العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-07-16, 06:24 PM   رقم المشاركة : 1
امـ حمد
عضو ذهبي







امـ حمد غير متصل

امـ حمد is on a distinguished road


الصبر المحمود

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذكر ابن القيم الصبر المحمود ثلاثة أنواع(صبر بالله، وصبر لله، وصبر مع الله)
فالأول،
الاستعانة به ورؤيته أنه هو المصبر، وأنَّ صبر العبد بربه لا بنفسه،
كما قال تعالى(وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ)النحل،
يعني إن لم يصبرك هو لم تصبر،
والثاني،الصبر لله، وهو أن يكون الباعث له على الصبر محبة الله، وإرادة وجهه والتقرب إليه، لا لإظهار قوة النفس والاستحماد إلى الخلق وغير ذلك من الأعراض،
والثالث، الصبر مع الله، وهو دوران العبد مع مراد الله الديني منه، ومع أحكامه الدينية صابراً نفسه معها، سائراً بسيرها مقيماً بإقامتها، يتوجه معها أين توجهت ركائبها، وينزل معها أين استقلت مضاربها، فهذا معنى كونه صابراً مع الله، أي قد جعل نفسه وقفاً على أوامره ومحابِّه، وهو أشد أنواع الصبر وأصعبها،
وقسَّمه الماوردي إلى ستة أقسام فقال

فأول أقسامه وأولاها،الصبر على امتثال ما أمر الله تعالى به، والانتهاء عما نهى الله عنه،لأن به تخلص الطاعة، وبها يصحُّ الدين، وتؤدَّى الفروض،ويُستحقُّ الثواب، كما قال في محكم الكتاب(إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)الزمر،
وهذا النوع من الصبر إنما يكون لفرط الجزع وشدة الخوف، فإنَّ من خاف الله عزَّ وجلَّ صبر على طاعته، ومن جزع من عقابه وقف عند أوامره،
الثاني،
الصبر على ما تقتضيه أوقاته من رزية قد أجهده الحزن عليها، أو حادثة قد كدَّه الهمُّ بها، فإنَّ الصبر عليها يعقبه الراحة منها، ويكسبه المثوبة عنها، فإن صبر طائعاً وإلا احتمل همّاً لازماً، وصبر كارهاً آثماً،
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه،للأشعث بن قيس: إنك إن صبرت جرى عليك القلم وأنت مأجور، وإن جزعت جرى عليك القلم وأنت مأزور،
الثالث،
الصبر على ما فات إدراكه من رغبة مرجوة، وأعوز نيله من مسرة مأمولة، فإن الصبر عنها يعقب السلو منها، والأسف بعد اليأس خرق،
وقال بعض الحكماء،اجعل ما طلبته من الدنيا فلم تنله، مثل ما لا يخطر ببالك فلم تقله،
الرابع،
الصبر فيما يخشى حدوثه من رهبة يخافها، أو يحذر حلوله من نكبة يخشاها، فلا يتعجل هم ما لم يأت، فإنَّ أكثر الهموم كاذبة، وإنَّ الأغلب من الخوف مدفوع،
وقال الحسن البصري رحمه الله،لا تحملنَّ على يومك همَّ غدك، فحسب كلِّ يوم همُّه،
الخامس،
الصبر فيما يتوقعه من رغبة يرجوها، وينتظر من نعمة يأملها، فإنه إن أدهشه التوقع لها، وأذهله التطلع إليها انسدت عليه سبل المطالب، واستفزه تسويل المطامع، فكان أبعد لرجائه، وأعظم لبلائه،
وإذا كان مع الرغبة وقورًا، وعند الطلب صبورًا، انجلت عنه عماية الدهش، وانجابت عنه حيرة الوله، فأبصر رشده وعرف قصده، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال(الصبر ضياء)يعني ،أنه يكشف ظلم الحيرة، ويوضح حقائق الأمور،
السادس،
الصبر على ما نزل من مكروه،أو حلَّ من أمر مخوف، فبالصبر في هذا تنفتح وجوه الآراء، وتستدفع مكائد الأعداء، فإنَّ من قلَّ صبره عزب رأيه، واشتد جزعه، فصار صريع همومه، وفريسة غمومه. وقد قال الله تعالى(وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ)لقمان،
واعلم أنَّ النصر مع الصبر،والفرج مع الكرب، واليسر مع العسر،
هو الذي يصبر ويرحم، كما قال الفقهاء في المتولي‏،ينبغي أن يكون قويًا من غير عنف، لينا من غير ضعف فبصبره يقوى، وبلينه يرحم، وبالصبر ينصر العبد؛ فإن النصر مع الصبر،وبالرحمة يرحمه اللّه تعالى‏،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم(إنما يرحم اللّه من عباده الرحماء)
وقال(من لا يرحم لا يرحم‏)
وقال (لا تنزع الرحمة إلا من شقي‏)
وقال(الراحمون يرحمهم الرحمن، وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء‏)
والصبر الجميل ( هو الصبر المطمئن الذي لا يُصاحب السخط ولا القلق ولا الشكَّ في صدق الوعد،صبر الواثق مِن العاقبة، الراضي بقدر الله،الشاعر بحكمته مِنْ وراء الابتلاء،الموصول بالله،المحتسب كل شيء عنده مما يقع به،
والترفّع على الألم،والاستعلاء على الشكوى،والتسليم لله عز وجل،والقبول لحكمه والرضا به،هو الذي يكون ابتغاء وجه الله جل وعلا ،
هو الثبات على طول الطريق دون عجلةٍ أو قنو ط،
أنّ الرسول،صلى الله عليه وسلم،الذي يُلاقي ما يُلاقي مِنَ الأذى والتكذيب والكبر والكنود يُقال له(فاصبر إنَّ وعد الله حق فإمَّا نُرينك بعض الذي نعدهم أو نُتوفينك فإلينا يرجعون)
فمن مسه الضر في فتنةٍ من الفتن،وفى ابتلاء من الابتلاءات ؛ فليثبت ولا يتزعزع، وليستبق ثقته برحمة الله وعونه وقدرته على كشف الضراء وعلى العوض والجزاء،فأما مَن يفقد ثقته في نصر الله في الدنيا والآخرة،ويقنط من عون الله له فى المحنة حين تشتد المحنة ،
فما شيء من ذلك بمبدل ما به من البلاء(مَن كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يُذهبن كيده ما يغيـظ) والذي ييأس في الضر من عون الله،يفقد كل نافذةٍ مضيئة ، وكل نسمة،وكل رجاء في الفرج ، ويستبد به الضيق ويثقل على صدره الكرب ، فيـزيد هذا كله مِنْ وقع الكرب والبلاء،
إلا أنه لا سبيل في احتمال البلاء إلا،بالرجاء في نصر الله وثوابه،
ولا سبيل إلى الفرج إلا،بالتوجه إلى الله،
ولا سبيل للخلاص إلا،بالاستعانة بالله،على شدة الابتلاء،
والذي يجبُ أن يكون راسخاً في القلب، لا تعصف به الرياح ولا تزعزعه الأهواء،أن نعلم يقينًا أنه ليس أحدٌ أغير على الحقِّ وأهله من الله ،جلَّ وعلا،وحاشا لله الرحمن الرحيم أن يعذب أولياءه من المؤمنين بالفتن أو أن يُؤذيهم بالابتلاءات،

قال يعقوب عليه الصلاة،والسلام‏(إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ‏)يوسف،
فالشكوى إلى اللّه لا تنافي الصبر الجميل، ويروي عن موسى عليه الصلاة والسلام أنه كان يقول(للهم لك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث وعليك التكلان‏)
ومن دعاء
النبي صلى الله عليه وسلم‏‏‏(اللّهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، اللّهم إلي من تكلني‏،إلى بعيد يتجهمني‏،أم إلى عدو ملكته أمري‏، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي‏، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بي سخطك، أو يحل علي غضبك، لك العتبي حتى ترضى‏)
وكان
عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه،يقرأ في صلاة الفجر‏(إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ‏)‏يوسف،ويبكي حتى يسمع نشيجه من آخر الصفوف،بخلاف الشكوي إلى المخلوق‏،
شيخ الإسلام،
ابن تيمية،
والعبد مأمور أن يسأل ربه دون خلقه، كما قال تعالى‏(فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ،وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ‏)‏الشرح‏،
وقال صلى الله عليه وسلم لابن عباس(إذا سألت فاسأل اللّه، وإذا استعنت فاستعن باللّه‏)
وأما الذي يشهد الحقيقة الكونية، وتوحيد الربوبية الشامل للخليقة، ويقر أن العباد كلهم تحت
القضاء والقدر، ويسلك هذه الحقيقة، فلا يفرق بين المؤمنين والمتقين الذين أطاعوا أمر اللّه الذي بعث به رسله، وبين من عصى اللّه ورسوله من الكفار والفجار،
‏‏اللهم ارزقنا الصبر على البلاء،والصبر على العطاء،والصبر على الطاعة ،وارزقنا الصفح الجميل والصبر الجميل ، واجعلنا نمشى على الأرض وليس علينا خطيئة،
واجعلنا من الحامدين الذاكرين الشاكرين الصابرين الراضين يقضاء وقدرك،
اللهم أجعلنا من الذاكرين الشاكرين الصابرين،

اللهم اجعلنا ممن يلجئون إليك، ويفوضون أمورهم إليك، فإنه لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك،






 
قديم 10-07-20, 05:04 PM   رقم المشاركة : 2
محمد السباعى
عضو ماسي






محمد السباعى غير متصل

محمد السباعى is on a distinguished road


جزاك الله خيرا







 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:59 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "