن وهذا بحمد الله ظاهر لكل ناظر ، غير متعسف ولا مكابر’’ [لؤلؤة البحرين :47] 0
فهذا نص مهم يكشف حقيقة أخبارهم في ضوء علم الجرح والتعديل الخاص بهم ، و أنهم لو استخدموه بدقة لسقطت معظم رواياتهم ، وليس لهم إلا الأخذ برواياتهم بدون تفتيش ، كما فعل قدماؤهم وقبلوها بأكاذيبها وأساطيرها ، أو البحث عن مذهب سوى مذهب الشيعة ؛ لأن مذهبهم ناقص لا يفي بمتطلبات الحياة 0