العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-03-08, 04:28 AM   رقم المشاركة : 1
حسينا
موقوف





حسينا غير متصل

حسينا is on a distinguished road


مقتطفات من كتاب السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام / عماد الشربيني

مقتطفات من


كتاب السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام

عماد الشربيني

الطبعة الأولى
1422 هـ - 2002 م
رقم الإيداع بدار الكتب المصرية
14185 / 2001
الترقيم الدولي
977-336-052-0

قال الله  :
 فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُم ثُم
لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (1)



وقال رسول الله 

 يُوشِكُ الرَجُلُ مُتَّكِئًا عَلى أرِيكَتِهِ ، يُحَدِّثُ بَحَدِيث
مِنْ حَدِيثي فَيَقُولُ : بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللهِ ،
فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلاَل اسْتَحْلَلْنَاهُ ،
ومَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ ، أَلاَ وإنَّ
مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ مِثْلُ مَا حَرَّم اللهُ  (2)

إهداء
* إلى والديَّ : اللذين ربياني على مائدة القرآن ، وأرشداني لدروب الخير ، ووهباني للأزهر والعلم ، وأدبا ، وعلما ، وصبرا ، واحتسبا ،
ودفعاني للبحث دفعًا ، وأنفقا كل مرتخص وغال اسأل الله عز وجل ، أن يبارك فيهما ، ويرزقني برَّهما ، وأن يمدّ في عمرهما ، ويحسن
خاتمهما ، وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتهما يوم القيامة.
* إلى مشايخي وأساتذتي بكلية أصول الدين بالقاهرة ، وأخص منهم بالذكر السادة الأساتذة أصحاب الفضيلة ، الدكتور الشيخ إسماعيل عبد
الخالق الدفتار، والدكتور الشيخ عبد المهدي عبد القادر ، والدكتور الشيخ طه الدسوقي حبيشي ، اسأل الله عز وجل أن يبارك في مشايخي
وأساتذتي جميعًا ، وان ينفع بهم الإسلام والمسلمين .
* إلى زوجي: أم صلاح الدين التي لم تدخر جهدًا في مساعدتي، فواصلت مع الليل بالنهــار ؛ لأجل إخـراج هذا الكتاب فبـارك الله عز وجل
فيها ، وفي ولدي صلاح الدين .
* إلى إخوتي: الذين وفروا لي سبُل الراحة لأتفرغ لطلب العلم؛ فبارك الله عز وجل فيهم .
* إلى كل من نصحني فأحسن النصيحة، وكان عونًا لي على إخراج هذا الكتاب .
* إلى كل هؤلاء أهدي باكورة أبحاثي _ وهي هذا الكتاب .





مقتطفات من كتاب السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام

عماد الشربيني


تقديم

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى
يوم الدين .
وبعد،
فإن القرآن الكريم والسنة النبوية أساس الإسلام وينبوعه ، ولقد حظيا باهتمام الأمة الإسلامية اهتمامًا منقطع النظير ، فخدما من كل ناحية،
وبذلت الجهود في تقريبهما من كل زاوية.
ومن باب العناية بالقرآن والسنة دفع شبهات أعداء الإسلام عنهما ، فإن أعداء الإسلام يحاربون الإسلام من كثير من النواحي، وكان نصيب
القرآن والسنة كبير، فهم يحاولون إثارة شبهات، ويحاولون انتقاد القرآن والسنة ، ونصيب السنة من افتراءاتهم أكبر، فهم على طول التاريخ
يحاولون اختلاق الأباطيل على السنة النبوية وعلماء الإسلام لهم بالمرصاد، يفندون افتراءاتهم ، ويبينون كذبهم وزورهم.
وفي أيامنا هذه طغى الكفر، وأثار أهله وأذنابهم الكثير من الشبهات التى هي في حقيقة الأمر افتراءات وأكاذيب ، جاءوا بأكاذيب سابقيهم
ونسجوا على منوالها ويحرفون النص ليعطي غير معناه، ويبترون النص ليفيد غير المراد منه، وإذا وجدوا حديثًا صحيحًا لا يوافق أهواءهم
ادعوا أنه لا يوافق العقل، يريدون عقلهم الذي يبغض الحق والإسلام .
وإذا وجدوا حديثًا ضعيفًا أو موضوعًا يوافق مرادهم ادعوا صحته وثبوته .
إن طائفة من أهل الكفر وأتباعهم راحوا يثيرون الافتراءات والأباطيل ضد السنة النبوية، يظنون أنهم بذلك يبعدونها من حياة المسلمين، وجهل
هؤلاء أن الإسلام بمصدريه القرآن والسنة يحفطه الله، ويوفق له من أهل العلم من يزود عنه، ويبين الحق والصواب، ويبطل الباطل مهما كثر
وزاد .
والحمد لله هيأ الله تبارك تعالى للسنة النبوية في أيامنا هذه عددًا من أهل العلم يبينون الحق ويبطلون الباطل ، تحدثوا وكتبوا، وحاضروا
وخطبوا، وسيظلون على هذا النهج إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
ومن هؤلاء المدافعين عن السنة النبوية الأخ الباحث / عماد الشربيني ، ففي كتابه السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام استعرض أقوال
أعداء السنة النبوية ، وعزا كل قول لصاحبه ، وذكر مصدر كل قول، وكر على كل قول بما أبان كذبهم وافتراءهم .
لقد استعرض _ وفقه الله _ شبههم ، ورد عليها بالدليل القاطع والبرهان الساطع، وهو من أهل الحديث النبوي الشريف، وهذا مكنه من إيراد
الدليل من كتب السنة المطهرة، يعزو الحديث لمصدره ، ويبين صحته وثبوته، وله دراية باللغة ، وحس بأدبها، وهذا مكنه بفضل الله من إبراز
الحق في الموضوع الذي يدرسه .
وأيضا للأخ عماد نفس طويل في تتبع ما قيل عن السنة النبوية من أعدائها، ودراية بتناقل افتراءاتهم ، مما مكنه من إبراز تاريخ الشبهة ثم
دحضها .
وأسأل الله أن يتقبل من الأخ عماد عمله، وأن ينفع به الإسلام والمسلمين .
والحمد الله رب العالمين .
17 / 5/ 1422هـ
7 / 8 / 2001م
أ. د. عبد المهدي عبد القادر عبد الهادي
أستاذ الحديث بجامعة الأزهر



الحمد لله رب العالمين، شرع لنا ديناً قويماً، وهدانا صراطاً مستقيماً، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، وهو اللطيف الخبير، الحمد لله رب
العالمين الذى هدانا وعلَّمنا، ومنَّ علينا، وتفضل ببلوغ المراد من خدمة سنة سيد المشرِّعين، التى فسرت الكتاب الكريم، وبينته للناس، وحياً
بوحى، ونوراً بنور، فاكتمل بهما الدين القويم، والصراط المستقيم0
اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله، أنت رب العالمين، سبحانك لا نحصى ثناء عليك، أنت كما أثنيت
على نفسك0
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، أرسله الله رحمة للعالمين، ليكون أميناً على وحيه، مبيناً
لكتابه، خاتماً لأنبيائه ورسله، ولتقوم به الحجة على هذه الأمة إلى يوم الدين0
اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله، وصحبه البررة الأوفياء، أئمة الدين، وصفوة الخلق بعد الأنبياء والمرسلين0
ورضي الله عمن تبع سنتهم، وسلك طريقتهم، واقتفى أثرهم، ونصرهم إلى يوم الدين0

ثـم أمــا بعـــد
فإن الله U بعث سيدنا محمداً e على فترة من الرسل، ليكون هداية للبشر جميعاً، وليخرج به الناس من الظلمات إلى النور، وأنزل عليه وحيين
عظيمين :
أولهما : كتاب الله U الذى وصفه بقوله : {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}(1) وقال
تعالى : {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي
إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}(1)0
ثانيهما : السنة الغراء، والتى هى البيان لكتاب الله U، وهذا البيان أسنده رب العزة إلى نبيه e، فقال تعالى : {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا
نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}(2) وقال تعالى : {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}(3)0
ووصف رب العزة هذا البيان بأنه منزل من عنده U فقال : {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُ(18)ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}(4)0
ووصف I هذا البيان بأنه وحى يوحى فقال U : {وَمَا يَنْطِــــقُ عَنِ الْهَوَى(3)إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} (5)0
وبهذا البيان، كانت علاقة القرآن الكريم بالسنة المطهرة، علاقة متلازمة لا ينفصل أحدهما عن الآخر؛ فالسنة المطهرة كالروح للبدن، والنور
للعين، بل إن الضرورة إليها أكثر من ضرورة البدن إلى روحه، والعين إلى نورها0
وبالقرآن والسنة معاً قام بناء الإسلام، وتأسست دولة الإسلام، واستمدت منهجها من المصدرين معاً0
وقد كانت أمة الإسلام حتى وفاة النبى e، وصدر من عصر صحابته أمةً، على منهج واحد فى التسليم لنصوص الوحيين الكتاب والسنة، وعدم
التقدم بين يديهما، ولم يعارضوا نصاً ولم يحرفوه، ولم يقبلوا قول كائنٍ من كان، إذا خالف كتاب الله U، وسنة نبيه e0
على هذا المنهج سار الصحابة الكرام، ومن بعدهم من التابعين لهم بإحسان، إلى أن بدأت الأقوال الشاذة، والاتجاهات المنحرفة تظهر فى ساحة
الإسلام، فظهر الكلام فى القدر، والوعد والوعيد، والطعن فى الصحابة، والكلام فى صفات الله U وغير ذلك0
فتبنى ذلك أقوام ونصروا تلك الأقوال وعضدوها، فتكونت من ذلك فرق ونحل، واحتدم بينهم الخلاف، واشتد النزاع، وبدأت الفُرقة، فلجأت كل
فرقة إلى القرآن الكريم لتنصر أفكارها وتعضد أقوالها، فأعجزهم القرآن أن يجدوا فيه ما يدعم ذلك الباطل؛ فسلطوا عليه معاول التأويل، ثم
انتقلوا إلى السنة ليجدوا فيها ما يتمنون، فلم يفلحوا، فوضعت هنالك أحاديث، وطعن فى أخرى، وحُرِّفَ كثير منها، وتجاسرت العقول على
نصوص الوحى، فواجهتها بالرِّد والتكذيب والتحريف والتبديل0
وكان لآراء تلك الفرق فى الصحابة، ونظرتهم إلى الحديث والمحدثين، ورميهم إياهم بحمل الكذب، ورواية المتناقض، وذمهم ومبالغتهم فى
انتقاصهم، أكبر الأثر فيما أثير حول السنة النبوية من شبهات وقد مهدت تلك الفرق وعلى رأسها المعتزلة السبيل، وفتحوا الباب على
مصراعيه، فولج منه كثير من أعداء هذا الدين من اليهود والنصارى0
وإذا كانت فى القرن الثانى الهجرى هبت أعاصير عاتية تهدف إلى الإطاحة بالسنة، وإبعاد المسلمين عنها، وتشكيكهم فى طرق نقلها ورواتها
...، فقد كانت فى القرن الثانى أيضاً العلامات البارزة فى طريق رعاية السنة النبوية الكريمة وتوثيقها ... وقيض الله I أئمة كباراً فى هذا
القرن، وقفوا فى وجه هذه الأعاصير يردون كيدها، حتى ارتدت سهام العابثين إلى نحورهم، وأصبحت ذكراهم فى كتب الرجال تهيج مشاعر
الغضب نحوهم، والسخط عليهم من كل غيور على دينه، جزاء إثمهم وافترائهم على نبينا e، وما أقدموا عليه من تشويه سنته المطهرة0
وما أشبه الليلة بالبارحة كما يقولون!، فقد نبتت نابتة فى عصرنا الحديث تشكك فى السنة، فى هجمة شرسة غاشمة، لم نسمع
بمثلها من قبل، هجمة تكاتفت لها كل قوى الشر والبغى من الشيوعيين الملاحدة، والصليبيين، والصهاينة، ودعاة اللادينية من العلمانيين،
والبهائيين، والقاديانيين، وغيرهم ممن يجمعهم معسكر العداء للإسلام وأهله، وزعمت هذه النابتة أن السنة حرفت وبدلت ... وأن أسس
توثيقها كانت واهية وشكلية، ولم تنهض بعبء الحفاظ عليها0
ومن المؤسف حقاً أن يكون من بين أبناء الإسلام من يزعم بصريح اللفظ : لا حجة فى السنة، إنما الحجة فى القرآن وحده دون سواه، وقد
وجدنا بعضاً من هؤلاء فى لاهور بباكستان، وسمت نفسها جماعة القرآن، وهى أعدى أعدائه، إذ تتهجم على تفسيره0وهى لا تعرف من
العربية حرفاً واحداً، وتعتمد على تراجم شائهة0وتعتبر ما فيها هو الحجة من غير احتياج لسنة رسول الله e0
وإن هؤلاء إن استقام لهم طريقهم لأدى ذلك إلى أن يصاب القرآن بما أصيبت به الكتب السابقة، إذ اعتراها التغيير والتبديل بسبب التراجم،
وضاع الأصل0
وقد وجدنا مثل هذا الفريق فى مصر، وبعضهم يتبوأ مراكز علمية عالية، ويتستر وراء بعض الألقاب كمستشار، أو دكتور، أو مفكر إسلامى ...
إلخ، وقد قمت بصحبة بعضهم، للاطلاع على أحوالهم وأساليبهم فى الكيد للسنة المطهرة، ورأيت كيف يخططون وينسقون مع بعضهم البعض،
ورأيت كيف يستمدون المعونة ممن يكيدون لديننا ولأمتنا الإسلامية ليل نهار0 من أعداء الإسلام الظاهرين، فالتقوا جميعاً على هجوم شرس
غاشم على السنة المطهرة0
ومن الواضح أن المؤامرات العدائية للإسلام تلبس فى كل عصر لبوسها، فهى حين يكون المسلمون أقوياء تأخذ طريق التهديم الفكرى والخلقى،
والاجتماعى، وحين يكونون ضعفاء تتخذ طريق الحرب والتجمع، وتستهدف الإبادة والإفناء، فإذا عجزت طريق الحرب عن تحقيق أهدافها،
انقلبت إلى طريق فكرى خداع، تستهوى عقول الغافلين أو المغفلين، فينبت للإسلام فى داخل أسواره نابتة تـنحرف شيئاً فشيئاً عن عقيدة
الإسلام السمحة، المشرقة، حتى تنتهى إلى عقائد، وأفكار تخالف المبادئ الأساسية للإسلام، وتحقق الأهداف الرئيسية التى يسعى إليها أعداؤه،
من حيث أنهم لا علاقة لهم بهذا التخريب والتهديم0
والذى يمكن أن أقرره هنا ... أن علل الأمة وأدواءها، لا تأتيها من الخارج بمقدار ما تأتيها من الداخل، ومن نفسها قبل غيرها0
ولله در من قال : ما أخشى على المسلمين إلا من المسلمين، ما أخشى من الأجانب كما أخشى من المسلمين، وهو كلام أصاب كبد
الحقيقة(1)0
فالخطر الأكبر من هذا الهجوم الشرس على السنة المطهرة فى عصرنا يأتى ممن ينتسبون إلى الإسلام، ممن هم من جلدتنا، ويتكلمون
بألسنتنا، وهذا ما دفعنى إلى اختيار موضوع هذا الكتاب $السنة النبوية فى كتابات أعداء الإسلام فى الكتابات العربية#0
وقد هدفت من كتابته إلى عدة أهداف منها :
أولاً : كثرة الأعاصير التى تهب فى وجه السنة النبوية من جميع أنحاء الدنيا، مستهدفة محو أثرها، وقلع جذورها، حتى يفقد المسلمون
الصورة التطبيقية الحقيقية لحياة رسول الله e، وبذلك يفقد الإسلام أكبر عناصر قوته0
فأحببت أن تكون لى مشاركة فى صد تلك الأعاصير، وإيقاف زحفها مع من بذلوا جهوداً فى الدفاع عن السنة لحماية حصنها من التهديم
والتخريب، راجياً بذلك المثوبة من الله تعالى0
ثانياً : بيان أن السنة حجة لا نزاع فيها بين المسلمين، وأنها ضرورة دينية، ومن أنكر حجيتها بشروطها المعروفة فى الأصول كفر، وخرج عن
دائرة الإسلام0
ثالثاً : أن يكون هذا البحث هادياً لمن تأثر من أبناء الإسلام بشبهات أعداء السنة، وأساليبهم فى الكيد لها، مما يوجب على من عرف الحق أن
يأخذ بأيديهم إلى بر الأمان0
رابعاً : إرادة الإسهام فى كشف القناع عن أساليب، وحقيقة أعداء السنة، من أهل الأهواء والبدع قديماً، من الخوارج، والشيعة، والمعتزلة،
ومن أحيا فكرهم فى العصر الحديث من المستشرقين، وأذيالهم من دعاة اللادينية من العلمانيين، والبهائيين، والقاديانيين ... فلا يعرف الإسلام
من لا يعرف الجاهلية، ولا يستبين الحق أو الرشد من لم يتبين الباطل أو الغى0 كذلك لا ينافح عن الإسلام من لم يعرف أعداءه ومحاربيه،
ومن لم يدرس خططهم، وأساليبهم، ولا يقدر على الحرب من لم يتعرف أرض المعركة0 وإنها معركة ليست أقل من المعارك الحربية التى
خاضها المسلمون، ولا يزالون فى بعض الأماكن0
إن الأخيرة قد استهدفت بالدرجة الأولى الأرض والتراب أما هذه - وهنا مكمن خطورتها- فإنها تستهدف القلب والفكر والوجدان وهى - لعمرى
- أعز على الله ، وأعز علينا من الأرض والتراب؟ ولا يخالجنا ذرة من شك أن الشراك التى نصبت شرها وكيدها من شبهات ساقطة، وطعون
واهية، غير مستندة إلى دليل، ولا قائمة على برهان، وإنما هى مجرد قولٌ قاله، وافتراءٌ افتراه، أناس سادرون فى غيهم، للتشكيك فى حجية
السنة، والتنفير من التمسك بها، والاهتداء بهديها، ليتسنى لهم القضاء عليها أولاً، ثم يخلصوا منها للقضاء على القرآن ثانياً، وبذلك يتحقق
لهم من هدم الدين ما ينشدون، وقد أخبرنا الله U بذلك إذ يقول تعالى : {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}(1) ولكن
وإن سَعَوا ما أمكنهم، فلن يصلوا إلى هدفهم المنشود، وغايتهم المطلوبة، بل سيظلون يتخبطون تخبطاً عشوائياً فى متاهات مظلمة كثيرة
الالتواء صعبة المخرج، إلى أن يموتوا غيظاً وكمداً وحقداً؛ لأن الله U تكفل بحفظ دينه من كل من يريده بسوء، وحفظ أهله من كل من يريدهم
بشر، كما يدل على ذلك قوله تعالى : {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ(32)هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ
رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}(2)0
وما شأن شراذم البغى - قديماً وحديثاً - ومحاولاتهم النيل من السنة المطهرة إلا كشأن من قال عنه الأعشى بن قيس :
كناطح صخرة يوماً ليوهنها *** فلم يضرها وأوهى قرَنهُ الوعَلُ
وهم ببغيهم وقالتهم الكاذبة، إنما يظلمون أنفسهم ودينهم، قال تعالى : {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}(3)0

خطــة البحــث :
نظراً لتعدد جوانب الموضوع وتشعبها، وكثرة الشُبه وتداخلها، فقد تنوعت مصادره، مما حتم علىَّ مطالعة العديد من الكتب فى أنواع العلوم
المختلفة، وتجميع المادة العلمية من مظانها، يستوى فى ذلك كتب الهجوم على السنة المطهرة، أو كتب الدفاع عنها، مما أدى إلى استنفاد جهد،
ووقت ليس بالقليل0 ولكن أحمد الله U الذى أعاننى على ذلك0
وقد قسمت هذا الموضوع إلى مقدمة، وتمهيد، وثلاثة أبواب، وخاتمة :
أمـا المقدمـة فقـد ضمنتهـا : سبب اختيار الموضوع، وأهميته، وخطة البحث ومنهج البحث فيه0
أما التمهيد ففيه خمسة مباحث :
المبحث الأول:كلمة فى الاصطلاح0معرفة الفوارق بين المعانى اللغوية والمعانى الاصطلاحية .
المبحث الثانى : التعريف بالسنة فى مصطلح علمائها0 وتحته ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : التعريف $بالسنـة# و$الحديث# فـى اللغـة0
المطلب الثانى : التعريف $بالسنـة# و$الحديث# فى الاصطلاح0
المطلب الثالث : شبهـة حـول التسميـة والـرد عليهـا0
المبحث الثالث : الحديث النبوى بالسند المتصل من خصائص الأمة الإسلامية0
المبحث الرابع : الحديــث النبــوى تاريــخ الإســلام0
المبحث الخامس : دراسة الحديث ضرورة لازمة لطالب العلم0
أما الأبواب فهى :
الباب الأول : التعريف بأعداء السنة النبوية، وفيه تمهيد وأربعة فصول :
التمهيــد : وفيه التعريف بأعداء لغةً وشرعاً0
الفصل الأول : أعداء السنة النبوية من أهل الأهواء والبدع قديماً (الخوارج، والشيعة، والمعتزلة)
الفصل الثانى : أعداء السنة النبوية من المستشرقين0
الفصل الثالث : أعداء السنة النبوية من أهل الأهواء والبدع حديثاً (العلمانية، والبهائية، والقاديانية) .
الفصل الرابع : أهداف أعداء الإسلام قديماً وحديثاً فى الكيد للسنة النبوية المطهرة0
الباب الثانى : وسائل أعداء السنة قديماً وحديثاً فى الكيد للسنة النبوية المطهرة ويشتمل على ستة فصول :
الفصل الأول : شبهات حول حجية السنة النبوية0
الفصل الثانى : وسيلتهم فى التشكيك فى حجية خبر الآحاد .
الفصل الثالث : وسيلتهم فى الطعن فى رواة السنة المطهرة .
الفصل الرابع : وسيلتهم فى الطعن فى الإسناد وعلوم الحديث .
الفصل الخامس: وسيلتهم فى الطعن والتشكيك فى كتب السنة المطهرة .
الفصل السادس : وسيلتهم فى الاعتماد على مصادر غير معتبرة فى التأريخ للسنة ورواتها .
الباب الثالث : نماذج من الأحاديث الصحيحة المطعون فيها والجواب عنها0 ويشتمل على تمهيد وعشرة فصول :
التمهيد ويتضمن بيان :
أ- طبيعة نقد الأحاديث الصحيحة عند أعدائها0
ب- طبيعة الأحاديث الصحيحة المطعون فيها0
الفصل الأول : حديث $إنما الأعمال بالنيات# .
الفصل الثانى : حديث $أنزل القرآن على سبعة أحرف# .
الفصل الثالث : أحاديث $رؤية الله U# و$محاجة آدم موسى عليهما السلام# و$الشفاعة# .
الفصل الرابع : أحاديث $ظهور المهدى# و$خروج الدجال# و$نزول المسيح عليه السلام# .
الفصل الخامس : حديث عذاب القبر ونعيمه .
الفصل السادس : أحاديث $خلوة النبىe بامرأة من الأنصار#، و$نوم النبى e عند أم سليم، وأم حَرَام# ، وحديث $سحر النبى e#0
الفصل السابع : حديث رضاعة الكبير ، شبهــات الطاعنيـن فيـه والـرد عليهـا0
الفصل الثامن : حديث وقوع الذباب فى الإناء .
الفصل التاسع : ثمرات ونتائـج الحديـث الصحيـح0
الفصل العاشر : مضار رد الأحاديث النبوية الصحيحة0
الخاتمة : وفيها نتائج هذه الدراسة، ومقترحات، وتوصيات، والفهارس العلمية للبحث0
هذا ولم أتعرض لتحرير مبحث أو مطلب إلا بعد أن رجعت إلى ما أمكننى الإطلاع عليه : من الكتب المؤلفة فيه كبيرها وصغيرها : فقد يوجد فى
الصغير، مالا يوجد فى الكبير، ويستوى فى ذلك كتب الهجوم على السنة أو الدفاع عنها0
ولم أكتب شيئاً إلا بعد أن اعتقد صحته، واطمئن إليه، غير متأثر برأى أحد -ممن كتب فيه- كائناً من كان، معاصراً أو غير معاصر، ولم أتردد
فى مخالفته متى تبين لى أنه قد اخطأ، مع بيان وجهة نظرى فى ذلك، ومع احترامى له، واعترافى بفضله، وتقديرى لعلمه، واعتقادى أنه $
صاحب آيات، وسباق غايات#0
وقد يؤخذ علىّ : أنى قد أطلت فى بعض المباحث، أو كررت بعض العبارات، أو أظهرت فى محل إضمار، أو غير ذلك. ولكنى قصدت بهذا كله :
توفية البحث حقه، وإتمام الفائدة، وزيادة الإيضاح، وعدم وقوع الناظر فى اللبس0
وإذا كانت الدراسة الموضوعية الصادقة هى تلك التى تعتمد على النصوص والوثائق فقد التزمت في هذا الكتاب -إلى حد كبير- بإيرادها
كشواهد ودلائل على ما عالجته من فكر ومبادئ...
منهجى فى البحث :
1- كل ما عرضته فى الكتاب من شبه ومطاعن أهل الزيغ والهوى قديماً وحديثاً، المتضمنة الطعن فى السنة النبوية المطهرة، فإنى قرنت ذلك
بالرد الحاسم الذى يبين بطلان وزيف تلك الشُبه والمطاعن معتمداً فى ذلك على نقول من كتب أهل السنة والجماعة قديماً وحديثاً، فعالجت
الفكرة بالفكرة ووضحت قول الإمام بقول إمام آخر، فإن كان من جهد فى هذا الكتاب فإنما هو ثمرة الوقوف على أكتاف العلماء، ونتاج المربين
الذين ربونا صغارًا، وحملونا كباراً، والمنة لله وحده، وهو ولى الجزاء وشكر الله للعلماء بذلهم0
2- بينت مواضع الآيات التى وردت فى الكتاب بذكر اسم السورة ورقم الآية فى الهامش، مع وضع الآية بين قوسين0
3- عزوت الأحاديث التى أوردتها فى الكتاب إلى مصادرها الأصلية من كتب السنة المعتمدة، فإن كان الحديث فى الصحيحين أو أحدهما اكتفيت
بالعزو إليهما، بذكر اسم الكتاب، واسم الباب، وذكر الجزء والصفحة ورقم الحديث مع البيان غالباً لدرجة الحديث من خلال أقوال أهل العلم
بالحديث، إن كان الحديث من غير الصحيحين، واقتصرت على التخريج من كتب السنن الأربعة إذا كان الحديث فى غير الصحيحين، وفيما عدا
ذلك اقتصر على ما يفيد ثبوت الحديث أو رده0
4- اعتمدت فى التخريج من الصحيحين على طبعتى البخارى (بشرح فتح البارى) لابن حجر، والمنهاج شرح مسلم للنووى، لصحة متون
الأحاديث فى الشرحين، ولصحة عرضهما على أصول الصحيحين، وتسهيلاً للقارئ لكثرة تداول تلك الشروح، وإتماماً للفائدة بالاطلاع على فقه
الحديث المخرج0
5- التزمت عند النقل من أى مرجع، أو الاستفادة منه الإشارة إلى رقم جزئه وصفحته بالإضافة إلى ذكر طبعات المراجع فى الفهرست0
6- عند النقل من فتح البارى، أو المنهاج شرح مسلم للنووى أذكر رقم الجزء والصفحة ورقم الحديث الوارد فيه الكلام المنقول، تيسيراً
للوصول إلى الكلام المنقول، نظراً لاختلاف رقم الصفحات تبعاً للطبعات المتعددة0
7- اكتفيت فى تراجم الأعلام من الصحابة بذكر مصادر تراجمهم بذكر رقم الجزء والصفحة ورقم الترجمة، ولم أترجم لهم لعدالتهم جميعاً، ولم
أخالف فى ذلك إلا فى القليل عندما تقتضى الترجمة الدفاع ضد شبهة0
8- ترجمت لكثير من الأعلام الذين جرى نقل شيء من كلامهم، مع ذكر مصادر تراجمهم، بذكر رقم الجزء والصفحة ورقم الترجمة0
9- شرحت المفردات الغريبة التى وردت فى بعض الأحاديث مستعيناً فى ذلك بكتب غريب الحديث، ومعاجم اللغة، وشروح الحديث0
ثم ختمت الكتاب بفهارس سبعة هى:
1- فهــرس الآيات القرآنيــة0
2- فهــرس الأحاديث والآثـار0
3- فهـرس الأعلام المترجم لهم0
4- فهـــرس الأشعــــار0
5- فهرس القبائل والبلدان والفرق0
6- فهرس المصادر والمراجــع0
7- فهرس الموضوعات التى اشتمل عليها الكتاب0
هذا وإنى -يعلم الله- ما فرطت ولا توانيت ولا كان منى ميل إلى كسل أو ركون إلى راحة، فإن فاتنى شئ فى أثناء الكتابة، أو لم أذكر أمراً كان
ينبغى ذكره، أو طرأ علىَّ سهو أو نسيان، فهذا لأن عمل الإنسان لا يخلوا من نقص مهما كانت عنايته0 وعذرى فى ذلك أن الكمال المطلق لله
U0
فما كان فى الكتاب من صوابٍ، فهو من الله U وبتوفيقه، وما كان من خطأ فمن نفسى، ومن الشيطان، والله برىء منه ورسوله، ولله وحده
الكمال والعزة والجلال0
وفى الختام : أحمد الله - سبحانه وتعالى- على عونه وتوفيقه لإتمام هذا الكتاب حيث سهل لى صعبه، وذلل أمامى عقباته، وإنى لأرى لزاماً
علىّ أن أسجل هنا وافر شكرى، وعظيم تقديرى، وصادق دعواتى لفضيلة شيخنا الأستاذ الدكتور إسماعيل عبد الخالق الدفتار ، الذى أحاطنى
بنصائحه، وتوجيهاته السديدة، وإرشاداته العديدة، حتى خرج هذا الكتاب إلى حيز الوجود، فاسأل الله U أن يبارك فى دينه، وبدنه، وأهله، وولده،
وأن يجزيه عنى وعن الإسلام خير الجزاء0
ولا يفوتنى فى هذا المقام أن أقدم شكرى أيضاً : لكل من أفادنى من مشايخى وزملائى بكتاب، أو إرشاد، أو أى نوع من المساعدة ...
اللهم تقبل هذا العمل خالصاً لوجهك الكريم0اللهم اجعلنى جنداً من جنود كتابك، جنداً من جنود سنة نبيك e، اللهم لا تعذب لساناً يخبر عنك، ولا
عيناً تنظر إلى علوم تدل عليك، ولا قدماً تمشى إلى خدمتك، ولا يداً تكتب حديث رسولك، فبعزتك لا تدخلنى النار، فقد علم أهلها أنى كنت أذب
عن دينك0 اللهم آمين،
والحمد لله رب العالمين
وصلـى الله علـى سيدنـا ومولانـا
محمــد وعلــى آلــه وصحبــه وسلــم
الراجى عفو ربه الغفور
عماد السيد محمد إسماعيل الشربينى

(1) الآية 65 من سورة النساء0
(2) انظر تخريجه ص 228 0




(1) الآيتان 41، 42 من سورة فصلت0
(2) الآية 52 من سورة الشورى0
(1) الآية 44 من سورة النحل0
(2) الآية 64 من سورة النحل0
(3) الآيتان 18، 19 من سورة القيامة0
(4) الآيتان 3، 4 من سورة النجم0
(1) لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟ لشكيب أرسلان ص 67 0
(1) جزء من الآية 217 من سورة البقرة0
(2) الآيتان 32، 33 من سورة التوبة0
(3) جزء من الآية 227 من سورة الشعراء0

====

2



M

وفيه خمسة مباحث :
1- المبحث الأول : كلمة فى الاصطلاح. معرفة الفوارق بين المعانى اللغوية والمعانى الاصطلاحية0
2- المبحث الثانى : التعريف بالسنة فى مصطلح علمائها .
3- المبحث الثالث : الحديث النبوى بالسند المتصل من خصائص الأمة الإسلامية
4- المبحـث الرابع : الحديــث النبـوى تاريــخ الإســلام .
5- المبحث الخامس : دراسة الحديث ضرورة لازمة لطالب العلم .





























المبحـث الأول
كلمــة فـى الاصطــلاح
معرفة الفوارق بين المعانى اللغوية والمعانى الاصطلاحية

معرفة الفوارق بين المعانى فى اللغة وبينها فى الاصطلاح مبحث فى غاية الأهمية، لا سيما وقد ظهر الخلط بين هذه المعانى عند أعداء الإسلام
والسنة المطهرة فى هجومهم على السنة، فهم لا يكادون يهتمون بمعرفة تلك الفروق، إما عن جهل يجرهم إلى اسوأ الأحكام وأتعس النتائج
بإنكار حجية السنة المطهرة، وإما عن علم متعمد لا يهتمون ولا يبينون الفوارق بين المعانى فى اللغة وبينها فى الاصطلاح بقصد تضليل
القارئ وتشكيكه فى حجية السنة المطهرة ومصدريتها التشريعية(1).
يقول أبو هلال العسكرى(2) فى كتابه (الفروق فى اللغة) :
"الفرق بين الاسم العرفى والاسم الشرعى : أن الاسم الشرعى ما نقل عن أصله فى اللغة فسمى به فعل أو حكم حدث فى الشرع نحو الصلاة
والزكاة والصوم والكفر والإيمان والإسلام وما يقرب من ذلك، وكانت هذه أسماء تجرى قبل الشرع على أشياء، ثم جرت فى الشرع على أشياء
أخر، وكثر استعمالها حتى صارت حقيقة فيها، وصار استعمالها على الأصل مجازاً، ألا ترى أن استعمال (الصلاة) اليوم فى الدعاء مجاز، وكان
هو الأصل. والاســـم العرفى ما نقل عن بابه بعرف الاستعمـال نحو قولنا (دابة) وذلك أنه قد صار فى العرف اسماً لبعض ما يدب وكان
فى الأصل اسماً لجميعه.
وعند الفقهاء أنه إذا ورد عن الله I خطاب قد وقع فى اللغة لشئ واستعمل فى العرف لغيره، ووضع فى الشرع لآخر، فالواجب حمله على ما
وضع فى الشرع؛ لأن ما وضع له فى اللغة قد انتقل عنه، وهو الأصل فيما استعمل فيه بالعرف أولى بذلك وإن كان الخطاب فى العرف لشئ
وفى اللغة بخلافه وجب حمله على العرف، لأنه أولى، كما أن اللفظ الشرعى يحمله على ما عدل عنه، وإذا حصل الكلام مستعملاً فى الشريعة
أولى على ما ذكر قبل، وجميع أسماء الشرع تحتاج إلى بيان نحو قوله تعالى : {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَءَاتُوا الزَّكَاة}(1) إذ قد عرف بدليل أنه أريد
بها غير ما وضعت له فى اللغة، وذلك على ضربين أحدهما يراد به ما لم يوضع له البتة نحو الصلاة والزكاة، والثانى يراد به ما وضع له فى
اللغة لكنه قد جعل اسماً فى الشرع لما يقع منه على وجه مخصوص، أو يبلغ حداً مخصوصاً فصار كأنه مستعمل فى غير ما وضع له وذلك
نحو الصيام والوضوء وما شاكله"(2).
فاللكلمة إذن معنيان، معنى لغوى، ومعنى شرعى، أى دلالة لغوية ودلالة اصطلاحية، وقد يكون المعنى الاصطلاحى بعيداً عن المعنى اللغوى،
بل قد تكون الكلمة لها أكثر من معنى فى اللغة وأكثر من معنى فى الاصطلاح ككلمة "السنة" مثلاً. فهى فضلاً عن معانيها اللغوية المتعددة،
والتى سيأتى ذكرها، لها أكثر من معنى اصطلاحى عند المحدثين، والفقهاء، والأصوليين كما سيأتى.
فالذى لا يعرف هذه الفوارق الاصطلاحية لا شك واقع فى الخطأ، وسوف يضل ضلالاً مبيناً، وهذه الفوارق استغلها أعداء الإسلام والسنة
المطهرة استغلالاً بشعاً ينبئ عن حقدهم الدفين على الإسلام وأهله، فنراهم فى هجومهم على السنة المطهرة يركزون على بعض معانيها
اللغوية أو الاصطلاحية مهملين عن جهل تارةً، وعن علم تارة أخرى باقى معانيها الاصطلاحية بغية الوصول إلى هدفهم وغايتهم من التشكيك
فى حجيتها وعدم العمل بها ومن ذلك تركيزهم على معنى السنة فى اصطلاح الفقهاء وهى ما ليس بواجب مما يمدح فاعلها ولا يذم
تاركها(3). وهذا التعميم فى تعريف السنة محض الضلال(4)، إذ فيه صـرف لهذه الكلمة عن معناها الاصطلاحى عند رجال الأصول وعلى أنها
مصدر تشريعى مستقل ملازم للقرآن الكريم فى الاحتجاج، وأن الأحكام التكليفية الخمسة تدور فيها، كما تدور فى القرآن الكريم بالتمام(1).
ومن المعانى اللغوية التى يركز عليها أعداء الإسلام فى تعريفهم بالسنة معناها الوارد بمعنى الطريقة والسيرة، حسنة كانت أو سيئة، ويعبرون
عن ذلك المعنى بالعادة والعرف كما قال المستشرق $جولد تسيهر#(2) : "السنة هى جماع العادات والتقاليد الوراثية فى المجتمع العربى
الجاهلى؛ فنقلت إلى الإسلام، فأصابها تعديل جوهرى عند انتقالها، ثم أنشأ المسلمون من المأثور من المذاهب والأقوال والأفعال والعادات لأقدم
جيل من أجيال المسلمين سنة جديدة"(3). وتابعه على ذلك سائر من جاء بعده من المستشــرقين(4).
وردد هذا الكلام الدكتور على حسن عبد القادر(5) فى كتابه $نظرة عامة فى تاريخ الفقه الإسلامى# فقال : "وكان معنى السنة موجوداً فى
الأوساط العربية قديماً، ويراد به الطريق الصحيح فى الحياة للفرد وللجماعة، ولم يخترع المسلمون هذا المعنى، بل كان معروفاً فى الجاهلية،
وكان يسمى عندهم سنة هذه التقاليد العربية وما وافق عادة الأسلاف. وقد بقى هذا المعنى فى الإسلام فى المدارس القديمة فى الحجاز، وفى
العراق أيضاً، بهذا المعنى العام يعنى العمل القائم، والأمر المجتمع عليه فى الأوساط الإسلامية والمثل الأعلى للسلوك الصحيح من غير أن
يختص ذلك بسنة النبى e وأخيراً حدد هذا المعنى، وجعلت السنة مقصورة على سنة الرسول e ويرجع هذا التحديد إلى أواخر القرن الثانى
الهجرى، بسبب طريقة الإمام الشافعى التى خالف بها الاصطلاح القديم(1).
وأقـول : نعم، لفظ السنة ومعناها كان معروفاً فى لغة العرب قبل الإسلام ولم يخترع المسلمون هذه الكلمة ولا معناها، ولكن ليس الأمر كما
زعم المستشرقون والدكتور على حسن عبد القادر من أن معنى الســنة فى صدر الإسلام العادة والعرف(2) الجاهلى، أو أنها الطريق
الصحيح فقط، وإنما تشمل الطريق الصحيح وغير الصحيح على رأى جمهور علماء اللغة، ويؤيدهم فى الإطلاق القرآن الكريم، والأحاديث
النبوية، والأشعار الجاهلية على ما سيأتى.
كما أن استعمال القرآن الكريم والسنة المطهرة لكلمة السنة بالمعنى اللغوى لا يعنى ذلك أن هذا المعنى اللغوى (الطريقة) أو (السيرة) أو (
العادة) هو المراد شرعاً بالسنة، فهذه الكلمة انتقلت من معناها اللغوى إلى المعنى الاصطلاحى (سنة رسول الله e الشاملة لأقواله وأفعاله
وتقريراته وصفاته الخِلْقِية والخُـلُقِية ...) وهى بهذا المعنى مصدر تشريعى ملازم للقرآن الكريم لا ينفك أحدهما عن الآخر.
وهذا المعنى الاصطلاحى لكلمة السنة كان محدداً ومعلوماً فى صدر الإسلام والنبى e بين ظهرانى أصحابه y(3) وليس الأمر كما زعم الدكتور
حسن تابعاً للمستشرقين أن هذا المعنى الاصطلاحى للسنة تحدد فى آواخر القرن الثانى الهجرى....
ومن المعانى اللغوية التى يركز عليها أعداء الإسلام فى تعريفهم بالسنة معناها الوارد بمعنى الطريقة، ثم يعرفون السنة النبوية؛ بأنها الطريقة
العملية أو السنة العملية، أما أقواله وتقريراته وصفاته e فليست من السنة، وإطلاق لفظ حديث أو سنة على ذلك إنما هو فى نظرهم اصطلاح
مستحدث من المحدثين ولا تعرفه اللغة ولا يستعمل فى أدبها، هكذا زعم محمود أبو ريه(1) فى كتابه (أضواء على السنة المحمدية)(2) تبعاً
للدكتور توفيق صدقى(3).
وفى ذلك أيضاً يقول الدكتور المهندس محمد شحرور(4) فى كتابه (الكتاب والقرآن قراءة معاصرة، "إن ما اصطلح على تسميته بالسنة النبوية
إنما هو حياة النبى e كنبى وكائن إنسانى عاش حياته فى الواقع، بل فى الصميم منه، وليس فى عالم الوهم".
وفى موضع آخر يقول : "من هنا يأتى التعريف الخاطئ برأينا للسنة النبوية بأنها كل ما صدر عن النبى e من قول ومن فعل أو أمر أو نهى أو
إقرار. علماً بأن هذا التعريف للسنة ليس تعريف النبى e نفسه، وبالتالى فهو قابل للنقاش والأخذ والرد وهذا التعريف كان سبباً فى تحنيط
الإسلام، علماً بأن النبى e وصحابته لم يعرفوا السنة بهذا الشكل، وتصرفات عمر بن الخطاب تؤكد ذلك"(5).
ويقول نيازى عز الدين(6) : "رجال الدين فى القرن الثالث الهجرى عرفوا السنة وأضافوا إليها أموراً هى من اجتهادهم، فقد قالوا فى تعريفها :
"هى كل ما أُثِرَ عن النبى e من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خِلْقِية أو خُـلُـقِية أو سيرة سواء كان ذلك قبل البعثة "كتحنثه فى غار حراء" أم
بعدها. وهذا التعريف الموسع الذى أتى فى عصر متأخر عن عصر الرسولe وصحابته قد جر البلاء على الإسلام0 وفى موضع آخر يقول : "
وإن أغلب الذين أدخلوا أحاديث الرسول e وأفعاله وتصرفاته الخاصة فى الدين فعلوها وهم يعلمون أنهم يفعلون الممنوع، ويقعون فى
المعصية، لكن الهوى والشيطان كانا أقوى من الإيمان فى تلك الفترة، ففعل الشيطان ما يريد"(1).
ومن المعانى اللغوية التى يركزون عليها فى تشكيكهم فى السنة المطهرة معناها الوارد فى القرآن الكريم بمعنى أمر الله U ونهيه وسائر
أحكامه وطريقته،ويقولون: لا سنة سوى سنة الله U الواردة فى كتابه العزيز، وأنه مستحيل أن يكون لرسول الله سنة، ويكون لله U سنة،
فيشرك الرسول نفسه مع الله U0
وفى ذلك يقول محمد نجيب(2) فى كتابه (الصلاة) : القرآن وما فيه من آيات هو سنة الله التى سنها وفرضها نظاماً للوجود،
واتبعها الله نفسه؛ فهى سنة الله ... وليس من المعقول أن يكون للرسول سنة ويكون لله سنة، فيشرك الرسول نفسه مع الله ويكون لكلاهما
سنة خاصة وهو أمر مستحيل أن يحصل من مؤمن ومن رسول على الأخص، فما كان لبشرٍ آتاه الله الكتاب والحكم والنبوة أن يترك حكم الله
وسنته، ويطلب من الناس أن تتبع ما يسنه هو من أحكام، وليس ذلك إن حَصُلَ إلا استكباراً فى الأرض، وتعالٍ على الله. يقول الله تعالى: {مَا
كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا
كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ}(3) {فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلا نُفُورًا اسْتِكْبَارًا فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ
الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً}(4). وهذا يؤكد وجوب الرجوع لكتاب الله وحده جماع سنة الله(5) أ0هـ0
وفى ذلك أيضاً يقول أحمد صبحى منصور(1) فى كتابه (حد الردة) معرفاً بالسنة الحقيقية قائلاً : "سنة الله تعالى هى سنة رسوله عليه السلام
...، الله تعالى ينزل الشرع وحياً، والرسول يبلغه وينفذه، ويكون النبى أول الناس طاعة واتباعاً لأوامر الله تعالى. والله تعالى أمر النبى بأن
يقول {إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ}(2)0 والإيمان بالرسول معناه الإيمان بكل ما نزل عليه من القرآن والإيمان بأنه اتبع ذلك الوحى وطبقه، وكان
أول الناس إيماناً به وتنفيذاً له(3)0
ويقول قاسم أحمد(4) فى كتابه (إعادة تقييم الحديث) : "إنه بالنظر إلى استخدام كلمتى السنة والحديث فى القرآن والذى يعطينا معلومات شيقة،
نجد أن كلمة "سنة" تشير فى القرآن إلى النظام أو الناموس الآلهى وإلى مثال الأمم السابقة التى لقيت مصيرها. فلم يشر القرآن إلى أن السنة
هى سلوك النبى، وهذان الاستخدامان تشير إليهما الآيتان التاليتان :
{سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً}(5) {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ
مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ}(6)0
فكلمة "حديث" استخدمت فى القرآن بمعنى "الأخبار" و"القصص" و"الرسالة" و"الشئ" وقد ذكرت ستاً وثلاثين مرة فى مواضع لغوية مختلفة، ولا
يشير أى منها إلى ما يعرف بالحديث النبوى. فعلى العكس وردت فى عشرة مواضع من الآيات البينات تشير إلى القرآن وتستبعد بشدة أى حديث
إلى جانب القرآن منها هذه الآيات {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا}(7) {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ
عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ}(1).
هذا والذى زعمه أعداء السنة المطهرة فى تعريفهم بالسنة النبوية من أنها الطريقة العملية أو السنة العملية، أو هى سنة الله U.
وأن تعريف السنة النبوية بأنها $كل ما صدر عن النبى e من قول أو فعل أو تقرير أو صفة ...# اصطلاح مستحدث من المحدثين ولم يعرفه
النبى e ولا أصحابه y بل كان هذا التعريف سبباً فى تحنيط الإسلام.
هذا الزعم الكاذب إنما يدل على ما سبق وأن ذكرته من أن هؤلاء الأعداء يخلطون بين المعانى فى اللغة وبينها فى الاصطلاح، ولا يهتمون
بمعرفتها ولا ببيانها إما عن جهل، وإما عن علم بقصد خداع القارئ وتضليله وتشكيكه فى حجية السنة وفى علمائها الذين قيدهم رب العزة
لحفظها من التغيير والتبديل تماماً بتمام، كما قيض لكتابه العزيز من يحفظه من العلماء الأفذاذ.
لذا كان لزاماً علينا بيان الفوارق بين معانى (السنة والحديث) فى اللغة وبينها فى الاصطلاح، حيث سيتضح جلياً صدق ما ذكرته من خلطهم
وعدم اهتمامهم بتلك الفوارق عن جهل تارة، وعن علم تارة أخرى، كما سيتضح أن السنة النبوية بتعريفها المعلوم عند المحدثين والأصوليين
والفقهاء، كان مقصوداً من النبى e ومعلوماً للصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - وأن هذا التعريف للسنة المطهرة كان سبباً فى عزة
الإسلام وأهله، وليس سبباً فى تحنيطه كما يزعم أعداءُ الإسلام0
كما سيتضح أيضاً أن مصطلح السنة ومصطلح الحديث كانا مترادفين زمن النبوة المباركة وزمن الصحابة y فمن بعدهم من التابعين وتابعيهم y
وعلى ذلك علماء الشرع الحنيف، خلافاً لأعداء الإسلام الزاعمين : أن مصطلح السنة غير مصطلح الحديث، وأنهما يجب أن يكونا متميزين عن
بعضهما فإلى بيان ذلك.

(1) ضوابط الرواية عند المحدثين للأستاذ الصديق بشير نصر ص 25 بتصرف، وانظر السنة فى مواجهة أعدائها للدكتور طه حبيشى ص 23
وما بعدها0
(2) أبو هلال العسكرى : هو الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكرى، لغوى، مفسر، شاعر، أديب0 من مصنفاته
لحن الخاصة، والتخليص فى اللغة، والفروق، والمحاسن فى تفسير القرآن، توفى بعد سنة 395هـ0 له ترجمة فى : طبقات المفسرين
للسيوطى، ص 33 رقم 29، وطبقات المفسرين للداودى 1 /138 رقم 131، ومعجم الأدباء للسيوطى 3 /135، ومعجم المؤلفين لعمر كحالة
3 /240 0
(1) جزء من الآية 43 من سورة البقرة0
(2) الفروق فى اللغة ص 56 0
(3) البحر المحيط للزركشى 1 /284، وإرشاد الفحول للشوكانى 1 /155، وأصول الفقه للشيخ محمد الخضرى ص 54، وأصول الفقه للشيخ
عبد الوهاب خلاف ص 111 0
(4) انظر تعميم محمود أبو ريه لذلك فى أضواء على السنة ص 38 0
(1) ضوابط الرواية عند المحدثين ص 25، 26 بتصرف0
(2) جولد تسيهر : مستشرق مجرى يهودى، رحل إلى سورية وفلسطين ومصر، ولازم بعض علماء الأزهر0 له تصانيف باللغات الألمانية
والإنكليزية والفرنسية0 ترجم بعضها إلى العربية، قال الدكتور السباعى : "عرف بعدائه للإسلام وبخطورة كتاباته عنه، ومن محررى دائرة
المعارف الإسلامية" كتب عن القرآن والحديث، ومن كتبه : "تاريخ مذاهب النتفسير الإسلامى" و"العقيدة والشريعة فى الإسلام" و "فضائح
الباطنية" وغير ذلك مات سنة 1921م له ترجمة فى: الأعلام للزركلى 1 /284، والاستشراق للدكتور/ للسباعى ص 31-32، وأراء
المستشرقين حول القرآن وتفسيره للدكتور عمر إبراهيم 1 /161 - 162 0
(3) العقيدة والشريعة فى الإسلام ص 49، 251 0
(4) دائرة المعارف الإسلامية 7 /330، وانظر دراسات فى الحديث للدكتور الأعظمى 1 /5-11، ومنهجية جمع السنة وجمع الأناجيل للدكتورة
عزية على طه ص 62، 122، 123 0
(5) على حسن عبد القادر : أستاذ تاريخ التشريع الإسلامى، حاصل على العالمية فى الفلسفة من ألمانيا، ومجاز من كلية أصول الدين فى قسم
التاريخ، وعميد كلية الشريعة بالأزهر الشريف سابقاً، من مؤلفاته : نظرة عامة فى تاريخ الفقه الإسلامى0
(1) نظرة عامة فى تاريخ الفقه الإسلامى ص 122، 123 0
(2) يصح تعريف السنة بالعادة والعرف، ولكن المراد بالعادة فى هذه الحالة عادة الرسول e أى ما عمله أو أقره أو رآه فلم ينكره، وهى فى
هذه الحالة من الدين0 كما تطلق أيضاً على السيرة العملية لحياة الصحابة y ولا تعنى العادة والعرف السائد فى الجاهلية كما يوهمه كلام جولد
تسيهر ومن قال بقوله انظر:حجية السنة للدكتور عبد الغنى عبد الخالق ص49-51، والمدخل إلى السنة النبوية لأستاذنا الفاضل الدكتور عبد
المهدى عبدالقادر ص25،26 .
(3) ستأتى الأحاديث التى تشهد بذلك انظر : ص 43، 44، 45 .
(1) محمود أبو ريه : كاتب مصرى كان منتسباً إلى الأزهر فى صدر شبابه، فلما انتقل إلى مرحلة الثانوية الأزهرية أعياه أن ينجح فيها، أكثر
من مرة، فعمل مصححاً للأخطاء المطبعية بجريدة فى بلده، ثم موظفاً فى دائرة البلدية حتى أحيل إلى التقاعد0 من مصنفاته التى طعن فيها فى
السنة والصحابة، أضواء على السنة، وقصة الحديث المحمدى، شيخ المضيرة (أبو هريرة) انظر : السنة ومكانتها فى التشريع للدكتور السباعى
ص 466 0
(2) أضواء على السنة ص 39 0
(3) الدكتور توفيق صدقى : هو الدكتور محمد توفيق صدقى طبيب بمصلحة السجون بالقاهرة، كتب مقالات فى مجلة المنار بعنوان "الإسلام هو
القرآن وحده" مات سنة 1920م، ترجم له الشيخ محمد رشيد رضا فى مجلة المنار المجلد 21/483 وما بعدها، وانظر : مجلة المنار المجلد
11 /774 .
(4) محمد شحرور : كاتب سورى معاصر، حاصل على الدكتوراه فى الهندسة من الجامعة القومية الإيرلندية فى دبلن0 من مؤلفاته : الكتاب
والقرآن قراءة معاصرة، والإسلام والإيمان منظومة القيم، والدولة والمجتمع0
(5) الكتاب والقرآن قراءة معاصرة ص 546-548 0
(6) نيازى عز الدين : كاتب سورى معاصر، هاجر إلى أمريكا0 من مؤلفاته : إنذار من السماء، ودين السلطان، الذى زعم فيه أن السنة
المطهرة وضعها أئمة المسلمين من الفقهاء والمحدثين لتثبيت ملك السلطان ومعاوية t وصار على دربه علماء المسلمين إلى يومنا هذا0
(1) إنذار من السماء ص 40، 111 0
(2) محمد نجيب كاتب معاصر0 من مؤلفاته (الصلاة) أنكر فيه السنة المطهرة، وزعم أن تفاصيل الصلاة واردة فى القرآن الكريم0والكتاب
صادر عن ندوة أنصار القرآن، نشر دائرة المعارف العلمية الإسلامية0
(3) الآية 79 من سورة آل عمران0
(4) الآيتان 42، 43 من سورة فاطر0
(5) الصلاة ص 276، 277 0
(1) أحمد صبحى منصور تخرج فى الأزهر وحصل على العالمية فى التاريخ من الجامعة وتبرأ من السنة فتبرأت منه الجامعة، سافر إلى أمريكا
وعمل مع المتنبئ رشاد خليفة، يحاضر بالجامعة الأمريكية بمصر، ومدير رواق بن خلدون بالمقطم0 من مصنفاته : الأنبياء فى القرآن،
والمسلم العاصى، وعذاب القبر والثعبان الأقرع، ولماذا القرآن، باسم مستعار وهو عبد الله الخليفة0 انظر قصته هو ورشاد خليفة فى كتابى
مسيلمة فى مسجد توسان، والدفاع عن السنة الجزء الأول من سلسة "الإسلام واستمرار المؤامرة كلاهما لفضيلة الأستاذ الدكتور طه حبيشى0
(2) جزء من الآية 9 من سورة الأحقاف0
(3) حد الردة ص 40 0
(4) قاسم أحمد كاتب ماليزى معاصر، ورئيس الحزب الاشتراكى الماليزى -سابقاً-0 من مؤلفاته: إعادة تقييم الحديث، أنكر فيه حجية السنة
المطهرة0
(5) الآية 23 من سورة الفتح0
(6) الآية 38 من سورة الأنفال0
(7) جزء من الآية 23 من سورة الزمر0
(19) الآية 6 من سورة لقمان، وانظر : إعادة تقييم الحديث ص 77، 78، واستشهاده بـهذه الآية على أن لفظ الحديث هو القرآن استشهاد
باطل فـ (لهو الحديث) هنا الأقاصيص والأساطير، انظر : تفسير القرآن العظيم لابن كثير 3/441 0
===
3



المبحث الثانـى
التعريف بالسنة فـى مصطلـح علمائهـا

وتحته ثلاثـة مطالب :
المطلب الأول : التعريـف "بالسنة" و"الحديـث" فـى اللغـة.
المطلب الثانى : التعريف "بالسنة" و"الحديث" فـى الاصطلاح.
المطلب الثالث : شبهـة حـول التسمية والـــرد عليهــا.
































المطلـــب الأول
التعريف "بالسنة" و "الحديث" فى اللغــــــــة

تطلق السنة فى اللغة على عدة معان منها :
1- ما يدل على الصقالة والملامسة، ومن ذلك إطلاقها على الوجه أو دائرته، أو صورته، وبهذا المعنى وردت فى أشعار العرب قال
الأعشى(1) :
كريمـاً شمائلـه مـن بنـى *** معاويـة الأكرميـن السنـن
حيث أراد بقوله "الأكرمين السنن" الأكرمين الوجوه0
وقال ذو الرمة(2) :
تريك سنة وجه غير مقرفـة *** ملساء ليس لها خال ولا ندب
حيث أراد بقوله "تريك سنة وجه" تريك دائرة وجهها0
وقال ثعلب(3) :
بيضـاء فـى المـرآة سنتها *** فى البيت تحت مواضع اللمس
حيث أراد بقوله : "فى المرآة سنتها" فى المرآة صورتها(4)0
2- كذلك ترد السنة بمعنى : السيرة المستمرة، والطريقة المستقيمة، سواء حسنة كانت أم سيئة(5)، وأصلها اللغوى مأخوذ من قولك : سننت
الماء إذا واليت صبه، وفى لسان العرب : سن عليه الماء : صبه، وقيل : أرسله إرسالاً ليناً ... وسن الماء على وجهه، أى : صبه عليه صباً
سهلاً0
قال الجَوْهَرىُّ(1) : سننت الماء على وجهى : أى أرسلته إرسالاً من غير تفريق ... والسنن : الصب فى سهولة ... وفى حديث عمرو بن
العاص(2) t عند موته : "فسنوا على التراب سناً"(3) أى ضعوه وضعاً سهلاً(4) فشبهت العرب الطريقة المتبعة، والسيرة المستمرة بالشئ
المصبوب، لتوالى أجزائه على نهج واحد، ومن هذا المعنى قول خالد بن عتبة الهذلى :
فلا تجزعن من سيرة أنت سرتها *** فأول راضٍ سنة من يسيرها(5)
وبهذا الإطلاق اللغوى جاءت كلمة السنة فى القرآن الكريم، قال تعالى: { سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً}(6) وقال
تعالى {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَــغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ ... الآية}(7)0
كما جاءت أيضاً فى السنة النبوية بهذا المعنى، قال e "من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة،ومن سن سنة سيئة
فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة"(8) وقال e "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع" (1).
وهكذا فإن العرب تطلق على كل من ابتدأ أمراً عمل به قوم من بعده، بأنه هو الذى سنه، ومن هذا المعنى قول نصيب :
كأننى سننت الحب أول عاشق *** من الناس إذا أحببت من بينهم وحدى
وخصها بعض أهل اللغة بالطريقة المستقيمة الحسنة دون غيرها، ولذلك قيل : فلان من أهل السنة(2).
والحق هو ما عليه جمهور أهل اللغة ويؤيدهم فى الإطلاق الآيات والأحاديث السابق ذكرها وقول خالد الهذلى المتقدم(3).
والعلاقة بين المعنيين (اللغوى والاصطلاحى) ظاهرة؛ لأن سنة المصطفى e من قول، أو فعل، أو تقرير أو ... إلخ. طريقة متبعة عند المؤمنين
ليس لهم خيرة فى أمره e كما قال رب العزة {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ
يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِينًا}(4)0
قال الدكتور همام عبد الرحيم سعيد : "وسنة النبى e تحمل هذه المعانى اللغوية، لما فيها من جريان الأحكام واطرادها، وصقل الحياة الإنسانية
بها، فيكون وجه المجتمع السائر على هديها ناضراً بخيرها وبركتها، ويستفاد من المعانى اللغوية أن السنة فيها معنى التكرار والاعتياد، وفيها
معنى التقويم، وإمرار الشئ على الشئ من أجل إحداده وصقله(5)0
3- كما ترد "السنة" بمعنى العناية بالشئ ورعايته، يقال : سن الإبل إذا أحسن رعايتها، والعناية بها(6)، والفعل الذى داوم عليه النبى e سمى
سنة بمعنى : أنهe أحسن رعايته وإدامته(1)0
4- كما ترد "السنة" بمعنى البيان، يقال : سن الأمر، أى بينه، وفى الحديث "إنى لأنسى أو أنسى لأسن"(2) أى إنما أدفع إلى النسيان لأسوق
الناس بالهداية إلى طريق مستقيم، وأبين لهم ما يحتاجون أن يفعلوا إذا عرض لهم النسيان(3)0
5- وتستعمل "السنة" أيضـــاً بمعنى دين الله تعالى الذى هو أمره ونهيه وسائر أحكامه(4)0
6- وقال الطبرى(5):"السنة" هى المثال المتبع، والأمام المؤتم به، ومنه قول لبيد بن ربيعة(6):
مـن معشـر سنت لهم آباؤهـم *** ولكـل قـوم سنـة وإمامهـا(7)
7- ونقل القرطبى(8)، عن المفضل(9) أن "السنة" الأمة، وأنشد :
ما عاين الناس من فضل كفضلهم *** ولا رأوا مثلهم فى سالف السنن(1)
8- ونقل الشوكانى(2)، عن الكسائى(3) أن "السنة" الدوام(4)0
خلاصة القول كما يقول الدكتور محمد مصطفى الأعظمى :
إن السنة معناها فى اللغة "الطريقة" و"العادة" و"السيرة" سواء كانت سيئة أو حسنة، وقد استعملها الإسلام (القرآن والنبى e) فى معناها
اللغوى كما رأينا فى الآيات والأحاديث السابقة، ثم خصصها الإسلام بطريقة النبى e وطريقة أصحابهy كما سيأتى فى تعريف السنة اصطلاحاً،
وليس معنى هذا أن معناها اللغوى قد بطل أو انعدم بل بقى استعمالها ولكن فى نطاق ضيق(5)0
التعريـف بالحديـث لغـة :
"الحديث" فى اللغة : الجديد ضد القديم ومادة الكلمة "حدث" تدور حول معنى واحد وهو كون الشئ بعد أن لم يكن، والحديث كلام يحدث منه الشئ
بعد الشئ، بعد أن لم يكن(6)0
وإنما سميت الكلمات والعبارات حديثاً؛ لأن الكلمات إنما تتركب من الحروف المتعاقبة المتوالية، وكل واحد من تلك الحروف يحدث عقب صاحبه،
أو لأن سماعها يحدث فى القلوب من المعانى والعلوم الشئ الكثير قال تعالى {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ}(7)0
ويجمع الحديث على أحاديث على خلاف القياس، ويرى الفراء أن واحد الأحاديث أحدوثة،ثم جعلوه جمعاً للحديث وقال ابن برى: ليس الأمر كما
زعم الفراء،لأن الأحدوثة بمعنى الأعجوبة، يقال : قد صار فلان أحدوثةً، أما أحاديث النبى e فلا يكون واحدها إلا حديثاً(1)0
ويرى الزمخشرى(2) : إن الأحاديث اسم جمع(3)، وخالفه أبو حيان فى البحر(4) : فقال ليس كل الأحاديث باسم جمع، بل هو جمع تكسير
للحديث على غير قياس كأباطيل، واسم الجمع لم يأت على هذا الوزن(5)، فالراجح أنها جمعت على غير قياس... والجمع القياسى للفظ حديث
أحدثه كرغيف وأرغفة، أو حدث كقضيب وقضب(6).
قال فضيلة الأستاذ الدكتور مروان محمد شاهين : أما عن الحديث فى اللغة فله معان ثلاثة :
الأول : الحديث بمعنى الجديد الذى هو ضد القديم، تقول : لبست ثوباً حديثاً أى جديداً، وقرأت كتاباً حديثاً بمعنى الجديد، وركبت سيارة حديثة تعنى
سيارة جديدة.
الثانى : الحديث بمعنى الخبر والنبأ مثل قوله تعالى: {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى}(7) ومثل قوله U : {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَة}(1) وقد ورد هذا
المعنى أيضاً فى قول ربنا U {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا}(2)0
الثالث : الحديث بمعنى الكلام مثل قول الله تعالى {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا}(3) أى نزل أحسن الكلام، ومثل قوله سبحانه {وَمَنْ
أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا}(4) وقوله تعالى {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ}(5) أى إن لم يؤمنوا بالقرآن الكريم فبأى كلام بعده يؤمنون(6)0
وبهذا الإطلاق اللغوى جاءت كلمة "الحديث" فى السنة المطهرة مراداً بها كلام رب العزة، وكلام رسول الله e فمثال ما جاء فى السنة مراداً
بها كلام الله U ما أخرجه مسلم فى صحيحه عن جابر بن عبد الله(7) t قال : كان رسول الله e إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد
غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول : صبحكم ومساكم، ويقول : بعثت أنا والساعة كهاتين، ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى ويقول: أما بعد
: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمدe وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة ..."(8).
ومثال ما جاء فى السنة مراداً بها كلام النبى e ما أخرجه أبو داود والترمذى وابن ماجة عن زيد بن ثابت(9) t قال : سمعت رسول الله e يقول
: "نضر الله امرءاً سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه"(1) وعن المغيرة بن
شعبة(2) t قال : قال رسول الله e "مَنْ حَدَّثَ عَنِّىِ بَحديثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ؛ فَهُوَ أَحَدُ الكَاذِبِينَ"(3).















المطلـــب الثانـــى
التعريـف "بالسنة" و"الحديث" فى الاصطلاح

بادئ ذى بدءٍ وقبل بيان معنى "السنة" و"الحديث" فى اصطلاح العلماء نقول : إذا كان هناك بعض الفروق الدقيقة بين الاستعمالين لغة كما
سبق، واصطلاحاً كما سيأتى تفصيلاً، إلا أنهما مترادفان متساويان فى استعمالهم؛ فهم جميعاً لم يطلقوا استعمالهما اللغوى0
يقول الدكتور صبحى الصالح : "ولئن أطلقت السنة فى كثير من المواطن على غير ما أطلق الحديث؛ فإن الشعور بتساويهما فى الدلالة أو
تقاربهما على - الأقل - كان دائماً يساور نقاد الحديث، فهل السنة العملية إلا الطريقة النبوية التى كان الرسول -صلوات الله عليه- يؤيدها
بأقواله الحكيمة وأحاديثه الرشيدة الموجهة؟ وهل موضوع الحديث يغاير موضوع السنة؟ ألا يدوران كلاهما حول محور واحد؟ ألا ينتهيان أخيراً
إلى النبى الكريم فى أقواله المؤيدة لأعماله، وفى أعماله المؤيدة لأقواله؟
حين جالت هذه الأسئلة فى أذهان النقاد لم يجدوا بأساً فى أن يصرحوا بحقيقة لا ترد إذا تناسينا موردى التسميتين كان الحديث والسنة
شيئاً واحداً، فليقل أكثر المحدثين أنهما مترادفان(1).
وإذن فمعنى السنة والحديث عند علماء الشرع واحد من حيث إطلاق أحدهما مكان الآخر، ففى كل منهما إضافة قول أو فعل أو تقرير أو
صفة إلى النبى e إلا أن أهل كل اختصاص قد نظروا إلى السنة من الزاوية التى تعنيهم-من حيث تخصصهم وموضوع علمهم.
1- فعلماء الحديث إنما بحثوا عن رسول الله e الإمام الهادى، والرائد الناصح، الذى أخبر الله U أنه أسوة لنا وقدوة، فنقلوا كل ما يتصل به من
سيرة وخلق وشمائل، وأخبار وأقوال وأفعال سواء أثبت المنقول حكماً شرعياً أم لا(2).
فعرفوها بأنها كل ما نقل عن النبى e من قول أو فعل أو إقرار (تقرير) أو صفة خِلْقِية أو صفة خُـلُـقِية حتى الحركات والسكنات فى اليقظة
والمنام قبل البعثة أو بعدها0 فلذلك من الأثر ماله فى إثبات النبوة وإعطاء الأسوة وتعميق الإيمان، وتوكيد العلاقة والمحبة والتوقير بيننا وبينه
e ، والالتزام بسنته المطهرة(1).
أما علماء الأصول : فإنهم يعنون بالبحث فى مصادر الشريعة، وأخذ الأدلة الشرعية من النصوص، واستنباط الأحكام منها - ومن هنا كان
اهتمامهم بالسنة من حيث كونها المصدر الثانى للتشريع بعد كتاب الله تعالى فعرفوها بأنها كل ما صدر عن النبى e من قول، أو فعل، أو
تقرير، أو ترك، أو كتابة، أو إشارة مفهمه أو هم مصحوب بالقرائن، أو غير ذلك مما يثبت الأحكام ويقررها، مما لم ينطق به الكتاب العزيز(2).
أما الفقهاء فيطلقون كلمة "سنة" ويعنون بها ما يقل عن درجة الوجوب والإلزام، فالواجب والفرض عندهم ما يثاب فاعله، ويعاقب تاركه، أما
السنة عندهم - فهى ما يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها مما فعله الرسول e وواظب عليه؛ لأنها فى اصطلاحهم - أقل إلزاماً من الفرض، ونظرة
الفقهاء إلى السنة خاضعة لتخصصهم، ولموضوع علمهم الذى هو البحث عن حكم الشرع على أفعال العباد من حيث الوجوب والتحريم
والاستحباب والكراهة والإباحة ومن هنا خضع تعريفهم للسنة إلى تخصصهم الذى يعملون فيه(3).
السنـة وعمـل الصحابـة :
يقول فى ذلك الدكتور محمد عجاج الخطيب، إلى جانب المعنى السابق الذى يدل عليه لفظ السنة، فقد يطلق العلماء (محدثين وأصوليين وفقهاء)
لفظ السنة أحياناً على ما عمل به أصحاب رسول الله e سواء أكان ذلك فى القرآن الكريم أم فى المأثور عن النبى e أم لا، لكنه اتباعاً لسنة
ثبتت عندهم، أو اجتهادٍ مجتمعاً عليه منهم .
ومن أبرز ما ثبت فى السنة بهذا المعنى حد الخمر، حيث كان تعزير شارب الخمر فى عهده e غير معين فكانوا يضربونه تارة أربعين جلده،
وتارة يبلغون ثمانين جلدة، فلما كان عهد عمر(1) t استشار الناس؛ فقال عبد الرحمن بن عوف(2) t أخف الحدود ثمانون، وقال على(3) t
نرى أن نجلده ثمانين؛ فإنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، فجلد عمر t فى الخمر ثمانين(4).
وثبت فى ذلك أيضاً تضمين الصناع0 وقضى الخلفاء y بذلك، قال على t لا يصلح الناس إلا ذاك؛ لأن الناس بحاجة إلى الاستصناع، وعدم
تضمين الصناع يورث الإهمال فى العمل وعدم المسئولية، مما يؤدى إلى ضياع أموال الناس(5).
ومن ذلك أيضاً، جَمْعُ المصاحــف فى عهد أبى بكر برأى عمر -رضى الله عنهما-(6)، وحمل الناس على القراءة بحرف واحد من الحروف
السبعة وتدوين الدواوين، وما أشبه ذلك مما اقتضاه النظر المصلحى الذى أقره الصحابة -رضوان الله عليهم- أجمعين(7).
ومما يدل على إطلاق السنــة بهذا المعنى قوله e فيما رواه عنه العرباض بن سارية(8) t قال : صلى بنا رسول الله e الصبح ذات يوم ثم
أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل : يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟
فقال : "أوصيكم بتقوى الله U والسمع، والطاعة، وإن كان عبداً حبشياً، فإنه من يعش منكم بعدى فسيرى اختلافاً كثيراً؛ فعليكم بسنتى وسنة
الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة"(1) وقوله e
فيما رواه عنه عبد الله بن عمرو(2) -رضى الله عنهما- قال : قال رسول الله e "إن بنى اسرائيل تفرقت على اثنتين وسبعين ملة، وتفترق
أمتى على ثلاث وسبعين، كلهم فى النار إلا ملة واحدة، قالوا : ومن هى يا رسول الله قال : ما أنا عليه وأصحابى"(3).
واستدل على ذلك أيضاً بأن السلف كانوا يقولون : سنة العمريين أى أبى بكر وعمر -رضى الله عنهما-، ومما أخرجه ابن عبد البر بسنده
عن مالك بن أنس(4) قال عمر بن عبد العزيز(5) : سن رسول اللهe وولاة الأمر من بعده سنناً الأخذ بها تصديق بكتاب الله e واستكمال
لطاعة الله وقوة على دين الله، من عمل بها؛ فهو مهتد، ومن استنصر بها؛ فهو منصور، ومن خالفها؛ اتبع غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما
تولى، وأصلاه جهنم وساءت مصيراً(1).
وإذا كان عمل الصحابة y يطلق عليه لفظ السنة - فلا يعنى هذا أن السنة معناها فى صدر الإسلام "العادات والتقاليد الوراثية فى المجتمع
العربى الجاهلى، ثم نقلت إلى الإسلام" كما زعم جولدتسيهر وغيره، لأن تلك الادعاءات كما قال الدكتور الأعظمى تخالف مخالفه جذرية ما دلت
عليه النصوص القطعية والتى تفسر بعضها بعضاً0 لما رواه أحمد فى مسنده عن سالم(2) قال "كان عبد الله بن عمر(3) يفتى بالذى أنزل الله
U من الرخصة بالتمتع، وسن رسول الله e فيه : فيقول ناس لابن عمر : كيف تخالف أباك؟ وقد نهى عن ذلك، فيقول لهم عبد الله ويلكم ألا
تتقون الله إن كان عمر نهى عن ذلك فيبتغى فيه الخير، يلتمس به تمام العمرة، فلم تحرمون ذلك؟ وقد أحله الله وعمل به رسول الله e أفرسول
الله e أحق أن تتبعوا سنته أم سنة عمر"(4).
فدل ذلك على أن لفظ "السنة" فى صدر الإسلام كان معلوماً بأنها سنة النبى e وليس ما كان معروفاً مألوفاً فى الجاهلية، إذ لو كان الفرق
الشائع، أو تقاليد المجتمع الجاهلية هما "السنة" فكيف نفسر قول ابن عمر هذا؟ (5)0
هذا وإن كانت السنة تطلق على ما عمل به أصحاب رسول الله y كما سبق، فهى أيضاً تطلق ويراد بها الجانب العملى الذى نقل لنا عن رسول
الله e أما الحديث: فهو الأخبار التى نقلت لنا عنه e من أقواله وأفعاله وتقريراته وصفاته ... إلخ0 وفى ضوء ذلك نستطيع أن نفهم قول
العلماء فى وصف أحدهم مثلاً (إمام فى الحديث) أو (إمام فى السنة) أو قولهم عنه إنه (إمام فيهما معاً)، أى أنه عالم فى الحديث، وعالم
بالسنة يطبقها على نفسه، ويلتزم بها فى سلوكه0
والسنة بهذا المعنى الأخير تباين البدعة التى ليست من الدين والتى اعتبرها الرسول e ضلالة؛ لأنها ليست من شرع الله فى شئ، وكل
ضلالة فى النار. وفى ضوء ذلك أيضاً نستطيع أن نفهم قول الرسول e "من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"(1) ... ووفقاً لهذا المعنى
نستطيع أن نفهم أيضاً قـول عبـد الرحمـن ابن مهدى(2) -وهو واحد من أفذاذ علم الحديث ورجاله، ومن كبار العلماء بالسنة - حينما سئل
عن مالك بن أنس، والأوزاعى(3)، وسفيان بن عيينة(4) فقال : الأوزاعى إمام فى السنة وليس بإمام فى الحديث، وسفيان إمام فى الحديث
وليس بإمام فى السنة، ومالك إمام فيهما معاً.
وإجابة عبد الرحمن بن مهدى واضحة الدلالة على أن السنة -فى مثل هذا الاستعمال- إنما يراد بها الجانب العملى فى الإسلام، أما الحديث فهو
الاشتغال بما نقل لنا عن رسول الله e من أقواله وأفعاله وتقريراته ... إلخ.
ومن هنا يقولون أيضاً : فلان صاحب سنة وفلان صاحب بدعة، أما الأول، فلأنه يتبع هدى النبى e ، "وأما الثانى؛ فلأنه يحاول أن يلحق بالدين
ما ليس منه(1).
يقول الدكتور صبحى الصالح : وأغرب من هذا كله أن أحد المفهومين يدعم بالآخر كأنهما متغايران من كل وجه، حتى صح أن يذكر ابن النديم
كتاباً بعنوان "السنن بشواهد الحديث"(2).
وهناك تفريق آخر بين الحديث والسنة وهو ما ذكره العلامة الكتانى من أن الموقوف لا يسمى سنة، ولكنه يسمى حديثاً"(3).
ويعقب الدكتور محمد الصباغ : على التفريق بين السنة والحديث فى قول الأمام عبد الرحمن بن مهدى فيقول : ولكن هذا التفريق لم يعش
طويلاً فيما بعد، وأضحت الكلمتان مترادفتين، ولا نذكر هذا التفريق إلا من أجل فهم مثل العبارة الواردة عن ابن مهدى والتى ذكرناها آنفاً(4)0
هذا ومرادى بالسنة هنا : ما أراده المحدثون وذهب إليه جمهورهم وهى : أقوال النبى e وأفعاله وتقريراته وصفاته الخِلْقِية والخُلُقِية وسيره
ومغازيه قبل البعثة مثل تحنثه فى غار حراء(5)، ومثل حسن سيرته، لأن الحال يستفاد منها ما كان عليه من كريم الأخلاق ومحاسن الأفعال؛
كقول أم المؤمنين خديجة -رضى الله عنها- له e كلا والله لا يخزيك الله أبداً؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقرى الضيف، وتكسب المعدوم،
وتعين على نوائب الحق(6)
ومثل أنه كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، وأنه عرف بالصدق والأمانة وما إلى ذلك من صفات الخير، وحسن الخلق، فمثل ذلك ينتفع به فى إثبات
نبوته e كثيراً كما حصل من هرقل فى حديثه المشهور(1).
وهذا ما جعل العلماء يعتبرون كل ما يتصل به e قبل البعثة جزءاً من السنة؛ فالسنة عندهم تشمل كل ما يتصل بالرسول e قبل وبعد البعثة،
ويدخل فى التعريف ما كان عليه عمل الصحابة0 وهذا أجمع تعريف لها(2). والسنة بهذا المعنى مرادفة للحديث النبوى عندهم(3) أ0هـ.
ومن هنا يظهر فساد قول جولدتسيهر : فى كتابه (دراسات محمدية) يجب أن يكون مصطلح "الحديث"، ومصطلح "السنة" متميزين عن
بعضهما(4)، فهما ليسا بمعنى واحد، وإنما السنة دليل الحديث(5).
وجولدتسيهر بزعمه هذا لم يفرق بين المعانى اللغوية والمعانى الاصطلاحية للفظتين: الحديث والسنة لذلك تراه يخلط فى الموضوع بعدم التزامه
باصطلاحات علماء الشرع، مما جعله يظن أن الخلاف فى معانى لفظ (حديث) و(سنة) هو نوع من الاضطراب فى التفكير عند المسلمين، وهذه
الاصطلاحات قد استوفيناها قبل قليل، فظهر أنه لم يعتبر اصطلاحات القوم، بل لم يقترب منها أدنى الاقتراب0
وقوله (إنما السنة دليل الحديث) هذه الدعوى جره إليها تفريقه بين الحديث والسنة، وكان الأشبه العكس، فالحديث دليل السنة، فهما بمعنى واحد
فى اصطلاح الأصوليين0
ومن هنا جاء قولهم : سنة ثابتة عن الرسول، وسنة غير ثابتة عنه0
فالأولى : لأنه ثبت عن الرسول الكريم أنه قال ذلك الشئ أو فعله أو أقره، وطريقة ثبوت ذلك عن الرسول هو وجود الحديث الشريف الذى
يتضمن ذلك ويشهد عليه.
الثانية : لأنه لم نجد حديثاً عن النبى قولاً أو فعلاً أو تقريراً يؤكدها، فهى بذلك سنة غير ملزمة وكذلك إذا قيل : السنة كذا، ومن السنة كذا،
وهكذا السنة كلها دليل شرعى ملزم؛ لأن ذلك ثابت عن النبى ( بوجه من الوجوه(1) أ0هـ .
والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم















المطلــب الثالـــث
شبهـة حـول التسميــة والـرد عليهــا

من نافلة القول أن نقرر : أن كلمتى "السنة" و"الحديث" عربيتين، حيث أنكر هذه البديهية من أعداء الإسلام جولد تسيهر حين زعم تارةً بأن
كلمة "السنة" مأخوذة من العبرية (مشناة) فقال : "حتى فى الإسلام، أخذت هذه الفكرة مكاناً أيضاً، أعنى اتخاذ قانون مقدس وراء القرآن مكتوباً
أو مسموعاً كما هو الحال عند اليهود"(1).
وقال تارةً ثانية : أنها مصطلح وثنى فى أصله وإنما تبناه واقتبسه الإسلام0 وتابعه على ذلك من جلدته شاخت ومارغوليوث، كما نقله عنهم
الدكتور محمد الأعظمى فى كتابه (دراسات فى الحديث النبوى) (2).
وتابع المستشرقين على ذلك قاسم أحمد حيث قال : "وما ينبغى أن يفطن إليه المسلمون هو التشابه الكبير جداً بين هذا الرأى ورأى اليهود
القديم عن الوحى المكتوب والشفوى. فالتلمود اليهودى الذى يشمل المشناة والجمارة وهما يشبهان الحديث والسنة الإسلامية. وهما عبارة عن
مجموعة تعاليم شفوية لحاخامات وكبار علماء اليهود أساسها تفسيرهم وشرحهم لكتابهم المقدس على مدى طويل على لسان العالم اليهودى
يهوذا جولدن(3).
كما زعم المستشرق الفريد غيوم فى كتابه(الحديث فى الإسلام): أن كلمة"حديث" مشتقة من الكلمة العبرية عند اليهود "هداش" والتى تعنى
الجديد أو تعنى الأخبار أو القصص(4). ومرد هذه الشبهة يهدف إلى نفى أن تكون الكلمتين عربيتين .
وقد رد هذه الشبهة الباطلة الأستاذ الشيخ محمود شلتوت فى كتابه (الإسلام عقيدة وشريعة) ونفى أن تكون كلمة السنة مأخوذة من
العبرية(5).
كما رد الدكتور محمد الأعظمى فى كتابه (دراسات فى الحديث النبوى) الزعم الباطل لجولدتسيهر؛ أنها مصطلح وثنى فى أصله، وإنما تبناه
واقتبسه الإسلام(1) .
وذكر هذه الشبهة وردها الدكتور رءوف شلبى فى كتابه (السنة النبوية بين إثبات الفاهمين ورفض الجاهلين) فقال : بحكم طبيعة الحياة فإن
الخير لا يسلم من الشر، وإن العدل لا يسلم من الجور، ولقد قيض الشيطان عناصر تفترى على الإسلام وعلى مصادره، فقد زعم بعض
الباحثين أن التعبير بكلمة سنة أخذه المسلمون من الكلمة العبرية (مشناة) التى تطلق فى الاصطلاح اليهودى على مجموعة الروايات
الإسرائيلية التى تعتبر فى نظرهم مرجعاً أساسياً فى التعرف على أحكام التوراة، كما تعتبر شرحاً وتفسيراً لها، ثم عربها المسلمون إلى كلمة
(سنة) ويدعى اليهود أن المسلمين أطلقوها - بعد التعريب - علماً على مجموعة الروايات النبويــــــة فى مقابل استعمالهم لكلمة "
مشناة" علماً على مجموعة الروايات الإسرائيلية .
والجـواب : يقول فضيلة الأستاذ الدكتور رءوف شلبى اعتراض اليهود ومن تابعهم على كلمة "سنة" و"حديث" ملخص فى نقطتين :
1- أن المسلمين عربوهما من كلمة "مشناة" و"هداش" .
2- أن المسلمين أطلقوهما علماً على مجموعة الروايات النبوية فى مقابل ما صنعه اليهود من إطلاقهم كلمة "مشناة" على مجموعة الروايات
الإسرائيلية التى تشرح لهم التوراة، ونعتبر المصدر الأساسى فى التعرف على الأحكام .
ورداً على النقطة الأولى : فإن العقل الباحث الأمين لا يتقبل ادعاء اليهود ومن صار على دربهم، أن العرب الأوائل المسلمين قد عربوا "مشناة"
إلى"سنة" أو عربوا "هداش" إلى "حديث" .
أولاً : لعدم المشابهة فى الحروف والبنية .
ثانياً : لأن الكلمتين ورد استعمالهما فى الشعر الجاهلى قبل الإسلام، كما استعملهما ربنا U فى كتابة العزيز، واستعملهما نبينا e فى حديثه
الشريف، على نحو ما ذكرناه سالفاً فى تعريف السنة والحديث لغة. وذلك مما لا يترك مجالاً لفرضية بحث تعريب كلمة سنة من مشناة أو
حديث من هداش0
وإذاً فالكلمتين لم يعربهما المسلمون من كلمتى مشناة وهداش، وإنما أخذوهما من صميم لغتهم، وصريح كتابهم الكريم، وصريح حديث نبيهم
e(1)0
يقول الدكتور الأعظمى : ولذا فإن ما قاله جولدتسيهر بأن السنة مصطلح وثنى استخدمه الإسلام، ادعاء لا يستند إلى دليل، ومعارض للأدلة
الملموسة، ثم إن استعمال الجاهليين أو الوثنيين من العرب لكلمة "ما" فى مفهومها اللغوى لا يلبسها ثوباً معيناً، ولا يحيلها إلى مصطلح وثنى
وخصوصاً إذا لاحظنا استعمالاتهم المختلفة لهذه الكلمة، وإلا أصبحت اللغة العربية بكاملها مصطلحاً وثنياً وهذا لا يقول به عاقل(2)0
ونفس هذا الكلام يقال رداً على ما زعمه الفريد غيوم من أن كلمة "حديث" مشتقة من الكلمة العبرية "هداش"0
ورداً على النقطة الثانية : يقول ابن قيم الجوزية(3) فى إغاثة اللهفان : إن كلمة مشناة إنما تعنى الكتاب الذى ألفه علماء اليهود فى زمن دولة
البابليين والفرس، ودولة اليونان والروم، وهو الكتاب الأصغر، ومبلغ حجمه نحو ثمانمائة ورقة0
أما التلمود : فهو الكتاب الأكبر الذى ألفه علماء اليهود مع مشناة، ومبلغ حجمه نحو نصف حمل بغل لكبره، ولم يكن الفقهاء الذين ألفوه فى
عصر واحد، وإنما ألفوه جيلاً بعد جيل، فلما نظر المتأخرون منهم إلى هذا التأليف، وأنه كلما مر عليه الزمان زادوا فيه، وأن فى الزيادات
المتأخرة ما يناقض أوائل هذا التأليف، علموا أنهم إن لم يقطعوا ذلك ويمنعوا من الزيادة فيه، أدى إلى الخلل الذى لا يمكن سده، قطعوا الزيادة
فيه، ومنعوا منها، وحظروا على الفقهاء الزيادة فيه، وإضافة شئ آخر إليه، وحرموا من أن يضاف إليه شئ آخر فوقف على ذلك المقدار(4)0
وإذاً فالمشناة والتلمود من تأليف فقهاء اليهود إرضاءً لأهوائهم، وقد نسبوها إلى التوراة وإلى سيدنا موسى - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام
- وليس الأمر كذلك فى الحديث النبوى والسنة المطهرة؛ فهى مرويات نبوية موحى بها من قبل رب العزة، ولا مدخل لأحد من علماء الإسلام
فى شئ منها إلا بحفظها ورعايتها وتنفيذها، وصاحب السنة المطهرة e هو الذى أطلق وسمى كل ما ورد عنه من قول أو فعل أو تقرير أو...
إلخ. بأنه من حديثه الشريف وسنته المطهرة0 فهو القائل e : “قد يئس الشيطان بأن يعبد بأرضكم، ولكنه رضى أن يطاع فيما سوى ذلك مما
تحقرون من أعمالكم، فاحذروا يا أيها الناس، إنى قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً كتاب الله وسنة نبيه e”(1).
وبهذا كله يتضح لنا أن الكلمتين "سنة" و"حديث" :
1- عربيتان أصيلتان .
2- وأن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة قد استعملاهما .
3- وأن الرسول e هو الذى سمى الحديث والسنة ووضعهما علماً على كل ما ورد عنه من قول أو فعل أو تقرير ... إلخ، كما سبق وأن ذكرت
.
وبذلك ينمحى من الإمكان فرض أن المســـلمين عربوا كلمـــة "سُنــة" من كلمة "مشناة" أو "من هداش"، أو فرض أنها مصطلح
وثنى، وأنه فرق كبير بين ثريا المحجة البيضاء فى الإسلام، وبين ثرى المحرفين الذين لعنوا على لسان أنبيائهم داود وعيسى بن مريم جزاءاً
بما كانوا يصنعون(2) أ0هـ.
والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم

(1) الأعشى : هو ميمون بن قيس بن جندل، ينتهى نسبه إلى بكر بن وائل من ربيعة، لقب بالأعشى لسوء بصره، وكنى يأبى البصير تفاؤلاً
بالشفاء، أو لنفاذ بصره، وسمى "صناجة العرب" لأنه كان يتغنى بشعره، وتوفى سنة 7هـ0 له ترجمة فى : الشعر والشعراء لابن قتيبة 1
/257 رقم21، والعقد الفريد لابن عبد ربه 3 /356، وأدباء العرب لبطرس البستانى 1 /212 0
(2) ذو الرمة : ذو الرُّمَة أو الرَّمَة، أبو الحارث غيلان بن بـهيس بن مسعود بن عدى، له ديوان شعر مطبوع فى مجلد ضخم، وتوفى سنة
117هـ له ترجمة فى : الأعلام للزركلى 5 /319، وفيات الأعيان لابن خلكان 4 /11 - 17 رقم 523، والشعر والشعراء لابن قتيبة 1
/524 رقم 94
(3) ثعلب : هو أبو العباس أحمد بن يحيى بن سيار الشيبانى بالولاء، إمام الكوفة فى النحو واللغة، من كتبه "الفصيح" له ترجمة فى الأعلام
للزركلى 1 /252، وبغية الوعاة للسيوطى 1 /396 - 398 رقم 787 0
(4) لسان العرب لابن منظور 13 /224، والقاموس المحيط للفيروزآبادى 4 /233، والمعجم الوسيط لإبراهيم أنيس وآخرون 1 /445 -
446 0
(5) مختار الصحاح للرازى ص 317، ولسان العرب 13 /225، والقاموس المحيط 4 /239، والمعجم الوسيط 1 /456 0
(1) الجَوْهَرىُّ : هو إسماعيل بن حماد التركى الجوهرى، يكنى : أبا نصر الفرابى، كان إماماً فى اللغة والأدب، وهو صاحب الصحاح فى اللغة،
توفى سنة 393هـ له ترجمة فى : مرآة الجنان : 2 /446، ولسان الميزان لابن حجر 1 /614 رقم 1273، وشذرات الذهب لابن العماد 3
/141، والوافى بالوفيات9 /111 رقم 4028، وإنباه الرواة على أنباه النحاة للقفطى 1 /194 .
(2) عمرو بن العاص : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 3 /2 رقم 5897، والاستيعاب 3 /1184 رقم 1931، واسد الغابة 4 /232
- 235 رقم 3971، وتاريخ الصحابة ص173 رقم 884، ومشاهير علماء الأمصار ص 71 رقم 376 0
(3) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج 1 /414 رقم 121، وأحمد فى مسند 4
/199 0
(4) لسان العرب 13 /227، والقاموس المحيط 4 /239، والمعجم الوسيط 1 /455، 456 0
(5) لسان العرب لابن منظور 13 /225 0
(6) الآية 77 من سورة الإسراء0
(7) الآية 55 من سورة الكهف0
(8) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة 4 /110، 111 رقم 1017، وأخرجه فى كتاب العلم،
باب من سن سنة حسنة أو سيئة 8 /479 رقم1017 من حديث جرير بن عبد الله t0
(1) متفق عليه من حديث أبى سعيد الخدرى t: البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الاعتصام بالسنة، باب قول النبى e، لتتبعن سنن من كان
قبلكم 13 /312 رقم 7320، ومسلم (بشرح النووى) كتاب العلم، باب إتباع سنن اليهود والنصارى 8 /472 رقم 2669 0
(2) إرشاد الفحول للشوكانى 1 /155، ولسان العرب لابن منظور 13 /225، والمعجم الوسيط لإبراهيم أنيس وآخرون 1 /455 0
(3) حجية السنة للدكتور عبد الغنى عبد الخالق ص 46 0
(4) الآية 36 من سورة الأحزاب، وانظر : الحديث النبوى للدكتور محمد الصباغ ص 139 0
(5) الفكر المنهجى عند المحدثين ص 27 0
(6) لسان العرب 13 /225، والقاموس المحيط 4 /233 0
(1) مفاتيح الغيب للفخر الرازى 3 /54 0
(2) أخرجه مالك فى الموطأ كتاب السهو،باب العمل فى السهو1 /100رقم 2، قال ابن عبدالبر لا أعلم هذا الحديث روى عن النبى e مسنداً ولا
مقطوعاً، من غير هذا الوجه، وهو أحد الأحاديث الأربعة التى فى الموطأ، التى لا توجد فى غيره مسنده ولا مرسله0 ومعناه صحيح فى
الأصول0
(3) لسان العرب 13 /225، والقاموس المحيط 4 /233، والمعجم الوسيط 1 /455 0
(4) القاموس المحيط 4 /239، والمعجم الوسيط 1 /456 0
(5) الطبرى : هو محمد بن جرير بن زيد، الطبرى، أبو محمد، صاحب التفسير الكبير، والتاريخ الشهير،كان من الأئمة المجتهدين،ولم يقلد أحداً،
وكان إماماً فى فنون كثيرة منها : التفسير، والحديث، والفقه، والتاريخ وغير ذلك، توفى سنة 310هـ0له ترجمة فى:تاريخ بغداد للخطيب
البغدادى 2 /162 رقم 589، ووفيات الأعيان 4 /191، 192 رقم 570،وطبقات المفسرين للداودى 2 /110-118 رقم 468،وطبقات
المفسرين للسيوطى، ص 82 رقم 93، وشذرات الذهب لابن العماد2 /260، وطبقات الفقهاء الشافعيين لابن كثير1 /222رقم 23 0
(6) لبيد : هو أبو عقيل لبيد بن ربيعة العامرى، كان أبوه يعرف بربيعة المقترين لجوده وسخائه، فنشأ لبيد كريماً مثله، توفى سنة 41هـ0 له
ترجمة فى : الأعلام للزركلى 6 /104، والشعر والشعراء لابن قتيبة 1 /274 - 285 رقم 25، ومرآة الجنان لليافعى 1 /119، وأدباء
العرب لبطرس البستانى 1 /144 - 151 0
(7) جامع البيان فى تأويل آى القرآن 4 /100 0
(8) القرطبى : هو محمد بن أحمد بن أبى بكر بن فرح الأنصارى الخزرجى المالكى أبو عبد الله القرطبى، كان مفسراً، ورعاً، زاهداً، متقناً
متبحراً، من مصنفاته "الجامع لأحكام القرآن" و"شرح الأسماء الحسنى"توفى سنة671هـ0له ترجمة فى:طبقات المفسرين للداودى 2 /69-
70 رقم 434،وطبقات المفسرين للسيوطى ص79 رقم 88، وشذرات الذهب 5 /235، والديباج المذهب لابن فرحون 406رقم 549، وشجرة
النور الزكية محمد مخلوف ص197 رقم 666 0
(9) المفضل : هو المفضل بن سلمة بن عاصم، أبو طالب، لغوى، عالم بالأدب، من مؤلفاته الفاخر فيما تلحن به العامة و"جماهير القبائل"
توفى سنة 290 0 له ترجمة فى : تاريخ بغداد للخطيب البغدادى 13 /124 رقم 7109، ووفيات الأعيان لابن خلكان 4 /205، 206 رقم
579 فى ترجمة ابنه محمد بن الفضل، وبغية الوعاة للسيوطى 2 /296 رقم 2013 0
(1) الجامع لأحكام القرآن 4 /216 0
(2) الشوكانى : هو محمد بن على بن محمد الشوكانى، فقيه مجتهد من كبار علماء اليمن من أهل صنعاء، من مؤلفاته "فتح القدير" فى
التفسير "وإرشاد الفحول" فى أصول الفقه0 توفى سنة 1250هـ0 له ترجمة فى : البدر الطالع للشوكانى 2 /214 - 225 رقم 482،
والفتح المبين لعبد الله المراغى 3 /144 - 145، وأصول الفقه تاريخه ورجاله للدكتور شعبان إسماعيل، ص530 - 532، والرسالة
المستطرفة للكتانى ص 152، والأعلام للزركلى 7/190، ومعجم المؤلفين لكحالة 11/533 0
(3) إرشاد الفحول 1 /155 0
(4) الكسائى : هو على بن حمزة الكوفى المعروف بالكسائى، أخذ القراءات عن حمزة الزيات، وقرأ النحو على معاذ الهراء كثيراً، ثم الخليل بن
أحمد بالبصرة0 توفى سنة 189هـ0 له ترجمة فى : وفيات الأعيان لابن خلكان3/295-297 رقم 233، وبغية الوعاة للسيوطى 2 /162
-164 رقم 1701، وطبقات المفسرين للداودى 1/404 - 409 رقم 349، طبقات القراء لابن الجزرى 1 /535، وطبقات القراء للذهبى 1
/100، واللباب فى تـهذيب الأنساب 3 /97، والفهرست لابن النديم ص 103 0
(5) دراسات فى الحديث النبوى 1 /5، 11 بتصرف0
(6) القاموس المحيط 1 /163 0
(7) الآية 34 من سورة الطور0
(1) تاج العروس للزبيدى 1 /613 0
(2) الزمخشرى : هو أبو القاسم، محمود بن عمر بن محمد الزمخشرى، نحوى، لغوى، معتزلى، مفسر، يلقب بجار الله لمجاورته بمكة زماناً،
من مصنفاته : الكشاف عن حقائق التنـزيل، والفائق فى غريب الحديث، مات سنة 538هـ0 له ترجمة فى : وفيات الأعيان لابن خلكان 5
/168-174 رقم 711، وبغية الوعاة للسيوطى 2 /279 رقم 1977، وإشارة التعيين فى تراجم النحاة واللغويين لعبد الباقى اليمانى، ص
345 رقم 210، وطبقات المفسرين للسيوطى، ص48 رقم 147، وطبقات المفسرين للداودى 2 /314 رقم 625 0
(3) الكشاف للزمخشرى 2 /243 0
(4) أبو حيان : هو محمد بن يوسف بن على بن يوسف، أثير الدين أبو حيان، الغرناطى، من كبار العلماء بالعربية، والتفسير، والحديث، من
مؤلفاته البحر المحيط فى التفسير، والتذكرة فى العربية، وعقد اللآلى فى القراءات0 مات سنة 745هـ0 له ترجمة فى ذيل تذكرة الحفاظ
ص23، وطبقات الشافعية لابن السبكى 6 /31، وطبقات المفسرين للداودى 2 /287 - 291 رقم 608، وشذرات الذهب 6 /145، والأعلام
7 /153، والرسالة المستطرفة ص 101 0
(5) البحر المحيط لأبى حيان 5 /281 عند تفسير أول سورة يوسف0
(6) بحوث فى علوم الحديث لفضيلة الأستاذ الدكتور عزت عطيه ص 10 0
(7) الآية 15 من سورة النازعات0
(1) الآية الأولى من سورة الغاشية0
(2) جزء من الآية 3 من سورة التحريم0
(3) جزء من الآية 23 من سورة الزمر0
(4) جزء من الآية 87 من سورة النساء0
(5) الآية 50 من سورة المرسلات0
(6) تيسير اللطيف الخبـير فى علوم حديث البشير النذير ص 11 0
(7) جابر بن عبد الله : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 2 /45 رقم 1022، والاستيعاب 1 /219 رقم 290، واسد الغابة 1 /492 رقم
647، وتاريخ الصحابة ص 58 رقم 183، ومشاهير علماء الأمصار ص 17 رقم 25، وتذكرة الحفاظ 1 /43 رقم 21، وطبقات الحفاظ
للسيوطى ص 19 رقم 21 0
(8) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة 3 /418 رقم 867 0
(9) زيد بن ثابت : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 1 /561رقم 2887، والاستيعاب 3 /136 رقم 845، وأسد الغابة 2 /346 رقم
1824، وتذكرة الحفاظ 1 /30 رقم 15، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 17 رقم 15، وتاريخ الصحابة ص105 رقم 469، ومشاهير علماء
الأمصار ص 16 رقم 22 0
(1) أخرجه ابو داود فى سننه كتاب العلم، باب فضل نشر العلم 3 /322 رقم 3660 واللفظ له، وأخرجه الترمذى فى سننه كتاب العلم، باب ما
جاء فى الحث على تبليغ السماع، 5 /33 رقم 2656، وقال أبو عيسى : وفى الباب عن عبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، وجبير بن مطعم،
وأبى الدرداء وأنس ثم قال : حديث زيد بن ثابت حديث حسن، وأخرجه ابن ماجة فى سننه المقدمة، باب من بلغ علماً، 1 /84 رقم 230 0
(2) المغيرة بن شعبة : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 3 /452 رقم 8174، والاستيعاب 4 /1445 رقم 2483، واسد الغابة 5
/238 رقم 571، وتاريخ الصحابة ص230 رقم 1237، ومشاهير علماء الأمصار رقم 269، وتجريد أسماء الصحابة 2 /91 0
(3) أخرجه مسلم (بشرح النووى) فى المقدمة، باب وجوب الرواية عن الثقات وترك الكذابين والتحذير من الكذب على رسول الله e 1 /95 0
(1) علوم الحديث ومصطلحه بتصرف يسير ص 9، 10 0
(2) أصول الحديث، علومه، ومصطلحه، للدكتور محمد عجاج الخطيب ص 18 0
(1) شذرات من علوم السنة لفضيلة الأستاذ الدكتور الأحمدى أبو النور 1 /44، وعلوم الحديث لفضيلة الأستاذ الدكتور مروان شاهين ص 16
0
(2) انظر : الإحكام فى أصول الأحكام للآمدى 1 /127، والتقرير والتحبير لابن أمير الحاج 2 /223، وغاية الوصول شرح لب الأصول زكريا
الأنصارى ص 91، ومناهج العقول للبدخشى 2 /269، وإرشاد الفحول للشوكانى 1 /155، وأصول الفقه للخضرى ص250،251 0
(3) تيسير اللطيف الخبير فى علوم حديث البشير النذير للدكتور مروان شاهين ص 13 0
(1) عمر بن الخطاب : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 3 /518 رقم 5752، والاستيعاب 3 /1144 رقم 1878، واسد الغابة 4
/137 رقم 3830، وتذكرة الحفاظ 1/5 رقم 2، وطبقات الحفاظ ص 13 رقم 2، وتاريخ الصحابة ص 23 رقم2، ومشاهير علماء الأمصار
ص 10 رقم 3، وتجريد أسماء الصحابة 1 /397 0
(2) عبد الرحمن بن عوف : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 2/456 رقم 5195، والاستيعاب 2 /844 رقم 1455، واسد الغابة
3/475 رقم 3370، وتاريخ الصحابة ص 25 رقم 9، ومشاهير علماء الأمصار ص 14 رقم 12 0
(3) على بن أبى طالب : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 2/507 رقم 5704، والاستيعاب 3 /1089 رقم 1855، واسد الغابة 4 /87
رقم 3789، وتاريخ الصحابة ص 24 رقم 4، ومشاهير علماء الأمصار ص 11 رقم 5، وتذكرة الحفاظ 1 /10 رقم 4، وطبقات الحفاظ
للسيوطى ص 14 رقم 4 0
(4) أخرجه مالك فى الموطأ كتاب الأشربة، باب الحد فى الخمر 2 /642 رقم 2 0
(5) الاعتصام للشاطبى 2 /119، وانظر : منزلة السنة من الكتاب للأستاذ محمد سعيد منصور ص81-96 0
(6) انظر : الحديث فى صحيح البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب فضائل القرآن، باب جمع القرآن 8 /627 رقم 4986 0
(7) الموافقات للشاطبى 4 /5،6، وانظر : المدخل إلى السنة النبوية ص 32، 33 0
(8) العرباض بن سارية : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 2 /473 رقم 5501، والاستيعاب 3 /1238 رقم 2026، واسد الغابة 4
/19 رقم 3630، وتاريخ الصحابة 199 رقم 1062، ومشاهير علماء الأمصار ص 65 رقم 331 0
(1) أخرجه أبو داود فى سننه كتاب السنة، باب فى لزوم السنة 4 /200 رقم 4607، والترمذى كتاب العلم، باب ما جاء فى الأخذ بالسنة
واجتناب البدع 5 /43-44 رقم2676،وابن ماجة فى المقدمة، باب إتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين 1 /15-17 رقمى 42-43
وغيرهم0
(2) عبد الله بن عمرو : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 2 /351 رقم 4865، والاستيعاب 3 /256 رقم 1636، واسد الغابة 3
/345 رقم 3092، وتجريد أسماء الصحابة 1 /326، وتاريخ الصحابة رقم 721، ومشاهير علماء الأمصار ص71 رقم 377، وتذكرة
الحفاظ 1 /41 رقم 19، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 18 رقم 19 0
(3) أخرجه الترمذى كتاب الإيمان،باب ما جاء فى افتراق هذه الأمة5/26رقم2641، وقال أبو عيسى : هذا حديث مفسر غريب لا نعرفه مثل
هذا إلا من هذا الوجه، وانظر : أصول الحديث علومه ومصطلحه للدكتور محمد عجاج الخطيب بتصرف يسير ص 21، 22 0
(4) مالك بن أنس:هو الإمام مالك بن أنس، أحد أعلام الإسلام، إمام دار الهجرة، وصاحب الموطأ، توفى سنة 179هـ0 له ترجمة فى:تذكرة
الحفاظ1 /207 رقم199،وطبقات المفسرين للداودى 2 /294رقم 613،والديباج المذهب ص56،وشذرات الذهب1 /289، والثقات للعجلى
ص417 رقم 1521، ومروج الذهب3/350، ومشاهير علماء الأمصار ص169 رقم1110
(5) عمر بن عبد العزيز : هو عمر بن العزيز بن مروان بن الحكم بن أبى العاص الأموى، أمير المؤمنين، أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر
بن الخطاب، ولى إمرة المدينة للوليد، وكان مع سليمان كالوزير، وولى الخلافة بعده، فعد من الخلفاء الراشدين مدة خلافته سنتان ونصف،
توفى سنة 101هـ0 له ترجمة فى : تذكرة الحفاظ 1 /188 رقم 104، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص53 رقم 101، وتقريب التهذيب 1
/722 رقم 4956، والكاشف 2/65 رقم 4089، ومشاهير علماء الأمصار ص 209 رقم 1411 0
(1) أخرجه الخطيب فى الفقيه والمتفقة، باب القول فى أنه يجب إتباع ما سنه السلف من الإجماع والخلاف وأنه لا يجوز الخروج عنه1
/435رقم 455، والآجرى فى الشريعة ص48،65،306، وابن عبد البر فى جامع بيان العلم، باب الحض على لزوم السنة والاقتصار عليها
2 /187 0
(2) سالم : هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشى العدوى، أبو عمر أو أبو عبد الله، المدنى، أحد الفقهاء السبعة، وكان ثبتاً عابداً
فاضلاً، يشبه أبيه فى الهدى والسمت0 روى عن أبيه وأبى هريرة، وعنه الزهرى، وصالح بن كيسان0 مات سنة 106هـ0له ترجمة فى :
تقريب التهذيب 1 /335 رقم 2182، والكاشف 1/422 رقم 1773، والجرح والتعديل 3 /168، وتاريخ الثقات للعجلى ص 174 رقم 499،
ومشاهير علماء الأمصار ص 85 رقم 438 0
(3) عبد الله بن عمر : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 2 /347 رقم 4852، والاستيعاب 3 /340 رقم 1630، واسد الغابة 3 /336
رقم 3082 وتذكرة الحفاظ 1 /37 رقم 17، وتاريخ الصحابة 149 رقم 719، ومشاهير علماء الأمصار ص 23 رقم 55، وتجريد أسماء
الصحابة 1 /325 0
(4) أخرجه أحمد فى مسنده 2 /95 0
(5) دراسات فى الحديث النبوى للدكتور الأعظمى 1 /5-11 بتصرف، وانظر : السنة فى مواجهة أعدائها ص 36 وما بعدها0
(1) الحديث متفق عليه من حديث عائشة رضى الله عنها، أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على جدر 5
/355 رقم 2697 0 ومسلم (بشرح النووى) كتاب الأقضية،باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور 6 /256، 257 رقم 1718 0
(2) عبد الرحمن بن مهدى : هو عبد الرحمن بن مهدى بن حسان البصرى، الثقة، الأمين، العالم بالحديث وأسماء الرجال، كان الشافعى يرجع
إليه فى الحديث، وقال عنه : لا اعرف له نظيراً فى الدنيا0 مات سنة 198هـ0 له ترجمة فى : تقريب التهذيب 1 /592 رقم 4032،
والكاشف 1 /645 رقم 3323، والجرح والتعديل 5 /288 رقم 1382، والثقات للعجلى، ص 299 رقم 985، وتذكرة الحفاظ1 /329
رقم313، وطبقات الحفاظ للسيوطى،ص144رقم 301، وطبقات الفقهاء الشافعيين لابن كثير 1 /141 رقم 35 0
(3) الأوزاعى : هو عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد، أبو عمرو الأوزاعى، شيخ الإسلام، وعالم أهل الشام، وهو صاحب مدرسة فى الفقه،
وكان مذهبه منتشراً فى الشام انتشاراً واسعاً، وظل لمذهبه أنصار فى المغرب والأندلس حتى القرنين الثالث والرابع للهجرة، ثم توارى أمام
مذهب الشافعى ومذهب مالك0 مات سنة 158هـ له ترجمة فى : تذكرة الحفاظ 1 /178 رقم 177، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 85 رقم
168، والثقات للعجلى ص 296 رقم 970، ومشاهير علماء الأمصار ص 211 رقم 1425، والثقات لابن حبان 7 /62، ووفيات الأعيان 3
/127 رقم 361، وتـهذيب التهذيب 6 /238 رقم 484 0
(4) سفيان بن عيينة : هو سفيان بن عيينه بن أبى عمران، أبو محمد، الكوفى ثم المكى، أحد أئمة الإسلام الأعلام، ثقة حافظ فقيه إمام حجة،
إلا أنه تغير حفظه بآخره، وربما دلس، ولكن عن الثقات0 مات سنة 198هـ0 وله ترجمة فى : تذكرة الحفاظ 1 /262 رقم 249، وطبقات
الحفاظ للسيوطى ص 119 رقم 238، وطبقات المفسرين للداودى 1 /196 رقم 187، والثقات للعجلى ص 194 رقم 577، ومشاهير علماء
الأمصار ص 179 رقم 1181 0
(1) الزرقانى على الموطأ 1 /3 0
(2) علوم الحديث ومصطلحه ص 6 0
(3) الرسالة المستطرفة ص 32 0
(4) الحديث النبوى مصطلحه، بلاغته، كتبه ص 146 0
(5) متفق عليه من حديث عائشة رضى الله عنها البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب بدء الوحى، باب رقم 3، 1 /30 رقم 3، ومسلم (بشرح
النووى) كتاب الإيمـــان، باب بدء الوحى إلى رسول الله e 1 /474 رقم 160 0
(6) راجع تخريجه فى نفس الحديث السابق0
(1) متفق عليه من حديث أبى سفيان بن حرب ( البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب، بدء الوحى باب رقم 6، 1 /42 رقم 7، ومسلم (بشرح
النووى) كتاب الجهاد والسير، باب كتاب النبى e، إلى هرقل يدعوه للإسلام 6/346 رقم 1773 0
(2) انظر : جامع العلوم والحكم 2 /120، والمدخل إلى السنة النبوية ص33، 34 0
(3) الحديث والمحدثون للدكتور أبو زهو ص 10، وانظر : تيسير اللطيف الخبير فى علوم حديث البشير النذير للدكتور مروان شاهين ص 28،
29 0
(4) نقلاً عن ضوابط الرواية عند المحدثين للأستاذ الصديق بشير نصر ص 314 0
(5) العقيدة والشريعة فى الإسلام جولد تسيهر ص 49، وممن فرق بينهما أيضاً الأستاذ محمد رشيد رضا، انظر: مجلة المنار المجلد 10
/852،853 0
(1) ضوابط الرواية عند المحدثين، ص 314 - 322 بتصرف0
(1) العقيدة والشريعة فى الإسلام ص 49 0
(2) دراسات فى الحديث النبوى 1 /5،6 0
(3) إعادة تقييم الحديث ص 78، 79 0
(4) نقلاً عن منهجية جمع السنة للدكتورة عزية على طه ص 62 0
(5) الإسلام عقيدة وشريعة ص 492، 493 0
(1) دراسات فى الحديث النبوى 1 /5-11 0
(1) السنة النبوية بين إثبات الفاهمين ورفض الجاهلين ص 32 وما بعدها بتصرف0
(2) دراسات فى الحديث النبوى 1/ 7 0
(3) ابن قيم الجوزية : هو محمد بن أبى بكر بن أيوب الزرعى الدمشقى، أبو عبد الله، الفقيه الحنبلى الأصولى المحدث النحوى الأديب الواعظ
الخطيب، له مصنفات عديدة أشهرها : أعلام الموقعين عن رب العالمين، وزاد المعاد فى هدى خير العباد، وغير ذلك، مات سنة 751هـ 0 له
ترجمة فى:البداية والنهاية لابن كثير14 /234، والدرر الكامنة لابن حجر3 /400-403 رقم 1067، وشذرات الذهب 6 /168، وطبقات
المفسرين للداودى 2 /93 - 97، رقم 456، والوافى بالوفيات 2 /270 0
(4) إغاثة اللهفان 2 /323،324 0
(1) أخرجه الحاكم فى المستدرك كتاب العلم، باب خطبته e فى حجة الوداع 1 /171، 172 رقم 318 من حديث ابن عباس -رضى الله عنهما
- وقال فى إسناده عكرمة واحتج به البخارى، وابن أبى أويس واحتج به مسلم، وسائر رواته متفق عليهم، ثم قال وله شاهد من حديث أبى
هريرة t ، وأخرجه فى الموضع السابق، ووافقه الذهبى وقال وله أصل فى الصحيح أهـ0
(2) السنة الإسلامية بين إثبات الفاهمين ورفض الجاهلين للدكتور رءوف شلبى ص32: 36 بتصرف.




(1) الأعشى : هو ميمون بن قيس بن جندل، ينتهى نسبه إلى بكر بن وائل من ربيعة، لقب بالأعشى لسوء بصره، وكنى يأبى البصير تفاؤلاً
بالشفاء، أو لنفاذ بصره، وسمى "صناجة العرب" لأنه كان يتغنى بشعره، وتوفى سنة 7هـ0 له ترجمة فى : الشعر والشعراء لابن قتيبة
1/257 رقم21، والعقد الفريد لابن عبد ربه 3/356، وأدباء العرب لبطرس البستانى 1/212 0
(2) ذو الرمة : ذو الرُّمَة أو الرَّمَة، أبو الحارث غيلان بن بـهيس بن مسعود بن عدى، له ديوان شعر مطبوع فى مجلد ضخم، وتوفى سنة
117هـ له ترجمة فى : الأعلام للزركلى 5/319، وفيات الأعيان لابن خلكان 4/11 - 17 رقم 523، والشعر والشعراء لابن قتيبة
1/524 رقم 94
(3) ثعلب : هو أبو العباس أحمد بن يحيى بن سيار الشيبانى بالولاء، إمام الكوفة فى النحو واللغة، من كتبه "الفصيح" له ترجمة فى الأعلام
للزركلى 1/252، وبغية الوعاة للسيوطى 1/396 - 398 رقم 787 0
(4) لسان العرب لابن منظور 13/224، والقاموس المحيط للفيروزآبادى 4/233، والمعجم الوسيط لإبراهيم أنيس وآخرون 1/445 - 446
0
(1) مختار الصحاح للرازى ص 317، ولسان العرب 13/225، والقاموس المحيط 4/239، والمعجم الوسيط 1/456 0
(2) الجَوْهَرىُّ : هو إسماعيل بن حماد التركى الجوهرى، يكنى : أبا نصر الفرابى، كان إماماً فى اللغة والأدب، وهو صاحب الصحاح فى اللغة،
توفى سنة 393هـ له ترجمة فى : مرآة الجنان : 2/446، ولسان الميزان لابن حجر 1/614 رقم 1273، وشذرات الذهب لابن العماد
3/141،والوافى بالوفيات9/111 رقم 4028، وإنباه الرواة على أنباه النحاة للقفطى 1/194
(3) عمرو بن العاص : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 3/2 رقم 5897، والاستيعاب 3/1184 رقم 1931، واسد الغابة 4/232 -
235 رقم 3971، وتاريخ الصحابة ص173 رقم 884، ومشاهير علماء الأمصار ص 71 رقم 376 0
(4) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج 1/414 رقم 121، وأحمد فى مسند
4/199 0
(5) لسان العرب 13/227، والقاموس المحيط 4/239، والمعجم الوسيط 1/455، 456 0
(6) لسان العرب لابن منظور 13/225 0
(7) الآية 77 من سورة الإسراء0
(8) الآية 55 من سورة الكهف0
(1) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة 4/110، 111 رقم 1017، وأخرجه فى كتاب العلم،
باب من سن سنة حسنة أو سيئة 8/479 رقم1017 من حديث جرير بن عبد الله (0
(2) متفق عليه من حديث أبى سعيد الخدرى (: البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الاعتصام بالسنة، باب قول النبى (، لتتبعن سنن من كان
قبلكم 13/312 رقم 7320، ومسلم (بشرح النووى) كتاب العلم، باب إتباع سنن اليهود والنصارى 8/472 رقم 2669 0
(3) إرشاد الفحول للشوكانى 1/155، ولسان العرب لابن منظور 13/225، والمعجم الوسيط لإبراهيم أنيس وآخرون 1/455 0
(4) حجية السنة للدكتور عبد الغنى عبد الخالق ص 46 0
(5) الآية 36 من سورة الأحزاب، وانظر : الحديث النبوى للدكتور محمد الصباغ ص 139 0
(1) الفكر المنهجى عند المحدثين ص 27 0
(2) لسان العرب 13/225، والقاموس المحيط 4/233 0
(3) مفاتيح الغيب للفخر الرازى 3/54 0
(4) أخرجه مالك فى الموطأ كتاب السهو،باب العمل فى السهو1/100رقم 2،قال ابن عبدالبر لا أعلم هذا الحديث روى عن النبى ( مسنداً ولا
مقطوعاً، من غير هذا الوجه، وهو أحد الأحاديث الأربعة التى فى الموطأ، التى لا توجد فى غيره مسنده ولا مرسله0 ومعناه صحيح فى
الأصول0
(5) لسان العرب 13/225، والقاموس المحيط 4/233، والمعجم الوسيط 1/455 0
(6) القاموس المحيط 4/239، والمعجم الوسيط 1/456 0
(7) الطبرى : هو محمد بن جرير بن زيد، الطبرى، أبو محمد، صاحب التفسير الكبير، والتاريخ الشهير، كان من الأئمة المجتهدين، ولم يقلد
أحداً، وكان إماماً فى فنون كثيرة منها : التفسير، والحديث، والفقه، والتاريخ وغير ذلك، توفى سنة 310هـ0 له ترجمة فى : تاريخ بغداد
للخطيب البغدادى 2/162 رقم 589، ووفيات الأعيان 4/191، 192 رقم 570، وطبقات المفسرين للداودى 2/110-118 رقم 468،
وطبقات المفسرين للسيوطى، ص 82 رقم 93، وشذرات الذهب لابن العماد2/260،وطبقات الفقهاء الشافعيين لابن كثير1/222رقم 23 0
(8) لبيد : هو أبو عقيل لبيد بن ربيعة العامرى، كان أبوه يعرف بربيعة المقترين لجوده وسخائه، فنشأ لبيد كريماً مثله، توفى سنة 41هـ0 له
ترجمة فى :الأعلام للزركلى 6/104، والشعر والشعراء لابن قتيبة 1/274 - 285 رقم 25، ومرآة الجنان لليافعى 1/119، وأدباء العرب
لبطرس البستانى 1/144 - 151 0
(1) جامع البيان فى تأويل آى القرآن 4/100 0
(2) القرطبى : هو محمد بن أحمد بن أبى بكر بن فرح الأنصارى الخزرجى المالكى أبو عبد الله القرطبى، كان مفسراً، ورعاً، زاهداً، متقناً
متبحراً، من مصنفاته "الجامع لأحكام القرآن" و"شرح الأسماء الحسنى"توفى سنة671هـ0له ترجمة فى:طبقات المفسرين للداودى 2/69-70
رقم 434،وطبقات المفسرين للسيوطى ص79 رقم 88، وشذرات الذهب 5/235، والديباج المذهب لابن فرحون 406رقم 549،وشجرة النور
الزكية محمد مخلوف ص197 رقم 666 0
(3) المفضل : هو المفضل بن سلمة بن عاصم، أبو طالب، لغوى، عالم بالأدب، من مؤلفاته الفاخر فيما تلحن به العامة و "جماهير القبائل"
توفى سنة 290 0 له ترجمة فى : تاريخ بغداد للخطيب البغدادى 13/124 رقم 7109، ووفيات الأعيان لابن خلكان 4/205، 206 رقم
579 فى ترجمة ابنه محمد بن الفضل، وبغية الوعاة للسيوطى 2/296 رقم 2013 0
(4) الجامع لأحكام القرآن 4/216 0
(5) الشوكانى : هو محمد بن على بن محمد الشوكانى، فقيه مجتهد من كبار علماء اليمن من أهل صنعاء، من مؤلفاته "فتح القدير" فى
التفسير "وإرشاد الفحول" فى أصول الفقه0 توفى سنة 1250هـ0 له ترجمة فى : البدر الطالع للشوكانى 2/214 - 225 رقم 482، والفتح
المبين لعبد الله المراغى 3/144 - 145، وأصول الفقه تاريخه ورجاله للدكتور شعبان إسماعيل، ص530 - 532، والرسالة المستطرفة
للكتانى ص 152، والأعلام للزركلى 7/190، ومعجم المؤلفين لكحالة 11/533 0
(6) إرشاد الفحول 1/155 0
(7) الكسائى : هو على بن حمزة الكوفى المعروف بالكسائى، أخذ القراءات عن حمزة الزيات، وقرأ النحو على معاذ الهراء كثيراً، ثم الخليل بن
أحمد بالبصرة0 توفى سنة 189هـ0 له ترجمة فى : وفيات الأعيان لابن خلكان3/295-297 رقم 233، وبغية الوعاة للسيوطى 2/162
-164 رقم 1701، وطبقات المفسرين للداودى 1/404 - 409 رقم 349، طبقات القراء لابن الجزرى 1/535، وطبقات القراء للذهبى
1/100، واللباب فى تـهذيب الأنساب 3/97، والفهرست لابن النديم ص 103 0
(8) دراسات فى الحديث النبوى 1/5، 11 بتصرف0
(9) القاموس المحيط 1/163 0
(10) الآية 34 من سورة الطور0







 
قديم 06-03-08, 04:34 AM   رقم المشاركة : 2
حسينا
موقوف





حسينا غير متصل

حسينا is on a distinguished road


(11) تاج العروس للزبيدى 1/613 0
(12) الزمخشرى : هو أبو القاسم، محمود بن عمر بن محمد الزمخشرى، نحوى، لغوى، معتزلى، مفسر، يلقب بجار الله لمجاورته بمكة
زماناً، من مصنفاته : الكشاف عن حقائق التنـزيل، والفائق فى غريب الحديث، مات سنة 538هـ0 له ترجمة فى : وفيات الأعيان لابن
خلكان 5/168-174 رقم 711، وبغية الوعاة للسيوطى 2/279 رقم 1977، وإشارة التعيين فى تراجم النحاة واللغويين لعبد الباقى اليمانى،
ص 345 رقم 210، وطبقات المفسرين للسيوطى، ص48 رقم 147، وطبقات المفسرين للداودى 2/314 رقم 625 0
(13) الكشاف للزمخشرى 2/243 0
(14) أبو حيان : هو محمد بن يوسف بن على بن يوسف، أثير الدين أبو حيان، الغرناطى، من كبار العلماء بالعربية، والتفسير، والحديث، من
مؤلفاته البحر المحيط فى التفسير، والتذكرة فى العربية، وعقد اللآلى فى القراءات0 مات سنة 745هـ0 له ترجمة فى ذيل تذكرة الحفاظ
ص23، وطبقات الشافعية لابن السبكى 6/31، وطبقات المفسرين للداودى 2/287 - 291 رقم 608، وشذرات الذهب 6/145، والأعلام
7/153، والرسالة المستطرفة ص 101 0
(15) البحر المحيط لأبى حيان 5/281 عند تفسير أول سورة يوسف0
(16) بحوث فى علوم الحديث لفضيلة الأستاذ الدكتور عزت عطيه ص 10 0
(17) الآية 15 من سورة النازعات0
(18) الآية الأولى من سورة الغاشية0
(19) جزء من الآية 3 من سورة التحريم0
(20) جزء من الآية 23 من سورة الزمر0
(21) جزء من الآية 87 من سورة النساء0
(22) الآية 50 من سورة المرسلات0
(23) تيسير اللطيف الخبـير فى علوم حديث البشير النذير ص 11 0
(24) جابر بن عبد الله : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 2/45 رقم 1022، والاستيعاب 1/219 رقم 290، واسد الغابة 1/492 رقم
647، وتاريخ الصحابة ص 58 رقم 183، ومشاهير علماء الأمصار ص 17 رقم 25، وتذكرة الحفاظ 1/43 رقم 21، وطبقات الحفاظ
للسيوطى ص 19 رقم 21 0
(25) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الجمعة،باب تخفيف الصلاة والخطبة 3/418 رقم 867 0
(26) زيد بن ثابت : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 1/561رقم 2887، والاستيعاب 3/136 رقم 845، واسد الغابة 2/346 رقم
1824، وتذكرة الحفاظ 1/30 رقم 15، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 17 رقم 15، وتاريخ الصحابة ص105 رقم 469، ومشاهير علماء
الأمصار ص 16 رقم 22 0
(27) أخرجه ابو داود فى سننه كتاب العلم، باب فضل نشر العلم 3/322 رقم 3660 واللفظ له، وأخرجه الترمذى فى سننه كتاب العلم، باب
ما جاء فى الحث على تبليغ السماع، 5/33 رقم 2656، وقال أبو عيسى : وفى الباب عن عبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، وجبير بن
مطعم، وأبى الدرداء وأنس ثم قال : حديث زيد بن ثابت حديث حسن، وأخرجه ابن ماجة فى سننه المقدمة، باب من بلغ علماً، 1/84 رقم 230
0
(28) المغيرة بن شعبة : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 3/452 رقم 8174، والاستيعاب 4/1445 رقم 2483، واسد الغابة
5/238 رقم 571، وتاريخ الصحابة ص230 رقم 1237، ومشاهير علماء الأمصار رقم 269، وتجريد أسماء الصحابة 2/91 0
(29) أخرجه مسلم (بشرح النووى) فى المقدمة، باب وجوب الرواية عن الثقات وترك الكذابين والتحذير من الكذب على رسول الله ( 1/95 0
(30) علوم الحديث ومصطلحه بتصرف يسير ص 9، 10 0
(31) أصول الحديث، علومه، ومصطلحه، للدكتور محمد عجاج الخطيب ص 18 0
(32) شذرات من علوم السنة لفضيلة الأستاذ الدكتور الأحمدى أبو النور 1/44، وعلوم الحديث لفضيلة الأستاذ الدكتور مروان شاهين ص 16
0
(33) انظر : الإحكام فى أصول الأحكام للآمدى 1/127، والتقرير والتحبير لابن أمير الحاج 2/223، وغاية الوصول شرح لب الأصول زكريا
الأنصارى ص 91، ومناهج العقول للبدخشى 2/269، وإرشاد الفحول للشوكانى 1/155، وأصول الفقه للخضرى ص250،251 0
(34) تيسير اللطيف الخبير فى علوم حديث البشير النذير للدكتور مروان شاهين ص 13 0
(35) عمر بن الخطاب : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 3/518 رقم 5752، والاستيعاب 3/1144 رقم 1878، واسد الغابة 4/137
رقم 3830، وتذكرة الحفاظ 1/5 رقم 2، وطبقات الحفاظ ص 13 رقم 2، وتاريخ الصحابة ص 23 رقم2، ومشاهير علماء الأمصار ص 10
رقم 3، وتجريد أسماء الصحابة 1/397 0
(36) عبد الرحمن بن عوف : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 2/456 رقم 5195، والاستيعاب 2/844 رقم 1455، واسد الغابة
3/475 رقم 3370، وتاريخ الصحابة ص 25 رقم 9، ومشاهير علماء الأمصار ص 14 رقم 12 0
(37) على بن أبى طالب : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 2/507 رقم 5704، والاستيعاب 3/1089 رقم 1855، واسد الغابة 4/87
رقم 3789، وتاريخ الصحابة ص 24 رقم 4، ومشاهير علماء الأمصار ص 11 رقم 5، وتذكرة الحفاظ 1/10 رقم 4، وطبقات الحفاظ
للسيوطى ص 14 رقم 4 0
(38) أخرجه مالك فى الموطأ كتاب الأشربة، باب الحد فى الخمر 2/642 رقم 2 0
(39) الاعتصام للشاطبى 2/119، وانظر : منزلة السنة من الكتاب للأستاذ محمد سعيد منصور ص81-96 0
(40) انظر : الحديث فى صحيح البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب فضائل القرآن، باب جمع القرآن 8/627 رقم 4986 0
(41) الموافقات للشاطبى 4/5،6، وانظر : المدخل إلى السنة النبوية ص 32، 33 0
(42) العرباض بن سارية : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 2/473 رقم 5501، والاستيعاب 3/1238 رقم 2026، واسد الغابة
4/19 رقم 3630، وتاريخ الصحابة 199 رقم 1062، ومشاهير علماء الأمصار ص 65 رقم 331 0
(43) أخرجه أبو داود فى سننه كتاب السنة، باب فى لزوم السنة 4/200 رقم 4607، والترمذى كتاب العلم، باب ما جاء فى الأخذ بالسنة
واجتناب البدع 5/43-44 رقم2676،وابن ماجة فى المقدمة، باب إتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين 1/15-17 رقمى 42-43
وغيرهم0
(44) عبد الله بن عمرو : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 2/351 رقم 4865، والاستيعاب 3/256 رقم 1636، واسد الغابة 3/345
رقم 3092، وتجريد أسماء الصحابة 1/326، وتاريخ الصحابة رقم 721، ومشاهير علماء الأمصار ص71 رقم 377، وتذكرة الحفاظ
1/41 رقم 19، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 18 رقم 19 0
(45) أخرجه الترمذى كتاب الإيمان،باب ما جاء فى افتراق هذه الأمة5/26رقم2641،وقال أبو عيسى : هذا حديث مفسر غريب لا نعرفه مثل
هذا إلا من هذا الوجه، وانظر : أصول الحديث علومه ومصطلحه للدكتور محمد عجاج الخطيب بتصرف يسير ص 21، 22 0
(46) مالك بن أنس:هو الإمام مالك بن أنس، أحد أعلام الإسلام، إمام دار الهجرة، وصاحب الموطأ، توفى سنة 179هـ0 له ترجمة فى:تذكرة
الحفاظ1/207 رقم199،وطبقات المفسرين للداودى 2/294رقم 613،والديباج المذهب ص56،وشذرات الذهب1/289،والثقات للعجلى
ص417 رقم 1521، ومروج الذهب3/350،ومشاهير علماء الأمصار ص169 رقم1110
(47) عمر بن عبد العزيز : هو عمر بن العزيز بن مروان بن الحكم بن أبى العاص الأموى، أمير المؤمنين، أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر
بن الخطاب، ولى إمرة المدينة للوليد، وكان مع سليمان كالوزير، وولى الخلافة بعده، فعد من الخلفاء الراشدين مدة خلافته سنتان ونصف،
توفى سنة 101هـ0 له ترجمة فى : تذكرة الحفاظ 1/188 رقم 104، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص53 رقم 101، وتقريب التهذيب 1/722
رقم 4956، والكاشف 2/65 رقم 4089، ومشاهير علماء الأمصار ص 209 رقم 1411 0
(48) أخرجه الخطيب فى الفقيه والمتفقة، باب القول فى أنه يجب إتباع ما سنه السلف من الإجماع والخلاف وأنه لا يجوز الخروج
عنه1/435رقم 455،والآجرى فى الشريعة ص48،65،306، وابن عبد البر فى جامع بيان العلم، باب الحض على لزوم السنة والاقتصار
عليها 2/187 0
(49) سالم : هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشى العدوى، أبو عمر أو أبو عبد الله، المدنى، أحد الفقهاء السبعة، وكان ثبتاً عابداً
فاضلاً، يشبه أبيه فى الهدى والسمت0 روى عن أبيه وأبى هريرة، وعنه الزهرى، وصالح بن كيسان0 مات سنة 106هـ0له ترجمة فى :
تقريب التهذيب 1/335 رقم 2182، والكاشف 1/422 رقم 1773، والجرح والتعديل 3/168، وتاريخ الثقات للعجلى ص 174 رقم 499،
ومشاهير علماء الأمصار ص 85 رقم 438 0
(50) عبد الله بن عمر : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 2/347 رقم 4852، والاستيعاب 3/340 رقم 1630، واسد الغابة 3/336
رقم 3082 وتذكرة الحفاظ 1/37 رقم 17، وتاريخ الصحابة 149 رقم 719، ومشاهير علماء الأمصار ص 23 رقم 55، وتجريد أسماء
الصحابة 1/325 0
(51) أخرجه أحمد فى مسنده 2/95 0
(52) دراسات فى الحديث النبوى للدكتور الأعظمى 1/5-11 بتصرف، وانظر : السنة فى مواجهة أعدائها ص 36 وما بعدها0
(53) الحديث متفق عليه من حديث عائشة رضى الله عنها، أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على جدر
5/355 رقم 2697 0 ومسلم (بشرح النووى) كتاب الأقضية،باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور 6/256، 257 رقم 1718 0
(54) عبد الرحمن بن مهدى : هو عبد الرحمن بن مهدى بن حسان البصرى، الثقة، الأمين، العالم بالحديث وأسماء الرجال، كان الشافعى
يرجع إليه فى الحديث، وقال عنه : لا اعرف له نظيراً فى الدنيا0 مات سنة 198هـ0 له ترجمة فى : تقريب التهذيب 1/592 رقم 4032،
والكاشف 1/645 رقم 3323، والجرح والتعديل 5/288 رقم 1382، والثقات للعجلى، ص 299 رقم 985، وتذكرة الحفاظ1/329
رقم313، وطبقات الحفاظ للسيوطى،ص144رقم 301، وطبقات الفقهاء الشافعيين لابن كثير 1/141 رقم 35 0
(55) الأوزاعى : هو عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد، أبو عمرو الأوزاعى، شيخ الإسلام، وعالم أهل الشام، وهو صاحب مدرسة فى الفقه،
وكان مذهبه منتشراً فى الشام انتشاراً واسعاً، وظل لمذهبه أنصار فى المغرب والأندلس حتى القرنين الثالث والرابع للهجرة، ثم توارى أمام
مذهب الشافعى ومذهب مالك0 مات سنة158هـ له ترجمة فى : تذكرة الحفاظ 1/178 رقم 177، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 85 رقم
168، والثقات للعجلى ص 296 رقم 970، ومشاهير علماء الأمصار ص 211 رقم 1425، والثقات لابن حبان 7/62، ووفيات الأعيان
3/127 رقم 361، وتـهذيب التهذيب 6/238 رقم 484 0
(56) سفيان بن عيينة : هو سفيان بن عيينه بن أبى عمران، أبو محمد، الكوفى ثم المكى، أحد أئمة الإسلام الأعلام، ثقة حافظ فقيه إمام
حجة، إلا أنه تغير حفظه بآخره، وربما دلس، ولكن عن الثقات0 مات سنة 198هـ0 وله ترجمة فى : تذكرة الحفاظ 1/262 رقم 249،
وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 119 رقم 238، وطبقات المفسرين للداودى 1/196 رقم 187، والثقات للعجلى ص 194 رقم 577،
ومشاهير علماء الأمصار ص 179 رقم 1181 0
(57) الزرقانى على الموطأ 1/3 0
(58) علوم الحديث ومصطلحه ص 6 0
(59) الرسالة المستطرفة ص 32 0
(60) الحديث النبوى مصطلحه، بلاغته، كتبه ص 146 0
(61) متفق عليه من حديث عائشة رضى الله عنها البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب بدء الوحى، باب رقم 3، 1/30 رقم 3، ومسلم (بشرح
النووى) كتاب الإيمان، باب بدء الوحى إلى رسول الله ( 1/474 رقم 160 0
(62) راجع تخريجه فى نفس الحديث السابق0
(63) متفق عليه من حديث أبى سفيان بن حرب ( البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب، بدء الوحى باب رقم 6، 1/42 رقم 7، ومسلم (بشرح
النووى) كتاب الجهاد والسير، باب كتاب النبى (، إلى هرقل يدعوه للإسلام 6/346 رقم 1773 0
(64) انظر : جامع العلوم والحكم 2/120، والمدخل إلى السنة النبوية ص33، 34 0
(65) الحديث والمحدثون للدكتور أبو زهو ص 10، وانظر : تيسير اللطيف الخبير فى علوم حديث البشير النذير للدكتور مروان شاهين ص
28، 29 0
(66) نقلاً عن ضوابط الرواية عند المحدثين للأستاذ الصديق بشير نصر ص 314 0
(67) العقيدة والشريعة فى الإسلام جولد تسيهر ص 49، وممن فرق بينهما أيضاً الأستاذ محمد رشيد رضا، انظر : مجلة المنار المجلد
10/852،853 0
(68) ضوابط الرواية عند المحدثين، ص 314 - 322 بتصرف0
(69) العقيدة والشريعة فى الإسلام ص 49 0
(70) دراسات فى الحديث النبوى 1/5،6 0
(71) إعادة تقييم الحديث ص 78، 79 0
(72) نقلاً عن منهجية جمع السنة للدكتورة عزية على طه ص 62 0
(73) الإسلام عقيدة وشريعة ص 492، 493 0
(74) دراسات فى الحديث النبوى 1/5-11 0
(75) السنة النبوية بين إثبات الفاهمين ورفض الجاهلين ص 32 وما بعدها بتصرف0
(76) دراسات فى الحديث النبوى 1/ 7 0
(77) ابن قيم الجوزية : هو محمد بن أبى بكر بن أيوب الزرعى الدمشقى، أبو عبد الله، الفقيه الحنبلى الأصولى المحدث النحوى الأديب الواعظ
الخطيب، له مصنفات عديدة أشهرها : أعلام الموقعين عن رب العالمين، وزاد المعاد فى هدى خير العباد، وغير ذلك، مات سنة 751هـ 0 له
ترجمة فى:البداية والنهاية لابن كثير14/234،والدرر الكامنة لابن حجر3/400-403 رقم 1067، وشذرات الذهب 6/168، وطبقات
المفسرين للداودى 2/93 - 97، رقم 456، والوافى بالوفيات 2/270 0
(78) إغاثة اللهفان 2/323،324 0
(79) أخرجه الحاكم فى المستدرك كتاب العلم، باب خطبته ( فى حجة الوداع 1/171، 172 رقم 318 من حديث ابن عباس -رضى الله
عنهما - وقال فى إسناده عكرمة واحتج به البخارى، وابن أبى أويس واحتج به مسلم، وسائر رواته متفق عليهم، ثم قال وله شاهد من حديث
أبى هريرة ( ، وأخرجه فى الموضع السابق، ووافقه الذهبى وقال وله أصل فى الصحيح أهـ0
(80 ) السنة الإسلامية بين إثبات الفاهمين ورفض الجاهلين للدكتور رءوف شلبى ص32: 36 بتصرف



-30-

====
4



المبحث الثالث
الحديث النبوي بالسند المتصل
من خصائص الأمة الإسلامية

قال الدكتور سعد المرصفى الحديث النبوى بالسند المتصل : "خص الله به الأمة الإسلامية دون ما سواها، فلسنا نعرف على مدى التاريخ أمة
من أمم الرسل-عليهم صلوات الله وتسليماته - سعدت بمثل هذه المجموعة الناطقة، وبهذا السجل الخالد لنبيها بالسند المتصل، بل بالعكس من
ذلك نرى الأمم كلها فقيرة لا تملك مصدراً من مصادر الحديث عن الأنبياء حيث انقطعت الصلة بينها وبين أنبيائها علمياً وتاريخياً، وفقدت الحلقة
التاريخية التى تصلها بعصر هؤلاء الرسل -عليهم صلوات الله وتسليماته- وتوقفها على شئون حياتهم، وما يكتنفها من ظروف وملابسات
حتى صار كثير من المفكرين يشكون فى وجودهم، ونحن على معارضتنا لهذا التطرف0 نؤمن بأن هناك حلقات مفقودة لا يمكن البحث عنها،
والاهتداء إليها0
أما خاتم الرسل والأنبياء - صلوات الله وسلامه عليه - فهو الرسول الذى نعرف عنه كل دقيق وجليل، ونعرف عنه من دقائق الأخلاق
والعادات والميول والرغبات، والقول والعمل ما لا نعرفه عن غيره بالسند المتصل، بل إن ما عرفناه عن الأنبياء جاء من طريق الوحى الذى
أنزله الله عليه فى كتابه، وبينه لنا e فى حديثه الشريف0
فالحديث المتصل : هو السجل الخالد الذى حفظ لنا هذه الحياة المباركة، وهو من خصائص هذه الأمة دون ما سواها0 وهو الذى يعرف المسلم
بنبيه وحبيبه ويسعده بصحبته، وكأنه حضر مجلسه، واستمع لحديثه، وقضى معه مدة من الزمان؛ ليسمع كلامه، ويشاهد فعله، ويشاهد
سيرته، ثم إنه ميزان عادل لحركة هذه الأمة، زاخر بالحياة النابضة، والقوة المؤثرة التى تبعث على الخير والفلاح والرشد والصلاح0
ومن رحمة الله تعالى أن كانت أمة الإسلام أمة تملك قوة الذاكرة، وعظمة الصدق وتحمل الرواية، وقد فاقت فى ذلك كل الأمم، وقد وعى
الصحابة الكرام - رضى الله تبارك وتعالى عنهم أجمعين - كل ما سمعوه وكل ما شاهدوه، وحرصوا أشد الحرص وأبلغه على حفظه ونشره،
حرصاً لم يعرف عن أمة نبى من الأنبياء، وجاء التابعون وتابعوهم فحملوا الأمانة، وبلغوا حديث الرسول الحبيب، وتتابع المسلمون جيلاً بعد
جيل برواية العدل الضابط عن مثله يحفظون ويبلغون(1) أ0هـ0
وصدق القائل : "إن الحديث علم رفيع القدر، عظيم الفخر، شريف الذكر لا يعتنى به إلا كل حبر، ولا يحرمه إلا كل غمر، ولا تفنى محاسنه على
مر الدهر، لم يزل فى القديم والحديث يسمو عزةً وجلالاً، إذ به يعرف المراد من كلام رب العالمين، ويظهر المقصود من حبله المتصل المتين،
ومنه يدرى شمائل من سما ذاتاً ووصفاً واسماً، ويقف على أسرار بلاغة من شرف الخلائق عرباً وعجماً(2)0
يقول الدكتور محمد على الصابونى : "وسيظل الحديث النبوى بالسند المتصل من الخصائص التى اختص الله U بها هذه الأمة الإسلامية، ذلك
الكنز الثمين، والتراث النبوى العظيم، الذى تركه لنا سيد المرسلين e ، فحفظته الأمة غضاً طرياً على مدى العصور والأزمان وها نحن اليوم
وقد مضى القرن الرابع عشر، ودخلنا فى القرن الخامس عشر من هجرة سيد المرسلين e نقرأ حديث نبينا e ونسمعه ونحفظه،كما نطق به
رسول الله e ويخطب به ويذاع على العالم، نقياً صحيحاً وكأن رسول الله e حىٌّ بين أظهرنا نتحدث به هذه الساعة، ولم يكن مثل هذا لأمة من
أمم الأرض، أمة حفظت ورعت كلام نبيها كما رعته وحفظته هذه الأمة الإسلامية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم، ليبقى دين الله U خالداً
دائماً مدى الأزمان"(3).





المبحـث الرابـع
الحديـث النبوى تاريـخ الإسلام

لا يخفى أن القرآن الحكيم إنما نزل لهداية البشر إلى مصالحهم الدينية والدنيوية، ولهذا بين لهم طريق العمل وسبل النجاح، وأعلن أن الأمة
التى تعمل بهذا القانون تكون لها الخلافة فى الأرض وتنال من السعادة والسيادة ما لا يزيد عليه، وتكون خير أمة أخرجت للناس. وكل من لم
يعمل بهذا القانون يكون ذليلاً مهاناً فى الأرض، وشقياً فى الدنيا والآخرة .
فإذا سألنا أحدٌ : هل وجدت أمة فى زمن من الأزمان عملت بهذا القانون؟ وهل نالت به ما وعدت؟ ومتى كانت هذه الأمة، وكيف كانت طريقة
عملها بهذا القانون، وأين التاريخ الصحيح لأعمالها؟ نقول له : نعم وجدت أمة عظيمة عملت بهذا الكتاب الحكيم، واتخذته قانوناً أساسياً لها
مدة كبيرة، فصدقها الله وعده، وأنعم عليها بالخلافة والسيادة فى الأرض، وامتد سلطانها إلى مشارق الأرض ومغاربها، وكانت أمة لا نظير لها
فى تاريخ العالم. وتاريخ أعمالهم المجيدة، وطريقة تنفيذهم لأحكام القرآن وكيفية عملهم بها، كل ذلك ثابت محفوظ بصورة عديمة المثال، فإنه
لا يوجد تاريخ لأمة من الأمم يبين عملها وتمسكها فى كل شئونها بقانونها مثل تاريخ هذه الأمة .
هذه الأمة هى : الرسول e وأصحابه، والتابعون لهم بإحسان، وهذا التاريخ هو الحديث. فبالحديث يعلم كيف عمل الرسول وأصحابه بالقرآن
وبه يعرف أن القرآن، قانون قد عمل به ونجحت أصوله الإدارية، والسياسية، والمدنية، والأخلاقية ...إلخ. وليس هو مجموعة نظريات
محتاجة للإثبات بالتجربة والتطبيق. وأما إذا عملنا برأى المنكرين للحديث فيضيع تاريخ الإسلام الذهبى، ولا يقدر أحد أن يثبت أن القرآن قد
عملت به أمة من الأمم ونجحت فى تأسيس حكومة مدنية مطبقة لتعليماته. فهل يرضى المسلمون بهذا؟ لا والله، لا المسلمون يرضون بهذا،
ولا العلم، ولا التاريخ يرضيان به {فَمَالِ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا}(1).
المبحـث الخامـس
دراسة الحديث ضرورة لازمة لطالب العلم

قال الدكتور محمد الصباغ : إن دراسة الحديث أمر ضرورى لطالب العلم سواء أكان متخصصاً فى الشريعة أم فى العربية أم فى التاريخ أم فى
غير ذلك من العلوم أما ضرورته للتخصص فى الشريعة فواضحة0
الحديـث واللغـة العربيـة :
وأما بالنسبة لطالب العربية فنستطيع أن نجعل الدواعى لدراسته فيما يأتى :
أولاً : لأن تأثير الحديث النبوى على ثـقافتنا العربية يفوق كل تصور، فلقد صبغت طريقته كل فنون ثـقافتنا ومعارفنا، وإنك تجد طريقة السند
عمت كل أنواع الكتب فى مكتبتنا من أدبية وتاريخية وغيرهما إذ تعتمد الســـند فى إيراد أخبارها مثل كتاب "الأغانى" لأبى فرج الأصفهانى،
و "الأمالى" لأبى على القالى، و"تاريخ الرسل والملوك" لابن جرير الطبرى، بل إن كثيراً من العلوم ما كان ليوجد لولا الحديث؛ فطبقات الرجال،
وكتب التواريخ، وكتب التراجم والسيرة، كل هذا ثمرة من ثمرات الحديث النبوى0
يقول الدكتور شوقى ضيف : "فالحديث هو الذى فتح باب الكتابة التاريخية، وهيأ لظهور كتب الطبقات فى كل فن، وهذا غير ما نشأ عنه من
علوم الحديث وغير مشاركته فى علوم التفسير والفقه، مما بعث على نهضة علمية رائعة". وقال الدكتور أحمد أمين : "كان جمع الحديث أساساً
لكل العلوم الدينية تفرع عنه التفسير والفقه وتاريخ السيرة وتاريخ الفتوح والطبقات ... إلخ(1)0
ثانياً : لأن الحديث النبوى من بليغ ما أثر فى لغتنا، ومن أرفع النصوص الأدبية بياناً وإشراقاً بعد القرآن الكريم، والدراسة المفيدة المجدية للغة
العربية هى الدراسة التى تجعل الطالب يتخرج بالنصوص الجميلة وتصله بها، حتى يتأثر بأساليبها وطريقتها فى القول....
ثالثاً : لأن علوم العربية وآدابها إنما كانت من أجل خدمة القرآن والحديث، بل إننا لنستطيع أن نقول : إن كل ما فى ثقافتنا من تـنوع وتعدد
وتلون فى العلوم والفنون والمعارف؛ إنما كان لخدمة القرآن والسنة وفى ذلك يقول الإمام عبد القادر البغدادى(1) : اعلم أنه لا خصلة من
الخصال التى تعد فى المفاخر لأهل الإسلام من المعارف والعلوم، وأنواع الاجتهادات، إلا ولأهل السنة فى ميدانها القدح المعلمى، والسهم
الأوفر(2)0
رابعاً : لأن هناك التحاماً وثيقاً بين العربية والعلوم الإسلامية، وكل دارس للعربية لا يعد واقفاً على أسرارها ما لم يشارك فى العلوم الإسلامية
الأخرى0
خامساً : لأن الحديث النبوى من الأصول التى يستشهد بها على قواعد اللغة(3)0
سادساً : لأن قواعد علم المصطلح التى وضعها أجدادنا المسلمون تعلم المنهجية فى الحكم على الأخبار دون أن يكون تأثر بأى اعتبار آخر غير
تطبيق تلك القواعد0
قلـت : وهو علم تفتخر به هذه الأمة على البشرية جمعاء فهو من خصوصيتها، وسيأتى تفصيل ذلك فى مبحث (أهمية الإسناد فى الدين،
واختصاص الأمة الإسلامية عن سائر الأمم)(4)0
الحديـث والتاريـخ :
وأما طالب التاريخ فيكفينا للدلالة على أهمية دراسة الحديث بالنسبة له أن نورد قول الدكتور أسد رستم أستاذ التاريخ فى الجامعة اللبنانية(5)،
قال : وأول من نظم نقد الروايات التاريخية، ووضع القواعد لذلك علماء الدين الإسلامى، فإنهم اضطروا اضطراراً إلى الاعتناء بأقوال النبى e
وأفعاله لفهم القرآن وتوزيع العدل فقالوا : إن هو إلا وحى يوحى، ما تلى منه فهو القرآن، وما لم يتل فهو السنة . فانبروا لجمع الأحاديث
ودرسها وتدقيقها فأتحفوا علم التاريخ بقواعد لا تزال فى أسسها وجوهرها محترمة فى الأوساط العلمية حتى يومنا هذا .
يقول الدكتور محمد الصباغ : "وقد وضع الأستاذ المذكور كتاباً بعنوان (مصطلح التاريخ) وقد اعتمد فيه على القواعد التى قررها علماء
مصطلح الحديث .
ووصف كتابه بأنه بحث فى نقد الأصول، وتحرى الحقائق التاريخية وإيضاحها وعرضها وفيما يقابل ذلك من علم الحديث يقول : "وبإمكاننا أن
نصارح زملاءنا فى الغرب فنؤكد لهم بأن ما يفاخرون به من هذا القبيل نشأ وترعرع فى بلادنا، ونحن أحق الناس بتعليمه والعمل بأسسه
وقواعده(1)"0
يقول الدكتور السباعى : "وقد اعترف المؤلف فى كتابه بأن قواعد مصطلح الحديث أصح طريقة علمية حديثة لتصحيح الأخبار والروايات، وقد
قال فى الباب السادس (العدالة والضبط) بعد أن ذكر وجوب التحقيق من عدالة الراوى، والأمانة فى خبره : "ومما يذكر مع فريد الإعجاب
والتقدير ما توصل إليه علماء الحديث منذ مئات السنين فى هذا الباب0 وإليك بعض ما جاء فى مصنفاتهم نورده بحروفه وحذافيره تنويهاً
بتدقيقهم العلمى، واعترافاً بفضلهم على التاريخ ... ثم أخذ فى نقل نصوص عن الأئمة مالك ومسلم والغزالى والقاضى عياض وأبى عمرو بن
الصلاح(2).
وتأتى أهمية الحديث النبوى فى غير ذلك من العلوم بأنه مصدرٌ لكل معرفة فقد بين النبى e من خلال حديثه الشريف جميع أحكام الحياة والموت
كما قال الإمام ابن قيم الجوزية - رحمه الله - "وقد توفى رسول الله e وما طائر يقلب جناحيه فى السماء إلا ذُكر للأمة منه علماً، وعلمهم كل
شئ حتى آداب التخلى، وآداب الجماع، والنوم، والقيام، والقعود، والأكل والشرب، والركوب والنزول، والسفر والإقامة، والصمت والكلام،
والعزلة والخلطة، والغنى والفقر، والصحة والمرض، وجميع أحكام الحياة والموت، ووصف لهم العرش والكرسى والملائكة والجن والنار
والجنة ويوم القيامة وما فيه حتى كأنه رأى عين، وعرفهم معبودهم وإلههم أتم تعريف حتى كأنهم يرونه ويشاهدونه بأوصاف كماله ونعوت
جلاله، وعرفهم الأنبياء وأممهم وما جرى لهم وما جرى عليهم معهم حتى كأنهم كانوا بينهم، وعرفهم من طرق الخير والشر دقيقها وجليلها
ما لم يعرفه نبى لأمته قبله، وعرفهم e من أحوال الموت وما يكون بعده فى البرزخ وما يحصل فيه من النعيم والعذاب للروح والبدن ما لم
يعرف به نبى غيره، وكذلك عرفهم e من أدلة التوحيد والنبوة والمعاد والرد على جميع فرق أهل الكفر والضلال ما ليس لمن عرفه حاجة من
بعده، اللهم إلا إلى من يبلغه إياه ويبينه ويوضح منه ما خفى عليه، وكذلك عرفهم e من مكايد الحروب ولقاء العدو وطرق النصر والظفر ما
لو علموه وعقلوه ورعوه حق رعايته لم يقم لهم عدو أبداً، وكذلك عرفهم e من مكايد إبليس وطرقه التى يأتيهم منها وما يتحرزون به من
كيده ومكره وما يدفعون به شره ما لا مزيد عليه وكذلك عرفهم e من أحوال نفوسهم وأوصافها ودسائسها وكمائنها ما لا حاجة لهم معه إلى
سواه؛ وكذلك عرفهم e من أمور معايشهم ما لو علموه وعملوه لاستقامت لهم دنياهم أعظم استقامة0
وبالجملـة فجاءهم بخير الدنيا والآخرة برمته، ولم يحوجـــهم الله U إلى أحد سواه(1). فكيف يظن بعد كل ذلك أن يكون للإسلام
وللمسلمين دين وعلم وحضارة بدون السنة النبوية المطهرة؟
ومن هنا كان التشكيك فى الأحاديث النبوية تشكيكاً فى الإسلام، وفى جميع العلوم والمعارف كما قال الدكتور محمد أبو زهو - رحمه الله تعالى
- (ولو أننا ذهبنا نستمع إلى من فى قلوبهم مرض، من دعاة الإلحاد، وخصوم الإسلام، وصرنا إلى ما صاروا إليه من الشبهات، المؤسسة
على شفا جرف هار، لذهبت ثـقتنا بجميع العلوم، ذلك؛ لأن علمائها لم يبذلوا فيها، من الدرس والتمحيص، والدقة والتحرى، عشر معشار ما
بذله علماء الحديث، فى حفظ السنة ورعايتها، وتمييز صحيحها من ضعيفها، ومعرفة أحوال رواتها على اختلاف طبقاتهم وأزمنتهم وأمكنتهم،
فإذا انهار حصن السنة الحصين، بعد تلك العناية البالغة، التى يشهد بها التاريخ والواقع،لم يبق هناك علم نرجع إليه أو نثق به، وكفى بذلك
حمقاً وجهلاً)(2).



(1) السنة بين أنصارها وخصومها مخطوط بكلية أصول الدين بالقاهرة رقم748 جـ1 /18،19 بتصرف0
(2) نقلاً عن السنة النبوية للدكتور أحمد كريمة ص 18 0
(3) السنة النبوية المطهرة قسم من الوحى الآلهى المنزل ص 83 بتصرف يسير0
(1) الآية 78 من سورة النساء0 وانظر : تحقيق معنى السنة وبيان الحاجة إليها للعلامة السيد سليمان الندوى ص 12، 13، وقارن بالإسلام
على مفترق الطرق للعلامة محمد أسد ص 93 0
(1) ضحى الإسلام للدكتور أحمد أمين 3 /362 0
(1) عبد القادر البغدادى : هو عبد القادر بن طاهر بن محمد التميمى، الأستاذ أبو منصور البغدادى، الفقيه الشافعى الأصولى النحوى المتكلم،
صاحب المؤلفات الكثيرة النافعة، منها "تفسير القرآن" و"فضائح المعتزلة" و"التحصيل فى أصول الفقه" و"الفرق بين الفرق" توفى سنة 429هـ
له ترجمة فى إنباه الرواة للقفطى 2 /185، وبغية الوعاة 2 /105، ووفيات الأعيان 2 /372، وهداية العارفين 5 /606، وطبقات الشافعية
لابن السبكى 5/136، وطبقات المفسرين للداودى 1 /332 رقم 294، وفوات الوفيات لابن شاكر 1 /613، والبداية والنهاية لابن كثير 12
/44، وطبقات الفقهاء الشافعيين لابن كثير 1 /393 رقم 17 0
(2) الفرق بين الفرق ص 321 0
(3) سيأتى تفصيل ذلك فى الجواب عن شبهة رواية الحديث بالمعنى ص 386-395 0
(4) انظر : ج2 ص148 .
(5) وقال الدكتور السباعى فى كتابه السنة ومكانتها ص 108 هو أستاذ التاريخ فى الجامعة الأمريكية فى بيروت سابقاً وهو مسيحى تفرغ
أخيراً لأخبار الكنيسة الأرثوذكسية0
(1) انظر : الحديث النبوى للدكتور محمد الصباغ ص 16 : 18 بتصرف0
(2) السنة ومكانتها فى التشريع الإسلامى للدكتور السباعى ص 108 بتصرف يسير0
(1) أعلام الموقعين عن رب العالمين 4 /375، 376 0
(2) الحديث والمحدثون ص 210، 211 0 انظر : السنة فى مواجهة أعدائها للدكتور طه حبيشى مبحث (إنكار السنة اعتداء على المناهج
العلمية) ص 161 0



(1) السنة بين أنصارها وخصومها مخطوط بكلية أصول الدين بالقاهرة رقم748 جـ1/18،19 بتصرف0
(2) نقلاً عن السنة النبوية للدكتور أحمد كريمة ص 18 0
(3) السنة النبوية المطهرة قسم من الوحى الآلهى المنزل ص 83 بتصرف يسير0
(1) الآية 78 من سورة النساء0 وانظر : تحقيق معنى السنة وبيان الحاجة إليها للعلامة السيد سليمان الندوى ص 12، 13، وقارن بالإسلام
على مفترق الطرق للعلامة محمد أسد ص 93 0
(1) ضحى الإسلام للدكتور أحمد أمين 3/362 0
(1) عبد القادر البغدادى : هو عبد القادر بن طاهر بن محمد التميمى، الأستاذ أبو منصور البغدادى، الفقيه الشافعى الأصولى النحوى المتكلم،
صاحب المؤلفات الكثيرة النافعة، منها "تفسير القرآن" و "فضائح المعتزلة" و "التحصيل فى أصول الفقه" و "الفرق بين الفرق" توفى سنة 429
هـ له ترجمة فى إنباه الرواة للقفطى 2/185، وبغية الوعاة 2/105، ووفيات الأعيان 2/372، وهداية العارفين 5/606، وطبقات الشافعية
لابن السبكى 5/136، وطبقات المفسرين للداودى 1/332 رقم 294، وفوات الوفيات لابن شاكر 1/613، والبداية والنهاية لابن كثير
12/44، وطبقات الفقهاء الشافعيين لابن كثير 1/393 رقم 17 0
(2) الفرق بين الفرق ص 321 0
(3) سيأتى تفصيل ذلك فى الجواب عن شبهه رواية الحديث بالمعنى ص 368-378 0
(4) انظر : ص684-686
(5) وقال الدكتور السباعى فى كتابه السنة ومكانتها ص 108 هو أستاذ التاريخ فى الجامعة الأمريكية فى بيروت سابقاً وهو مسيحى تفرغ
أخيراً لأخبار الكنيسة الأرثوزكسية0
(1) انظر : الحديث النبوى للدكتور محمد الصباغ ص 16 : 18 بتصرف0
(2) السنة ومكانتها فى التشريع الإسلامى للدكتور السباعى ص 108 بتصرف يسير0
(1) أعلام الموقعين عن رب العالمين 4/375، 376 0
(2) الحديث والمحدثون ص 210، 211 0 انظر : السنة فى مواجهة أعدائها للدكتور طه حبيشى مبحث (إنكار السنة اعتداء على المناهج
العلمية) ص 161 0



-48-












(1) الأعشى : هو ميمون بن قيس بن جندل، ينتهى نسبه إلى بكر بن وائل من ربيعة، لقب بالأعشى لسوء بصره، وكنى يأبى البصير تفاؤلاً
بالشفاء، أو لنفاذ بصره، وسمى "صناجة العرب" لأنه كان يتغنى بشعره، وتوفى سنة 7هـ0 له ترجمة فى : الشعر والشعراء لابن قتيبة
1/257 رقم21، والعقد الفريد لابن عبد ربه 3/356، وأدباء العرب لبطرس البستانى 1/212 0
(2) ذو الرمة : ذو الرُّمَة أو الرَّمَة، أبو الحارث غيلان بن بـهيس بن مسعود بن عدى، له ديوان شعر مطبوع فى مجلد ضخم، وتوفى سنة
117هـ له ترجمة فى : الأعلام للزركلى 5/319، وفيات الأعيان لابن خلكان 4/11 - 17 رقم 523، والشعر والشعراء لابن قتيبة
1/524 رقم 94
(3) ثعلب : هو أبو العباس أحمد بن يحيى بن سيار الشيبانى بالولاء، إمام الكوفة فى النحو واللغة، من كتبه "الفصيح" له ترجمة فى الأعلام
للزركلى 1/252، وبغية الوعاة للسيوطى 1/396 - 398 رقم 787 0
(4) لسان العرب لابن منظور 13/224، والقاموس المحيط للفيروزآبادى 4/233، والمعجم الوسيط لإبراهيم أنيس وآخرون 1/445 - 446
0
(1) مختار الصحاح للرازى ص 317، ولسان العرب 13/225، والقاموس المحيط 4/239، والمعجم الوسيط 1/456 0
(2) الجَوْهَرىُّ : هو إسماعيل بن حماد التركى الجوهرى، يكنى : أبا نصر الفرابى، كان إماماً فى اللغة والأدب، وهو صاحب الصحاح فى اللغة،
توفى سنة 393هـ له ترجمة فى : مرآة الجنان : 2/446، ولسان الميزان لابن حجر 1/614 رقم 1273، وشذرات الذهب لابن العماد
3/141،والوافى بالوفيات9/111 رقم 4028، وإنباه الرواة على أنباه النحاة للقفطى 1/194
(3) عمرو بن العاص : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 3/2 رقم 5897، والاستيعاب 3/1184 رقم 1931، واسد الغابة 4/232 -
235 رقم 3971، وتاريخ الصحابة ص173 رقم 884، ومشاهير علماء الأمصار ص 71 رقم 376 0
(4) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج 1/414 رقم 121، وأحمد فى مسند
4/199 0
(5) لسان العرب 13/227، والقاموس المحيط 4/239، والمعجم الوسيط 1/455، 456 0
(6) لسان العرب لابن منظور 13/225 0
(7) الآية 77 من سورة الإسراء0
(8) الآية 55 من سورة الكهف0
(1) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة 4/110، 111 رقم 1017، وأخرجه فى كتاب العلم،
باب من سن سنة حسنة أو سيئة 8/479 رقم1017 من حديث جرير بن عبد الله (0
(2) متفق عليه من حديث أبى سعيد الخدرى (: البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الاعتصام بالسنة، باب قول النبى (، لتتبعن سنن من كان
قبلكم 13/312 رقم 7320، ومسلم (بشرح النووى) كتاب العلم، باب إتباع سنن اليهود والنصارى 8/472 رقم 2669 0
(3) إرشاد الفحول للشوكانى 1/155، ولسان العرب لابن منظور 13/225، والمعجم الوسيط لإبراهيم أنيس وآخرون 1/455 0
(4) حجية السنة للدكتور عبد الغنى عبد الخالق ص 46 0
(5) الآية 36 من سورة الأحزاب، وانظر : الحديث النبوى للدكتور محمد الصباغ ص 139 0
(1) الفكر المنهجى عند المحدثين ص 27 0
(2) لسان العرب 13/225، والقاموس المحيط 4/233 0
(3) مفاتيح الغيب للفخر الرازى 3/54 0
(4) أخرجه مالك فى الموطأ كتاب السهو،باب العمل فى السهو1/100رقم 2،قال ابن عبدالبر لا أعلم هذا الحديث روى عن النبى ( مسنداً ولا
مقطوعاً، من غير هذا الوجه، وهو أحد الأحاديث الأربعة التى فى الموطأ، التى لا توجد فى غيره مسنده ولا مرسله0 ومعناه صحيح فى
الأصول0
(5) لسان العرب 13/225، والقاموس المحيط 4/233، والمعجم الوسيط 1/455 0
(6) القاموس المحيط 4/239، والمعجم الوسيط 1/456 0
(7) الطبرى : هو محمد بن جرير بن زيد، الطبرى، أبو محمد، صاحب التفسير الكبير، والتاريخ الشهير، كان من الأئمة المجتهدين، ولم يقلد
أحداً، وكان إماماً فى فنون كثيرة منها : التفسير، والحديث، والفقه، والتاريخ وغير ذلك، توفى سنة 310هـ0 له ترجمة فى : تاريخ بغداد
للخطيب البغدادى 2/162 رقم 589، ووفيات الأعيان 4/191، 192 رقم 570، وطبقات المفسرين للداودى 2/110-118 رقم 468،
وطبقات المفسرين للسيوطى، ص 82 رقم 93، وشذرات الذهب لابن العماد2/260،وطبقات الفقهاء الشافعيين لابن كثير1/222رقم 23 0
(8) لبيد : هو أبو عقيل لبيد بن ربيعة العامرى، كان أبوه يعرف بربيعة المقترين لجوده وسخائه، فنشأ لبيد كريماً مثله، توفى سنة 41هـ0 له
ترجمة فى :الأعلام للزركلى 6/104، والشعر والشعراء لابن قتيبة 1/274 - 285 رقم 25، ومرآة الجنان لليافعى 1/119، وأدباء العرب
لبطرس البستانى 1/144 - 151 0
(1) جامع البيان فى تأويل آى القرآن 4/100 0
(2) القرطبى : هو محمد بن أحمد بن أبى بكر بن فرح الأنصارى الخزرجى المالكى أبو عبد الله القرطبى، كان مفسراً، ورعاً، زاهداً، متقناً
متبحراً، من مصنفاته "الجامع لأحكام القرآن" و"شرح الأسماء الحسنى"توفى سنة671هـ0له ترجمة فى:طبقات المفسرين للداودى 2/69-70
رقم 434،وطبقات المفسرين للسيوطى ص79 رقم 88، وشذرات الذهب 5/235، والديباج المذهب لابن فرحون 406رقم 549،وشجرة النور
الزكية محمد مخلوف ص197 رقم 666 0
(3) المفضل : هو المفضل بن سلمة بن عاصم، أبو طالب، لغوى، عالم بالأدب، من مؤلفاته الفاخر فيما تلحن به العامة و "جماهير القبائل"
توفى سنة 290 0 له ترجمة فى : تاريخ بغداد للخطيب البغدادى 13/124 رقم 7109، ووفيات الأعيان لابن خلكان 4/205، 206 رقم
579 فى ترجمة ابنه محمد بن الفضل، وبغية الوعاة للسيوطى 2/296 رقم 2013 0
(4) الجامع لأحكام القرآن 4/216 0
(5) الشوكانى : هو محمد بن على بن محمد الشوكانى، فقيه مجتهد من كبار علماء اليمن من أهل صنعاء، من مؤلفاته "فتح القدير" فى
التفسير "وإرشاد الفحول" فى أصول الفقه0 توفى سنة 1250هـ0 له ترجمة فى : البدر الطالع للشوكانى 2/214 - 225 رقم 482، والفتح
المبين لعبد الله المراغى 3/144 - 145، وأصول الفقه تاريخه ورجاله للدكتور شعبان إسماعيل، ص530 - 532، والرسالة المستطرفة
للكتانى ص 152، والأعلام للزركلى 7/190، ومعجم المؤلفين لكحالة 11/533 0
(6) إرشاد الفحول 1/155 0
(7) الكسائى : هو على بن حمزة الكوفى المعروف بالكسائى، أخذ القراءات عن حمزة الزيات، وقرأ النحو على معاذ الهراء كثيراً، ثم الخليل بن
أحمد بالبصرة0 توفى سنة 189هـ0 له ترجمة فى : وفيات الأعيان لابن خلكان3/295-297 رقم 233، وبغية الوعاة للسيوطى 2/162
-164 رقم 1701، وطبقات المفسرين للداودى 1/404 - 409 رقم 349، طبقات القراء لابن الجزرى 1/535، وطبقات القراء للذهبى
1/100، واللباب فى تـهذيب الأنساب 3/97، والفهرست لابن النديم ص 103 0
(8) دراسات فى الحديث النبوى 1/5، 11 بتصرف0
(9) القاموس المحيط 1/163 0
(10) الآية 34 من سورة الطور0
(11) تاج العروس للزبيدى 1/613 0
(12) الزمخشرى : هو أبو القاسم، محمود بن عمر بن محمد الزمخشرى، نحوى، لغوى، معتزلى، مفسر، يلقب بجار الله لمجاورته بمكة
زماناً، من مصنفاته : الكشاف عن حقائق التنـزيل، والفائق فى غريب الحديث، مات سنة 538هـ0 له ترجمة فى : وفيات الأعيان لابن
خلكان 5/168-174 رقم 711، وبغية الوعاة للسيوطى 2/279 رقم 1977، وإشارة التعيين فى تراجم النحاة واللغويين لعبد الباقى اليمانى،
ص 345 رقم 210، وطبقات المفسرين للسيوطى، ص48 رقم 147، وطبقات المفسرين للداودى 2/314 رقم 625 0
(13) الكشاف للزمخشرى 2/243 0
(14) أبو حيان : هو محمد بن يوسف بن على بن يوسف، أثير الدين أبو حيان، الغرناطى، من كبار العلماء بالعربية، والتفسير، والحديث، من
مؤلفاته البحر المحيط فى التفسير، والتذكرة فى العربية، وعقد اللآلى فى القراءات0 مات سنة 745هـ0 له ترجمة فى ذيل تذكرة الحفاظ
ص23، وطبقات الشافعية لابن السبكى 6/31، وطبقات المفسرين للداودى 2/287 - 291 رقم 608، وشذرات الذهب 6/145، والأعلام
7/153، والرسالة المستطرفة ص 101 0
(15) البحر المحيط لأبى حيان 5/281 عند تفسير أول سورة يوسف0
(16) بحوث فى علوم الحديث لفضيلة الأستاذ الدكتور عزت عطيه ص 10 0
(17) الآية 15 من سورة النازعات0
(18) الآية الأولى من سورة الغاشية0
(19) جزء من الآية 3 من سورة التحريم0
(20) جزء من الآية 23 من سورة الزمر0
(21) جزء من الآية 87 من سورة النساء0
(22) الآية 50 من سورة المرسلات0
(23) تيسير اللطيف الخبـير فى علوم حديث البشير النذير ص 11 0
(24) جابر بن عبد الله : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 2/45 رقم 1022، والاستيعاب 1/219 رقم 290، واسد الغابة 1/492 رقم
647، وتاريخ الصحابة ص 58 رقم 183، ومشاهير علماء الأمصار ص 17 رقم 25، وتذكرة الحفاظ 1/43 رقم 21، وطبقات الحفاظ
للسيوطى ص 19 رقم 21 0
(25) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الجمعة،باب تخفيف الصلاة والخطبة 3/418 رقم 867 0
(26) زيد بن ثابت : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 1/561رقم 2887، والاستيعاب 3/136 رقم 845، واسد الغابة 2/346 رقم
1824، وتذكرة الحفاظ 1/30 رقم 15، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 17 رقم 15، وتاريخ الصحابة ص105 رقم 469، ومشاهير علماء
الأمصار ص 16 رقم 22 0
(27) أخرجه ابو داود فى سننه كتاب العلم، باب فضل نشر العلم 3/322 رقم 3660 واللفظ له، وأخرجه الترمذى فى سننه كتاب العلم، باب
ما جاء فى الحث على تبليغ السماع، 5/33 رقم 2656، وقال أبو عيسى : وفى الباب عن عبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، وجبير بن
مطعم، وأبى الدرداء وأنس ثم قال : حديث زيد بن ثابت حديث حسن، وأخرجه ابن ماجة فى سننه المقدمة، باب من بلغ علماً، 1/84 رقم 230
0
(28) المغيرة بن شعبة : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 3/452 رقم 8174، والاستيعاب 4/1445 رقم 2483، واسد الغابة
5/238 رقم 571، وتاريخ الصحابة ص230 رقم 1237، ومشاهير علماء الأمصار رقم 269، وتجريد أسماء الصحابة 2/91 0
(29) أخرجه مسلم (بشرح النووى) فى المقدمة، باب وجوب الرواية عن الثقات وترك الكذابين والتحذير من الكذب على رسول الله ( 1/95 0
(30) علوم الحديث ومصطلحه بتصرف يسير ص 9، 10 0
(31) أصول الحديث، علومه، ومصطلحه، للدكتور محمد عجاج الخطيب ص 18 0
(32) شذرات من علوم السنة لفضيلة الأستاذ الدكتور الأحمدى أبو النور 1/44، وعلوم الحديث لفضيلة الأستاذ الدكتور مروان شاهين ص 16
0
(33) انظر : الإحكام فى أصول الأحكام للآمدى 1/127، والتقرير والتحبير لابن أمير الحاج 2/223، وغاية الوصول شرح لب الأصول زكريا
الأنصارى ص 91، ومناهج العقول للبدخشى 2/269، وإرشاد الفحول للشوكانى 1/155، وأصول الفقه للخضرى ص250،251 0
(34) تيسير اللطيف الخبير فى علوم حديث البشير النذير للدكتور مروان شاهين ص 13 0
(35) عمر بن الخطاب : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 3/518 رقم 5752، والاستيعاب 3/1144 رقم 1878، واسد الغابة 4/137
رقم 3830، وتذكرة الحفاظ 1/5 رقم 2، وطبقات الحفاظ ص 13 رقم 2، وتاريخ الصحابة ص 23 رقم2، ومشاهير علماء الأمصار ص 10
رقم 3، وتجريد أسماء الصحابة 1/397 0
(36) عبد الرحمن بن عوف : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 2/456 رقم 5195، والاستيعاب 2/844 رقم 1455، واسد الغابة
3/475 رقم 3370، وتاريخ الصحابة ص 25 رقم 9، ومشاهير علماء الأمصار ص 14 رقم 12 0
(37) على بن أبى طالب : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 2/507 رقم 5704، والاستيعاب 3/1089 رقم 1855، واسد الغابة 4/87
رقم 3789، وتاريخ الصحابة ص 24 رقم 4، ومشاهير علماء الأمصار ص 11 رقم 5، وتذكرة الحفاظ 1/10 رقم 4، وطبقات الحفاظ
للسيوطى ص 14 رقم 4 0
(38) أخرجه مالك فى الموطأ كتاب الأشربة، باب الحد فى الخمر 2/642 رقم 2 0
(39) الاعتصام للشاطبى 2/119، وانظر : منزلة السنة من الكتاب للأستاذ محمد سعيد منصور ص81-96 0
(40) انظر : الحديث فى صحيح البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب فضائل القرآن، باب جمع القرآن 8/627 رقم 4986 0
(41) الموافقات للشاطبى 4/5،6، وانظر : المدخل إلى السنة النبوية ص 32، 33 0
(42) العرباض بن سارية : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 2/473 رقم 5501، والاستيعاب 3/1238 رقم 2026، واسد الغابة
4/19 رقم 3630، وتاريخ الصحابة 199 رقم 1062، ومشاهير علماء الأمصار ص 65 رقم 331 0
(43) أخرجه أبو داود فى سننه كتاب السنة، باب فى لزوم السنة 4/200 رقم 4607، والترمذى كتاب العلم، باب ما جاء فى الأخذ بالسنة
واجتناب البدع 5/43-44 رقم2676،وابن ماجة فى المقدمة، باب إتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين 1/15-17 رقمى 42-43
وغيرهم0
(44) عبد الله بن عمرو : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 2/351 رقم 4865، والاستيعاب 3/256 رقم 1636، واسد الغابة 3/345
رقم 3092، وتجريد أسماء الصحابة 1/326، وتاريخ الصحابة رقم 721، ومشاهير علماء الأمصار ص71 رقم 377، وتذكرة الحفاظ
1/41 رقم 19، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 18 رقم 19 0
(45) أخرجه الترمذى كتاب الإيمان،باب ما جاء فى افتراق هذه الأمة5/26رقم2641،وقال أبو عيسى : هذا حديث مفسر غريب لا نعرفه مثل
هذا إلا من هذا الوجه، وانظر : أصول الحديث علومه ومصطلحه للدكتور محمد عجاج الخطيب بتصرف يسير ص 21، 22 0
(46) مالك بن أنس:هو الإمام مالك بن أنس، أحد أعلام الإسلام، إمام دار الهجرة، وصاحب الموطأ، توفى سنة 179هـ0 له ترجمة فى:تذكرة
الحفاظ1/207 رقم199،وطبقات المفسرين للداودى 2/294رقم 613،والديباج المذهب ص56،وشذرات الذهب1/289،والثقات للعجلى
ص417 رقم 1521، ومروج الذهب3/350،ومشاهير علماء الأمصار ص169 رقم1110
(47) عمر بن عبد العزيز : هو عمر بن العزيز بن مروان بن الحكم بن أبى العاص الأموى، أمير المؤمنين، أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر
بن الخطاب، ولى إمرة المدينة للوليد، وكان مع سليمان كالوزير، وولى الخلافة بعده، فعد من الخلفاء الراشدين مدة خلافته سنتان ونصف،
توفى سنة 101هـ0 له ترجمة فى : تذكرة الحفاظ 1/188 رقم 104، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص53 رقم 101، وتقريب التهذيب 1/722
رقم 4956، والكاشف 2/65 رقم 4089، ومشاهير علماء الأمصار ص 209 رقم 1411 0
(48) أخرجه الخطيب فى الفقيه والمتفقة، باب القول فى أنه يجب إتباع ما سنه السلف من الإجماع والخلاف وأنه لا يجوز الخروج
عنه1/435رقم 455،والآجرى فى الشريعة ص48،65،306، وابن عبد البر فى جامع بيان العلم، باب الحض على لزوم السنة والاقتصار
عليها 2/187 0
(49) سالم : هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشى العدوى، أبو عمر أو أبو عبد الله، المدنى، أحد الفقهاء السبعة، وكان ثبتاً عابداً
فاضلاً، يشبه أبيه فى الهدى والسمت0 روى عن أبيه وأبى هريرة، وعنه الزهرى، وصالح بن كيسان0 مات سنة 106هـ0له ترجمة فى :
تقريب التهذيب 1/335 رقم 2182، والكاشف 1/422 رقم 1773، والجرح والتعديل 3/168، وتاريخ الثقات للعجلى ص 174 رقم 499،
ومشاهير علماء الأمصار ص 85 رقم 438 0
(50) عبد الله بن عمر : صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 2/347 رقم 4852، والاستيعاب 3/340 رقم 1630، واسد الغابة 3/336
رقم 3082 وتذكرة الحفاظ 1/37 رقم 17، وتاريخ الصحابة 149 رقم 719، ومشاهير علماء الأمصار ص 23 رقم 55، وتجريد أسماء
الصحابة 1/325 0
(51) أخرجه أحمد فى مسنده 2/95 0
(52) دراسات فى الحديث النبوى للدكتور الأعظمى 1/5-11 بتصرف، وانظر : السنة فى مواجهة أعدائها ص 36 وما بعدها0
(53) الحديث متفق عليه من حديث عائشة رضى الله عنها، أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على جدر
5/355 رقم 2697 0 ومسلم (بشرح النووى) كتاب الأقضية،باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور 6/256، 257 رقم 1718 0
(54) عبد الرحمن بن مهدى : هو عبد الرحمن بن مهدى بن حسان البصرى، الثقة، الأمين، العالم بالحديث وأسماء الرجال، كان الشافعى
يرجع إليه فى الحديث، وقال عنه : لا اعرف له نظيراً فى الدنيا0 مات سنة 198هـ0 له ترجمة فى : تقريب التهذيب 1/592 رقم 4032،
والكاشف 1/645 رقم 3323، والجرح والتعديل 5/288 رقم 1382، والثقات للعجلى، ص 299 رقم 985، وتذكرة الحفاظ1/329
رقم313، وطبقات الحفاظ للسيوطى،ص144رقم 301، وطبقات الفقهاء الشافعيين لابن كثير 1/141 رقم 35 0
(55) الأوزاعى : هو عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد، أبو عمرو الأوزاعى، شيخ الإسلام، وعالم أهل الشام، وهو صاحب مدرسة فى الفقه،
وكان مذهبه منتشراً فى الشام انتشاراً واسعاً، وظل لمذهبه أنصار فى المغرب والأندلس حتى القرنين الثالث والرابع للهجرة، ثم توارى أمام
مذهب الشافعى ومذهب مالك0 مات سنة158هـ له ترجمة فى : تذكرة الحفاظ 1/178 رقم 177، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 85 رقم
168، والثقات للعجلى ص 296 رقم 970، ومشاهير علماء الأمصار ص 211 رقم 1425، والثقات لابن حبان 7/62، ووفيات الأعيان
3/127 رقم 361، وتـهذيب التهذيب 6/238 رقم 484 0
(56) سفيان بن عيينة : هو سفيان بن عيينه بن أبى عمران، أبو محمد، الكوفى ثم المكى، أحد أئمة الإسلام الأعلام، ثقة حافظ فقيه إمام
حجة، إلا أنه تغير حفظه بآخره، وربما دلس، ولكن عن الثقات0 مات سنة 198هـ0 وله ترجمة فى : تذكرة الحفاظ 1/262 رقم 249،
وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 119 رقم 238، وطبقات المفسرين للداودى 1/196 رقم 187، والثقات للعجلى ص 194 رقم 577،
ومشاهير علماء الأمصار ص 179 رقم 1181 0
(57) الزرقانى على الموطأ 1/3 0
(58) علوم الحديث ومصطلحه ص 6 0
(59) الرسالة المستطرفة ص 32 0
(60) الحديث النبوى مصطلحه، بلاغته، كتبه ص 146 0
(61) متفق عليه من حديث عائشة رضى الله عنها البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب بدء الوحى، باب رقم 3، 1/30 رقم 3، ومسلم (بشرح
النووى) كتاب الإيمان، باب بدء الوحى إلى رسول الله ( 1/474 رقم 160 0
(62) راجع تخريجه فى نفس الحديث السابق0
(63) متفق عليه من حديث أبى سفيان بن حرب ( البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب، بدء الوحى باب رقم 6، 1/42 رقم 7، ومسلم (بشرح
النووى) كتاب الجهاد والسير، باب كتاب النبى (، إلى هرقل يدعوه للإسلام 6/346 رقم 1773 0
(64) انظر : جامع العلوم والحكم 2/120، والمدخل إلى السنة النبوية ص33، 34 0
(65) الحديث والمحدثون للدكتور أبو زهو ص 10، وانظر : تيسير اللطيف الخبير فى علوم حديث البشير النذير للدكتور مروان شاهين ص
28، 29 0
(66) نقلاً عن ضوابط الرواية عند المحدثين للأستاذ الصديق بشير نصر ص 314 0
(67) العقيدة والشريعة فى الإسلام جولد تسيهر ص 49، وممن فرق بينهما أيضاً الأستاذ محمد رشيد رضا، انظر : مجلة المنار المجلد
10/852،853 0
(68) ضوابط الرواية عند المحدثين، ص 314 - 322 بتصرف0
(69) العقيدة والشريعة فى الإسلام ص 49 0
(70) دراسات فى الحديث النبوى 1/5،6 0
(71) إعادة تقييم الحديث ص 78، 79 0
(72) نقلاً عن منهجية جمع السنة للدكتورة عزية على طه ص 62 0
(73) الإسلام عقيدة وشريعة ص 492، 493 0
(74) دراسات فى الحديث النبوى 1/5-11 0
(75) السنة النبوية بين إثبات الفاهمين ورفض الجاهلين ص 32 وما بعدها بتصرف0
(76) دراسات فى الحديث النبوى 1/ 7 0
(77) ابن قيم الجوزية : هو محمد بن أبى بكر بن أيوب الزرعى الدمشقى، أبو عبد الله، الفقيه الحنبلى الأصولى المحدث النحوى الأديب الواعظ
الخطيب، له مصنفات عديدة أشهرها : أعلام الموقعين عن رب العالمين، وزاد المعاد فى هدى خير العباد، وغير ذلك، مات سنة 751هـ 0 له
ترجمة فى:البداية والنهاية لابن كثير14/234،والدرر الكامنة لابن حجر3/400-403 رقم 1067، وشذرات الذهب 6/168، وطبقات
المفسرين للداودى 2/93 - 97، رقم 456، والوافى بالوفيات 2/270 0
(78) إغاثة اللهفان 2/323،324 0
(79) أخرجه الحاكم فى المستدرك كتاب العلم، باب خطبته ( فى حجة الوداع 1/171، 172 رقم 318 من حديث ابن عباس -رضى الله
عنهما - وقال فى إسناده عكرمة واحتج به البخارى، وابن أبى أويس واحتج به مسلم، وسائر رواته متفق عليهم، ثم قال وله شاهد من حديث
أبى هريرة ( ، وأخرجه فى الموضع السابق، ووافقه الذهبى وقال وله أصل فى الصحيح أهـ0
(80 ) السنة الإسلامية بين إثبات الفاهمين ورفض الجاهلين للدكتور رءوف شلبى ص32: 36 بتصرف



-30-

=====
5








!_
التعريف بأعداء السنة النبوية

وفيه تمهيد وأربعة فصول :
الفصل الأول : أعداء السنة النبوية من أهل الأهواء والبدع قديماً (الخوارج، والشيعــــة، والمعتزلـــة) .
الفصل الثانى : أعداء السنة النبوية من المستشرقين .
الفصل الثالث : أعداء السنة النبوية من أهل الأهواء والبدع حديثاً (العلمانية، والبهائية، والقاديانية) .
الفصل الرابع : أهداف أعداء الإسلام قديماً وحديثاً فى الكيد للسنة النبوية المطهــرة .



























6
وفيه التعريف بأعداء : لغة وشرعاً0
التعريـف بأعـداء لغـة :
أعداء جمع عدو وهو جمع لا نظير له، وفى القرآن الكريم قال تعالى : {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُم ...ْ }(1)
وقال تعالى {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ}(2)0
(1) جزء من الآية 103 من سورة آل عمران0
(2) الآية 19 من سورة فصلت0
(3) أخرجه أحمد فى مسنده 3 /104 من حديث أنس بن مالك t0
(4) جزء من الآية 108 من سورة الأنعام0
(5) سيبويه : هو أبو بشر، عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثى بالولاء، الملقب بسيبويه، إمام النحاة، من أحسن مؤلفاته كتابة المسمى "
الكتاب"، مات سنة 180هـ له ترجمة فى : إشارة التعيين لليمانى ص 242 رقم 148، والبداية والنهاية لابن كثير 1 /167، والأعلام 5
/252، وبغية الوعاة 2 /229، وشذرات الذهب 1 /252، وطبقات النحويين واللغويين، ص66 0
(6) الفراء : هو أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله الديلمى المعروف بالفراء، كان من أعلم الكوفيين فى اللغة والنحو والأدب، من مؤلفاته
"معانى القرآن" و"المصادر فى القرآن"و"غريب الحديث" توفى سنة 207هـ0 له ترجمة فى : تـهذيب التهذيب 11 /212 رقم 353، ومرآة
الجنان لليافعى 2 /38، ووفيات الأعيان 6 /176 رقم798، وطبقات المفسرين للداودى 2 /367 رقم681 0
(1) جزء من الآية 64 من سورة المائدة، وانظر : لسان العرب لابن منظور 10 /712، وتاج العروس للزبيدى 10 /235، ومختار الصحاح
للرازى ص 418 0
(2) الآية الأولى من سورة الممتحنة0
(3) جزء من الآية 120 من سورة البقرة0
(4) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الشروط، باب إذا اشترط فى المزارعة (إذا شئت أخرجتك) 5 /385 رقم 2730 0
(5) الآية الأولى من سورة التوبة0
(6) جزء من الآية 101 من سورة النساء0
(1) جزء من الآية 142 من سورة النساء0
(2) أخرجه أحمد فى مسنده 1 /22،44 من حديث عمر بن الخطاب t0
(3) جزء من الآية 119 من سورة الأنعام0
(4) أبو قلابة : هو عبد الله بن زيد، من عُباد التابعين وزهادهم، ممن هرب من البصرة مخافة أن يولى القضاء، ثقة فاضل، كثير الإرسال،
مات بالشام سنة 104هـ وقيل بعدها0 له ترجمة فى : تقريب التهذيب 1 /494 رقم 3344، والكاشف 1 / 554 رقم 2734، والثقات لابن
حبان 5 /2، ومشاهير علماء الأمصار ص 114 رقم 649، والثقات للعجلى ص 257 رقم 813 0
(5) أخرجه الدارمى فى سننه المقدمة،باب اجتناب أهل الأهواء والبدع والخصومة1 /120 رقم391 0
(4) أخرجه ابن عبد البر فى جامع بيان العلم2 /135، والخطيب فى الفقيه والمتفقة1 /454 رقم 479 0
(5) السنة ومكانتها فى التشريع الإسلامى للدكتور السباعى ص 133 بتصرف، وانظر : الضوء اللامع المبين عن مناهج المحدثين للدكتور
أحمد محرم 1 /189 .
(1) جزء من الآية 118 من سورة البقرة0
(1) سبق تخريجه ص 34 0
(2) كشف الشبهات عن الشيخ الغزالى للدكتور أحمد حجازى السقا ص 63، 77، 94 0
(1) فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وموقف الإسلام منها للدكتور غالب عواجى 1 /22-26، وانظر : الموافقات للشاطبى فصل (تعريف
الفرق الزائغة) 4 /539 وما بعدها، وفصل (ضلال هذه الفرق لا يخرجها عن الملة) 4 /550 وما بعدها، والاعتصام باب فى مأخذ أهل البدع
بالاستدلال 1 /178 وما بعدها، وحكم هذه الفرق 2 /462 وما بعدها0
(1) القامـوس المحيط 1/183، 184، وتاج العروس 2 /30، وانظر : فتح البارى 12 /296 أرقام 6930-6932 0
(2) هدى السارى لابن حجر ص 483 0
(3) فتح البارى 12 /296 أرقام 6930 - 6932 0
(4) الملل والنحل 1 /114، والفصل فى الملل والنحل 4 /157، ومقالات الإسلاميين 1 /207 0
(5) الفصل فى الملل والنحل 4 /157، والملل والنحل 1 /21، والبداية والنهاية لابن كثير 7 /189، وانظر : فرق معاصرة للدكتور غالب
عواجى 1 /70، 71 0
(1) فتح البارى 12 /296 أرقام 6930-6932 0
(2) سبق تخريجه ص 71 0
(3) انظر : تاريخ الأمم والملوك لابن جرير 5 /194 0
(4) ابن عباس : هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، صحابى جليل0 له ترجمة فى : الإصابة 1 /322 رقم 4799، والاستيعاب 3 /933
رقم 1606، واسد الغابة 3 /291 رقم 3037، وتاريخ الصحابة ص 148 رقم 717، ومشاهير علماء الأمصار ص 15 رقم 17، وتذكرة
الحفاظ 1 /40 رقم 18، وتجريد أسماء الصحابة 1/320 0
(1) جزء من الآية 32 من سورة الأعراف0
(2) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر 2 /103، 104 0
(3) الآية 97 من سورة التوبة0
(4) جزء من الآية 35 من سورة النساء0
(5) جزء من الآية 59 من سورة النساء0
(1) الحديث والمحدثون للدكتور محمد أبو زهو ص 84، 85 0
(2) ابن حزم : هو على بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهرى، أبو محمد، عالم الأندلس فى عصره، وأحد أئمة الإسلام، روى ابنه أبو رافع أن
مصنفات والده بلغت الأربعمائة، من أشهرها : الإحكام فى أصول الأحكام، والفصل فى الملل والنحل، مات سنة 456هـ0 وله ترجمة فى :
لسان الميزان لابن حجر 4 /724 رقم 5782، والبداية والنهاية لابن كثير 12 /91، ووفيات الأعيان لابن خلكان 3 /325 رقم 448،
وشذرات الذهب 3/13، وتذكرة الحفاظ 3 /1146 رقم 1016، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 435 رقم 981 0
(3) الفصل فى الملل والنحل 4 /156 0
(4) هو : أحمد حجازى السقا، كاتب معاصر، حصل على العالمية فى الدعوة من جامعة الأزهر، ورفض الأزهر تعيينه بالجامعة، من مؤلفاته
التى شكك فيها فى مكانة السنة النبوية، كتابه دفع الشبهات عن الشيخ الغزالى، وحقيقة السنة النبوية0
(1) دفع الشبهات عن الشيخ الغزالى ص 63، 77، 94 0
(2) فرق معاصرة للدكتور غالب عواجى 1 /106 0
(3) دراسات فى الحديث النبوى للدكتور محمد مصطفى الأعظمى 1 /23 0
(4) أصول الدين للبغدادى ص 19، وانظر : الملل والنحل للشهرستانى 1 /114، 115، والتنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع للإمام محمد
الملطى ص52، والعقيدة والشريعة لجولد تسيهر ص193.
(5) انظر : السنة بين دعاة الفتنة وأدعياء العلم لفضيلة الأستاذ الدكتور عبد الموجود ص 93 0
(6) سيأتى تخريجه وبيان وضعه فى شبهة عرض السنة على القرآن ص 224-227 0
(7) ضحى الإسلام 3 /334 0
(8) تاريخ المذاهب الإسلامية 66 0
(9) النبوات ص 89 0
(10) شرح القصيدة النونية1 /321وانظر: فرق معاصره تنتسب إلى الإسلام للدكتور غالب عواجى1 /107 0

وفى السنة المطهرة قال e "... يا معشر الأنصار ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله U بى، ألم آتكم متفرقين فجمعكم الله بى، ألم آتكم أعداء فألف الله
بين قلوبكم" قالوا : بلى يا رسول الله ....(3)0
والأعادى جمع الجمع، وقال الراغب : أصل العدو التجاوز ومنافاة الالتئام، فتارة يعتبر بالمشى، فيقال له : العدو، وتارة بالقلب فيقال له :
العداوة، وعدا عليه من باب سما عدوا وعدوا كفلس وفلوس وبهما قُرأ قوله تعالى : {فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}(4) وقَرأ الحسن عدواً مثل
سمو0
وقال سيبويه(5) : عدو وصف، ولكنه ضارع الإسم، وقد يثنى ويجمع ويؤنث، وهو ضد الولى، ويقال : عدو بين العداوة والمعاداة، والأنثى
عدوة يقال : هذه عدوة الله قال الفراء(6) : وإنما ادخلوا فيها الهاء تشبيهاً بصديقة؛ لأن الشيء قد يبنى على ضده وقالوا فى جمع (عدوة)
عدايا ولم يسمع إلا فى الشعر، وتعادى القوم عادى بعضهم بعضاً .
والعداوة اسم عام من العدو ومنه قوله تعالى: {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ...}(1) .
التعريـف بالأعـداء شرعـاً :
تحدث رب العزة فى كتابه الكريم عن أعدائه وأعداء هذا الدين وهذه الأمة من أهل الكتاب (اليهود والنصارى) وأهل الملل الباطلة من
المشركين، والكافرين، والمنافقين، وأصحاب الأهواء الزائفة قال تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ
بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ ... الآية}(2).
وأكد المصطفىe تلك العداوة فى سنته المطهرة، وحذر الأمة من أعدائها فقالU عن عداوة أهل الكتــاب {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ
النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم}(3).
وعن ابن عمر -رضى الله عنهما- قال "لما فدع أهل خيبر عبد الله بن عمر، قام عمر خطيباً فقال : إن رسول الله e عامل يهود خيبر على
أموالهم، وقال : نقركم ما أقركم الله U، وإن عبد الله بن عمر خرج إلى ماله هناك فعدى عليه من الليل ففدعت يداه ورجلاه، وليس هناك عدو
غيرهم، هم عدونا وتهمتنا"(4).
وقال تعالى عن عداوة أهل الملل الباطلة من المشركين {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}(5) .
وقال U فى حق الكافرين {إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا}(6) وفى حق المنافقين {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}(1).
وقال فيهم e : "إن أخوف ما أخاف على أمتى كل منافق عليم اللسان"(2) وقال U فى حق أصحاب الأهواء الزائفة : {وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ
بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ}(3) وقال أبو قلابة(4) - رحمه الله - : "لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم، فإنى لا آمن أن يغمسوكم فى ضلالتهم أو
يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون" (5)0


!+
أعداء السنة من أهـل الأهـواء والبـدع قديمـاً

وفيه تمهيد وخمسة مباحث :
تمهيد : وفيه بيان المراد بأعـداء السنة من أهل الأهواء والبدع .
المبحث الأول : أهمية دراسـة الفـرق فـى التأريـخ للسنـة .
المبحث الثانى : التعريف بالخوارج وموقفهم من السنة المطهرة .
المبحث الثالث : التعريف بالشيعـة وموقفهم من السنة المطهرة .
المبحث الرابع : التعريف بالمعتزلة وموقفهم من السنة المطهرة .
المبحث الخامس : من الفـرق إلى السنـة النبويـة الجامعـة .


6

وفيه بيان المراد بأعداء السنة من أهل الأهواء والبدع :
انتقل رسول الله e إلى الرفيق الأعلى وقد بلغ رسالة ربه I كاملة،وما من خير إلا دل الأمة عليه، وما من شر إلا وحذرهم منه، كما قال e : "
إنه لم يكن نبى قبلى إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم" ... الحديث(1) .
كان رأس الخير الذى دل عليه ووصى به الاعتصام بكتاب الله U وسنته e وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، كما جاء فى الحديث : "
إنى قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به، فلن تضلوا أبداً؛ كتاب الله U وسنة نبيه e (2) .
وفى الحديث أيضاً قال رسول الله e : "أوصيكم بتقوى الله U والسمع، والطاعة، وإن كان عبداً حبشياً؛ فإنه من يعش منكم بعدى فسيرى اختلافاً
كثيراً، فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ... الحديث(3) .
وكان من الشر الذى حذر منه الأمة أهواء أهل البدع - كما جاء فى الحديث عن عمر بن الخطاب أن رسول اللهe قال لعائشة : "يا عائشة(4)
إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم فى شيء"(5) هم أصحاب البدع وأصحاب الأهواء، ليس لهم توبة أنا منهم برئ، وهم منى
برآء(6) .
وفى الحديث عن عائشة - رضى الله عنها - قالت : تلا رسول الله e هذه الآية { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ ءَايَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ
وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ
يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلْبَابِ}(1) قالت : قال رسول الله e : "فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين
سمى الله فاحذروهم(2) وعن أبى أمامة الباهلى(3) t عن النبى e فى قوله U: { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ}(4) قال
هم الخوارج، وفى قوله تعالى {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}(5) قال : هم الخوارج(6).
قال الحافظ ابن كثير(7) : وهذا الحديث أقل أقسامه أن يكون موقوفاً من كلام الصحابى ومعناه صحيح، فإن أول بدعة وقعت فى الإسلام؛ فتنة
الخوارج، وكان مبدؤهم بسبب الدنيا حين كان النبى e يقسم قسماً، فكأنهم رأوا فى عقولهم الفاسدة، أنه لم يتق الله ولم يعدل فى القسم،
ففاجئوه بهذه المقالة فقال قائلهم وهو ذو الخويصرة - بقر الله خاصرته - اتق الله يا محمد، فعن أبى سعيد الخدرى(8) t قال: بينما نحن عند
رسول الله e وهو يقسم قسماً أتاه ذو الخويصرة - وهو رجل من بنى تميم. فقال : يا رسول الله اعدل فقال : "ويلك ومن يعدل إذ لم أعدل؟ قد
خبت وخسرت إن لم أكن أعدل" فقال عمر : وفى رواية خالد(1) : يا رسول الله ائذن لى فيه، فأضرب عنقه0 فقال "دعه، فإن له أصحاباً يحقر
أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، ويقرءون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ...
الحديث"(2) ثم كان ظهورهم أيام على t وقتلهم بالنهروان، ثم تشعبت منهم شعوب وقبائل وآراء وأهواء ومقالات ونحل كثيرة منتشرة، ثم
انبعث القدرية، ثم المعتزلة، ثم الجهمية، وغير ذلك من البدع التى أخبر عنها الصادق المصدوق e فى قوله "... وستفترق هذه الأمة على ثلاث
وسبعين فرقه كلها فى النار إلا واحدة. قالوا : وما هم يا رسول الله؟ قال : "من كان على ما أنا عليه وأصحابى"(3) .
وعن عمر بن الخطاب t قال : "أصحاب الرأى أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها، وتفلتت منهم أن يعوها، واستحيوا حين سئلوا أن
يقولوا : لا نعلم، فعارضوا السنن برأيهم، فإياكم وإياهم"(4) .
ومرادى هنا بأعداء السنة من أهل الأهواء والبدع تلك الفرق التى أخبر عنها المعصوم e وتغالت فى بدعتها من الخوارج، والشيعة، والمعتزلة،
الذين لقيت السنة المطهرة من أهوائهم وعنتهم عناءً كبيراً، وكان لآرائهم الجامحة فى الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - أثر كبير فى
اختلاف الآراء، والأحكام فى الفقه الإسلامى، وفيما أثير حول السنة من شبه(5) .
المبحـث الأول
أهمية دراسة الفرق فى التأريخ للسنة المطهرة

سبق وأن ذكرنا أن السنة المطهرة لقيت من عنت أهواء تلك الفرق عناءً كبيراً، وكان لها الأثر الكبير فيما أثير حول السنة من شبهات، ومن
هنا كان لابد لكل من يؤرخ للسنة أو يتحدث عن الشبهات التى يطعن بها أعداء الإسلام فى حجيتها أو مكانتها فى التشريع الإسلامى0 أن
يتعرض للتأريخ لهذه الفرق، فهى فضلاً عن موقفها من السنة المطهرة ومن صحابة رسول الله e كان لها الأثر الكبير فى تفريق الأمة
الإسلامية إلى أحزاب وشيع. من هذا المنطلق تأتى أهمية دراسة تلك الفرق لما يأتى :
أولاً : لأن هذه الفرق وإن كانت قديمة فليست العبرة بأشخاص مؤسسى تلك الفرق ولا بزمنهم، ولكن العبرة بوجود أفكار تلك الفرق فى وقتنا
الحاضر، فإننا إذا نظرنا إلى بعض تلك الفرق الماضية كالخوارج (القرآنيون) نجد أن لها امتداد يسرى فى حاضر الأمة سريان الوباء، وكذلك
المعتزلة لا زالت أفكارهم حية قوية يتشدق بها بعض المغرضين من الذين استهوتهم الحضارة الغربية والشرقية، فراحوا يمجدون العقل
ويحكمونه فى نصوص الشرع قرآناً وسنة، فما وافق عقولهم قبلوه وإلا ردوه، أو تأولوه تأويلاً يضر بعقيدة المسلم، ويصفون من يعتمد على
ما وراء ذلك بالتأخر والانزواء0
إنهم يريدون الخروج عن النهج الإسلامى، ولكنهم لم يجرؤا صراحة على ذلك، فوجدوا أن التستر وراء تلك الآراء التى قال بها من ينتسب إلى
الإسلام خير وسيلة لتحقيق ذلك، فذهبوا إلى تمجيد تلك الأفكار لتحقيق أهدافهم البعيدة0
فتأتى أهمية دراسة تلك الفرق لبيان ما فيها من أفكار وآراء هدامة مخالفة لحقيقة الإسلام، وكيف يعمل على إحيائها وترويجها فى العصر
الحاضر من سار على دربهم أو تأثر بهم، ذلك أنه ما من بلاء كان فيما سبق من الزمان إلا وهو موجود اليوم فى وضوح تام، فلكل قوم
وارث، وصدق رب العزة {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ}(1) وصدق نبينا e "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر،
وذراعاً بذراع، حتى ولو سلكوا جحر ضب، لسلكتموه، قلنا : يا رسول الله! اليهود والنصارى قال فمن؟"(1) .
ويأتى الهدف من وراء ذلك بكشف القناع عن تلك الحركات والأفكار الهدامة التى يقول بها فى العصر الحاضر أولئك الخارجون عن الخط
السوى والصراط المستقيم، لتعرية دورهم الخطير فى الطعن والتشكيك فى الإسلام قرآن وسنة، وإشاعة الفرقة والاختلاف فى صفوف
المسلمين، بتعريف الناس بأمرهم وبحقيقة فكرهم للتحذير منهم0
ثانياً : إن دراسة تلك الفرق يكشف لنا جذور البلاء الذى شتت قوى المسلمين وفرقهم شيعاً، وجعل بأسهم بينهم شديداً،كما يكشف لنا جذور
شبهات أعداء السنة فى العصر الحاضر .
ثالثاً : إن الفرق التى ظهرت قديماً ما من فرقة منها إلا وقد قامت مبادئها على بعض المنكرات، وهى تدعى أنها هى المحقة وما عداها على
الضلال، فألبسوا الحق بالباطل، وأظهروا مروقهم وخروجهم وفجورهم عن منهج الكتاب والسنة فى أثواب براقة لترويج بدعهم والدعوة لها.
فتأتى دراسة تلك الفرق لبيان أضرارها على العقيدة الإسلامية ووحدة الأمة ورداً على من يزعمون أن الخوارج كانوا من الصحابة، وأن
المعتزلة - وهم كانوا من الصحابة والتابعين - رفضوا السنة فى العقائد كما رفضها الخلفاء الراشدون والخوارج، بل يزعمون زيادة على ما
سبق أنهم هم الذين نقلوا القرآن، ونقلوا شعائر الدين قبل إقرار مذهب السلف فى ديار المسلمين ...)(2) .
رابعاً : إن عدم دراسة الفرق والرد عليها وإبطال الأفكار المخالفة للحق، فيه إفساح المجال للفرق المبتدعة أن تفعل ما تريد، وأن تدعوا إلى
كل ما تريد من بدع وخرافات دون أن تجد من يتصدى لها بالدراسة والنقد كما هو الواقع، فإن كثيراً من طلاب العلم - فضلاً عن عوام
المسلمين - يجهلون أفكار فرق يموج بها العالم، وهى تعمل ليلاً ونهاراً لنشر باطلهم، ولعل هذه الغفلة من المسلمين عن التوجه لكشف هذه
الفرق المارقة، لعله من تخطيط أولئك المارقين الذين يحلوا لهم حجب الأنظار عنهم، وعن مخططاتهم الإجرامية، ولا أدل على ذلك من تلك
الأفكار وبعض العبارات التى يرددها كثير من المسلمين فى كثير من المجتمعات الإسلامية دون أن يعرفوا أن مصدرها إما من الخوارج مثل
قولهم لا حجة فى شئ من أحكام الشريعة إلا من القرآن، أما السنة فلا حجة فيها، ومثل استحلال دماء المسلمين لأقل شبهة، وتكفير الشخص،
بل المجتمعات الإسلامية بأدنى ذنب، أو من المعتزلة مثل تمجيد العقل، وتحكيمه فى نصوص الشرع قرآناً وسنة، فما وافقه قبل وإلا فيرد، أو
من الشيعة مثل تكفير الصحابة أو بعضهم واتهامهم، بالكذب والخوض فى فتنة عثمان وعلى ومعاوية - رضوان الله على الجميع- أو من
البهائية مثل تقديس العدد تسعة عشر، إلى غير ذلك .
ومن المعلوم أن ذلك إنما يعود إلى الجهل بأفكار وأهداف هذه الفرق التى أضلت كثيراً من شباب هذه الأمة فى كثير من المجتمعات الإسلامية
قديماً وحديثاً، من هنا تأتى أهمية دراسة الفرق وكشف القناع عن أهوائها وبدعها ليكون ذلك الكشف نوراً يضئ لشباب الأمة طريقه وسط هذا
الظلام الفكرى المفتعل من قبل ذيول تلك الفرق التى تعمل فى الظلام لنشر أفكارها، وفرض مخططاتها المعادية للإسلام(1) .






المبحـث الثانـى
التعريف بالخوارج وموقفهم من السنة المطهرة

التعريف بالخوارج لغة واصطلاحاً
1- فى اللغة : الخوارج فى اللغة جمع خارج، وخارجى اسم مشتق من الخروج وقد أطلق علماء اللغة لكلمة الخوارج فى آخر تعريفاتهم
اللغوية فى مادة (خرج) على هذه الطائفة من الناس معللين ذلك بخروجهم عن الدين أو على الإمام على -كرم الله وجهه- أو لخروجهم على
الناس(1)0
2- وفى الاصطلاح : الخوراج هم الذين أنكروا على علىّ التحكيم، وتبرؤوا منه، ومن عثمان وذريته وقاتلوهم، فإن أطلقوا تكفيرهم فهم الغلاة
منهم(2) وهم قوم مبتدعون سموا بذلك لخروجهم عن الدين وخروجهم على خيار المسلمين(3) وكل من شاركهم فى آرائهم فى أى زمن
يسمى خارجياً(4)0
وترجع بداية نشأة الخوارج كفرقة ذات اتجاه سياسى وفكر خاص حين خرجوا على الإمام على -كرم الله وجهه- بعد أن رضى بالتحكيم فى
موقعة صفين، والتحموا معه فى معركة النهروان الشهيرة(5)0
الخوارج وهل كان فيهم أحد من الصحابة أو أصحابهم؟
لم يكن فى الخوارج أحد من أصحاب رسول الله y ولا من فقهاء أصحاب الصحابة من التابعين رضوان الله عليهم أجمعين، ولو كان فيهم أحد
من فقهاء الصحابة أو من أصحابهم ما اجترءوا على الفتنة والخروج على خليفة المسلمين واتهامه بالكفر وقتله، وإنما هم قوم من الأعراب
الجفاة الغلاظ وكان يقال لهم : القراء لشدة اجتهادهم فى التلاوة والعبادة، إلا أنهم كانوا يتأولون القرآن على غير المراد منه، ويستبدون برأيهم
ويتنطعون فى الزهد والخشوع وغير ذلك(1)0
وهؤلاء القوم تنبأ بهم المصطفى e وحذر الأمة منهم، وحرض على قتلهم، وذلك عندما تجرأ من هو من جنسهم أو نسلهم ذو الخويصرة على
النبى e وهو يقسم قسماً قائلاً بتنطع وغلظة "يا محمد اعدل، يا محمد اتق الله" فيقول له النبى e : ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل؟ قد خبت
وخسرت إن لم أكن أعدل" ويستأذن عمر بن الخطاب، وفى رواية يستأذن خالد بن الوليد النبى e أن يقتله فيقول النبى e : دعه، فإن له أصحاباً
يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية قال
أظنه قال : لئن أدركتهم لأقتلن قتل ثمود(2)0
وهم كما كان مبدؤهم بسبب الدنيا كما فى الحديث السابق، كذلك كان حالهم مع خليفة المسلمين سيدنا عثمان t خرجوا عليه وقتلوه طلباً للدنيا،
وحقداً، وحسداً له، وحملهم على ذلك قلة دين وضعف يقين، وبذلك خاطبهم الإمام على -كرم الله وجهه- .
فروى الطبرى: أن علياً ذكر إنعام الله علىالأمة بالجماعة بالخليفة بعد رسول الله e ثم الذى يليه، ثم الذى يليه0 وقال : على مسمع من قتله
عثمان : "ثم حدث هذا الحدث الذى جره على الأمة أقوام طلبوا هذه الدنيا، حسدوا من أفاء الله عليه على الفضيلة وأرادوا رد الأشياء على
أدبارها ثم ذكر أنه راحل غداً إلى البصرة، ليجتمع بأم المؤمنين وأخويه طلحة والزبير وقال : "ألا ولا يرتحلن غداً أحد أعان على عثمان t بشئ
فى شئ من أمور الناس، وليغن السفهاء عنى أنفسهم"(3)0
ويدل على أنهم لم يكن فيهم أحد من أصحاب رسول الله y ولا من فقهاء أصحـابه من التابعين y أجمعــين ، ما رواه ابن عبد البر بســنده
عن ابن عبــاس (4) -رضى الله عنهما- قال : لما اجتمعت الحرورية يخرجون على علىّ قال : جعل يأتيه الرجل فيقول : يا أمير المؤمنين
القوم خارجون عليك قال : دعوهم حتى يخرجوا، فلما كان ذات يوم قلت يا أمير المؤمنين أبرد بالصلاة فلا تفتنى حتى أتى القوم. قال : فدخل
عليهم وهم قائلون فإذا هم مسهمة وجوههم من السهر وقد أثر السجود فى جباههم كأن أيديهم ثفن الإبل عليهم قمص مرحضة فقالوا ما جاء
بك يا ابن عباس وما هذه الحلة عليك قال قلت ما تعيبون منى فلقد رأيت رسول الله e أحسن ما يكون من ثياب اليمنية قال ثم قرأت هذه الآية
{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}(1)0
فقالوا ما جاء بك؟ فقال : جئتكم من عند أصحاب رسول الله y وليس فيكم منهم أحد. ومن عند ابن عم رسول الله e وعليهم نزل القرآن وهم
أعلم بتأويله جئت لأبلغكم عنهم وأبلغهم عنكم ... إلخ"(2)0
ويقول الدكتور أبو زهو - رحمه الله تعالى - والذى يظهر أن الخوارج فى مبدئهم كانوا قوماً من الأعراب الجفاة الغلاظ الذين قال الله تعالى فى
شأنهم {الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُـــوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}(3)0
فليس فيهم أحد من أصحاب رسول الله y الذين استضاؤا بنور النبوة، وفهموا القرآن على وجهه الصحيح فلا عجب أن يغتر الخوارج بظواهر
القرآن، ولو كلفوا أنفسهم النظر فيه وحده لاهتدوا إلى آيات تأمر بالتحكيم فالله تعالى يقول فى سورة النساء { فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا
مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}(4) فالتحكيم أمر مشروع والحكمان إنما يحكمان حسب ما أمر القرآن
العزيز {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}(5)0 وإنما لم يرض على بالتحكيم أولاً؛ لأنه كان يرى الحق معه، وأن طلب التحكيم،
إنما هو خدعة من معاوية وعمرو بن العاص، يريدان بها توهين جيش على وتخدير أعصابهم، لما رأياه من تفوقهم فى الموقعة فرفعوا
المصاحف على أسنة الرماح طالبين تحكيم كتاب الله0 ولو أن أصحاب علىّ أطاعوه فى عدم قبول التحكيم لتغير وجه التاريخ ولوقع معاوية
وأهل الشام فى براثن الأسد ولكن أراد الله ما قد كان، ولا راد لقضائه(1)0
قال العلامة ابن حزم(2) فى كتابه الفصل فى الملل والنحل : "إنما حكم علىّ t أبا موسى وعمراً ليكون كل منهما مدلياً بحجة من قدمه،
وليكونا متخاصمين عن الطائفتين، ثم حاكمين لمن أوجب القرآن الحكم له0وإذ من المحال الممتنع الذى لا يمكن أن يفهم لغط العسكرين، أو أن
يتكلم جميع أهل العسكر بحجتهم، فصح يقيناً لا محيد عنه صواب علىّ t فى التحكيم والرجوع إلى ما أوجبه القرآن وهذا لا يجوز غيره، ولكن
أسلاف الخوارج كانوا أعراباً، قرءوا القرآن قبل أن يتفقهوا فى السنة الثابتة عن رسول الله e ولم يكن فيهم أحد من الفقهاء لا من أصحاب ابن
مسعود ولا من أصحاب عمر، ولا أصحاب على، ولا أصحاب عائشة، ولا أصحاب أبى موسى، ولا أصحاب معاذ بن جبل، ولا أصحاب أبـى
الـدرداء، ولا أصحاب سلمان، ولا أصحاب زيد وابن عباس وابن عمر، ولهذا تجدهم يكفر بعضهم بعضاً عند أقل نازلة تنزل بهم من دقائق
الفتيا وصغارها، فظهر ضعف القوم وقوة جهلهم"(3)0
وفى كل ما سبق رد على ما زعمه كذباً الدكتور أحمد حجازى السقا(4) أن الخوارج كانوا من الصحابة والتابعين ورفضوا السنة كما رفضها
أمير المؤمنين عمر بن الخطاب t وأنهم هم الذين نقلوا القرآن ونقلوا شعائر الدين قبل إقرار مذهب السلف فى ديار المسلمين ... وأنهم جماعة
من أصحاب رسول الله e كجماعة معاوية بن أبى سفيان t، وجماعة على بن أبى طالب t وهؤلاء الجماعات الثلاث بعد قتل عثمان بن عفان t
سب بعضهم بعضاً وقتل بعضهم بعضاً(1) .
مصـادر الخـوارج فـى العقائـد والأحكـام :
خاض الخوارج - كغيرهم من الفرق - فى مسائل اعتقادية وفقهية إلا أنهم بصفة خاصة لم تصل إلينا أكثر آرائهم من كتبهم، وإنما وصلت إلينا
من كتب أهل السنة وغيرهم من علماء الفرق الآخرين(2) .
فنقل عنهم باستثناء الإباضية منهم(3) أنهم ينكرون حجية الإجماع والسنن الشرعية، وقد زعمت هذه الطائفة أنه لا حجة فى شيء من شيء
من أحكام الشريعة إلا من القرآن(4) .
وقد أطلق أتباع هؤلاء، وأتباع بعض غلاة الرافضة فى الأزمنة المتأخرة على أنفسهم اسم "القرآنيون"(5)، وحجتهم الحديث الموضوع "ما
جاءكم عنى فاعرضوه على كتاب الله فما وافقه فأنا قلته، وما خالفه فإنى لم أقله"(6)0
وهم فى تعاملهم مع كتاب الله بين موقفين :
فتارة يكونون نصيين يجمدون على المعنى الظاهر من النص دون بحث عن معناه الذى يهدف إليه وهذا رأى أحمد أمين(7)، وأبو زهرة(8)0
وتارة ثانية يؤولون النصوص تأويلاً يوافق أهواءهم، وقد غلطوا حين ظنوا أن تأويلهم هو ما تهدف إليه النصوص، وعلى هذا الرأى ابن
عباس، وشيخ الإسلام ابن تيمية(9)، وابن قيم الجوزية(10)0
وكان لموقفهم هذا من القرآن الكريم، وجهلهم بالحديث، وعدم تحملهم له عن غيرهم، لأنهم كفرة فى نظرهم سبباً فى أن عقائدهم وأحكامهم
الفقهية جاءت مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية، بل منه ما جاء مخالفاً لنصوص القرآن الكريم0
فمنهم من يرى أن التيمم جائز، ولو على رأس بئر، ومنهم من يرى أن الواجب من الصلاة إنما هو ركعة واحدة بالغداة وأخرى بالعشى، ومنهم
من يرى الحج فى جميع شهور السنة، ومنهم من يبيح دم الأطفال والنساء ممن لا ينتمى إلى عسكرهم(7)، ومنهم من جوز نكاح بنت الابن
وبنت الأخ والأخت، ومنهم من أنكر أن تكون سورة يوسف من القرآن، وأن من قال لا إله إلا الله فهو مؤمن عند الله ولو اعتقد الكفر بقلبه،
وعظم البلاء بهم وتوسعوا فى معتقدهم الفاسد، فأبطلوا رجم المحصن،




(1) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخليفة الأول فالأول 6/473 رقم 1844 من حديث عبد الله بن
عمرو ( 0
(2) سبق تخريجه ص 47 0
(3) سبق تخريجه ص 38 0
(4) عائشة (رضى الله عنها) لها ترجمة فى : الإصابة 8/16 رقم 11461، والاستيعاب 4/1881 رقم 3476، واسد الغابة 7/186 رقم
7093، وتاريخ الصحابة ص 201 رقم 1072، وتذكرة الحفاظ 1/27 رقم 13 0
(5) الآية 159 من سورة الأنعام0
(6) أخرجه البيهقى فى شعب الإيمان 5/449، 450، وأبو نعيم فى حلية الأولياء 4/138، والطبرانى فى الصغير 1/303، من حديث أبى
هريرة، وقال الهيثمى فى مجمع الزوائد 7/22، 23، إسناد الطبرانى فى الصغير جيد، وأخرجه ابن الجوزى فى العلل المتناهية كتاب السنة وذم
البدع، باب= =فى تفسير قوله تعالى"إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم فىشئ) 1/144،رقم209، وانظر : تفسير القرآن العظيم
لابن كثير 2/196 0
(1) الآية 7 من سورة آل عمران0
(2) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب التفسير، باب منه آيات محكمات 8/57 رقم 4547، وأخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب العلم
باب النهى عن إتباع متشابه القرآن والتحذير من متبعية 8/469 رقم 2665 0
(3) أبو أمامة الباهلى هو : صدى بن عجلان بن وهب، صحابى جليل0 له ترجمة فى : الإصابة 2/182 رقم 4079، والاستيعاب 2/1237
رقم 1242، واسد الغابة 3/15 رقم 2497، وتاريخ الصحابة ص 137 رقم 2675، ومشاهير علماء الأمصار ص 65 رقم 327، وتجريد
أسماء الصحابة 1/264 0
(4 ) جزء من الآية 7 من سورة آل عمران0
(5 ) الآية 106 من سورة آل عمران0
(6 ) أخرجه أحمد فى مسنده 5/262 0
(7) ابن كثير : هو إسماعيل بن عمر بن كثير الحافظ عماد الدين أبو الفداء، القرشى البصرى الدمشقى الشافعى، كان عالماً حافظاً فقيهاً،
ومفسراً نقاداً، ومؤرخاً كبيراً، من مصنفاته : تفسير القرآن العظيم، والبداية والنهاية مات سنة 774هـ0 له ترجمة فى : الدرر الكامنة لابن
حجر 1/373 رقم 944، وطبقات المفسرين للداودى 1/111 رقم 103، وشذرات الذهب لابن العماد 6/231، والبدر الطالع للشوكانى
1/153 رقم 95 0 وذيل تذكرة الحفاظ ص57، 361، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 533 رقم 1159 0
(1) أبو سعيد الخدرى : هو سعد بن مالك صحابى جليل0 له ترجمة فى : الإصابة 2/53، رقم3204، والاستيعاب 2/1671، رقم 958،
واسد الغابة 2/451 رقم 2036، وتاريخ الصحابة ص113 رقم 513، ومشاهير علماء الأمصار ص 17 رقم 26، وتجريد أسماء الصحابة
2/172، وتذكرة الحفاظ 1/44 رقم 22 0
(2) خالد : هو خالد بن الوليد صحابى جليل0 له ترجمة فى : الإصابة 1/413 رقم 2206، والاستيعاب 2/603 رقم 621، واسد الغابة
2/140 رقم 1399، وتاريخ الصحابة 85 رقم349، ومشاهير علماء الأمصار ص 39 رقم 157 0
(3) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب المناقب، باب علامات النبوة فى الإسلام جـ6 ص714 رقم 3610، وأخرجه مسلم (بشرح
النووى) كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتـهم 4/171، 172 رقم 1064 0
(4) الحديث سبق تخريجه ص 38، وانظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير 1/346 بتصرف0
(5) أخرجه ابن عبد البر فى جامع بيان العلم2/135،والخطيب فى الفقيه والمتفقة1/454 رقم 479 0
(1) السنة ومكانتها فى التشريع الإسلامى للدكتور السباعى ص 133 بتصرف، وانظر : الضوء اللامع المبين عن مناهج المحدثين للدكتور
أحمد محرم 1/189
(2) جزء من الآية 118 من سورة البقرة0
(3) سبق تخريجه ص 29 0
(4) كشف الشبهات عن الشيخ الغزالى للدكتور أحمد حجازى السقا ص 63، 77، 94 0
(5) فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وموقف الإسلام منها للدكتور غالب عواجى 1/22-26، وانظر : الموافقات للشاطبى فصل (تعريف
الفرق الزائغة) 4/539 وما بعدها، وفصل (ضلال هذه الفرق لا يخرجها عن الملة) 4/550 وما بعدها، والاعتصام باب فى مأخذ أهل البدع
بالاستدلال 1/178 وما بعدها، وحكم هذه الفرق 2/462 وما بعدها0
(6) القاموس المحيط 1/183، 184، وتاج العروس 2/30، وانظر : فتح البارى 12/296 أرقام 6930-6932 0
(7) هدى السارى لابن حجر ص 483 0
(8) فتح البارى 12/296 أرقام 6930 - 6932 0
(9) الملل والنحل 1/114، والفصل فى الملل والنحل 4/157، ومقالات الإسلاميين 1/207 0
(10) الفصل فى الملل والنحل 4/157، والملل والنحل 1/21، والبداية والنهاية لابن كثير 7/189، وانظر : فرق معاصرة للدكتور غالب
عواجى 1/70، 71 0
(11) فتح البارى 12/296 أرقام 6930-6932 0
(12) سبق تخريجه ص 62 0
(13) انظر : تاريخ الأمم والملوك لابن جرير 5/194 0
(14) ابن عباس : هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، صحابى جليل0 له ترجمة فى : الإصابة 1/322 رقم 4799، والاستيعاب 3/933
رقم 1606، واسد الغابة 3/291 رقم 3037، وتاريخ الصحابة ص 148 رقم 717، ومشاهير علماء الأمصار ص 15 رقم 17، وتذكرة
الحفاظ 1/40 رقم 18، وتجريد أسماء الصحابة 1/320 0
(15) جزء من الآية 32 من سورة الأعراف0
(16) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر 2/103، 104 0
(17) الآية 97 من سورة التوبة0
(18) جزء من الآية 35 من سورة النساء0
(19) جزء من الآية 59 من سورة النساء0
(20) الحديث والمحدثون للدكتور محمد أبو زهو ص 84، 85 0
(21) ابن حزم : هو على بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهرى، أبو محمد، عالم الأندلس فى عصره، وأحد أئمة الإسلام، روى ابنه أبو رافع أن
مصنفات والده بلغت الأربعمائة، من أشهرها : الإحكام فى أصول الأحكام، والفصل فى الملل والنحل، مات سنة 456هـ0 وله ترجمة فى :
لسان الميزان لابن حجر 4/724 رقم 5782، والبداية والنهاية لابن كثير 12/91، ووفيات الأعيان لابن خلكان 3/325 رقم 448، وشذرات
الذهب 3/13، وتذكرة الحفاظ 3/1146 رقم 1016، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 435 رقم 981 0
(22) الفصل فى الملل والنحل 4/156 0
(23) هو : أحمد حجازى السقا، كاتب معاصر، حصل على العالمية فى الدعوة من جامعة الأزهر، ورفض الأزهر تعيينه بالجامعة، من مؤلفاته
التى شكك فيها فى مكانة السنة النبوية، كتابه دفع الشبهات عن الشيخ الغزالى، وحقيقة السنة النبوية0
(24) دفع الشبهات عن الشيخ الغزالى ص 63، 77، 94 0
(25) فرق معاصرة للدكتور غالب عواجى 1/106 0
(26) دراسات فى الحديث النبوى للدكتور محمد مصطفى الأعظمى 1/23 0
(27) أصول الدين للبغدادى ص 19، وانظر : الملل والنحل للشهرستانى 1/114، 115، والتنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع للإمام محمد
الملطى ص52، والعقيدة والشريعة لجولد تسيهر ص193



-62-
===
6



وكان لموقفهم هذا من القرآن الكريم، وجهلهم بالحديث، وعدم تحملهم له عن غيرهم، لأنهم كفرة فى نظرهم سبباً فى أن عقائدهم وأحكامهم
الفقهية جاءت مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية، بل منه ما جاء مخالفاً لنصوص القرآن الكريم0
فمنهم من يرى أن التيمم جائز، ولو على رأس بئر، ومنهم من يرى أن الواجب من الصلاة إنما هو ركعة واحدة بالغداة وأخرى بالعشى، ومنهم
من يرى الحج فى جميع شهور السنة، ومنهم من يبيح دم الأطفال والنساء ممن لا ينتمى إلى عسكرهم(1)، ومنهم من جوز نكاح بنت الابن
وبنت الأخ والأخت، ومنهم من أنكر أن تكون سورة يوسف من القرآن، وأن من قال لا إله إلا الله فهو مؤمن عند الله ولو اعتقد الكفر بقلبه،
وعظم البلاء بهم وتوسعوا فى معتقدهم الفاسد، فأبطلوا رجم المحصن، وقطعوا يد السارق من الإبط، وأوجبوا الصلاة على الحائض فى حال
حيضها، وكفروا من ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر إن كان قادراً، وإن لم يكن قادراً فقد ارتكب كبيرة، وحكم مرتكب الكبيرة عندهم
حكم الكافر، وكفوا عن أموال أهل الذمة، وعن التعرض لهم مطلقاً، وفتكوا فيمن ينسب إلى الإسلام بالقتل والسبى والنهب، فمنهم من يفعل ذلك
مطلقاً بغير دعوة منهم، ومنهم من يدعوا أولاً ثم يفتك(2)، وغير ذلك الكثير والكثير0
يقول فضيلة الدكتور أبو زهو - رحمه الله - : وهذا مما يدل على جهل عميق حتى بالقرآن الكريم، وأكثر ذلك أتاهم كما قلنا من أنهم لا
يعتدون برواية جمهور المسلمين، وكيف يأخذون دينهم عن قوم هم كفار فى نظرهم، وإنما يعتمدون ما رواه لهم أئمتهم، وهم كما قلنا خلو من
العلم بسنة رسول الله e ، بل خلوا من فهم أحكام القرآن على وجهها الصحيح0
ثم لا يغيب عن البال أن هذا الحكم لا يسرى على جميع أفراد الخوارج، بل قد وجد منهم فيما بعد أفراد وأئمة تفقهوا فى الدين، ورووا الحديث،
واعتمدهم كما قال ابن الصــلاح فى مقدمته بعض أئمــة الحديث كالبخـارى فقد احتج بعمران بن حطان(1)، وهو من الخوارج لا سيما إذا
علمت أن الخوارج يحكمون بكفر من يكذب؛ لأن مرتكب الكبيرة كافر فى نظرهم، والكذب من الكبائر أ0هـ(2)0
قلـت : احتجاج الإمام البخارى فى صحيحه بعمران بن حطان رغم أنه مبتدع من الخوارج؛ فقد كان رأس القعدية من الصفرية، وفقيههم،
وشاعرهم، وخطيبهم مع كونه داعية إلى مذهبه فقد مدح (عبد الرحمن بن ملجم) قاتل أمير المؤمنين على بن أبى طالب e احتجاج البخارى به
وبغيره من المبتدعين محمول على :
1- أنه خرج لهم ما حمل عنهم قبل ابتداعهم0
2- أو أنهم يكونون ممن تابوا ورجعوا عن بدعتهم فى آخر حياتهم0
3- أو يكونون تبرؤوا ممـا نسـب إليهـم0
وعلى القول الأول حمل ما أخرجه الإمام البخارى عن عمران بن حطان قال ابن حجر -رحمه الله- : "وقد أخرج له البخارى على قاعدته
فى تخريج أحاديث المبتدع إذا كان صادق اللهجة متديناً وقيل : إن يحيى بن أبى كثير(3)، حمله عنه قبل أن يبتدع"(4) وليس لعمران بن حطان
فى البخارى سوى حديثين أحدهما متابعة(5) والآخر أصل(6)0
وعلى الأقوال السابقة يحمل أيضاً ما أخرجه الإمام مسلم فى صحيحه عن المبتدعين0
عقيدة الخوارج فى الصحابة y وأثر ذلك على السنة المطهرة :
للخوارج فى الصحابة y رأى يخالف رأى الجمهور من المسلمين؛ فهم على اختلاف فرقهم يعدلون الصحابة جميعاً قبل الفتنة، ثم يكفرون
عثمان، وعلى، وأصحاب الجمل، والحكمين، ومن رضى بالتحكيم، وصوب الحكمين أو أحدهما(1)، وبذلك ردوا أحاديث جمهور الصحابة بعد
الفتنة، لرضاهم بالتحكيم، واتباعهم أئمة الجور على زعمهم، فلم يكونوا أهلاً لثقتهم0
أما جمهور المسلمين فقد حكموا بعدالة الصحابة جميعاً، سواء منهم من كان قبل الفتنة أو بعدها، وسواء منهم من انغمس فيها أو جانبها،
ويقبلون رواية العدول الثقات عنهم، وكان من آثار هذا الاختلاف فى النظر إلى الصحابة أن هوجمت السنة التى جمعها الجمهور وحققها أئمتهم
ونقادهم، منذ عصر الصحابة حتى عصر الجمع والتدوين، من قبل الخوارج وهم وإن لم ينغمسوا فى رذيلة الكذب على رسول الله e كما فعل
غيرهم، نظراً لأنه عندهم كبيرة ومرتكبها كافر(2)، ونظراً لبداوتهم وجفاء طبعهم وغلظتهم كانوا غير مستعدين لقبول أفراد من الأمم الأخرى؛
كالفرس، واليهود، والنصارى، وغيرهم ممن يريدون هدم الإسلام واندسوا فى الشيعة، ووضعوا كثيراً من الأحاديث، فضلاً على أنهم كانوا
صرحاء لا يعرفون التقية التى يؤمن بها الشيعة(3)0
إلا أن موقفهم من الصحابة جعلهم يردون الأحاديث التى خرجت بعد الفتنة، أو اشترك رواتها بالفتنة، فضلاً عن جهلهم بأحكام القرآن على
وجهها الصحيح؛ جعلهم يخالفون جمهور المسلمين فى عقائدهم وأحكامهم الفقهية كما سبق0
يقول فضيلة الدكتور السباعى - رحمه الله - : وإنه لبلاء عظيم أن نسقط عدالة جمهور الصحابة الذين اشتركوا فى النزاع مع على أو
معاوية، أو نسقط أحاديثهم ونحكم بكفرهم أو فسقهم، وهم فى هذا الرأى لا يقلون عن الشيعة خطراً وفساد رأى، وسوء نتيجة، وإذا كان مدار
الاعتماد على الرواية هو صدق الصحابى وأمانته، فيما نقل - وقد كان ذلك موفوراً عندهم - وكان الكذب أبعد شئ عن طبيعتهم ودينهم
وتربيتهم، فما دخل ذلك بآرائهم السياسية وأخطائهم؟ ... ووصفهم بأوصاف لا تليق بعامة الناس، فكيف بأصحاب رسول الله y الذين كان لهم
فى خدمة الإسلام قدم صدق، لولاها لكنا نتيه فى الظلمات ولا نعرف كيف نهتدى سبيلاً(1)0
هل كان الخوارج يكذبون فى الحديث؟
تحت هذا العنوان نفى الدكتور السباعى فى كتابه (السنة ومكانتها فى التشريع) : أن يكون الخوارج كذبوا على رسول الله e لأنهم يكفرون
مرتكب الكبيرة على ما هو المشهور عنهم، أو مرتكبى الذنوب مطلقاً كما حكاه الكعبى(2) فما كانوا يستحلون الكذب ولا الفسق ولا التقية ونفى
أن يكون هناك دليلاً محسوساً يدل على أنهم ممن وضعوا الحديث0
وقال معقباً على ما روى عن ابن لهيعة عن شيخ لهم أنه قال : إن هذه الأحاديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم فإنا كنا إذا هوينا أمراً
صيرناه حديثاً(3)0
وقول عبد الرحمن بن مهدى : إن الخوارج والزنادقة قد وضعوا هذا الحديث "إذا أتاكم عنى حديث فاعرضوه على كتاب الله فإن وافق كتاب الله
فأنا قلته ... الحديث"(4)0
يقول الدكتور السباعى : هكذا قال الكاتبون فى هذا الموضوع من القدامى والمحدثين، ولكنى لم أعثر على حديث وضعه خارجى، وبحثت كثيراً
فى كتب الموضوعات، فلم أعثر على خارجى عُدَّ من الكذابين والوضاعين0
أما النص السابق الذى يذكرونه عن شيخ للخوارج، فهو مجهول ولا ندرى من هو؟ وقد سبق مثل هذا التصريح برواية حماد بن سلمة عن
شيخ رافضى، فلماذا لا تكون نسبته إلى شيخ خارجى خطأ؟ خصوصاً ولم نعثر لهم على حديث واحد موضوع0
أما قول عبد الرحمن بن مهدى عن حديث (إذا أتاكم ... إلخ) أنه وضعته الزنادقة والخوارج، فلا أدرى مدى صحتـــه عن ابن مهــدى، فقد
ذكره عنه ابن عبد البر فى (جامع بيان العلم) بلا سند(1) فضلاً على أنه لم يذكر لنا عن ابن مهدى من هو واضعه؟ على أن المنقول عن غير
ابن مهدى لفظ الزنادقة فقط، قال شمس الحق العظيم آبادى : فأما ما رواه بعضهم أنه قال : "إذا جاءكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله...
الحديث"؛ فإنه حديث لا أصل له(2) وقد حكى زكريا الساجى عن يحيى بن معين(3) أنه قال "هذا حديث وضعته الزنادقة" ونقل الفتنى عن
الخطابى(4) أنه قال أيضاً "وضعته الزنادقة"(5)، وليس فى هذين النصين ذكر للخوارج بحال0
وقد ورد عنهم ما ينفى تهمة الكذب عنهم0
يقول المُبَرِّدُ(6) : "والخوارج فى جميع أصنافها تبرأ من الكاذب ومن ذوى المعصية الظاهرة(1)" وقال أبو داود(2) : "ليس فى أصحــاب
الأهواء أصح حديثاً من الخوارج"(3)0
وقال ابن تيمية(4) : للرافضة فى الرد عليهم "ونحن نعلم أن الخوارج شر منكم ومع هذا فما نقدر أن نرميهم بالكذب لأننا جربناهم فوجدناهم
يتحرون الصدق لهم وعليهم(5) وقال : ومن تأمل كتب الجرح والتعديل رأى المعروف عند مصنفيها بالكذب فى الشيعة أكثر فى جميع الطوائف،
والخوارج مع مروقهم من الدين فهم من أصدق الناس حتى قيل : إن حديثهم من أصح الحديث"(6) وقال أيضاً "ليس فى أهل الأهواء أصدق ولا
أعدل من الخوارج(7) .
قلـت : وأنا مع الدكتور السباعى فيما ذهب إليه ورجحه من نفى تهمة كذب الخوارج فى الحديث، وليس معنى ذلك براءتهم، ولكن معناه أنى لا
اتهمهم بالكذب فى الحديث؛ لأنه لا دليل على كذبهم، والأخبار الواردة فى اتهامهم بالوضع ضعيفة تحتمل التأويل كما سبق، والأخبار التى تدل
على صدقهم ونفى الكذب عنهم صريحة وواضحة0
وكل ما يقال بحق، أنهم جهلة بالسنة ولا يحتجون بها؛ لأنها من طريق صحابة رسول الله y وهم كفار فى نظرهم، فضلاً عن عدم استعدادهم
لقبول آراء غيرهم؛ نظراً لبداوتهم وجفاء طبعهم وغلظتهم وجهلهم بفقه الكتاب والسنة؛ ولذا نجدهم يعملون على محاربة المسلمين وإراقة
دمائهم وانتهاك حرمتهم فهم أحقاء بأن يسموا بالخوارج البغاة لخروجهم على السنة وأهلها ومعاداتهم لها(1) .







المبحـث الثانـى
التعريف بالشيعة وموقفهم من السنة النبويـة

تمهيـد :
الشيعة كفرقة ذات أفكار وآراء غلب عليهم هذا الاسم، ويشيع فيهم الكذب على رسول الله e وعلى أئمتهم، وذلك باعتراف علمائهم، وهذا
من أشد الخطر على الإسلام والمسلمين، وذلك بسبب :
1- استعمالهم التقية المرادفة للكذب0
2- تظاهرهم بنصرة آل البيت، حيث انخدع بهم كثير من العوام بل وخواص المسلمين0
3- بغضهم وتكفيرهم ولعنهم صحابة رسول الله y إلا نفر يسير، وبغضهم وتكفيرهم لأهل السنة بسبب تعاليم خاطئة وضعها بعض كبرائهم
قديماً، وسار عليها بعض كبرائهم حديثاً نتج عنها نفور الشيعة، وعدم الوصول بعد محاولات كثيرة من جانب أهل السنة إلى التقارب0
وقد قام التشيع فى ظاهر الأمر على أساس الاعتقاد؛ بأن علياً t وذريته هم أحق الناس بالخلافة بعد رسول الله e وأن علياً أحق بها من سائر







 
قديم 06-03-08, 04:37 AM   رقم المشاركة : 3
حسينا
موقوف





حسينا غير متصل

حسينا is on a distinguished road


الصحابة بوصية من النبى e كما زعموا فى رواياتهم التى اخترعوها وملأوا بها كتبهم قديماً وحديثاً(1).
والحق أن التشيع كان مأوى يلجأ إليه كل من أراد هدم الإسلام لعداوة أو حقد، ومن كان يريد إدخال تعاليم آبائه من يهودية ونصرانية
وزردشتية وهندية، ومن كان يريد استقلال بلاده والخروج على مملكته، كل هؤلاء كانوا يتخذون حب آل البيت ستاراً يضعون وراءه كل ما
شاءت أهواؤهم0
فاليهودية ظهرت فى التشيع بالقول بالرجعة، وقال الرافضة السبئية : إن النار محرمة على الشيعى إلا قليلاً، كما قال اليهود لن تمسنا إلا أياماً
معدودات(2). والنصرانية ظهرت فى فرق الحلولية وهى فرق أكثرها يرجع إلى غلاة الروافض فقال بعضهم:إن نسبة الإمام إلى الله كنسبة
المسيح إليه، وقالوا : إن اللاهوت اتحد بالناسوت فى الإمام، وإن النبوة والرسالة لا تنقطع أبداً فمن اتحد به اللاهوت فهو نبى(1)0
وتحت التشيع ظهر القول بتناسخ الأرواح وتجسيم الله والحلول، ونحو ذلك من الأقوال التى كانت معروفة عند البراهمة، والفلاسفة، والمجوس
من قبل الإسلام، وقال بها الراوندية من الروافض الحلولية(2)0
وتستر بعض الفرس بالتشيع، وحابوا الدولة الأموية،والعباسية، وقاموا بثورات عديدة، سجلها علماء الفرق والتاريخ، وما فى نفوسهم إلا الكره
للعرب ودولتهم والسعى لاستقلالهم وهيمنتهم(3)، وتاريخ الشيعة فى القديم والحديث شاهد صدق على أن الحركات المارقة والهدامة إنما
خرجت من تحت عباءتهم بعد أن رضعت لبنهم وهدهدت بين ذراعيهم(4)0
التعريف بالشيعة لغة:هم الاتباع والانصار، قال صاحب القاموس:شيعة الرجل أتباعه وأنصاره ويقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر
والمؤنث وجمعه أشياع وشيع كعنب(5)0
وقال صاحب تاج العروس : الشيعة كل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة وكل من عاون إنساناً وتخرب له فهو شيعة له، وأصله من المشايعة
وهى المطاوعة والمتابعة(6)0
ووردت كلمة شيعة ومشتقاتها فى القرآن الكريم مراداً بها معانيها اللغوية الموضوعة لها على المعانى التالية :
1- بمعنى الفرقة أو الأمة أو الجماعة من الناس : قال تعالى {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا}(7)0 أى من كل فرقة
وجماعة وأمة (8)0
2- بمعنى الفرقة قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ}(1) أى فرقاً(2)0
3- وجاءت لفظة أشياع بمعنى أمثال ونظائر قال تعالى : {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}(3) أى أشباهكم فى الكفر من الأمم
الماضية(4)0
4- بمعنى المتابع والموالى والمناصر قال تعالى : {فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى
الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ}(5) وفى الحديث من قول حكيم بن أفلح(6) إنى قد
نهيتها - أى السيدة عائشة -رضى الله عنها- أن تقول فى هاتين الشيعتين شيئاً(7) أى شيعة الإمام على -كرم الله وجهه- وشيعة الإمام
معاوية -رضى الله عن الجميع - ففى ذلك ما يشهد لعموم اسم الشيعة.
التعريف بالشيعة اصطلاحاً : اختلفت وجهات نظر العلماء فى التعريف بحقيقة الشيعة وأرجح تلك الأقوال هى : أنهم الذين يزعمون أنهم أتباع
على بن أبى طالب t وأنصاره، ويعتقدون أنه أفضل من الخلفاء الراشدين - رضوان الله عليهم أجمعين - وأنه وأهل بيته أحق بالخلافة، وإن
خرجت منهم فبظلم يكون من غيرهم(8).
موقف الشيعة من الصحابة والأمة الإسلامية:
أولاً : موقـف الشيعـة مـن الصحابـة :
يقول الدكتور محمد العسال : يعتقد الشيعة أن الصحابة كلهم كانوا كفرة منافقين مخادعين لله ورسوله - ونعوذ بالله من ذلك -
لا يستـثـنون إلا خمسة أو سبعة أو بضعة عشر، على خلاف بينهم فى هذا، والمجمع على استثنائهم هم : سلمان الفارسى، وعمار بن
ياسر، وأبو ذر الغفارى، والمقداد، وجابر بن عبد الله الأنصارى0
ويرى بعض الشيعة أن الصحابة : إنما كفروا وارتدوا عن الإسلام بعد موت النبى e لا فى حياته، وإنما قال ذلك أصحاب هذا الرأى لما
وجدوا صريح القرآن يمدحهم ويثنى عليهم، فظنوا أن القول بكفرهم بعد وفاة الرسول e يتفادون به التعارض مع القرآن بخلاف القول بكفرهم
والقرآن ينزل والوحى متواصل، هكذا يزعمون.
كما زعموا أن كفر الصحابة إنما هو بسبب إنكارهم النص على ولاية علىَّ t التى هى أساس الدين عند الشيعة، وقد تواطأ الصحابة على جحده
وإنكاره إلا الخمسة الذين مر ذكرهم، أما كبار الصحابة مثل أبى بكر، وعمر، وعثمان، وطلحة، والزبير وبقية العشرة، وعائشة، وحفصة
وغيرهم؛ فإنهم كانوا متظاهرين بالإسلام فى حياة الرسول e مع إبطانهم الكفر، خاصة فيما يتعلق بولاية علىَّ t حقداً عليه حيث كانوا يطمعون
فى هذه الولاية بعد وفاة الرسول e0
بل هؤلاء الصفوة من خيرة أصحاب رسول الله y هم فى عقيدة الشيعة رؤساء الكفر والنفاق فهم أصله ومعدنه وفرعه وثمرته، ونعوذ بالله من
ذلك0
وهذه عقيدة لا ينفك عنها شيعى واحد من الإثنى عشرية، وإن تظاهر أحدهم بإنكار ذلك فأعلم أنه يقولها (تقية) لأنها عقيدة لا تقبل المساومة
عندهم، إذ لو صحح الشيعى إمامة أبى بكر وعمر وعثمان لوجب عليه أن يعترف ببطلان الولاية والإمامة لعلى وبنيه، وهذا كفر بإجماع الإثنى
عشرية0
وللشيعة فى تكفيرهم للصحابة شبهات سيأتى ذكرها والرد عليها فى باب وسائل أعداء السنة فى الكيد لها0
هذا وقد امتلأت كتب الشيعة تفسيراً وحديثاً- على كثرتها وبطلانها بهذه العقيدة الفاسدة، وسودوا هذه الكتب بما تضيق منه الصدور من عقيدتهم
هذه(1)0
وتأكيداً لكل ما سبق سأكتفى بذكر نموذج أو أكثر من كتبهم تفسيراً وحديثاً، فالقمى فى تفسيره(2) يقول فيه الدكتور محمد العسال هذا المفسر
يحمل كل كلمة كفر أو نفاق أو فسق أو ضلال أو شرك أو ظلم أو عصيان وخداع، وكل ما يشتق من ذلك أو يماثله على كبار الصحابة، وخاصة
على أبى بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير، وقد ضرب على ذلك أمثلة منها فى قوله تعالى : {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ
الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ}(3) قال القمى : الحرث الدين، والنسل الناس، ونزلت فى الثانى -يعنى عمر- وقيل فى معاوية(4)0 وعند
قوله تعالى : {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ}(5) قال : هم الذين غصبوا آل محمد حقهم، وعند قوله تعالى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ}(6) قال :
هم الظالمون آل محمد حقهم، والذين اتبعوا من غصبهم(7)0
وفى أصح الكتب عندهم بعد كتاب الله U وهو الكافى الذى يعد عندهم كالبخارى عند أهل السنة، أخرج الكلينى بسنده عن أبى جعفر عليه السلام
قال : كان الناس أهل ردة بعد موت النبى e إلا ثلاثة، فقلت ومن الثلاثة فقال : المقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفارى، وسلمان الفارسى، رحمة
الله وبركاته عليهم(8)0
وأخرج أيضاً عن أبى بصير عن أحدهما عليه السلام قال : إن أهل مكة ليكفرون بالله جهرة، وإن أهل المدينة أخبث من أهل مكة، أخبث منهم
سبعين ضعفاً(9)0
وأخرج أيضاً عن أبى بكر الحضرمى قال : قلت لأبى عبد الله عليه السلام : أهل الشام شر أم أهل الروم؟ فقال : إن الروم كفروا ولم يعاندوا،
وإن أهل الشام كفروا وعاندوا(1). إلى غير ذلك الكثير والكثير من إفكهم الذى امتلأت به كتبهم تفسيراً وحديثاً، والتى كانت منفذاً للمستشرقين
وأتباعهم نفذوا منه إلى الطعن فى دين الإسلام ومصدره الأول القرآن الكريم .
ثانياً : موقـف الشيعـة مـن الأمـة الإسلاميـة :
يقول الدكتور محمد العسال : يعتقد الشيعة الإثنا عشرية أن أمة محمد هى الأمة الملعونة، ولو كانت من سائر فرق الشيعة سواهم، فكل من لم
يوال الإثنى عشر إماماً ويؤمن بولايتهم ويتبرأ من الصحابة؛ فهو ملعون هالك، أما من يعتقد إيمان الصحابة ويصحح خلافة أبى بكر وعمر
وعثمان فهو ناصبى عندهم والناصبى شر من اليهود والنصارى وعبدة الأوثان كما يزعمون من هنا فحملتهم على أهل السنة -النواصب- فى
نظرهم لا تكاد تهدأ؛ لأنهم أكثر فرق الأمة عرفاناً بالجميل للصحابة، وعلى رأسهم آل بيت رسول الله e.
ويقول الدكتور محمد العسال بعد أن ذكر نماذج من تفسيرهم الباطل تؤكد تلك العقيدة الفاسدة قال : وغالب ظنى أن هذه العقيدة قد استفادها
الروافض من زنادقة الباطنية الخارجين عن الإسلام بإجماع الفرق والذين يسمون أمة محمد e بالأمة الملعونة المنكوسة، حيث يحكى لنا الإمام
عبد القادر البغدادى عنهم فى نص رسالة عثر عليها من زعيمهم عبيد الله بن الحسين القيروانى إلى داعيته سليمان بن الحسن بن سعيد
الجنانى جاء فيها : إنى أوصيك بتشكيك الناس فى القرآن والتوراة والزبور والإنجيل، وبدعوتهم إلى إبطال الشرائع ...ثم قال له ولا تكن
كصاحب الأمة المنكوسة حين سألوه عن الروح فقال {الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}(2) لما لم يعلم ولم يحضره جواب المسألة ...إلخ(3).
فهذه زندقة -نعوذ بالله منها-، وعقيدة الإثنى عشرية فى الأمة إما متأثرة بتلك الزندقة وإما أنها مدخل إليها، لا محل سوى ذلك(1).
وصدق الإمام ابن تيمية (أصل مذهب الشيعة الرافضة من أحداث الزنادقة المنافقين الذين عاقبهم فى حياتهم على أمير المؤمنين t(2) أ0هـ.
أثر موقف الشيعة الرافضة من الصحابة على الإسلام (قرآناً وسنة) :
أولاً : أثـر موقف الشيعة من الصحابة على القرآن الكريم :
كان من آثار تكفير الشيعة للصحابة إلا من استثنوهم أن هوجم القرآن الكريم والسنة النبوية، فهاجموا القرآن الكريم، وصرحوا وبكل وضوح
أن فى القرآن الكريم نقصاً وتحريفاً متعمداً من الصحابة عند جمعه لإخفاء ما ورد صريحاً فى ولاية الأئمة من آل البيت، أو لإخفاء الآيات التى
فيها ذم المهاجرين والأنصار ومثالب قريش، وزعموا أن القرآن لم يجمعه كما أنزل إلا علىّ فقط، كما يعتقدون أن مصحفاً مفقوداً سيصل إلى
أيديهم يوماً ما، يسمى "مصحف فاطمة" فيه أضعاف ما فى المصحف العثمانى الموجود بين أيدى المسلمين، وأنه يختلف عن هذا المصحف
اختلافاً كثيراً، وقد ألف أحد طواغيتهم واسمه حسين بن محمد تقى الطبرسى كتابه (فصل الخطاب فى إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) (3) وفيه
أكثر من ألفى رواية عن طواغيتهم المعصومين، والتى تؤكد التحريف فى القرآن من كل نوع، وعندما طبع الكتاب وقامت حوله ضجة ألف
الطبرسى كتاباً آخر سماه (رد بعض الشبهات عن فصل الخطاب فى إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) دافع فيه عن ما أودعه فى كتابه السابق
(فصل الخطاب) وقد كتب هذا الدفاع قبل موته بسنتين0
ومهما تظاهر الشيعة بالبراءة من كتاب النورى الطبرسى عملاً بعقيدة التقية، فإن الكتاب ينطوى كما سبق على آلاف النصوص عن طواغيتهم
فى كتبهم المعتبرة يثبت بها أنهم جازمون بالتحريف ومؤمنون به، ولكن لا يحبون أن تثور الضجة حول عقيدتهم هذه فى القرآن(1)
ويتظاهرون تقية ويفتون بأنه لا يأثم من قرأ القرآن كما يتعلمه الناس فى المصحف العثمانى، ثم الخاصة من الشيعة سيعلم بعضهم بعضاً ما
يخالف ذلك مما يزعمون أنه موجود أو كان موجوداً عند أئمتهم من أهل البيت، ويدل على ذلك ما أخرجه الكلينى فى كتابه الكافى بسنده عن
على بن موسى الرضا المتوفى سنة 206هـ عندما سأل، إنا نسمع الآيات فى القرآن ليس هى عندنا كما نسمعها، ولا نحسن أن نقرأها كما
بلغنا عنكم، فهل نأثم؟ فقال : لا، اقرءوا كما تعلمتم، فسيجيئكم من يعلمكم(2).
ومما يدل على أن الشيعة يكادون يجمعون على ما أورده الطبرسى فى كتابه (فصل الخطاب) أنهم كافئوه على هذا المجهود فى إثبات أن القرآن
محرف بأن دفنوه فى أقدس البقاع عندهم فى بناء المشهد العلوى فى النجف.
وفى عصرنا الحاضر ردد الخمينى هذا الإفك فى كتابه (كشف الأسرار) قائلاً : "لقد كان سهلاً عليهم - الصحابة الكرام - أن يخرجوا هذه الآيات
من القرآن، ويتناولوا الكتاب السماوى بالتحريف، ويسدلوا الستار على القرآن، ويغيبوه عن أعين العالمين ثم يقول : "إن تهمة التحريف التى
يوجهها المسلمون إلى اليهود والنصارى، إنما تثبت على الصحابة(3). وهم حتى عندما يعتبرون المصحف العثمانى مصدراً من مصادر العقائد
والأحكام، فهم يختلفون فى فهم معانية عن سائر الفرق وخصوصاً أهل السنة - ويرجعون فهم القرآن إلى الأئمة من آل البيت(4)، وكلها
تأويلات باطلة حاشا الأئمة أن يقولوا منها حرفاً واحداً.
ثانياً : أثر موقف الشيعة من الصحابة على السنة النبوية :
وكما كان من آثار تكفير الشيعة للصحابة أن هاجموا القرآن الكريم، وادعوا تحريفه وتبديله، كان من آثار ذلك أيضاً أن هوجمت السنة التى
جمعها الجمهور وحققها أئمتهم ونقادهم، منذ عصر الصحابة حتى عصر الجمع والتدوين، من قبل الشيعة التى وصمت أحاديث الجمهور من أهل
السنة بالكذب والوضع، وخاصة ما كان منها فى فضائل الصحابة الذين يكفرهم الشيعة ويلعنونهم0
ولم يقبلوا من أحاديث أهل السنة إلا ما وافق أحاديثهم التى يروونها عن أئمتهم المعصومين فى نظرهم، والتى إن لم يزيدوا فيها كذباً تأولوها
بما يشهد لعقائدهم وأحكامهم الباطلة، أما ما عدا ذلك من السنة فلا يعتبرون به إلا إذا جاء من طريق آل البيت والتى لا يمكن إثبات صحتها
لعدم اهتمامهم بصحة السند0
فالعدالة عندهم لا عبرة بـها ما دام الراوى إمامياً يوالى الأئمة ولو لم يكن متهماً، بل ولو كان مطعوناً فى دينه0 وإذا تتبعت تراجم أعلام
الشيعة الرافضة فى زمن أئمتهم رأيتهم بين كذابين، وملاحدة، وشعوبيين، وفاسدى العقيدة، ومذمومين من أئمتهم، وكل ما يخطر ببالك من
نقائص، ولذا تراهم يصححون أحاديث من دعا عليه المعصوم بقوله أخزاه الله وقاتله الله، أو لعنه أو حكم بفساد عقيدته أو أظهر البراءة منه،
وحكموا أيضاً بصحة روايات المشبهة والمجسمة، ومن جوز البداء عليه تعالى(1)، مع أن هذه الأمور كلها مكفرة،ورواية الكافر غير مقبولة،
فضلاً عن صحتها، فإذا كان هذا هو حال من يصححون حديثه وهو أقوى الأقسام عندهم، فما بالنا بحال الحسن والموثق والضعيف عندهم!
(2)0
إذ لا عبرة عندهم بالعدالة وإنما العبرة بمن معهم؟ ومن عليهم؟ فمن كان معهم معتقداً بعقيدتهم كان مؤمناً تقياً، وإلا كان كافراً منافقاً إذا تبرأ
منهم ومن عقيدتهم0
كما أنهم لا يشترطون اتصال السند فى الحديث من الإمام إلى الرسول؛ لأن الإمام فى حد ذاته كلامه فى قوة كلام الرسول وقدسيته، ووجوب
العمل به؛ لأنه معصوم ويوحى إليه، ومن تلك الأحاديث التى يصححونها ولا عدالة لرواتها ولا اتصال لسندها حديث "غدير خم"(1) الذى يكاد
يكون عمدة المذاهب الشيعية كلها ودعامتها الأولى، والأساس الذى أقاموا عليه نظريتهم إلى الصحابة من تكفيرهم وسبهم ولعنهم ليل نهار،
وتابعهم على ذلك دعاة اللادينية(2)0
هذا الحديث هو عند أهل السنة حديث مكذوب لا أساس له باللفظ الذى يروونه عن طواغيتهم، الذين وضعوه ليبرروا به هجومهم وتجنيهم على
صفوة الخلق بعد الأنبياء والمرسلين - رضى الله عنهم أجمعين- .
وبالنظر فى كتب الحديث النبوى عندهم؛ كالكافى، والاستبصار، والتهذيب، ومن لا يحضره الفقيه(1) وغيرها، نجد رواياتها ليست كلها
متصلة من أصحابها إلى أئمتهم الذين وجدوا فى عصر النبى e فالأحاديث المدونة بها قد خلا أكثرها من الإسناد فنجد الروايات تذكر عن عدة
من أصحابنا، أو عن الإمام جعفر، ثم تعد هذه الأقوال أحاديث عن النبى e مع وجود الفارق الزمنى الكبير بين أصحاب هذه الروايات وبين النبى
e وهو فارق زمنى يصل إلى عدة قرون(2)0
وكان لهجومهم وتجنيهم على الصحابة الأثر الكبير فيما أثير حول السنة من شبهات، ولم لا ومروياتهم y لا تزن عندهم مقدار جناح بعوضة0
يقول الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء : والشيعة لا يعتبرون من السنة إلا ما صح لهم من طرق أهل البيت عن جدهم يعنى ما
رواه الصادق، عن أبيه الباقر، عن أبيه زين العابدين، عن الحسين السبط، عن أبيه أمير المؤمنين، عن رسول الله e، أما ما يرويه مثل : أبى
هريرة، وسمرة بن جندب، ومروان بن الحكم، وعمر بن الخطاب، وعمرو بن العاص، ونظائرهم، فليس لهم عند الأمامية من الاعتبار مقدار
بعوضة، وأمرهم أشهر من أن يذكر(3) أ0هـ .

(1) انظر : فتح البارى 12 /296، 297 أرقام 6930-6932، وانظر : الفرق بين الفرق للبغدادى ص88، والملل والنحل للشهرستانى 1
/113 - 119، ومقالات الإسلاميين 1 /173 0
(2) انظر : فتح البارى 12 /297، 298 أرقام 6930 - 6932، وانظر : أصول علم الحديث بين المنهج والمصطلح للدكتور أبو لبابة حسين
ص 162-172 0
(1) عمران بن حطان : هو عمران بن حطان بكر الحاء وتشديد الطاء المهملتين السدوسى، سمع عائشة وابن عمر وابن عباس، روى عنه
يحيى بن أبى كثير، وكان رأساً فى الخوارج0 وقال العقيلى: لا يتابع على حديثه ووثقه العجلى، وقال قتادة: كان لا يتهم فى الحديث، وقال أبو
داود: ليس فى أهل الأهواء أصح حديثاً من الخوارج ثم ذكر عمران بن حطان، وأبا حسان الأعرج، وذكره ابن حبان فى الثقات، مات سنة
184هـ له ترجمة فى : تقريب التهذيب 1 /751 رقم 5168، والكاشف2 /92 رقم4262، ورجال صحيح البخارى للكلاباذى 2/574 رقم
904، والجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسرانى1 /389 رقم 1484، والثقات للعجلى ص 373 رقم 1301، والثقات لابن حبان 5
/222، وانظر : حاشية ابن العجمى على الكاشف 2 /92، 93، والبيان والتوضيح لمن أخرج له فى الصحيح ومس بضرب من التجريح
للعراقى ص 189 رقم 291 0
(2) الحديث والمحدثون ص 86، وانظر : الملل والنحل 1 /115، 116 0
(3) يحيى بن أبى كثير : هو يحيى بن أبى كثير من موالى بنى طئ من أهل البصرة عالم أهل اليمامة فى عصره، ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل
مات سنة 132هـ وقيل قبل ذلك0 له ترجمة فى : تقريب التهذيب 2 /313 رقم 7660، والثقات لابن حبان 7 /591، والتاريخ الكبير
للبخارى 4 /2 رقم 301، وصفوة الصفوة 4 /75 رقم 657، والكاشف 2 /373 رقم 6235، ومشاهير علماء الأمصار ص 224 رقم
1037 0
(4) فتح البارى 10 /302 رقم 5835 0
(5) انظر:صحيح البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب اللباس، باب لبس الحرير للرجال وقدر ما يجوز منه 10/296 رقم 5835 0
(6) انظر : المصدر السابق نفس الكتاب، باب نقض الصور 10 /398 رقم 5952 0
(1) الفرق بين الفرق للبغدادى ص 85، وانظر : مقالات الإسلاميين : 1 /204، والملل والنحل 1 /115، والخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية
للدكتور محمد عمارة ص 139 0
(2) السنة ومكانتها فى التشريع ص 131، 132 0
(3) الحديث والمحدثون للدكتور محمد أبو زهو ص 87 0
(1) السنة ومكانتها فى التشريع الإسلامى للدكتور السباعى ص 133 بتصرف، وانظر : أصول علم الحديث بين المنهج والمصطلح للدكتور أبو
لبابة حسين ص 161-162 0
(2) الفرق بين الفرق للبغدادى ص 79، 85، 88، 92 0
(3) مقدمة الموضوعات لابن الجوزى ص38، 39، واللآلى المصنوعــة للسيوطى 2 /486، والمدخل للحاكم ص9 .
(4) الحديث سيأتى تخريجه وبيان وضعه فى شبهة عرض السنة على القرآن الكريم ص 224-227 0
(1) جامع بيان العلم وفضله 2 /191 0
(2) عون المعبود شرح سنن أبو داود 4 /329 0
(3) يحيى بن معين : هو يحيى بن معين بن عون المرى بالولاء البغدادى، أبو زكريا، الحافظ المشهور، كان إماماً عالماً ربانياً حافظاً متقناً
خبيراً بصحيح الحديث وسقيمه، مات سنة 233هـ0 له ترجمة فى : تقريب التهذيب 2/316 رقم 7679، والكاشف 2 /376 رقم 6250،
وتذكرة الحفاظ 2 /429 رقم 437، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 188 رقم 416، والثقات للعجلى ص 475 رقم 1826، والجرح والتعديل
9 /192، والإرشاد للخليلى ص 186، 187، ووفيات الأعيان 6 /139 رقم 791 0
(4) الخطابى : هو حمد ويقال أحمد بن إبراهيم بن خطاب البستى - نسبة إلى بست مدينة من بلاد كابل - أبو سليمان، كان أحد أوعية العلم فى
زمانه حافظاً فقيهاً، له من التصانيف النافعة الجامعة : معالم السنن وغريب الحديث، وإصلاح غلط المحدثين وغيرها، مات سنة 388هـ0 له
ترجمة فى : مرآة الجنان لليافعى 2 /435، وبغية الوعاة للسيوطى 1 /536 رقم 1143، وشذرات الذهب لابن العماد 3 /127، 128،
وتذكرة الحفاظ 3/1018 رقم 950، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 404 رقم 915، واللباب فى تـهذيب الأنساب 1 /151 0
(5) تذكرة الموضوعات ص 28 0
(6) المُبَرِّدُ : هو محمد بن يزيد بن عبد الأكبر أبو العباس، أديب، نحوى، لغوى، كان كثير الحفظ، غزير العلم، وثقة الخطيب وجماعة، من
مصنفاته المقتضب، والكامل فى الأدب، وغيرهما مات سنة 285هـ0 له ترجمة فى : لسان الميزان 6 /629 رقم 8264، وسير أعلام
النبلاء 13 /576 رقم 299، وطبقات المفسرين للراوى 2 /269 رقم 597، وشذرات الذهب 2/190، وإنباه الرواة للقفطى 1 /40، 48 0
(1) الكامل فى الأدب 2 /106 0
(2) أبو داود : هو سليمان بن الأشعث بن شداد بن عمرو الأزدى الإمام العالم صاحب كتاب السنن، والمراسيل، والقدر، وغير ذلك، وهو أحد
أئمة الدنيا فقهاً وعلماً وحفظاً ونسكاً وورعاً0 مات سنة 275هـ له ترجمة فى : تذكرة الحفاظ 2 /591 رقم 615، تـهذيب التهذيب 4
/169 رقم 298، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادى 9/55 رقم 4638، ووفيات الأعيان 2 /138 رقم 258، والعبر فى خبر من غبر 1/396
رقم 275، وطبقات المفسرين للداودى 1 /207 رقم 195، والتقييد لمعرفة رواه السنن والمسانيد لابن نقطة ص 279 رقم 344، والبداية
والنهاية 11 /58 0
(3) الكفاية فى علم الرواية للخطيب البغدادى ص 130 0
(4) ابن تيمية : هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية، الحرانى الدمشقى، الملقب بتقى الدين، المكنى بأبى العباس، الإمام المحقق
الحافظ المجتهد المحدث المفسر الأصولى الأديب النحوى القدوة الزاهد شيخ الإسلام، أما تصانيفه فإنـها تبلغ ثلاثمائة مجلد، منها : رفع الملام
عن الأئمة الأعلام، والصارم المسلول على منتقص الرسول، ومنهاج السنة النبوية فى نقض كلام الشيعة والقدرية، وغير ذلك0 مات سنة
727هـ0 له ترجمة فى:تذكرة الحفاظ 4 /1496 رقم1175، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 520 رقم 1142، وشذرات الذهب 6 /80،
والبدر الطالع للشوكانى 1 /63 رقم 40، والدرر الكامنة لابن حجر 1 /144 رقم 409، وطبقات المفسرين للداودى 1 /46 رقم 42، والبداية
والنهاية 14 /135 0
(5) المنتقى من منهاج الاعتدال ص 480 0
(6) المصدر السابق ص 22 0
(7) منهاج السنة 3 /31، وانظر: السنة ومكانتها فى التشريع الإسلامى للدكتور السباعى ص81، 82، 83 بتصرف،وأصول علم الحديث بين
المنهج والمصطلح للدكتور أبو لبابة حسين ص158-161 0
(1) شرح القصيدة النونية للدكتور محمد خليل هراس ص 322 0
(1) فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام للدكتور غالب عواجى 1 /128 بتصرف0
(2) انظر : الفرق بين الفرق 215، والملل والنحل 1 /186، ومنهاج السنة 1 /7، وانظر : مختصر التحفة الإثنا عشرية للعلامة السيد محمود
الألوسى ص 317، 318 0
(1) الفرق بين الفرق ص 228 - 230، والملل والنحل 1 /186 0
(2) الفرق بين الفرق ص 242، والملل والنحل 1 /186 0
(3) فجر الإسلام للدكتور أحمد أمين ص 276، 277 بتصرف0
(4) الدفاع عن السنة، الجزء الأول من سلسلة الإسلام واستمرار المؤامرة للأستاذ الدكتور طه حبيشى ص 31 0
(5) القاموس المحيط 3 /46 0
(6) تاج العروس 5 /405 0
(7) الآية 69 من سورة مريم0
(8) تفسير القرآن العظيم لابن كثير 3 /131 0
(1) جزء من الآية 159 من سورة الأنعام0
(2) تفسير القرآن الحكيم - تفسير المنار 8 /214 0
(3) الآية 51 من سورة القمر0
(4) جامع البيان فى تأويل آى القرآن لابن جرير 27 /112 0
(5) الآية 15 من سورة القصص، وانظر : فتح القدير للشوكانى 4/164، وفرق معاصرة للدكتور غالب عواجى 1 /131، 132، وانظر :
أصول الرواية عند الشيعة الإمامية الإثنا عشرية للدكتور عمر الفرماوى ص 12 0
(6) حكيم بن أفلح : هو حكيم بن أفلح المدنى روى عن أبى مسعود، وعائشة وعنه والد عبد الحميد ابن جعفر0 مقبول له ترجمة فى : تقريب
التهذيب 1 /234 رقم 1471، والكاشف 1 /346 رقم 1195، تـهذيب التهذيب 2 /444 رقم 771، وميزان الاعتدال 1 /583، رقم 1214
(7) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب صلاة المسافرين، باب جامع صلاة الليل، ومن نام عنه أو مرض 3/279، 280 رقم 746 0
(8) انظر : الملل والنحل 1 /146، وفرق معاصرة 1 /132، 133، والشيعة الإثنا عشرية ومنهجهم فى التفسير للدكتور محمد العسال ص
19 - 23، وانظر : بقية التعريفات فى المصادر السابقة0

(1) الشيعة الإثنى عشرية ومنهجهم فى التفسير ص 461 بتصرف، وانظر : أصل الشيعة وأصولها لمحمد الحسين ال كاشف ص 68 - 74
0
(2) انظر فى : منـزلة الكتاب وصاحبه عند الشيعة، ومظاهر الغلو والضلال فى الكتاب، ما كتبه الدكتور على السالوس فى كتاب مع الشيعة
الإثنا عشرية فى الأصول والفروع 2 /173-197
(3) الآية 205 من سورة البقرة0
(4) تفسير القمى ص 61 0
(5) جزء من الآية 256 من سورة البقرة0
(6) جزء من الآية 257 من سورة البقرة0
(7) تفسير القمى ص 75، وانظر : الشيعة الإثنا عشرية ومنهجهم فى التفسير للدكتور محمد العسال ص462، 463، ومع الشيعة الإثنا
عشرية فى الأصول والفروع للدكتور على السالوس 2 /173 - 197 0
(8) الكافى كتاب الروضة 8 /168، 341 0
(9) الكافى كتاب الإيمان والكفر، باب صنوف أهل الكفر وذكر القدرية والخوارج 2 /400 رقم 4
(1) الموضع السابق 2 /410 رقم 5، وانظر : أصول الرواية عند الشيعة الأمامية الأثنا عشرية للدكتور عمر الفرماوى ص 192 0
(2) جزء من الآية 85 من سورة الإسراء0
(3) الفرق بين الفرق للإمام البغدادى ص 262 0
(1) الشيعة الإثنا عشرية ومنهجهم فى التفسير للدكتور محمد العسال ص 510 0
(2) منهاج السنة 1 /3، وانظر : أدلة على استمرار بعض غلاة الشيعة الجعفرية على موقفهم هذا من الأمة الإسلامية فيما كتبه أحد زعمائهم
فى العصر الحديث فى كتابه تحرير الوسيلة للخمينى 1 /118، 136، وانظر:فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وموقف الإسلام منها للدكتور
غالب عواجى 1 /264، 26، والسنة المفترى عليها للمستشار سالم البهنساوى ص 130، 131، والفتنة الخمينية حقيقة الثورة الإيرانية
للشيخ محمد عبد القادر ص 8، 9، 25، 26، 33، وانظر : خلاصة موقف الشيعة من حكام المسلمين قديماً وحديثاً، فى الخطوط العريضة
للأستاذ محب الدين الخطيب، فصل الشيعة والحكومات الإسلامية ص 43 - 64، والشيعة فى نقد عقائد الشيعة لـموسى جار الله ص 97،
وانظر خطــــرهم على الأمة الإسلامية قديماً وحديثاً فى الخطوط العريضة فصل (الشيعة والتاريخ) ص 73 - 77، وفرق معاصره 1
/262 .
(3) انظر : فى مكانة هذا الكتاب وصاحبه عن الشيعة فيما كتبه الدكتور على السالوس فى كتابه مع الشيعة الإثنى عشرية فى الأصول
والفروع 2 /149 - 151 0
(1) انظر : تناقض معتدلى الجعفرية الذين تصدوا لحركة الغلاله منهم فى دعواهم تحريف القرآن الكريم فى كتابى الدكتور على أحمد السالوس
مع الشيعة الإثنى عشرية فى الأصول والفروع فصل (القرآن والتحريف) 2 /55 - 159، وأثر الإمامة فى الفقه الجعفرى وأصوله ص138
-271، وانظر : الشيعة والتصحيح للدكتور موسى الموسوى ص130 - 136، وانظر : ما كتبه الأستاذ محمد مال الله فى هامش الخطوط
العريضة ص 29 وما بعدها، وانظر : رجال الشيعة فى الميزان عبد الرحمن الزرعى ص 155 0
(2) الكافى 1 /289، وانظر : الخطوط العريضة للأستاذ محب الدين الخطيب ص 35 0
(3) صورتان متضادتان لنتائج جهود الرسول الأعظم للعلامة أبو الحسن الندوى ص 84 : 88، وانظر : الخطوط العريضة للأستاذ محب الدين
الخطيب ص10 : 15، ومختصر التحفة الإثنا عشرية للعلامة السيد محمود الألوسى ص 30، 50، 82، وفرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام
للدكتور غالب عواجى 1 /230، 239 0
(4) الشيعة الإثنا عشرية ومنهجهم فى التفسير للدكتور محمد العسال ص89، وانظر : مختصر التحفة الإثنا عشرية ص 47 0
(1) البداء: هو أن الله عز وجل يبدو له غير الذى كان أراده، فيرجع عن إرادته إلى الذى بدا له من بعد؛ تعالى الله عما يقولون، انظر:مختصر
التحفة الإثنى عشرية للعلامة السيد محمود الألوسى ص21، وفرق معاصرة للدكتور غالب عواجى 1 /254، والشيعة والتصحيح للدكتور
موسى الموسوى ص 146-151، والنسخ والبداء فى الكتاب والسنة لمحمد حسين العاملى ص28 وما بعدها 0
(2) مختصر التحفة الإثنى عشرية للعلامة السيد محمود الألوسى ص 21، وانظر : أثر الإمامة فى الفقه الجعفرى وأصوله للدكتور على أحمد
السالوس ص 274، 275، وأصول الحديث للدكتور عبد الهادى الفضلى ص 106 0
(1) وخلاصة هذا الحديث : أن النبى e فى رجوعه من حجة الوداع جمع الصحابة فى مكان يقال له "غدير خم" مكان بين مكة والمدينة، وأخذ
بيد على t ووقف به على الصحابة جميعاً وهم يشهدون وقال : "هذا وصيى وأخى والخليفة من بعدى فاسمعوا له واطيعوا" والحديث بـهذه
الرواية التى انفرد بـها الرافضة مكذوب وأصل الحديث كما فى صحيح مسلم من رواية زيد ابن أرقم t قال : "قام رسول الله e يوماً فينا
خطيباً0 بماء يدعى خـما -بين مكة والمدينة- فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر0 ثم قال : "أما بعد0 ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن
يأتى رسول ربى فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور0 فخذوا بكتاب الله0 واستمسكوا به" فحث على كتاب الله
ورغب فيه0 ثم قال : "وأهل بيتى0 أذكركم الله فى أهل بيتى0 أذكركم الله فى أهل بيتى0 أذكركم الله فى أهل بيتى ... الحديث" أخرجه مسلم (
بشرح النووى) كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل على بن أبى طالب t 8 /190 رقم 2408 0 هذا هو أصل الحديث كما فى صحيح
السنة، والحديث برواية الرافضة يشهد على نفسه بالبطلان فالحديث يصرح بالخلافة للإمام على -كرم الله وجهه- على مشهد من الصحابة
جميعاً، ومثل هذا تتوافر الدواعى على نقله ويشتهر، فى حين أن هذا النص بالخلافة للإمام على لم يبلغه أحد بإسناد صحيح0 قال الإمام بن
تيمية فى فصل (الطرق التى يعرف بـها كذب المنقول) ما ينفرد به، ويتضمن أمراً تتوافر الدواعى على نقله قال : "ومن هذا الباب نقل النص
على خلافة على، فإنا نعلم أنه كذب من طرق كثيرة، فإن هذا النص لم يبلغه أحد بإسناد صحيح فضلاً عن أن يكون متواتراً كما تزعم الرافضة،
ولا نقل أن أحداً ذكره على جهة الخفاء، مع تنازع الناس فى الخلافة وتشاورهم فيها يوم السقيفة، وحين موت عمر وحين جعل الأمر شورى
بينهم فى ستة، ثم لما قتل عثمان واختلف الناس على على، فمن المعلوم أن مثل هذا النص لو كان كما تقوله الرافضة من أنه نص على علىّ
بن أبى طالب نصاً جلياً قاطعاً للعذر وعلمه المسلمون، لكان من المعلوم بالضرورة فى مثل هذه المواطن التى تتوافر الهمم على ذكره فيها
غاية التوفر، فانتفاء ما يعلم أنه لازم يقتضى انتفاء ما يعلم أنه ملزوم" أ0هـ من منهاج السنة لابن تيمية 4 /118، وانظر : للاستزادة فى
الرد على استدلالات الرافضة بروايات الحديث فيما كتبه الدكتور على السالوس فى كتابيه مع الشيعة الإثنى عشرية فى الأصول والفروع 1
/96-162، وأثر الإمامة فى الفقه الجعفرى وأصوله ص 78-136، وانظر: مختصر التحفة الإثنى عشرية لألوسى ص 123، 176، 208،
219، والعواصم من القواصم لابن العربى ص 183، والمؤتمر العالمى الرابع للسيرة والسنة بحث الدكتور على السالوس حديث الثقلين وفقهه
2 /701 - 725 والشيعة والتصحيح للدكتور موسى الموسوى ص 8-50، ونظام الخلافة بين أهل السنة والشيعة للدكتور مصطفى حلمى
ص 33-223 .
(2) انظر : مجمع البيان فى تفسير القرآن للفضل بن الحسن الطبرسى 6 /152، والميزان فى تفسير القرآن محمد حسين الطباطبائى 6 /42،
وأصل الشيعة وأصولها محمد الحسين آل كاشف ص48، ومصباح الهداية فى إثبات الولاية على الموسوى ص 190 وما بعدها التبيان فى
تفسير القرآن محمد بن الحسن الطوسى 3 /587، والمراجعات عبد الحسين شرف الدين ص 51، والغدير فى الكتاب والسنة والأدب عبد
الحسين الأمينى 1 /21، 216، 223، 225، وكشف اليقين فى فضائل أمير المؤمنين الحسن بن المطهر الحلبى ص 254، 293، 471 = =
وما بعدها، ومعالم المدرستين لمرتضى العسكرى المجلد 1 /493، الشيعة فى عقائدهم وأحكامهم لأمير محمد القزوينى ص 71، والنص
والاجتهاد لعبد الحسين شرف الدين ص 347، ونظرية عدالة الصحابة والمرجعية السياسية فى الإسلام لأحمد حسين يعقوب ص 247 -
256، ولماذا أنا شيعى محمد حسين الفقيه ص 36، لقد شيعنى الحسين أدريس الحسينى ص 358 - 367، الإفصاح فى إمامة على بن أبى
طالب لمحمد بن النعمان العكبرى ص 15-18، والسنة ودورها فى الفقه الجديد لجمال البنا ص 25، وإعادة تقييم الحديث لقاسم أحمد ص
97، والسلطة فى الإسلام لعبد الجواد ياسين ص 258 وغيرهم0
(1) انظر : فى مكانة هذه الكتب وأصحابـها، وما فيها من غلو كتابى الدكتور على السالوس (مع الشيعة الإثنى عشرية) 3 /135-240،
وأثر الإمامة فى الفقه الجعفرى وأصوله ص 290-361
(2) السنة المفترى عليها للالمبحـث الرابـع
موقفنـا من الحركـة الاستشراقيـة والمستشرقيـن

عرفنا مما سبق أن الاستشراق وليد من عصبية وحقد النصارى للإسلام ولأمتنا الإسلامية، وحتى بعد تطوره إلى العلمانية، لم
يخرج عن هذه العصبية، وارتبط ارتباطاً وثيقاً أولاً بالتبشير اللاهوتى، ثم ثانياً بالاستعمار ولم ينفصل عنهما معاً، وتكاتلت تلك الجيوش الثلاثة
من أجل محاربة الإسلام والمسلمين، وتحقيق مصالحهم وأطماعهم، وعرفنا أن منهج الاستشراق بعيد كل البعد عن المنهج العلمى النزيه فى
دراسته للإسلام والمسلمين0

وإذا كان للحركة الاستشراقية أثر كبير فى تشويه صورة الإسلام والمسلمين فى العالم العربى، وأثر أخطر فى أجيال من أبناء
جلدتنا ممن وقعوا فى شباكهم؛ ففسدت عقائدهم وعملوا على إفساد عقائد المسلمين، من أجل هذا كان لابد وأن يكون للمسلمين موقف من هذه
الحركة الاستشراقية، ومن أنصارها الذين تعصبوا لها وخدعوا بما زعمه أعداء الإسلام من التزامهم الموضوعية فى الكتابة، وصدقوا ما كتبوه
من أباطيل ضد الإسلام، واعتمدوا على مؤلفاتهم فى كتاباتهم عن الإسلام فى التفسير، أو الحديث، أو السيرة، أو التاريخ …إلخ0 وراجت
مؤلفات هؤلاء الأنصار بين شباب المسلمين مع ما فيها من دسائس، ودس للسم فى العسل0

ولهؤلاء ولمن يقرأون لهم نقول كما قال الأستاذ محمد سرور بن نايف:"لا يجوز أن يعتمد المسلمون فى فهم دينهم على كتب المستشرقين
مهما قيل فى مدحهم والثناء عليهم، والإشادة بحيادهم( )0

نعم، قد نلقى بعضهم منصفاً معتدلاً غير متحامل ولا متعصب، ولكنه شاذ لا يقاس عليه0 وإن كانت معظم كتاباتهم المعتدلة تتركز فى تاريخ
العلوم التجريبية عند المسلمين،وأثر المسلمين فى هذا المجال لا ينازع فيه إلا مكابر، وهم فى هذا لم يأتوا بجديد غير إحقاق الحق، ومن هذا
القبيل كتاب (شمس العرب تسطع على الغرب للمستشرق زغريد هونكة)0

أما العلوم الشرعية؛فلا نكاد نجد لها منصفاً لخطورتها،وأهميتها فى حياة الإنسان، ولأن العلوم الشرعية هذه مرتبطة برسالة
الإسلام،الدعوة العالمية للتوحيد،وإقامة منهج الله  على الأرض، وهذا بلا ريب يهدد معاقل الشرك والوثنية أينما كانت، فلا
عجب حينئذ أن ينتشر جنود إبليس للتصدى لهذه الدعوة، والنيل منها بكل وسائل التسفيه والتشكيك( )0
وكتب المستشرقين التى مدحوا من أجلها0
إما مصنفات مستقلة عبارة عن بحوث ودراسات، تتعلق بالحضارة الإسلامية، والفقه الإسلامى، وتاريخ الأدب العربى، وتاريخ الحديث الشريف
وغيرها0 وهذه مصنفات طافحة بالدس والتشويه، وهى منحرفة كلياً عن منهج البحث السديد0

وإما مصنفات مبنية على مصنفات أخرى كفهارس القرآن الكريم، وفهارس كتب الحديث؛ فهى جهود محمودة، ولكنها غير
إبداعية؛ لأنهم مسبوقون إليها من أئمتنا المتقدمون - رضوان الله عليهم( ) - وهذا لا يعنى انتقاص قيمة هذا العمل، فهو حقاً عمل رائع،
ولكنه نال من الثناء أكثر مما يستحق، لأنه لو قام به جماعة من المسلمين فى نفس الظروف التى أُنجز فيها هذا العمل الكبير لأتوا بمثله أو
أحسن منه، ولنا فى الأعمال الفردية التى قام بها بعض علمائنا الأجلاء قديماً وحديثاً خير دليل على ذلك( )0

وأما عملهم فى تحقيق كتب التراث؛ فهو أيضاً نال من المديح أكثر مما يستحق، فهم منذ بدأوا جريمتهم بسرقة المخطوطات
الإسلامية من الشرق بدأً منذ عام 1311م واستولوا على كل المخطوطات الموجودة فى المساجد والزوايا، حتى جمع أحد الرهبان (زانسى)
ستة آلاف مخطوط من الشرق نقلها إلى ميلانو، وتوالت بعثات الاستعمار والفاتيكان إلى العالم الإسلامى لجمع المخطوطات، كان هدفهم هو "
حبس التراث الإسلامى فى مكتبات الغرب واتخاذه سلاحاً ضد المسلمين، فهم يبرزون الكتب التى تثير الفتن والنزاع بكل صوره الفكرى والمذهبى
والسياسى؛ ككتب الفرق، والخلاعة، والمجون، والتصوف الفلسفى، ويخفون كتب العلوم، فيأخذون نظرياتها، وينسبونها إلى أنفسهم وعلمائهم،
ويحرمون أصاحبها منها( )0

ومعظم الكتب التى حققها المستشرقون وأعادوا كتابتها كانت تستهدف إذاعة آراء معينة وتيارات مضللة تفقدنا الثقة بعقيدتنا
وماضينا، وحضارتنا، وقادتنا، ولذلك فإنه لا يمكن القول بأن هذه الكتب قد طبعت، أو حققت لخدمة الأدب العربى، أو اللغة العربية، ومن هذه
الكتب : ألف ليلة وليلة، والأغانى، وأخبار الحلاج، ورسائل إخوان الصفا … إلخ( )0

يقول الدكتور عبد العظيم الديب : "إن عنايتهم بالتراث كانت وما زالت وستظل من باب (اعرف عدوك)،فهذه الكتب التراثية هى
الخرائط،والصور لعقولنا، وعواطفنا، ومشاعرنا، واتجاهاتنا، واهتماماتنا، وحبنا، وبغضنا، وغضبنا، ورضانا0 فهى المفاتيح التى عرفوا بها
كيف يخططون لتدميرنا ثقافياً،واجتماعياً،وفكرياً،وعلمياً،بعدما حطمونا عسكرياً وسياسياً"( )0

وليس معنى هذا تسفيه كل جهودهم فى تحقيق كتب التراث، فالإنصاف يقتضى ألا نغمط الناس حقهم، على أن لا نقوم بتمجيدهم
صباح مساء كما يفعل المستغربون من أبناء أمتنا ظناً منهم أنه عمل فى قمة التفوق والإبداع، غير مسبوقين فيه، على ألا يغيب عن ذهننا أنهم
ما صنعوا فهارس القرآن الكريم، وفهارس كتب الحديث، وحققوا كتب التراث؛ إلا إطفاءً لنور الإسلام"( ) ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره
المشركون وصدق ربنا  : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا
إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ( )0

وحسبنا دليلاً على عدم الاعتماد فى فهم ديننا على كتب المستشرقين؛ أنهم ليسوا من أهل العدالة والتى على رأس شروطها
الإسلام0وقد قال رب العزة وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ( ) وقال تعالى : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا( ) فإذا كان خبر
المسلم الفاسق مردود على صحة اعتقاده، فخبر الكافر من المستشرقين أولى بالرد0

وحسبنا أيضاً دليلاً على عدم الاعتماد فى فهم ديننا وتاريخنا على كتب المستشرقين، أن المعتدل منهم وإن كان ظاهره الإنصاف للإسلام
والمسلمين فى العلوم الشرعية؛ فقد دس السم فى الدسم0

والدسم هنا هو باب التقدير والثناء والمدح، يدخل من هذا الباب وهو يكتب عن الإسلام ونبيه  حتى يخدع القارئ ويكسب ثقته،
ثم لا يلبث بعد ذلك أن يثير شبهات خفية متتالية فى إطار هذا المديح الكاذب، كل ذلك دون منهج موضوعى يتحرر فيه من أهوائه ورواسبه
الموروثة ويلتزم فيه النقد التقويمى ونزاهة البحث، وهذا أسلوب جديد حرص عليه المستشرقون فى هجومهم على الإسلام بعدما تبين لهم فشل
أو ضعف تأثير الهجوم على الإسلام ومصادره بعنف دون مواربة أو حيلة( ) أ0هـ0

فالواجب يقتضى من المسلم أن يحذر السير وراء أقوال معسولة، وآراء مغرية، ومواقف خادعة، يمكن أن تخدع عقول البسطاء
من المسلمين، وتؤثر على اقتناعهم بأن المستشرقين يمدحون الإسلام، أو يمدحون النبى  ، ويثنون على صفاته، ويعدون شخصيته  فى
مقدمة المصلحين وعباقرة العالم، فقد تظاهر بعضهم بالإسلام وتزيا بزى العلماء حين زار العالم الإسلامى كما فعل صنمهم الأكبر "جولد
تسيهر" اليهودى المجرى، وسنوك هرجونيه المستشرق الهولندى، وتقدم آخرون ببحوث مجمعية لينخرطوا بين المجمعيين، فتصبح آراؤهم
موضع القبول والرضا، وأثبتت الدراسات أن ربع أعضاء المجامع العلمية فى القاهرة ودمشق وبغداد وبيروت من هؤلاء المستشرقين، والأزمة
الفكرية التى اختلقها (مرجليوث)( ) فى اصطناع الشعر الجاهلى، والفساد العقائدى الذى نشره (لرى ماسينون) حول القرآن وعامية العربية فى
القاهرة، وما كتبه جولد تسيهر وشاخت وغيرهم عن السنة المطهرة لا تزال آثاره ماثلة للعيان0

فلا يفرح مسلم من ثناء مستشرق على الإسلام أو الرسول ، ويعد هذا كسباً للعلم والتاريخ، فإن هذا قد يكون مرحلة من
مراحل التغريب فى العقيدة والفكر، وأسلوباً من أساليب المكر والخديعة( )0

يقول الدكتور محمد حسين : "لذلك كان من الواجب على المسلمين أن يدركوا إدراكاً واضحاً أن البحوث الإسلامية التى يكتبها
المستشرقون هى بحوث موجهة ضد الإسلام والمسلمين، فتمجيد الإسلام فى كتب المستشرقين يقصد به خلق جوٍ من الاطمئنان إلى نزاهة
الفكر الغربى من ناحية، ومقابلة هذه المجاملة من جانب المستشرقين بمجاملة مثلها من جانب المسلمين للقيم الغربية، ويقصد بذلك أيضاً أن
يقوم تفاهم بين الشرق والغرب، ودعوة الباحثين من المسلمين فى مؤتمراتهم، وفى غيرها من الكتب والبحوث الإسلامية، بقصد المعاونة فى
تحقيق التقارب بين الثقافتين، ومزج إحداهما بالأخرى، وبالطبع مزج الفكر الفلسفى اليونانى الغربى بالفكر الإسلامى العربى، والنتيجة الطبيعية
لهذا المزج الخروج بفكر منحرف مجافٍ لإسلامنا وحضارتنا تماماً كما حدث مع أصحاب الفرق من المعتزلة والمتكلمين وغيرهم ممن تأثروا
بالفكر الفلسفى اليونانى والفارسى والهندى، وخرجوا بأصول ومناهج كان لها أثرها السئ فيما أثير حول السنة من شبهات( )0
فكثير من المستشرقين المعتدلين لم تكن كتاباتهم إنصافاً للإسلام والمسلمين، وإنما مرحلة جديدة من مراحل تغريب الأمة
الإسلامية فى عقيدتها وفكرها بأسلوب ماكر خبيث ينخدع به المفتونون بهم0

يقول الأستاذ محمد سرور بن نايف : "وأتحدى أن يكون هناك مستشرق منصف فيما يكتب عن الإسلام والمسلمين"( )0

ويؤكد ذلك الأستاذ محمد أسد بقوله : "صورة مشوهة للإسلام وللأمور الإسلامية تواجهنا فى جميع ما كتبه مستشرقوا أوربة"(
)0

فلو أخذنا مثلاً "بروكلمان"( ) فى كتابيه (تاريخ الأدب العربى) و (تاريخ الشعوب الإسلامية) وهما من المراجع المهمة عند كثير
من المتخصصين بعلم التاريخ؛ لأنهما فى نظرهم من المراجع الهامة التى أدت ولازالت تؤدى خدمات جليلة للباحثين فى شتى مجالات العلوم
العربية والإسلامية( )0 لو قرأنا بإمعان هذين الكتابين واللذين هما فى نظر المنتصرين للمستشرقين من المراجع الهامة فى التعريف بإسلامنا
وتاريخنا، وصاحبه من المعتدلين، لرأينا أن صاحبه صليبى، حاقد على الإسلام والمسلمين، وقد تجاوز كل حد فى شططه عن الحق وإعراضه
عن الصواب، وبعده عن الموضوعية والتحرر، ولم يترك مركباً للدس والتضليل إلا امتطاه، وذلك بترديده أقوال من سبقه من المستشرقين،
ولكن بأسلوب ماكر دس فيه السم بالدسم0 فى كل ما كتبه عن القرآن الكريم والسنة المطهرة والنبى  وصحابته الكرام0

فكارل بروكلمان وهو يتحدث عن نبوة محمد ، يردد أكاذيب وأباطيل سلفه من اليهود والنصارى فيقول : "وتذهب الروايات إلى
أنه اتصل فى رحلاته ببعض اليهود والنصارى، أما فى مكة نفسها فلعله اتصل بجماعات من النصارى كانت معرفتهم بالتوراة والإنجيل هزيلة
إلى حد بعيد( )، وعن الوحى يردد أكاذيب سلفه؛ بأنه وحى نفسى قائلاً : "لقد تحقق عنده – أى عند الرسول  - أن عقيدة مواطنيه الوثنية
فاسدة فارغة، فكان يضج فى أعماق نفسه هذا السؤال : إلى متى يمدهم الله فى ضلالهم، ما دام هو  قد تجلى، آخر الأمر، للشعوب الأخرى
بواسطة أنبيائه؟! وهكذا نضجت فى نفسه الفكرة أنه مدعو إلى أداء هذه الرسالة، رسالة النبوة( )0

ولا ننسى المستشرق (موريس بوكاى) فى كتابه : "دراسة الكتب المقدسة فى ضوء المعارف الحديثة، فشهادته بصدق القرآن بقوله : "إن
القرآن لا يحتوى على أية مقولة قابلة للنقد من وجهة نظر العلم فى العصر الحديث"( ) وعلى الرغم من أن كلامه على القرآن الكريم لا يسلم
من المآخذ، إلا أننا نراه فى موقفه من السنة المطهرة يردد أقوال من سبقه من المستشرقين مشككاً فى صحة نقلها وحجيتها، كقوله : "فقد
كتبت أولى الأحاديث بعد عشرات من السنوات من موت محمد  مثلما كتبت الأناجيل بعد عشرات السنوات من انصراف المسيح، إذن فالأحاديث
والأناجيل شهادات بأفعال مضت) ( )0 ثم وصفة لكلام النبى ؛ بأنه كلام بشر قد يخطئ ويصيب …( )، وأن هناك مبادئ للقرآن صريحة فى
الأمر دائماً بالرجوع إلى العلم والعقل فى الحكم على الأحاديث( )0

إلى غير هؤلاء من المستشرقين الذين وصفوا بإنصاف الإسلام ونبيه ( )؛ لأنهم وصفوه ومجدوه بالعبقرية، وبأن دعوته حركة
إنسانية إصلاحية، وانخدع بذلك بعض المسلمين غافلين عن السم الذى وراء هذا الدسم (الثناء والمدح)، وهو تجريد النبى  من النبوة، ومن
مزية أن القرآن الكريم والسنة النبوية وحى من عند الله  وأن رسالته  ربانية صالحة لكل زمان ومكان إلى يوم الدين، وليست حركة
إصلاحية إنسانية لم تعد صالحة فى عصرنا هذا، كما يهدف أعداء الإسلام ومن اغتر بهم0

يقول الأستاذ محمد سرور بن نايف -بعد أن تحدى أن يكون هناك مستشرق منصف فيما يكتب عن الإسلام والمسلمين- قال :
"بل لا يجوز الاعتماد فيما نكتبه عن الإسلام على أقوال المستشرقين ولو كانوا مسلمين وذلك للأسباب التالية :
1- ثبت أن نفراً منهم : أسلم خلال وجوده فى بلدان العالم الإسلامى لغاية فى نفوسهم، وارتدوا عن الإسلام عندما عادوا إلى أوطانهم وأدوا
الدور الذى كان مطلوباً منهم0
2- وبعضهم : كان متخصصاً بالعلوم الفلسفية، واطلع خلال بحثه على مؤلفات ابن عربى وغيره من غلاة الصوفية الذين يؤمنون بالحلول،
ووحدة الوجود، أو اطلع على مؤلفات الشيعة والمعتزلة والمتكلمين وباقى الفرق المنتسبة إلى الإسلام، ثم راحوا يكتبون عن الإسلام من خلال
تلك الفرق التى أشربوا حبها ووصفوها بأنها صاحبة فكر عقلى ثورى تحررى - مع خروج غلاتها عن الإسلام0
3- وآخرون منهم : مزجوا بين الإسلام وعادات وتقاليد الغربيين، وهذا المزيج المشوه أسموه إسلاماً، ومن سلم من هذه الانحرافات من
المستشرقين( ) لا يستطيع الكتابة بعمق وشمولية عن العقائد الإسلامية أو غيرها من بقية العلوم والمعارف الإسلامية، وهذا ما اعترفت به
إحدى المجلات التبشيرية الألمانية قائلة : "إنه رغماً من اطلاع المستشرقين الألمانيين وطول باعهم فى المؤلفات الإسلامية؛ فإن التعليم
والعقائد التى تلقى فى المساجد والمعاهد الإسلامية لم تزل خافية علينا"( ) إن العلوم الإسلامية لها رجالها الذين حفظ الله  بهم دينه، وفى
طليعتهم الصحابة –رضوان الله عليهم- والتابعون ومن بعدهم من الأئمة الجهابذة – رضوان الله عليهم أجمعين -( )0
4- هذا بالإضافة إلى جهل معظمهم باللغة العربية ولأبعادها ومراميها، بل إن بعضهم كان لا يعرف كلمة واحدة من اللغة العربية من أمثال "
سلفتردى ساس"، و "أليس عرينان" و"جيراردمتر"( )0
يقول الدكتور السباعى : "وفى جامعة أكسفورد وجدنا رئيس قسم الدراسات الإسلامية والعربية فيها يهودياً يتكلم العربية ببطء
وصعوبة، وكان أيضاً يعمل فى دائرة الاستخبارات البريطانية فى ليبيا خلال الحرب العالمية الثانية، وهناك تعلم العربية، وتلك هى مؤهلاته التى
بوأته هذا القسم، ومن العجيب أنى رأيت فى منهاج دراساته التى يلقيها على طلاب الاستشراق : تفسير آيات من القرآن الكريم من الكشاف
للزمخشرى "أى والله وهو لا يحسن فهم عبارة بسيطة فى جريدة عادية" ودراسة أحاديث من البخارى ومسلم، وأبواب من الفقه فى أمهات كتب
الحنفية والحنابلة، وسألته عن مراجع هذه الدراسات؛ فأخبرنى أنها من كتب المستشرقين أمثال : جولدتسيهر، ومرجليوث، وشاخت، وحسبك
بهؤلاء عنواناً على الدراسات المدخولة المدسوسة الموجهة ضد الإسلام والمسلمين"( )0

يقول الأستاذ سرور : "ليكتب إخواننا المستشرقون المسلمون عن فساد الحضارة الأوربية،وعن انهيار وتفكك الأسرة
الغربية،وليقدموا لنا دراسات وأبحاثاً عن عقائد وتصورات المغضوب عليهم والضالين من اليهود والنصارى، وعن الخرافات والأساطير التى
اتخذوها ديناً، وليكشفوا فضائح المستشرقين، وفساد مناهجهم، وليترجموا أمهات الكتب الإسلامية إلى الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية
وغيرها من اللغات التى يجيدونها،وليكونوا دعاة إلى الله فى أقوامهم،وليحرصوا على دراسة الإسلام وفهمه فهماً صحيحاً ليس فيه أى غلو أو
انحراف، وليعيدوا النظر فى جميع التصورات والمفاهيم المشوهة عن الإسلام التى سبق وأخذوها عن بنى قومهم0 هذا ما ننصحهم به ورحم
الله  امرءاً عرف قدر نفسه أ0هـ( )0

وإذا كان ما سبق بيان لموقف المسلمين من كتابات المستشرقين وعدم الاعتماد عليها فى فهم ديننا، ولا الاعتماد عليها فيما
نكتبه عن الإسلام ومصادره من قرآن، وسنة، وسيرة، وتاريخ … إلخ0 حتى لو كان هؤلاء المستشرقين مسلمين للأسباب السابقة0 فإن هذا
لا يعنى أن نلقى تلك الكتابات بعيداً، ونقول : إنها كلام فارغ … صحيح أن فيه كذباً وتضليلاً : صحيح أنه صادر عن حقد عميق، ولكنه ليس
كلاماً فارغاً، ولا يخدمنا فى شئ أن نلقيه بعيداً، ثم نجر اللحاف وننام … لأن هذا "الكلام الفارغ" هو الحديد والنار اللذان يحاربنا بهما أعداؤنا
فى بلادهم وبلادنا0 والحديد والنار لا يقابلان إلا بالحديد والنار، وفى ميدان العلم0 الحديد والنار، هما العمل، والعمل الطويل نواجه به مكر
أعدائنا فإذا كان أعداؤنا يعملون بتخطيط ومكر، فعلينا أن نخطط ونمكر لنفسد عليهم خططهم ومكرهم0 وإذا كانوا يكتبون عن الإسلام
والمسلمين "كلاماً فارغاً … فلنشمر نحن عن سواعدنا ولنكتب نحن الشئ المليان أداءً للأمانة التى حملنا الله  إياها فى أعناقنا بتبليغ رسالته
إلى خلقه كافة0 كما قال  : وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ( ) أ0هـ0

ار البهنساوى ص 136 بتصرف، وانظر : أثر الإمامة فى الفقه الجعفرى وأصوله ص 276-282 0
(3) أصل الشيعة وأصولها ص 79، 80، وانظر : أصول الرواية عند الشيعة الإمامية الإثنا عشرية، للدكتور عمر الفرماوى ص 87 0

والله أعلـم

====
7


أساليب الشيعة فى العبث بالسنة المطهرة :
تعد الشيعة الرافضة من أكثر الفرق كذباً على رسول الله e بل وعلى آل البيت أيضاً0
وفى ذلك يقول الإمام ابن تيمية : [ومن تأمل كتب الجرح والتعديل رأى المعروف عند مصنفيها بالكذب فى الشيعة أكثر منه فى جميع الطوائف]
(1)0
وسئل الإمام مالك عن الرافضــة فقال : "لا تكلمهم ولا ترو عنهم فإنهم يكذبون"(2) ويقول شريك بن عبد الله القاضى -وقد كان معروفاً
بالتشيع مع الاعتدال فيه-(3) : "احمل عن كل من لقيت إلا الرافضة؛ فإنهم يضعون الحديث ويتخذونه ديناً"(4)0
وقال حماد بن سلمة(5) : حدثنى شيخ لهم - يعنى الرافضة - قال : "كنا إذا اجتمعنا فاستحسنا شيئاً جعلناه حديثاً(6).
وقال الإمام الشافعى(7) : "ما رأيت فى أهل الأهواء قوماً أشهد بالزور من الرافضة"(8).
ولقد أخذ هؤلاء المتشيعون أعداء الإسلام يصنعون الأحاديث فى أغراض شتى حسب أهوائهم ونحلهم، فمن ذلك أحاديث وضعوها فى فضائل
الإمام على -كرم الله وجهه- وآله الكرام كحديث "من أراد أن ينظر إلى آدم فى علمه - وإلى نوح فى تقواه وإلى إبراهيم فى حلمه، وإلى
موسى فى هيبته، وإلى عيسى فى عبادته فلينظر إلى على"(1) و"أنا ميزان العلم وعلى كفتاه، والحسن والحسين خيوطه، وفاطمة علاقته،
والأئمة منا عموده توزن فيه أعمال المحبين لنا والمبغضين لنا"(2) إلى غير ذلك من روايات مكذوبة تثبت النبوة لعلى طوراً، والخلافة
والوصية بها طوراً آخر على حسب عقائد الوضاعين وآرائهم(3)0
وكما وضعوا الأحاديث فى فضل على وآل البيت، وضعوا الأحاديث فى ذم الصحابة؛ وخاصة الشيخين وكبار الصحابة، حتى قال ابن أبى
الحديد(4) وهو شيعى معتزلى : "فأما الأمور المستبشعة التى تذكرها الشيعة من إرسال قنفذ إلى بيت فاطمة، وأنه ضربها بالسوط، فصار فى
عضدها كالدملج، وأن عمر ضغطها بين الباب والجدار، فصاحت : يا ابتاه وجعل فى عنق علىّ حبلاً يقاد به، وفاطمة خلفه تصرخ، وابناه
الحسن والحسين يبكيان ... ثم أخذ ابن أبى الحديد فى ذكر الكثير من المثالب، ثم قال: فكل ذلك لا أصل له عند أصحابنا، ولا يثبته أحد منهم، ولا
رواه أهل الحديث ولا يعرفونه، وإنما هو شئ تنفرد الشيعة بنقله(5) وكذلك وضعوا الأحاديث فى ذم معاوية t إذا رأيتم معاوية على منبرى
فاقتلوه"(6) وفى ذم معاوية وعمرو بن العاص-رضى الله عنهما-"اللهم أركسهما فى الفتنة ركساً ودعهما فى النار دعا(7)"
وهكذا أسرف غلاة الشيعة الرافضة فى وضع الأحاديث بما يتفق مع أهوائهم، والتى بلغت من الكثرة حداً مزعجاً0 حتى قال الخليلى(1) فى
الإرشاد : "وضعت الرافضة فى فضائل على وأهل بيته نحو ثلاثمائة ألف حديث"(2) ومع ما فى قوله من المبالغة فإنه دليل على كثرة ما
وضعوا من الأحاديث0
ويكاد المسلم يقف مذهولاً من هذه الجرأة البالغة على رسول الله e لولا أن يعلم أن هؤلاء الرافضة أكثرهم من الفرس الذين تستروا بالتشيع
لينقضوا عرى الإسلام، أو ممن أسلموا ولم يستطيعوا أن يتخلوا عن كل آثار ديانتهم القديمة، فانتقلوا إلى الإسلام بعقلية وثنية لا يهمها أن
تكذب على صاحب الرسالة e لتؤيد حباً ثاوياً فى أعماق أفئدتها، وهكذا يصنع الجهال والأطفال حين يحبون وحين يكرهون0
وقد ضارعهم الجهلة من أهل السنة، فقابلوا -مع الأسف- الكذب بكذب مثله وإن كان أقل منه دائرة وأضيق نطاقاً(3) ومن ذلك حديث "ما فى
الجنة شجرة إلا مكتوب على ورقة منها لا إله إلا الله محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر الفاروق، عثمان ذو النورين"(4) .
كذلك قابلهم المتعصبون لمعاوية والأمويين، فوضعوا أحاديث مثل قولهم "الأمناء ثلاثة، أنا وجبريل ومعاوية"(5) و"لا افتقد فى الجنة إلا معاوية
فيأتى آنفاً بعد وقت طويل، فأقول : من أين يا معاوية، فيقول من عند ربى يناجينى وأناجيه، فيقول : هذا بمانيل من عرضك فى الدنيا"(6).
وكذلك فعل المؤيدون للعباسيين فوضعوا إزاء حديث وصاية على المكذوب وصاية العباس ونسبوا إلى النبى قوله : "العباس وصيى ووارثى"(1)
إلى غير ذلك من الأكاذيب والتى طفحت بها كتب الموضوعات0
ولولا رجال صدقوا فى الإخلاص لله U، ونصبوا أنفسهم للدفاع عن دينهم، وتفرغوا للذب عن سنة رسول الله وأفنوا أعمارهم فى التمييز بين
الحديث الثابت وبين الحديث المكذوب، وهم أئمة السنة وأعلام الهدى - لولا هؤلاء لاختلط الأمر على العلماء والدهماء، ولسقطت الثقة
بالأحاديث(2) نتيجة حركة الوضع التى كثرت فى أهل البدع والأهواء والجهلة من أهل السنة، إلا أنه تبدوا خطورة الكذب على رسول الله e من
أهل البدع بسبب أهدافهم الخبيثة للنيل من الإسلام وتشويه صورته بما يضعونه من خرافات0
فالجهلة من أهل السنة؛ وإن قابلوا مع الأسف كذب الشيعة بكذب مثله، إلا أنهم لم يحاولوا العبث والكيد للسنة المطهرة كما فعل الشيعة، وهذا
لا ينفى عن الوضاعين من الفريقين إثم الكذب على رسول الله e.
وعن مكايد الشيعة للسنة ومحاولاتهم العبث بها يقول العلامة الألوسى(3) :
1- إن جماعة من علمائهم اشتغلوا بعلم الحديث أولاً، وسمعوا الأحاديث من ثقات المحدثين من أهل السنة فضلاً عن العوام. ولكن الله سبحانه
وتعالى قد تفضل على أهل السنة، فأقام لهم من يميز بين الطيب والخبيث، وصحيح الحديث وموضوعه، حتى أنهم لم يخف عليهم وضع كلمة
واحدة من الحديث الطويل0
2- ومن مكايدهم أنهم ينظرون فى أسماء الرجال المعتبرين عند أهل السنة، فمن وجدوه موافقاً لأحد منهم فى الاسم واللقب أسندوا رواية
حديث ذلك الشيعى إليه، فمن لا وقوف له من أهل السنة يعتقد أنه إمام من أئمتهم فيعتبر بقوله ويعتد بروايته؛ كالسدى فهما رجلان؛ أحدهما
السدى الكبير، والثانى السدى الصغير، فالكبير من ثقات أهل السنة(1)، والصغير من الوضاعين الكذابين وهو رافضى غال(2).
3- ومن مكايدهم أنهم ينسبون بعض الكتب لكبار علماء السنة مشتملة على مطاعن فى الصحابة، وبطلان مذهب أهل السنة، وذلك مثل كتاب
(سر العالمين) فقد نسبوه إلى الإمام الغزالى(3) -رحمه الله تعالى- وشحنوه بالهذيان، وذكروا فى خطبته على لسان ذلك الإمام وصيته بكتمان
هذا السر وحفظ هذه الأمانة وما ذكر فى هذا الكتاب فهو عقيدتى، وما ذكر فى غيره؛ فهو للمداهنة، فقد يلتبس ذلك على بعض القاصرين ...
نسأل الله I العصمة من الزلل0
4- ومن مكايدهم أنهم يذكرون أحد علماء المعتزلة، أو الزيدية أو نحو ذلك، ويقولون: إنه من متعصبى أهل السنة، ثم ينقلون عنه ما يدل على
بطلان مذهب أهل السنة، وتأييد مذهب الإمامية الإثنى عشرية ترويجاً لضلالهم؛ كالزمخشرى صاحب الكشاف الذى كان معتزلياً تفضيلياً،
والأخطب الخوارزمى؛ فإنه زيدى غال، وابن أبى الحديد شارح نهج البلاغة الذى هو من غلاة الشيعة على حد قول، ومن المعتزلة على قول
آخر، وهشام الكلبى، وكذلك المسعودى صاحب مروج الذهب، وأبو الفرج الأصفهانى صاحب كتاب الأغانى وغيرهم، وقصدوا بذلك إلزام أهل
السنة بما لهم من الأقوال، مع أن حالهم لا تخفى حتى على الأطفال(4).
المبحـث الرابـع
التعريـف بالمعتزلـة وموقفهم من السنـة النبويـة

تمهيـد :
المعتزلـة : اسم يطلق على فرقة ظهرت فى الإسلام فى القرن الثانى الهجرى ما بين سنة 105 وسنة 110هـ بزعامة رجل يسمى واصل
بن عطاء الغزال، ونشأت هذه الفرقة متأثرة بشتى الاتجاهات الموجودة فى ذلك العصر، وقد أصبحت المعتزلة فرقة كبيرة تفرعت عن الجهمية
فى معظم الآراء، ثم انتشرت فى أكثر بلدان المسلمين انتشاراً واسعاً، وعن كثرتهم وانتشارهم يقول الشيخ جمال الدين القاسمى "هذه الفرقة من
أعظم الفرق رجالاً وأكثرها تابعاً، فإن شيعة العراق على الإطلاق معتزلة، وكذلك شيعة الأقطار الهندية، والشامية، والبلاد الفارسية، ومثلهم
الزيدية فى اليمن0 فإنهم على مذهب المعتزلة فى الأصول كما قاله العلامة المقبلى فى "العلم الشامخ" وهؤلاء يعدون فى المسلمين بالملايين،
بهذا يعلم أن الجهمية المعتزلة ليسوا فى قلة فضلاً عن أن يظن أنهم انقرضوا وأن لا فائدة من المناظرة معهم، وقائل ذلك جاهل بعلم تقويم
البلدان ومذاهب أهلها(1)0
والمعتزلة : قوم من المتكلمين فتنتهم؛ الفلسفة اليونانية، والمنطق اليونانى، وما نقل من الفلسفة الهندية، والأدب الفارسى، وقد كانوا كلهم أو
جمهورهم ممن ينتمون إلى أصل فارسى فأولوا القرآن الكريم لينسجم مع الفلسفة اليونانية، وكذبوا الأحاديث التى لا تتفق مع هذه العقلية
اليونانية الوثنية، واعتبروا فلاسفة اليونان أنبياء العقل الذى لا خطأ معه(2)، المحقق الكبير محمد محيى الدين عبد الحميد : وكان أول من
استعان بالفلسفة اليونانية، واستقوا منها فى تأييد نزعاتهم، فأقوال كثيرة من أقوال النظام وأبى الهذيل والجاحظ وغيرهم بعضها نقل بحت من
أقوال فلاسفة اليونان، وبعضها يستقى من نبعه ويغترف من معينه بشئ من التحوير والتعديل (3)0 فكثيراً ما تطالعنا فى كتب الفرق أثناء
الحديث عن أحد المعتزلة أو تحليل مبدأ من مبادئهم عبارات تثبت تأثرهم بهذه المصادر الأجنبية مثل : "قد طالع كثيراً من كتب الفلاسفة وخلط
كلامهم بكلام المعتزلة"(1) ومثل : "اقتبس هذا الرأى من الفلاسفة"(2) و"هذا قول أخذوه عن إخوانهم من المتفلسفة"(3) ومثل : "قد أخذ العلاف
عن أرسطو طاليس"(4)0
والمعتزلة حين حاولت فى أول الأمر أن تواجه المتكلمين فى الديانات السالفة للإسلام والمذاهب المنحرفة، استطاعت أن تحقق نتائج طيبة،
ولكنها حين استقلت بنفسها وخرجت عن حدودها لتقيم لنفسها منهجاً عقلانياً خالصاً يستعلى على مفهوم الإسلام الجامع؛ فإنها قد انحرفت
انحرافاً شديداً واخطأت خطأ بالغاً، وكان نتيجة طبيعية لتأثرها بشتى الاتجاهات الموجودة فى عصرها، ثم أثرت هى الأخرى بعد ذلك فى تلك
الاتجاهات الفكرية قديماً(5)، وتأثر بها حديثاً كثير من خصوم الإسلام، وأعداء السنة، حيث وجدوا فى مذهبهم الفكرى عشاً يفرخون فيه
بمفاسدهم وآرائهم، ويطلقون من قنواته دسهم على الإسلام والسنة النبوية المطهرة أ0هـ(6)0
وترجع بداية نشأة المعتزلة كفرقة ذات اتجاه سياسى ومنهج فكرى، إلى ما وقع بين الحسن البصرى(7)، وواصل بن عطاء من خلاف فى حكم
مرتكب الكبيرة، حين سئل الحسن البصرى عن ذلك، فبادر واصل بن عطاء إلى الجواب قبل أن يجيب الحسن البصرى، ومن هنا تطور الأمر إلى
اعتزال واصل ومن معه حلقة الحسن البصرى، فسموا معتزلة، وإلى هذا ذهب أكثر العلماء(1)0
وقد ضعف هذا الرأى الدكتور أحمد أمين، وأياً كانت بداية نشأتهم، فالذى يعنينا ويهمنا هنا فى هذا المقام هو أصول مذهبهم الفكرى، وأثرها
على السنة المطهرة0
وإذا كانت المعتزلة قد تفرقت إلى فرق كثيرة تصل إلى اثنتين وعشرين فرقة واختلفوا فى المبادئ والتعاليم إلى حد تكفير كل فرقة الأخرى، إلا
أنه يجمعهم إطار عام، وهو الاعتقاد بالأصول الخمسة :
1- التوحيد على طريقة الجهمية0
2- العدل على طريقة القدريـة0
3،4،5 - والوعد، والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر على طريقة الخوارج(2)0
ولقد حددها على هذا النحو الخياط(3)، صاحب الانتصار عندما قال : "وليس يستحق أحد منهم اسم الاعتزال حتى يجمع القول بالأصول الخمسة
: التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فإذا كملت فى الإنسان هذه الخصال الخمس؛
فهو معتزلى(4)0
يقول الدكتور محمد عمارة : "وإذا كان هذا التحديد لهذه الأصول الخمسة قد شاع الشيوع الأكبر، وانتشر الانتشار الأعم لدى أهل العدل،
والتوحيد، كما شاع عنهم لدى كتاب المقالات، فإننا نجد الإمام القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل الرسى (ت - 246هـ) وهو معاصر لأبى الهذيل
العلاف يحدد هذه الأصول بأنها :
1- التوحيد، 2- والعدل، 3- والوعد والوعيد، 4- والمنزلة بين المنزلتين، 5- والقرآن الكريم والسنة المطابقة له، 6- وأصل سادس يمكن
أن نسميه العدالة الاجتماعية، والمالية، والاقتصادية0
بينما نجد هذه الأصول عند مفكر آخر هو أحمد بن يحيى بن المرتضى (ت 840هـ) على النحو المشهور عند المعتزلة، وبدلاً من أصل الوعد
والوعيد أصل آخر وهو :
تولى الصحابة والاختلاف فى عثمان t بعد الأحداث والبراءة من معاوية وعمرو بن العاص -رضى الله عنهما-0
يقول الدكتور عمارة : "ومعنى هذا أن خلاف أهل العدل والتوحيد - ولا نقول المعتزلة - حول هذه الأصول، هو أمر غير مستبعد تماماً، وإن
عدتها الأغلبية الساحقة من مفكريهم خمسة، على النحو الذى قدمناه فى أول هذا الحديث، وإذاً فليس خلافهم فقط فى فروع هذه الأصول، كما
يقول البعض، بل وأحياناً فى بعض هذه الأصول(1)0
ومعنى هذه الأصول إجمالاً :
1- التوحيد : وهم يقصدون به البحث حول صفات الله تعالى، وما يجب له، وما يجوز، وما يستحيل، وفى هذا الأصل نفوا أن يكون لله تعالى
صفات أزلية من علم، وقدرة، وحياة، وسمع، وبصر، بل، الله عالم، وقادر، وحى، وسميع، وبصير بذاته، وليست هناك صفات زائدة مع ذاته،
وتأولوا الآيات التى تثبت هذه الصفات، والتى يفهم منها أن له صفات كصفات المخلوقين، ورفضوا الأحاديث التى تثبت هذه الصفات أيضاً،
وحجتهم فى إنكار صفات الله U أن إثباتها يستلزم تعدد القدماء وهو شرك على حد زعمهم0 ولأن إثبات الصفات يوحى بجعل كل صفة إلهاً،
والمخرج من ذلك هو نفى الصفات وإرجاعها إلى ذات البارى تعالى، فيقال عالم بذاته، قادر بذاته إلخ، وبذلك يتحقق التوحيد فى نظرهم،
والمعتزلة فى نفيهم الصفات وتعطيلها وتأويل ما لا يتوافق مع مذهبهم من نصوص الكتاب والسنة وافقوا بذلك الجهمية (المعطلة) ... فهم
الذين أحيوا آرائهم، ونفخوا فى رمادها، وصيروها جمراً من جديد، ومن هنا استحق المعتزلة أن يطلق عليهم جهمية أو معطلة(1)، وبناء على
هذا الأصل أطلق المعتزلة على من عاداهم وخصوصاً أهل السنة أسماء جائرة مثل المشبهة، والحشوية0
وسموا أنفسهم أهل التوحيد، والمنزهون لله، حيث نفوا الصفات عنه(2)0 وسيأتى الرد عليهم فى الباب الثالث0
2- العـدل : وهم يقصدون به البحث فى أفعال الله U التى يصفونها كلها بالحسن، ونفى القبح عنها، بما فيه نفى أعمال العباد القبيحة، وتحت
ستار العدل؛ نفوا القدر، وأسندوا أفعال العباد إلى قدرتهم وأنهم الخالقون لها مع أنهم يؤمنون بأن الله تعالى عالم بكل ما يعمله العباد، وأنه
تعالى هو الذى أعطاهم القدرة على الفعل أو الترك(3)0
والمعتزلة لنفيهم القدر يلقبون؛ بالقدرية لموافقتهم للقدرية فى إنكار القدر، وهم يسمون أيضاً؛ بالثنوية، والمجوسية؛ لقولهم إن الخير من الله،
والشر من العبد، فوافقوا بذلك الثنوية، والمجوسية الذين يقررون وجود إلهين أحدهما للخير، والآخر للشر، وهم لا يرضون بهذه الأسماء
السابقة من القدرية، والثنوية، والمجوسية، ويرضون باسم أهل العدل لنفيهم القدر، ولأن أهل السنة يثبتون القدر لله U ويؤمنون به خيره
وشره، حلوه ومره، فهم يطلقون عليهم القدرية المجبرة(4)0
وبناء على هذا الأصل (العدل) الذى يعنى نفى القدر؛ تأولوا الآيات التى تفيد إثبات القدر لله U كقوله تعالى : {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ}(5)0
وقوله تعالى : {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ}(6)0 وقوله تعالى : {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}(1)0
ووقفوا من أحاديث القدر موقف الإنكار؛ فردوا الأحاديث الصحيحة التى تثبت القدر، وسيأتى تفصيل ذلك، والرد عليه فى الباب الثالث0
3- الوعد والوعيد : وهم يقصدون به أن الله وعد المطيعين بالثواب وتوعد العصاة بالعقاب فيجب على الله - تعالى الله عن ذلك - أن ينفذ
وعده ووعيده؛ بأن يعطى العبد أجر ما كلفه به من طاعات استحقاقاً منه على الله مقابل وعد الله له إذا التزم العبد بجميع التكاليف التى اختارها
الله وكلف بها عباده، وكذلك يجب على الله أن ينفذ وعيده فيمن عصاه، ويلزم على هذا الأصل أن الله U لا يعفو عمن يشاء، ولا يغفر لمن
يريد؛ لأن ذلك يكون بخلف الوعيد والكذب، والله U لا يجوز عليه الخلف والكذب، وبمقتضى هذا الأصل فإن أصحاب الكبائر من عصاه المؤمنين
إذا ماتوا من غير توبه؛ فإنهم يستحقون بمقتضى الوعيد من الله النار خالدين فيها إلا أن عقابهم يكون أخف من عقاب الكفار(2)0
وبناء على هذا الأصل تأولوا الآيات التى تفيد بأن الله U يعفو عمن يشاء ويعذب من يشاء؛ كقوله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ
مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}(3)0 وقوله تعالى : {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ
هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}(4)0
واستدلوا بالآيات الواردة فى نفى الشفاعة عن غير المؤمنين الفائزين؛ كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لاَ تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا
شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ}(5) وكذا قوله تعالى {مَـا للظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ}(6) إلى غير ذلك من الآيات
الواردة بهذا المعنى0
وبناءً على هذا الأصل أيضاً ردوا الأحاديث الواردة فى شفاعة عصاة المؤمنين من أهل الكبائر، والأحاديث التى تفيد أنهم تحت المشيئة إن شاء
الله عذبهم، وإن شاء غفر لهم0 وسيأتى تفصيل ذلك والرد عليه فى الباب الثالث0
4- المنزلة بين المنزلتين : وهم يقصدون بها أن مرتكب الكبيرة يخرج من الإيمان،ولا يدخل فى الكفر؛ فهو ليس بمؤمن ولا كافر، لكنه فى
منزلة بينهما فاسق، والفاسق يستحق النار والمعتزلة بقولهم بهذا الأصل وافقوا الخوارج؛ لأن الخوارج لما رأوا لأهل الذنوب الخلود فى النار
سموهم كفرة، وحاربوهم، والمعتزلة رأت لهم الخلود فى النار، ولم تجسر على تسميتهم كفرة ولا جسرت على قتال أهل فرقة منهم، فضلاً عن
قتال جمهور مخالفيهم، ولهذا قيل للمعتزلة : إنهم مخانيث الخوارج(1)0
ويعد هذا الأصل الرابع هو نقطة البدء فى تاريخ المعتزلة كما سبق فى نشأتهم0
وكان لهذا الأصل أثره السئ فى موقف المعتزلة من صحابة رسول الله e، وخصوصاً أصحاب الجمل، وصفين من الفريقين؛ على، ومعاوية -
رضى الله عن الجميع - كما سيأتى0
5- الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر : هذا الأصل توافق فيه أهل السنة والمعتزلة، واتفقوا على أنه من الواجبات على الكفاية، وهو ما
قرره المولى U فى كتابه العزيز {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(2)0 إلا أنه
وقع خلاف بين أهل السنة والمعتزلة فيما يلى :
أ- حملهم الناس على المعروف والمنكر فى مذهبهم وإلزامهم به، ويبدوا هذا واضحاً فى محنة خلق القرآن0
ب- طريقة تغيير المنكر؛ ساروا فيها عكس الحديث الوارد عن النبى e، فى بيان موقف المسلم من المنكر إذا رآه وهو قوله e : "من رأى
منكم منكراً؛ فليغيره بيده، فإن لم يستطع؛ فبلسانه، فإن لم يستطع؛ فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"(3) بينما تغيير المنكر عندهم يبدأ بالحسنى، ثم
باللسان، ثم باليد، ثم بالسيف على عكس ما يرشد إليه الحديث، ويذهب إليه أهل الحق0
ج- حمل السلاح فى وجوه المخالفين لهم سواء كانوا من الكفار أو من أصحاب المعاصى من أهل القبلة0
د- أوجبوا الخروج على السلطان الجائر، وهم فى كل ذلك متأثرون بتنطع الخوارج(1)0 وخلاصة هذا الأصل عندهم أنهم قالوا : "علينا أن نأمر
غيرنا بما أمرنا به، وأن نلزمه بما يلزمنا(2)0
ومن فوارق الأصول عند المعتزلة ما ذهب إليه الإمام القاسم الرسى : "أن القرآن الكريم فصل محكم، وصراط مستقيم، ولا خلاف فيه ولا
اختلاف، وأن سنة رسول الله e ما كان لها ذكر فى القرآن ومعنى(3)0
وفى هذا الأصل الخامس بيان لموقفهم السئ من سنة المعصوم e ، فهم لا يأخذون إلا بالسنة الموافقة للقرآن فقط، ولا يأخذون بالسنة
المستقلة، وهذا الموقف له أثره السئ حيث اتخذوه منهجاً خاصاً بهم حكموا من خلاله على سنة النبى e ، وهو عرض الحديث على القرآن
الكريم، فما خالفه ولو مخالفة ظاهرية يمكن الجمع بينهما ردوه حتى ولو كان فى أعلى درجات الصحة0
ومن فوارق الأصول عند المعتزلة أيضاً ما ذهب إليه أحمد بن يحيى المرتضى؛ تولى الصحابة، والاختلاف فى سيدنا عثمان t بعد الأحداث،
والبراءة من معاوية وعمرو بن العاص - رضى الله عنهما-0
فاتفق المعتزلة على صحة خلافة أبى بكر، حتى من قال منهم بأفضلية علىِّ على أبى بكر - رضى الله عنهما - حيث أنهم رأوا علياً بايع أبا
بكر غير مكره، فلابد أن تكون بيعته صحيحة، فإذا وصلنا إلى سيدنا عثمان t، نرى الخياط المعتزلى يقول : إن واصل بن عطاء وقف فى
عثمان وفى خاذليه وقاتليه وترك البراءة من واحد منهم؛ لأنه أشكل عليه الأمر بين حالته المحمودة قبل أحداث السنين الست الأواخر وبعدها،
فتعارضت عنده الأدلة، فترك أمره لله(1) ومثل ذلك قول أبو الهذيل العلاف(2) قال : "لا ندرى أقتل عثمان ظالماً أو مظلوماً"(3)0
فإذا انتقلنا بعد ذلك إلى الحروب التى كانت مع على ومعاوية -رضى الله عنهما، رأينا أن واصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد، وجعفر بن مبشر،
يؤيدون وجهة نظر علىَّ بن أبى طالب ويتبرأون من معاوية وعمرو بن العاص ومن كان فى شقهما"(4)0
بل إن البلخى(5) وهو أحد شيوخ المعتزلة رمى عمرو بن العاص ومعاوية - رضى الله عنهما - بالإلحاد(6) ونعوذ بالله U من الخذلان0
وهكذا كان المعتزلة فى أصولهم مخالفين لأهل السنة فى مفهوم الإسلام الجامع، وكان لهذه الأصول الأثر السئ على الإسلام "قرآناً وسنة"
وعلى المسلمين0
موقف المعتزلة من السنة المطهرة :
لما كان المعتزلة لا يؤمنون إلا بما يتفق مع عقولهم وأصولهم الخمسة، وكان هناك من الأحاديث النبوية ما يهدم مذهبهم ويناقض أدلتهم، كان
موقفهم من السنة غاية فى الخطورة، ولا نكاد نكون مبالغين إذا قلنا : بأنهم كادوا يهدمون المصدر الثانى للتشريع الإسلامى، فهم تناقضوا فى
موقفهم من السنة ونشأ التناقض بتشبثهم بالعقل إلى ما يشبه تقديسه وتأليهه، ورفض ما يتعارض معه أو تأويله بما لا يخالف رأيهم، ولذلك
وقعوا فى كثير من الهنات والتناقضات دفعتهم إليها نزعتهم العقلية0
موقفهم من الخبر المتواتر :
درج المعتزلة على مخالفة إجماع الأمة على إفادة المتواتر القطع0 فذهب بعضهم إلى إنكار حجية المتواتر وإفادته العلم، وتجويز وقوعه كذباً،
وحكى الإمام أبو منصور البغدادى ذلك عن "النظامية"، وهم فرقة من المعتزلة فقال فى الفضيحة السادسة عشرة من فضائح النَّظَّام(1) : قوله
بأن الخبر المتواتر مع خروج ناقليه عند سماع الخبر عن الحصر، ومع اختلاف همم الناقلين واختلاف دواعيها يجوز أن يقع كذباً، هذا مع قوله
بأن من أخبار الآحاد ما يوجب العلم الضرورى0 وقد كفره أصحابنا مع موافقيه فى الاعتزال فى هذا المذهب الذى صار إليه(2)0
ثم قال فى الفضيحة السابعة عشرة من فضائحه : "تجويزه إجماع الأمة فى كل عصر، وفى جميع الأعصار على الخطأ من جهة الرأى
والاستدلال، ويلزمه على هذا الأصل أن لا يقف بشئ مما اجتمعت الأمة عليه، لجواز خطئهم فيه عنده، وإذا كانت أحكام الشريعة منها ما أخذه
المسلمون عن خبر متواتر، ومنها ما أخذوه عن أخبار الآحاد، ومنها ما أجمعوا عليه وأخذوه عن اجتهاد وقياس، وكان النظام دافعاً لحجة
التواتر، ولحجة الإجماع، وقد أبطل القياس وخبر الواحد إذا لم يوجد العلم الضرورى، فكأنه أراد إبطال أحكام فروع الشريعة لأبطاله طرقها أ0
هـ(3)0
والمعتزلة : هم أول الفرق التى اشترطت فى قبول الأخبار العدد كما فى الشهادة، وما أرادوا بذلك الشرط إلا تعطيل الأخبار والأحكام الواردة
فيها0
وفى ذلك يقول الإمام الحازمى(4) : "ولا أعلم أحداً من فرق الإسلام القائلين بقبول خبر الواحد اعتبر العدد سوى متأخرى المعتزلة؛ فإنهم قاسوا
الرواية على الشهادة، واعتبروا فى الرواية ما اعتبروا فى الشهادة، وما مغزى هؤلاء إلا تعطيل الأحكام كما قال أبو حاتم ابن حبان(1)0
وها هم رؤساء المعتزلة يصرحون باشتراط العدد ويتناقضون فى نسبته0
فيحكى الإمام أبو منصور البغدادى عن الهذيلية وهم فرقة من المعتزلة فقال فى الفضيحة السادسة من فضائح أبى الهذيل قوله : إن الحجة من
طريق الأخبار فيما غاب عن الحواس من آيات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وفيما سواها، لا تثبت بأقل من عشرين نفساً فيهم واحد من أهل
الجنة أو أكثر، ولم يوجب بأخبار الكفرة والفسقه حجة وإن بلغوا عدد التواتر الذين لا يمكن تواطؤهم على الكذب إذا لم يكن فيهم واحد من أهل
الجنة، وزعم أن خبر ما دون الأربعة لا يوجب حكماً، ومن فوق الأربعة إلى العشرين قد يصح وقوع العلم بخبرهم، وقد لا يقع العلم بخبرهم،
وخبر العشرين إذا كان فيهم واحد من أهل الجنة يجب وقوع العلم منه لا محالة، واستدل على أن العشرين حجة بقول الله تعالى : {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ
عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}(2)0 وقال : لم يبح لهم قتالهم إلا وهم عليهم حجة، وهذا يوجب عليه أن يكون خبر الواحد حجة موجبة
للعلم؛ لأن الواحد فى ذلك الوقت كان له قتال العشرة من المشركين، فيكون جواز قتاله لهم دليلاً على كونه حجة عليهم0
قال الإمام عبد القادر البغدادى : ما أراد أبو الهذيل باعتبار عشرين فى الحجة من جهة الخبر إذا كان فيهم واحد من أهل الجنة إلا تعطيل الأخبار
الواردة فى الأحكام الشرعية عن فوائدها لأنه أراد بقوله : "ينبغى أن يكون فيهم واحد من أهل الجنة، واحداً يكون على بدعته فى الاعتزال
والقدر وفى فناء مقدورات الله U لأن من لم يقل بذلك لا يكون عنده مؤمناً ولا من أهل الجنة، ولم يقل قبل أبى الهذيل أحد ببدعة أبى الهذيل
حتى تكون روايته فى جملة العشرين على شرطه(3)0
ونقل الإمام الآمدى فى الإحكام : اتفاق الجمهور من الفقهاء، والمتكلمين من الأشاعرة والمعتزلة على أن العلم الحاصل عن خبر التواتر
ضرورى0وقال الكعبى(1) وأبو الحسين البصرى(2) من المعتزلة، والدقاق(3) من أصحاب الشافعى؛ أنه نظرى(4)0 ثم اختلف هؤلاء فى أقل
عدد يحصل معه العلم(5)0
ويحكى الإمام ابن حزم مثل ما حكاه الحافظ الحازمى : من أن المعتزلة : هم أول من اشترطوا العدد فى قبول الأخبار، فخالفوا بذلك جميع أهل
الإسلام فقال : "إن جميع أهل الإسلام كانوا على قبول خبر الواحد الثقة على النبى e يجرى على ذلك كل فرقة فى علمها كأهل السنة،
والخوارج، والشيعة، والقدرية حتى حدث متكلموا المعتزلة بعد المائة من التاريخ فخالفوا الإجماع بذلك، ولقد كان عمرو بن عبيد يتدين بما
يروى عن أبى الحسين البصرى من المعتزلة ويفتى به، هذا أمر لا يجهله من له أقل علم(6)0
وإذا كان الحازمى حكى فى شروط الأئمة الخمسة عن بعض متأخرى المعتزلة اشتراط العدد فى الرواية كما فى الشهادة، وحكى ذلك أيضاً عن
بعض أصحاب الحديث كما حكاه السيوطى(7)0
فقد أجاب شيخ الإسلام ابن حجر t عن حكاية ذلك الشرط عن بعض أصحاب الحديث بقوله :
"وقد فهم بعضهم ذلك من خلال كلام الحاكم(1) فى معرفة علوم الحديث، وفى المدخل إلى الأكليل عند كلامه فى شرط البخارى ومسلم، وبذلك
جزم ابن الأثير(2) فى مقدمة جامع الأصول وغيره، ولا حجة لهم فيما فهموه، ومنقوض بما فى الصحيحين من الغرائب الصحيحة التى تفرد بها
بعض الرواة"(3)0
يقول الحافظ ابن حجر : وقد وهم بعضهم حيث نسب إلى الحاكم أنه ادعى أن شرط الشيخين رواية الاثنين، ولكنه غلط على الحاكم (4)0
موقفهـم من خبـر الآحاد :
وتناقض المعتزلة فى حجية خبر الآحاد، فحكى الآمدى(5) عن أبى الحسين البصرى جواز التعبد بخبر الواحد عقلاً(6)، وحكى الإمام الجوينى(7)
عن قوم من المعتزلة، والرافضة قالوا : [لا يجوز العمل به شرعاً] (1)0 ونقل الأستاذ أبو منصور البغدادى عن الخياط المعتزلى، أنه مع
ضلالته فى القدر، وفى المعدومات؛ منكر الحجة فى أخبار الآحاد، قال الأستاذ أبو منصور، وما أراد بإنكاره إلا إنكار أكثر أحكام الشريعة، فإن
أكثر فروض الفقه مبنية على أخبار من أخبار الآحاد(2)0
تناقض المعتزلة فى العدد المطلوب لقبول خبر الآحاد :
ومن قبل خبر الآحاد من المعتزلة تناقض فى العدد المطلوب لقبوله، وذهب إلى عدم الاحتجاج به فى الأعمال إلا بشروط :
فأما تناقضهم فى العدد المطلوب لقبوله0 فحكى عن أبى على الجبائى "أنه لا يقبل الخبر إلا إذا رواه أربعة"(3)0 وحكى عنه أيضاً قوله : "لا
يقبل فى الشرعيات أقل من اثنين"(4)، ونقل عنه أيضاً قوله : "يعتبر عدد يزيد عن شهود الزنا"(5)0
واشترط رجلين عن رجلين "إسماعيل بن إبراهيم بن عليه"(6) وهو من الفقهاء المحدثين، إلا إنه مهجور القول عند الأئمة لميله إلى الاعتزال،
وقد كان الإمام الشافعى يرد عليه ويحذر منه0
ونقل الأستاذ أبو منصور البغدادى : "أن بعضهم اشترط فى قبول الخبر : أن يرويه ثلاثة عن ثلاثة إلى منتهاه، واشترط بعضهم أربعة عن أربعة
إلى منتهاه، وبعضهم خمسة عن خمسة إلى منتهاه، وبعضهم سبعة عن سبعة"(7)0

أما من ذهب إلى عدم الاحتجاج به فى الأعمال إلا بشروط؛ فاشترط :
1- ألا يخالف ظاهر القرآن الكريم، وهو أحد أصولهم كما سبق، فإذا ورد الحديث مخالفاً لظاهر القرآن الكريم؛ كان دليلاً على عدم صحته حتى
مع إمكان الجمع بين هذا التعارض الظاهرى، وهذا الشرط أصل من أصول أهل الزيغ والابتداع من الخوارج والجهـمية والجبرية والمعتزلة
كما حكاه عنهم الأئمة : ابن قيم الجوزية(1)، والشاطبى(2)، وابن قتيبة(3) وغيرهم0
2- كما اشترط بعضهم ألا يخالف خبر الآحاد العقل: قال أبو الحسين: لم يقبل ظاهر الخبر فى مخالفة مقتضى العقل، لأنا قد علمنا بالعقل على
الإطلاق أن الله U لا يكلف إلا ما يطاق وأن ذلك قبيح، فلو قبلنا الخبر فى خلافه، لم يخل، إما أن نعتقد صدق النبى e فى ذلك فيجتمع لنا صدق
النقيضين، أو لا نصدقه فنعدل عن مدلول المعجز وذلك محال(4)0
3- كما ذهب فريق الاعتزال إلى أن خبر الآحاد لا يقبل فيما طريقه الاعتقاد؛ لأن الاعتقاد إنما ينبنى على اليقين لا الظن، وخبر الآحاد إنما يفيد
الظن(5)، وأما اليقين فإنما يؤخذ من حجج العقول؛ كما قال الجاحظ(6) : وما الحكم القاطع إلا للذهن، وما الاستبانة الصحيحة إلا للعقل(7)0
وقال : والاستنباط هو الذى يفضى بصاحبه إلى برد اليقين، وعز الثقة، والقضية الصحيحة، والحكم المحمود (8)0
وقال القاضى عبد الجبار(1) : وإن كان - أى خبر الآحاد - مما طريقه الاعتقادات ينظر، فإن كان موافقاً لحجج العقول قبل واعتقد بموجبه، لا
لمكانة بل للحجة العقلية، وإن لم يكن موافقاً لها، فإن الواجب أن يرد ويحكم بأن النبى e لم يقله، وإن قاله فإنما قاله على طريق الحكاية عن
غيره، هذا إذا لم يحتمل التأويل إلا بتعسف، فأما إذا احتمله فالواجب أن يتأول (2)0
بل زعموا أن من أخبار الآحاد ما يعلم أنه بروايته ارتكب عظيماً، مما روى فى باب التشبيه والجبر وغيرها من ضروب الخطأ، ولولا الدلالة
على وجوب العمل به على بعض الوجوه لم يكن فى نقله فائدة(3)0 وسيأتى الجواب عن هذه الشروط فى الرد على شبه منكرى حجية خبر
الآحاد0
موقف المعتزلة من الصحابة وأثر ذلك على السنة النبوية :
موقف المعتزلة من الصحابة y، لا يقل سوءً وخطراً من موقف الشيعة من الصحابة وأول ما يطالعنا من موقفهم من الصحابة أحد أصولهم
الواردة على لسان أحمد بن يحيى بن المرتضى، وهو تولى الصحابة، والاختلاف فى عثمان بعد الأحداث، والبراءة من معاوية وعمرو بن
العاص0 وهذا الأصل كما سبق هو أحد الفوارق فى الأصول عندهم فهم وإن صححوا خلافة أبى بكر الصديق t حتى من قال منهم بأفضلية على
بن أبى طالب إلا أننا نجد النظام يتطاول عليه، وعلى كثير من أعلام الصحابة كالفاروق عمر، وعثمان، وعلى، وابن مسعود، وأبى هريرة
وغيرهم0 فلا ندرى ماذا يعنون بتولى الصحابة قبل اختلافهم فى سيدنا عثمان t0
حتى إذا كانت فتنة سيدنا عثمان t رأيناهم يشكون فى عدالته، فيعلنون التوقف فيه وفى خاذلية وقاتليه وترك البراءة من واحد منهم، لأنهم
أشكل عليهم الأمر فى حاله t قبل الفتنة وبعدها، فتركوا أمره لله I0
وهذا التوقف والشك فى عدالة أمير المؤمنين، حكاه كما سبق الخياط عن واصل بن عطــاء، وقال الخيـاط : هذا قول لا تبرأ المعتزلة
منه، ولا تعتذر من القول به(1)0
حتى إذا كانت فتنة على بن أبى طالب ومعاوية - رضى الله عنهما - رأيناهم ما بين موقن بفسق إحدى الطائفتين لا بعينها، وما بين موقن
بفسقهما معاً، وأعلنوا البراءة من معاوية، وعمرو بن العاص ومن كان فى شقهما(2)، بل إن البلخى وهو أحد شيوخ المعتزلة تجرأ برميهما
- رضى الله عنهما - بالإلحاد، كما سبق(3)0
حكى الإمام عبد القادر البغدادى فى كتابه (الفرق بين الفرق) عن شيخ المعتزلة واصل ابن عطاء زعمه أن فرقة من الفرقتين (أصحاب الجمل
وصفين) فسقه لا بأعيانهم، وأنه لا يعرف الفسقة منهما، وأجازا أن يكون الفسقة من الفرقتين علياً وأتباعه، كالحسن، والحسين، وابن عباس،
وعمار بن ياسر، وأبى أيوب الأنصارى، وسائر من كان مع على يوم الجمل، وأجازا كون الفسقة من الفرقتين عائشة، وطلحة، والزبير، وسائر
أصحاب الجمل، ثم قال فى تحقيق فى الفرقتين لو شهد على، وطلحة، أو على، والزبير، أو رجل من أصحاب الجمل عندى على باقة بقل لم أحكم
بشهادتهما، لعلمى بأن أحدهما فاسق لا بعينه، كما لا أحكم بشهادة المتلاعنين لعلمى بأن أحدهما فاسق لا بعينه، ولو شهد رجلان من إحدى
الفرقتين أيهما كان قبلت شهادتهما0
يقول الإمام البغدادى : "ولقد سخنت عيون الرافضة القائلين بالاعتزال بشك شيخ المعتزلة فى عدالة على واتباعه، ومقالة واصل فى الجملة كما
قلنا فى بعض أشعارنا :
مقالة ما وصلـت بواصـل *** بـل قطـع الله به أوصالها(4)
وإذا كان واصل بن عطاء أيقن بفسق إحدى الفرقتين لا بعينها، فقد أيقن بفسقهما معاً وصرح بذلك عمرو بن عبيد كما حكاه عنه البغدادى(1)0
وعن طعن المعتزلة فى الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - قال الإمام البغدادى فى الفضيحة الحادية والعشرون من فضائح النظام : "ثم
إن النظام - مع ضلالاته التى حكيناها عنه - طعن فى أخيار الصحابة والتابعين من أجل فتاويهم بالاجتهاد، فذكر الجاحظ عنه فى كتاب (
المعارف) وفى كتابه المعروف بـ (الفتيا) أنه عاب أصحاب الحديث ورواياتهم أحاديث أبى هريرة t، وزعم أن أبا هريرة كان أكذب الناس،
وطعن فى الفاروق عمر t وزعم أنه شك يوم الحديبية فى دينه، وشك يوم وفاة النبى e، وأنه كان فيمن نفر بالنبى e ليلة العقبة، وأنه ضرب
فاطمة، ومنع ميراث العترة، وأنكر تغريب نصر بن الحجاج من المدينة إلى البصرة، وزعم أنه ابتدع صلاة التراويح، ونهى عن متعة الحج،
وحرم نكاح الموالى للعربيات ...إلخ0
ثم إنه قال فى كتابه : [إن الذين حكموا بالرأى من الصحابة، إما أن يكونوا قد ظنوا أن ذلك جائز لهم، وجهلوا تحريم الحكم بالرأى
فى الفتيا عليهم، وإما أنهم أرادوا أن يذكروا بالخلاف، وأن يكونوا رؤساء فى المذاهب، فاختاروا لذلك القول بالرأى، فنسبهم إلى إ يثار الهوى
على الدين، وما للصحابة y عند هذا الملحد الفرى ذنب غير أنهم كانوا موحدين لا يقولون بكفر القدرية الذين ادعوا مع الله تعالى خالقين
كثيرين](2)0
وقد ذكر الإمام البغدادى بعد ذلك: "أن نسبة النظام الصحابة إلى الجهل والنفاق يترتب عليه خلود أعلام الصحابة فى النار على رأى النظام، لأن
الجاهل بأحكام الدين عنده كافر، والمتعمد للخلاف بلا حجة عنده منافق كافر أو فاسق فاجر، وكلاهما من أهل النار على الخلود(3)0
وهذا الذى ذكره الإمام البغدادى وافقه على أكثر ما فيه الإمام الشهرستانى(4) فى كتابه (الملل والنحل) والإمام ابن قتيبة(1) فى كتابه (تأويل
مختلف الحديث) وقد أغنانا فى الرد على النظام ومن ذهب مذهبه وعلى كل دعاويه واتهاماته الباطلة لصحابة سيدنا رسول الله y بما لا يدع
مجالاً للشك فى تهافت فكرهم وتفاهة رأيهم، وتحقيراً لشأنهم، الإمام ابن قتيبة(2)0
وهكذا يظهر واضحاً أن المعتزلة ما بين شاك فى عدالة الصحابة، منذ عهد فتنة سيدنا عثمان t وما بين موقن بفسق إحدى الطائفتين لا بعينها،
وما بين موقن بفسقهما معاً، وما بين طاعن فى أعلامهم، متهم لهم بالكذب والجهل والكفر والنفاق كالنظام0 مع أن رؤساءهم وخاصة الذين
طعنوا منهم فى الصحابة - كانوا من الرقة فى الدين بحيث يصف أحدهم وهو ثمامة بن أشرس - جمهور المسارعين إلى الصلاة بأنهم "حمير"
: وكانوا من الشعوبية والكره للعرب بحيث يقول ثمامة نفسه : "انظر إلى هذا العربى يعنى محمد e ماذا فعل بالناس؟ فماذا ننتظر من هذا
الشعوبى الماجن أن يقول عن صحابة رسول الله y؟ وماذا ننتظر أن يكون رأيه فى السنة التى حققها أئمة الحديث ومحققوهم(3)؟
ولا يقف قدح المعتزلة عند الصحابة فقط، بل يمتد إلى القدح فى التابعين y وفيمن اتفق الأئمة من المحدثين على عدالتهم وإمامتهم0 وربما
ردوا فتاويهم وقبحوها فى أسماع العامة لينفروا الأمة عن إتباع السنة وأهلها(4) وسيأتى تفصيل ذلك والجواب عنه فى مبحث عدالة أهل
السنة0
وبعــد
فإن أصول المعتزلة على اختلافها كان لها أسوء الأثر على الإسلام ورواته حيث وقف المعتزلة بأصولهم من الوحى قرأناً وسنة، ومن الصحابة
موقف التحدى، فإذا بدا خلاف فى ظاهر النصوص وبين أصولهم أو رأى لا يرونه أولوا النص بما يخرج عن معناه الحقيقى إلى ما يوافق
رأيهم(1) 0
وعن خطورة تأويلهم آيات القرآن الكريم بما يوافق أصولهم يقول الإمام الأشعرى: إن كثيراً من الزائغين عن الحق من المعتزلة، وأهل القدر،
مالت بهم أهواؤهم إلى تقليد رؤسائهم، ومن مضى من أسلافهم، فتأولوا القرآن على آرائهم تأويلاً لم ينزل به الله سلطاناً، ولا يصح به
برهاناً، ولا نقلوه عن رسول رب العالمين، ولا عن السلف المتقدمين(2)0
ويقول فضيلة الدكتور أبو شهبة - رحمه الله - : المعتزلة من أعظم الناس كلاماً وجدالاً، وقد صنفوا تفاسيرهم على أصول مذهبهم، مثل تفسير
عبد الرحمن بن كيسان الأصم، شيخ إسماعيل بن عليه، الذى كان يناظر الشافعى، ومثل كتاب أبى على الجبائى، والتفسير الكبير للقاضى عبد
الجبار بن أحمد الهمدانى والكشاف لأبى القاسم الزمخشرى0 والمقصود : أن مثل هؤلاء اعتقدوا رأياً، ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه، وليس لهم
سلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا من أئمة المسلمين فى رأيهم، ولا فى تفسيرهم، وما من تفسير من تفاسيرهم الباطلة إلا
وبطلانه يظهر من وجوه كثيرة، وذلك من جهتين : تارة من العلم بفساد قولهم، وتارةً من العلم بفساد ما فسروا به القرآن ...، ومن هؤلاء
من يكون حسن العبارة فصيحاً، ويدس السم فى كلامه، وأكثر الناس لا يعلمون، كصاحب الكشاف ونحوه، حتى أنه يروج على خلق كثير من
أهل السلف، كثير من تفاسيرهم الباطلة] أ0هـ(3)0
ولا يقف خطر أصولهم عند تأويلهم القرآن الكريم مما لم ينزل به الله سلطاناً، وإنما كان لهذه الأصول خطرها الأعظم على السنة المطهرة، فما
تعارض من الأحاديث الصحيحة مع هذه الأصول، إما يؤولونه تأويلاً يشبه الرد، وإما يصرحون بالرد بحجة أن الخبر آحاد، والآحاد لا يحتج بها
فى العقائد(1)، وهم فى كل ذلك يتطاولون على رواة السنة ويطعنون فيهم سواء من صحابة رسول الله y أو من التابعين، فمن بعدهم من أئمة
المسلمين0
وفى مواقف المعتزلة من الكتاب والسنة والصحابة، وجد أعداء الإسلام وأعداء السنة المطهرة، ثغرات يلجون منها فى الكيد لدين الله U -
قرآناً وسنة - بما وجدوه من ثروة طائلة من السخافات والمثالب، فصوروا الإسلام فى صورة الخرافات، وطعنوا بدورهم فى أئمة المسلمين
وتاريخهم وحضارتهم المجيدة، وقد اغتر بهم الجهلة فى عصرنا الحاضر ونسجوا على منوال أساتذتهم، ورموا علماء المسلمين فى كل عصر
بكل نقيصة وبهتان، والله يشهد إنهم لكاذبون(2)0
فالمستشرقون، ودعاة التغريب، واللادينية، وهم يهاجمون السنة اليوم، ويثيرون حولها الشبهات اهتموا بالاعتزال والمعتزلة، لأنهم وجدوا فيهم
منهجاً له أثره فى إفساد الفكر الإسلامى على العموم، وإبطال حجية السنة وتعطيلها على الخصوص، ويبدوا هذا واضحاً فى إحيائهم للفكر
الاعتزالى والثناء عليه، ووصفهم للمعتزلة بأنهم أغارقة الإسلام الحقيقيون، أو وصفهم بالمعتزلة العظام، أو المفكرون الأحرار فى
الإسلام(3)0
يقول الدكتور أحمد أمين : وفى رأيى أن من أكبر مصائب المسلمين موت المعتزلة، وعلى أنفسهم جنوا (4)0
ومن هنا ندرك خطورة تأثر بعض علماء المسلمين الأجلاء من رواد المدرسة العقلية الحديثة بالفكر الاعتزالى ومنهجه فى تعامله مع
النصوص قرآناً(5)، وسنة(6)، واستغل ذلك التأثر بعض أعداء الإسلام، وأعداء السنة المطهرة، فى دعوتهم الباطلة، وصبغها صبغة شرعية
وذلك بالاستشهاد بأقوال رواد تلك المدرسة، والزعم بأن منهجهم العقلى المعتزلى، هو المنهج الحق، وربما ادعوا بأنه منهج سلفنا
الصالح(1)0


















المبحـث الخامـس
مـن الفـرق إلـى السنـة الجامعـة

تحت هذا العنوان قال الأستاذ أنور الجندى : "منذ اليوم الأول لظهور حركة "المؤامرة على الإسلام فى القرن الأول للهجرة قامت المواجهة
الصادقة والمعارضة الصريحة على يد أهل السنة والجماعة كما قال محمد بن سيرين(1) - رحمه الله - : "لم يكونوا يسألون عن الإسناد،
فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم"(2)0 ومنذ ذلك اليوم
وكانت المواجهة بين أهل السنة وأهل البدع والأهواء، واستطاعت السنة كشف زيفهم ونقص شبهاتهم وبينت بالدليل أنها حركة معادية لها
تلتمس فى محيط المجتمع الإسلامى خيوطاً لتدميرها كمقدمة لتدمير النظام الإسلامى نفسه، كما بينت السنة الصلة الوثيقة بين أهل البدع
وأعداء الإسلام من اليهودية، والنصرانية، والمجوسية وغيرهم ممن تطلعوا إلى هدم الإسلام عن طريق فكره بعد أن عجزوا عن هدمه عن
طريق دولته0
أولاً : أنكرت السنة التشبيه والتعطيل وكشفت عن أن المشبهة وثنية والمعطلين ملحدون وتعقبت فى نفس الوقت الملحدين والوثنيين وكشفت
عنهم0
ثانياً : عارضت السنة إخضاع الإسلام للجدل العقلى ودعت إلى التماس المعين الأول والمنبع الأصيل "القرآن والسنة"0
ثالثاً : كشفت السنة عن فساد إلهيات أرسطو؛ لأن مقدماتها ونتائجها معارضة أشد المعارضة لمفهوم التوحيد الخالص، وأبانت أن العقائد
مرجعها إلى الكتاب والسنة0
رابعاً : استوعبت السنة كل المطامح والآمال التى كانت الفرق المختلفة تنادى بها فجعلت محبة أهل البيت جزءاً من عقيدتها وجعلت العقلانية
التى رفعت لواءها المعتزلة شطر المعرفة، وجعلت الوجدانية التى حمل لواءها التصوف شطر المعرفة الأخرى وجعلت اختيار الحاكم على
أساس الشورى وليس على أساس النسب أساساً من أسس مفهومها0
خامساً : قاومت السنة الاتجاه الزائف نحو القول بوحدة الوجود أو الحلول أو الاتحاد كما قاومت انحرافات الخوارج والشيعة والمعتزلة
والمتكلمين والفلاسفة والصوفية فالتقت كل هذه القطاعات فى مفهوم جامع0
سادساً : كشفت السنة عن أن الفكر الفلسفى لتلك الفرق لا يمكن أن يكون أساساً للفكر الإسلامى، ذلك أن هناك مجموعة من الحقائق الأولية
لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق الوحى والنبوة، وبينت أن الفلسفة ليست قرينة الوحى ولا مناظرة له فهى لا تزيد عن كونها استخداماً
للعقل، وهى فى أحسن صورها تعمل على أن تعصم الذهن من الخطأ فى الاستنباط والبرهان0
سابعاً : أصبحت السنة هى البوتقة التى انصهرت فيها كل الثقافات فهى بمثابة النهر الكبير والمذاهب والفرق روافد، وخير ما فى هذه الروافد
انصهر فى مفهوم جامع للأصالة الإسلامية وصب فى النهر الكبير، وكان أبلغ ما وصلت إليه هذه الغاية هو قول الإمام الغزالى : إن أساليب
القرآن أرجح فى سلامة العقيدة والتزام صفاء الفطرة من جملة أساليب اليونان، والصوفية وفى بوتقة السنة أصبح العقل فى خدمة الوحى يسير
فى ضوئه، وأباح فقهاء المسلمين قدراً كبيراً من التأويل والاختلاف فى الفروع دون أن يتجاوزوا وجه الانحرافات الهدامة ... إلخ0
ووصل كثير من مفكرى الإسلام إلى نفس النتيجة التى وصل إليها الإمام الغزالى، حتى قال إمام الحرمين : "لو استقبلت من أمرى ما استدبرت
ما اشتغلت بالكلام"(1) وقال: "يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام فلو عرفت أنه يبلغ بى ما بلغ ما اشتغلت به"(2) وأخرج الخطيب عن الوليد
الكرابيسى(3) أنه لم حضرته الوفاة قال لبنيه : تعلمون أحداً أعلم بالكلام منى؟ قالوا: لا قال : فتتهمونى؟ قالوا : لا قال : فإنى أوصيكم،
أتقبلون؟ قالوا : نعم، قال : عليكم بما عليه أصحاب الحديث فإنى رأيت الحق معهم"(1)0
ثامناً : كشف رجال الأصالة الإسلامية (السنة) أن النزعة العقلية التى دافع عنها المعتزلة كادت تخنق العقيدة وأنها حولتها من يسرها
وبساطتها إلى مذهب فلسفى معقد بعيد عن روح الإسلام، وكانت أخطاء المعتزلة : تحكيم العقل فى الوحى، وإعلاء العقل على الوحى0
تاسعاً : استطاع مفهوم السنة، وهو مفهوم الأصالة الإسلامية الجامع أن يقضى على الغلو فى كل تلك الفرق وبذلك تعين أن السنة ليست
مذهباً معيناً بين المذاهب وليست طرفاً من الأطراف بل هى الحكم بين الأطراف فأهل السنة لامع هؤلاء ولامع هؤلاء، بل هم مع هؤلاء فيما
أصابوا فيه، وهم مع هؤلاء فيما أصابوا فيه، فكل حق مع طائفة من الطوائف يوافقونهم فيه، وهم براء من باطلهم، فهم حكام بين الطوائف لا
يعاملون بدعة ببدعة ولا يرمون باطلاً بباطل، ولا يحملهم شنآن قوم ألا يعدلوا فيهم، بل يقولون فيهم الحق ويحكمون فى مغالاتهم بالعدل0
إن السنة المطهرة هى مدرسة الأصالة الإسلامية التى تجمع خير ما فى الفرق وتحكم بينها وترتفع عن الخلاف حول الأفراد والأشخاص، وتقرر
أن هذا الخلاف هو الذى أفسد المفاهيم الإسلامية أ0هـ(2)0
(1) المنتقى فى منهاج الاعتدال ص 22 0
(2) منهاج السنة لابن تيمية 1 /13 0
(3) قال فيه الحافظ ابن حجر : صدوق، يخطئ كثيراً، تغير حفظه منذ ولى القضاء بالكوفة، وكان عادلاً فاضلاً عابداً، شديداً على أهل البدع0
مات سنة 177هـ أو 178هـ0 له ترجمة فى : تقريب التهذيب 1 /417 رقم 2795، والكاشف 1 /485 رقم 2276، والثقات للعجلى
ص217،رقم664، والثقات لابن حبان6 /444، ومشاهير علماء الأمصار ص201 رقم1353، والثقات لابن شاهين ص 169 رقم 528 0
(4) منهاج السنة لابن تيمية 1 /13 0
(5) حماد بن سلمة : هو حماد بن سلمة بن دينار المصرى، أبو سلمة، ثقة عابد أثبت الناس فى ثابت، وتغير حفظه بآخره، مات سنة 167
هـ، له ترجمة فى : تقريب التهذيب 1 /238 رقم 1054، وتذكرة الحفاظ 1 /202 رقم 197، والكاشف 1 /349، رقم 1220، والثقات
للعجلى ص 131 رقم 330، والثقات لابن حبان 6 /216، ومشاهير علماء الأمصار ص188 رقم 1243، وشذرات الذهب 1 /262 0
(6) منهاج السنة لابن تيمية 1 /13 0
(7) الإمام الشافعى:هو أبو عبد الله،محمد بن أدريس بن العباس بن شافع القرشى المطلبى،الإمام الجليل، صاحب المذهب المعروف، من أشهر
مصنفاته "الأم" و"الرسالة" و"أحكام القرآن" مات سنة 204هـ له ترجمة فى : طبقات الشافعية لابن السبكى 2 /71 رقم 14، وشذرات الذهب
2 /9، ووفيات الأعيان 4 /163 رقم 558، وطبقات الفقهاء للشافعيين لابن كثير 1 /3-93 0
(8) منهاج السنة لابن تيمية 1 /14 0
(1) انظر : اللآلئ المصنوعة للسيوطى 1 /325، وتنـزيه الشريعة لابن عراق 1 /385، والفوائد المجموعة فى الأحاديث الموضوعة
للشوكانى ص 367 0
(2) انظر : المقاصد الحسنة للسخاوى ص 97، رقم 189، وتنـزيه الشريعة 1 /397 0
(3) الحديث والمحدثون للدكتور محمد أبو زهو ص 93 0
(4) ابن أبى الحديد هو:عبدالحميد بن هبة الله بن أبى الحديد،أبو حامد،الأديب،الفقيه الأصولى،الشيعى الغالى، وكان حظياً عند الوزير ابن
العلقمى، لما بينهما من المناسبة والمقاربة والمشابـهة فى التشيع والأدب، من مؤلفاته "شرح نـهج البلاغة" "والفلك الدائر على المثل
السائر" وغير ذلك0 مات سنة 655هـ0 له ترجمة فى : البداية والنهاية 13 /213، ووفيات الأعيان 1 /248، والنجوم الزاهرة 8 /19،
وذيل طبقات الفقهاء الشافعيين للعبَّادِى ص76، والأعلام 3 /289 0
(5) شرح نـهج البلاغة 1 /135 0
(6) انظر : اللآلئ المصنوعة 1 /388، وتنـزيه الشريعة 2 /8، والفوائد المجموعة ص 407 0
(7) انظر : الموضوعات لابن الجوزى 2/28، واللآلئ المصنوعة 1 /390، وتنـزيه الشريعة 2 /16، والفوائد المجموعة ص407 0
(1) الخليلى : هو أبو يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد القزوينى، ثقة حافظ عارف بكثير من علل الحديث ورجاله، عالى الإسناد، كبير القدر
مصنف كتاب "الإرشاد فى معرفة المحدثين" مات سنة 446هـ0 له ترجمة فى : طبقات الحفاظ للســـيوطى ص 430 رقم 973، والعبر 3
/211 وتذكرة الحفـاظ للذهبى 3 /1123 رقم 1008 0
(2) الإرشاد فى معرفة المحدثين ص 12 0
(3) السنة ومكانتها فى التشريع ص 80،81 بتصرف0
(4) انظر : اللآلئ المصنوعة 1 /292، وتنـزيه الشريعة 1 /350، والفوائد المجموعة ص 342 0
(5) انظر : تنـزيه الشريعة 2 /4، والفوائد المجموعة ص 404 0
(6) انظر:الموضوعات لابن الجوزى2 /23، واللآلئ المصنوعة1 /387، وتنـزيه الشريعة 2 /7، الفوائد المجموعة ص 406 0
(1) انظر : الموضوعات 2 /31، واللآلئ المصنوعـة 1/393، وتنـزيه الشريعة 2 /10، والفوائد المجموعة ص 402 0
(2) الباعث الحثيث للأستاذ محمد شاكر ص 72 0
(3) الألوسى:هو محمود شكرى بن عبد الله بن شهاب الدين محمود الألوسى الحسينى أبو المعالى، عالم بالأدب والدين، والتاريخ، ومن الدعاة
إلى الإصلاح،من مصنفاته، روح المعانى، ومختصر التحفة الإثنى عشرية، مات بغداد سنة 1342هـ0 له ترجمة فى الأعلام للزركلى 7
/172، 173 0
(1) السدى الكبير : هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبى كريمة السدى، نسبة إلى سدة مسجد الكوفة كان يبيع بـها المقانع، صدوق يهم،
ورمى بالتشيع مات سنة 127هـ0 له ترجمة فى : تقريب التهذيب 1 /97 رقم 464، والكاشف 1 /247 رقم 391، والثقات للعجلى ص
66 رقم 94، والجرح والتعديل 2 /184 رقم 625 0
(2) السدى الصغير : هو محمد بن مروان بن عبد الله بن إسماعيل الكوفى، متهم بالكذب0 له ترجمة فى : تقريب التهذيب 2 /131 رقم
6303، والمجروحين لابن حبان 2 /286، وخلاصة تذهيب تـهذيب الكمال ص358، والضعفاء والمتروكين للنسائى ص 219 رقم 565،
والجرح والتعديل 8 /86 رقم 364، والضعفاء لأبى زرعة الرازى 2 /657 رقم 306 0
(3) الغزالى : هو محمد بن محمد الغزالى، أبو حامد، الملقب بحجة الإسلام، كان بارعاً فى الفقه، وأصول الدين، وأصول الفقه، والمنطق
والفلسفة، من أشهر مصنفاته : المستصفى فى أصول الفقه، وإحياء علوم الدين، مات سنة 505هـ0 له ترجمة فى : وفيات الأعيان لابن
خلكان 4 /216 رقم 588، وطبقات الشافعية لابن السبكى 6/389 رقم 694، وطبقات الشافعية لابن هداية الله ص 69، وشذرات الذهب 4
/10 0
(4) مختصر التحفة الإثنى عشـرية للعلامة الألوسى ص32،33 بتصرف، وانظر : منهاج السنة لابن تيمية 3 /246 0
(1) تاريخ الجهمية ص 56، وانظر : فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام للدكتور غالب عواجى 2/821، والخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية
للدكتور محمد عمارة ص 273 0
(2) السنة ومكانتها فى التشريع ص7، وانظر : الفرق بين الفرق ص 127، والملل والنحل 1/32، وموقف المعتزلة من السنة النبوية
ومواطن انحرافهم عنها للدكتور أبولبابة حسين ص42-46 0
(3) مقالات الإسلاميين مقدمة المحقق 1/23، وانظر : فجر الإسلام ص 474، وضحى الإسلام 3/95،96 0
(1) الملل والنحل 1 /53، 54 0
(2) الملل والنحل 1 /50 0
(3) مقالات الإسلاميين 2 /277 0
(4) مقالات الإسلاميين 2 /278، وانظر : تاريخ المذاهب الإسلامية ص 130، 131 0
(5) انظر:تفصيل تأثر المعتزلة بغيرها من الفرق،وتأثيرها فى غيرها سواء مما تأثرت به أو غيرها فى: مقالات الإسلاميين 1 /187، ورسائل
العدل والتوحيد للدكتور محمد عمارة 1 /79، وضحى الإسلام3 /207وفرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام2 /865، والشيعة الإثنا عشرية
ومنهجهم فى التفسير ص 562، والمعتزلة واتجاههم العقلى وأثره فى تطور الفكر الإسلامى الحديث ص420، 421، 422 ، والاتجاه
الاعتزالى فى الفكر الإسلامى الحديث للدكتور أحمد محمد عبد العال0
(6) انظر : المؤامرة على الإسلام للأستاذ أنور الجندى ص 21، وموقف المعتزلة من السنة للدكتور أبو لبابة ص 169-172، وتاريخ
المذاهب الإسلامية ص 131 0
(7) الحسن البصرى : هو الحسن بن أبى الحسن يسار البصرى، أبو سعيد، مولى زيد بن ثابت كان عالماً رفيعاً ثقة حجة ولد لسنتين بقيتا من
خلافة عمر0ومات سنة 110هـ له ترجمة فى:وفيات الأعيان 2 /69 رقم 156، وتـهذيب التهذيب 2/263 رقم 488، وطبقات المفسرين
للداودى 1 /150 رقم 144، وتذكرة الحفاظ 1 /71 رقم 66، ومشاهير علماء الأمصار ص113 رقم 642 0
(1)انظر:الملل والنحل للشهرستانى1 /40، والفرق بين الفرق للبغدادى ص116، وفرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام 2 /822، والخلافة
ونشأة الأحزاب الإسلامية للدكتور محمد عمارة ص179-198
(2) انظر : الفرق بين الفرق ص112 - 115، وفرق معاصرة 2 /822 0







 
قديم 06-03-08, 04:39 AM   رقم المشاركة : 4
حسينا
موقوف





حسينا غير متصل

حسينا is on a distinguished road


(3) الخياط:هو أبو الحسين،عبدالرحيم بن محمد بن عثمان،شيخ المعتزلة البغدادية من نظراء الجبائى،وله مكانة عند المعتزلة0 من آثاره:
الانتصار، والرد على من أثبت خير الواحد0له ترجمة فى : تاريخ بغداد 11 /87 رقم 5770،ولسان الميزان 4 /342 رقم 5156، وسير
أعلام النبلاء 14 /220 رقم 121، واللباب فى تـهذيب الأنساب 1 /475، وطبقات المعتزلة لابن المرتضى ص 85 0
(4) الانتصار ص 188، 189 0
(1) رسائل العدل والتوحيد 1 /76، 77، وانظر : الخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية كلاهما للدكتور محمد عمارة ص 186، 187، 196 0
(1) فرق معاصرة2/823،824،832، وانظر: فتح البارى 13 /357، وانظر: شرح الأصول ص197، وفضل الاعتزال ص140-141،
وأدب المعتزلة ص135،136، ومقالات الإسلاميين 1 /235، والملل والنحل1/40، وموقف المعتزلة من السنة ومواطن انحرافهم عنها
للدكتور أبو لبابة ص33
(2) فرق معاصرة 2 /825 0
(3) فرق معاصرة 2 /834، وانظر : شرح الأصول ص 301، والملل والنحل 1 /41، والفصل فى الملل والنحل لابن حزم 3 /164 والمغنى
فى أبواب التوحيد والعدل 3 /8 0
(4) فرق معاصرة 2 /824، 825، وانظر : موقف المعتزلة من السنة للدكتور أبو لبابة ص 31 0
(5) جزء من الآية 8 من سورة الرعد0
(6) الآية 21 من سورة الحجر0
(1) الآية 49 من سورة القمر0
(2) شرح الأصول ص 134، وانظر : الملل والنحل 1 /42، والمعتزلة زهدى جار الله ص 51، 52، وفضل الاعتزال ص 154 0
(3) الآية 48 من سورة النساء0
(4) الآية 53 من سورة الزمر0
(5) الآية 48 من سورة البقرة0
(6) جزء من الآية 18 من سورة غافر0
(1) الفرق بين الفرق للبغدادى ص116، وانظر : الملل والنحل 1 /42، وشرح الأصول ص137، 697، وفضل الاعتزال 17، 64 0
(2) الآية 104 من سورة آل عمران، وانظر : شرح الأصول ص 141، 744 0
(3) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الإيمان، باب بيان كون النهى عن المنكر من الإيمان ... إلخ 1 /296، 297 رقم 49 من حديث أبى
سعيد الخدرى t 0
(1) فرق معاصرة 2 /849 - 851، وانظر : الخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية ص 256، 261، والمعتزلة وأصولهم الخمسة وموقف أهل
السنة منها للأستاذ عواد عبد الله ص273، 276 0
(2) شرح العقيدة الطحاوية 2 /286 0
(3) رسائل العدل والتوحيد 1 /76، وانظر : رسائل الجاحظ 1 /287، وفضل الاعتزال وطبقات المعتزلة ص 181، 182 0
(1) الانتصار ص 151 0
(2) أبو الهذيل العلاف : هو محمد بن الهذيل بن عبيد الله البصرى العلاف، من أئمة المعتزلة، له مقالات فى الاعتزال، وانفرد بآراء مات سنة
235هـ وقيل غير ذلك0 له ترجمة فى : طبقات المعتزلة لابن المرتضى ص 44، وتاريخ بغداد 3/366 رقم 1482، ولسان الميزان 5/597
رقم 8222، ووفيات الأعيان 4/265 رقم 606، وشذرات الذهب 2/85، وسير أعلام النبلاء 10/542 رقم 173 0
(3) مقالات الإسلاميين 2/145 0
(4) الانتصار للخياط ص 152 0
(5) البلخى : هو محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدى، نسبة إلى ما تريد محله بسمرقند، من أئمة الكلام0 مات سنة 333هـ0
له ترجمة فى : الفوائد البهية فى تراجم الحنفية للكنوى ص335، ومفتاح السعادة لأحمد بن مصطفى 2/21 0
(6) شرح نـهج البلاغة لابن أبى الحديد 1/137، وانظر : ضحى الإسلام 3/177-180 0
(1) النَّظَّام : هو إبراهيم بن سار بن هانئ البصرى، أبو إسحاق النظام، شيخ المعتزلة، تبحر فى علوم الفلسفة، وانفرد بآراء تابعته فرقة من
المعتزلة سميت النظامية0 اتـهم بالزندقة، وكفره جماعة، مات سنة بضع وعشرين ومائتين0 وله كتب فى الفلسفة والاعتزال0 له ترجمة فى
: طبقات المعتزلة لابن المرتضى ص49، تاريخ بغداد 6/97 رقم 3131، سير أعلام النبلاء 10 /541 رقم 172، لسان الميزان 1 /96 رقم
176، ومروج الذهب 6/371 0
(2) الفرق بين الفرق ص 137، وانظر : الانتصار للخياط ص 230، وآراء المعتزلة الأصولية دراسة وتقويماً للدكتور على بن سعد بن صالح
ص 347 0
(3) الفرق بين الفرق ص 137، 138، وانظر : الانتصار للخياط ص 232، والملل والنحل 1 /50، وتأويل مختلف الحديث ص 28 0
(4) الحازمى : هو أبو بكر، محمد بن موسى بن عثمان بن حازم، كان من الأئمة الحفاظ، العالمين بفقه الحديث ومعانيه ورجاله، ثقة نبيلاً
حجة زاهداً ورعاً عابداً، أدركه أجله شاباً، من مصنفاته، الناسخ والمنسوخ، وعجالة المبتدئ فى الأنساب، وشروط الأئمة الخمسة، مات سنة
584هـ0 له ترجمة فى : طبقات الحفاظ للسيوطى ص484 رقم 1071، وتذكرة الحفاظ 4 /1363 رقم 1106، وتـهذيب الأسماء واللغات
للنووى 2 /192، وشذرات الذهب 4 /282، والبداية والنهاية 12 /332، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى 6 /109 0
(1) شروط الأئمة الخمسة ص 47، وأبو حاتم بن حبان : هو محمد بن حبان بن أحمد، أبو حاتم البستى التميمى، كان من أوعية العلم فى
الفقه، والحديث، واللغة، والوعظ، وفنون العلم، وولى قضاء سمرقند، من مصنفاته، المسند الصحيح، والتاريخ، والضعفاء، مات سنة 354هـ
له ترجمة فى: تذكرة الحفاظ 3 /920 رقم 879، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 375 رقم 847، والبداية والنهاية 11 /295، والرسالة
المستطرفة ص 20، وشذرات الذهب 3 /16، والوافى بالوفيات 2 /317 0
(2) جزء من الآية 65 من سورة الأنفال0
(3) الفرق بين الفرق ص 124، 125، وانظر : الملل والنحل 1 /47 0
(1) الكعبى : هو عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبى، البلخى، رأس طائفة من المعتزلة تسمى الكعبية، وله تصنيف فى الطعن على المحدثين،
يدل على كثرة إطلاعه وتعصبه0 مات سنة 319 هـ له ترجمة فى : لسان الميزان 3 /716 رقم 4054، وشذرات الذهب 2 /281 ووفيات
الأعيان 2 /248 رقم330، والبداية والنهاية11 /284، وطبقات المعتزلة لابن المرتضى ص 25، 49 0
(2) أبو الحسين : هو محمد بن على بن الطيب البصرى، أبو الحسين، أحد أئمة المعتزلة، قال الخطيب البغدادى : له تصانيف وشهرة بالذكاء
والديانة على بدعته، من آثاره : "المعتمد فى أصول الفقه، وتصفح الأدلة، وليس بأهل للرواية، مات سنة 436هـ0 له ترجمة فى : طبقات
المعتزلة لابن المرتضى ص 118، والكامل فى التاريخ 9 /27، ووفيات الأعيان 4 /271 رقم 609، وميزان الاعتدال 3 /654 رقم 7972،
والبداية والنهاية 12 /53 0
(3) الدقاق : هو محمد بن محمد بن جعفر الدقاق الشافعى، الفقيه الأصولى، القاضى كان عالماً فاضلاً، له كتاب فى أصول الفقه، مات سنة
392هـ0 له ترجمة فى:تاريخ بغداد3 /229 رقم 1294، والنجوم الزاهرة 4 /206، والوافى بالوفيات 1 /116 0
(4) الإحكام للآمدى 2 /27، وانظر : المسودة فى أصول الفقه آل تيمية ص 234 0
(5) الإحكام للآمدى 2 /39، والمسودة فى أصول الفقه ص 236، والبرهان 1 /217 0
(6) الإحكام لابن حزم 1 /110، وانظر : الاعتصام للشاطبى 1 /187 0
(7) تدريب الراوى 1 /70 0
(1) الحاكم : هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله النيسابورى يعرف بابن البيع، كان إمام عصره فى الحديث العارف به حق معرفته، صالحاً ثقة،
يميل إلى التشيع، صاحب المستدرك على الصحيحين، وتاريخ نيسابور، ومعرفة علوم الحديث، ومناقب الشافعى وغير ذلك، مات سنة405هـ0
له ترجمة فى : تذكرة الحفاظ 3 /1039 رقم 962، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص410 رقم 927، وشذرات الذهب 3 /175، وطبقات
الشافعية لابن السبكى 4 /155 رقم328، وتاريخ بغداد 5/473 رقم 3024، والبداية والنهاية 11 /355، والرسالة المستطرفة ص21،
وميزان الاعتدال 3 /608 رقم 7804، ووفيات الأعيان 4/280 رقم 615
(2) ابن الأثير : هو أبو الحسن على بن محمد بن عبد الكريم الجزرى، كان إماماً علامة بالسير وأيام الناس، حافظاً، لغوياً، من مصنفاته :
اسد الغابة فى معرفة الصحابة، واللباب فى تـهذيب الأنساب، مات سنة 630هـ0 له ترجمة فى تذكرة الحفاظ 4 /1399 رقم 1124،
وطبقات الحفاظ للسيوطى ص495 رقم 1090، والبداية والنهاية 13 /139، وشذرات الذهب 5 /137، ووفيات الأعيان 3 /348 رقم 460،
والعبر 5 /120 0
(3) تدريب الراوى 1 /71، وانظر : ص 124-127 0
(4) فتح البارى 13 /246 أرقام 7250 - 7257، وانظر : سؤالات مسعود بن على السجزى للحاكم ص 209 رقم 267 0
(5) الآمدى : هو على بن أبى على بن محمد بن سالم الثعلبى، المكنى بأبى الحسن، الملقب بسيف الدين، كان فقيهاً أصولياً منطقياً حسن
الأخلاق فصيح اللسان بارع البيان0 من مصنفاته : الإحكام فى أصول الأحكام، ودقائق الحقائق فى الحكمة، مات سنة 631هـ0 له ترجمة فى
: وفيات الأعيان 3/293 رقم 432، وطبقات الشافعية لابن السبكى 8 /306 رقم 1207، والبداية والنهاية 13 /140، وشذرات الذهب 5
/144 0
(6) الإحكام للآمدى 2 /68، 75، وانظر : المعتمد فى أصول الفقه 2 /106 0
(7) الجوينى: هو عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجوينى، المكنى بأبى المعالى، الملقب بإمام الحرمين،أعلم المتأخرين من أصحاب الشافعى
t من مؤلفاته : البرهان فى أصول الفقه، والإرشاد فى علم الكلام0 مات سنة 478هـ0 له ترجمة فى : سير أعلام النبلاء 11 /137 رقم
4313، وشذرات الذهب 3 /360، وطبقات الفقهاء الشافعيين لابن كثير 2 /466-470 رقم 8 0
(1) البرهان فى أصول الفقه 1 /228، 231، وانظر : المسودة فى أصول الفقه لآل تيمية ص 238، والمعتمد فى أصول الفقه 2 /106 وما
بعدها0 وفضل الاعتزال ص 195 0
(2) الفرق بين الفرق ص 168 ، وانظر : الملل والنحل 1 /66 0
(3) انظر : تدريب الراوى 1 /72 0
(4) البرهان للجوينى 1 /231 0
(5) المسودة فى أصول الفقه لآل تيمية ص 236، 238 0
(6) ابن عُليّة : هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدى مولاهم، أبو بشر البصرى، المعروف بابن عُلّيه، ثقة حافظ في غير بدعته0 مات
سنة 193هـ له ترجمة فى : تقريب التهذيب 1 /90 رقم 417، والكاشف 1 /243 رقم 350، والثقات لابن حبان 6/44، ومشاهير علماء
الأمصار ص192 رقم 1277، ولسان الميزان 1 /50 رقم 65، والمغنى فى الضعفاء 1 /10 رقم 39 0
(6) تدريب الراوى1 /75، وانظر: آراء المعتزلة الأصولية دراسةوتقويماً للدكتور علىبن سعد بن ص333 .
(1) أعلام الموقعين 2 /275، 276 0
(2) انظر : الاعتصام باب فى مأخذ أهل البدع بالاستدلال 1 /199 0
(3) تأويل مختلف الحديث ص84 وما بعدها، وانظر: الخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية ص210-212
(4) المعتمد فى أصول الفقه 2 /549، وانظر : شرح الأصول الخمسة ص 565 0
(5) انظر : المعتمد فى أصول الفقه 2 /102، وشرح الأصول ص 769 0
(6) الجاحظ : هو عمرو بن بحر بن محبوب الكنانى، مولاهم، أبو عثمان، المشهور بالجاحظ، البصرى، المعتزلى، كان متبحراً فى الأدب،
ورئيس الفرقة الجاحظية من المعتزلة، ليس بثقة ولا مأمون، وكان من أئمة البدع، من مؤلفاته الحيوان، والبيان والتبيين، ومجموع رسائل
وغيرها0 مات سنة 255هـ0 له ترجمة فى : تاريخ بغداد 12/212 رقم 6669، ووفيات الأعيان 3 /470 رقم 506، وميزان الاعتدال 3
/247 رقم 6333، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزى2 /223 رقم 2545، والبداية والنهاية 11 /19، ولسان الميزان 5 /286 رقم
6300 0
(7) رسالة التربيع والتدوير، ضمن رسائل الجاحظ 3 /58 0
(8) كتاب المعلمين0 ضمن رسائل الجاحظ 3 /58 0
(1) القاضى عبد الجبار : هو عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمذانى، أبو الحسين، قاضى، أصولى، كان شيخ المعتزلة فى عصره،
يلقبونه قاضى القضاة، ولا يطلقون ذلك على غيره، من مصنفاته: تنـزيه القرآن عن المطاعن، وشرح الأصول الخمسة، والمغنى فى أبواب
التوحيد والعدل0 وغير ذلك0 مات سنة 415هـ0 له ترجمة فى : تاريخ بغداد 11 /113 رقم 5806، وميزان الاعتدال 2 /533 رقم
4737، وطبقات الشافعية لابن السبكى 5 /97 رقم 443، وطبقات المعتزلة لابن المرتضى ص 7، 43، وطبقات المفسرين للداودى 1 /262
رقم 248، ولسان الميزان 4 /211 رقم 4939 0
(2) شرح الأصول ص 770، وانظر : فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة ص 182، والمعتمد فى أصول الفقه 2/549 0
(3) الانتصار ص 152، 153 0
(1) الانتصار ص 152، 153 0
(2) ومن عجيب الأمر أن الخياط يعيب على المحدثين عدم أخذهم بأصل المعتزلة بالبراءة من معاوية، وعمرو بن العاص ومن فى شقهما،
فيقول [ولقد أفرطوا فى ذلك حتى تولوا من قامت الحجة بعدواته والبراءة منه] انظر : الانتصار ص 213 0
(3) راجع : ص 111 0
(4)الفرق بين الفرق ص117، وانظر: الملل والنحل للشهرستانى 1 /43، وميزان الاعتدال للذهبى 4 /329 .
(1) الفرق بين الفرق ص118، وانظر : الملل والنحل للشهرستانى 1 /43 0
(2) الفرق بين الفرق ص 140-142، وانظر : ضحى الإسلام 3 /86 0
(3) الفرق بين الفرق ص 143 0
(4) الشهرستانى : هو محمد بن عبد الكريم بن أحمد، أبو الفتح الشهرستانى، الملقب بالأفضل، كان إماماً فى علم الكلام، وأديان الأمم،
ومذاهب الفلاسفة، له معرفة بالأصول والأدب، من مصنفاته الملل والنحل، والإرشاد إلى عقائد العباد، وغير ذلك0 مات سنة 548هـ0 له
ترجمة فى : تذكرة الحفاظ 4 /1313 فى ترجمة السبحى رقم 1088، ووفيات الأعيان 4 /273 رقم611، وطبقات الشافعية لابن السبكى 6
/128 رقم 653، ولسان الميزان 6 /304 رقم7760، والوافى بالوفيات 3 /278 رقم 1319، وشذرات الذهب 4 /149 0
1) ابن قتيبة : هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينورى أو المروزى، أبو محمد وقيل أبو عبد الله، كان ثقة ديناً فاضلاً، عالماً باللغة، والنحو،
وغريب القرآن، ومعانيه، والشعر، والفقه، من مصنفاته : تأويل مشكل القرآن، وتأويل مختلف الحديث، والمعارف0 وغير ذلك0 مات سنة
276هـ0 له ترجمة فى : تاريخ بغداد 10 /170 رقم 5309، وميزان الاعتدال 2 /503 رقم 4601، والفهرست لابن النديم ص123،
والبداية والنهاية 11 /48، وتذكرة الحفاظ 2/633، ووفيات الأعيان 3 /42 رقم 328، وطبقات المفسرين للداودى 1 /251 رقم 234
(2) تأويل مختلف الحديث ص 33 - 44 0
(3) السنة ومكانتها فى التشريع ص6، وانظر : تأويل مختلف الحديث ص 54، وانظر : ما قاله الأئمة عن فساد دين رؤوس المعتزلة فى
تأويل مختلف الحديث ص 28، والفرق بين الفرق ص 143 0
(4) الاعتصام 1 /186 وما بعدها0
(1) انظر : موقف المعتزلة من السنة ومواطن انحرافهم عنها للدكتور أبو لبابة ص 43، 73، 97، والخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية للدكتور
محمد عمارة ص 212-215 0
(2) الإبانة للأشعرى ص 14 0
(3) الإسرائيليات والموضوعات فى كتب التفسير، ص 114، 115 0
(1) سيأتى بالبرهان الواضح أن القضية مع المعتزلة فى العقائد ليست قضية متواتر وآحاد، وإنما قضية أصولهم فهى الأصل، والقرآن والسنة
الفرع، بدليل تأويلهم لآيات القرآن المتواترة فى أحاديث العقائد لتعارضها مع أصولهم، ولو صدقوا فى دعواهم بأن الآحاد لا يؤخذ بـها فى
العقائد، فلماذا يؤولون تأويلاً أشبه بالرد، الآيات المتواترة فى العقائد؟ انظر : موقف المعتزلة من الســـنة ومواطن انحرافهم عنها للدكتور
أبو لبابة حسين ص 97، 98 0
(2) انظر:الحديث والمحدثون للدكتور محمد أبو زهو ص 332 بتصرف، والسنة ومكانتها فى التشريع ص142، والضوء اللامع المبين عن
مناهج المحدثين للدكتور أحمد محرم الشيخ1 /189-196 0
(3) انظر : العقيدة والشريعة لجولدتسيهر ص 100 - 102، 118 - 120، وانظر : تراث الإسلام لجوزيف شاخت ص 203، 218،
ودراسات فى حضارة الإسلام لهاملتون جب ص 268 - 269، 274، ودائرة المعارف الإسلامية ص 576، 580، 584 0
(4) ضحى الإسلام 3 /207 0
(5) انظر : منهج المدرسة العقلية الحديثة فى التفسير للدكتور فهد الرومى0
(6) انظر : موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية للأستاذ الأمين الصادق الأمين0
(1) انظر : أضواء على السنة محمود أبو رية ص377 وما بعدها، والأضواء القرآنية السيد صالح أبو بكر 1 /16، 36، وتبصير الأمة بحقيقة
السنة إسماعيل منصور ص 656، ومجلة روزاليوسف العدد 3586 ص 38 -40، والعدد 3559 ص 48-50، مقالات لأحمد صبحى
منصور0
(1) محمد بن سيرين : هو محمد بن سيرين الأنصارى، أبو بكر بن أبى عمرة البصرى، ثقة، ثبت، عابد، كبير القدر، مات سنة 110هـ له
ترجمة فى تقريب التهذيب 2 /85 رقم 5966، والكاشف 2 /178 رقم 4898، والثقات للعجلى ص 450 رقم 1464، والثقات لابن حبان 5
/348، والجرح والتعديل 7 /280، ومشاهير علماء الأمصار ص 113 رقم 643 0
(2) أخرجه مسلم (بشرح النووى) فى المقدمة، باب بيان أن الإسناد من الدين 1 /84 0
(1) صون المنطق للسيوطى 3 183، نقلاً عن أبى المظفر فى كتابه الانتصار0
(2) انظر : طبقات الشافعية لابن السبكى 3 /260، وسير أعلام النبلاء 18 /474 0
(3) الكرابيسى هو : الوليد بن أبان الكَرَابيسى، بفتح أوله والراء، نسبة إلى بيع الثياب، انظر : اللباب فى تـهذيب الأنساب3 /88، أحد أئمة
الكلام،له ترجمة فى:تاريخ بغداد13 /446 رقم7317، وميزان الاعتدال 1 /414، وسير أعلام النبلاء 10 /548 رقم 1717 0
(1) شرف أصحاب الحديث ص 108، 109 رقم 105، وانظر: تاريخ بغداد13 /441، وسير أعلام النبلاء 10 /548 0
(2) المؤامرة على الإسلام للأستاذ أنور الجندى ص 229 : 234 بتصرف وتقديم وتأخير0

====
الفصل الأول
شبهات حول حجية السنة النبوية الشريفة

وينقسم إلى ثلاثة مباحث :
1- المبحث الأول : شبهات بنيت على آيات من القرآن الكريم0 ونذكرها فى مطلبين :
1- المطلب الأول : شبهة الاكتفاء بالقرآن الكريم وعدم الحاجة إلى السنة النبوية والرد عليها0
2- المطلب الثانى : شبهة أن السنة لو كانت حجة لتكفل الله  بحفظهــا والرد عليها0
2- المبحث الثانى : شبهات بنيت على أحاديث من السنة النبوية0 وينقسم إلى تمهيد وثلاثة مطالب :
1- المطلب الأول: شبهة عرض السنة على القرآن الكريم والرد عليها0
2- المطلب الثانى : شبهة عرض السنـة علـى العقـل والرد عليها0
3- المطلب الثالث : وفيه الشبه الآتية :
2- شبهة النهى عن كتابة السنة النبويـة والرد عليها0
2- شبهة التأخر فى تدوين السنة المطهرة والرد عليها0
3- شبهـة روايـة الحديـث بالمعنـى والرد عليهـا0
4- شبهة كثـرة الوضاعيـن للحديـث والرد عليهـا0
3- المبحث الثالث : أدلة حجية السنة النبوية0 وتحته خمسة مطالب :
1- المطلب الأول : العصمــــة0
2- المطلب الثانى : القرآن الكريـم0
3- المطلب الثالث : السنة النبويـة0
4- المطلب الرابع : إجماع الأمـة0
5- المطلب الخامس : العقل والنظر0

المبحـث الأول
شبهات بنيت على آيات من القرآن الكريم
تمهيـد :
إننا لو فتشنا عن المحاربين لسنة النبى ، لوجدنا أنهم يتظاهرون بإجلال القرآن واحترامه، وأنه الحجة التى ليس وراءها حجة،
فيقولون : علينا بالاكتفاء بالقرآن الكريم فقط؛ فهو كتاب الله الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو المصدر الأول للإسلام، وهو
الذى سلم من التغيير والتبديل … إلى آخر ما يقولونه تظاهراً بحبهم للإسلام، ودفاعاً عنه، وغيرة على ما فى كتاب الله  من شريعة وأحكام،
غير أنهم لا يريدون – مع ذلك – أن يضبطوا أنفسهم وعقولهم بهذا الذى أمر القرآن الكريم بضبط أنفسنا وعقولنا به، من اتباع سنة المصطفى
 مصطنعين لأنفسهم ما يشاءون من آيات القرآن الكريم، يستدلون بها على الاكتفاء بالقرآن وحده، وعدم حجية السنة والحاجة إليها0

وما استدلوا به من آيات قرآنية بنوا عليها شبهتين جعلوهما قاعدتين ينطلقون منهما تشكيكاً فى حجية السنة0 نذكرهما فى مطلبين :
1- المطلب الأول : شبهة الاكتفاء بالقرآن وعدم الحاجة إلى السنة النبوية والرد عليها0
2- المطلب الثانى : شبهة أن السنة لو كانت حجة لتكفـل الله بحفظهـا والرد عليها0

المطلب الأول
شبهة الاكتفاء بالقرآن الكريم وعدم الحاجة إلى السنة النبوية

واستدلوا على ذلك من القرآن الكريم بآيات عدة وهى :
1- قوله تعالى : وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ( )0
واستدل بهذه الآية الدكتور توفيق صدقى( )، ومحمود أبو ريه( )، ومحمد نجيب( )، وقاسم أحمد( )0
2- وقوله تعالى :  وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ( )0
3- وقوله تعالى : أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا( )
4- وقوله تعالى : وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا( )0

واستدل بهذه الآيات الكريمات وما فى معناها( ) عدد من أعداء السنة المطهرة المنكرين لحجيتها قديماً وحديثاً، الزاعمين أن
القرآن فى غنى عن السنة؛ لأن فيه بيان وتفصيل كل شئ؛ فقديماً على سبيل المثال لا الحصر : الطائفة التى ناظر الإمام الشافعى واحداً من
أتباعها واستدلوا بقوله تعالى : وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ( )0
وحديثـاً : الدكتور توفيق صدقى( )، وأبو رية( )، ومحمد نجيب( )، ومصطفى كمال المهدوى( )، وأحمد صبحى منصور( )،
وقاسم أحمد( )، وجمال البنا( )، ورشاد خليفة( )0
5- وقوله تعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا( )0 واستدل بهذه الآية أبو رية( )، ومحمد نجيب(
)0
6- وقوله تعالى : قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْءَانُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ( )0 واستدل بهذه الآية
الدكتور أحمد صبحى منصور( )، وإسماعيل منصور( )0
7- وقوله تعالى : وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ( ) واستدل بهذه الآية الدكتور إسماعيل منصور( )0
8- وقوله تعالى: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ( )0 واستدل بهذه الآية محمد نجيب(
)، وإسماعيل منصور( )0

هذه الآيات الكريمات وما فى معناها؛ استدل بها دعاة الفتنة على عدم حجية السنة النبوية المطهرة، وشبهتهم فى هذه الآيات؛
أنها تبين أن القرآن تام قد حوى كل شئ، كما فى آية الأنعام "وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ"، والله  ما فرط فى الكتاب من شئ، كما فى آية الأنعام "مَا
فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ" فأتى بالعام ثم فصله تفصيلاً، كما فى آية الأنعام "وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا" وغيرها، وأتى بالمجمل ثم
بينه للناس تبيناً تاماً، كما فى أية النحل "وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ" فهو لا يحتاج بعد هذا البيان إلى شئ آخر، وإلا لو احتاج إلى شئ
آخر لكان القرآن غير صادق فيما قال، وهذا أمر مستحيل على الله ، ومستحيل على كلامه0

هذه هى ناصية الشبهة الأولى وجماعها، وهم يذكرون لها حشداً عظيماً من الآيات التى تؤيدها سواء كان الدليل فى موضوعه
كما فى الآيات التى استشهدوا بها سابقاً، أو فى غير موضوعه كما فى باقى الآيات "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ" "وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْءَانُ لِأُنْذِرَكُمْ
بِهِ" "وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ" "أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ"0

فهؤلاء المدلسون ما عليهم إلا أن يفتحوا المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، وينقلوا منه الآيات التى يشوشون بها على
المسلمين، ويضعون أمام كل آية جملة تلائمها، ولا يهمهم بعد ذلك أبقيت وحدة الموضوع بين أيديهم أم لم تبق0

على أية حال فإن هذه هى الشبهة الأولى فى أصلها الأصيل وكلياتها التى لا تخرج عنها مهما علا الضجيج أو ارتفع الصياح( )0

ويقول الدكتور السباعى - رحمه الله تعالى - تتلخص حجة من يرد الأخبار كلها كما حكاه الشافعى فى قولهم : إن القرآن جاء
تبياناً لكل شئ، فإن جاءت الأخبار بأحكام جديدة لم ترد فى القرآن؛ كان ذلك معارضة من ظنى الثبوت وهى الأخبار، لقطعيه – وهو القرآن –
والظنى لا يقوى على معارضة القطعى، وإن جاءت مؤكدة لحكم القرآن؛ كان الاتباع للقرآن لا للسنة، وإن جاءت لبيان ما أجمله القرآن، كان
ذلك تبيناً للقطعى الذى يكفر منكر حرف منه، بظنى لا يكفر من أنكر ثبوته، وهذا غير جائز0

وربما يتبادر إلى الذهن أنهم على هذا يقبلون المتواتر من الأخبار؛ لأنها قطعية الثبوت، فكيف عمم الشافعى بقوله : "رد الأخبار
كلها"؟ والذى يظهر أنهم لا يعتبرون المتواتر قطعياً أيضاً بل هو عندهم ظنى؛ لأنه جاء من طرق آحادها ظنية، فاحتمال الكذب فى رواته لا يزال
قائماً ولو كانوا جمعاً عظيماً"( ) أ0هـ0

والجواب عن هذه الشبهة :
إن أعداء السنة المطهرة فهموا أن المراد من الكتاب فى قوله تعالى مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ( ) القرآن، ولكن مجموع
الآيات ابتداء ونهاية، يفيد أن المراد بالكتاب هنا هو اللوح المحفوظ الذى حوى كل شئ، واشتمل على جميع أحوال المخلوقات كبيرها وصغيرها،
جليلها ودقيقها، ماضيها وحاضرها ومستقبلها، على التفصيل التام كما جاء فى الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضى الله عنهما -
قال : سمعت رسول الله  يقول : "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة0 قال : وعرشه على الماء"(
)0

وهذا هو المناسب لذكر هذه الجملة عقب قوله تعالى : وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ( )0
والمثلية فى الآية ترشح هذا المعنى؛ لأن القرآن الكريم لم ينظم للطير حياة كما نظمها للبشر، وإنما الذى حوى كل شئ للطير والبشر، وتضمن
ابتداءً ونهاية للجميع هو اللوح المحفوظ0 يقول الحافظ ابن كثير : أى الجميع علمهم عند الله ، لا ينسى واحداً من جميعها، من رزقه وتدبيره
سواء كان برياً أو بحرياً؛ كقوله تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ( )0 أى
مفصح بأسمائها وأعدادها ومظانها وحاصر لحركاتها وسكناتها"( )0 والآية نظير قوله تعالى :  وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا
فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ( )0 وقوله تعالى : عَالِمِ
الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ( )0

وعلى هذا الأساس، ففهم أن المراد بالكتاب فى قوله تعالى : مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ0 هو القرآن غير دقيق، ويأباه
السياق العام للآية وربطها بما قبلها، وبغيرها من الآيات التى فى معناها وسبق ذكرها0

ومن المعلوم بداهة أن الكلمة فى اللغة العربية يكون لها أكثر من معنى، ويتحدد المعنى المراد منها من خلال سياق الكلام الذى
وردت فيه، وكلمة "الكتاب" تجئ فى القرآن بمعنى الفرض، والحكم، والقدر( )0 فبمعنى القدر قوله تعالى : وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ
اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا( )0

يقول الحافظ ابن كثير : أى لا يموت أحد إلا بقدر الله، وحتى يستوفى المدة التى ضربها الله له، ولهذا قال تعالى : كتاباً مؤجلاً0
وكقوله تعالى وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ( )0 وكقوله تعالى : الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى
عِنْدَهُ( )0

وبمعنى الفرض قوله تعالى : الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا( ) قال ابن عباس أى مفروضاً( )، والكتاب يأتى فى
القرآن الكريم تارة مراداً به اللوح المحفوظ كما سبق وأن بينا، وتارة أخرى يأتى مراداً به القرآن الكريم كما فى قوله تعالى : الر كِتَابٌ
أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ( )0 إلى غير ذلك من الآيات الكريمة0

ومع هذا فنحن نسلم لكم أن المراد من الكتاب "القرآن"، ولكننا نقول لكم : إن هذا العموم غير تام، بل هو مخصص بقول الله
تعالى : وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ( )0 والذى يجعلنا نذهب إلى تخصيص هذا العام
أمران :
1- لتتفق آيات القرآن ولا تتعارض فى ظاهرها؛ فإن القرآن ملئ بالآيات التى فوض الله نبيه  فى شرح أحكامها0
2- إن كثيراً من الأمور الجزئية فى حياة المجتمع تحتاج إلى حكم، وليس فى القرآن إلا قواعده الكلية العامة0 وعلى هذا فلا بأس أن يكون
الكتاب فى الآية الكريمة هو القرآن الكريم( )0

ونقول لكم : نعم لم يفرط ربنا  فى كتابه فى شئ من أمور الدين على سبيل الإجمال، ومن بين ما لم يفرط فى بيانه وتفصيله إجمالاً بيان
حجية السنة وجوب اتباعها والرجوع والتحاكم إليها؛ فالقرآن جامع - دون تفريط - كل القواعد الكبرى للشريعة التى تنظم للناس شئون دينهم
ودنياهم، والسنة النبوية هى المبينة لجزئياتها وتفاصيلها وهى المنيرة للناس طريق الحياة، وتنسجم هذه الآية مع الآيات الأخرى التى تؤكد
بالنص أهمية السنة تجاه ما فى الكتاب من القواعد التى تحتاج إلى تخصيص أو تقييد أو توضيح أو تبيين ... إلخ( )0

وهنا نأتى للرد على الآيات الأخرى التى استدلوا بها على أن القرآن أنزل مفصلاً وتبياناً لكل شئ، فلا يحتاج بعد هذا البيان إلى
السنة المطهرة0 أما قوله تعالى : وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا( )0 وقوله تعالى : وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ( )0

فالمراد بالتفصيل والبيان هنا : تفصيل وبيان كل شئ من أحكام هذا الدين كقواعد كلية مجملة، أما تفاصيل تلك القواعد وما أشكل
منها؛ فالبيان فيها راجع إلى السنة النبوية قال تعالى : وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ( ) فقاعدة وجوب اتباع الرسول 
والتحاكم إلى سنته المطهرة من القواعد الكلية المجملة لهذا الدين، وفصلها ربنا  فى كتابه العزيز كما فى الآية السابقة0 وقوله تعالى : 
وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ( ) يقول ابن كثير فى تفسير قوله تعالى  تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ عن ابن مسعود( )  قال :
قد بين لنا فى هذا القرآن كل علم وكل شئ وقال مجاهد( ) : كل حلال وحرام، وقول ابن مسعود أعم وأشمل؛ فإن القرآن اشتمل على كل علم
نافع من خبر ما سبق، وعلم ما سيأتى، وكل حلال وحرام، وما الناس إليه محتاجون فى أمر دنياهم ودينهم ومعاشهم ومعادهم - وقال
الأوزاعى : "تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ" أى بالسنة( )0

ولا تعارض بين القولين - ابن مسعود والأوزاعى - فابن مسعود يقصد العلم الإجمالى الشامل، والأوزاعى يقصد تفصيل وبيان
السنة لهذا العلم الإجمالى0

ومن هنا؛ فالقول بأن القرآن الكريم تبيانٌ لكل شئ قول صحيح فى ذاته بالمعنى الإجمالى السابق ولكن الفساد فيما بنوه عليه من
الاستغناء عن السنة والاكتفاء بالقرآن ليؤولوه حسب أهوائهم0 وإلا فرب العزة هو القائل فى نفس سورة النحل وقبل هذه الآية قال تعالى : 
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ(38)لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ
الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ ( )0

وقال تعالى : وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ( ) وقال تعالى : أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ
الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ( ) فتلك ثلاث آيات كريمات فى نفس سورة النحل وسابقة لآية وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ
شَيْءٍ والثلاث آيات تسند صراحة مهمة البيان والتفصيل إلى النبى  صاحب السنة المطهرة، فهل يعقل بعد ذلك أن يسلب الله  هذه المهمة -
البيان، التى هى من مهام الرسل جميعاً كما قال  أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ( )0 وقال  : وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ( )0 ويوقع التناقض بآية الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ0

إن كل الرافضين لحجية السنة، لابد أن يلتزموا بهذه النتيجة التى تعود بالنقض على الإيمان بالكتاب، وبمن أنزل الكتاب جل جلاله، سواء أقروا
بلسانهم بهذا النقض أم لا، وتنبهوا إلى ذلك أم لا؟!!

ويجدر بنا أن نشير إلى نصوص لبعض العلماء تؤكد الذى قلناه فى معنى البيان الوارد فى الآية التى استشهدوا بها يقول الإمام
الشاطبى( ): "تعريف القرآن بالأحكام الشرعية أكثره كلى لا جزئى، وحيث جاء جزئياً فمأخذه على الكلية، إما بالاعتبار أو بمعنى الأصل، إلا ما
خصه الدليل مثل خصائص النبى 0 ويدل على هذا المعنى - بعد الاستقراء المعتبر - أنه محتاج إلى كثير من البيان، فإن السنة على كثرتها
وكثرة مسائلها إنما هى بيان للكتاب كما سيأتى شرحه إن شاء الله تعالى0
وقد قال الله تعالى : وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ( ) وإذا كان الأمر كذلك فالقرآن على اختصاره جامع، ولا
يكون جامعاً إلا والمجموع فيه أمور كليات لأن الشريعة تمت بتمام نزوله؛ لقوله تعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ
لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا( ) وأنت تعلم أن الصلاة والزكاة والجهاد وأشباه ذلك لم يتبين جميع أحكامها فى القرآن، إنما بينتها السنة، وكذا تفاصيل
الشريعة من الأنكحة والعقود والقصاص والحدود، وغير ذلك0

فعلى هذا لا ينبغى فى الاستنباط من القرآن الاقتصار عليه دون النظر فى شرحه وبيانه وهو السنة؛ لأنه إذا كان كلياً وفيه أمور
كلية كما فى شأن الصلاة والزكاة والحج والصوم ونحوها فلا محيص عن النظر فى بيانه، وبعد ذلك ينظر فى تفسير السلف الصالح له إن
أعوزته السنة، فإنهم أعرف به من غيرهم، وإلا فمطلق الفهم العربى لمن حصله يكفى فيما أعوز من ذلك،فبيان الرسول بيان صحيح لا
إشكال فى صحته؛لأنه لذلك بعث،قال تعالى: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ( )ولا خلاف فى هذا البيان النبوى( )0

ويقول الدكتور إبراهيم محمد الخولى : "التبيين" هنا غير "التبليغ" الذى هو الوظيفة الأولى للنبى  قال تعالى : يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ
مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ( )، و"التبيين" و "التبليغ" وظيفتان موضوعهما واحد هو "القرآن العظيم" عبر عنه فى آية
"التبليغ" بهذا اللفظ : "ما أنزل إليك" وعبر عنه فى آية التبيين بلفظ مختلف : "ما نزل إليهم" وبينهما فروق لها دلالتها، مردها إلى الفروق بين
الوظيفتين "فالتبليغ" تأدية النص؛ تأدية "ما أنزل" كما "أنزل" دون تغيير ما على الإطلاق، لا زيادة ولا نقصان، ولا تقديم ولا تأخير …
و "التبيين" إيضاح، وتفسير، وكشف لمراد الله من خطابه لعباده، كى يتسنى لهم إدراكه، وتطبيقه، والعمل به على وجه صحيح0
و "التبليغ" مسئولية "المبلغ" وهو المؤتمن عليها، وهذا سر التعبير : "وأنزلنا إليك" حيث عدى الفعل "أنزل" بـ "إلى" إلى ضمير
النبى ، المخاطب0

و "التبيين" : مهمة، فرضتها حاجة الناس لفهم ما خوطبوا به، وبُلَّغوه، وإدراك دلالته الصحيحة، ليطبقوه تطبيقاً صحيحاً0

ومن هنا كانت المخالفة فى العبارة … "ونزل إليهم" … حيث عدى الفعل "نزل" بـ (إلى) مضافاً إلى الضمير "هم" … أى
الناس، وعُدِّى الفعل "لتبين" إلى الناس بـ "اللام" أن كانت حاجتهم إلى "التبيين" هى السبب والحكمة من ورائه، وهى توحى بقوة أن
رسول الله ، ليس بحاجة إلى ما احتاج إليه الناس من هذا التبيين، ولعمرى إنه لكذلك…، فقد أوحى إليه بيانه وألهمه، فالتقى فى نفسه "البيان"
و "المبين" معاً، وأصبح مؤهلاً لأن يقوم بالوظيفتين : وظيفة البلاغ، ووظيفة التبيين على سواء …، واختلاف الناس فى فهم القرآن ما بين
مصيب ومخطئ واختلافهم فى فهم درجات الإصابة، ودركات الخطأ … برهان بين على حاجتهم إلى "تبيين" لكتاب ربهم، ينهض به إمام
الموقعين عن رب العالمين( )0

ويقول الإمام الشافعى : "والبيان اسم جامع لمعان مجتمعة الأصول متشعبة الفروع : فجماع ما أبان الله  لخلقه فى كتابه، مما
تعبدهم به، لما مضى من حكمه جل ثناؤه من وجوه :
1- منها ما أبانه لخلقه نصاً مثل إجمال فرائضه فى أن عليهم صلاة، وزكاة، وحجاً، وصوماً، وأنه حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن،
ونص على الزنا، والخمر، وأكل الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وبين لهم كيف فرض الوضوء،مع غير ذلك مما بين نصاً "إجمالياً"0
2- ومنها ما أحكم فرضه بكتابه، وبين كيف هو على لسان نبيه مثل عدد الصلاة، والزكاة ووقتها، إلى غير ذلك من فرائضه التى أنزلها فى
كتابه عز وجل0
3- ومنها ما سن رسول الله  مما ليس لله فيه نص محكم، وقد فرض الله فى كتابه طاعة رسوله ، والانتهاء إلى حكمه فمن قبل عن رسول
الله فبفرض الله قبل( )0

تعليــق :
مما سبق من قول الإمامين الشاطبى والشافعى يتأكد ما ذكرناه فى أن المراد من معنى البيان والتفصيل الوارد فى الآيات التى
استشهد بها أعداء السنة المطهرة؛ بيان وتفصيل القرآن لكل شئ من أحكام هذا الدين كقواعد كلية مجملة، ومن بين تلك القواعد التى فصلها
وبينها ربنا ؛ وجوب اتباع نبيه ، والتحاكم إلى سنته المطهرة( )، ففى تلك السنة المطهرة إيضاح هذه القواعد وتفصيلها، فجاءت السنة
موافقة ومؤكدة للقرآن، ومخصصة لعامه، ومقيدة لمطلقه، ومفصله لمجمله، وموضحة لمشكله، ومستقلة بتشريع أحكام دون سابق ذكر لها
فى كتاب الله  كما سيأتى مفصلاً فى المبحث الثالث0

يقول الإمام الشاطبى : "القرآن فيه بيان كل شئ على ذلك الترتيب المتقدم؛ فالعالم به على التحقيق عالم بجملة الشريعة ولا
يعوزه منها شئ؛ فهو أساس التشريع، وإليه ترجع جميع أحكام الشريعة الإسلامية، والتى منها السنة النبوية، فهى حاصلة فيه فى الجملة،
والدليل على ذلك أمور :
1- منها : النصوص القرآنية، كقوله تعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا( ) وقوله تعالى : 
وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ( ) وقوله تعالى : مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ( ) وقوله تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْءَانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ
أَقْوَمُ( ) وأشباه ذلك من الآيات الدالة على أنه هدى وشفاء لما فى الصدور،ولا يكون شفاء لجميع ما فى الصدور إلا وفيه تبيان كل
شئ( )0

2- ومنها : ما جاء فى الأحاديث والآثار المؤذنة بذلك كقوله  : "وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله"( )0 وعن ابن
عباس - رضى الله عنهما - قال : لما حضر رسول الله  - وفى البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب؛ فقال النبى  : "هَلْمَّ أكتب لكم كتاباً لا
تضلون بعده"0 فقال عمر : إن رسول الله  قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن0 حسبنا كتاب الله( )، وأشباه هذا مما روى مرفوعاً وموقوفاً
بالاقتصار على القرآن فقط0

يقول الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى - الاقتصار على الوصية بكتاب الله؛ لكونه أعظم وأهم؛ ولأن فيه تبيان كل شئ إما
بطريق النص، وإما بطريق الاستنباط، فإذا اتبع الناس ما فى الكتاب عملوا بكل ما أمرهم النبى  به لقوله تعالى : ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا
نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ( )0

وكلام الحافظ ابن حجر السابق نقله مبتوراً الأستاذ جمال البنا فقال : "التمسك بالقرآن والعمل بمقتضاه إشارة إلى قوله  : "تركت فيكم ما إن
تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله"0 وترك جمال البنا، بيان أن العمل بالقرآن الكريم يقتضى العمل بالسنة المطهرة كما صرح ابن حجر( )0

وهذا ما فعله أيضاً الدكتور أحمد صبحى منصور فى كتابه "حد الردة" نقل كلام الحافظ بن حجر الذى نقلناه، وبتر منه لفظة النبى  فصارت
العبارة : "فإذا اتبع الناس ما فى الكتاب عملوا بكل ما أمرهم به"( ) أ0هـ …

وفى هذا الجواب الأخير تعلم الجواب عن باقى الآيات التى استشهد بها أعداء السنة على الاكتفاء بالقرآن، وعدم حجية السنة، للاقتصار على
ذكر القرآن فقط، والوصية به كقوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ( )0 وقوله تعالى:وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ( )0 وقوله تعالى : وَالَّذِينَ
يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ( )0 وقوله تعالى : أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ ( ) وقوله تعالى وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْءَانُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ(
)0 وأشباه هذه الآيات الكريمة التى ورد الاقتصار فيها على الوصية بكتاب الله ، وما ذلك إلا كما علمنا، أن القرآن هو الأصل المرجوع إليه
فى الشرائع والأحكام واتباعه، والعمل بما فيه عمل بالسنة النبوية المستمدة حجيتها ومصدرتيها التشريعية منه0 فهى من الوحى الغير متلو،
والوحى ذكر، والذكر محفوظ بنص القرآن فى قوله تعالى : نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ( ) وهذا ما أنكره أعداء السنة … فإلى بيان
شبهتهم والرد عليها0

المطلب الثانى
شبهة أن السنة لو كانت حجة لتكفل الله بحفظها والرد عليها

زعم أعداء السنة المطهرة أن الله تعالى تكفل بحفظ القرآن دون السنة، واحتجوا لذلك بقوله تعالى : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ
لَحَافِظُونَ ( ) وقالوا : لو كانت السنة حجة ووحياً مثل القرآن؛ لتكفل الله عز وجل بحفظها؛ كما تكفل بحفظ القرآن الكريم0

وممن ذهب إلى ذلك؛ الدكتور توفيق صدقى( )، وإسماعيل منصور( )، وأيدهما جمال البنا( )، وذهب إلى ذلك أيضاً فرقة (أهل
القرآن) بالهند وباكستان( )0

الجــواب :
مما لا شك فيه أن منشأ هذه الشبهة فى كلمة (الذكر) حيث اقتصر فهم المنكرين لحجية السنة المطهرة على أن المراد بكلمة
الذكر فى الآية هو "القرآن الكريم" وحده دون السنة، وأن الضمير فى قوله تعالى "لـه" عائد على القرآن، وأن الآية فيها حصر بتقديم الجار
والمجرور وهذا الحصر يفيد عندهم قصر الحفظ على القرآن وحده دون ما عداه( )0

ونقول رداً على ذلك : إن رب العزة قد تكفل بحفظ ما صح من حديث رسوله ، ويدل على ذلك الكتاب الكريم، والسنة النبوية
الصحيحة، والعقل، والتاريخ( )0

أولاً : أما الدليل من كتاب الله  على تكفل الله بحفظ السنة كما تكفل بحفظ كتابه الكريم :
1- قوله تعالى : وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ( )، يقول فضيلة الأستاذ الدكتور محمد السيد ندا فى الآية الكريمة إخبار من
الله تعالى : بأن السنة مبينة للقرآن، وقد تكفل الله بحفظه فى قوله تعالى : نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ( )0 فيلزم من هذا أن يكون قد
تكفل أيضاً بحفظ السنة؛ لأن حفظ المبين يستلزم حفظ البيان للترابط بينهما0
2- وقال تعالى : عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءَانَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ( )0 فإنه نص صريح يدل على أن الله قد تكفل بحفظ السنة
على وجه الأصالة والاستقلال لا على طريق اللزوم والتتبع؛ لأنه تكفل فيه ببيان القرآن فى قوله تعالى : ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ0 أى بيان
القرآن، والبيان كما يكون للنبى  يكون لأمته من بعده0 وهو يكون للنبى  بالإيحاء به إليه ليبلغه للناس، وهو المراد فى الآية السابقة : 
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ( ) وقوله تعالى : أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ( ) فالسنة النبوية على
هذا منزلة من عند الله  (بوحى غير متلو) وفى هذا رد على ما زعمه الدكتور إسماعيل منصور؛ بأن البيان للذكر لم ينزل مع الذكر (القرآن)
وإلا لكان النص على نحو : "وأنزلنا إليك الذكر وبيانه"( )0 ويكون البيان للأمة من بعده  بحفظ السنة التى بلغهم النبى  إياها0

ولو شغب مشاغب بأن هذا الخطاب:"عَلَيْنَا بَيَانَهُ" متوجه إلى الله  فقط دون الأمة وإلا قال :"عليكم بيانه" لما أمكنه هذا الشغب
فى قوله  : عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءَانَهُ فمن الذى جمع القرآن الكريم؟! الله  بذاته المقدسة؟ أم قيض لذلك رجالاً من خلقه وعلى رأسهم من
أنزل عليه  وصحابته الكرام فمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؟!

فإن أجاب بالأولى، استغنى بجهله هذا عن مناظرته، وإن أجاب الثانية؛ بطل قوله بأن بيان الكتاب متوجه إلى الله  فى كتابه فقط وليس إلى
نبيه وإلى الأمة من بعده0 وفى ذلك رد على ما زعمه الدكتور إسماعيل منصور بأن حفظ الرجال للسنة يجعلهم يتساوون مع الله  فى القدرة
بحفظه كتابه ، فتستوى بذلك قدرة الله وقدرة المخلوقين( )0

يقول فضيلة الدكتور محمد السيد ندا : "فهذان دليلان على أن الله تكفل بحفظ السنة كما تكفل بحفظ القرآن، وتحقيقاً لهذا الوعد
الكريم من الله  هيأ الأسباب لحفظها، والذود عن حياضها؛ فأثار فى نفوس المسلمين عوامل المحافظة عليها، والدفاع عنها؛ فكانت موضع
اهتمامهم ومحل تقديرهم ورعايتهم منذ أن أشرقت شمسها إلى يومنا هذا، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها( )0
3- ويذكر الإمام ابن حزم دليلاً ثالثاً من كتاب الله على تكفله جل علاه بحفظ السنة فى قوله تعالى : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ( )0

يقول الإمام ابن حزم : "هذه الآية الكريمة جامعة لجميع الشرائع أولها عن آخرها، وذكرت أصولاً ثلاثة وهى قوله تعالى : 
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ0 فهذا أصل وهو القرآن،ثم قال تعالى:وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ0 فهذا ثان وهو الخبر عن رسول الله ، ثم قال
تعالى:وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ0 فهذا ثالث وهو الإجماع المنقول إلى رسول الله  حكمه، وصح لنا بنص القرآن، أن الأخبار هى أحد الأصلين
المرجوع إليهما عند التنازع، قال تعالى : فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ0 والبرهان
على أن المراد بهذا الرد؛ إنما هو إلى القرآن،والخبر عن رسول الله ؛ لأن الأمة مجمعة على أن هذا الخطاب متوجه إلينا، وإلى كل من يخلق
ويركب روحه فى جسده إلى يوم القيامة من الجنة والناس؛ كتوجهه إلى من كان على عهد رسول الله  وكل من أتى بعده عليه السلام وقبلنا
ولا فرق، وقد علمنا علم ضرورة أنه لا سبيل لنا إلى رسول الله  وحتى لو شغب مشاغب بأن هذا الخطاب إنما هو متوجه إلى من يمكنه لقاء
رسول الله ، لما أمكنه هذا الشغب فى الله ، إذ لا سبيل لأحد إلى مكالمته تعالى؛ فبطل هذا الظن، وصح أن المراد بالرد المذكور فى الآية التى
نصصنا إنما هو إلى كلام الله تعالى، وهو القرآن وإلى كلام نبيه  المنقول على مرور الدهر إلينا جيلاً بعد جيل، وأيضاً فليس فى الآية المذكورة
ذكر للقاء ولا مشافهة أصلاً، ولا دليل عليه، وإنما فيه الأمر بالرد فقط، ومعلوم بالضرورة؛ أن هذا الرد إنما هو تحكيم أوامر الله تعالى وأوامر
رسوله  دون تكلف تأويل ولا مخالفة ظاهر0

والقرآن والخبر الصحيح بعض من بعض وهما شئ واحد فى أنهما من عند الله تعالى، وحكمها حكم واحد فى باب وجوب الطاعة
لهما للآية المذكورة وقوله تعالى : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ(20)وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا
وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ( )0

وكلام النبى  كله وحى لقوله تعالى : وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى( )0 والوحى ذكر بإجماع الأمة كلها،
والذكر محفوظ بالنص قال تعالى : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ( ) فصح أن كلام رسول الله  كله فى الدين وحى من عند الله ؛ لا
شك فى ذلك، ولا خلاف بين أحد من أهل اللغة والشريعة فى أن كل وحى نزل من عند الله تعالى فهو ذكر منزل0 فالوحى كله محفوظ بحفظ الله
تعالى له بيقين، وكل ما تكفل الله بحفظه؛ فمضمون ألا يضيع منه، وألا يحرفٍ منه شئ، أبداً تحريفاً لا يتأتى البيان ببطلانه، إذ لو جاز غير ذلك؛
لكان كلام الله تعالى كذباً وضمانه خائساً، وهذا لا يخطر ببال ذى مسكة عقل، فوجب أن الدين الذى أتانا به محمد  محفوظ بتولى الله تعالى
حفظه، مبلغ كما هو إلى كل ما طلبه مما يأتى أبداً إلى انقضاء الدنيا قال تعالى : لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ( ) فإذا كان ذلك كذلك؛ فبالضرورى
نتيقن أنه لا سبيل ألبته إلى ضياع شئ قاله رسول الله  فى الدين، ولا سبيل البتة إلى أن يختلط به باطل موضوع اختلاطاً لا يتميز عند أحد
من الناس بيقين، إذ لو جاز ذلك؛ لكان الذكر غير محفوظ، ولكان قول الله تعالى:إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ( )0كذباً ووعداً
مخلفاً،وهذا لا يقوله مسلم

فإن قال قائل : "إنما عنى تعالى بذلك القرآن وحده، فهو الذى ضمن تعالى حفظه دون سائر الوحى الذى ليس قرآناً0 قلنا له
وبالله تعالى التوفيق : "هذه دعوى كاذبة مجردة من البرهان، وتخصيص للذكر بلا دليل، وما كان هكذا فهو باطل لقوله تعالى : قُلْ هَاتُوا
بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ( ) فصح أنه لا برهان له على دعواه، فليس بصادق فيها، والذكر اسم واقع على كل ما أنزل الله على نبيه  من
قرآن أو من سنة وحياً يبين بها القرآن، وأيضاً فإن الله تعالى يقول : وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ( ) فصح أنه عليه الصلاة
والسلام مأمور ببيان القرآن للناس0

وفى القرآن مجمل كثير؛ كالصلاة، والزكاة، والحج، وغير ذلك مما لا نعلم ما ألزمنا الله تعالى فيه بلفظه، ولكن بين لنا رسول
الله ، فإذا كان بيانه – عليه الصلاة والسلام – لذلك المجمل غير محفوظ ولا مضمون سلامته مما ليس منه؛ فقد بطل الانتفاع بنص القرآن،
فبطلت أكثر الشرائع المفترضة علينا فيه، لم ندر صحيح مراد الله تعالى منها، وما أخطأ فيه المخطئ أو تعمد فيه الكذب الكاذب، ومعاذ الله من
هذا( )0

4- ويذكر الإمام ابن قيم الجوزية : دليلاً رابعاً من كتاب الله  على تكفله -جل جلاله- بحفظ السنة فى قوله تعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا( ) وقال تعالى : وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ( )0 وقال تعالى : الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ
الْإِسْلَامُ ( )0

يقول ابن قيم الجوزية : فنقول لمن جوز أن يكون ما أمر الله به نبيه من بيان شرائع الإسلام غير محفوظ، وأنه يجوز فيه،
التبديل، وأن يختلط بالكذب الموضوع اختلاطاً لا يتميز أبداً، أخبرونا عن إكمال الله تعالى لنا ديننا، ورضاه الإسلام لنا ديناً، ومنعه من قبول كل
دين سوى الإسلام0 أكل ذلك باق علينا ولنا وإلى يوم القيامة؟ أم إنما كان ذلك للصحابة  فقط؟ أولا للصحابة ولا لنا؟ ولابد من أحد هذه
الوجوه0

فإن قالوا : لا للصحابة ولا لنا؛ كان قائل هذا القول كافراً لتكذيبه الله جهاراً، وهذا لا يقوله مسلم0 وإن قالوا : بل كل ذلك لنا
وعلينا وإلى يوم القيامة؛ صاروا إلى قولنا ضرورةً، وصح أن شرائع الإسلام كلها كاملة والنعمة بذلك علينا تامة0

وهذا برهان ضرورى وقاطع على أن كل ما قاله رسول الله  فى الدين، وفى بيان ما يلزمنا محفوظ لا يختلط به ما ليس منه
أبداً0

وإن قالوا : بل كان ذلك للصحابة فقط، قالوا : الباطل، وخصصوا خطاب الله بدعوى كاذبة، إذ خطابه تعالى بالآيات الكريمة التى
ذكرها عموم لكل مسلم فى الأبد، ولزمهم مع هذه العظيمة أن دين الإسلام غير كامل عندنا، والله تعالى رضى لنا منه ما لم يحفظه علينا
وألزمنا منه ما لا ندرى أين نجده، وافترض علينا اتباع ما كذبه الزنادقة0 ووضعوه على لسان رسوله ، أو وهم فيه الواهمون مما لم يقله
نبيهم  - وهذا بيقين ليس هو دين الإسلام، بل هو إبطال لدين الإسلام جهاراً، ولو كان هذا - ومعاذ الله أن يكون - لكان ديننا؛ كدين اليهود
والنصارى الذين أخبر الله تعالى أنهم كتبوا الكتاب بأيديهم وقالوا : هذا من عند الله، وما هو من عند الله0

ونحن قد أيقنا بأن الله تعالى هو الصادق فى قوله : فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ( ) وأنه تعالى قد
هدانا للحق، فصح يقيناً أن كل ما قاله رسول الله ، هدانا الله تعالى له، وأنه حق مقطوع به حفظه الله تعالى، وقد قال تعالى : فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ
اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا ( )0

وقال تعالى : تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ( )0 فلو جاز أن يكون ما نقله الثقات الذين افترض الله علينا قبول نقلهم والعمل به والقول
بأنه سنة الله وبيان نبيه يمكن فى شئ منه التحويل أو التبديل؛ لكان إخبار الله تعالى بأنه لا يوجد لها تبديل ولا تحويل كذباً، وهذا لا يجيزه
مسلم أصلاً؛ فصح يقيناً لا شك فيه أن كل سنة سنها الله  لرسوله، وسنها رسوله لأمته، لا يمكن فى شئ منها تبديل ولا تحويل أبداً، وهذا
يوجب أن نقل الثقات فى الدين؛ يوجب العلم بأنه حق كما هو من عند الله  ( ) أ0هـ0

ثانياً : أما الدليل من السنة النبوية الصحيحة على تكفل الله  بحفظ سنة نبيه  قوله  "أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن عبداً حبشياً،
فإنه من يعش منكم بعدى فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم
ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة"( ) وقوله  "تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما؛ كتاب الله وسنتى، ولن يتفرقا حتى
يردا على الحوض"( )0

ففى هذه الأحاديث وغيرها - مما سيأتى فى المبحث الثالث يخبر النبى ؛ أن له سنة مطهرة تركها لأمته، وحثهم على التمسك
بها، والعض عليها بالنواجذ؛ ففى اتباعها الهداية، وفى تركها الغواية، فلو كانت سنته المطهرة غير محفوظة، أو يمكن أن يلحقها التحريف
والتبديل؛ فلا يتميز صحيحها من سقيمها، ما طالب أمته بالتمسك بها من بعده، فيكون قوله مخالفٌ للواقع، وهذا محال فى حقه  فأمره
بالتمسك بها، يدل على أنها ستكون محفوظة تأكيداً لقوله تعالى : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ( )0 فدل ذلك على إخبار بالغيب
صادق فى الواقع0

ثالثاً : الدليل العقلى على تكفل رب العزة بحفظ سنة نبيه  :
يقول الدكتور رءوف شلبى : "ليس بلازم فى الاحتمالات العقلية أن يكون المراد من الذكر القرآن الكريم وحده، لأمرين :
1- أنه لو كان المراد من الذكر القرآن الكريم وحده؛ لصرح المولى  به باللفظ، كما صرح به فى كثير من الموضوعات كما فى قوله تعالى :
إِنَّ هَذَا الْقُرْءَانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ( )0 وقوله تعالى : هُوَ قُرْءَانٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ( ) وقوله تعالى : وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ
( )0
2- لو كان المراد بالذكر القرآن لعبر عنه بالضمير إنا نحن نزلناه إذ افتتاح السورة فيه نص وذكر للقرآن تِلْكَ ءَايَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْءَانٍ
مُبِينٍ ( ) والتعبير بالضمير فى نظر اللغة أجود؛ لأن العلم فى المرتبة الثانية من الضمير، إذ هو أعرف المعارف، وهو عمل يتفق مع منزلة
القرآن، وتعتمده الصناعة الإعرابية0

وإذن : فليس بالحتم أمام فهم العقل أن يكون المراد من الذكر هو القرآن فقط دون غيره، بل إن تفسير الذكر بالقرآن فقط احتمال
بعيد فى نظر العقل؛ لعدم وجود مرشح لهذا التفسير يقوى على مواجهة الأمرين السالفين اللذين يقويان بالمنزلة والعرف النحوى0

وإنه لأقرب من هذا التفسير أحد الاحتمالين :
الأول : أن يكون المراد من الذكر الرسالة والشرف الذى استحقه الرسول  واتصف به بنزول النبوة والقرآن عليه، ويقوى عندنا هذا الاحتمال
أمام نظر العقل افتتاحة سورة "الحجر" حيث صورت مقالات الكافرين المعتدين على النبوة بأوصاف مفتراه ذكرها رب العزة فى كتابه حكاية على
لسانهم وَقَالُوا يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ(6)لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ(7)مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا
إِذًا مُنْظَرِينَ(8)إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ( )0

فالآيتان الأوليان تصوران اتهامات الكافرين الكاذبة، والآيتان التاليتان ترد على هذه الاتهامات، وتعد بحفظ الرسالة والشرف الذى
نزل على رسول الله 0

ويرشح لهذا الاحتمال قوله تعالى : وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ( ) فعود الضمير فى الآية "إنـه" على ما ذكر قبلاً
فى قوله تعالى : فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ( ) دليل على أن التصريح به مراد الشرف، لا سيما ومن قبل ذلك قال تعالى : وَقَالُوا لَوْلَا
نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ( )0 فذكر القرآن بالنص أولاً، وذكره بالوحى ثانياً، ووصف ذلك بأنه ذكر للنبى  ولقومه،
مما يقوى الاحتمال العقلى، أن المراد من الذكر فى سورة الحجر هو الرسالة والشرف0

الثانى : أن يكون المراد من الذكر الشريعة مطلقاً، ويرشح لهذا الاحتمال ما تناولته السورة بعد الآية التى معنا فى ذكر موقف الأمم السابقة مع
رسلهم، يقول الله تعالى : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ
لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ ( )0

والأنبياء يكلفون الأمم بالشرائع، والشريعة : كتاب الله  وسنة نبيه ، والذى يستعرض حالات الأمم مع الأنبياء يقف أن محاجاة
الكافرين مع الرسل، تدور كلها حول التكليف الذى مصدره ما ينزله الله بالوحى المعبر عنهما بالكتاب والسنة؛ فالسنة ليست من المسائل
الخاصة بالنبى ، كما سنبينه فى المبحث الثالث إن شاء الله تعالى0

وتكون الآية التى معنا قد نبهت على أمر خطير : هو أنه إذا كان الأمر فى الأمم السالفة ينتهى إلى إلغاء الشريعة بعد معارك
عنيفة بين الرسل وأممهم؛ فإن هذه الشريعة قرآناً وسنة سيحفظها رب العزة إلى قيام الساعة من كيد أعدائه وأعداء دينه كما وعد فى قوله
تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ( )0

وعلى ذلك فإن الذكر فى الآية مراد به الشريعة، ويكون الضمير فى قوله "لـه" عائد على الشريعة بمصدريها الأساسين القرآن
الكريم، والسنة المطهرة( )0
قلت : ومما يرشح لهذا الاحتمال الثانى : تفسير الإمام الشاطبى للحفظ المضمون فى الآية الكريمة؛ بأنه حفظ أصول الشريعة وفروعها فيقول :
"من العلم ما هو من صلب العلم، ومنه ما هو ملح العلم لا من صلبه، ومنه ما ليس من صلبه ولا ملحه0 فهذه ثلاثة أقسام :
القسم الأول : هو الأصل والمعتمد، والذى عليه مدار الطلب، وإليه تنتهى مقاصد الراسخين وذلك ما كان قطيعاً أو راجعاً إلى أصل
قطعى0 والشريعة المباركة المحمدية منزلة على هذا الوجه، ولذلك كانت محفوظة فى أصولها وفروعها؛ كما قال الله تعالى : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا
الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ( )؛ لأنها ترجع إلى حفظ المقاصد التى بها يكون صلاح الدارين : وهى الضروريات والحاجيات، والتحسينات وما هو
مكمل لها ومتمم لأطرافها وهى أصول الشريعة، وقد قام البرهان القطعى على اعتبارها، وسائر الفروع مستندة إليها، فلا إشكال فى أنها علم
أصل، راسخ الأساس، ثابت الأركان( )0

يقول الدكتور رءوف شلبى : "لكن بقى أن يقال : كيف يعود الضمير على القرآن والسنة معاً، ولم يذكر إلا القرآن وحده؟ ولكننا
نجد فى القرآن الكريم نفسه استعمالاً للضمير استناداً على ما يفهم من السياق، و مدلولات الحديث، يشهد لهذا قوله تعالى : إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ
إِنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا( )0 فتلك صفات الحور العين مع أنه لم يجر لهم ذكر فى قسم أصحاب اليمين فى سورة الواقعة، ولكن
السياق العام للسورة وما ذكر فى الأقسام السابقة يجعل الذهن يدرك أن الضمير عائد على أمر مفهوم الفحوى والسياق والأسلوب0

كذلك يقوى هذه الشهادة فى استعمال القرآن الضمير على ما يستند على الأسلوب النحوى، قوله تعالى : فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ
الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ( )0 ففى قوله : "تـوارت" ضمير فاعل يعود على الشمس مع أنه لم يجر لها ذكر فى السورة
بالنص، ولكن السياق العام يجعل الذهن يدرك أن الضمير عائد على الشمس0 وما معنا فى آية الحجر من هذا القبيل والكل استعمال قرآنى
تزكيه اللغة، ويقويه الإعراب القرآنى، فليس هناك وجه للاعتراض، وعليه يسلم تفسير الذكر بالشريعة قرآناً وسنة( )0

قلـت : وفيما سبق رد على ما زعمه كذباً الدكتور إسماعيل منصور بأنه : "لو كانت السنة من الذكر الذى نزله الله تعالى؛ للزم
بيان ذلك الحكم صراحة، ولما صح إبهامه حتى يأتى من باب التأويل "الفاسد" الذى لا يصح بأى حال! فضلاً عن أن الذكر قد ورد صراحة فى
القرآن الكريم، ليدل على أنه القرآن الكريم وحده دون منازع - كما فى قوله تعالى : وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ( )0 وقوله
تعالى : ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ( ) وغير ذلك من الآيات التى استدل بها على أن الذكر هو القرآن الكريم وحده( )0

ونسلم لكم أيها المعاندون لحجية السنة أن المراد بالذكر؛ هو القرآن الكريم وحده، وأن الضمير فى قوله تعالى : "لـه" عائد على القرآن المراد
منه الذكر، ولكن الحصر الذى تستدلون به على أن السنة النبوية لم تدخل فى دائرة الحفظ لقصره على القرآن فقط، وترتبون على هذا
الحصر عدم صحة الاحتجاج بالسنة، وأنها ليست مصدراً من مصادر التشريع0

هذا الحصر ليس حصراً حقيقياً؛ بل هو حصر إدعائى، والدليل على ذلك؛ أن رب العزة قد حفظ أشياء كثيرة مما عداه
منها :
1- حفظه جل جلاله للسماوات والأرض أن تزولا كما قال  إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ
بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ( )0
2- حفظه جل جلاله لنبيه  من القتل كما قال  : وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ( )0 وإذا فسدت حقيقة القصر؛ فقد فسد المترتب عليها : وهو
عدم الاعتراف بحجية السنة المطهرة( )0

يقول الدكتور عبد الغنى عبد الخالق( ) : "والحصر الإضافى بالنسبة إلى شئ مخصوص، يحتاج إلى دليل وقرينة على هذا الشئ
المخصوص، ولا دليل عليه سواء أكان سنة أم غيرها0

فتقديم الجار والمجرور ليس للحصر، وإنما هو لمناسبة رؤوس الآى0 بل:لو كان فى الآية حصر إضافى بالنسبة إلى شئ
مخصوص: لما جاز أن يكون هذا الشئ هو السنة؛ لأن حفظ القرآن متوقف على حفظها،ومستلزم له بما أنها حصنه الحصين،ودرعه المتين،
وحارسه الأمين، وشارحه المبين؛ تفصل مجمله، وتفسر مشكله، وتوضح مبهمه، وتقيد مطلقه، وتبسط مختصره، وتدفع عنه عبث العابثين،
ولهو اللاهين، وتأويلهم إ ياه على حسب أهوائهم وأغراضهم، وما يمليه عليهم رؤساؤهم وشياطينهم0 فحفظها من أسباب حفظه، وصيانتها
صيانة له0

ولقد حفظها الله تعالى كما حفظ القرآن فلم يذهب منها - ولله الحمد - شئ على الأمة؛ وإن لم يستوعبها كل فرد على حدة"( )0

رابعاً : الدليل التاريخى على تكفله جل جلاله بحفظ السنة كما تكفل بحفظ القرآن الكريم :
أنه لو تتبع أعداء الإسلام الحوادث والتاريخ، وتتبعوا السيرة النبوية العطرة؛ لظهر لهم بكل جلاء ووضوح وبما لا يدع مجالاً للشك؛ أن سنة
المصطفى  نالت من العناية والاهتمام لدى المسلمين ما لم تنله سيرة أى عظيم من العظماء، ولا بطل من الأبطال، ولا رئيس من
الرؤساء، ولا ملك من الملوك0 ذلك أن رسول الله  فى واقع الأمر ليس إنساناً عادياً، ولا رسولاً عادياً، ولا قائداً يشبه فى أخلاقه وصفاته
الإنسانية أحداً، "فهو أفق وحده لا يدانيه أفق" ولذلك كان هو الأسوة، وهو النبراس المضئ0

أدرك هذه الحقيقة أصحابه وتابعوهم، والمسلمون من بعدهم فعكفوا على نقل، وتدوين وحفظ، وتطبيق كل ما صدر عن رسول الله
 من قول، أو فعل، أو تقرير، حتى الحركات والسكنات، وبالجملـة0 نقلت حياته برمتها وكلياتها وجزئياتها فى عباداته ومعاملاته، فى سلمه
وحربه، وفى نومه ويقظته، فى أدق الأمور، وفيما نعده من أسرار حياتنا كمعاشرته، إلى غير ذلك بصورة لم تحظ بها سيرة أحد غيره من
البشر0

وهذا يمثل إشارة قوية إلى أن الله  تكفل بحفظ هذه السنة بما هيأ لها من رجال أفنوا أعمارهم فى ضبطها والسهر عليها،
وتدوينها، وحفظها، وشرحها، وتمييز صحيحها من سقيمها؛ فنقشوها فى صفحات قلوبهم الأمينة، وفى كتبهم الواعية، فكان تكفله  بحفظ كتابه
فى قوله تعالى : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ( )0 يشمل السنة النبوية حيث قيض الله لها من الرواة الثقات والأئمة الأعلام، ما
قيض لكتابه العزيز من ثقات كل قرن، وإلى أن يرث الأرض ومن عليها0

ولولا إرادة المولى  بحفظها، لاندثرت مع تعاقب الدهور لكثرة ما وجه إليها من طعون، ولكثرة ما صادفت من أعداء أضمروا
لها شراً، وأرادوا بها سوءاً، فجعلهم الله الأخسرين بما قيض لها من الرجال الأوفياء فى كل عصر، وفى كل جيل، وفى كل مكان( )0

وأخيـراً فإننا لا نستطيع إلا أن نرتاب فى أمر هؤلاء الناس الذين قرروا إطلاق أنفسهم من ربقة القرآن الكريم وأحكامه، قبل أن
يقرروا إطلاقها من مقتضيات السنة وأحكامها0 ولكن شق عليهم أن يواجهوا الناس بخروجهم على القرآن الكريم وتعليماته، فأضافوا إلى
القرآن الكريم ما لا مضمون له إلا ما تهواه أنفسهم ويتفق مع رغائبهم وأغراضهم … وكان غرضهم الوحيد من ذلك هو أن يبعدوا السنة عن
طريقهم ويقطعوا ما بينها وبين القرآن الكريم من علاقة التفسير والتكامل والبيان0

وقد سبقهم إلى ذلك - فى عصور سالفة - بعض الزنادقة والمارقين0 فما كان حالهم فى الظهور والافتضاح إلا شراً ممن
جاهروا بالكفر والعصيان ومحاربة كتاب الله  وغدت الأمة الإسلامية تتقى شرهم أكثر مما تتقى مجاهرة الكافر بكفره، والفاسق بفسقه( )0

"نعـم" إن الاقتصار على الكتاب رأى قوم لا خلاق لهم، خارجين عن الطريقة المثلى، وخارجين عن السنة المطهرة، فأداهم ذلك
إلى الانخلاع عن الجماعة، وتأويل القرآن على غير ما أنزل الله فضلوا وأضلوا"( ) أ0هـ0

والله تبــارك وتعالـى
أعلى وأعلم

المبحـث الثالـث
أدلـة حجيـة السنـة النبويـة المطهـرة

وتحته خمس مطالب :
المطلب الأول : العصمــــة0
المطلب الثانى : القرآن الكريـم0
المطلب الثالث : السنـة النبويـة0
المطلب الرابع : إجمـاع الأمـة0
المطلب الخامس : العقل والنظر0
وفيه ما يلى :
أ- ذكر نماذج من المسائل العجيبة التى استنبطها أعداء السنة من القرآن الكريم بدون رجوعهم إلى بيان النبى ، واستعراض بدائلهم عن
السنة المطهرة0
ب- بيان علاقة القرآن الكريم بالسنة الشريفة0
ج- بيان رتبة السنة النبوية من القرآن الكريم0
د- الكلام عن استقلال السنة بتشريع الأحكام، وتحرير الخلاف فى ذلك، والرد على من اتخذ كلام الإمام الشاطبى فى مسألة استقلال السنة
بتشريع الأحكام ستاراً للتشكيك فى حجية السنة واستقلالها بتشريع أحكـام0
هـ- بيان مضار إنكار السنة النبوية0
و- حكـم منكـر السنـة النبويـة0

المطلــب الأول
العصمــة

السنة النبوية أصل من أصول الدين، وحجة على جميع المسلمين، وقد دل على ذلك : العصمة، والقرآن الكريم، والسنة النبوية
وإجماع الأمة، والعقل والنظر0

أولاً : العصمـة :
قبل أن أذكر تعريف العصمة، وبيان دلالتها على حجية السنة، بل وحجية القرآن الكريم أيضاً، ينبغى أن أنبه على أن الكلام عن
العصمة فى الحقيقة من مباحث علم الكلام( )؛ لأنه علم يبحث فيه عن ذات الله تعالى، وذات رسله من حيث ما يجب لهم، وما يجوز، وما
يستحيل فى حقهم0

لكن علماء الأصول تناولوا العصمة بالحديث فى مباحث السنة، نظراً لشدة التصاقها بها، حيث تتوقف حجية السنة بل والقرآن
أيضاً على عصمة النبى ( )، إذا علم ذلك أقول وبالله التوفيق :
العصمة فى اللغة : المنع والحفظ والوقاية0 يقال عصمته فانعصم واعتصمت بالله : إذا امتـنعت بلطفه من المعصية، وهذا طعام
يعصم أى : يمنع من الجوع، ومنه قوله تعالى – على لسان ابن نوح عليه السلام - : سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ( ) أى
يمنعنى من تغريق الماء، ويقال دعى إلى مكروه فاستعصم0 أى امتنع وأبى وطلب العصمة منه، قال تعالى حكاية عن امرأة العزيز حين راودت
يوسف عليه السلام عن نفسه : وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ( ) أى تأبى عليها ولم يحبها إلى ما طلبت( )0

وفى الاصطلاح : حفظ الله للمكلف من الذنب، مع استحالة وقوعه من المحفوظ، والمراد عصمتهم - أى الأنبياء - من ذلك
ظاهراً وباطناً، فالله تعالى عصم ظاهرهم من الزنا، وشرب الخمر، والكذب، وغير ذلك، وعصم باطنهم من الحسد، والرياء وحب الدنيا إلى غير
ذلك من منهيات الباطن"( )0

وقيل فى تعريفها : هى خُلُق، مانع عن ارتكاب المعصية، غير ملجئ إلى تركها، فلا يكون مضطراً فى ترك المعصية( )0

دلالة العصمة على حجية القرآن والسنة :
يقول الدكتور عبد الغنى عبد الخالق - رحمه الله - : "اعلم أنه تجب عصمة الأنبياء عن أى شئ يخل بالتبليغ : ككتمان الرسالة،
والكذب فى دعواها، والجهل بأى حكم أنزل عليهم، والشك فيه، والتقصير فى تبليغه، وتصور الشيطان لهم فى صورة الملك، وتلبيسه عليهم فى
أول الرسالة وفيما بعدها، وتسلطه على خواطرهم بالوساوس، وتعمد الكذب فى أى خبر أخبرو به عن الله تعالى، وتعمد بيان أى حكم شرعى،
على خلاف ما أنزل عليهم : سواء أكان ذلك البيان بالقول أم بالفعل، وسواء أكان ذلك القول خبراً أم غيره0 فذلك كله : قد انعقد الإجماع
من أهل الشرائع على وجوب عصمتهم منه لدلالة المعجزات التى أظهرها الله على أيديهم (القائمة مقام قوله تعالى : صدق رسلى فى كل ما
يبلغون عنى) وعليه فإنه لو جاز عليهم شئ من ذلك، لأدى إلى إبطال دلالتها0 وهو محال( )0

كما انعقد الإجماع على أنهم معصومون من السهو،والغلط فيما يخل بالتبليغ،والذاهبين إلى تجويز ذلك عليهم يجمعون على
اشتراط التنبيه فوراً من الله تعالى وعدم التقرير عليه( )

وذلك يستلزم : أن كل خبر بلاغى - بعد تقرير الله له عليه - صادق مطابق لما عند الله إجماعاً : فيجب التمسك به يدل على
ذلك قوله تعالى : وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ( ) فكلمة "ينطق" فى لسان العرب تشمل كل ما يخرج من الشفتين من قول
أو لفظ( )، أى ما يخرج نطقه  عن رأيه، إنما هو بوحى من الله ( )0

ولقد جاءت الآيتان بأسلوب القصر عن طريق النفى والاستثناء، وهذا واضح فى إثبات أن كلامه  محصوراً فى كونه وحياً لا
يتكلم إلا به، وليس بغيره( )0

فيثبت بذلك حجية قوله  فى حق القرآن : "هذا كلام الله ( )، وقوله فى الأحاديث القدسية : "قال رب العزة كذا"، أو نحو هذه
العبارة، وقوله : "ألا إنى أوتيت القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان، متكئ على أريكته يقول : عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من
حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرِّموه0 ألا لا يحل لكم الحمار الأهلى، ولا كل ذى ناب من السباع، ولا كل ذى مخلب من الطير، ولا
لقطة معاهد، إلا أن يستغنى عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه، فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه"( )0

فهذه كلها أخبار، معصوم عن الكذب : فتكون حججاً دالة على أن الوحى قسمان :
القسم الأول : الكتاب المعجز المتعبد بتلاوته0
والقسم الثانى ما ليس بكتاب وهو قسمان :
1- حديث قدسى، وهو ما نزل لفظه( )0
2- وحديث نبوى وهو : ما نزل معناه، وعبر عنه النبى ، بلفظ من عنده( )0 وهذا القسم لقبه رب العزة بالحكمة( ) فى آيات كثيرة، منها
قوله تعالى : … وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (
)0

وقوله تعالى : لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءَايَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ
وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ( )0
ومما هو جدير بالذكر أن رب العزة قد بين فى كتابه العزيز أن نوعى الوحى المعبر عنهما بالكتاب والسنة ليسا من المسائل
الخاصة بالنبى  وإنما هى سنة عامة فى الأنبياء جميعاً قال تعالى : وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا ءَاتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ
مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ( ) ويقول رب
العزة فى حق آل إبراهيم : فَقَدْ ءَاتَيْنَا ءَالَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَءَاتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا( ) ويقول  فى حق عيسى عليه السلام : إِذْ قَالَ
اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ( )0

السنـة النبويـة وحى من الله تعالى :
ذهب العلماء إلى أن الوحى بالنسبة إلى السنة المطهرة ينقسم إلى قسمين :
1- القسم الأول : قسم أوحى الله تعالى بمعناه إلى رسول الله ، وعبر عنه الرسول  بألفاظ من عنده0 وهذا القسم هو الأعم الأغلب من
السنة النبوية0
1- أما القسم الثانى : فهو ما قاله الرسول  باجتهاده مما يعلم أنه من شرع الله تعالى، فإن وافق قوله أو فعله مراد الله تعالى،
فالأمر كما أخبر به رسول الله ، وإن كان الأمر يحتاج إلى تصحيح أو توضيح0 أوحى الله تعالى إلى نبيه  بذلك0

والقسم الثانى هذا هو الأقل فى السنة الشريفة( ) ويدخل فى هذا القسم ما صدر من رسول الله  على سبيل العادة والطبيعة وأقره الله عليها،
كشؤونه فى طعامه وشرابه ولباسه، وجلوسه ونومه وما ماثل ذلك، فإن ذلك كله بعد تقرير الله  له، يكون بمنزلة الوحى حجة على العباد ما
لم يقم دليل على خصوصيته بالنبى ( )0

ومن الأدلة على أن السنة النبوية وحى منزل من عند الله  قوله : وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ
عَلَيْكَ عَظِيمًا( ) فهذه الآية-من سورة النساء-تدل على أن الحكمة نزلت من عند الله تعالى مثل القرآن الكريم، وفى سورة الإسراء يقول رب
العزة: ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ( )0 والآية واضحة فى أن الحكمة وحى من الله تعالى مثل القرآن الكريم0
ومن دقة الأداء القرآنى فى التعبير عن هذين النوعين من الوحى (الكتاب والسنة)؛ أنه فصل بينهما بواو العطف إذا اجتمعا، ليبين
أن هذين النوعين مختلفان لضرورة التغاير بين المعطوف والمعطوف عليه، فالمنطق يقتضى أن الشئ لا يعطف على نفسه وصاحب العقل
الفصيح يلمح الإشارة فى قوله تعالى : وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ
بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ( ) حيث فرق رب العزة، بين الكتاب والحكمة بحرف العطف ليدل على تغايرهما، وأفرد الضمير العائد عليهما، ليدل على وحدة
مصدرهما وأن المشكاة واحدة( )0

وأنت تستطيع أن تتأمل فى أية الأحزاب، كما تأملها الإمام الشافعى من قبل، يتضح لك أنها أوضح مما ذكر فى الدلالة على أن المراد بالحكمة
السنة المطهرة، قال تعالى : وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ ءَايَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ( )0 فالتلاوة هنا المرة بعد المرة، والمتلو هنا شيئان،
أولهما : آيات الله فى كتابه، وثانيهما : الحكمة وهى صنف آخر من الوحى المتلو، ولا يكون ذلك إلا السنة النبوية المطهرة( )0

ولو شغب أعداء الإسلام على تفسير "الحكمة" بالسنة المطهرة، واعترضوا على ذلك( )0 قلنا لهم : ماذا تقولون فى آيات تحويل
القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة، قال تعالى : سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ
وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ( )0

فهذه الآيات الكريمات تدلنا على أن التوجه إلى بيت المقدس كان مشروعاً من قبل، وكان ذلك التوجه حقاً وصواباً واجباً عليهم
قبل التحول إلى الكعبة، فأين ذلك كله فى القرآن الكريم؟
ألا يدل ذلك على أن النبى  وأصحابه كانوا عاملين بحكم لم ينزل به القرآن، وأن عملهم هذا كان حقاً وواجباً عليهم؟!!

ولا يصح أن يقال : إن عملهم هذا كان بمحض عقولهم واجتهادهم0 إذ العقل لا يهتدى إلى وجوب التوجه إلى قبلة "ما" فى
الصلاة، فضلاً عن التوجه إلى قبلة معينة، وفضلاً عن أن النبىكان أثناء صلاته إلى بيت المقدس راغباً كل الرغبة فى التوجه إلى الكعبة
المشرفة

إذن : كان التوجه إلى بيت المقدس بوحى غير القرآن وهو السنة المطهرة( )0 ومن الأدلة على أن السنة النبوية وحى من
عند الله من السنة نفسها قوله  لوالد الزانى بامرأة الرجل الذى صالحه على الغنم والخادم، والذى نفسى بيده لأقضين بينكما بكتاب الله الوليدة
والغنم رد0 وعلى ابنك جلد مائة، وتغريب عام"( )، وليس فى القرآن المتلوا إلا الجلد مائة، ومن ذلك أيضاً قوله  : "لا يستبطئن أحد منكم
رزقه"0 إن جبريل عليه السلام ألقى فى روعى أن أحداً منكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه، فاتقوا الله أيها الناس، وأجملوا فى الطلب،
فإن استبطأ أحد منكم رزقه؛ فلا يطلبه بمعصية الله، فإن الله لا ينال فضله بمعصية"( )0

وفى الصحيحين : أنه  قال : "إن مما أخاف عليكم بعدى، ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها" فقال رجل : أو يأتى الخير
بالشر يا رسول الله؟ قال : فسكت عنه رسول الله  فقيل له ما شأنك؟ تكلم رسول الله  ولا يكلمك؟ قال : وَرَأَيْنَا أنه يُنْزَلُ عليه، فأفاق يَمْسَحُ
عَنْهُ الرُّحَضَاءَ0 وقال : "أين هذا السائل" (وكأنه حمده) فقال : "إنه لا يأتى الخير بالشر…الحديث"( )0فالحديث هنا صريح فى أنه  كان ينتظر
الوحى فيما يسأل عنه، فينزل عليه بما ليس بقرآن : "وهو دليل قطعى على أن السنة كانت تنزل كما ينزل القرآن"( )، ويستأنس لذلك بما روى
عن حسان بن عطية( )؛ أنه قال : "كان جبريل عليه السلام ينزل على رسول الله  بالسنة، كما ينزل عليه بالقرآن، ويعلمه إياها كما يعلمه
القران"( )0

هذا كله فضلاً عن أن الإجماع قد انعقد على أنه كان يوحى إليه غير القرآن الكريم( )0

وتأسيساً على ما سبق، فإننا نقول : إن السنة الشريفة وحى من الله تعالى ابتداءً وهذا هو الأغلب، أو اجتهاد من الرسول  وأقره ربه عليه
إما بالموافقة أو بالتصحيح، ويكون مرد ذلك إلى الوحى أيضاً بإقرار الله تعالى لرسوله ( )0 وهذا النوع من الوحى يسميه جمهور الحنفية
وحياً باطناً( )0

فتبين لك من هذا كله : أن جميع ما صدر عن الرسول من قول أو فعل أو تقرير حتى الحركات، والسكنات فهى وحى من عند الله تعالى بعد
إقرار الله  عليه( )0

والعصمة التى نتحدث عنها هنا تغنينا وحدها فى إثبات حجية جميع أنواع السنة القولية والفعلية والتقريرية والاجتهادية0


إجتهاد الرسول  وتشكيك بعض دعاة الفتنة وأدعياء العلم
فى أن السنة المطهرة كلها وحى

زعم بعض دعاة الفتنة وأدعياء العلم أن إجتهاد النبى  ليس من الوحى الإلهى واتخذوا من ذلك مدخلاً للطعن فى السنة النبوية،
وأنها ليست كلها وحى من عند الله تعالى( )، ويستدلون على ذلك بحديث رسول الله  الوارد فى قصة تأبير النخل بمختلف رواياته عن طلحة
بن عبيد الله( )  قال : مررت مع رسول الله  بقوم على رءوس النخل0 فقال : "ما صنع هؤلاء؟" فقالوا : يلقحونه يجعلون الذكر فى الأنثى
فيلقح، فقال رسول الله  "ما أظن يغنى ذلك شئ" قال فأخبروا بذلك فتركوه، فأخبر رسول الله  بذلك فقال : إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه،
فإنى إنما ظننت ظناً، فلا تؤاخذونى بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئاً، فخذوا به، فإنى لن أكذب على الله  0
وفى حديث رافع بن خديج( )  قال : قال رسول الله  : "إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشئ من دينكم فخذوا به0 وإذا أمرتكم بشئ من
رأى فإنما أنا بشر"0قال عكرمة : أو نحو هذا0وفى حديث أنس بن مالك  قال:قال رسول الله :"أنتم أعلم بأمر دنياكم"( )

وهذا الحديث من زمن طويل كان المشجب الذى يعلق عليه من شاء، ما شاء من أمور الشرع التى يراد التحلل منها( )، فقد أراد
بعضهم أن يحذف النظام السياسى كله من الإسلام بهذا الحديث وحده، لأن أمر السياسة أصولاً وفروعاً من أمر دنيانا، فنحن أعلم به0

فليس من شأن الوحى أن يكون له فيها تشريع أو توجيه، فالإسلام عند هؤلاء دين بلا دولة، وعقيدة بلا شريعة، وأراد آخرون أن يحذفوا
النظام الاقتصادى كله من الإسلام كذلك، بسبب هذا الحديث الواحد المهم أن بعض الناس أراد أن يهدم بهذا الحديث الفرد كل ما حوت دواوين
السنة الزاخرة، من أحاديث البيوع، والمعاملات، والعلاقات الاجتماعية، والاقتصادية والسياسية، وكأن الرسول  قال هذا الحديث لينسخ به
جميع أقواله وأعماله وتقريراته الأخرى، التى تكون السنة النبوية المطهرة0

وهذا الغلو من بعض الناس، هو الذى جعل عالماً كبيراً مثل المحدث الجليل الشيخ أحمد محمد شاكر - رحمه الله - يعلق على
هذا الحديث فى مسند الإمام أحمد فيقول : "هذا الحديث مما طنطن به ملحدوا مصر، وصنائع أوروبة فيها، من عبيد المستشرقين، وتلامذة
المبشرين، فجعلوه أصلاً يحجون به أهل السنة وأنصارها، وخدام الشريعة وحماتها، إذا أرادوا أن ينفوا شيئاً من السنة، وأن ينكروا شريعة من
شرائع الإسلام، فى المعاملات وشئون الاجتماع وغيرها، يزعمون أن هذه من شئون الدنيا، ويتمسكون برواية أنس : "أنتم أعلم بأمر دنياكم"(
) والله يعلم أنهم لا يؤمنون بأصل الدين، ولا بالألوهية، ولا بالرسالة، ولا يصدقون القرآن فى قرارة نفوسهم0 ومن آمن منهم فإنما يؤمن
لسانه ظاهراً، ويؤمن قلبه فيما يخيل إليه، لا عن ثقة وطمأنينة، ولكن تقليداً وخشية، فإذا ما جد الجد، وتعارضت الشريعة، الكتاب والسنة، مع
ما درسوا فى مصر أو فى أوروبة لم يترددوا فى المفاضلة، ولم يحجموا عن الاختيار، وفضلوا ما أخذوه عن سادتهم، واختاروا ما أشربت
قلوبهم، ثم ينسبون نفوسهم بعد ذلك أو ينسبهم الناس إلى الإسلام0 والحديث واضح صريح، لا يعارض نصاً، ولا يدل على عدم الاحتجاج بالسنة
فى كل شأن، وإنما كان فى قصة تلقيح النخل أن قال لهم : "ما أظن ذلك يغنى شيئاً" فهو لم يأمر ولم ينه، ولم يخبر عن الله، ولم يسن فى ذلك
سنة حتى يتوسع فى هذا المعنى إلى ما يهدم به أصل التشريع( ) أ0هـ0

ومن اجتهاد النبى ، وقوله "أنتم أعلم بأمر ديناكم"، ذهب بعض علماء المسلمين الأجلاء إلى تقسيم السنة النبوية المطهرة إلى
قسمين :
1- سنــة تشريعيــة ملزمــة ودائمـة0
2- سنة غير تشريعية غير ملزمة ولا دائمة0

وقصدوا بغير التشريع ثلاثة أنواع :
1- ما سبيله سبيل الحاجة البشرية، كالأكل والشرب والنوم والمشى والتزاور … إلخ0
2- ما سبيله سبيل التجارب والعادة الشخصية أو الاجتماعية، كالذى ورد فى شئون الزراعة والطب، وطول اللباس وقصره0
3- ما سبيله سبيل التدبير الإنسانى كتوزيع الجيوش على المواقع الحربية ونحو ذلك فهذه الأنواع الثلاثة ليس شرعاً يتعلق به طلب الفعل أو
الترك، وإنما هو من الشئون البشرية التى ليس مسلك الرسول  فيها تشريعاً ولا مصدر تشريع( ) وبهذا التقسيم قال غير واحد من علماء
المسلمين( )0 وبالغ بعضهم حتى كاد يخرج قضايا المعاملات، والأحوال المدنية كلها، من دائرة السنة التشريعية0 حيث كان يرى أن كثيراً من
أوامر الرسول ونواهيه فى المعاملات كان أساسها الاجتهاد لا الوحى( )0
حتى انتهى به هذا الاتجاه إلى أن حرم برأيه ما أحلته السنة النبوية! وما أجمع المسلمون - من جميع المذاهب والمدارس الفقهية
- على حله، وذلك هو (بيع السلم) الذى رخص فيه النبى  لحاجة الناس إليه، بعد أن وضع له الضوابط اللازمة لمنع الغرر والنزاع0 ويسميه
بعضهم (السلف) أيضاً، وبه جاء الحديث، ومضى عليه عمل الأمة أربعة عشر قرناً0 ففى الصحيحين عن ابن عباس - رضى الله عنهما - قال
: قدم النبى  المدينة، وهم يسلفون فى الثمار السنة والسنتين، فقال : "من أسلف فى تمر، فليسلف فى كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل
معلوم"( )0 بل قال ابن عباس : أشهد أن السلف المضمون إلى أجله، قد أحله الله فى كتابه، وأذن فيه0 ثم قرأ : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ
بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ( ) وكلمة "أشهد" بمثابة "القسم" : فهذا رأى ترجمان القرآن0
ولكن فضيلة الشيخ عبد المنعم النمر قال عن السلم : "وهو بيع معدوم موصوف فى الذمة، ويسير عليه كثير من الناس فى
الأرياف، مستغلين حاجات الزراع استغلالاً سيئاً، مما يجعلنا نميل إلى تحريمه0 من أجل هذا الاستغلال الكريه المحرم فى الإسلام( )، يقول
الدكتور القرضاوى : "وكان أولى بالشيخ هنا أن يقتصر على تحريم الظلم والاستغلال، ولا يتعدى ذلك إلى تحريم التعامل الثابت بالسنة
والإجماع"( )0
وإذا كان عمدة الأدلة عند من يذهبون إلى أن السنة المطهرة ليست كلها وحى، أو يذهبون إلى تقسيم السنة إلى سنة
تشريعية وسنة غير تشريعية، إذا كان عمدة أدلتهم جميعاً، ¬اجتهاده ، وقوله  : "أنتم أعلم بأمر ديناكم" فلنحرر القول فى اجتهاده ، وبيان
المراد من قوله "أنتم أعلم بأمر ديناكم" فإلى تفصيل ذلك0


اجتهـاد النبـى  فـى الشريعـة الإسلاميـة
كلـه وحـى من عنـد الله 

يقول فضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين : "اجتهاد الرسول " موضوع قديم، قتله العلماء بحثاً، ولم يترك الأوائل للأواخر
بشأنه شيئاً0

وخلاصته أنهم اختلفوا : فمنهم من لم يجز له  الاجتهاد، واعتبر ما ورد من ذلك صورة اجتهاد، وليس اجتهاداً فى الواقع
والحقيقة، لأن الله معه  وهو مع الله، ولأنه فى جل أوقاته  يناجى من لا نناجى، وإلهامه وحى ورؤيا منامه وحى0 ورب العزة يقول : وَمَا
يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى( )0 ويفسرون ما ظاهره الخطأ فى الرأى والرجوع إلى قول الغير بأن ذلك اجتهاد فى الظاهر لتدريب
الأمة على البحث والتفكير والاجتهاد فى الأسباب والأخذ بالمشورة، وحقيقته : أن الله يوحى إليه أن قل كذا، وسيقول لك فلان كذا، فقل له كذا،
ويشهد لهذا ما روى عن على بن أبى طالب  : أن رسول الله  قال : إن جبريل هبط، فقال له خَيِّرْهُمْ يعنى أصحابكَ فى أُسارَى بَدْرٍ القتل أو
الفداء، على أن يُقْتَلَ منهم قَاتِلٌ مِثْلُهم، قالوا الفداءَ، ويقتل منَّا( )0

وجمهور المحققين من العلماء على أن النبى ؛ يجوز له أن يجتهد، وأنه اجتهد فعلاً( ) وأن اجتهاده فى بعض الأحيان القليلة
كان خلاف حكم الله، فجاء الوحى بتصحيح الحكم، والإرشاد إلى ما ينبغى( )، كما فى قوله تعالى : يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي
مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(1)قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ( )0

وفى مغازى الأموى أن حُبَابُ بْنُ المُنْذِرِ( )  لما أشار على النبى  بتغير مكان نزوله يوم بدر ورجع النبى  إلى رأيه، نزل ملك من السماء،
وجبريل جالس عند رسول الله  فقال ذلك الملك : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك إن الرأى ما أشار به الحُبَابُ بْنُ المُنذِرِ( )0

أو جاء الوحى بإمضاء حكم اجتهاده مع التنبيه بما ينبغى، كما فى قوله تعالى عن أسرى بدر : مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي
الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ( )0
نعم نقول : إن الرسول  أذن له بالاجتهاد واجتهد0

ونعم نقول : إن بعض اجتهاداته لم تصادف الصواب، لكن أين حكم الله تعالى فى الأمر الذى اجتهد فيه رسول الله  ولم يصب؟

إن ما يصدر عن النبى  من اجتهاد إما أن يوافق حكم الله أو لا، فإن وافق حكم الله فهو حكم الله على لسان نبيه ، وإن لم يوافق حكم الله
عدَّله إلى حكمه جل شأنه، وإذن تصبح الأحكام الدينية التى حكم بها رسول الله  أحكام الله فى النهاية، وقبل لقائه الرفيق الأعلى( )0 وتصير
تلك الأحكام حجة إجماعاً بلا شك( )0

أما ما ذهب إليه بعض علمائنا الأجلاء من تقسيم السنة النبوية إلى قسمين : سنة تشريعية ملزمة عامة ودائمة، وسنة غير تشريعية ولا
ملزمة0

فيقول رداً على ذلك فضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين : "غفر الله للقائلين بأن السنة تشريع وغير تشريع، وللقائلين بالمصلحة0 غفر الله
لهم وسامحهم، لقد فتح هؤلاء وهؤلاء باباً لم يخطر لهم على بال0

القائلون بأن السنة تشريع وغير تشريع قصدوا بغير التشريع ما ورد منها خاصاً بالصناعات، والخبرات كالزراعة والطب، ولم
يخطر ببالهم أن من سيأتى بعدهم سيستدل بتقسيمهم ليدخل المعاملات، وأحاديث البيع، والشراء، والإجارة، ويدخل ما قاله النبى  من أحاديث
فى العادات، وشئون الاقتصاد، والسياسة، والإدارة، والحرب، وغير ذلك فى السنة غير التشريعية، وهم من هذا القول برءاء0

أما ما جعلوه مما سبيله الحاجة البشرية، كالأكل والشرب والنوم … إلخ من السنة غير التشريعية، فهذا الكلام على عمومه مرفوض، وفى
حاجة إلى تحقيق0 فالأكل والشرب مثلاً - كلام عام يشمل المأكول والمشروب، ويشمل الأوانى والهيئة أو الكيفية0

فهل بيان المأكول والمشروب المحرم، والمكروه، والمباح، من السنة غير التشريعية( )؟
هل حديث : "أحلت لكم ميتتان ودمان : فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال"( ) وحديث : "أكل الضب على مائدة رسول
الله ( )0 سنة غير تشريعية؟! اللهم لا0
أحل لنا رسول الله  الطيبات، وحرم علينا الخبائث؛ فالمأكول، والمشروب سنة تشريعية من حيث الحل والحرمة، أما أنه أكل نوعاً من الحلال
وترك غيره يأكل نوعاً آخر، فالتشريع فيها الإباحة، إباحة ما أُكِلَ وما لم يأكل مما لم ينه عنه0

وأما الأوانى : فقد نهى  عن الأكل والشرب فى صحائف الذهب والفضة، ونهى عن الأكل فى أوانى الكفار إلا بعد غسلها0 وهذا
تشريع قطعاً0

أما أنه  أكل فى قصعة من الفخار، ونحن نأكل فى الأوانى الفاخرة غير الذهبية والفضية، فهذا من المباحات والإباحة تشريع( )0

وأما الهيئة : فهناك هيئات مأمور بها وهيئات منهى عنها، وهيئات أخرى كثيرة مباحة، والكل تشريع0 "يا غلام سم الله وكل
بيمينك، وكل مما يليك"( ) هيئة أكل مشروعة( )،
و "نهى رسول الله  أن يتنفس فى الإناء"( ) هيئة ممنوعة شرعاً فى نفس الإناء، ومستحبة خارج الإناء( )، أما أنه  أكل بأصابعه ويده0
ونحن نأكل بالملاعق، والشوك، والسكاكين، فهو من المباحات المشروعة0
فماذا فى الأكل والشرب من السنة غير التشريعية؟!!
إن قصدوا بالسنة غير التشريعية فى ذلك السنة غير الملزمة، وهى المباحات كان الخلاف بيننا لفظياً0
وإن قصدوا ما هو مطلوب على وجه الوجوب أو الندب، وما هو منهى عنه على وجه الحرمة أو الكراهة فهو غير مسلم0

ومثال ذلك يقال فى النوم واللبس، وكل ما هو خاص بالحاجة والطبيعة البشرية كما يقولون، حتى قضاء الشهوة مع الزوجة له قواعده وأصوله
وحدوده المشروعة( )0

والتحقيق أنه من الخطأ أن نطلق هذا الإطلاق "السنة غير التشريعية على ما سموه الحاجة البشرية من أكل وشرب، وما سبيله
التجارب، والعادة الشخصية أو الاجتماعية من زراعة وطب، ولباس إلى آخره، وكذا ما يصدر عنه  بوصفه إماماً ورئيساً للدولة المسلمة، أو
بوصفه قاضياً فكل هذه الأمور التى أطلقوا عليها، سنة غير تشريعية، منها الواجب شرعاً، ومنها المحرم شرعاً، ومنها المكروه، ومنها
المندوب، ومنها المباح، وحتى إذا أردنا كيفية هذه الأمور نجد منها الممنوع شرعاً، كما سبقت الإشارة إليه قريباً( )0

أما القائلون بالمصلحة كمصدر من مصادر التشريع فقد اشترطوا لها ألاَّ تصادم نصاً من الكتاب أو السنة الصحيحة، فهم أخذوا
بمراعاة المصالح فيما لم يرد فيه قرآن أو حديث صحيح، أما ما ورد فيه قرآن أو حديث صحيح فالمصلحة فيما جاء به النص"( )0

واعتقد كما قال الدكتور فتحى عبد الكريم : "أن القائلين بالسنة التشريعية، والسنة غير التشريعية قد فاتهم المعنى الدقيق للتشريع
الإسلامى، حيث قصر بعضهم وصف التشريع على الواجب، والحرام، ونفاه عن المندوب، والمكروه، والمباح، وأدخل بعضهم المندوب والمكروه
فى التشريع، ونفاه عن المباح وحده( )0

وفى ذلك يقول العلامة الدكتور عبد الغنى عبد الخالق - رحمه الله - "هذا وإخراج الأمور الطبيعية من السنة أمر عجيب، وأعجب
منه : أن يدعى بعضهم ظهوره، مع إجماع الأئمة المعتبرين على السكوت عنها، وعدم إخراجها0

ولست أدرى : لم أخرجها هؤلاء؟!! أأخرجوها : لأنها لا يتعلق بها حكم شرعى؟ وكيف يصح هذا مع أنها من الأفعال الاختيارية
المكتسبة، وكل فعل اختيارى من المكلف لابد أن يتعلق به حكم شرعى : من وجوب أو ندب أو إباحة أو كراهة أو حرمة – وفعل النبى الطبيعى
مثل الفعل الطبيعى من غيره، فلابد أن يكون قد تعلق به واحد من هذه الأحكام؟ وليس هذا الحكم الكراهة، ولا الحرمة، لعصمته وليس الوجوب،
ولا الندب : لعدم القربة فيه0 فلم يبق إلا الإباحة وهى حكم شرعى0 فقد دل الفعل الطبيعى منه  على حكم شرعى، وهو الإباحة فى حقه، بل
وفى حقنا أيضاً : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ( )0 ولقد أجمع الأصوليون فى باب أفعاله  على أن أفعاله الطبيعية تدل على
الإباحة فى حقه  وفى حق أمته، وكل يحكى الاتفاق على ذلك، عن الأئمة السابقين( )0
أم أخرجوها : لأنهم ظنوا أن الإباحة ليست حكماً شرعياً؟ وهذا لا يصح أيضاً : فإن الأصوليين مجمعون على شرعيتها – اللهم
إلا فريقاً من المعتزلة ذهب إلى عدم شرعيتها : فَهْماً منه : أن الإباحة انتفاء الحرج عن الفعل والترك( )0 وذلك ثابت قبل ورود الشرع، وهو
مستمر بعده : فلا يكون حكماً شرعياً، والجمهور ينكرون : أن هذا المعنى ثابت قبل ورود الشرع، وأنه لا يسمى حكماً شرعياً ولكنهم يقولون :
ليس هذا هو معنى الإباحة الشرعية، إنما هى خطاب الشارع بالتخيير بين الفعل والترك من غير بدل0 ولا شك أن هذا حكم شرعى، وأنه غير
ثابت قبل ورود الشرع0 ولو التفت هذا الفريق إلى هذا المعنى لم ينازع فيه0 فليس هناك خلاف حقيقى بينهما، فالإباحة حكم شرعى يحتاج إلى
دليل، والفعل الطبيعى منه  يدل عليه0 ونظرة واحدة فى باب أفعاله  فى أى كتاب من كتب أصول الفقه – ترشدك إلى الحق فى هذا
الموضوع( )0

وأعلم أن التأسى به  واجب، وعلى ذلك جمهور الفقهاء والمعتزلة يقول فخرالدين الرازى فى المحصول : "قال جماهير الفقهاء والمعتزلة :
التأسى به واجب، ومعناه : أنا إذا علمنا أن الرسول  فعل فعلاً على وجه الوجوب : فقد تعبدنا أن نفعله على وجه الوجوب وإن علمنا أنه تنفل
به : كنا متعبدين بالتنفل به، وإن علمنا أنه فعله على وجه الإباحة كنا متعبدين باعتقاد إباحته، وجاز لنا أن نفعله0

وقال أبو على بن خلاد من المعتزلة : نحن متعبدون بالتأسى به فى العبادات، دون غيرها : كالمناكحات، والمعاملات0ومن الناس
من أنكر ذلك فى الكل،واحتج أبو الحسين محمد ابن على الطيب المعتزلى : بالقرآن والإجماع:أما القرآن فقوله تعالى : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ
اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ( ) ولم يفرق الله تعالى بين أفعال الرسول  : إذا كانت مباحة أو لم تكن مباحة0 وقوله تعالى : وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (
)0أمر بالاتباع: فيجب0
أما الإجماع فهو : "أن السلف رجعوا إلى أزواجه فى قبلة الصائم"( )، وفى أن "من أصبح جنباً لم يفسد صومه"( ) وذلك يدل على
أن أفعاله لابد من أن يمتثل فيها طريقه( )، ونقل الإمام الزركشى عن الكعبى البلخى رأس طائفة المعتزلة الكعبية قوله : "المباح مأمور به، لأن
فعله ترك الحرام وهو واجب، فالمباح واجب"( )0

ويقول الإمام الشاطبى فى رده على من قال : "ترك المباح طاعة على كل حال0 قال الشاطبى : "بل فعل (المباح) طاعة بإطلاق لأن كل مباح
ترك حرام0 ألا ترى أنه تركَ المحرمات كلّها عند فعل المباح، فقد شغلَ النفسَ به عن جميعها0 وهذا الثانى أولى؛ لأن الكلية هنا تصح، ولا
يصح أن يقال كل مباح وسيلة إلى محرم أو منهى عنه بإطلاق، فظهر أن ما اعُترض به لا ينهض دليلاً على أن ترك المباح طاعة( )، ويشهد
لهذا قول الإمام السرخسى فى أصوله : "ترك العمل بالحديث الصحيح عن رسول الله  حرام كما أن العمل بخلافه حرام"( )0


نقـض دليل تقـسيم السنة النبوية إلى سنـة
تشريعية وغير تشريعيـة

تحت هذا العنوان قال الدكتور فتحى عبد الكريم : "الدليل الأساسى الذى يستند إليه القائلون بتقسيم السنة إلى سنة تشريعية وغير
تشريعية هو حديث رسول الله  الوارد فى قصة تأبير النخل بمختلف رواياته، ومنها قوله  : "أنتم أعلم بأمر دنياكم" ففى رأى أنصار تقسيم
السنة إلى سنة تشريعية وغير تشريعية أنه "لو لم يكن غير هذا الحديث الشريف فى تبيين أن سنته  ليست كلها شرعاً لازماً، وقانوناً دائماً
لكفى0 ففى نص عبارة الحديث - بمختلف رواياته - تبيين أن ما يلزم إتباعه من سنة رسول الله ، إنما هو ما كان مستنداً إلى الوحى
فحسب"( )0 ولقد كان يكفى ما سبق ذكره رداً على نقض هذا الدليل، لأن معنى كون السنة النبوية دليلاً شرعياً عند الأصوليين أنها تفيدنا حكماً
من الأحكام الشرعية، أىَّ حكم كان : من وجوب، أو ندب، أو حرمة، أو كراهة، أو إباحة0 كان يمكن أن نرد بذلك وينتهى الموضوع، لولا أن
وجه الخطورة فى الأمر( ) : أن فئة ضالَّة أكثرت من الاستشهاد بهذا الحديث، وأرادت به عزل السنة، عن شئون الحياة العملية كلها!

فالعادات، والمعاملات، وشئون الاقتصاد، والسياسة، والإدارة، والحرب ونحوها، يجب أن تترك للناس و لا تدخل السنة فيها آمرة
ولا ناهية ولا موجهة ولا هادية( )0 فهل يسندهم ذلك الحديث فى تلك الدعوى الخطيرة؟!0

يقول فضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين : فى ردِّه على الدكتور عبد المنعم النمر – رحمه الله تعالى – هذا الحديث (أنتم أعلم
بأمر دنياكم) هو عمدة أدلة الباحث فى بحثه : وهذه الجملة (أنتم أعلم بأمر دنياكم) تنقسم إلى ثلاثة مقاطع : "أنتم" والمراد من المخاطبين0 و "
أعلم" والمراد من المفضل عليه و "شئون دنياكم" وتحديد المراد منها0 وبعبارة أخرى : من؟ أعلم من من؟ وبأى شئ هو أعلم؟
هناك احتمالات فى المراد بهذه الجملة لنتصورها ثم نختار منها ما يصلح لأن يكون مراد المشرع الحكيم :
الاحتمال الأول : أنتم أيها الذين تلقحون النخل أعلم بما يصلح النخل منى وممن لا علم له بالزراعة، أى أنتم أعلم بشئون دنياكم هذه التى
تباشرونها، والتى لم تنجح فيها مشورتى، أعلم منى ومن مثلى، فالحديث على هذا واقعة عين أو واقعة حال، لا يستدل بها على غيرها أصلاً0
الاحتمال الثانى : أنتم أيها الذين تلقحون النخل ومن على شاكلتكم من أهل الصناعات والمهارات والخبرات أعلم بصنائعكم منى0
وممن ليس من أهل الصناعات، والكلام على التوزيع، على معنى : أن كل أهل صنعة أعلم بها ممن ليسوا من أهلها، كما يقال : أهل مكة
أدرى بشعابها0

الاحتمال الثالث : أنتم أيها الذين تلقحون النخل بالمدينة أعلم بما يصلح النخل منى ومن غيركم من زارعى النخل فى البلاد
والأزمان المختلفة، وهذا الاحتمال واضح البطلان، ففى بعض البلاد، وفى بعض الأزمان، من هم أعلم منهم بذلك0

الاحتمال الرابع : أنتم أيها الذين تلقحون النخل بالمدينة أعلم بالخبرات والصناعات المختلفة منى ومن غيرى، حتى من أهل
الصناعات أنفسهم، على معنى أنتم أعلم بالطب مثلاً منى ومن الأطباء0 وهذا الاحتمال واضح البطلان0

هذه الاحتمالات الأربعة مبنية على أن المراد من شئون الدنيا الصناعات والمهارات والخبرات، فإذا أردنا من شئون الدنيا مصالح
كل فرد أو مصالح كل مجموعة من مباحات الدنيا؛ كالمقارنة بين شراء بيت أو شراء سيارة كان الاحتمال الآتى :







 
قديم 06-03-08, 04:45 AM   رقم المشاركة : 5
حسينا
موقوف





حسينا غير متصل

حسينا is on a distinguished road


الاحتمال الخامس : أنتم الذين تلقحون النخل بالمدينة، ومثلكم جميع الناس، أعلم بشئون دنياكم، وما يصلح لكم من غيركم،
والكلام على قاعدة : مقابلة الجمع بالجمع، تقتضى القسمة آحاداً، تقول : أعطيت الطلاب كتباً على معنى أعطيت كل طالب كتاباً، فيصبح المعنى
كل واحد أعلم من غيره بشئون ومصالح نفسه، وهذا الاحتمال إن صح فى المباحات، لا يصح فى الواجبات والمحرمات، فالشرع وحده هو الذى
حددها على أنها المصلحة( )، بنـاء علـى
سبق علم الله الذى خلق0 ثم إن هذا الاحتمال لا يتناسب مع قصة الحديث، ومما هو واضح أن الاحتمال الثانى هو المراد، ثم يليه الأول، وعلى
كل حال لا يصح الاستدلال بالحديث على إباحة التغيير فى المعاملات؛ لأن الحديث - كما رأينا - تطرق إليه أكثر من احتمال، والدليل إذا تطرق
إليه الاحتمال سقط به الاستدلال0

احتمال دخول المعاملات مستبعد :
مع أن احتمال دخول المعاملات فى الحديث كأحد الاحتمالات مستبعد أصالة وابتداء( )؛ لأن المعاملات كما يفهم من معناها علاقة
الأفراد والجماعات بعضهم ببعض فيما يتعلق بمعاشهم، وهذه العلاقة تحكمها دائماً قواعد وأصول وضوابط، لئلا يحيف بعض الأطراف على
بعض، والأمم غير الإسلامية وضعت لذلك قوانين، والإسلام وضع لها أرقى أنواع التشريع وليس من المعقول أن الله  الذى أنزل أطول آياته
فى القرآن : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ
وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ
بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى
وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ
تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ
وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ( ) وحدد فيها كتابة الدين، ومواصفات الكاتب وواجباته، وحق المدين فى الإملاء، وإملاء وليه فى حالة
عدم صلاحيته، وصفات الشهود، وشروطهم، وواجباتهم، وقال تعالى : "ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ"0 ليس من المعقول أن الله الذى اهتم بالدَّين هذا
الاهتمام يترك البيع والشراء وتفصيل الربا، والرهن، والشركة وغيرها من المعاملات دون تشريع0

هل يعقل أن يترك البشرية هَمَلاً يأكل بعضهم مال بعض ظلماً وعدواناً تحت عنوان "أنتم أعلم بشئون دنياكم"؟

هل يعقل مسلم أن يترك الله تعالى هذه القوانين لمحمد  دون رقابة أو تصحيح؟ فيخطئ، فتعمل الأمة مجتمعة بالخطأ أربعة عشر
قرناً حتى يبعث الله لها من يرعى مصالحها، ويخالف حكم محمد ؟ أظن أن العقل المسلم يستبعد ذلك كل الاستبعاد0

يقول فضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين : "بقى فى نفسى تساؤل بخصوص حديث تأبير النخل ربما يثور فى نفوس البعض، هو
: لماذا ألهم الله رسوله  أن يشير عليهم بهذه الإشارة مع أنها لم تكن فى مصلحتهم؟

ولماذا جعلهم الله يستسلمون لمجرد الإشارة، وهم المعروفون بالمراجعة والنقاش وكثرة السؤال؟
ولماذا لم يتدارك الله هذه المشورة بالتصحيح قبل أن تنتج شيصاً للمسلمين يسخر منه اليهود، وأعداء الإسلام حين يصح
نخلهم ويسوء نخل المسلمين بسبب مشورة نبيهم ؟0

وسنحاول تلمس حكمة لهذه الحادثة، فإن حصلت بها قناعة واطمئنان فالحمد لله، وإلاَّ فنحن مؤمنون أرسخ الإيمان بأن لله  فى
ذلك حكمة، وهو الحكيم الخبير0 ولعل الحكمة فى ذلك تدور حول ثلاث أمور :
أولاً : صرف بلاء الأعداء عن المؤمنين الذين لم تقوا شوكتهم بعد0 ألم يكن من الجائز أن يطمع الكافرون فى المدينة وتمرها، فيهاجموها من
أجل نزول محمد  فيها؟ فخروج التمر شيصاً جعلها غير مطمع، وصرف الله بذلك هجوم الكافرين حتى يستعد المؤمنون؟ احتمال0
ثانياً : تعليمهم الأخذ بأسباب الحياة بهذا الدرس العملى الذى كان قاسياً عليهم فتنافسوا بعده فى أسباب الحياة0
ثالثاً : اختبارهم فى صدق إيمانهم، فهذه الحادثة حتى اليوم فى هذا البحث ابتلاء واختبار، وقد نجح الصحابة - رضوان الله عليهم - فى هذا
الاختبار القاسى - وهم فى أول الإيمان، نجاحاً باهراً، فقد استمروا فى طاعة أوامره ، ولم يرد إلينا ردة أحد بسببها، بل لم يرد عتاب أحد منهم
لرسول الله  عليها رغم خسارتها، مما يشهد لهم بالإيمان الصادق المتين( )0 ولعل تلك الحكمة الأخيرة هى أوجه الحكم فى هذه الحادثة0
والله أعلم بحكمته0

وبعـد : إذا كانت عصمة النبى  دليل على حجية الكتاب، والسنة معاً، فلننتقل إلى الدليل الثانى من أدلة حجية السنة، وهو
القرآن الكريم0

المطلـب الثانـى
من أدلة حجية السنة المطهرة القرآن الكريم

يقول فضيلة الأستاذ الدكتور مروان شاهين : لقد اشتدت عناية القرآن الكريم بتلك المسألة فوَّجه إليها آيات كثيرة تنوعت بين آيات تأمر فى
وضوح بوجوب الإيمان به ، وبين آيات أخرى تأمر بوجوب طاعته، طاعة مطلقة، فيما يأمر به، وينهى عنه، وبين آيات أخرى تنهى عن
مخالفته وتحذِّر من ذلك وتبين جزاء المنافقين المرجفين فى دين الله  العاملين على هدم كيان السنة النبوية، والذين حصروا معنى الآيات
الواردة فى طاعة الرسول ، فى طاعته فى القرآن الكريم فقط( )0

ونحن لن نستطيع ذكر هذه الآيات كلها - وإلا طال المقام بنا جداً، ولكننا سننبه إلى بعض هذه الآيات فقط، ودلالتها على حجية
السنة النبوية الشريفة ووجوب التمسك بها( )0
1- من هذه الآيات قوله تعالى : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ءَامِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ( )0
2- وقوله تعالى : فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ( ) فمقتضى ذلك أن نؤمن بالله
وبرسوله، والإيمان معناه هنا التصديق والإذعان برسالتهوبجميع ما جاء به من عند اللهمن كتاب وسنة،بمقتضى عصمته التى توجب
التصديق بكل ما يخبر به عن رب العزة0كقوله  فى حق القرآن:"هذا كلام الله ، وقوله فى الأحاديث القدسية:"قال رب العزة كذا"أو نحو هذه
العبارة وقوله :"ألا إنى أوتيت القرآن ومثله معه"وقد سبق تفصيل ذلك قريباً فى مبحث العصمة( ) فالإيمان بالرسول  جزء من الإيمان بالله
تعالى، والشك والارتياب فى ذلك الإيمان، شك وارتياب فى الإيمان بالله ورسوله معاً، وحينئذ لا يكون هناك إيمان أبداً0

يقول الإمام الشافعى فى رسالته : "فجعل كمال ابتداء الإيمان، الذى ما سواه تبع له الإيمان بالله ثم برسوله، فلو آمن عبد به، ولم يؤمن
برسوله  : لم يقع عليه اسم كمال الإيمان أبداً، حتى يؤمن برسوله معه( )، ومن هنا وجبت طاعة الرسول  - بمقتضى هذا الإيمان - فى
كل ما يبلِّغه عن ربه، سواء ورد ذكره فى القرآن أم لا0

يقول الإمام الشافعى : "وما سنَّ رسول الله فيما ليس لله فيه حكم : فبحكم الله سنَّه، وكذلك أخبرنا الله فى قوله تعالى : وَإِنَّكَ
لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ( )، وقد سن رسول الله مع كتاب الله، وسن فيما ليس فيه بعينه نص كتاب0 وكل ما سن فقد ألزمنا الله اتباعه،
وجعل فى اتباعه طاعته، وفى العدول عن اتباعها معصيته التى لم يعذر بها خلقاً، ولم يجعل له من اتباع سنن رسول الله مخرجاً"( )0
3- ومن أهم الآيات دلالة على حجية السنة، ووجوب التمسك بها قوله تعالى : فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا
يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا( ) يقول ابن قيم الجوزية : "أقسم سبحانه بنفسه، وأكده بالنفى قبله على نفى الإيمان عن
العباد، حتى يحكِّموا رسوله فى كل ما شجر بينهم، من الدقيق والجليل، ولم يكتف فى إيمانهم بهذا التحكيم بمجرده، حتى ينتفى عن صدورهم
الحرج والضيق عن قضائه وحكمه، ولم يكتف منهم أيضاً بذلك حتى يسلموا تسليما، وينقادوا انقيادا( )0

ويقول أيضاً فى مختصر الصواعق المرسلة : "فقد أقسم الله سبحانه بنفسه على نفى الإيمان عن هؤلاء الذين يقدمون العقل على
ما جاء به الرسول ، وقد شهدوا هم على أنفسهم بأنهم غير مؤمنين بمعناه، وإن آمنوا بلفظه"( )0

ويقول فى موضع آخر : "وفرض تحكيمه، لم يسقط بموته، بل ثابت بعد موته، كما كان ثابتاً فى حياته، وليس تحكيمه مختصاً
بالعمليات دون العلميات كما يقوله أهل الزيغ والإلحاد( )0

4- ويقول رب العزة : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ
كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا( ) ودلالة الآية على حجية السنة من عدة وجوه :
أولاً : النداء بوصف الإيمان فى مستهل الآية : "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا " ومعنى ذلك أن المؤمنين لا يستحقون أن ينادوا بصفة الإيمان إلا إذا نفذوا
ما بعد النداء وهو طاعة الله تعالى، وطاعة رسول الله ، وأولى الأمر( )0
ثانياً : تكرار الفعل "أَطِيعُوا " مع الله ، ومع رسوله ، وتكرار ذلك فى آيات كثيرة وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا ( ) وقوله تعالى:
وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ( )0
يقول الإمام الشاطبى : "تكراره الفعل "وَأَطِيعُوا" يدل على عموم الطاعة بما أتى به مما فى الكتاب، ومما ليس فيه مما هو من
سنته"( )0

وقال العلامة الألوسى : "… وأعاد الفعل : "وَأَطِيعُوا" وإن كان طاعة الرسول مقرونة بطاعة الله ، اعتناءً بشأنه  وقطعاً لتوهم
أنه لا يجب امتثال ما ليس فى القرآن، وإيذاناً بأن له  استقلالاً بالطاعة لم يثبت لغيره، ومن ثم لم يعد فى قوله : "وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ " إيذاناً
بأنهم لا استقلال لهم فيها استقلال الرسول ( )، بل طاعتنا لهم مرتبطة بطاعتهم هم لله ورسوله، فإن هم أطاعوا الله ورسوله فلهم علينا حق
السمع والطاعة وإلا فلا، لأنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق( )0

ومما هو جدير بالذكر هنا أن فرض الله  طاعة رسوله ليست له وحده بل هى حق الأنبياء جميعاً قال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ
رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ( )0 فرب العزة جل جلاله يقرر هنا قاعدة:"أن كل رسول جاء من عنده جل جلاله يجب أن يطاع"

ولماذا لا يطاع هذا الرسول الذى جاء بالمنهج الحق الذى يصلح الخلل فى تلك البيئة التى أرسل إليها؟ إن عدم الطاعة حينئذ –
هو نوع من العناد والجحود والتكبر0 كما أن فى عدم الطاعة اتهاماً للرسالة بالقصور، واتهاماً للرسول فى عصمته من الكذب فى كل ما يبلغ
به عن ربه  من كتاب أخبرنا عنه بقوله "هذا كتاب الله"، ومن سنة مطهرة أخبرنا عنها بقوله : "أوتيت القرآن ومثله معه"( ) وقوله : "وإن
ما حرم رسول الله كما حرم الله"( )0

3- ثالث الوجوه دلالةً على حجية السنة من آية النساء قوله تعالى : فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ؛ فالرد إلى الله  هو
الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول  هو الرد إليه نفسه فى حياته، وإلى سنته بعد وفاته( )0 وعلى هذا المعنى إجماع الناس كما قال ابن قيم
الجوزية( )0
وتعليق الرد إلى الكتاب والسنة على الإيمان كما فى قوله تعالى : إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يعنى أن الذين يردون
التـنازع فى مسائل دينهم وحياتهم، دقها وجلها، جليها وخفيها – إلى كتاب الله، وإلى سنة رسول الله ، هم فقط المؤمنون حقاً كما وصفتهم
بذلك الآية الكريمة، أما غيرهم فلا ينطبق هذا الوصف عليهم0

ثم يحدثنا الله تعالى بعد هذه الآية مباشرة، عن أناس يزعمون أنهم يؤمنون بالله ورسوله0 ومقتضى هذا الإيمان أن يحكموا كتاب
الله وسنة رسوله  فى كل شئون حياتهم - ولكنهم - لا يفعلون ذلك وإنما يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت مع أنهم قد أمروا أن يكفرو به
قال تعالى : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا( )0 ففى نهاية الأمر حكم الله تعالى على
من يعرض عن حكم الله تعالى ورسوله ويتحاكم إلى الطواغيت بأنهم منافقون( )، وصدق رب العزة : وَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا
ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ(47)وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ(48)وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ
الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ(49)أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ(50) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ
الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(51)وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ( )0

ويتأكد هذا المعنى جلياً فى قول الله تعالى : وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ
أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ( ) "فأخبر سبحانه أنه ليس لمؤمن أن يختار يعد قضائه جل جلاله وقضاء ورسوله ،
ومن تخير بعد ذلك فقد ضل ضلالاً مبيناً"( )0

ونختم المطاف مع الآيات الدالة على وجوب طاعة الرسول  طاعة مطلقة فيما يأمر به، وينهى عنه، بقوله تعالى : وَمَا ءَاتَاكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا( ) وهناك آيات كثيرة لم نتعرض لذكرها خشية الإطالة0 فإذا انتقلنا بعد ذلك إلى الآيات التى تحذر من
معصية الرسول  وتنهى عن مخالفته نجدها كثيرة ونشير أيضاً إلى بعضها قال تعالى : وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا
خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ( ) وقال تعالى : فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا(41)يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا
الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا ( )0
وفى سورة التوبة قال تعالى أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ( ) وفى
سورة النور قال تعالى : فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( )0
أين أمر رسول الله  فى القرآن، لمن زعموا أن آيات طاعة الرسول فى القرآن مراد بها طاعته فى القرآن فقط؟0

وفى سورة الأحزاب : إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا(64)خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا(65)يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ
يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا( )0

وفى سورة محمد قال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ
شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ( )0

وفى سورة المجادلة قال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا ءَايَاتٍ بَيِّنَاتٍ
وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ ( )0 وفى سورة المجادلة أيضاً قال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ( ) إن الآيات السابقة
تصرح بأن مخالفة منهج الله ورسوله، يدخل النار، ويورث الذل، والخزى، والفتنة، والكبت، ويحبط العمل0 فليختر المسلم لنفسه ما يشاء( )
أ0هـ0
المطلـب الثالـث
من أدلة حجية السنة، السنة النبوية نفسها

الأحاديث الدالة على حجية السنة كثيرة منها قوله  : "ألا إنى أُوتيتُ القُرآن ومِثْلَهُ مَعَهُ ألا يُوشكُ رجُلُ شبعان على أريكته يقول :
عليكم بهذا القرآن، فما وَجَدْتُمْ فيه من حَلاَلٍ فأحلُّوهُ، وما وجدتم فيه من حرام فَحرِّمُوهُ، ألا لا يَحلُّ لكم الحمار الأَهْلِى، ولا كُلُّ ذى ناب من
السِّبَاع، ولا لُقَطَةُ مُعَاهِد، إلا أن يستغنى عنها صاحبها"0

وهذا الحديث صحيح ثابت لا مطعن فيه، لا من جهة النقل والرواية، ولا من جهة العقل والدراية( )0
أما النقل والرواية فالحديث صحيح رواه الأئمة أبو داود، والترمذى، وابن ماجة، والدارمى فى سننهم( )0

وأما العقل والدراية : فإن بناء الفعل للمجهول "أوتيت" يدل على أن الله تعالى أعطى لرسوله  القرآن ومثله معه0 فما هو
المماثل للقرآن الذى تلقاه الرسول  عن ربه؟ لا يمكن أن يكون هذا المماثل شيئاً غير السنة الشريفة؛ لأن الرسول  جاءنا بهذين الأصلين
معاً القرآن والسنة – ولم يأتنا بشئ غيرهما – علماً بأن الحديث القدسى مندرج فى السنة الشريفة( )0 وقد دل على هذا الفهم القرآن الكريم،
مما سبق ذكره من الآيات الكريمات الدالة على حجية السنة0ودل على ذلك الفهم أيضاً الأحاديث المتكاثرة التى تؤيد هذا المعنى0

نقول هذا رداً على المرجفين فى دين الله  العاملين على هدم كيان السنة المطهرة، الطاعنين فى صحة الحديث، وفى معناه( )0
أما الأحاديث التى تؤيد المعنى السابق، وتؤكد حجية السنة المطهرة، قوله  : "نضر الله امرءاً منا شيئاً، فبلغه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى من
سامع( )0 ووجه دلالة الحديث على حجية السنة كما يراها كبار العلماء : "أن رسول الله  ندب إلى استماع مقالته وحفظها وأدائها … فدل
على أنه لا يأمر أن يؤدى عنه، إلا ما تقوم به الحجة على من أدى إليه؛ لأنه إنما يؤدى عنه حلال يؤتى، وحرام يجتنب، وحد يقام، ومال يؤخذ
ويعطى، ونصيحة فى دين ودنيا"( )0

وقال الإمام البيهقى : "لولا ثبوت الحجة بالسنة لما قال  فى خطبته، بعد تعليم من شهده أمر دينهم : "ألا فليبلغ الشاهد منكم
الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع"( )0

وعن أبى هريرة  قال:قال رسول الله :"ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم"( ) وهذا يؤكد قوله تعالى فَلْيَحْذَرِ
الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ( ) وقال  : "كل أمتى يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا ومن يأبى يا رسول الله؟ قال : "من أطاعنى؛ دخل الجنة، ومن
عصانى؛ فقد أبى"( )0

وهذا يؤكد ما سبق ذكره من الآيات الدالة على أن طاعة رسول الله  طاعة مستقلة0 والأحاديث غير ذلك كثيرة( )، مرت
الإشارة إلى بعضها0 كحديث "عليكم بسنتى"( ) وغيره( ) أ0هـ0 والله تعالى أعلى وأعلم0
المطلـب الرابـع
من أدلة حجية السنة النبويـة الشريفـة الإجماع

أجمعت أمة الإسلام من الصحابة - رضى الله عنهم أجمعين -، والتابعين، والأئمة المجتهدين، وسائر علماء المسلمين من
بعدهم إلى يومنا الحاضر، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ على حجية السنة النبوية، ووجوب التمسك بها، والعض عليها بالنواجذ،
والتحاكم إليها، وضرورة تطبيقها، والسير على هديها فى كل جوانب حياة المسلمين، ولم يمار فى هذه الحقيقة الساطعة إلا نفر ممن لا يعتد
بخروجهم على إجماع الأمة من الخوارج، والروافض، ومن أحيا مذاهبهم من دعاة الإلحاد فى عصرنا0 قال الإمام الشوكانى – رحمه الله - :
"إن ثبوت حجية السنة المطهرة، واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورة دينية، ولا يخالف فى ذلك إلا من لاحظَّ له فى دين الإسلام"( )0

فالكتب الإسلامية المعتمدة كلها، تزخر بشتى الأدلة التى تشهد، بأن علماء الأمة الأجلاَّء متفقون اتفاقاً يقينياً منذ عصر الرسول 
حتى يومنا هذا، على وجوب الاحتكام إلى السنة المطهرة، إن تعذَّر العثورُ على الدليل فى القرآن الكريم، وعدم تجاوزها أبداً إلى غيرها من
الأدلة الأخرى التى أشار إليها القرآن إن وجد الدليل فيها، بل كان الواحد منهم يرجع عن اجتهاده فوراً وبدون أدنى تردد، حينما يجد حديثاً
صحيحاً عن رسول الله  يخالف ما أفتى به( )0 وقد دللنا فيما سبق على ذلك، ولا داعى لإعادة الأدلة وهنا أو سرد أكثر مما ذكرنا فى هذا
المقام سابقاً( )0

وعلى ذلك أيضاً تشهد كتب علم الكلام، وعلم الأصول : يقول الدكتور عبد الغنى عبدالخالق - رحمه الله - : "لا نجد فى كتب
الغزالى، والآمدى، وفخر الدين الرازى، والجوينى، وأبى الحسين المعتزلى، والسرخسى، وجميع من اتبع طرقهم فى التأليف، : من الأصوليين
تصريحاً ولا تلويحاً : بأن فى هذه المسألة خلافاً0 وهم الذين استقصوا كتب السابقين ومذاهبهم، وتتبعوا الاختلافات حتى الشاذة منهم، واعتنوا
بالرد عليها أشد الاعتناء0 بل نجدهم - فى هذه المسألة - لا يهتمون بإقامة دليل عليها، وكأنهم قصدوا بعدم التصريح بإقامة دليل عليها :
إكبارها وإجلالها، وإعظام شأنها عن أن ينازع فيها منازع، أو يتوقف فيها متوقف( )0

فصاحب المُسلم وشارحه يقولان : "إن حجية الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، من علم الكلام، لكن تعرض الأصولى لحجية الإجماع،
والقياس؛ لأنهما كثر فيهما الشغب من الحمقى؛ من الخوارج، والروافض : خذلهم الله تعالى0

وأما حجية الكتاب والسنة : فمتفق عليها عند الأمة : ممن يدعى التدين كافة فلا حاجة إلى الذكر( )0
يقول الدكتور عبد الغنى عبد الخالق وليت شعرى، كيف يتصور : أن يكون نزاع فى هذه المسألة بين المسلمين، وأن يأتى رجل : فى رأسه
عقل، ويقول : أنا مسلم، ثم ينازع فى حجية السنة بجملتها؟ مع أن ذلك مما يترتب عليه عدم اعترافه بالدين الإسلامى كله من أولة إلى
آخره0 فإن أساس هذا الدين هو الكتاب، ولا يمكن القول بأنه كلام الله مع إنكار حجية السنة جملة، فإن كونه كلام الله، لم يثبت إلا بقول
الرسول الذى ثبت صدقه بالمعجزة : "إن (هذا كلام الله وكتابه)" وقول الرسول (هذا من السنة) التى يزعم : أنها ليست بحجة0 فهل هذا إلا إلحاد
وزندقة، وإنكار للضرورى من الدين : يقصد به تقويض الدين من أساسه؟

وهل إنكار حجية شئ من أقواله، أو أفعاله، أو تقريراته  بعد الاعتراف بعصمته التى ذكرناها : إلا القول : بوجود الليل، مع
الاعتراف بطلوع الشمس( )؟!

أعداء الإسلام وطعنهم فى حجيـة الإجمـاع
الدال على حجية السنة والرد عليهم

ومما هو جدير بالذكر هنا، أن ذيول الحمقى من الخوارج، والروافض فى عصرنا الحاضر، أكثروا من الشغب فى حجية الإجماع،
وهم يشككون فى حجية السنة، ويطعنون فى الشريعة الإسلامية( )0

دليـل حجيـة الإجمـاع :
وحجية الإجماع وعدمه، مسألة قتلها علماء الأصول والكلام بحثاً وخلاصة القول كما فى فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت : "أن الإجماع
حجة قطعاً، ويفيد العلم الجازم عند الجميع من أهل القبلة، ولا يعتد بشرذمة من الحمقى الخوارج، والشيعة، والنظام من المعتزلة، لأنهم حادثون
بعد الاتفاق يشككون فى ضروريات الدين؛ مثل السوفسطائية فى الضروريات العقلية"( )0
يقول الآمدى : "وقد احتج أهل الحق فى ذلك بالكتاب والسنة والمعقول"( )0أما من الكتاب فقوله تعالى : وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ
لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا( )0
وهذه الآية هى أقوى الأدلة وبها تمسك الإمام الشافعى –رحمه الله- ووجه الاحتجاج بها، جمع الله تعالى بين مشاقة الرسول،
واتباع غير سبيل المؤمنين فى الوعيد، فلو كان اتباع غير سبيل المؤمنين مباحاً لما جمع بينه وبين المحرم من مشاقة الرسول ، فى التوعد
كما لا يحسن التوعد على الجمع بين الكفر وأكل الخبز المباح؛ فثبت أن متابعة غير سبيل المؤمنين محظورة، ومتابعة غير سبيل المؤمنين :
عبارة عن متابعة قول أو فتوى غير قولهم، وفتواهم0 وإذا كانت تلك محظورة، وجب أن تكون متابعة قولهم وفتواهم واجبة( )0

ومن السنة قوله  : "إن الله لا يجمع أمتى أو قال أمة محمد  على ضلالة، ويد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ إلى النار"( )
وقال  : "…عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة؛ فليلزم الجماعة، من
سرته حسنته وساءته سيئته؛ فذلك المؤمن"( )0

أما دليل العقل : فيقول إمام الحرمين الجوينى : "والدليل على كونه حجة أنا وجدنا العصور الماضية، والأمم المنقرضة متفقة على
تبكيت من يخالف إجماع العلماء، علماء الدهر، فلم يزالوا ينسبون المخالف إلى المروق، والمحادة، والعقوق، ولا يعدون ذلك أمر هيناً بل يرون
الاجتراء على مخالفة العلماء ضلالاً مبيناً( )، ويستحيل أن يكون ذلك إلا لدلالة أو أمارة وإلا استحال اتفاقهم على المنع من مخالفته( )0 أ0
هـ0 والله أعلم0

المطلـب الخامـس
من أدلة حجية السنة المطهرة العقـل والنظر

لقد دلّ الاستقراء على أن الكتاب العزيز فرض على الناس فرائضَ مجملة تحتاج إلى تفسير، وشرح وبيان، كأداء الصلاة، وإيتاء الزكاة، والقيام
بمناسك الحج0 لذلك، فقد ذهب العلماء، والمحققون (دون اعتبار لقول من شذ من المرجفين فى دين الله تعالى، العاملين على هدم كيان السنة
النبوية)( ) إلى أنه يتحتم شرعاً وعقلاً الرجوع إلى السنة لتفصيل مجمله وبيان كيفية أدائه لوضع الصور التطبيقية لتوجيهاته0

ومما يستعان به فى تأييد ذلك :
1- ما روى أن رجلاً قال لعمران بن حصين  : لا تحدثونا إلا بالقرآن، فقال له عمران: "إنك امرؤ أحمق : أتجد فى كتاب الله الظهر أربعاً لا
تجهر فيها بالقراءة؟ ثم عدد عليه الصلاة والزكاة، ونحو هذا، ثم قال : "أتجد هذا فى كتاب الله مفسَّراً؟ إن كتاب الله أبهم هذا، وإن السنَّة تفسِّر
ذلك( )0
2- وروى أن رجلاً قال لمطرف بن عبد الله بن الشخير( ) : لا تحدثونا إلا بالقرآن، فقال له مطرف : "والله ما نريد بالقرآن بدلاً، ولكن نريد
من هو أعلم بالقرآن منا"0
3- وفى هذا المعنى قال الأوزاعى : "الكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب"0 قال ابن عبد البر : "يريد أنها تقضى عليه - أى تفصل
فيه - وتبين المراد منه"( )0
4- وقال يحيى بن أبى كثير : "السنة قاضية على الكتاب، وليس الكتاب قاضياً على السنة"( )0
ويوضح الإمام الشاطبى ما يقصد العلماء بقولهم إن السنة قاضية على الكتاب فيقول : "الجواب أن قضاء السنة على الكتاب ليس بمعنى
تقدمها عليه، واطراح الكتاب، بل إن ذلك المعبر فى السنة هو المراد فى الكتاب، فكأن السنة بمنزلة التفسير، والشرح لمعانى أحكام الكتاب( )0

وهذا ما صرح به الإمام أحمد-رحمه الله-وتحاشا أدباً لفظ(قاضية على الكتاب) عندما سئل عن الأثر السابق فقال:"ما أجسر على هذا أن
أقوله،ولكن السنة تفسر الكتاب وتبيِّنهُ"( )0

ماذا لـو اكتفينـا بالإستناد إلى القـرآن وحـده،
ولـم نعبـأ بالسنـة المطهرة

ثم لو سلمنا جدلاً أنه يكفى الاستناد إلى القرآن وحده، ولم نعبأ بالسنة أبداً، وتركنا القرآن يخطئ فيه المخطئون، ويتعمد فيه الكذب
الكاذبون، ويتلاعب فيه الملحدون الذين طمس الله على قلوبهم وأعمى بصيرتهم، ويخوض فيه المنافقون بما يمليه عليهم رؤساؤهم
وشياطينهم، ويعبث فيه أهل الأهواء والبدع والضلال، بما تسوله لهم نفوسهم0

هل يزول الخلاف بين الناس أم يزيد؟ مما لا ريب فيه أنه يزيد( ) لأن هؤلاء الذين يزعمون أنهم قادرون على استنباط كل شئ من القرآن
الشريف بدون رجوع إلى بيان صاحب الرسالة 0 نراهم يكثرون من المسائل العجيبة التى استنبطوها بزعمهم من القرآن، ومن الغرائب أن
كثيراً من الأحكام التى يردونها لثبوتها بالسنة نجد أصلها موجوداً فىالقرآن الكريم عند

إمعان النظر، وأغرب من ذلك تناقضهم واختلافهم فى ما يستنبطون من القرآن، فكل واحد منهم مستقل بنفسه مخالف للآخر( )0 بحيث تراهم
فى سذاجتهم وتدليسهم يعبثون بعقول الناس غاية العبث، يدخلون على الشريعة أموراً ليست منها، ويخرجون منها أموراً هى من أساساتها0
ودونك الأمثلة :

نماذج من المسائل العجيبة التى استنبطها أعداء السنة من القرآن الكريم بدون
رجوعهم إلى بيان النبى ، واستعراض بدائهم عن السنة المطهرة

الذين يقولون : إن القرآن قد احتوى على كل شئ وفصله تفصيلاً، ولا داعى للسنة، لو أنك واجهتهم بالصلاة، وكيفية أدائها،
لرأيت بعضهم يقول : "إن القرآن يفرض على المسلم أن يصلى فى كل وقت من أوقات الصلاة أكثر من ركعة، ولم يحدد له عدداً مخصوصاً
وتركه يتصرف كما يشاء" وبعبارة أخرى : إن الإنسان يجب عليه أن يصلى ركعتين على الأقل، وله أن يزيد على ذلك ما شاء أن يزيد بحيث لا
يخرج عن الاعتدال والقصد … وبعد ذلك فللمسلم الاختيار فيما يفعل على حسب ما يجده من نفسه ومن قوته، أما الصلاة المعروفة اليوم
بمواقيتها وهيئاتها، فما كان يعرفها الرسول نفسه ولا أصحابه، وهى غير واجبة على الأمة الإسلامية فى جميع الأزمنة والأمكنة، أو فهى لا
تدل على وجوب ما فوق الركعتين"( )0

وفى موضع آخر يقول : "وإذا فليس عندنا دليل قطعى على وجوب هذه الأعداد - من الصلوات والركعات - والله لا يتعبدنا بالظن،
وحيث أن هذا الأمر لم يصل إلينا بالتواتر القولى دل ذلك على أن الله لا يريد منا المحافظة على هذه الأعداد والاستماتة عليها وهو المطلوب"(
)0
فإذا كان الدكتور توفيق صدقى لا يؤمن بالصلاة المعروفة اليوم؛ لأنها متواترة عملاً لا قولاً فى نظره، نجد آخر على مذهبه يؤمن
بالصلاة المعروفة اليوم بمواقيتها وعددها وهيئتها … إلخ ويكفيه نقلها بالتواتر العملى( )0 وهو ما لم يكف توفيق صدقى!
وقائل آخر يذهب إلى أن كيفية أداء الصلاة لم تأت مفصلة فى الشريعة الإسلامية فى كتاب الله ،وإنما جاءت مفصلة فى شريعة أخرى، وهى
شريعة سيدنا إبراهيم-عليه السلام-، فإذا سألت وكيف نقلت إلينا شريعة إبراهيم وأين هى ؟! ومن أولئك الذين نقلوها؟ قالوا لك : لقد نقلت
إلينا جيلاً بعد جيل، وتوارثها الذين نقولها أبو جهل، وأبو لهب، وغيرهم من مشركى قريش، كانوا يؤدون الصلوات الخمس مثلنا تماماً ويحجون
مثلنا( )0

وإذا كان توفيق صدقى يذهب إلى أن عدد الركعات فى كل صلاة لا يقل عن ركعتين، وإنما يزيد وأجاز تلك الزيادة على حسب ما يجده الإنسان
من وقته0 نرى آخر يرفض كل ما سبق، ويلزم بأن الصلوات كلها واحدة ركعتين ركعتين( )0

وإذا تأملنا فى الصلوات المفروضة عندهم لرأينا ما يضحك ويبكىمن التناقض البين فيما يستنبطون بفهمهم السقيم من كتاب الله  فالصلوات
المفروضة عند بعضهم أربع، وعند آخر ست0

أما من قال هى أربع : فقال : هى طرفى النهار أى فى (أولة) وهى صلاة الصبح، وآخر النهار، وهى صلاة المغرب، وطرفى
الليل أى فى أوله، وهى صلاة الفجر، وفى آخره وهى صلاة العشاء0

أما صلاة الظهر فهى عنده من الفروض التى لا ذكر لها فى القرآن، وهى من الفروض التى زادها أعداء الإسلام( )، هكذا يهزي
محمد نجيب فى كتابه (الصلاة) ( )0

أما من يقول بأنها ست فيزيد على الصلوات الأربع السابقة صلاتى الظهر والليل، أما الظهر؛فهى تبدأ عنده من ساعة توسط
الشمس (كبد) السماء،وإلى أن يصير ظل كل شئ مثله!
أما صلاة الليل فهى عنده اثنتين صلاة الليل الأولى، وتبدأ من دلوك الشمس إلى (الغسق) باستمرار غير منقطع، والثانية وهى من
غياب الشفق إلى منتصف الليل، هذا فضلاً عن صلاة قيام الليل وهى مندوبة عنده( )0

أما أحمد صبحى منصور فيذهب إلى : "أن فرائض الصلاة وركعاتها معروفة للعرب مثل معرفتهم لأيام الأسبوع، فإن القرآن يذكر
بعض الفرائض مثل الفجر، والظهر، والعشاء فى سياق حديثه عن تشريع آخر قال تعالى : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ
وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ( )0

فتأمل هنا كيف يقر أحمد صبحى، وكذا من سبقه مصطفى المهدوى، بأن الظهر من فرائض الصلاة، وهى عندهم لها دليل من
القرآن الكريم، وهو ما ينكره محمد نجيب ويصف، من يقول بذلك بأنه من أعداء الإسلام؟

وعن قبلة المسلمين الأولى، والتى لا ذكر لها فى القرآن الكريم تراهم يتناقضون فى تحديدها حسب استنباط كل منهم من القرآن
الكريم0

فيذهب محمد نجيب إلى : أن القبلة الأولى هى بيت الرسول ، لا بيت المقدس، ويعلل ذلك بأنه : "قد ورد فى القرآن الكريم أن الله
 أمر سيدنا موسى وسيدنا هارون باتخاذ بيوتهما قبلة لهما وللمؤمنين عندما يصلون متجهين إليها قال تعالى : وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ
تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ( ) فكان لابد للرسول وللمسلمين معه أن يقتدوا بسيدنا موسى،
ويتخذوا من بيت النبى الذى اختاره ليكون قبلة كما اتخذ موسى بيته قبلة( )، ويذهب إلى أن تلك القبلة لم تنسخ فيقول : "والأمر بالقبلة الأولى
ليس أمراً قد انتهى أمره فلا لزوم له فى القرآن إذ أنه أمر موجود ليتبعه المسلمون إذا اقتضى الأمر ذلك( ) أ0هـ0

هذا فى حين نرى مصطفى المهدوى يذهب إلى أن القبلة الأولى منسوخة، ويصرح بأن تلك القبلة الأولى لا علم له بها فيقول : "
وكان الله –تبارك وتعالى- قد شاء أن يستقبل رسوله فى صلاته قبلة أخرى، الله أعلم بها حيث جعلها من سنة نبيه ثم نسخها بقرآن"( )0

أما أحمد صبحى؛ فيقر بتوجه النبى ، ومن آمن معه نحو بيت المقدس فيقول : "فالعرب مسلمون ومشركون كانوا يتوجهون فى
الصلاة إلى الكعبة، وامتحنهم الله بأن أمرهم بالتوجه نحو القدس، وأطاع النبى والمؤمنون معه، وصبروا على أقاويل السفهاء، وبعد أن نجح
النبى، والمؤمنون فى الاختبار نزل الوحى يجيب برجاء رسول الله بالعودة إلى التوجه للبيت الحرام( ) أ0هـ0
ولم يبين لنا أحمد صبحى من أين دليله فى توجه النبى  ومن آمن معه نحو بيت المقدس؟!!
ثم إن إقراره بذلك يتناقض مع عدم إيمانه بالنسخ فى الشريعة الإسلامية بمعنى الحذف والإلغاء( )0 حيث نسخ القرآن الكريم ما ورد فى السنة
المطهرة من التوجه فى الصلاة أول الأمر إلى بيت المقدس0

ومن طرائف أحمد صبحى منصور؛ أنه عندما زعم أن فرائض الصلاة وركعاتها كانت معروفة للعرب وعلينا اتباعها ذهب إلى أن
: "تشريع الوضوء والطهارة والغسل والتيمم لم يكن معروفاً من قبل (أى فى الجاهلية) وجاء بيانه فى آيتين فى المدينة : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا
لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ
مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا( ) فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا( ) وهذا يعنى أن أهل
الجاهلية وهم يعرفون الصلاة بركعاتها وهيئتها … إلخ كانوا يصلون من غير طهارة؟!!

ولأن الدليل الإسلامى على تشريع الوضوء والطهارة … إلخ مدنى كما فى آية النساء، وكذا آية المائدة( )0 فالمسلمون أيضاً
طوال الفترة المكية كانوا يصلون من غير طهارة؟!!
ونقول لهؤلاء جميعاً ما زعمتموه عبثاً من أن الصلوات المفروضة على المسلمين فى اليوم والليلة، إنما هى مرتان أو أربع أو ست، وأن
طريقة الصلاة كذا وكذا لا كما يصليها المسلمون0
فالواجب عليكم أن تثبتوا لنا أن النبى ، وأصحابه، ما كانوا يصلون فى اليوم والليلة إلا مرتين، أو ست، وأنهم ما كانوا يصلون إلا بالطريقة
التى تزعمونها، وأنه بعد تدوين كتب الحديث صار المسلمون يصلون خمس مرات، وزادوا فيه كذا وكذا من الأركان تبعاً للمحدثين، والفقهاء،
فإن لم تستطيعوا إثبات ذلك - ولن تستطيعوه إلى يوم القيامة - يكون مآل دعواكم أن النبى  اخطأ فى فهم الوحى الذى أنزل عليه (حاشاه من
ذلك) وأنتم (أيها الأعاجم الجهلة) وفقتم لإصلاح ذلك الخطأ وبيان الصواب0

فهل يمكن لمسلم، بل لعاقل أن يتفوه بهذا الكلام الجنونى؟ أعاذنا الله من ذلك( )0 وعن بقية أركان الإسلام من شهادة أن لا إله
إلا الله وأن محمداً رسول الله، ومن صيام، وزكاة، وحج، حدث ولا حرج عن شذوذ ما يستنبطون بما تمليه عليهم نفوسهم المريضة0

فشهادة أن محمداً رسول الله، والتى هى جزء لا يتجزأ من شهادة أن لا إله إلا الله، هذه الشهادة تكرارها بجانب شهادة أن لا إله
إلا الله؛ يعد شركاً أكبر( )0

ويقول المتنبئ الكذاب رشاد خليفة عن صيغة التشهد، وما فيها من حمد وتمجيد، لرسول الله ، وآله : "لقد أمرنا الله ألا نذكر أى
اسم فى الصلاة سوى اسمه : وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا( ) إلا أن جماهير المسلمين اليوم ابتدعوا بدعة، حمد محمد، وإبراهيم
وتمجيدها وهم يصلون لربهم … لقد أغوى الشيطان المسلمين بترديد بدعة "التشهد"، حيث يمطرون محمداً وإبراهيم بالحمد والتمجيد0 أليس
هذا شركاً صارخاً ‎؟( )

ويعلل محمد نجيب بأن حمد وتمجيد نبيين (محمد وإبراهيم) –عليهما الصلاة والسلام- دون غيرهما فيه تفريق بين رسل الله( )
وبذلك حدثنى مصطفى منصور أحد أتباع أحمد صبحى عن أحمد صبحى أنه قال : "لا يجب تكرار شهادة أن محمداً رسول الله فى الآذان حتى لا
يكون هناك تفرقة بين رسل الله ، ولأننا لو قلنا بهذه الشهادة لوجب علينا أن نشهد أيضاً بأن إبراهيم رسول الله، وموسى رسول الله، وعيسى
رسول الله … وهكذا وهو أمر يطول0

وتناسى هؤلاء أن الإيمان بمحمد  وإعلان تلك الشهادة هو إيمان بكل الأنبياء، لأنه  خاتمهم، قال تعالى : وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا
ءَاتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ
فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ( )0


وما قيل فى الصلاة من تناقض، يقال مثله فى بقية أركان الإسلام من صيام، وزكاة، وحج، فتلك العبادات جاءت مفصلة فى
شريعة سيدنا إبراهيم - عليه السلام - يقول المتنبئ الكذاب رشاد خليفة : "جميع العبادات بتفاصيلها (عدد الصلوات وعدد الركعات، ومقدار
الزكاة، وكيفية الصيام، وكيفية الحج) نزلت على إبراهيم-عليه السلام-أما محمد-عليه السلام-فكانت مهمته الوحيدة هى تبليغ القرآن (ما على
الرسول إلا البلاغ): وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ(26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ
بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ( )0 وهكذا نتعلم من القرآن أن الصلاة بتفاصيلها، والزكاة بتفاصيلها، والصيام
بتفاصيله، والحج بتفاصيله؛ قد تم تعليمهم لإبراهيم –عليه السلام-، ثم تواترت إلينا جيلاً بعد جيل"( ) أ0هـ0

وهذه الشعائر الإسلامية عدم ذكر تفاصيلها فى القرآن الكريم فى نظر بعض أعداء السنة؛ لأنها متروكة لأولى الأمر لاختيار
المناسب منها كل حسب الزمان والمكان0
يقول توفيق صدقى : "إن ربع العشر فى الزكاة إذا قام بإصلاح حال الفقراء، والمساكين، وأبناء السبيل، والغارمين، وبالنفقة منه على العاملين
على الزكاة، والمؤلفة قلوبهم، وفى سبيل الله، وفى تحرير الرقاب، إذا قام بكل هذه الشئون فى زمن أو بلد فليس ضرورياً أن يكون كافياً كذلك
فى زمن آخر، أو فى بلدة أخرى0 ومن ذلك تعلم حكمة الله فى عدم تعيين شئ من ذلك فى كتابه تعالى، فما بينته السنة للعرب فى ذلك لا
يصلح لجميع الأمم فى الأوقات المختلفة"( )0 وممن قال بذلك محمود محمد طه( )، وتابعه عبد الله أحمد النعيم( )، وجمال البنا الذى يصرح بأن
الحكمة فى عدم ذكر القرآن الكريم تفاصيل الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، والشورى … إلخ؛ أن بيان الرسول  ليس تشريعاً دائماً ولازماً؛
فتركنا الإسلام لما يستجد فى كل زمان ومكان0 ولو فصل القرآن لأوقع الحرج على الأجيال الآتية، ولا مانع من تأبد السنة إذا كانت فى أخلاق
النبى  وسياسته، وصدقه، وكرمه أو موقفه كقائد ورجل دولة0 ولكن عندما يكون الأمر أمر "الأحكام" فلا تأبد للسنة، فهذا ما يتفاعل مع
الزمان والمكان ويتأثر بالأوضاع( )0

ويقول محمد شحرور : "علينا اعتبار كل الأحاديث المتعلقة بالحلال والحرام والحدود التى لم يرد نص فيها فى الكتاب على أنها
أحاديث مرحلية قيلت حسب الظروف السائدة"( ) وينكر مصطفى المهدوى الحدود فى الإسلام زاعماً أنها ما هى إلا الأحكام الشرعية مثل أحكام
الصيام، وأحكام الطلاق، وأحكام المواريث( )0 وعند ذكره لقوله تعالى : إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ
يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ( )0

قال : "إن الله يرخص لأولى الأمر اختيار الجزاء المناسب دون تحديد؛ كالحبس، والغرامة، والتوبيخ، والحرمان من بعض الحقوق
المدنية والسياسية"( ) أ0هـ0

ويتجرأ الدكتور أحمد زكى أبو شادى من مصر : على جواز تبدل الأحكام وفق الظروف والأسباب ليس فى السنة النبوية فقط، بل
فى القرآن الكريم أيضاً فيقول : "القرآن الكريم، والأحاديث النبوية مبادئ خلقية وسلوكية مسببة، بحيث أن أحكامها عرضة للتبدل بتبدل الأحوال
والأسباب، ففيه شواهد هادئة على ضوئها وأسبابها وظروفها، لا أحكام متزمتة لا تقبل التعديل وفقاً لتبدل الأسباب والظروف"( )0

ولا يقف الأمر عند هؤلاء النابتة الضالة عند هذا الحد، وإنما نجدهم ينكرون من الأمور المتواترة والبديهية ما لا ينكره إلا جاهل
مغرور حيث تجد بعضهم ينكر زواج سيدنا إبراهيم -عليه السلام- بهاجر، ويزعم أن إسماعيل -عليه السلام- ليس ابن إبراهيم يقول مصطفى
المهدوى : "إننا لا نعرف لإبراهيم -عليه السلام- إلا زوجاً واحدة، هى التى بشرها الله بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، أما إسماعيل -
عليه السلام- فلم يقل أحد أنه ابن إبراهيم من زوج أخرى إلا اليهود فى أسفارهم، ومن شايعهم فى ذلك من المسلمين فيما جاؤوا به من
الأساطير"( )، ثم يذهب المهدوى إلى أن هبة إسماعيل لإبراهيم فى قوله تعالى : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ
رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ( ) هذه الهبة هبة عون وتوفيق، كما قال  فى حق سيدنا موسى -عليه السلام - : وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ
نَبِيًّا( ) ولكن ماذا هو قائل فى قوله تعالى : هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ( ) هل الهبة هنا
هبة عون وتوفيق؟

ويؤكد المهدوى ما يهذى به قائلاً : "وليس فى القرآن بينةٌ ظاهرة على أن إسماعيل كان ابناً لإبراهيم، ولا نعلم له زوجاً غير
التى جاءتها البشرى ولا نعلم أن له ابناً غير إسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب"( ) وهكذا أعمى الله بصيرته عن البينة الظاهرة فى كتابه بأن
إسماعيل كان ابناً لإبراهيم من زوجته هاجر فى قوله تعالى : رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ( ) وقوله تعالى
: رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ(100)فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ(101)فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى( )
فالذبيح فى الآية الكريمة : إنما هو ابنه إسماعيل –عليه السلام – باتفاق المسلمين وأهل الكتاب، وما حملهم على تحريف الذبيح بأنه إسحاق
إلا لأنه أبوهم، وإسماعيل أبو العرب الذين يسكنون الحجاز والذين منهم رسول الله  فحسدوهم0 على أمر الله فى إسماعيل – عليه السلام –
والفضل الذى ذكره الله منه لصبره لما أمر به فأرادوا أن يجروا هذا الشرف إليهم، فحرفوا كلام الله وزادوا فيه، وهم قوم بهت، ولم يقروا بأن
الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء0

ومن أحسن ما استدل به محمد بن كعب القرظى( )، على أن الذبيح إسماعيل، وليس إسحاق من قوله تعالى : فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ
إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ( )0 قال فكيف تقع البشارة بإسحاق، وأنه سيولد له يعقوب، ثم يؤمر بذبح إسحاق وهو صغير قبل أن يولد له؟" ( ) أ0هـ0

ومن العجيب أن المهدوى ذكر قصة ابتلاء سيدنا إبراهيم - عليه السلام - بابنه الذبيح ولم يصرح لنا بمن هو الذبيح؟!! ( ) فإن
قال هو إسحاق فهذا مما جاء فى أسفار اليهود التى ينكرها وينكر ما جاء فيها أيضاً من زواج سيدنا إبراهيم - عليه السلام - بهاجر وأن له
منها ابنه إسماعيل عليه السلام!! وإن قال الذبيح هو إسماعيل وهو الحق فذلك من السنة المطهرة التى يجحدها، والتى تصرح، بأن إسماعيل
بن إبراهيم - عليهما السلام - من زوجته هاجر!! فياترى من يكون الذبيح عنده؟!!
ويذهب مصطفى المهدوى إلى إنكار زواج النبى  بأكثر من أربع فيقول : "ولا نعلم عدد أزواجه ، ولكننا نعلم بيقين : أنه لم
يكن ليجمع بين أكثر من أربع زوجات فى وقت واحد"( )!!

ويفرق بين الاحتلام، والجنابة فى وجوب الغسل فيقول : "إنه ليس من المنطق فى شئ أن نقيس الاحتلام بالجنابة، كما يقول
البعض، فيفرض الاغتسال من الاحتلام كما فرض الاغتسال من الجناية"( ) أ0هـ0

وليس هذا فقط، بل نجد من شواذ استنباط أعداء السنة من القرآن الكريم تصريح بعضهم بأن لحم الكلب والحمار حلال؛ لاقتصار
المحرمات فى القرآن الكريم على قوله تعالى: قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ
خِنْزِيرٍ( )0

بل ويحللون الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها فى وقت واحد :
يقول جمال البنا : "هناك أحاديث جاءت بما لم يأت به القرآن، نحن نحكم عليها فى ضوء القرآن فما لا يخالف القرآن يقبل، وما يخالفه يستبعد،
فتحريم زواج المرأة على عمتها وخالتها، وتحريم لحم الحمر الأهلية أمور لا نرى مانعاً فيها، ونجد فيها قياساً سليماً( )0
وهكذا يفترون على الشريعة بما فهموا ويدينون به ويخالفون الراسخين فى العلم وإنما دخلوا فى ذلك من جهة تحسين الظن بأنفسهم،
واعتقادهم أنهم من أهل الاجتهاد والاستنباط( )0

وليت شعرى إذا كان إهمال السنة يؤدى إلى كل هذا الهراء واللغط فى القرآن الكريم، ألا يكون حفظه وفهمه متوقفاً على حفظها ومستلزماً له؟!
نعم الكتاب أحوج إلى السنة، من السنة إلى الكتاب0

كلمة أخيـرة فى بدائل السنة عنـد أعدائهـا

يقول فضيلة الأستاذ الدكتور طه حبيشى بعد أن تعرض للبديل عن السنة النبوية المطهرة فى نظر أعدائها قال : "والقوم قد أرادوا أن يملأوا هذه
الساحة بواحدة من ثلاث :
1- أرادوا أن يملأوهـــا بالإبراهيميـــة0
2- وأرادوا أن يملأوها بما تعارف عليه الناس0
3- وأرادوا أن يملأوها بإعادة صياغة المنظومة الإسلامية على ما يريدون، فانتهوا بعد هذا العناء كله إلى نتيجة محددة وهى أنهم
قد ملأوا الفراغ بالفراغ، وقبضوا فى أيديهم على الماء والهواء، وشددوا القبضة ظانين أن الهواء لا يتفلت، وأن الماء لا يتسرب، وسوف
يفتحون أيديهم يوماً فيجدونها صفراً، وسوف يقدمون على الله يوماً فلا يجدون إلا تحقيق هذا النص الكريم : وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ
بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ(39)أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ
مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ( )0

قال الحافظ ابن عبد البر : "أهل البدع أجمع أضربوا عن السنن وتأولوا الكتاب على غير ما بينت السنة، فضلوا وأضلوا، وأخرج بسنده عن ابن
مسعود  قال : "ستجدون أقواماً يدعونكم إلى كتاب الله عز وجل وقد نبذوه وراء ظهورهم، فعليكم بالعلم، وإياكم والتبدع، وإياكم والتنطع،
وعليكم بالعتيق( ) أ0هـ0

ويقول الأستاذ محمد أسد مؤكداً ما سبق أن ذكرناه أن غياب السنة يزيد الخلاف بين الناس فى فهم تعاليم القرآن الكريم قال : "
وفى الحقيقة يجب علينا أن نعتبر أن السنة إنما هى التفسير الوحيد لتعاليم القرآن الكريم والوسيلة الوحيدة لاجتناب الخلاف فى تأويل التعاليم
وتطبيقها فى الحياة العملية"( ) أ0هـ0

وفى موضع آخر يقول : "من أجل هذا كله نرانا مضطرين إلى أن نعمل بسنة بنينا  قلباً وقالباً إذا أردنا أن نخلص وجهنا
للإسلام( ) أ0هـ0

يا أهـل الكتاب، ويا أهل الهوى، تعالوا لننظر ماذا يوجد فى الحديـث،
وأى مقدار منه يصلح أن يكون مجالاً للبحث والمناقشة

وأقول للمنكرين لسنة النبى  المتمسحين كذباً بإيمانهم بكتاب الله  تعالوا لننظر ماذا يوجد فى الحديث، وأى مقدار منه يصلح أن
يكون مجالاً للبحث والمناقشة :
1- لا يخفى أن القسم الأعظم من الحديث تاريخى، أعنى أنه يشتمل على أخبار الرسول ، وأصحابه الكرام، ووقائعهم، وبيان جليل أعمالهم،
وهذا القسم غير قابل للبحث والمناقشة عند كل ذى عقل سليم، لأنه عبارة عن جزء من تاريخ العالم، مثل سائر تواريخ الأمم، إلا أنه يمتاز
عنها بصحة المأخذ وضبط الرواية، وتسلسل الأسانيد، ومطابقتها لأصول النقد0 بحيث أن هذا الوصف لا يشاركه فيه تاريخ أمة من الأمم، لا
الرومان، ولا الفرس، ولا اليونان، ولا الهند، ولا مصر … إلخ0
2- والقسم الثانى : أخلاقى تهذيبى، يحتوى على الحكم والآداب والنصائح، مثل مدح الصدق، والعدل، والإحسان، والاتحاد، والتعاون، وسائر
الفضائل والحث عليها وذم الكذب، والظلم، والفسق، والفساد، وسائر الرذائل والصد عنها0 فهذه الأمور تؤيدها الفطرة الإنسانية، وأصولها
موجودة فى القرآن فهل فيها شئ يستحق الرد ؟!!
3- العقائد : أصول العقائد مذكورة فى القرآن( )، مثل التوحيد، والصفات الإلهية، والرسالة، والبعث، وجزاء الأعمال0 ولا يوجد فى الحديث
الصحيح إلا ما يؤيد هذه الأصول ويوضحها ويقررهها، أو يكون من جزئياتها ونظائرها، ولا يوجد فيها ما يكون مخالفاً لعقائد القرآن، أو زائداً
عليها بحيث لا يكون له أصل فى القرآن0 وكل ما يستشكل من الأحاديث الصحيحة فى العقائد تجد مثله فى القرآن، ويجرى فيه ما يجرى فى
القرآن من التفويض أو التأويل، حسب اختلاف مدارك الأفهام والطبائع الإنسانية، فمنها ما يقبل التسليم والتفويض، ومنها ما لا يقنعه إلا التأويل
الموافق لعقله والذى يطمئن به قلبه0 وأما الأحاديث التى فيها مخالفة للقرآن أو العقل السليم فلا تجدها إلا من الموضوعات والواهيات0
ومثلها لا يجوز ذكرها إلا مع بيان وضعها - فضلاً عن التمسك بها0 وهذا بإجماع المسلمين0
4- الأحكام : هذا القسم أكثره ثابت بالأحاديث المستفيضة المشهورة، وهى قد رويت بطرق كثيرة صحيحة، ولكنها لم تبلغ حد التواتر وبعضها
من الآحاد ولكنها صحاح0 وأما الأحاديث الضعيفة فهى عند الجمهور من المحدثين والفقهاء لا تقبل فى الأحكام، والمحققون لا يقبلونها فى
غير الأحكام أيضاً( )0
فأما الاحتجاج بالخبر المستفيض المشهور فلا يتصور وجود عاقل ينكر ثبوت الحكم بمثل هذا الخبر، ولزوم العمل به لمن يبلغه،
وإلا بطل نظام العالم، فهذه قوانين الحكومات إذا نشرت فى عدة جرائد معتبرة، أو فى الجريدة الرسمية للحكومة يلزم العمل بتلك القوانين لكل
أحد من رعايا تلك الحكومة، ولا يسعه الاعتذار بأنها لم تبلغه بالتواتر0

وأما الآحاد الصحاح فكذلك العمل بها جار فى سائر أنحاء العالم، مثلاً إذا أتانا رجل معتبر، وبلغنا أن فلاناً يطلبك، فحالاً نلبى
طلبه، ولا نسأله أن يأتينا بالشهود على صحة قوله، إلا إذا وجدت هناك قرينة مانعة عن قبول خبرة فحينئذ نتثبت قبل الذهاب0

وهكذا الأمر فى الأحاديث الآحادية الصحيحة : تقبل فى الأحكام ويعمل بها ما لم يوجد أمر مانع من قبولها، مثل كونها مخالفة
للقرآن أو السنة المتواترة أو المشهورة، أو كونها متروكة العمل فى زمن الخلفاء الراشدين والصحابة، ففى هذه الحالة يحق لكل عالم أن
يتوقف - وأقول يتوقف ولا يرد ويجحد - العمل بها، وأن يبحث عنها إلى أن يزول الإشكال، ويطمئن إليه الخاطر0 وأما ترك العمل بالآحاد
الصحاح مطلقاً من غير وجود علة مانعة من قبولها فغير معقول، ومخالف لما هو جار فى سائر المعاملات الدنيوية"( ) أ0هـ0

أما زعمكم بأن أحاديث الأحكام من العبادات (صلاة، وصيام، زكاة، وحج) ومن معاملات وحدود … إلخ أحاديث غير صالحة لكل
زمان ومكان، والأمر فيها متروك لأولى الأمر كل يختار ما يناسب زمانه ومكانه، حتى لو اقتضى الأمر تركها بالكلية والأخذ بما يخالفها من
تشريعات وضعية0

فهذا ما لا يقوله مسلم يؤمن بالله رباً، وبمحمد  نبياً ورسولاً، وبالإسلام عقيدة وشريعة صالحة لكل زمان ومكان0

لأن أحاديث الأحكام التى توجد فى الأحاديث الصحيحة هى مأخوذة ومستنبطة من القرآن الكريم، استنبطها النبى  من القرآن
بتأييد إلهى، ووحى ربانى وهذا الاستنباط يسمى فى اصطلاح القرآن تارة "تبيناً" وتارة "إراءة" قال الله تعالى : وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ

لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ( ) وقال جل جلالة : إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ( )0
وأصبح لهذا البيان صفة المبين من حيث وجوب قبوله ووجوب العمل به وصالحيته لكل زمان ومكان، ولا يقول بخلاف هذا مسلم0

ويقول الأستاذ محمد أسد رداً على من يفرقون فى الالتزام بين أوامر الرسول فى العبادات وبين غيرها من الأوامر التى تنظم حياة
المجتمعات : "وإنه لمن الجهل بالإسلام أن يحاول أحدنا أن يفرق بين أوامر للرسول تتعلق بأمور تعبدية روحية خالصة، وبين غيرها من التى
تتصل بقضايا المجتمع وقضايا حياتنا اليومية، وإن القول بأننا مجبرون على اتباع الأوامر المتعلقة بالنوع الأول، ولكننا لسنا مجبرين على أن
نتبع الأوامر المتعلقة بالنوع الثانى، إنما هو نظر سطحى، وهو فوق ذلك مناهض فى روحه للإسلام، مثل الفكرة القائلة بأن بعض أوامر القرآن
الكريم قد قصد بها العرب الذين عاصروا نزول الوحى، لا النخبة من الأكياس (الجنتلمان) الذين يعيشون فى القرن العشرين0 إن هذا بخس شديد
لقدر النور النبوى الذى قام به المصطفى ( ) أ0هـ0

كلمة أخيرة للمنكرين للسنة النبوية، والقاصرين مهمة الرسول 
على بـلاغ القـرآن الكريـم فقـط
ونقول لمن ينكرون هذا البيان النبوى قاصرين مهمة النبى  على بلاغ القرآن الكريم فقط متبجحين فى قولهم : "محمد ممنوع
من التفوه بأى تعاليم دينية سوى القرآن"( )، وقولهم:"أمر محمد بتبليغ القرآن فقط بدون أى تغيير،وألا يختلق أى شئ آخر"( )وقولهم:"إن مهمة
الرسول الوحيدة:هى تبليغ القرآن بدون أى تغيير، أو إضافة، أو اختزال، أو شرح"( )0
نقول لكم والله ما نبغى بالقرآن بدلاً ولكن أخبرونا كيف نفهم القرآن؟ أو بعبارة أعم من هذه : كيف نفهم مراد القائل من كلامه؟

ولا يخفى أن علم أصول الفقه جل مباحثه تدور حول هذه المسألة، أعنى طريقة فهم معنى الكلام والاستنباط منه؛ فمثلاً إذا وردت
فى القرآن الكريم كلمة لها معان متعددة عند العرب، أو كلمة لها معنى حقيقى ومعنى مجازى، فكيف نعين المراد بتلك الكلمة؟ أو إذا ورد لفظ
عام فكيف نعلم أن المقصود منه جميع أفراده أو بعضها، أو إذا ورد حكم مطلق فكيف نعرف هل هو باق على إطلاقه أم قيد منه شئ؟ إلى غير
ذلك من المسائل0

وهناك أمر آخر، وهو أن المعانى المفهومة من الكلام على أنواع : فمنها ما يفهم من ألفاظه صراحة، ومنها ما يفهم منه بطريق
الإشارة والكناية، ومنها ما يفهم من سياق الكلام، فلا يقال لشئ منها أن هذا الكلام لا يشمله0

فكذلك الأمر فى القرآن، أعنى إذا كان الشئ غير مذكور فيه صراحة ولكنه يفهم من سياقه أو إشاراته، فلا يقال إنه ليس فى
القرآن مطلقاً0 وإذا كان النبى  مأموراً بتبين القرآن والحكم بين الناس بما أراه الله  كما سبق فى آيتى النحل، والنساء، ونزلت مثلاً آيات
الصيام، ولم يذكر فيها حكم الأكل والشرب بالنسيان فى الصوم، فجاء رجل إلى النبى  وقال : يا رسول الله أكلت ناسياً فى الصوم0 فأفتاه النبى
 بأن صومه صحيح( ) لأن الخطأ والنسيان معفو عنهما، مستنبطاً من قوله تعالى : وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ
قُلُوبُكُمْ( )0

فهل يقال : إن هذا الحديث مخالف للقرآن؛ لأنه ليس فيه أن الصوم لا يفسده الأكل بالنسيان؟ أو يقال : إنه لم يكن للنبى  أن
يستنبط هذا الحكم من الآية الأخرى التى لا تتعلق بالصوم؟!!
وهنا نريد أن نسأل هؤلاء المنكرين لسنة النبى  : إذا كان يجوز لكم أن تستنبطوا من القرآن كل ما تريدون، وتفسروه كما
تفهمون، مع بعدكم عن العصر والمحيط اللذين نزل فيهما القرآن، ومع كونكم أعجاماً من غير أهل اللسان أفما كان يحق هذا لمن نزل عليه
القرآن، وأمر بتبيينه على الوجوب( )، وكان أفصح أهل اللسان، بل أحق الناس بالبيان، والاستنباط من القرآن؟!

تفـاوت الأفهـام :
ثم لا يخفى على أحد أن كل الناس ليسوا سوء فى الاستعداد والفهم وصفاء الذهن، ولهذا السبب يقرأ القرآن الكريم كل أحد ولكنهم
يختلفون فى فهم معانيه، فالعالم يفهم منه ما لا يفهمه الجاهل، وقد سبق بيان نماذج من المسائل الشاذة التى استنبطها الشواذ بعقولهم من
القرآن الكريم، وتناقضوا تناقضاً فاضحاً فيما بينهم0 فإذا كان العالم يفهم ما لا يفهمه الجاهل، والعلماء أيضاً متفاوتون فى الفهم والعلم كما قال
رب العزة : وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ( ) فأى فهم أولى بالقبول، وبتوحيد كلمة المسلمين، أفهم رسول الله  أم فهم المنكرين لسنته؟!!

قال تعالى : فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ( ) وقال تعالى فَاسْأَلُوا أَهْلَ
الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ( )0

وقديماً دخل رجل من أهل الكوفة على الإمام أبى حنيفة، والحديث يقرأ عنده، فقال الرجل : دعونا من هذه الأحاديث! فزجره الإمام أشد الزجر،
وقال له : لولا السنة ما فهم أحد من القرآن0 ثم قال للرجل : ما نقول فى لحم القرد؟ وأين دليله من القرآن؟ فأفحم الرجل، فقال للإمام : فما
تقول أنت فيه؟ فقال : ليس هو من بهيمة الأنعام( ) أ0هـ0
علاقة القرآن الكريم بالسنة الشريفة :
تبين فيما سبق أن الله  قد أوكل إلى رسوله  مهمة بيان ما فى القرآن الكريم وذلك فى قوله تعالى : وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ
لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ( ) وقوله تعالى : إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ( )0

ومن هنا نستطيع القول أن علاقة القرآن الكريم بالسنة المطهرة هى علاقة البيان، وهذا البيان له أنواع متعددة، يمكن حصرها
فى ثلاثة أقسام رئيسية( ) :
أولاً : أن تأتى السنة مؤكدة لما جاء فى القرآن الكريم ومثبتة له0
ثانياً : أن تأتى السنة مبينة لما فى القرآن الكريم ويأتى هذا البيان على أربعة أنواع :
1- تفصيل المجمل 2- تقييد المطلـق
3- تخصيص العام 4- توضيح المشكل
ثالثاً : أن تستقل السنة بتأسيس الأحكام من غير أن يسبق لها ذكر فى القرآن الكريم :
والأصل فى ذلك ما ورد فى القرآن الكريم من آيات توجب على المؤمنين طاعة الرسول  طاعة مطلقة فيما يأمر به، وينهى عنه، وتحذر من
مخالفة أمره، وسبق تفصيل ذلك فى مبحث الأدلة القرآنية على حجية السنة( )0

أولاً : تأكيد السنة للقرآن الكريم :
بمعنى أن يأتى ذكر الشئ فى القرآن الكريم، ونفس الشئ أيضاً تذكره السنة المطهرة والعلاقة الجامعة بينهما - حينئذ - هو تأكيد
السنة لما ورد فى القرآن الكريم فمن ذلك مثلاً قوله تعالى : وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ( ) ونجد نفس
المعنى تقريباً فيما روى عن أبى موسى  قال : قال رسول الله  : "إن الله  يملى للظالم0 فإذا أخذه لم يفلته" ثم قرأ : وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا
أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ( ) ومن ذلك أيضاً قوله تعالى فى حق سيدنا إبراهيم -عليه السلام- فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ ( )
ونجد نفس المعنى فى قول النبى  : "لم يكذب إبراهيم النبى - عليه السلام - قط، إلا ثلاث كذبات0 ثـنتين فى ذات الله قوله : "إِنِّي سَقِيمٌ"0
وقوله تعالى : "بل فعله كبيرهم هذا"0 وواحدة فى شأن سارة … الحديث"( )0

والأمثلة على تأكيد السنة الشريفة للقرآن الكريم كثيرة جداً فيما يتعلق بالعبادات من صلاة، وصيام، وزكاة، وحج، ووسائل
ومقدمات تلك العبادات من الطهارة، وكذا تأكيد السنة للقرآن الكريم فيما يتعلق بالمعاملات من البيع، والربا، والقرض، والرهن، والشركة،
والوكالة … إلخ، وكذا تأكيد السنة للقرآن فيما بتعلق بالجنايات، والحدود فى الإسلام، وكذا التأكيد فيما يتعلق بالأحوال الشخصية من
زواج،وطلاق،وميراث…إلخ وقد استوعب تفصيل ذلك بالأمثلة الأستاذ محمد سعيد منصور فى كتابه (منزلة السنة من الكتاب وأثرها فى الفروع
الفقهية)( ) :

وبالجملة فهذا النوع من البيان النبوى وهو التأكيد، يشمل كل جوانب التشريع القرآنى0

ثانياً : بيان السنة لما جاء فى القرآن الكريم ولهذا البيان أنواع( ) منها :
1- تفصيل المجمل( ) : بمعنى أن يأتى الشئ فى القرآن الكريم مجملاً وموجزاً لا نستطيع

أن نفهم المراد منه إلا بعد تفصيله، فتتولى السنة ذلك التفصيل( )0
من ذلك مثلاً ما ورد فى القرآن الكريم عن الصلاة وهى ركن الإسلام الأول بعد الشهادتين، وبها يتحدد الفرق بين المؤمنين
وغيرهم، فماذا جاء عن الصلاة فى القرآن الكريم؟ لقد جاء الحديث عنها موجزاً ومختصراً، فى قوله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
كِتَابًا مَوْقُوتًا( )0 وقال تعالى : وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ( )0 وقال تعالى:وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ( ) إن هذه الآيات توضح : أن الله
تعالى قد أوجب الصلاة على المؤمنين من غير أن يبين لنا أوقاتها، والفرائض الواجبة علينا، وعدد ركعات كل فرض - وأركان الصلاة
وشروطها - وغير ذلك مما يتعلق بالصلاة0

فجاءت السنة الشريفة، وفصلت ذلك المجمل، وعلمت الناس الصلاة، وكل ما يتعلق بتفصيلاتها فى قوله  :"صلوا كما رأيتمونى
أصلى"( )ولولا السنة لما عرفنا كيف نصلى!

ومثل ما قلناه عن الصلاة نقوله عن سائر العبادات من زكاة، وصيام، وحج؛ فقد جاء ذكر كل ذلك مجملاً فى القرآن
الكريم،وتولت السنة المطهرة تفصيله وبيان المراد منه

روى الخطيب البغدادى فى كتابه (الكفاية فى علم الرواية) ( ) : "أن عمران بن حصين  كان جالساً ومعه أصحابه، فقال رجل من القوم : لا
تحدثونا إلا بالقرآن0 فقال له : أدنه - أى قرب منى - فدنا، فقال : أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنت تجد فيه صلاة الظهر
أربعاً، وصلاة العصر أربعاً، والمغرب ثلاثاً، تقرأ فى اثنتين؟!! أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنت تجد الطواف بالبيت سبعاً،
والطواف بالصفا والمروة؟ ثم قال : أى قوم – أى : يا قوم-، خذوا عنا فإنكم – والله إن لا تفعلوا لتضلن" وفى رواية من طريق آخر : "أن
رجلاً قال لعمران بن حصين : ما هذه الأحاديث التى تحدثوناها؟ وتركتم القرآن! قال عمران : أرأيت لو أبيت أنت وأصحابك إلا القرآن، من
أين كنت تعلم أن صلاة الظهر عدتها كذا وكذا، وصلاة العصر عدتها كذا، وحين وقتها كذا، وصلاة المغرب كذا، والموقف بعرفه، ورمى الجمار
كذا، واليد من أين تقطع؟ أمن هاهنا أم هاهنا أم من هاهنا؟ ووضع يده على مفصل الكف، ووضع عند المرفق، ووضع يده عند المنكب0 اتبعوا
حديثنا ما حدثناكم وإلا والله ضللتم"( ) أ0هـ0
هاهى أركان الإسلام الأساسية – التى بنى عليها الإسلام – يتوقف القيام بها على السنة المطهرة0

ونستطيع أن نقول : لولا السنة ما تمكن المسلمون من إقامة بنيان الإسلام، ولم يقتصر الأمر على العبادات فقط – بل مقدماتها ووسائلها، من
أحكام الطهارة وما يتعلق بها، وكذا المعاملات، والجنايات، والأحوال الشخصية، وغير ذلك( )0
فكيف تكون حياة الناس مستقيمة لو لم يأت تفصيل كل ذلك فى السنة المطهرة؟!

إن هذا النوع فقط من أنواع بيان السنة للقرآن الكريم – وهو تفصيل المجمل – يؤكد فى جلاء ووضوح أن القرآن الكريم محتاج إلى السنة
الشريفة، كما يثبت فى يقين؛ أنه لولا السنة لضاع القرآن - بعدم فهمه - وهذا ما يهدف إليه أعداؤنا حينما يشككون فى السنة الشريفة0 فما
بالنا ببقية الأنواع التى سنوالى ذكرها ؟!!0
2- تقييد المطلق( ) : وذلك بأن يأتى الشئ مطلقاً فى القرآن الكريم، وتقيده السنة مثل قوله تعالى : وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً
بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ( )0 والآية الكريمة لم تقيد قطع اليد بموضع محدد، لأن اليد تطلق على الأصابع، والكف، والرسغ،
والساعد، والمرفق، والعضد0 ولكن السنة الشريفة بينت ذلك وقيدت القطع بمقدار الكف فقط من يد واحدة0 وذلك حينما أتى بسارق إلى النبى 
فقطع يده من مفصل الكف( ) فلولا السنة لما استطعنا إقامة الحد على وجهه الصحيح0
3- تخصيص العام( ) : وذلك بأن يأتى اللفظ عاماً ينطبق على كثيرين فتأتى السنة الشريفة وتبين أن هذا العموم ليس مراداً، بل المراد بعض
أفراد ذلك العام فقط، وليس الجميع، ويكون ذلك تخصيصاً من السنة للجميع، ويكون ذلك تخصيصاً من السنة لما ورد عاماً فى القرآن الكريم
مثل قوله تعالى : يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ( )0
وهذا عام يثبت فى كل أب وأم موروثين ويثبت أيضاً فى كل ابن وارث، فجاءت السنة فخصصت المورث بغير الأنبياء وذلك بقوله
، "لا نورث ما تركناه صدقة"( )، وخصصت السنة الوارث أيضاً بغير القاتل وذلك بقوله  : "ليس لقاتل شئ"( ) كما خصصت السنة الإثنين معاً
بقوله  : "لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم"( )0

فكأن معنى الآية بعد التخصيص هو أن كل مورث من أب وأم يرثه أبناؤه إلا أن يكون الموِّرث نبياً، فإن الأنبياء لا يورثون، وإلا أن يكون
الوارث قاتلاً لأصله المورث فإنه - فى هذه الحالة - لا يرثه وإلا أن يختلف الدِّين بين المورث والوارث0 فإنه لا توارث عند اختلاف الدِّين(
)0
4- توضيح المشكل( ) : وذلك بأن تكون هناك بعض الألفاظ فى القرآن الكريم لا نفهم معناها، فتوضحها لنا السنة الشريفة، مثل ما روى فى
الصحيحين عن عائشة-رضى الله عنها - قالت : قال رسول الله  : "من حوسب يوم القيامة، عذب" قالت فقلت : أليس قد قال الله  : فَسَوْفَ
يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ( )؟ فقال : "ليس ذاك الحساب0 إنما ذاك العرض من نوقش الحساب يوم القيامة عذب"( )0

فالسيدة عائشة - رضى الله عنها - أشكل عليها الحساب فى قوله تعالى : فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا0 لما سمعت النبى  يقول : "من
حوسب يوم القيامة عذب" فبين لهى  بأن المراد بالحساب فى الآية الكريمة العرض، وأنه من نوقش الحساب يوم القيامة عذب0
يقول فضيلة الأستاذ الدكتور مروان شاهين : ليس معنى أن السنة تفصل مجمل القرآن الكريم، أو تقيد مطلقه، أو تخصص عامه،
أو توضح مشكلة أقول : ليس معنى ذلك أن كل عام فى القرآن يحتاج إلى تخصيص، وأن كل مطلق يحتاج إلى تقييد، وأن كل مجمل يحتاج إلى
تفصيل؟ كلا ليس المراد ذلك0 فإن كثيراً من عام القرآن باق على عمومه لأن عمومه مراد، وكثيراً من إطلاق القرآن باق على إطلاقه؛
لأن إطلاقه مراد، وهكذا فى المجمل0
وإنما المراد : أن ما يحتاج إلى شئ من ذلك - فقط - هو الذى يتولى الرسول  بيانه بواحد من أنواع البيان - كما ذكرناه سلفاً( ) أ0هـ0

أنواع بيان السنة للقرآن الكريم تسمى نسخاً
عنـد السلـف الصالـح

مما هو جدير بالذكر هنا أن تفصيل المجمل، وتقييد المطلق، وتخصيص العام، وتوضيح المشكل، ونحو ذلك من أنواع بيان السنة
- كان يعرف بالنسخ عند السلف الصالح، من الصحابة والتابعين، ومن جاء بعدهم حتى الإمام الشافعى0 ويبين ذلك الإمام ابن قيم الجوزية -
رحمه الله - فيقول : مراد عامة السلف بالناسخ والمنسوخ، رفع الحكم بجملته تارة، وهو اصطلاح المتأخرين، ورفع دلالة العام، والمطلق،
والظاهر وغيرها تارة، إما بتخصيص أو تقييد أو حمل مطلق على مقيد وتفسيره وتبيينه، حتى أنهم يسمون الاستثناء، والشرط، والصفة، نسخاً
لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر وبيان المراد( )0

وأكد الإمام الشاطبى هذا المعنى فقال : "يظهر من كلام المتقدمين أن النسخ عندهم فى الإطلاق أعم منه فى كلام الأصوليين، فقد
يطلقون على تقييد المطلق نسخاً، وعلى تخصيص العموم بدليل متصل أو منفصل نسخاً، وعلى بيان المبهم والمجمل نسخاً، كما يطلقون على
رفع الحكم الشرعى بدليل شرعى متأخر نسخاً"( )0

ثم ساق الإمام الشاطبى أمثلة عديدة لما اعتقده السلف أنها قضايا نسخ، وهى فى حقيقة الأمر من باب تقييد المطلق أو تخصيص العام، أو بيان
المجمل ونحو ذلك( )0

وإذا كانت أنواع بيان السنة للقرآن الكريم تسمى نسخاً عند المتقدمين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن سبقوا الإمام
الشافعى، رأيت أن الأمر يهون وتختفى معظم الإشكالات، والنزاعات المتشعبة بين العلماء فى النسخ بين القرآن والسنة؛ لأن من أنكر نسخ
السنة (متواترة كانت أو آحاداً) للقرآن الكريم، جعل المسائل التى قيل فيها نسخ من السنة للقرآن نوع من أنواع بيان السنة للقرآن الكريم،
وهذا البيان واجب العمل به0 وهذا هو المطلوب فى مسألتنا هذه، حيث أن القضية لا تعدو الخلاف فى الاصطلاح0 فمن سمى البيان نسخاً من
المتقدمين، ومن جعل نسخ السنة للقرآن بياناً من المتأخرين كل منهما يعمل بالسنة المطهرة، ويحتج بها ويعرف مكانتها بالنسبة لكتاب الله 
بل وللإسلام كله0

يقول الإمام الآمدى : "ثم إننا نرى أنه من الأهمية بمكان أن نقرر أنه لا خلاف بين العلماء المجيزين للنسخ فى جواز نسخ القرآن بالقرآن،
ونسخ السنة المتواترة بالسنة المتواترة، ونسخ الآحاد بالآحاد، ونسخ الآحاد بالمتواتر من باب أولى( )، وأن ذلك كله ليس له فى الواقع كبير
أثر، إلا فى المسألة التى نحن بصددها وهى أنواع بيان السنة للقرآن الكريم، أو نسخ الكتاب بالسنة أ0هـ0
إنكـار أعـداء الإسـلام للنسخ لأنـه بيـان
للسنـة وهـم يجحدونـه

إذا عرفنا أن أنواع بيان السنة للقرآن الكريم تسمى نسخاً عند السلف الصالح، أدركنا لماذا ينكر أعداء الإسلام من ملاحدة،
ومبشرين، ومستشرقين، النسخ فى الشريعة الإسلامية( )0 وأمعنوا فى هذا النكران بشبهات ساقطة وتأويلات غير سائغة، طعنوا بها فى صدر
الدين الحنيف، ونالوا من قدسية القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة( )0 وخلاصة القول فى مسألة النسخ عند أهل الأصول ما قاله الإمام
الشوكانى : "أن النسخ جائز عقلاً واقع سمعاً، بلا خلاف فى ذلك بين المسلمين، إلا ما يروى عن "أبى مسلم الأصبهانى"( ) فإنه قال : إنه جائز
عقلاً، غير واقع، وإذا صح هذا عنه فهو دليل على أنه جاهل بهذه الشريعة الإسلامية جهلاً فظيعاً، وأعجب من جهله بها حكاية من حكى عنه
الخلاف فى كتب الشريعة، فإنه إنما يعتد بخلاف المجتهدين، لا بخلاف من بلغ من الجهل إلى هذا الغاية0

وأما الجواز : فلم يحك الخلاف فيه إلا عن بعض طوائف اليهود والنصارى( )، وليس بنا إلى نصب الخلاف بيننا وبينهم حاجة، ولا
هذه بأول مسألة خالفوا فيها أحكام الإسلام، حتى يذكر خلافهم فى هذه المسألة، ولكن هذا من غرائب أهل الأصول0 على أنا قد رأينا فى التوراة
فى غير موضع أن الله سبحانه رفع عنهم أحكاماً لما تضرعوا إليه، وسألوا منه رفعها، وليس النسخ إلا هذا( )0

والحاصل : أن النسخ جائز عقلاً، واقع شرعاً، من غير فرق بين كونه فى الكتاب أو السنة0 وقد حكى جماعة من أهل الأصول
اتفاق أهل الشرائع عليه فلم يبق فى المقام ما يقتضى تطويل المقال( )0

وما حكى عن أبى مسلم الأصبهانى؛ فالنقل عنه مضطرب، فمن قائل : إنه يمنع وقوع النسخ سمعاً على الإطلاق0 ومن قائل :
إنه ينكر وقوعه فى شريعة واحدة ومن قائل : إنه ينكر وقوعه فى القرآن خاصة0
يقول الشيخ الزرقانى – رحمه الله – ورجحت هذه الرواية الأخيرة بأنها أصح الروايات، وبأن التأويلات المنقولة عنه لم تخرج عن حدود ما
نسخ من القرآن0 وأبعد الروايات عن الرجل هى الرواية الأولى؛ لأنه لا يعقل أن مسلماً، فضلاً عن عالم كأبى مسلم، ينكر وقوع النسخ جملة،
اللهم إلا إذا كانت المسألة ترجع إلى التسمية فقط، فإنها تهون حينئذ، على معنى أن ما نسميه نحن نسخاً، يسميه هو تخصيصاً بالزمان مثلاً0
وإلى ذلك ذهب بعض المحققين0 قال التاج السبكى( ) : "إن أبا مسلم لا ينكر وقوع المعنى الذى نسميه نحن نسخاً، ولكنه يتحاشى أن يسميه
باسمه، ويسميه تخصيصاً"( ) أ0هـ0

أهمية علم الناسخ والمنسوخ فى الشريعة الإسلامية

إن معرفة علم الناسخ والمنسوخ، والإحاطة به فى القرآن الكريم، والسنة المطهرة، من أولويات ما يجب أن يعرفه كل من
يتصدر للقضاء أو الفتيا أو بيان الحلال والحرام0 إذ لا يمكن استنباط الأحكام من أدلتها من غير معرفة الناسخ والمنسوخ، والذى بدونه
يوجب الإنسان على نفسه، وعلى عباد الله أمراً لم يوجبه الله  أو يضع عنهم فرضاً أوجبه الله0

وفى ذلك يقول : يحيى بن أكثم( ) : ليس من العلوم كلها علم هو واجب على العلماء، وعلى المتعلمين، وعلى كافة المسلمين، من علم ناسخ
القرآن ومنسوخه، لأن الأخذ بناسخه واجب فرضاً، والعمل به واجب لازم ديانة، والمنسوخ لا يعمل به، ولا ينتهى إليه، فالواجب على كل عالم
علم ذلك لئلا يوجب على نفسه، وعلى عباد الله أمراً لم يوجبه الله أو يضع عنهم فرضاً أوجبه الله"( )0

وقد اهتم السلف الصالح بمعرفة الناسخ والمنسوخ، وأولوه عناية كبيرة منذ عصر الصحابة والتابعين فمن بعدهم من أئمة
المسلمين إلى يومنا هذا0
فعن عبد الله بن حبيب السلمى( ) قال : "مر على بن أبى طالب  على قاصٍ فقال: أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال : لا0 قال "هلكت
وأهلكت"( )0

وعن محمد بن سيرين، قال : سئل حذيفة عن شئ فقال : إنما يفتى أحد ثلاثة : من عرف الناسخ والمنسوخ، قالوا : ومن يعرف ذلك؟ قال
عمر، أو رجل ولى سلطانً، فلا يجد من ذلك بدا أو متكلف"( )0

وعن الضحاك بن مزاحم قال : مر ابن عباس بقاص يقص فركضه برجله، فقال : تدرى ما الناسخ من المنسوخ؟ قال : لا0 قال
هلكت، وأهلكت"( )0

وأقوال أئمة المسلمين فى هذا الباب تكثر جداً( )، نختار منها قول الإمام القرطبى: قال : "معرفة هذا الباب - أى الناسخ
والمنسوخ - أكيدة، وفائدته عظيمة، لا يستغنى عن معرفته العلماء ولا ينكره إلا الجهلة الأغبياء، لما يترتب عليه من النوازل فى الأحكام،
ومعرفة الحلال من الحرام"( ) أ0هـ0

بيـان رتبـة
السنـة النبويـة مـن القـرآن الكريـم

قبل أن نتحدث عن النوع الثالث من أنواع بيان السنة للقرآن الكريم وهو: "استقلالها بتشريع الأحكام دون أن يسبق لها ذكر فى
القرآن الكريم" نبين هنا رتبة السنة الشريفة من القرآن الكريم لما فى ذلك من ارتباط بهذا النوع الثالث من أنواع بيان السنة لكتاب الله 0

يقول الأستاذ محمد سعيد منصور : "لا خلاف بين علماء المسلمين قديماً وحديثاً إلا من شذ من بعض الطوائف المغرضة
المنحرفة-من غلاة الشيعة، والخوارج، والروافض، والمستشرقين، وبعض المتكلمين حديثاً ممن يتكلمون بلغتنا وينتسبون إلى أمتنا - فى أن
كلاً من الكتاب والسنة وحى من عند الله تعالى، وحجة لمعرفة الحلال والحرام، ودليل يجب على المجتهد التمسك به والعمل بمقتضاه، وكذلك لا
نزاع بينهم فى أن الكتاب الكريم، يمتاز عن السنة، ويفضل عنها، بأن لفظه من عند الله ، متعبد بتلاوته، معجز للبشر عن أن يأتوا بمثله
بخلافها فهى دونه منزلة فى هذه النواحى"( )0

يقول العلامة الدكتور عبد الغنى عبد الخالق -رحمه الله- : ولكن ذلك لا يوجب التفضيل بينهما من حيث الحجية : بأن تكون
مرتبتها التأخر عن الكتاب فى الاعتبار والاحتجاج، فتهدر ويعمل به وحده، لو حصل بينهما التعارض0

وإنما كان الأمر كذلك : لأن حجية الكتاب إنما جاءت من ناحية أنه وحى من عند الله تعالى0 ولا دخل للأمور المذكورة
فيها0 فلو لم يكن الكتاب معجزاً ولا متعبداً بتلاوته، وثبتت الرسالة بغيره من المعجزات؛ لوجب القول بحجيته؛ كما كان الأمر كذلك فى الكتب
السابقة والسنة المطهرة مساوية للقرآن من هذه الناحية؛ فإنها وحى مثله0 فيجب القول بعدم تأخرها عنه فى الاعتبار0 ثم إن التحقيق عند
علماء الكلام : أن الرسول لا يشترط فى رسالته نزول كتاب، بل الشرط : إنما هو نزول شريعة ليبلغها الأمة، وإظهار المعجزة على يده، كما
هو بين فى شرح العقائد النسفية وحواشيه( )0
ويدل على ذلك أيضاً : أن الله تعالى أرسل موسى - عليه السلام - إلى فرعون؛ ليأمره بالإيمان به، والاهتداء بهديه، وإرسال
بنى إسرائيل معه0 ولم يكن قد نزل عليه – فى ذلك الحين – التوراة : لأنها إنما نزلت بعد هلاك فرعون، وخروج بنى إسرائيل من مصر –
كما هو معلوم – ومع ذلك قامت الحجة على فرعون بهذا الأمر : لما أقام له موسى –عليه السلام- المعجزة، فلما خالفه اعتبر عاصياً ربه،
مستحقاً اللعنة، والعذاب0

فحجية الوحى الغير المتلو لا تتوقف على ورود المتلو بها : لأن كلا منهما من عند الله0 وهذا تثبته المعجزة - قرآناً أو غيره - المثبتة
لعصمة الرسول  فى تبليغ ما جاء به عن الله تعالى0

ولو سلمنا استلزام الفرعية للتأخر مطلقاً، لقلنا : إن ما كان أقل من سورة لم تثبت قرآنيته إلا بقوله  : هذا كلام الله، كما تقدم
بيانه فى مبحث العصمة( )0 فعلى هذا يقال : إن الكتاب متأخر عنها فى الاعتبار؟‍‍

بل الحق : أن كلاً منهما معضد للآخر، ومساوٍ له : فى أنه وحى من عند الله، وفى قوة الاحتجاج به، وأنه لا يؤثر فى ذلك نزول
لفظ الكتاب ولا إعجازه، ولا التعبد بتلاوته، ولا أنه قد ورد فيه ما يفيد حجيتها0

وحيث إنهما من عند الله : فلا يمكن الاختلاف بينهما فى الواقع، ويستحيل أن يوجد كتاب وسنة - كل منهما قطعى الدلالة والثبوت
- بينهما تعارض مع الاتحاد فى الزمن وغيره، مما يشترط لتحقق التعارض فى الواقع0

وأما أنهما قد يتعارضان فى الظاهر - إذا كانت دلالتها أو دلالة أحدهما ظنية، أو كانت دلالتها قطعية ولم يتحد الزمن : فهذا أمر
جائز واقع كثيراً0 وحينئذ يجب على المجتهد اعتبارهما كما لو كانا آيتين أو سنتين : حيث أنهما متساويان فينسخ المتأخر منهما المتقدم إذا ثبت
له تأخره، ويرجح أحدهما على الآخر بما يصلح مرجحاً، ويجمع بينهما إن أمكن0 وإلا توقف إلى أن يظهر الدليل فأما أن نقول بإهدار أحدهما
مباشرة - بدون نظر فى أدلة الجمع والترجيح والنسخ : فهذا لا يصح بحال أن يذهب ذاهب إليه0
ولذلك نجد علماء الأصول، والفقه، والحديث، يقولون : بتخصيص السنة لعام الكتاب، وتقييدها لمطلقه، ونسخها له، وأنها تؤوله
وتوضح مجملة، وتبين أن المراد منه خلاف ظاهره0 كما يحصل ذلك من الكتاب بالنسبة للسنة0

نعم فى بعض هذه المسائل خلافات كثيرة، ولكن يجب أن يعلم أن مرجعها إلى مدارك أخرى وذلك كظنية الطريق فى خبر الواحد،
وقطعية القرآن، وليس مرجعها إلى السنة من حيث ذاتها، ومن حيث أنها متأخرة عن الكتاب، بدليل أن من يمنع نسخ القرآن بخبر الواحد مثلاً،
يمنع نسخ السنة المتواترة به أيضاً، ويجوز نسخ القرآن بالخبر المتواتر وبالعكس0 ولو كان المدرك التأخر فى الاعتبار لما قال إلا بنسخ
السنة بالقرآن0

ومن ذلك كله : تعلم بطلان ما ذهب إليه الإمام الشاطبى فى الموافقات( ) : من أن رتبة السنة التأخر عن الكتاب فى الاعتبار"(
)0
ثم ذكر الدكتور عبد الغنى شبه الإمام الشاطبى وردها( )0
وقد سبق الدكتور عبد الغنى فى قوله هذا الإمام الشافعى فى الرسالة( )، وابن حزم فى الإحكام( )، وحديثاً الدكتور السباعى( )0

بيان أن الخلاف فى المسألة لفظى

الحق : أن قول الإمام الشاطبى بتأخر رتبة السنة عن الكتاب فى الاعتبار راجعة إلى المدارك التى ذكرها الدكتور عبد الغنى عبد
الخالق كظنية الطريق فى خبر الواحد، وقطعية القرآن، وهو ما عبر عنه الإمام الشاطبى فى أول حججه على تأخر رتبة السنة عن الكتاب قال :
"أن الكتاب مقطوع به، والسنة مظنونة"( )0 ولو تأملنا فى بقية حججه لرأينا أنه ليس فيها ما يدل على التفضيل بين الكتاب والسنة من حيث
الحجية، ووجوب العمل بهما، بحيث إذا وقع تعارض ظاهرى بينهما يعمل بالكتاب دون السنة، بدون نظر فى أدلة الجمع والترجيح والنسخ0 فهذا
لا يصح بحال أن يذهب ذاهب إليه، ولا يصح نسبة ذلك إلى الإمام الشاطبى0 وما قد يفهم من قوله فى السنة الزائدة : "إن لم تكن بياناً فلا يعتبر
بها إلا بعد أن لا يوجد فى الكتاب"( ) فهذا الكلام لا يفهم منه رد الإمام الشاطى للسنة الزائدة الصحيحة عن النبى  (وحاشاه من ذلك) كل ما فى
الأمر أنه يذهب إلى أن السنة كلها، بيانية كانت أو زائدة، داخلة فى البيان النبوى للقرآن الكريم - كما سنفصله بعد قليل –0

يدل على ذلك ما ذكره فى مسألة "أصول السنة فى القرآن الكريم"( ) ومسألة : "السنة التشريعية لا يلزم أن يكون لها أصل فى الكتاب"( )0

فكل سنة زائدة عما فى القرآن الكريم عند من يرى استقلال السنة بالتشريع هى عنده لها أصل فى القرآن الكريم،ويدخلها فى السنة البيانية،ولم
ينازع فى حجيتها،ووجوب العمل بها خلافاً لمن تأول كلامه فى هذه المسألة، ومسألة (استقلال السنة بالتشريع) ونازع فى الحجية0
وهنا نرى أنه ليس فى حقيقة الأمر خلاف! وإنما هو إن صح التعبير، صورة خلاف اعتبارية لمدارك بعيدة كل البعد عن منزلة
السنة التشريعية، وحجيتها، ووجوب العمل بها0 وتتلخص هذه المدارك فيما كان عليه السلف الصالح إذا عرض عليهم قضاء، يبحثون أولاً فى
كتاب الله ، فإذا لم يجدوا فى كتاب الله، انتقلوا إلى السنة المطهرة( )0

وهل فى ذلك ما يخدش فى أصل مسألتنا وهى : أن القرآن والسنة فى مرتبة واحدة، فى الاحتجاج ووجوب العمل بهما؟

وإلى ذلك ذهب الأستاذ محمد سعيد منصور ثم قال : "وجملة القول : أن السنة إذا صحت تكون منزلتها ومنزلة الكتاب، سواء
بسواء فى الاعتبار، والاحتجاج عند المجتهدين عامة"( ) أ0هـ0
ويقول المستشار الدكتور على جريشة رداً على من وهن من رتبة السنة المطهرة فجعلها فى مستوى المذكرة التفسيرية بالنسبة
للقانون، قال : "السنة ليست مذكرة تفسيرية، لأن المذكرة التفسيرية لا يمكن أن ترتفع إلى نفس مرتبة التشريع، بل وتحوى أى إلزام، والسنة
غير ذلك … ترتفع مع الكتاب إلى أن تكون المصدر الرئيسى للشرعية0

وربما كان مرجع الشبهة أن السنة فى جزء كبير منها مبينة للكتاب …، لكن بيان السنة منه التخصيص، والتقييد، والتأكيد، ثم التفصيل
والتفسير …، إلى جواز السنة الزائدة التى تأتى بأحكام مستقلة … وفى الجزء المفسر، والمفصل يتوافر الإلزام كما يتوافر للقرآن…، ولا تهبط
السنة إلى مستوى عدم الإلزام، كما تهبط المذكرة التفسيرية للقانون( )"0

ومما يؤسف له أن بعض علماء المسلمين قد أساؤا فهم الإمام الشاطبى فى مسألتنا هذه، ومسألة استقلال السنة بالتشريع، فأنكروا السنة
الزائدة، كما اتخذ أعداء السنة المطهرة من كلام الشاطبى فى المسألتين ستاراً، للتشكيك فى حجية السنة النبوية واستقلالها بتشريع الأحكام أ0
هـ0

استقـلال السنـة بتشريـع الأحكـام

لا يقتصر دور السنة على بيان ما فى القرآن الكريم فقط، فتؤكده تارة، أو تفصل مجمله، وتقيد مطلقه، وتخصص عامه، وتوضح
مشكله، تارة أخرى0

نقول : لا يقتصر دور السنة على ذلك فقط - رغم أهمية هذا وخطورته، بل لها مهمة أخرى جليلة وعظيمة0 وهى أنها تؤسس
أحكاماً على جهة الاستقلال وهذا ما عنيناه بالمهمة الثالثة للسنة فى تقسيمنا السابق( )0 إذ أن فى السنة أحكاماً كثيرة جديدة لم ترد فى القرآن
لا نصاً ولا صراحة، ويتفق العلماء أجمع على وجود تلك الأحكام، ولكنهم يختلفون خلافاً لفظياً حول تسمية تلك الأحكام التى استقلت السنة
المطهرة بتأسيسها0

فالجمهور من العلماء يقولون : إن هذا هو الاستقلال فى التشريع بعينه؛ لأنه إثبات لأحكام لم ترد فى الكتاب0
أما الإمام الشاطبى ومن نحا نحوه : فإنهم مع إقرارهم بوجودها، إلا أنهم يقولون : إنها ليست زيادة على شئ ليس فى القرآن،
وإنما هى زيادة الشرح، المستنبط من المشروح بإلهام إلهى، ووحى ربانى، وتأييد سماوى( )0 وبعبارة أخرى هى داخلة تحت أى نوع من
أنواع السنة البيانية، أو داخلة تحت قاعدة من قواعد القرآن الكريم0

يقول الدكتور السباعى : "وأنت ترى هنا أن الخلاف لفظى، وأن كلا منهما يعترف بوجود أحكام فى السنة لم تثبت فى القرآن الكريم، ولكن
أحدهما لا يسمى ذلك استقلالاً، والآخر يسميه0 والنتيجة واحدة( )، وهى حجية تلك الأحكام الزائدة ووجوب العمل بها0

بيان أن الخلاف لفظى مع فريق وحقيقى مع آخر :
لقد ذكر الإمام الشاطبى ستة مآخذ للمخالفين فى بيان أن كل ما ورد فى السنة مبين فى الكتاب، الخمسة الأولى منها أيدها الإمام
الشاطبى، وكان الخلاف فيها بين الفريقين خلافاً لفظياً لا ينبنى عليه عمل( )0

أما الذين أثاروا خلافاً حقيقياً حول هذه المسألة؛ فهم أصحاب المأخذ السادس، إذ يقولون فيه : "ومنها – يعنى أن جميع
السنة بيان للكتاب – النظر إلى تفاصيل الأحاديث، فى تفاصيل القرآن، وإن كان فى السنة بيان زائد، ولكن صاحب هذا المأخذ يتطلب أن يجد كل
معنى فى السنة مشاراً إليه - من حيث وضع اللغة لا من جهة أخرى - أو منصوصاً عليه فى القرآن( )0
فهذا هو المأخذ الذى لو تم، لكان مبطلاً لما اتفق عليه الجميع، من وجود سُّنة جاءت بما لم ينص عليه الكتاب نصاً، ويمكن
للمجتهد أن يأخذ به بحسب أوضاع اللغة، ومعانيها الحقيقية والمجازية، ولكنه لن يتم ولا يمكن تطبيقه على جميع ما ورد فى السنة، ومحاولة
تطبيقه محاولة فاشلة( )0

وقد اعترف الإمام الشاطبى نفسه بذلك بعد أن غاص فى عمق أدلة هذا المأخذ، وكانت الغاية التى انتهى إليها الاعتراف ببطلان
هذا المأخذ وانحراف أصحابه، إذ يقول تعليقاً على هذا المأخذ : "ولكن القرآن لا يفى بهذا المقصود على النص والإشارة العربية التى تستعملها
العرب أو نحوها، وأول شاهد فى هذا الصلاة، والحج، والزكاة، والحيض، والنفاس، واللقطة، والقراض، والمساقاة، والديات، والقسامات، وأشباه
ذلك من أمور لا تحصى0
فالملتزم لهذا (أى المأخذ السادس) لا يفى بما ادعاه، إلا أن يتكلف فى ذلك مآخذ لا يقبلها كلام العرب، ولا يوافق على مثلها
السلف الصالح، ولا العلماء الراسخون فى العلم، ولقد رام بعض الناس فتح هذا الباب( ) الذى شرع فى التنبيه عليه فلم يوف به إلا على
التكلف المذكور، والرجوع إلى المأخذ الأول فى مواضع كثيرة لم يتأت له فيها نص ولا إشارة إلى خصوصات ما ورد فى السنة، فكان ذلك نازلاً
بقصده الذى قصد( )0
إذاً فهو قول غير صحيح، وبعيد كل البعد عن الحقيقة أ0هـ0

الإمام الشاطبى ومن أساء فهمه من علماء المسلمين ومن اتخذ
كلامه من أعداء السنة ستاراً للتشكيك فى حجية
السنة، واستقلالها بتشريع الأحكام

عرفنا فيما سبق أن الإمام الشاطبى عندما قال بتأخر مرتبة السنة عن الكتاب، كان ذلك لمدارك بعيدة كل البعد عن منزلة السنة
التشريعية، وحجيتها ووجوب العمل بها0 فكان الخلاف ببينه وبين جمهور العلماء خلافاً لفظياً - كما سبق -0

وعرفنا أيضاً : أنه فى مسألة استقلال السنة بالتشريع، أقر بوجود الأحكام التى استقلت بها السُّنة، إلا أنه لم يسم ذلك (استقلالاً)
وإنما سماه (بياناً) فهو يرى أن وظيفة السنة البيان بأنواعه، من تفصيل مجمل، وتقييد مطلق، وتخصيص عام، وتوضيح مشكل، وما جاء زائداً
فى السُّنة هو فى نظره نوع من أنواع البيان، وداخل تحت قاعدة من قواعد القرآن الكريم0

وفى كل الأحوال هذا البيان حجة ويجب العمل به0 ومن هنا كان الخلاف بينه وبين جمهور العلماء فى تلك المسألة أيضاً خلافاً
لفظياً لا يترتب عليه عمل0

اللهم إلا أصحاب المأخذ السادس الذين أنكروا ورود السنة بما لم ينص عليه الكتاب0فكان الخلاف بينهم وبين الجمهور خلافاً حقيقياً، وقد علمت
أن الإمام الشاطبى لم يتابعهم على ذلك0
إلا أن بعض علماء المسلمين أساء فهم الإمام الشاطبى فى المسألتين (تأخر مرتبة السنة فى الاعتبار عن القرآن) و (استقلال السنة بالتشريع)
التى عنون لها بـ (أصول السنة فى القرآن الكريم) ( )0 والتى فصلها فى عنوان (كيفية رجوع السنة إلى الكتاب)( )، حيث فهموا أن الإمام
الشاطبى لا يؤمن إلا بالسنة البيانية المفسرة، أما المستقلة فلا، حيث زعموا أنه يرى أن السنة لا تستقل بتشريع أحكام زائدة، فمهمة الرسول
البلاغ والبيان فقط0

وممن فهم ذلك الشيخ محمد عبد العزيز الخولى - رحمه الله - فى كتابه (مفتاح السنة)بعد أن استشهد بكلام الشاطبى فى أن
السنة راجعة فى معناها إلى الكتاب،تفصل مجمله، وتبين مشكله،وتبسط مختصره،وذكر بيان الشاطبى فى كيفية رجوع السنة إلى الكتاب0

قال الأستاذ عبد العزيز الخولى : "وأما ما ورد فى السنة من الأحكام، فإن كان مخالفاً لظاهر القرآن فالقرآن مقدم عليه، ويعتبر ذلك طعناً فى
الحديث من جهة متنه ولفظه، وإن صح سنده، فإن الحديث لا يكون حجة إلا إذا سلم سنده ومتنه من الطعن، ولذلك أجاز بعض المسلمين نكاح
المرأة على عمتها أو خالتها( )0

وهنا يظهر واضحاً جلياً كيف أساء الشيخ فهم كلام الإمام الشاطبى حتى اتخذ الخولى لنفسه مذهباً فى العمل بظاهر القرآن فقط،
والذهاب إلى عدم حجية السنة المبينة أيضاً0 بدليل أنه بعد أن ذكر نماذج من الأحكام التى استقلت بها السنة، مثل : تحريم الجمع بين المرأة
وعمتها، والمرأة وخالتها، وتحريم الحمر الأهلية، وكل ذى ناب من السباع، ورجم المحصن- الذى زعم أن الأدلة فيه مضطربة، ويصح أن
تشمله آية إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا
مِنَ الْأَرْضِ( )0

بعد أن ذكر ذلك قال : "وإن كان ما فى السنة لا يخالف ظاهر القرآن، فهو اجتهاد من الرسول  يرجع إلى أصل قرآنى عرفه
الرسول، وجهلناه نحن أو عرفناه( )0
فتأمل قوله فى البيان النبوى : (وجهلناه نحن أو عرفناه) إذ العبرة عنده فى أول الأمر وآخره، هى : ظاهر القرآن سواء عرف السنة البيانية،
أم جهلها، فهى فى حالة معرفته بها لم تضف جديداً، وفى هذه الحالة العبرة بالقرآن، وفى حالة استقلالها بتشريع أحكام جديدة، تكون السنة
مخالفة لظاهر القرآن؛ فلا حجة فيها هكذا يزعم!

يقول الدكتور عبد الغنى عبد الخالق : "وليت شعرى إذا لم تكن السنة مبينة، ولا مستقلة فماذا بقى فى السنة، مما يكون
حجة – إلا المؤكد؟ وكيف يمكن الجمع بين قوله هذا، وبين قوله( ) : "وإن الرسول  وظيفته البيان، وتبليغ ما أنزل إليه من ربه"( )0
فلا أدرى علام إذن يستشهد بكلام الإمام الشاطبى الذى يقول : بأن السنة بيان للقرآن الكريم، وحتى ما استقلت به السنة داخل فى هذا البيان
الواجب العمل به!!

وإذا كان حقاً فهم مراد الشاطبى من كلامه، فلم لم يؤمن بما آمن به الشاطبى من أن الأحكام الزائدة فى السنة داخلة فى القرآن
الكريم فى بيانه أو قواعده( )؟!
تلك الأحكام التى انكرها الشيخ مع إيمان الإمام الشاطبى بها كما سبق وسنفصله بالأمثلة بعد قليل0

وأعجب من هذا كله زعمه بأن الذى أجاز نكاح المرأة على عمتها أو خالتها بعض المسلمين - وهم فى نظره الخوارج والشيعة، والروافض(
)0 فهل هؤلاء مسلمون؟!!

وممن أساء فهم الإمام الشاطبى أيضاً، وأساء فى النقل عنه فضيلة الشيخ عبد الله المشَّد - رحمه الله - فى فتواه المشهورة
التى سئل فيها عن حكم من أنكر استقلال السنة بإثبات الإيجاب والتحريم يعد كافراً أم لا؟ ( )0

إذ يقول الشيخ مستشهداً بالإمام الشاطبى : "إن السنة لا تستقل بإثبات الواجب والمحرم، لأن وظيفتها فقط تخصيص عام القرآن،
وتقييد مطلقه، وتفسير مجمله، "ويجب أن يكون ذلك بالأحاديث المتواترة لا الآحادية0

وقال أيضاً : "وأجاب الشاطبى عما أورده الجمهور عليه من قوله تعالى : أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ( ) بأن المراد من
وجوب طاعة الرسول، إنما هو فى تخصيصه للعام، وتقييده للمطلق، وتفسيره للمجمل، وذلك بالحديث المتواتر"( )0 وليت شعرى من يجرؤ
على القول بأن بيان السنة للقرآن أو استقلالها بإثبات الواجب والمحرم، يجب أن يكون بالسنة المتواترة؟
فإذا كان هذا الكلام من زيادات الشيخ على كلام الإمام الشاطبى فأين دليله على ما زعمه؟!!

وإذا كان هذا من كلام الإمام الشاطبى كما يوهمه كلام الشيخ، فغير صحيح، لأن الشاطبى فى كلامه عن بيان السنة للقرآن
الكريم فى أكثر من موضع فى كتابه "الموافقات" لم يشترط هذا الشرط لا صراحة ولا إشارة( )0

ويشهد لصحة ما أقول أن الإمام الشاطبى - رحمه الله - فى كل مواضع كلامه عن بيان السنة للقرآن استشهد بأحاديث كثيرة كلها آحاد0 بما
فى ذلك الموضع الذى تكلم فيه عن استقلال السنة بتشريع أحكام زائدة عما فى القرآن، من تحريم الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة، وخالتها،
وتحريم كل ذى ناب من السباع، والحمر الأهلية، ونكاح المتعة، وإيجابه حد الردة، والرجم، وحد شرب الخمر، وغير ذلك الكثير مما ثبت بالسنة
إيجاباً وتحريماً، وكانت السنة فى كل ذلك آحاداً( )، ولم يشترط التواتر، ولا حتى نسب هذا الشرط إلى أحد ممن يعتد به، فلا أدرى من أين جاء
الشيخ المشد بها الشرط؟!!
كيف والإمام الشاطبى هو القائل : "وأخبار الآحاد هى عمدة الشريعة، وهى أكثر الأدلة"( )0

وفى كتابه الاعتصام يقول رداً على من طعن فى أخبار الآحاد، لأنها تفيد الظن قال: "فعلى كل تقدير : خبر الواحد صح سنده،
فلابد من استناده إلى أصل فى الشريعة قطعى، فيجب قبوله، ومن هنا قبلناه مطلقاً"( )0
ويقول فى كتابه الموافقات : "الظنى الراجع إلى أصل قطعى إعماله أيضاً ظاهر، وعليه عامة أخبار الآحاد، فإنها بيان للكتاب"( ) أ0هـ0

ولو لم يكن إلا هذا لكفى فى الرد على ما نسبه الشيخ المشد إلى الإمام الشاطبى، أو اشترطه هو بغير بينة0
ولكن كيف : والإمام الشاطبى فى كل مواضع كلامه عن بيان السنة للقرآن، يحتج بأحاديث آحاد على إثباتها للواجب والمحرم، ويكفى أن تنظر
لصحة ما أقول : المسائل الآتية فى كتابه الموافقات : "من مقاصد الشرع، عدم التسوية بين المندوب، والواجب"، و"البيان والإجمال فى المباح
والمكروه والمندوب"، و"البيان والإجمال فى المكروه والحرام"( )0

وأعجب مما سبق تضعيف الشيخ المشد لحديث المقدام بن معد يكرب ، ونسبته هذا التضعيف إلى الإمام الشاطبى وهو من هذا
التضعيف برئ0

يقول الشيخ المشد : "وقد رد الشاطبى( ) على ما استدل به الجمهور مما روى عن النبى  قوله : "يوشك الرجل متكئاً على
أريكته يحدث بحديث من حديثى فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، إلا وإن ما
حرم رسول الله  مثل ما حرم الله" بأن من بين رواة هذا الحديث "زيد بن الحُباب" وهو كثير الخطأ، ولذلك لم يرو عنه الشيخان حديثاً واحدا"(
)0
وسبقه إلى القول بهذا الشيخ محمد عبد العزيز الخولى فى كتابه (مفتاح السنة) ( ) أ0هـ0

والحق أن الحديث صحيح لا مطعن فيه، فقد أخرجه الأئمة أبو داود، والترمذى وقال فيه حسن صحيح،وأخرجه ابن حبان فى
صحيحه،وحكم بصحته ابن حزم،وغيره من العلماء( ) والحديث فى كل الطرق السابقة ليس فيه"زيد بن الحُباب"إنما هو فى رواية ابن ماجة0

ومع ذلك فقد قال الحافظ ابن حجر فى التقريب "زيد بن الحُباب" صدوق يخطئ فى حديث الثورى"( ) ورواية زيد هنا فى حديثنا إنما هى من
حديث معاوية بن صالح، وليست من حديث سفيان الثورى( )0

وفى نفس الوقت لم ينفرد (زيد بن الحُباب) بالرواية عن معاوية بن صالح، فقد أخرجه الحاكم فى المستدرك من طريقين عن عبد
الله بن صالح عن معاوية بن صالح، ومن طريق أحمد( ) فى المسند عن عبد الرحمن بن مهدى، عن معاوية بن صالح( )0

وما نسبه الشيخ المشد من نسبة تضعيف الحديث إلى الإمام الشاطبى يبطله قول الإمام الشاطبى : قوله  : "يوشك الرجل منكم
متكئاً على أريكته" إلى آخره لا يتبادل ما نحن فيه (أى مسألة استقلال السنة بتشريع الأحكام) فإن الحديث إنما جاء فيمن يطرح السنة
معتمداً علىرأيه فى فهم القرآن،وهذا لم ندعه فى مسألتنا هذه،بل هو رأى أولئك الخارجين عن الطريقة المثلى0وقوله :"ألا وإن ما حرم
رسول الله مثل ما حرم الله"( )صحيح أ0هـ0

أليس فى هذا حكم من الإمام الشاطبى باعتماده صحة الحديث، وأخذه بما حرم رسول الله  مما هو زائد من الأحكام التى ليست
فى كتاب الله  وله حكم ما حرم رب العزة فى كتابه العزيز من الحجية، ووجوب العمل به، إلا أنه لا يسمى هذا الزائد استقلالاً، وإنما يسميه
بياناً، وهو مما لم يستوعبه الشيخ المشَّد–رحمه الله–حتى ختم فتواه بقوله : "إن الإيجاب والتحريم لا يثبتان إلا بالدليل اليقينى القطعى الثبوت
والدلالة،وهذا بالنسبة للسنة لا يتحقق إلا بالأحاديث المتواترة، وحيث أنها تكاد تكون غير معلومة لعدم اتفاق العلماء عليها فإن السنة لا تستقل
بإثبات الإيجاب والتحريم–إلا أن تكون فعلية أو تنضاف إلى القرآن الكريم وعلى هذا فمن أنكر استقلال السنة بإثبات الإيجاب والتحريم، فهو منكر
لشئ اختلف فيه الأئمة، ولا يعد مما علم بالضرورة، فلا يعد كافراً"( )0

وهذه الفتوى تمسح بها دعاة الفتنة وأدعياء العلم، وهم يشككون فى حجية السنة المطهرة، مثل أحمد صبحى منصور استشهد بها
فى كتابيه "حد الردة"( )، "ولماذا القرآن"( ) وسعيد العشماوى فى كتابيه "الربا والفائدة فى الإسلام"( )، "وحقيقة الحجاب"( )، وجمال البنا فى
كتابه (كلا لفقهاء التقليد ثم كلا لأدعياء التنوير)( )0

وممن تغالى فى إساءة فهم كلام الإمام الشاطبى واتخذه ستاراً لمذهبه، وهو يشكك فى حجية السنة، أحمد حجازى السقا إذ يقول
: "اتفقت كلمة علماء المسلمين على أن القرآن مصدر الشريعة، وما عدا القرآن من أقوال النبى ، وأفعاله، وتقريراته، لم يتفقوا على قبوله
كله مصدراً للشريعة كما اتفقوا على قبول القرآن كله0 فما كان من أقواله وأفعاله وتقريراته مفسراً ومبيناً وشارحاً وصح سنده0 فقد اتفقوا
على قبوله مع القرآن0 وما كان غير مفسر، ومبين وشارح لم يتفقوا عليه كلهم"( )0

ولم يبين لنا حقيقة هذا الاختلاف، وقد علمت أنه خلاف لفظى لا ينبنى عليه عمل0 ورغم ذلك يضلل أحمد حجازى بقوله عن الأحكام التى







 
قديم 06-03-08, 04:49 AM   رقم المشاركة : 6
حسينا
موقوف





حسينا غير متصل

حسينا is on a distinguished road


استقلت السنة بتأسيسها : "وهذا القسم هو محل النزاع بين العلماء0 فمن قائل : إن الأحاديث التى تشرع تشريعات لا ذكر لها فى القرآن
ترفض، ومن قائل : إنها تقبل"( )0
وعلى عادته لم يسم لنا مَنْ مِنَ العلماء المعتد بهم الذى قال أن التشريعات التى لا ذكر لها فى القرآن ترفض0

ثم يفترى كذباً بنسبة ذلك الرفض، والخلاف إلى الفقهاء بقوله : "إن الأحاديث المستقلة بتشريع عن القرآن هى محل نظر، وبحث، وأخذ، ورد،
بين الفقهاء، وهى التى ميزت المذاهب الفقهية عن بعضها، ووسعت دائرة الخلاف بين المسلمين، ويجب على علماء المسلمين أن يقبلوا من
السنة : (أ) النوع المفسر، (ب) النوع الموافق0 وذلك لتقيل الخلافات بين المسلمين( )0
ولم يسم لنا من هم المسلمون الذين اختلفوا؟
ونفس هذا الكذب ردده فى كتابه (دفع الشبهات عن الشيخ الغزالى) إذ يقول : "إذا كانت الآية القرآنية تدل على حكم0 ووجد فى الأحاديث :
أ- حديث موافق للآيـة0
ب- وحديث غير موافق0
ففى هذه الحالة يجب على الفقيه أن يأخذ بالحديث الموافق للآية، ويترك الحديث غير الموافق للآية، وإن كان صحيح السند من
رواية مسلم بن الحجاج"( )0
وهو فى كل هذا الذى يزعمه كذباً يتمسح بكلام الإمام الشاطبى فى الموافقات، موهماً بأن الإمام الشاطبى يقول بكذبه( )0
تمسح دعاة الفتنة وأدعياء العلم بإيمانهم بالسنة البيانية
وبيان مرادهم وهدفهم من ذلك

التمسح بالإيمان بالسنة البيانية بالمفهوم الذى قال به أحمد حجازى السقا ردده (دعاة على أبواب جهنم) ممن هم من جلدتنا،
ويتكلمون بلغتنا، وينتسبون إلى أمتنا الإسلامية0 مثل إسماعيل منصور إذ يقول : "إن السنة الحقة هى سنة واحدة، سنة الله ، وليست هناك
سنة أخرى غيرها، وإنما للرسول ، بيان نبوى للقرآن الكريم "نرفعه على العين والرأس متى ثبت تحقيقاً، لا يخالف - بأى حال - أحكام
ومدلولات القرآن الكريم( ) فنقبله كبيان فحسب وليس تشريعاً مستقلاً"( )0

ثم يصف قيمة السنة البيانية بقوله: "إنها للاستئناس لا للاستدلال، وللبيان لا للإثبات، الأمر الذى يجعل الآخذين بها والرافضين
لها -أمام الشرع-على حدٍ سواء0 فلا إلزام لأى طرف منهما على قبول رأى الآخر،فالآخذ بها فعله مقبول،والرافض لها فعله مقبول كذلك"( )

ويقول الرافضى صالح الوردانى : "القرآن هو المصدر الوحيد الذى نمسك به بين أيدينا وليس محل خلاف، وما دونه من المصادر
هى محل خلاف بين المسلمين، وعلى رأسها مصدر السنة أو الأحاديث، وحيث إن السنة هى تبيين للقرآن فإن هذا التبيين إنما يكون فى حدود
القرآن ولا يتجاوزه، وإذا ما تبين لنا أن مهمة الرسول  هى تبليغ ما يوحى إليه من ربه فلا يجوز للرسول أن يضيف أحكاماً فوق أحكام
القرآن، فمهمته تنحصر فى تبليغ القرآن، وتبيينه للناس، وتنتهى هذه المهمة بوفاته"( )0

ويقول أيضاً : "إن الرسول إنما كان يدعوا دائماً إلى التمسك بهدى القرآن وحكمه، لا بهديه وحكمه هو0 فهو وظيفته التبيين والتبليغ فقط"(
)0 ثم أخذ يجحد ما استقلت بتأسيسه السنة من أحكام0

مثل تحريم الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، وحد الردة، ونكاح المتعة، وغير ذلك الكثير مما استقلت به السنة( )0

وللمنكرين حجية السنة المطهرة، واستقلالها بتشريع الأحكام نقول لهم ما قاله العلامة الشوكانى : "إن ثبوت حجية السنة واستقلالها بتشريع
الأحكام ضرورة دينية، ولا يخالف فى ذلك إلا من لاحظ له فى دين الإسلام"( )0

نماذج من الأحاديث التى استقلت السنة النبوية بتشريعها

أسهب الإمام ابن قيم الجوزية-رحمه الله-فى أعلام الموقعين، فى ذكر الأحكام المستقلة الثبوت بالسنة( )، وقال : "أحكام السنة
التى ليست فى القرآن إن لم تكن أكثر منها، لم تنقص عنها، فلو ساغ لنا رد كل سنة زائدة كانت على نص القرآن لبطلت سنن رسول الله 
كلها إلا سنة دل عليها القرآن، وهذا هو الذى أخبر النبى  بأنه سيقع ولابد من وقوع خبره"( )0

ومن أمثلة ما استقلت السنة المطهرة بتشريعه، وأنكره أعداء الإسلام، والسنة المطهرة :
1- تحريم الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها( )، وتحريم الحمر الأهلية( ) وكل ذى ناب من السباع، وكل ذى مخلب من
الطير( )، وأنـه يحـرم مـن الرضاعـة

ما يحرم من النسب"( ) وأنه لا يقتل مسلم بكافر( )، وحد شارب الخمر( )، وحد الرجم( )، وحد الردة( )، والنهى عن زواج المتعة( )0
وغير ذلك الكثير والكثير، مما استقلت السنة المطهرة بتشريعة، وجاء متواتراً( )0

مـاذا قـال الإمـام الشاطبـى فـى الأحكـام
التى استقلت السنة بتأسيسها؟

أحب هنا أن نذكر كلام الإمام الشاطبى فى بعض الأحاديث السابقة، وكيف أقر بتأسيس السنة أحكاماً زائدة على ما فى القرآن
الكريم، ولكنه لم يسم ذلك استقلالاً كما سماه الجمهور، وإنما سماه بياناً، وأدخله تحت قواعد القرآن الكريم وأقر بحجيته، ووجوب العمل به،
وهو ما نازع فيه من استشهد بكلامه0 مما يؤكد ما سبق أن ذكرناه أن بعض علمائنا الأجلاء أساء فهم كلام الإمام الشاطبى، كما اتخذ بعض
أعداء السنة المطهرة كلامه ستاراً للتشكيك فى حجية السنة، ومكانتها التشريعية0

يقول الإمام الشاطبى - رحمه الله - : "إن الله تعالى حرم الجمع بين الأم وابنتها فى النكاح، وبين الأختين، وجاء فى القرآن : 
وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ( ) فجاء نهيه  عن الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها من باب القياس، لأن المعنى الذى لأجله ذم الجمع بين أولئك
موجود هنا : وقد روى فى هذا الحديث : "فإنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم" والتعليل بشعر بوجه القياس"( )0

ويقول أيضاً فى كتابه الاعتصام باب بيان معنى الصراط المستقيم الذى انحرفت عنه سبل أهل الابتداع فضلت عن الهدى بعد
البيان0 قولهم( ) : "إن الحديث جاء بأن المرأة لا تنكح على عمتها، ولا على خالتها، وأنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، والله
تعالى لما ذكر المحرمات لم يذكر من الرضاع إلا الأم والأخت، ومن الجمع إلا الجمع بين الأختين، وقال بعد ذلك : وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ (
) فاقتضى أن المرأة تنكح على عمتها وعلى خالتها، وإن كان رضاع سوى الأم والأخت حلالاً0
وهذه الأشياء من باب تخصيص العموم لا تعارض فيه على كل حال"( )0

فتأمل كيف سمى ذلك الحكم الزائد فى السنة تخصيصاً لعموم القرآن الكريم، ولم يسمه استقلالاً كما سماه جمهور العلماء؛ فكان الخلاف لفظياً0

وانظر كيف أخذ بهذا الحكم الزائد، ولم يأخذ به من استشهد بكلامه موهماً أنه لا يأخذ به، فأساء فى فهم كلام الإمام،
وأساء فى النقل عنه كما مر0

وعن الأحكام الزائد فى السنة المطهرة، مثل تحريم الحمر الأهلية، وكل ذى ناب من السباع، وكل ذى مخلب من الطير0

قال عن الأحكام السابقة : "إن الله تعالى أحل الطيبات وحرم الخبائث، وبقى بين هذين الأصليين أشياء يمكن لحاقها بأحدهما، فبين( ) عليه
الصلاة والسلام، فى ذلك ما اتضح به الأمر، فنهى عن أكل كل ذى ناب من السباع، وكل ذى مخلب من الطير، ونهى عن أكل لحوم الحمر
الأهلية، وقال إنها رجس( ) : وسئل ابن عمر عن القنفد فتلا قوله تعالى: قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ
مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ( ) فقال له شيخ عنده سمعت أبا هريرة: يقول ذكر عند النبى :فقال:"خبيثة من الخبائث" فقال ابن عمر :
إن كان قال رسول الله  هذا فهو كما قال مَا لَمْ نَدْرِ"( )0

وعن حديث على بن أبى طالب مرفوعاً "لا يقتل مسلم بكافر" يقول الإمام الشاطبى: "وأما أن لا يقتل مسلم بكافر" فقد انتزعها
العلماء من الكتاب، كقوله تعالى : وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ( ) … ويمكن أن يؤخذ حكم المسألة مأخذ القياس، لأن الله
تعالى قال : الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ( ) فلم يقده من الحر للعبد، والعبوديةُ من آثار الكفر فأولى أن لا يُقاد من المسلم للكافر"( )0
فانظر كيف أخذ بالسنة الزائدة على أنها بيانية على قاعدته ومصطلحه0
ورغم ذلك وجد من يطعن فى الحديث( ) بحجة مخالفته للقرآن : وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ( )0

ويقول الإمام الشاطبى فى حد الرجم : "قولهم( ) : هذا مخالف لكتاب الله ، لأنه قضى بالرجم والتغريب، وليس للرجم ولا للتغريب فى كتاب
الله ذكر، فإن كان الحديث باطلاً فهو ما أردنا، وإن كان حقاً فقد ناقض كتاب الله بزيادة الرجم والتغريب0

يقول الإمام الشاطبى رداً على دعوى المخالفة : فهذا اتباع للمتشابه، لأن الكتاب فى كلام العرب، وفى الشرع يتصرف على وجوه منها الحكم،
والفرض كقوله تعالى : كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ( )، وقال تعالى : كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ( ) وقال تعالى : وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ ( )،
فكان المعنى : لأقضين بينكما بكتاب الله، أى بحكم الله الذى شرع لنا، ولا يلزم أن يوجد هذا الحكم فى القرآن، كما أن الكتاب يطلق على
القرآن، فتخصيصهم الكتاب بأحد المحامل، من غير دليل اتباع لما تشابه من الأدلة"( )0

ثم قال الإمام الشاطبى : "وقول من زعم( ) أن قوله تعالى فى الإماء : فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ
الْعَذَابِ( ) لا يعقل مع ما جاء فى الحديث أن النبى  رجم، ورجمت الأئمة بعده؛ لأنه يقتضى أن الرجم ينتصف، وهذا غير معقول، فكيف يكون
نصفه على الإماء؟

هذا ذهاباً منهم إلى أن المحصنات هن ذوات الأزواج، وليس كذلك، بل المحصنات هنا المراد بهن الحرائر، بدليل قوله أول الآية : وَمَنْ لَمْ
يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ( ) وليس المراد هنا إلا الحرائر؛ لأن ذوات الأزواج
لا تنكح"( ) أ0هـ0

وبعـد
إن الأحكام التى انفردت بها السنة كثيرة0 وكلها تعطى الدليل الأكيد على أن السنة لها صلاحية تأسيس الأحكام على سبيل الاستقلال - فهى فى
ذلك مثل القرآن الكريم، وما شرعته السنة حجة يجب العمل به مثل القرآن الكريم تماماً، وعلى هذا انعقد إجماع من يعتد به من علماء الأمة
قديماً وحديثاً0

والذى يقبل عن رسول الله  فإنما يقبل أيضاً عن الله تعالى لأن الله تعالى؛ هو الذى أوجب طاعة رسوله  حيث قال سبحانه :
وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ( )0
يقول الإمام الجليل محمد بن إدريس الشافعى -فى كتابه الرائع الرسالة بأسلوبه الفصيح البليغ : "وما سن رسول الله فيما ليس
لله فيه حكم : فبحكم الله سنه0وكذلك أخبرنا الله فى قوله : وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(52)صِرَاطِ اللَّهِ( ) وقد سن رسول الله مع كتاب
الله، وسن فيما ليس فيه بعينه نص كتاب، وكل ما سن فقد ألزمنا اتباعه"( )،والانتهاء إلى حكمه0 فمن قبل عن رسول الله فبفرض الله قبل"( )
أ0هـ0

مضـار إنكـار السنـة النبويـة

إن الاعتداء على السنة النبوية بإنكارها والتشكيك فى حجيتها يفتح أبواب شر تقوض بنيان الإسلام وذلك لما يلى :
أولاً : أن الأحكام الشرعية العلمية الأصولية "العقائد" يتوقف بنيانها وتفاصيلها على السنة النبوية بعد، ومع القرآن الكريم، فإنكار السنة النبوية
يهدد العقائد بالبتر والإبهام، فيمس ما يتعلق بالإلهيات، والنبوات، والسمعيات، وما سوى ذلك من مسائل العقائد…، فهل يقام دين على عقائد
مبتورة مبهمة؟
ثانياً : القضاء على أصول الأحكام الشرعية العملية "أصول الفقه الإسلامى" لأن هذا العلم يتصدى للأدلة التى تبنى عليها الأحكام، وقد أجمع
الأصوليون على أن السنة النبوية المصدر الثانى للتشريع الإسلامى، وعلى هذا فإنكار السنة النبوية يجعل الفقه الإسلامى فى مهب الرياح لعدم
ارتكازه على أدلة ولافتقاره إلى أسس0
ثالثاً : تحطيم فقه الفروع (المذهبى والمقارن)؛ لأن جل المسائل الفقهية والوقائع تستند إلى السنة النبوية إما بالبيان والإيضاح كمواقيت وأعداد
وهيآت الصلوات المفروضة0 وإما بالاستقلال مثل كفارة من أفسد صوم رمضان، وعقوبتى شارب المسكر والمرتد، وأسس الجهاد، والآداب
والسلوكيات وفضائل الأعمال وغير ذلك مما سبق ذكره0
رابعاً : تشويه علوم القرآن الكريم لاستنادها فى كثير من قضاياها على السنة النبوية، وتهديد علم التفسير لارتكازه فى جل ما يعرض له على
السنة النبوية وهكذا : بإنكار السنة النبوية تمسى الأمة بغير تشريع واضح المعالم قوى الدلالة، فقد تعرض أصول التشريع، وفروعه للاهتراء
وللاجتراء0
إن إنكار السنة النبوية يمهد السبل للتشكيك فى القرآن نفسه، وتعطيل الآيات التى تحث وتحض على اتباع رسول الله  واتخاذه
قدوة وتحكيمه والرضا بحكمه وإيثار طاعته على ما سواه"( )0
إن الطعن فى السنة النبوية هدم للإسلام فى عقائده، وعباداته، ونظمه، وأخلاقه، وهدم لوحدته وسبب فى تخلف المسلمين عن
ركب الحضارة "0

يقول الأستاذ محمد أسد : "لقد كانت السنة مفتاحاً لفهم النهضة الإسلامية منذ أكثر من ثلاثة عشر قرناً، فلماذا لا تكون مفتاحاً لفهم انحلالنا
الحاضر؟ إن العمل بسنة رسول الله  هو عمل على حفظ كيان الإسلام وعلى تقدمه، وإن ترك السنة هو انحلال الإسلام( )، وهذا ما يخطط له
أعداء الإسلام سواء الظاهرون العداوة له المتظاهرون عليه أو اللابسون عباءته بهتاناً وزوراً! أ0هـ0
حكـم منكـر السنـة النبويـة

يقول الإمام محمد بن الحسين الآجرى( ) فى كتابه الشريعة : "جميع فرائض الله  التى فرضها الله جل وعلا فى كتابه، لا يعلم
الحكم فيها، إلا بسنن رسول الله  هذا قول علماء المسلمين، من قال غير هذا خرج عن ملة الإسلام، ودخل فى ملة الملحدين"( )0

وقال الإمام ابن حزم : "ولو أن امرءاً قال : لا نأخذ إلا ما وجدنا فى القرآن لكان كافراً بإجماع الأمة، ولكان لا يلزمه إلا ركعة ما
بين دلوك الشمس إلى غسق الليل، وأخرى عند الفجر؛ لأن ذلك هو : أقل ما يقع عليه اسم صلاة، ولا حد للأكثر فى ذلك0 وقائل هذا أو نحوه
كافر مشرك، حلال الدم والمال، وإنما ذهب إلى هذا بعض غالية الرافضة ممن قد اجتمعت الأمة على كفرهم( )0
وقال الحافظ السيوطى : "فاعلموا رحمكم الله أن من ينكر كون حديث رسول الله ، قولاً كان أو فعلاً بشرطه المعروف فى
الأصول حجة، كفر وخرج عن دائرة الإسلام، وحشر مع اليهود والنصارى، أو مع من شاء من فرق الكفرة( ) أ0هـ0

والله تبـارك وتعالـى
أعلى وأعلم



المبحث الثاني

شبهات بُنْيَت على أحاديث من السنة النبوية

ويشتمل على تمهيد وثلاثة مطالب :
1 - المطلب الأول : شبهة عرض السنة على القرآن الكريم والرد عليها .
2_ المطلب الثـــاني : شبهة عرض السنة النبوية على العقل والرد عليها .
3_ المطلب الثـالث : وفيه الشبه الآتية:
1_ شبهة النهي عن كتابة السنة والرد عليها .
2_ شبهة التأخر في تدوين السنة والرد عليها .
3_ شبهة رواية الحديث بالمعنى والرد عليها .
4_ شبهة كثرة الوضاعين للحديث والرد عليها .




تمهيد :
بعد أن تحايل أعداء السنة المطهرة على بعض آيات من القرآن الكريم ليحوروا معانيها، ويستدلوا بهذا التحوير على صحة الاحتجاج بالسنة
النبوية، نجدهم هنا باسم السنة ونصوصها يستشهدون بها أيضًا على إنكار حجيتها، ويتظاهرون بحرصهم على السنة، بل هم بإنكارهم حجيتها
أشد حرصًا على السنة من المؤمنين بحجيتها(1) .
وهكذا عكس المشاغبون القضية ، ونظروا في السنة النبوية المطهرة، فما وافق دعواهم منها قبلوه ، واعترضوا به على منازعيهم واحتجوا به
مع وضعه أو ضعفه سندًا ودلالة، وهذا العمل مع جهالته أخطر منطق عكسي في التدليل على فساد الشيء بمادته، نصًّا وأسلوبًا ؛ لأنه إذا كان
من الخطأ والخطل(2) والخطر قبول الأحاديث الباطلة والموضوعة، وعزوها إلى رسول الله e ، فمثله في البطلان رد الأحاديث الصحاح الثابتة
بالهوى والعجب والتعالم على الله ورسوله، وسوء الظن بالأمة وعلمائها وأئمتها في أفضل أجيالها ، وخير قرونها .
إن قبول الأحاديث المكذوبة يدخل في الدين ما ليس منه ، أما رد الأحاديث الصحيحة، فيخرج من الدين ما هو منه ، ولا ريب أن كليهما
مرفوض مذموم: قبول الباطل ورد الحق(4) .
ولأعداء السنة المطهرة شبهات على عدم حجية السنة بنوها على أحاديث مكذوبة، وضعيفة، وأخرى صحيحة مع ضعف دلالتها على ما احتجوا
به . وسوف نذكر تلك الشبهات في ثلاثة مطالب :



المطلب الأول

l واستدل بالحديث الأول قديمًا الشيعة الإثنى عشرية كما رواه الكليني في الكافي(1). والرافضة منهم ، والزنادقة كما حكاه الحافظ السيوطي في
مفتاح الجنة(2)، والطائفة التى ردت الأخبار كلها وناظر الإمام الشافعي واحدًا من أتباعها(3)، وأهل الرأي كما حكاه أحمد أمين في فجر
الإسلام(1). والمعتزلة وهو أحد الأصوب الخمسة عند الإمام القاسم بن إسماعيل الرسي كما سبق في أصول المعتزلة(2)وحديثًا استدل به
الدكتور توفيق صدقي(3) ، ويحيي كامل أحمد(4) .
l واستدل بالحديث الثاني الدكتور توفيق صدقي(5) ، والأستاذ جمال البنا(6) .
l واستدل بالحديث الثالث الدكتور توفيق صدقي(7) .
l واستدل بالحديث الرابع الأستاذ جمال البنا(8) ، كما استدل بحديث $عبد الله بن أبي أوفى#(9) في وصية النبي e في مــرض موته
بالاقتصــار على كتاب الله U(10)، ونقل كلام الحافظ ابن حجر مبتورًا ، وسبق بيان ذلك كما سبق بيان المراد من الأحاديث المرفوعة
والموقوفة بالاقتصار على كتاب الله وحده(11) .
وحجة المنكرين لحجية السنة النبوية من الروايات السابقة: أنها تفيد عرض السنة على القرآن فما وافق القرآن ؛ فهو من السنة، وتكون
السنة في هذه الحالة لمحض التأكيد، والحجة هو القرآن فقط، وما خالف القرآن بإثبات حكم شرعي جديد؛ فهو ليس من السنة ، ولم يقله النبي
e ولا حجة فيه .
يقول محمد نجيب : $فإذا كانت سنة الرسول وحديثه متفقة مع سنة الله وحديثه فاتباعها حكم من متبعها أنها أحسن من سنة الله، وأنها حديث
خير من حديث الله، وليس في هذا إلا تكذيب لله القائل : {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم}(1)
وهذا يحتم عدم الأخذ بسنة غير الله، وحديث غير الله، ولو كان متفقًا مع كلام الله فاتباعه خلط لدين الإنسان ، وخروج عن الدين الخالص لله
وحده إذ بذلك يكون الدين خليطًا .
أما إذا كانت السنة والحديث غير متفقة مع كلام الله، وحديث الله، وسنة الله، فلا يمكن أن يعمل بها مسلم، أو أن يقبلها(2) .
يقول الدكتور أحمد صبحي منصور : $..... مع أهمية المناقشة بالقرآن لكل ما جاء في التراث من أحكام فقهية وروايات خرافية(3) .
ويقول الأستاذ جمال البنا : $هناك أحاديث جاءت بما لم يأت به القرآن ، نحن نحكم عليها في ضوء القرآن ، فما لا يخالف القرآن يقبل، وما
يخالفه يستبعد، فتحريم زواج المرأة على عمتها وخالتها . وتحريم لحم الحمر الأهلية، أمور لانرى مانعًا فيها ، ونجد فيها قياسًا سليمًا(4) .
وهكذا اتخذ أعداء السنة من منهج عرض السنة على القرآن الكريم قاعدة ينطلقون منها للتشكيك في حجية السنة المطهرة وهدمها . وهم
يصرحون بتلك الحقيقة وأهدافها .
ومن قاعدة عرض السنة على كتاب الله U ، انطلق أعداء الإسلام من الرافضة والزنادقة يشككون في حجية السنة المطهرة وتابعهم دعاة الفتنة
وأدعياء العلم؛ أمثال الدكتور أحمد صبحي منصور(4)، وإسماعيل منصور(5) ، ومحمود أبو رية(6) ، ومحمد نجيب(7) ، وقاسم أحمد(8)
وغيرهم ممن سبق ذكرهم وفيما يلي الجواب عن شبهتهم هذه.
وتكلم العلماء عن هذا الحديث كلامًا يستلزم أن يكون من أشد الموضوعات أو الضعيف المردود ونختار من أقوالهم ما يأتي :
قال الإمام الشافعي : $ما روي هذا أحد يثبت حديثه في شيء صغر ولا كبر .. وإنما هي رواية منقطعة عن رجل مجهول، ونحن لا نقبل مثل
هذه الرواية في شيء(5) .
ويعلق الأستاذ أحمد شاكر(6) في تحقيقه لكتاب الرسالة على هذا الحديث فيقول: $هذا المعنى لم يرد فيه حديث صحيح ولا حسن، بل وردت فيه
ألفاظ كثيرة، كلها موضـوع، أو بالغ الغاية في الضعف، حتى لا يصلح شيء منها للاحتجاج أو الاستشهاد(7) .
وقال الإمام بن عبد البر(6) : $ وقد أمر الله U بطاعته واتباعه أمرًا مطلقًا مجملاً لم يقيد بشئ، كما أمرنا باتباع كتاب الله، ولم يقل وافق كتاب
الله كما قال بعض أهل الزيغ، قال عبد الرحمن بن مهدي : الزنادقة والخوارج وضعوا ذلك الحديث ... وهذه الألفاظ لاتصح عنه e عند أهل العلم
بصحيح النقل من سقيمه، وقد عارض هذا الحديث قوم من أهل العلم، وقالوا : نحن نعرض هذا الحديث على كتاب الله قبل كل شيء، ونعتمد
على ذلك، قالوا: فلما عرضناه على كتاب الله وجدناه لكتاب الله؛ لأنا لم نجد في كتاب الله ألا يقبل من حديث رسول الله e إلا ما وافق كتاب الله،
بل وجدنا كتاب الله يطلق التأسى به ، والأمر بطاعته، ويحذر المخالفة عن أمره جملة على كل حال#(1) أ. هـ .
وقال فضيلة الدكتور عبد الوهاب عبد اللطيف معقبًا على تقوية ابن عراق للحديث(2)، تبعًا للسيوطى(3) : $الحديث باطل منكر جدًا، كما قال
العقيلي وغيره، ومحاولة المؤلف تبعًا للسيوطي تقويته غلط، فإن الحديث من وضع بعض الزنادقة للتلاعب بالسنة، وغفل السيوطي، ثم المؤلف
_ رحمهما الله _ عن هذا المقصد الخبيث#(4).
أما الحـديث الثاني : إني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه ... إلخ فأخرجه الشافعي(5)، والبيهقي(6) ، ومن من طريق طاووس(7) ، وقال
الإمام الشافعي: هذا منقطع، وكذلك صنع e ، وافترض عليه أن يتبع ما أوحي إليه، ونشهد أن قد اتبعه e وما لم يكن فيه وحي فقد فرض الله
في الوحي اتباع سنته، فمن قبل عنه فإنما قبل بفرض الله قال تعالى :{وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}(1) .
قال البيهقي : وقوله في الحديث : $في كتابه# إن صحت هذه اللفظة فإنما أراد فيما أوحى إليه، ثــم ما أوحى إليه نوعان؛ أحــدهما وحي
يتلى، والآخر وحي لا يتلى(2).
ويشهد لما قاله البيهقي في أن المراد بكلمة $في كتابه# أعم من القرآن ، ويشمل الوحي بنوعيه، المتلو ، وغير المتلو . قوله e لوالد الزاني
بامرأة الرجل الذي صالحه على الغنم والخادم : $والذي نفسي بيه لأقضين بينكما بكتاب الله الوليدة والغنم رد. وعلى ابنك جلد مائة ، وتغريب
عام#(3) قال الحافظ ابن حجر: المراد بكتاب الله ما حكم به وكتب على عباده، ويؤيده رواية القرآن وهو المتبادر. وقال ابن دقيق العيد(4) :
الأول أولى ؛ لأن الرجم والتغريب ليسا مذكورين في القرآن إلا بواسطة أمر الله باتباع رسوله، قيل وفيما قال نظر لاحتمال أن يكون المراد ما
تضمنه قوله تعالى:{ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا} (5) فبين النبي e أن السبيل جلد البكر ونفيه، وجلد الثيب ورجمه، فيما رواه الإمام مسلم عن
عبادة بن الصامت t(6) قال: قال رسول الله e :$خذوا عنى . خذوا عنى. قد جعل الله لهن سبيلا . البكر بالبكر جلد مائة جلة مائة ونفى سنة،
والثيب بالثيب. جلد مائة والرجم#(1) .
قال الحافظ ابن حجر قلت: وهذا أيضًا بواسطة التبيين#(2) .
وقلت : حتى لو صحت هذه اللفظة $في كتابه# وحملت على المتبادر منها وهو القرآن الكريم. فلا حجة في الحديث للمنكرين لحجية السنة،
فالحديث عليهم لا لهم؛ لأن ما يحرمه أو يحله الرسول e ، هو حرام أو حلال في كتاب الله U الذي أمر بطاعته، ونهى عن مخالفته e . ويؤيد
ذلك ما ثبت في صحيح السنة من حديث المقدام بن معد يكرب الكندى(3) t ؛ أن رسول e قال: $يوشك الرجل متكئا على أريكته، يحدث بحديث
من حديثي ، فيقول بيننا وبينكم كتاب الله U، فما وجدنا من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرم رسول الله e مثل
ما حرم الله U(4) .
قال الإمام الشافعي معقبًا : فقد ضيق رسول الله على الناس أن يردوا أمره بفرض الله عليهم اتباع أمره(5) وقال الإمام البيهقي: وهذا خبر من
رسول الله e عما يكون بعده من رد المبتدعة حديثه فوجد تصديقه فيما بعدهe(6) .
أما قول الدكتور توفيق صدقي: $فهذا الحديث صح أو لم يصح فالعقل يشهد له ويوافق عليه، وكان يجب أن يكون مبدأ للمسلمين لايحيدون
عنه#(1) فسيأتى الرد على ذلك في المطلب الثاني (شبهة عرض السنة على العقل) .

(1) انظر : السنة ودورها في الفقه الجديد للأستاذ جمال البنا خاتمة الكتاب (نخن أحرص على السنة منكم) ص 267 .
(2) السنة الإسلامية للدكتور رءوف شلبي ص 33 .
(3) الخطل : المنطق الفاسد المضطرب وقد $خطَِلَ# في كلامه من باب طَرِب و (أخطَلَ) أي أفحش .
انظر : مختار الصحاح ص 181 ، والقاموس المحيط 3 / 357 .
(4) مؤتمر السنة ومنهجها في بناء المعرفة والحضارة بحث الدكتور يوسف القرضاوي 2 / 795 ، 796 .
(1) أخرجه الكليني في الكافي كتاب فضل العلم، باب الأخذ بالسنة وشواهد الكتاب 1 / 69 رقم 5 عن أبي عبد الله y، وانظر : الشيعة هم أهل
السنة للدكتور محمد التيجاني ص 244.
(2) مفتاح الجنة ص 13 ، 14 .
(3) الرسالة 225.
(1) فجر الإسلام ص 224 ، وانظر: البحر المحيط للزركشي عزاه إلى أكثر المتكلمين 4 / 351.
(2) راجع : إن شئت ما سبق في أصول المعتزلة وموقفهم من السنة ص 105،110 ، وانظر تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص 84 .
(3) مجلة المنار المجلد 9 / 523 .
(4) تطبيق الشريعة بين الحقيقة وشعارات الفتنة ص 12 .
(5) مجلة المنار المجلد 9 / 907 .
(6) السنة ودورها في الفقه الجديد ص 246 .
(7) مجلة المنار المجلد 9 / 907 .
(8) السنة ودورها في الفقه الجديد ص 246 .
(9) عبد الله بن أبي أوفى : صحابي جليل له ترجمة في : الاستيعاب 3 / 870 رقم 1478 ، واسد الغابة 3 / 181 رقم 2830 ، وتاريخ
الصحابة ص 155 رقم 742 ، ومشاهير علماء الأمصار ص 62 رقم 320، وتجريد أسماء الصحابة 1 / 299 ، والإصابة 2 / 274 رقم
4573 .
(10) أخرجه البخاري (بشرح فتح الباري) كتاب الوصايا، باب الوصايا، وقول النبي e (وصية الرجل مكتوبة عنده) 5 /420 رقم 2740 ،
ومسلم (بشرح النووي) كتاب الوصية، باب ترك الوصية لمن ليس له شئ يوصي فيه 6/ 98 رقم 1634 .
(11) راجع : إن شئت ص 201 ، 202 .
(1) الآية 23 من سورة الزمر .
(2) انظر: الصلاة ص 278 ، 279 .
(3) انظر: مجلة روزاليوسف العدد 3563 ص 36 ، وانظر : البحث في مصادر التاريخ الديني لأحمد صبحي منصور ص 40 ، 287.
(4) السنة ودورها في الفقه الجديد ص 254، وسيأتي الرد على ذلك وأنه غير مخالف للقرآن في مبحث أدلة حجية السنة ص 533 .
(5) يعني معيار عرض السنة على القرآن بمفهوم أعداء السنة .
(1) السنة ودورها في الفقه الجديد ص 7 .
(2) المصدر السابق ص 248 .
(3) السنة ودورها في الفقه الجديد ص 265 .
(4) مجلة روزاليوسف العدد 3563 ص 35 .
(5) تبصير الأمة بحقيقة السنة ص 18 _ 20 .
(6) أضواء على السنة ص 19 ، 391 _ 395.
(7) الصلاة ص 279 .
(8) إعادة تقييم الحديث ص 136 .
(1) الحديث والمحدثون ص 211 .
(2) حديث علي t أخرجه الدارقطني في السنن كتاب في الأقضية والأحكام ، باب كتاب عمر t إلى أبي موسى الأشعرى 4 / 208 رقم 20
وقال الدارقطني : والصواب عن عاصم عن زيد عن علي بن الحسين مرسلاً ، عن النبيe. وقال العلامة العظيم آبادى في التعليق المغنى على
الدارقطني 4 / 208 ، 209 الحديث فيه جبارة بن المغلس ضعفه ابن معين، وقال البخاري مضطرب الحديث وقال السخاوي، وقد سئل شيخنا _
يعنى ابن حجر _ عغن هذا الحديث فقال: إنه جاء من طرق لا تخلو عن مقال، وانظر: في ترجمة جبارة الضعفاء والمتروكين للنسائي ص 72
رقم 103 ، والمجروحين لابن جبان 1 / 221 .
(3) حديث أبي هريرة رواه الدارقطني أيضًا في نفس الأماكن السابقة برقم 17 وقال الدارقطني عقبة فيه $صالح بن مةسي# ضعيف لايحتج
بحديثه .
(4) حديثا بن عمر، وثوبان أخرجهما الطبراني في الكبير 12 / 316 رقم 13224 ، وقال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد 1 / 170 حديث
بن عمر فيه أبو حاضر عبد الملك بن عبد ربه وهو منكر الحديث . وحديث ثوبان فيه $لايزيد بن ربيعة وهو متروك منكر الحديث، انظر: مجمع
الزوائد 1 / 170، والموضوعات لابن الجوزي 1 / 258 .
(5) الرسالة للشافعي ص 225 .
(6) أحمد شاكر : هو العلامة محمد شاكر، يكني: أبا الأشبال محدث ومحقق، وقاضي شرعي، وعضو المحكمة الشرعية العليا $سابقًا# من
مؤلفاته الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث، ونظام الطلاق في الإسلام، وغير ذلك . مات سنة 1377هـ . انظر: ترجمته في كتابه
كلمة الحق بقلم الأستاذ محمود محمد شاكر .
(7) الرسالة للشافعي ص 224 .
(1) الآية 7 من سورة الحشر .
(2) الآية 80 من سورة النساء .
(3) الآية 105 من سورة النساء .
(4) الإمام البيهقي: هو أحمد بن الحسين بن علي، أبو بكر، كان أوحد أهل زمانه في الإتقان والحفظ والفقه والتصنيف، كان فقهيًا وأصوليًا
وإمامًا من أئمة الحديث، من مصنفاته: السنن الكبرى ، ودلائل النبوة، توفي سنة 458هـ . له ترجمة في : تذكرة الحفاظ 3 / 1132 رقم
1014 ، وطبقات الحفاظ للسيوطي ص 433 رقم 979، ووفيات الأعيان 1 / 75 رقم 28، طبقات الشافعية لابن السبكي 4 /8 رقم 50 ،
والبداية والنهاية 12/ 94، وشذرات الذهب 3 / 304 .
(5) دلائل النبوة 1 / 27 .
(6) الإمام ابن عبد البر: هو يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري القرطبي، أبو عمر، كان حافظ علماء الأندلس، وكبير محدثيها في وقته،
وكان أولاً ظاهريًا ثم صار مالكيًا، فقيهًا حافظًا مكثرًا عالمًا بالقراءات والحديث والرجال، والخلاف ، كثير الميل إلى أقوال الشافعي، من
مصنفاته. التمهيد شرح الموطأ ، والاستذكار مختصره، والاستيعاب في معرفة الأصحاب، وجامع بيان العلم وفضله. وغير ذلك مات سنة
463هـ . له ترجمة في : تذكرة الحفاظ 3/ 1128 رقم 1013، وطبقات للسيوطي ص 431، 432 رقم 978 ، والديباج المذهب لابن
فرحون ص440 رقم 626، وطبقات الفقهاء الشافعيين لابن كثير 2 / 458 رقم 23، والرسالة المستطرفة ص 15، وشجرة النور الزكية 1
/ 119 رقم 337 .
(1) جامع بيان العلم وفضله 2 / 190، 191، وانظر: الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ص 291، وإرشاد الفحول 1/ 157 ،
158 ، وكشف الخفاء للعجلوني 1 / 76 ، رقم 220 ، 2 / 386 .
(2) تنزيه الشريعة 1 / 264، 265 ، وانظر : الموضوعات لابن الجوزي 1 / 258 .
(3) اللآلئ المصنوعة 1 / 195 ، والنكت البديعات على الموضوعات ص 48 ، 49 رقم 23 .
(4) تنزيه الشريعة 1 / 265 هامش . وفيما سبق رد على الأستاذ عبد الفتاح أبو غدة _ رحمه الله تعالى _ في تقويته للحديث في كتابه (
لمحات من تاريخ السنة وعلوم الحديث ) ص 29 ، 30 . وفيما سبق أيضًا رد على إدعاء جولدتسهير بأن المحدثين يقررون احتجاجًا بهذا
الحديث، انظر: العقيدة والشريعة في الإسلام ص 55، وأعجب من إدعاء جولدتسهير ، إدعاء أحد أدعياء العلم وهو يحيى كامل أحمد الذي
وصف الذين حكموا بوضع هذا الحديث بأنهم ملاحدة قائلا : [إن بعض الملاحدة زعموا أن هذا الحديث (فيما جاءكم عنى فاعرضوه على كتاب
الله ..) من وضع الزنادقة ، ليبيحوا لأنفسهم عدم التقيد بآيات القرآن، للتقول في أمور الدين بما يشاءون.. فيرددون الأباطيل والإسرائيليات
والخرافات بدعوى أنها أحاديث للرسول e على حين أن القرآن يسقطها ، ويثبت كذبها بتعارضها مع آياته الكريمة] أ. هـ . انظر تطبيق
الشريعة بين الحقيقة وشعارات الفتنة ص 12 ، 13، والشيعة هم أهل السنة للدكتور محمد التيجاني ص 251 ، 252 .
(5) الأم كتاب جماع العلم، باب الصوم 7 / 288، وفي كتاب الصلاة، باب صلاة المريض 1 /80، 81 .
(6) المدخل إلى السنن والآثار كتاب السير، باب الرجل يموت في أرض العدو قبل الغنيمة 13/ 155 رقم 17742.
(7) طاووس: هو طاووس بن كيسان اليماني، أبو عبد الرحمن، يقال اسمه ذكوان، وطاووس لقب، من أكابر التابعين تفقها في الدين ورواية
للحديث وتقشفًا في العيش، وجرأة على وعظ الخلفاء والملوك، أصله من الفرس، ولكنه ولد في اليمن، متفق على توثيقه مات سنة 106هـ
له ترجمة في : صفة الصفوة لابن الجوزي 2 / 284 رقم 243 ، ومشاهير علماء الأمصار ص 150 رقم 955، والثقات لابن حبان 4 /
391 ، الثقات للعجلي ص 234، رقم 720، والثقات لابن شاهين ص 182رقم 587 ، وتقريب التهذيب 1 / 448 رقم 3020 ، والكاشف 1
/ 512 رقم 2461، ووفيات الأعيان 2/ 509 رقم 306 .
(1) جزء من الآية 7 من سورة الحشر.
(2) مفتاح الجنة ص 42،43.
(3) متفق عليه من حديث أبي هريرة أخرجه البخاري (بشرح فتح الباري) كتاب الحدود، باب الاعتراف بالزنا 12/ 140 رقم 6827 ،
6828. وأخرجه مسلم (بشرح النووي) كتاب الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنا 6/ 214 رقم 1697 ، 1698 واللفظ له .
(4) ابن دقيق العيد :هو محمد بن على وهب المنفلوطي ، تقى الدين أبو الفتح، إمام حافظ فقيه، كان من أذكياء زمانه ، وقل أن ترى العيون
مثله، وله يد طولى في الأصول والمعقول، ولي قضاء الديار المصرية وتخرج به أئمة ، من مصنفاته: الاقتراح في علوم الحديث، وشرح
العمدة، مات سنة 702هـ له ترجمة في : طبقات الحفاظ للسيوطي 516 رقم 1134 ، وتذكرة الحفاظ للذهبي 4 / 1481 رقم 1168 ،
والرسالة المستطرقة للكتابي ص 180 ، والديباج المذهب لابن فرحون ص 411 رقم 566 ، والدرر الكامنة 4/ 91 رقم 256، والبداية
والنهاية 14/ 27، وشذرات الذهب 6/ 5 ، والوافي بالوفيات 4/ 193 .
(5) الآية 15 من سورة النساء.
(6) عبادة بن الصامت: صحابي جليل له ترجمة في : الاستيعاب 2/ 807 رقم 1372 ، واسد الغابة 3/ 158 رقم 2891، وتاريخ الصحابة
ص 190 رقم 1004 ، والإصابة 2/ 268 رقم 4515، ومشاهير علماء الأمصار ص66 رقم 334 .

(1) أخرجه مسلم (بشرح النووي) كتاب الحدود، باب حد الزني 6/ 240 رقم 1690.
(2) انظر : فتح الباري 12/ 142 _ 144 رقمي 6827 ، 6828.
(3) المقدام بن معد يكرب: صاحبي جليل له ترجمة في : الاستيعاب 4/ 1482 رقم 2562، واسد الغابة 5/ 244 رقم 5077، وتاريخ
الصاحبة ص 240 رقم 1317 ، ومشاهير علماء الأمصار ص 69 رقم 365، والإصابة 3/ 455 رقم 8202.
(4) أخرجه أبو داود في سننه كتاب السنة، باب في لزوم السنة 4/ 200 رقم 4604 ، والترمذي في سننه كتاب العلم، باب ما نهى عنه أن
يقال عند حديث النبي e5/ 36 رقم 2664 وقال هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وأخرجه بن ماجة في سننه المقدمة، باب تعظيم حديث
رسول الله والتغليظ على من عارضه 1/ 20 رقم 12، واللفظ له وابن جبان في صحيحه (الإحسان بتقريب صحيح ابن حبان)، باب الاعتصام
بالسنة وما يتعلق بها نقلا وأمرًا وزجرًا 1/ 107 رقم 12، والحاكم في المستدرك 1/ 191 رقم 371 ، وسكوت عنه الحاكم والذهبي،
وصححه أحمد شاكر في هامش الرسالة للشافعي ص 90، 91 .
(5) الرسالة للشافعي ص 226 .
(6) دلائل النبوة للبيهقي 1/ 25 .
(1) انظر : الأم كتاب جماع العلم، باب الصوم 7/ 288 ، وفي كتاب الصلاة ، باب صلاة المريض 1/ 80، 81.
(2) الإحكام في أصول الأحكام 2/ 212 .
(3) الآيتان 3،4 من سورة النجم .
(4) انظر: الإحكام لابن حزم 2/ 212 .
(5) السنة ومكانتها في التشريع للدكتور السباعي ص 164 .
(6) انظر : نيل الأوطار 1/ 187 .
(7) ثوبان : هو ثوبان بن بجدر أبو عبد الله مولى رسول الله e صاحبي جليل له ترجمة في: الاستيعاب 2/ 218 رقم 282، واسد الغابة 1/
480رقم 624، وتاريخ الصحابة ص 56 رقم 174، ومشاهير علماء الأمصار ص64 رقم 324 ، والإصابة 1/ 204 رقم 969 .
(8) الدارقطني كتاب الطهارة ، باب في الوضوء من الخارج من البدن كالرعاف والقئ والحجامة ونحوه 1/ 151 رقم 41 .
(1) انظر: مجلة المنار المجلد 9/ 515 رقم 913 .
(2) الدارمي في سنته المقدمة ، باب السنة قاضية على كتاب الله 1/ 153، 154 رقم 589 بلفظ : $السنة سنتان: سنة الأخذ بها فريضة:
وتركها كفر، وسنة الأخذ بها فضيلة وتركها إلى غيره حرج) .
(3) مكحول : هو مكحول الشامي، أبو عبد الله ، ثقة، فقيه كثير الإرسال مات سنة 113هـ. له ترجمة في : تقريب التهذيب 2 / 211 رقم
6899 ، والكاشف 2 / 291 رقم 5620 ، وحاشية بن العجمي هامش على الكاشف 2/ 291 _ 293 ، والثقات للعجلي ص 439 رقم
1628، والثقات لابن حبان 5/ 446، ومشاهير علماء الأمصار ص 141 رقم 870 .
(4) الطبراني في الأوسط 4 / 392 رقم 4011 ، وقال الطبراني : ( لم يرو هذا الحديث عن محمد إلا عيسى تفرد به عبد الله ، وعزاه الهيثمي
في مجمع الزوائد إلى الطبراني في الأوسط، وقال: لم يروه عن أبي سلمة إلا عيسى بن واقد تفرد به عبد الله بن الرومي، ولم أر من ترجمة .
انظر: مجمع الزوائد 1/ 172، وانظر مجمع البحرين في زوائد المجمعين الصغير والأوسط للطبراني 1/ 233 رقم 256.
(5) انظر : ميزان الاعتدال 2/ 422 رقم 4317 ، ولسان الميزان 3/ 286 رقم 1208 .
(6) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 127 ، وإرشاد الفحول للشوكاني 1/ 155 ، وأصول الفقه للخضري ص 250، 251.
(1) متفق عليه من حديث أبي هريرة t : البخاري (بشرح فتح الباري) كتاب الوضوء، باب لاتقبل صلاة بغير طهور 1/282 رقم 135 ،
ومسلم (بشرح النووي) كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة 1/ 104 رقم 225 واللفظ له .
(2) أخرجه الترمذي في سننه كتاب أبواب الصلاة ، باب ما جاء في المنى والمذي 1/ 193 رقم 114، وقال هذا حديث حسن .
(3) عمران بن حصين: صاحبي جليل له ترجمة في : الاستيعاب 3/ 1208 رقم 1969 ، واسد الغابة 4/ 269 رقم 4048 ، وتاريخ
الصحابة ص 183 رقم 949 ، ومشاهير علماء الأمصار ص 48 رقم 218، والإصابة 3/26 رقم 6024 .
(4) أخرجه البخاري (بشرح فتح الباري) كتاب التميم باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء 1 / 533 رقم 344 ، وأخرجه مسلم
(بشرح النووي) كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة 300/ 199 رقم 682 .
(5) الآية 6 من سورة المائدة .
(1) متفق عليه من حديث أبي موسى الأشعرى t البخاري (بشرح فتح الباري) كتاب الفتن، باب قول النبي e : $ من حمل علينا السلاح فليس
منا# 13/ 26 رقم 7071 ومسلم (بشرح النووي) كتاب الإيمان باب قول النبي e من $حمل علينا السلاح فليس منا# 1 رقم 100 .
(2) أخرجه مسلم (بشرح النووي) كتاب الإمارة ، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن 6/ 479 رقم 1848.
(3) الآية 33 من سورة المائدة .
(4) متفق عليه من حديث عبد الله بن مسعور رضى الله عنه، البخاري (بشرح فتح الباري) كتاب الديات، بال قول الله تعالى $النفس بالنفس
والعين بالعين# 12/ 209 رقم 6878، ومسلم (بشرح النووي) كتاب القسامة ، باب ما يباح به دم المسلم 6/ 179 رقم 1676.
(5) الآية 217 من سورة البقرة .
(6) منزلة السنة من الكتاب للأستاذ محمد سعيد منصور ص 499 ، وانظر: الموافقات للشاطبي 4/ 9 _ 14 .
(7) الآية 7 من سورة الحشر .

عنه كقوله تعالى : {وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}(1) .
ومثال السنة المحرمة : قوله e $ لايجمع بين المرأة وعمتها ، ولا بين المرأة وخالتها(2) فأصل ذلك التحريم في الجمع بين المرأة وعمتها
والمرأة وخالتها، قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَف}(3).
وهذا استدلال من لا يرى استقلال السنة بالتشريع، وقد عرفت مما سبق استدلال من يرى استقلالها.
فأمثال هذه السنة سواء كانت (واجبة أو محرمة) الأخذ بها هدى وتركها بعدم فعلها إذا كانت واجبة، وفعلها إذا كانت محرمة (ضلالة) كما في
الحديث، وهو ما يتمشى مع تعريف الواجب والحرام عند الأصوليين .
فالواجب: مرادف للفرض عند الجمهور، هو ما طلب الشارع فعله على وجه اللزوم بحيث يأثم تاركه وقال الآمدى : $والحق في ذلك أن يقال :
الوجوب الشرعي عبارة عن خطاب الشارع بما ينتهض تركه سببًا للذم شرعًا في حالة ما#(4) .
أما الحرام فهو ضد الواجب: قال الآمدى : والحق فيه أن يقال: هو ما ينتهض فعله سببًا للذم شرعًا بوجه ما من حيث هو فعل له(5) .
أما قوله e في الحديث : $ وسنة في غير فريضة# ؛ فالمراد بذلك السنة المباحة والمندوبة وقوله : $الأخذ بها فضيلة وتركها ليس بخطيئة#
أي في فعلها ثواب، وليس في تركها عقاب، وهذا هو $المباح والمندوب# عند أهل الأصول .
فالمندوب: هو ما يثاب فاعله، ولا يعاقب تاركه، أو هو ما طلب الشارع فعله طلبًا غير حتم(6) . وقال الآمدي: فالواجب أن يقال : هو المطلوب
فعله شرعًا من غير ذم على تركه مطلقًا(1) ومن ومن أسمائه : النافلة، والسنة، والمستحب، والتطوع وذلك عند الجمهور(2) .
ومثاله : الرواتب مع الفرائض، وصلاة العيدين، والاستسقاء، والكسوف، وصدقة التطوع... إلخ والأصل في ذلك حديث الأعرابي الذي علمه
النبي e شرائع الإسلام وفرائضه ، وأنه ليس عليه غيرها إلا أن التطوع $فأدبر الرجل وهو يقول : والله لا أزيد ولا أنقص مما فرض الله على
شيئًا ، فقال رسول الله e : $أفلح أن صدق. أو دخل الجنة إن صدق#(3) .
والمباح : هو ما خير الشارع المكلف فيه بين فعله وتركه من غير مدح ولا ذم(4) . وقال الأمدى : والأقرب في ذلك أن يقال : هو ما دل
الدليل السمعى على خطاب الشارع بالتخيير فيه الفعل والترك من غير بدل(5) .
ومن أسمائه : الحلال، والمطلق، والجائز(6) ، ومثاله قوله تعالى :{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَة}(7) . وقوله : $لحمزة بن
عمرو الأسلمي(8) لما سأله عن الصيام في السفر : $إن شئت فصم وإن شئت فأفطر#(9) .
فأمثال هذه السنن المباحة والمندوبة الأخذ بها فضيلة ويثاب ويمدح الإنسان على فعلها، وإن تركها لم يكن مخطئًا ، ولا عقاب ولا لوم عليه .
وأصل هذه السنن في كتاب الله قوله تعالى : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}(1) .
فهذا هو معنى الحديث على فرض صحته، فأين الدلالة فيه على عدم حجية السنة ووجوب عرضها على كتاب الله؟!!
وبعد
هذا ما قاله أهل العلم في أحاديث عرض السنة المطهرة على القرآن الكريم، التى أسس عليها أعداء الإسلام منهجًا خاصًا بهم في الحكم على
صحة السنة بوجوب عرضها عل الكتاب .
فما وافقه؛ فهو حجة، وما خالفه ولو مخالفة ظاهرة يمكن الجمع بينهما؛ فباطل مردود ليس من السنة .
وهذا منهج باطل، مردود، عماده الكذب والخديعة: لأنه يفضي إلى نفي حجية السنة النبوية التى لها دور في بيان الكتاب وتفسيره، أو التى أفادت
حكمًا مستقلاً : لأن كلاً من النوعين غير موجود فيه، فتكون وظيفة السنة مقصورة على تأكيد القرآن فقط، وبالتالى الحجة فيه وحده، ولا حجة
في السنة على أي حكم شرعي بذاتها؛ لأنها لو كانت حجة على شئ لما توقف ذلك على ثبوت الشئ بحجة أخرى، وهذا كلام باطل لا يصح؛ لأن
أحاديث العرض عند عرضها على كتاب الله وجدناها مخالفة لما فيه؛ لأنه لا يوجد في كتاب الله أن لا يقبل من حديث رسول الله e إلا ما وافق
كتاب الله بل يوجد في كتاب الله إطلاق التأسى به، والأمر بطاعته مطلقة من غير تقييد، والتحذير من مخالفة أمره جملة على كل حال .
وكما سبق من قول الأئمة : البيهقي، وابن عبد البر، وابن حزم(2) ومن ثم فقد رجعت أحاديث العرض على نفسها بالبطلان، ثم إنه ورد في
بعض طرقها عن أبى هريرة t قال : قال رسول الله e : $ إنه سيأتيكم منى أحاديث مختلفة، فما أتاكم موافقًا لكتــاب الله وسنتى فهــو
مني، وما أتاكم مخالفًا لكتاب الله وسنتى فليس مني#(3). قال البيهقي : تفـرد به صالح بن موسى الطلحي، وهو ضعيف لا يحتج بحديثه(1) .
قال السيوطي: قلت: ومع ذلك فالحديث لنا لا علينا : ألا ترى إلى قوله : $موافقًا لكتاب الله وسنتى#(2) .
ومع أن أحاديث عرض السنة على القرآن الكريم لا وزن لها سندًا عند أهل العلم كما سبق، إلا أن معناها صحيح وعمل بها المحدثون في
نقدهم للأحاديث متنًا فجعلوا من علامات وضع الحديث مخالفته لصريح القرآن الكريم والسنة النبوية والعقل .
إلا أنهم وضعوا لذلك قيدًا وهو استحالة إمكان الجمع والتأويل، فإذا أمكن الجمع بين ما ظاهره التعارض من الكتاب أو السنة أو العقل _ جمعًا
لا تعسف فيه يصار إلى الجمع والقول معًا ولا تعارض حينئذ ، وإن كان وجه الجمع ضعيفًا باتفاق النظار، فالجمع عندهم أولى(3) .
وإعمال الأدلة أولى من إهمال بعضها ، وإلا فلنتعرف على الناسخ والمنسوخ فنصير إلى الناسخ ونترك المنسوخ، وإلا نرجح بأحد وجوه
الترجيحات المفصلة في كتب الأصول وعلوم الحديث(4) ، والعمل بالأرجح حينئذ متعين، وهؤلاء المبتدعة لم يرفعوا بهذا الأصل رأسًا ، جهلاً به
أو عنادًا كما قال الشاطبي(5) .
وإن لم يتمكن العالم من ذلك للتعادل الذهني فاختلفوا على مذاهب منها:
1_ التخيير 2_ تساقط الدليلين والرجوع إلى البراءة الأصيلة
3_ الأخذ بالأغلظ 4_ التوقف .
ومعلوم بأن التوقف هنا حتى يمكن الجمع أو التأويل أو الترجيح . وكل ما سبق قال به من المعتزلة صاحب المعتمد في أصول الفقه في باب
الأخبار المعارضة، وباب ما يترجح به أحد الخبرين على الآخر#(1) .
قال الحافظ ابن حجر: $فصار ما ظاهرة التعارض واقعًا على هذا الترتيب الجمع إن أمكن ، فاعتبار الناسخ والمنسوخ، والترجيح إن تعين، ثم
التوقف عن العمل بأحد الحديثين ، والتعبير بالتوقف أولى من التعبير بالتساقط، لأن خفاء ترجيح أحدهما على الآخر، إنما هو بالنسبة للمعتبر
في الحالة الراهنة مع احتمال أن يظهر لغيره ما خفى عليه وفوق كل ذي علم عليم#(2) .
ولا أعلم نقلاً عن أحد من العلماء برفض ورود الحديث بمجرد المخالفة الظاهرية مع القرآن الكريم ، أو السنة ، أو العقل مع إمكان الجمع، أو
التأويل، أو الترجيح ، حتى من نقل عنهم الأصوليون إنكار الترجيح وردوا عليهم إنكارهم ، قالوا عند التعارض: يلزم التخيير أو الوقف(3) .
نعم لم ينقل رد السنة وجحدها بمجرد المخالفة الظاهرية إلا عن أهل البدع والأهواء كما حكاه عنهم الإمام الشاطبي في كتابه الاعتصام(4) ،
وتابعهم ذيولهم في العصر الحديث من أصحاب المذاهب اللادينية .
وقصاري القول : إن أهل العلم مجمعون على أن السنة الصحيحة لا تخالف كتاب الله U ، ولا تخالف سنة أخرى صحيحة مثلها، ولا تخالف
العقل، وما يبدوا حينًا من تعارض هو من سوء الفهم لا من طبيعة الواقع، كما قال فضيلة الشيخ محمد الغزالي _ رحمه الله تعالى _ : لا
يتعارض حديث مع كتاب الله أبدًا ، وما يبدو من تعارض هو من سوء الفهم لا من طبيعة الواقع #(5) .
وعن دعوى تعارض الأحاديث مع بعضها يقول الحافظ ابن خزيمة : $لا أعرف أنه روى عن النبي e حديثان بإسنادين صحيحن متضادين، فمن
كان عنده فليأتي به لأؤلف بينهما #(1) .
قال الإمام ابن حزم: ليس في الحديث الذي صح شيء يخالف القرآن الكريم ولا سبيل إلى وجود خبر صحيح مخالف لما في القرآن أصلاً ، وكل
خبر شريعة فهو إما مضاف إلى ما في القرآن ومعطوف عليه ومفسر لجملته، وإما مستثنى منه لجملته، ولا سبيل إلى وجه ثالث. فإن احتجوا
بأحاديث محرمة أشياء ليست في القرآن قلنا لهم: قد قال الله U { وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}(2) فكل ما حرمة رسول الله e مثل
الحمار الأهلي، وسباع الطير، وذوات الأنياب(3) ، وغير ذلك؛ فهو من الخبائث، وهو مذكور في الجملة المتلوه في القرآن ومفسر لها،
والمعترض بها يسأل: أيحرم أكل عذرته أم يحلها؟ فإن أحلها خرج عن إجماع الأمة وكفر، وإن حرمها؛ فقد حرم ما لم ينص الله تعالى على
اسمه في القرآن، فإن قال هي من الخبائث قيل له : وكل ما حرم عليه السلام؛ فهو كالخنزير، وكل ذلك من الخبائث . فإن قال قد صح الإجماع
على تحريمها ، قيل له : قد أقررت بأن الأمة مجمعة على إضافة ما جاء عن النبي e من السنن إلى القرآن الكريم ، مع ما صح عنه e قال :
$ لا ألفين أحدكم متكئًا على أريكته يأتيه أمر مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا أدرى؟ ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه #(4) . فهذا حديث
صحيح بالنهى عما تعلل به هؤلاء الجهال(1) .
ويقول ابن حزم في موضع آخر : $إذا تعارض الحديثان، أو الآيتان، أو الآية والحديث، فيما يظن من لا يعلم، ففرض على كل مسلم استعمال
كل ذلك، لأنه ليس بعض ذلك أولى بالاستعمال من بعض، ولا حديث بأوجب من حديث آخر مثله، ولا آية أولى بالطاعة لها من آية أخرى
مثلها، وكل من عند الله U ، وكل سواء في باب وجوب الطاعة والاستعمال ولا فرق#(2) .
ويتأيد ما قاله ابن حزم بما قال الإمام الشاطبي عند كلامه على حديث العرض: $ما أتاكم عنى فاعرضوه على كتاب الله _ الحديث# قال : $إن
الحديث إما وحي من الله صرف، وإما اجتهاد من الرسول _ عليه الصلاة والسلام _ معتبر بوحي صحيح من كتاب أو سنة، وعلى كلا التقديرين
لا يمكن فيه التناقض مع كتاب الله ؛ لأنه _ عليه الصلاة والسلام _ ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى أ. هـ .

والله تبارك وتعالى
أعلى وأعلم








المطلب الثـــاني
شبهة عرض السنة النبوية على العقل والرد عليها

لم يكتف أهل الزيغ والهوى بعرض السنة المطهرة على القرآن الكريم للحكم عليها قبولاً أو رفضًا ، وإنما سلكوا مسلكًا آخر في الحكم عليها
والتشكيك فيها بعرضها على العقل (الصريح) ، فما وافقه قبل ولو كان آحادًا _ صح أو لم يصح _ وما لم يوافقه _ حتى ولو مع إمكان التأويل
_ ردوه ولو كان متواترًا صحيحًا .
وهذا المسلك والمنهج (عرض السنة على العقل بالمفهوم السابق من أصول أهل الكفر والبدع والأهواء كما حكاه عنهم الأئمة : ابن قيم
الجوزية ، وابن أبي العز، وابن قتيبة، والشاطبي .
يقول ابن قيم الجوزرية: وبالجملة فمعارضة أمر الرسل أو خبرهم بالمعقولات إنما هي طريقة الكفار#(1) .
ويقول ابن أبي العز(2) : $كل فريق من أرباب البدع يعرض النصوص على بدعته، وما ظنه معقولاً ، فما وفقه قال: إنه محكم، وقبله ، واحتج
به ، وما خالفه قال: إنه متشابه، ثم رده، وسمى رده تقويضًا ، أو حرفه وسمى تحريفه تأويلاً(3) .
ويقول الشاطبي في باب ( مأخذ أهل البدع بالاستدلال) : $ردهم للأحاديث التى جرت غير موافقة لأغراضهم ومذاهبهم ويدعون أنها مخالفة
للعقول، وغير جارية على مقتضى الدليل، فيجب ردها، ولما ردوها بتحكم العقول كان الكلام معهم راجعًا إلى أصل التحسين والتقبيح العقليين،
فإن محصول مذهبهم تحكيم عقول الرجال دون الشرع، وهو أصل من الأصول التى بنى عليها أهل الابتداع في الدين، بحيث أن الشرع إن وافق
آراءهم قبلوه، وإلا ردوه(1) .
وبهذه الشبهــة قال أهل الزيغ والهوى حديثًا : مثل محمود أبو رية(2) ، وقاسم أحمد(3)، وسعيد العشماوي(4)، ومحمـد شحرور(5) ،
وإسماعيل منصور(6)، وجمال البنا(7)، ونصر أبو زيد وغيره .
ومن الأحاديث التى يستشهد بها خصوم السنة المطهرة في وجوب عرضها على العقل، ما روي عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله e :$ إذا
حدثتم عني بحديث تعرفونه ولاتنكرونه، قلته أو لم أقله، فصدقوا به، وإني أقول ما يعرف ولا ينكر وإذا حدثتم عني بحديث تنكرون، لا تعرفونه،
فكذبوا به، فإني لا أقول ما ينكر ولا يعرف#(9) .
وهذا الحديث استدل به قديمًا: الطائفة التى ردت الأخبار كلها، وناظر الإمام الشافعي واحدًا من أتباعها كما حكاه الإمام الشافعي عنهم(10).
واستدل به حديثًا ؛ الدكتور توفيق صدقي(11) ، والأستاذ جمال البنا(12) ، وغيرهم ممن سبقوا .
ووجه استدلالهم من هذا الحديث: أنه يفيد في نظرهم وجوب عرض ما نسب إلي النبي e على المستحسن المعروف عن الناس _ حتى ولو
كانوا أهل زيغ وضلالة _ فما وافق عقول هؤلاء الناس؛ فهو من السنة حتى ولو لم يقله النبي e فعلاً ، وما خالف تلك العقول، فكذب ليس من
سنة النبي e ، ولم يقله حتى ولو جاء متواترًا صحيحًا فالحجة عندهم في تلك العقول لا في السنة النبوية المطهرة .
الجواب عن الحديث:
هذا الحديث الذي استشهد به خصوم السنة المطهرة روي من طرق مختلفة كلها ضعيفة لا يصلح شيء منها، بل ولا بمجموعها للاحتجاج
والاستشهاد. وكشف عن ذلك علماء الحديث .
فقال الإمام البيهقي : $قال ابن خزيمة: في صحة هذا الحديث مقال، لم نر في شرق الأرض ولا غربها أحدًا يعرف خبر ابن أبي ذئب(1) من غير
رواية يحيي بن آدم(2) ، ولا رأيت أحدًا من علماء الحديث يثبت هذا عن أبي هريرة . وهو مختلف على يحيي بن آدم في إسناده ومتنه اختلافًا
كثيرًا يوجب الاضطراب، منهم من ينكر أبا هريرة، ومنهم من لا يذكر ويرسل الحديث، ومنهم من يقول في متنه : $إذا رويتم الحديث عنى
فاعرضوه على كتاب الله#(3) .
وقال البخاري في تاريخه: وقال يحيى بن آدم عن أبى هريرة وهو وهم، ليس فيه أبو هريرة(4) ، وفي علل ابن أبي حاتم قال : قال أبي : هذا
حديث منكر، الثقات لا يرفعونه(5) . أى لا يرفعون في إسناده فوق المقبري، ليوافق قول البخاري .
وقال العقيلي في الضعفاء: ليس له إسناد يصح(6) والحديث ذكره ابن الجوزي في الموضوعات(1) ، وتعقبه في حكمه الحافظ السيوطي في
كتابيه النكت البديعات على الموضوعات(2) ، واللآلئ المصنوعة(3) مقويا الحديث بشواهده، ووافقه على ذلك ابن عراق في تنزيه الشريعة(4)
، وتعقب السيوطي، وابن عراق في تقوية الحديث بشواهده الدكتور عبد الوهاب عبد اللطيف _ رحمه الله تعالى _ وسبق قوله في حديث عرض
السنة على القرآن(5) .
كما تعقب الأستاذ المعلمي اليماني الإمام السيوطى في شواهد الحديث بروايتي أحمد وابن ماجة .
فالشاهد الأول $ رواية أحمد# بين فيه وهمه؛ بأنه ذكرها بسند متن آخر وهو: $المؤمن القوي خير وأفضل ... إلخ(6) ، والمتن الشاهد في
رواية أحمد في سنده أبو معشر(7) : وهو نجيح السندي، كان أول أمره ضعيفًا ، ثم اختلط اختلاطًا شديدًا، وجاء بأحاديث منكرة، ولا سيما في
روايته عن سعيد المقبري، وهو الذي روى عنه هذا الحديث الشاهد(8) ، مع أن سعيدًا نفسه اختلط أيضًا(9) ، قال الحـــــافظ
الهيثمـي(10): أبو معشر نجيح ضعفه أحمد وغيره وقد وثق(11) .
كما تعقب المعلمي اليماني الإمام السيوطي في الشاهد الثاني رواية ابن ماجة؛ بأن في سندها المقبري(1) . وهو عبد الله بن سعيد أبي سعيد،
متروك ساقط البتة(2) .
وأمثل شاهد روي في هذا المعنى، واستشهد به الحافظ السيوطي ما أخرجه أحمد والبزار عن أبى حميد وأبى أسيد مرفوعًا : $ إذا سمعتم
الحديث عنى تعرفه قلوبكم، وتلين له أشعاركم وأبشاركم، وترون أنه منكم قريب؛ فأنا أولاكم به، وإذا سمعتم الحديث عنى تنكره قلوبكم وتنفر
أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم بعيد؛ فأنا أبعدكم منه#(3) .
والحديث أخرجه البخاري في تاريخه بلفظ: $ إذا جاءكم الحديث عني يلين قلوبكم، فأنا أمرتكم به # ، ثم أخرج من طريق عباس بن سهل عن
أبى بن كعب قال:$ إذا بلغكم عن النبي e ما يعرف ويلين الجلد، فقد يقول النبي e الخير، ولا يقول إلا الخير .
قال البخاري: هذا أشبه وأصح(4). قال البيهقي؛ يعني أصح من رواية من رواه عن أبي حميد، أو أبي أسيد وقد رواه ابن لهيعة، عن بكير بن
الأشج، عن عبد الملك بن سعيد عن القاسم بن سهــل، عن أبى بن كعب قال ذلك بمعناه، فصار الحديث المسند معلولاً(5) .
وهذا ما رجحه المعلمي من أربعة أوجه في تحقيقه للحديث في الفوائد المجموعة(6) .
وبالجملة : فالحديث بطرقه وشواهده لايصلح للاحتجاج والاستشهاد.
يقول الإمام الشوكاني : $فهذا الحديث بشواهده لم تسكن إليه نفسي، وإني أظن أن ابن الجوزي قد وفق للصواب بذكره في موضوعاته#(1) .
ويشهد لبطلان الحديث ما فيه من إباحة الكذب على النبي e :$قلته أو لم أقله فصدقوا به# . وفي لفظ: $ما بلغكم عنى من قول حسن لم أقله
فأنا قلته# .
قال ابن حزم :$ وهذا هو نسبة الكذب إلى رسول الله e ؛ لأنه حكى عنه أنه قال : $ لم أقـله فأنا قلته# فكيف ما لم يقله أيستجيز هذا إلا
كذاب زنديق كافر أحمق(2)؟.
قلت : وفي هذا رد على ما زعمه كذبًا جولدتسيهر من أن المحدثين يقررون $احتجاجًا# مثل حديث $ما قيل من قول حسن فأنا قلته#(3) .
وحسبنا بهذه الطائفة المستشهدة بهذا الحديث أنهم مقرون على أنفسهم، بأنهم كاذبون، وقد صح عن رسول الله e أنه قال : $ من حدث عنى
بحديث يرى أنه كذب؛ فهو أحد الكاذبين#(4) أ . هـ .
وعلى فرض صحة الحديث، فلا دلالة فيه على عدم حجية السنة النبوية، فكل ما يدل عليه أنه من أدلة صدق الحديث أن يكون وفق ما جاءت
به الشريعة من المحاسن، فإن جاء على غير ذلك كان دليلاً على كذبه، ونحن نقول بذلك على ما هو مقرر عند المحدثين من علامات وضع
الحديث ، تكذيب الحسن له(5) .
ويقول الحكيم الترمذي(6) في تأويل الحديث: $ قوله e : $ إذا حدثتم عنى بحديث تعرفونه، ولا تنكرونه# فنقول من تكلم بعد الرسول e بشئ
من الحق، وعلى سبيل الهدي؛ فالرسول e سابق إلى ذلك القول وإن لم يكن قد تكلم بذلك اللفظ الذي أتى به من بعده ، فقد أتى الرسول e
بأصله مجملاً كما ثبت في صحيح السنة من حديث ابن مسعور e ؛ أن رسول الله e قال : $ ليس من عمل يقرب إلى الجنة إلا قد أمرتكم به ،
ولا عمل يقرب إلى النار إلا قد نهيتكم عنه#(1) .
فلذلك قال: $ فصدقوا به قلته أو لم أقله# ، أي إن لم أقله بذلك اللفظ الذي يحدث به عنى فقد قلته بالأصل والأصل مؤد عن الفرع، فجاء
الرسول e بالأصل ، ثم تكلم أصحابه والتابعون رضوان الله عليهم أجمعين من بعده بالفروع، فإذا كان الكلام معروفًا عن المحققين غير منكر؛
فهو قول الرسول e قاله أو لم يقله ، يجب علينا تصديقه _ وخاصة إذا لم يكن مما يقال من قبل الرأي ولم يرفعوه؛ لأن الأصل قد قاله الرسول
e وأعطاه لنا، وإنما قال ذلك لأصحابه الذين عرفهم بالحق، فإنما يعرف الحق المحق بهم، وهم أولوا الألباب والبصائر(2) رضوان الله عليهم
أجمعين .
أما الشواهد لهذا الحديث وهو متن : $إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم وتلين له أشعاركم ... إلخ# .
فعلى فرض صحته فلا دلالة فيه على وجوب عرض السنة على العقل، فكل ما يدل عليه التثبيت عند سماع الحديث وخاصة إذا كانت فيه ظلمة
وركاكة ومجازفات باردة لا يقول مثلها النبي وهذا ما قرره المحدثون، وجعلوه من دلائل الوضع في الحديث وإن صح سنده(3) .
وفي ذلك يقول ابن الجوزي : $واعلم أن الحديث المنكر يقشعر له جلد طالب العلم، وينفر منه قلبه في الغالب# وروى عن الربيع بن خثيم(4)
قال : $إن للحديث ضوءًا كضوء النهار تعرفه، وظلمة كظلمة الليل تنكرة#(1) .
يقول الأستاذ يحيي المعلمي اليماني : $وعلى فرض صحة الخبر، فلا سبيل إلى أن يفهم منه ما تدفعه القواطع، فمن المقطوع به، أن معارف
الناس وآراءهم وأهواءهم تختلف اختلافًا شديدًا ، وأن هناك أحاديث كثيرة، تقبلها قلوب، وتنكرها قلوب. وبهذا يعلم أن ما يعرض للسامع من
قبول واستبشار، أو نفور واستنكار. قد يكون حيث ينبغي ، وقد يكون حيث لاينبغي ، وأنما هذا _ والله أعلم _ إرشاد إلى ما يستقبل به الخير
عند سماعه، وقد يكون منشأ ذلك: أن المنافقين كانوا يرجفون بالمدينة ويشيعون الباطل، فقد يشيعون ما إذا سمعه المسملون، وظنوا صدقه
ارتابوا في الدين، أو ظنوا السوء برسول الله ، فأرشدوا إلى ما يدفع عنهم بادرة الارتياب، وظن السوء ، ومع العلم بأن بادى الظن ليس بحجة
شرعية، عليهم النظر والتدبر، والأخذ بالحجج المعروفة(2) .
وبعـــد
فهذا قول أهل العلم في حديث: $إذا حدثتم عني بحديث تعرفونه ولا تنكرونه ... إلخ# وشواهده وتبين لنا أنه لا حجة فيه لأعداء السنة وفي
منهجهم بعرض السنة على العقل حيث الحكم عليها بالقبول أو الرفض .
ونقول أيضًا في بيان تهافت وبطلان شبهة: $عرض السنة على العقل# سائلين القائلين بها :
l أيهما الحاكم على الآخر النقل أم العقل ؟
l ما أراد بالعقل الصريح الذي ترددونه؟ وما حدوده؟ وما مدى الاتفاق عليه؟
l وهل يتعارض النقل مع العقل؟ وإذا تعرضا فأيهما أحق التقديم؟
وأخيرًا هل أهمل المحدثون _ حقًا _ العقل في قبولهم للحديث وتصحيحه كما تدعون؟
الجــــواب
إننا إذا نظرنا في كتب الأصول نجد الإجابة على السؤال الأول أيهما الحاكم على الآخر النقل أم العقل ؟
فعند أهل الأصول العلم بالأحكام (الحكم ، والحاكم، والمحكوم عليه، والمحكوم فيه) هو القطب الأول من الأقطاب الأربعة التى تندرج تحتها أصول
الفقه، من هنا كان لابد من تعريف الحكم حيث له تعلق بالحاكم، والمحكوم عليه، والمحكوم فيه .
فنقول : الحكم لغة : المنع والصرف، ومنه الحكمة للحديدة التى في اللجام، وبمعنى الإحكام ، ومنه الحكيم في صفاته سبحانه(1) .
وفي الاصطلاح : على المختار من قول الآمدي قال هو : $خطاب الشارع المفيد فائدة شرعية#(2) وإذا تبين أن الحكم (خطاب الشارع) علم أنه
لا حاكم على المكلفين سوى الله U ولا حكم إلا ما حكم به U {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُون}(3) وهذا بإجماع الأمة سوى من شذ
من المعتزلة ، حيث حكموا العقل وجعلوه حاكمًا .
وأنكر ذلك شارح مسلم الثبوت وقال :$ إن هذا مما لايجترئ عليه أحد ممن يدعى الإسلام، بل إنما يقولون : $إن العقل معرف لبعض الأحكام
الإلهية سواء ورد به الشرع أم لا . وهذا مأثور عن أكابر مشايخنا أيضًا(4) .
والجمهور من الأصوليين، والمحدثين، والفقهاء، على خلاف ما ذهب إليه العلامة ابن عبد الشكور(5) ؛ حيث أثبتوا أن المعتزلة حكموا
عقولهم، وجعلوها حاكمة لا محكومة بحكم خالقها .
ولهذا فرع علماء الأصول على مسئلة ( أنه لا حاكم سوى الله، ولا حكم إلا ما حكم به) فرعوا على ذلك خلافًا للمعتزلة : $أن العقل لايحسن
ولايقبح ، ولا يوجب شكر المنعم، وأنه لا حكم قبل ورود الشرع#(1) .
ثم إن الله U جعل العقول في إدراكها حدًا تنتهى إليه لا تتعداه، ولم يجعل لها سبيلا إلى الإدراك في كل مطلوب، ولو كانت كذلك لاستوت مع
الباري U في إدراك جميع ما كان ، وما يكون، وما لايكون، إذا لو كان كيف يكون .
فمعلومات الله لا تنتاهي ، ومعلومات العبد متناهية، والمتناهي لا يساوى ما لايتناهي، وهذا قول ابن خلدون(2) : $واعلم أن الشارع أعرف
بمصالح ديننا وطرق سعادتنا ؛ لاطلاعه على ما وراء الحس، والعقل يقف عاجزًا عن إدراك عالم ما وراء الطبيعة ، ولا تثقن بما يزعم لك
الفكر من أنه مقتدر على الإحاطة بالكائنات وأسبابها، والوقوف على تفصيل الوجود كله، وسفه رأيه في ذلك ، وأعلم أن الوجود منحصر في
مداركه لايعدوها(3) .
ويقول الشاطبي مبطلا زعم من قال : إن مصالح الدنيا تدرك بالعقل في قوله : $إن مصالح الدار الآخرة ومفاسدها لا تعرف إلا بالشرع . وأما
الدنيوية فتعرف بالضرورات والتجارب والعادات والظنون المعتبرات# .
ويقول الشاطبي ردًا : $أما إن ما يتعلق بالآخرة لا يعرف إلا بالشرع فكما قال، وأما ما قال في الدنيوية فليس كما قال من كل وجه، بل ذلك من
بعض الوجوه دون بعض . ولذلك لما جاء الشرع بعد زمان فترة ، تبين به ما كان عليه أهل الفترة من انحراف الأحوال عن الاستقامة،
وخروجهم عن مقتضى العدل في الأحكام ومن أجل(1) الآية 7 من سورة الحشر .
(2) متفق عليه من حديث أبي هريرة t : البخاري (بشرح فتح الباري) كتاب النكاح، باب لاتنكح المرأة على عمتها 9/ 64 رقم 5109،
ومسلم (بشرح النووي) كتاب النكاح، باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح 5/ 205 رقم 1408.
(3) الآية 23 من سورة النساء .
(4) البحر المحيط للزركشي 1/ 181 _ 184 ، والإحكام للآمدي 1/ 92 ، وأصول الفقه للخضري ص 39 .
(5) الإحكام للآمدي 1/ 106 .
(6) أصول الفقه للخضري ص 54، وانظر: أصول الفقه للشيخ خلاف ص 111.
(1) الإحكام للآمدي 1/ 111 .
(2) البحر المحيط للزركشي 1/ 284 .
(3) متفق عليه من حديث طلحة بن عبيد الله t البخاري (بشرح فتح الباري) كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإٍلام 1/ 130رقم 46، ومسلم (
بشرح النووى) كتاب الإيمان ، باب بيان الصلوات التى هي أحد أركان الإسلام 1/ 198 رقم 11 .
(4) أصول الفقه الحضرى ص 60، وانظر : أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف ص 115 .
(5) الإحكام للآمدى 1/ 115.
(6) البحر المحيط للزركشى 1 / 276.
(7) الآية 101 من سورة النساء .
(8) حمزة بن عمر الأسلمى : صحابي جليل له ترجمة في : الاستيعاب 1/ 375 رقم 542 ، واسد الغابة 2/ 71 رقم 1252 ، وتاريخ
الصحابة ص 67 رقم 233 ، ومشاهير علماء الأمصار ص 22 رقم 51، والإصابة 1/ 354 رقم 1837 .
(9) متفق عليه من حديث عائشة _ رضى الله عنها _ البخاري (بشرح فتح الباري) كتاب الصوم، باب الصوم في السفر والإفطار 4/ 211 رقم
1943 ، ومسلم (بشرح النووي) كتاب الصوم، باب التخيير في الصوم والفطر في السفر 4/ 253 رقم 1121 .
(1) الآية 21 من سورة الأحزاب ، وانظر : التعريفات للجرجاني ص 161 ، 162 .
(2) راجع : ص 224، 225.
(3) أخرجه الخطيب في الكفاية ص 603، وانظر : مفتاح الجنة في الاحتجاج بالنسة ص 38 .
(1) انظر: تقريب التهذيب 1/ 433 رقم 2902، والكاشف 1/ 499 رقم 2364، والمجروحين 1/ 369، والضعفاء والمتروكين للنسائي ص
136 رقم 314 ، والضعفاء لأبي زرعة الرازي 2/ 627 رقم 154، وخلاصة تهذيب الكمال ص 172 .
(2) مفتاح الجنة في الاحتجاج بالنسة ص 39 .
(3) قال الإمام فخر الدين الرازي في المحصول : $والدليل القاطع ضربان : عقلي، وسمعي فإن كان المعارض عقليًا نظرنا فإن كان خبر
الواحد قابلاً للتأويل كيف كان أولناه فلم نحكم بردة # انظر: المحصول في أصول الفقه 2/ 210 .
(4) انظر: إرشاد الفحول 2/ 369 _ 408 ، والمحصول في أصول الفقه 2/ 434 _ 488، والإحكام للآمدي 4/ 206 ، والموافقات للشاطبي
4/ 640 ، والمستصفى للغزالي 2/ 392 ، والإبهاج في شرح المنهاج 3/ 208 ، والبحر المحيط 6/ 108 _ 194 ، والمعتمد في أصول
الفقه 2/ 176 _ 178، وأصول السرخسي 2/ 145، 249، وفتح المغيث للعراقي ص 337 _ 339 ، وتدريب الراوي 2/ 198 _ 203 ،
والاعتبار في الناسخ والمنسوخ للحازمي ص 59 _ 90، وانظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص 172، 173 .
(5) الاعتصام باب في مأخذ أهل البدع بالاستدلال 1/ 200 ، 201، وانظر : الإحكام لابن حزم 1/ 161 .
(1) المعتمد في أصول الفقه 2/ 176، 188، وانظر : الإحكام للآمدي 4/ 221، والبحر المحيط 6/ 115، والمسودة في أصول الفقه لآل
تيمية ص 449 .
(2) نزهة النظر ص 35 ، وانظر: فتح المغيث للسخاوي 3/ 73 ، وتدريب الراوي 2/ 202 .
(3) الإبهاج في شرح المنهاج 2/ 209، وفتح المغيث السخاوي 3/ 73، وانظر: المصادر السابقة نفس الأماكن.
(4) الاعتصام باب في مأخذ أهل البدع بالاستدلال 1/ 199 .
(5) مائة سؤال في الإسلام 1/ 244، وانظر: المكانة العلمية لعبد الرازق في الحديث النبوي لفضيلة الأستاذ= =الدكتور إسماعيل الدفتار 2/
626 مبحث (حقيقة التعارض إنما هي في الفهم) . ومختلف الحديث بين الفقهاء والمحدثين للدكتور نافذ حسين حماد ص 125 _ 188 .
(1) علوم الحديث لابن الصلاح ص 173، وتدريب الراوي 2/ 196، وفتح المغيث للعراقي ص 336، وفتح المغيث للسخاوي 3/ 71 .
(2) الآية 157 من سورة الأعراف .
(3) سيأتى تخريجه ص 451، وانظر: أمثلة أخرى عل ما اعترضوا عليه من الأحاديث الصحيحة لمخالفتها في نظرهم القرآن الكريم، ولا
مخالفة في الحقيقة في الباب الثالث، حديث رؤية الله U .
(4) أخرجه أبو داود في سننه كتاب السنة، باب لزوم السنة 4/ 200 رقم 4605 ، والترمذي في سننه كتاب العلم، باب ما نهى عنه أن يقال
عند حديث النبي e 5/ 36 رقم 2663 ، وقال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه في المقدمة ، باب تعظيم حديث رسول الله e
والتغليظ على من عارضه 1/ 20 رقم 13 من حديث أبى رافع t .
(1) انظر: الإحكام في أصول الأحكام 2/ 215، 216 بتصرف، وانظر : البرهان في علوم القرآن للزركشي فصل $الأحاديث النبوية وربطها
بالقرآن# 2/127 .
(2) الإحكام في أصول الأحكام 1/ 161 .
(1) مختصر الصواعق المرسلة 1/ 121 .
(2) ابن أبى العز: هو عبد العزيز بن عبد السلام بن أبى القاسم السلمي الشافعي أبو محمد، أحد الأئمة الأعلام، الملقب بسلطان العلماء، من
مصنفاته : قواعد الأحكام في مصالح الأنام، والإلمام في أدلة الأحكام ، والتفسير الكبير، مات سنة 660هـ . له ترجمة في : طبقات المفسرين
للداودي 1/ 315 رقم 288 ، والبداية والنهاية 13 / 335 ، شذرات الذهب 5/ 301، وطبقات الفقهاء الشافعيين لابن كثير 2/ 873 رقم
10، وذيل طبقات الفقهاء للشافعيين للعبّادي ص 36.
(3) شرح العقيدة الطحاوية 2/ 80 .
(1) الاعتصام 1/ 186، 187، 2/ 589.
(2) أضواء على السنة ص 19، 143 .
(3) إعادة تقييم الحديث ص 59 .
(4) حقيقة الحجاب وحجية الحديث ص 91 ، 92.
(5) الكتاب والقرآن قراءة معاصرة ص 726 .
(6) تبصير الأمة بحقيقة السنة ص 659 .
(7) السنة ودورها في الفقه الجديد ص 86، 161، وانظر: كتابه الإسلام والعقلانية ص 38 وما بعدها .
(8) نقد الخطاب الديني ص 101 ، 103، 131، 132، وانظر له مفهوم النص ص 28.
(9) أخرجه الدارقطني في سننه كتاب في الأقضية والأحكام وغير ذلك باب، كتاب عمر t إلى أبى موسى الأشعري 4/ 208 رقمي 18، 19،
والحكيم الترمذي في نوادر الأصول الأصل الرابع والأربعون فيما يعدونه صدق الحديث 1/ 357 واللفظ له . وأخرجه العقيلي في الضعفاء الكبير
1/ 32، 33 رقم 14، والخطيب في تاريخه 11/ 311 رقم 6268 ، والبخاري في تاريخه 3/ 473 رقم 1585 .
(10) الأم كتاب سير الأوزاعي ، باب سهم الفارس الراجل وتفضيل الخيل 7/ 339 .
(11) مجلة المنار المجلد 9/ 522 .
(12) الأصلان العظيمان ص 231 .
(1) هو : محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبى ذئب القرشي العامري، أبو الحارث ، المدني، أحد الأعلام، ثقة فقيه فاضل. مات 158هـ .
وقيل 159 هـ . له ترجمة في: تقريب التهذيب 2/ 105 رقم 6102، والكاشف 2/ 194 رقم 5001 والثقات لابن شاهين ص 278 رقم
1140، والجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني 2/ 444 رقم 1695.
(2) هو : يحيى بن آدم بن سليمان الكوفي، أبو زكريا ، مولى بني أمية، أحد أعلام ثقة حافظ فاضل مات سنة 203هـ . له ترجمة في :
تقريب التهذيب 2/ 296 رقم 7523 ، والكاشف 2/ 360 رقم 6124، والثقات للعجلي 468 رقم 1789 ، والتعريف برواة مسند الشاميين
للدكتور على جماز ص 463 رقم 874.
(3) انظر: مفتاج الجنة في الاحتجاج بالسنة ص 39 .
(4) التاريخ الكبير 3/ 474 رقم 1585 ترجمة سعيد المقبري .
(5) العلل لابن أبى حاتم 2/ 310 .
(6) الضعفاء الكبير 1/ 32 ، 33 رقم 14 .
(1) الموضوعات 1/ 257، 258 .
(2) النكت البديعات على الموضوعات ص 48 رقم 23 .
(3) اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة 1/ 213 .
(4) تنزيه الشريعة 1/ 264 .
(5) راجع : ص 221 .
(6) أخرجه الإمام أحمد في مسنده 2/ 366 .
(7) المصدر السابق 2/ 367، 483 .
(8) الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة 279 هامش؛ والكاشف 2/ 317 رقم 5802، والتقريب 2/ 241 رقم 7126، وتهذيب
التهذيب 10/ 419 رقم 758، ولسان الميزان 7/ 409 رقم 5015 وميزان الاعتدال 4/ 246 رقم 9017 ، والجرح والتعديل 8/ 493 رقم
2263 ، والمغنى 2/ 694 ، والضعفاء لابن نعيم ص 153 رقم 254، والضعفاء والمتروكين ص 235 رقم 618.
(9) نهاية الاغتباط بمن رمى من الرواة بالاختلاط ص 132 رقم 40 .
(10) الحافظ الهيثمي هو : على بن أبى بكر بن سليمان، نور الدين أبو الحسن ، إمام حافظ، رافق الحافظ العراقي في السماع، سمع جميع ما
سمعه، من مصنفاته مجمع الزوائد، وبغية الباحث عن زوائد مسند الحارث، وغير ذلك، مات سنة 807هـ . له ترجمة في :طبقات الحافظ
للسيوطي ص 545 رقم 1178، وأنباء الغمر 2/ 307، وشذرات الذهب 7/ 70، والأعلام 4/ 266.
(11) مجمع الزوائد 1/ 154 .
(1) اخرجه ابن ماجة في سننه المقدمة ، باب تعظيم حديث رسول الله والتغليظ على من عارضه 1/ 23 رقم 21.
(2) الفوائد المجموعة ص 279 هامش، وانظر: في ترجمة عبد الله المقبري، الكاشف 1/ 558 رقم 2752، والتقريب 1/ 497 رقم 3367
، وتهذيب التهذيب 5/ 237 رقم 412، وميزان الاعتدال 2/ 429 رقم 4353، ولسان الميزان 7/ 263 رقم 3532 ، والجرح والتعديل 5/
71 رقم 336، والمغنى 1/ 340، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال ص 199، والضعفاء والمتروكين ص 152 رقم 360.
(3) أخرجه أحمد في مسنده 33/ 497، 5/ 425 ، وأخرجه البزار (كشف الأستار) 1/ 105 ، وقال البزار لا نعلمه يروى من وجه أحسن من
هذا، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 149، 150، رواه أحمد والبزار ورجاله رجال الصحيح .
(4) التاريخ الكبير 5/ 514 رقم 1349 .
(5) مفتاح الجنة فى الاحتجاج بالسنة ص 41.
(6) الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني ص 281، 282 هامش .
(1) المصدر السابق ص 281 .
(2) أخرجه ابن حزم في الإحكام 2/ 213 بسند فيه اشعث بن بزار، وقال فيه: كذاب ساقط لا يؤخذ حديثه، وبسند آخر فيه الحارث والعرزمي
وعبد الله بن سعيد، وضعف الأولين وقال في الثالث كذاب مشهور. وانظر: مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة ص 39 ، 40 .
(3) العقيدة والشريعة في الإسلام ص 55.
(4) سبق تخريجه ص 40 .
(5) المنار المنيف في الصحيح والضعيف لابن قيم الجوزرية ص 51، وانظر: السنة ومكانتها في التشريع للدكتور السباعي ص 164 .
(6) الحكيم الترمذي هو : الإمام أبو عبد الله محمد بن على بن الحسن، الزاهد، الواعظ، المؤذن، صاحب التصانيف النافعة، منها نوادر الأصول
في معرفة أحاديث الرسول ، والرد على المعطلة ، وختم الأولياء عاش إلى= =حدود 320هـ . له ترجمة في : تذكرة الحفاظ 2/ 645 رقم
668، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 286 رقم 642، ولسان الميزان لابن حجر 5/ 308، رقم 1033، وطبقات الشافعية لابن السبكي 2/
145، وتاريخ بغداد 11/ 373رقم 6226.
(1) أخرجه الحاكم في المستدرك كتاب البيوع 2/ 5 رقم 2136، وسكت عنه هو والذهبي، وأخرجه من حديث جابر، وصححه على شرط
الشيخين وأقره الذهبي، ومن وجه آخر عن جابر وصححه الذهبي على شرط مسلم.
(2) نوادر الأصول ، الأصل الرابع والأربعون فيما يعدونه صدق الحديث 1/ 360، 361.
(3) المنار المنيف في الصحيح والضعيف لابن قيم الجوزية ص 50 رقم 53 .
(4) الربيع بن خثيم: بضم المعجمة وفتح المثلثة، ابن عائد بن عبد الله الثوري، أبو يزيد الكوفي، ثقة عابد مخضرم= =رباني حجة، قال له ابن
مسعود: لو رآك رسول الله e لأحبك ، مات سنة 63هـ . له ترجمة في : تقريب التهذيب 1/ 294 رقم 1893، والكاشف 1/ 391 رقم
1529، والثقات لابن حبان 4/ 224، والثقات للعجلي ص 154 رقم 419 والثقات لابن شاهين ص 126 رقم 339، ومشاهير علماء
الأمصار ص 125 رقم 737 .
(1) الموضوعات لابن الجوزي 1/ 103 ، والكفاية ص 605 .
(2) الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني ص 282 هامش .
(1) البحر المحيط للزركشي 1/ 117 .
(2) الإحكام للآمدي 1/ 90 .
(3) الآية 50 من سورة المائدة .
(4) لفواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت 1/ 25 .
(5) ابن عبد الشكور: هو محب الله بن عبد الشكور البهاري الهندي، الفقيه الحفنى الأصولى المنطقي، توفي سنة 1119هـ . له ترجمة في
الفتح المبين عبد الله المراغي 3/ 122، وأصول الفقه تاريخه ورجاله للدكتور شعبان إسماعيل ص 507 ، 508 .
(1) انظر: تفصيل ذلك في المستصفى للغزالي 1/ 8 ، والإحكام للآمدى 1/ 76 _ 90 ، والإبهاج في شرح المنهاج 1/ 43 ، 135، وإرشاد
الفحول 1/ 56 ، وأصول الفقه للخضري ص 23، 24 .
(2) ابن خلدون : هو عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن خلدون، أبو زيد، الفيلسوف المؤرخ العالم البحاثة، ولي قضاء المالكية بمصر، اشتهر
بكتابه (العبر وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والعجم والبربر# مات سنة 808هـ . له ترجمة في : الضوء اللامع 4/ 145 رقم 378
، والأعلام 3/ 330.
(3) المقدمة الفصل العاشر في علم الكلام ص 508، وانظر: الإسلام على مفترق الطرق الأستاذ محمد أسد ص 100 وما بعدها .


(7)

هذا القصور في تلك العقول وقع الإعذار والإنذار كما قال U : {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُـــــونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ
وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}(1).
ولو كان الأمر على ما قال بإطلاق ، لم يحتج في الشرع إلا إلى بث مصالح الدار الآخرة، خاصة وذلك لم يكن، وإنما جاء بما يقيم أمر الدنيا
والآخرة معًا ، وإن كان قصده بإقامة الدنيا والآخرة، فليس بخارج عن كونه قاصدًا لإقامة مصالح الدنيا، حتى يتأتى فيها سلوك طريق الآخرة،
وقد بث في ذلك من التصرفات ، وحسم من أوجه الفساد التى كانت جارية، ما لا مزيد عليه .
فالعادة تحيل استقلال العقول في الدنيا بإدراك مصالحها ومفاسدها على التفصيل، اللهم إلا أن يريد هذا القائل أن المعرفة بها تحصل بالتجارب
وغيرها، بعد وضع الشرع أصولها فذلك لا نزاع فيه#(2) .
ومن هنا وجب أن يقدم ما حقه التقديم _ وهو الشرع _ ويؤخر ما حقه التأخير وهو نظر العقل؛ لأنه لا يصح تقديم الناقص حاكمًا على الكامل؛
ولأنه خلاف المعقول والمنقول ، ولذلك قال : اجعل الشرع في يمينك والعقل في يسارك، تنبيها على تقدم الشرع على العقل(3) .
ومن قدم العقل على الشرع لزمه القدح في العقل نفسه؛ لأن العقل قد شهد للشرع والوحي بأنه أعلم منه، فلو قدم عليه؛ لكان ذلك قدحًا في
شهادته، وإذا بطلت شهادته؛ بطل قبول قوله، بل إن من قدم العقل على الشرع؛ لزمه القدح في الشرع أيضًا .
يقول الإمام الشاطبي :
أولاً : $إنه لو جاز للعقل تخطي مأخذ النقل، لم يكن الحد الذي حده النقل فائدة، لأن الفرض أنه حد له حدًا ، فإذا جاز تعديه صار الحد غير مفيد،
وذلك في الشريعة باطل، فما أدى إليه مثله .
ثانيًا: ما تبين في علم الكلام والأصول، من أن العقل لايحسن ولا يقبح، ولو فرضناه متعديًا لماحده الشرع، ولكان محسنًا ومقبحًا ، وهذا خلف .
ثالثًا : أنه لو قدم العقل على النقل؛ لجاز إبطال الشريعة بالعقل، وهذا محال باطل.
وبيان ذلك : أن معنى الشريعة أنها تحد للمكلفين حدودًا في أفعالهم ، وأقوالهم، واعتقاداتهم وهو جملة ما تضمنته. فإن جاز للعقل تعدى حد
واحد، جاز له تعدى جميع الحدود؛ لأن ما ثبت للشيء ثبت لمثله ، وتعدى حد واحد هو بمعنى إبطاله ، أي ليس هذا الحد بصحيح، وإن جاز
إبطال واحد، جاز إبطال السائر، وهذا لايقول به أحد، لظهور محاله#(1) فكان تقديم العقل على النقل _ لا لشئ إلا لأنه عقل _ يتضمن القدح في
العقل والنقل _ كما مر وهذا ظاهر لا خفاء فيه .
ويقول الدكتور السباعي _ رحمه الله تعالى _ : ولننظر إلى المسألة من ناحة أخرى. ولنفرض أن تحكيم العقل في الأحاديث هو الصواب ، فنحن
نسأل: أي عقل هذا الذي تريدون أن تحكموه؟
أعقل الفلاسفة ؟ إنهم مختلفون، وما من متأخر منهم إلا وهو ينقض قول من سبقه.
أعقل الأدباء؟ إنه ليس من شأنهم ، فإن عنايتهم _ عفا الله عنهم _ بالنوادر والحكايات .
أعقل علماء الطب، أم الهندسة ، أم الرياضيات ؟ مالهم ولهذا؟
أعقل المحدثين؟ إنه لم يعجبكم ، بل إنكم تهمونه بالغباوة والبساطة .
أعقل الفقهاء؟ إنهم مذاهب متعددة، وعقليتهم _ في رأيكم _ لعقلية المحدثين .
أعقل الملحدين؟ إنهم يرون أن إيمانكم بوجود الله ، جهل منكم وخرافة .
أعقل المؤمنين بوجود الله ؟ فنحن نسألكم : عقل أي مذهب من مذاهبهم ترتضون؟
أعقل أهل السنة والجماعة؟ هذا لا يرضى الشيعة، ولا المعتزلة .
أم عقل المعتزلة ؟ إنه لا يرضى جمهور طوائف المسلمين فأي عقل ترتضون(2) ؟
فمجرد الاتفاق على طبيعة العقل الحاكم غير واردة .
يقول ابن قيم الجوزية: $فإن قالوا : إنما تقدم العقل الصريح الذي لم يختلف فيه اثنان على نصوص الأنبياء فقد رموا الأنبياء بما هم أبعد الخلق
منه، وهو أنهم جاءوا بما يخالف العقل الصريح هذا وقد شهد الله وكفى بالله شهيدا، وشهد بشهادته الملائكة وأولوا العلم؛ أن طريقة الرسول e
هي الطريقة البرهانية للحكمة كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُم}(1) . وقال تعالى : {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ
وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَم}(2) فالطريقة البرهانية هي الواردة بالوحي كتابًا وسنة معظمة للرشد داعية إلي الخير ، والطريقة العقلية _ التقليدية
التخمينية هي المأخوذة من رجل _ من يونان _ وضع بعقله قانونا من مقدمتين ونتيجة _ يصحح بزعمه علوم الخلائق وعقولهم، فلم يستفد به
عاقل تصحيح مسألة واحدة في شئ من علوم بنى آدم، بل ما وزن به علم إلا أفسده، وما برع فيه أحد إلا انسلخ من حقائق الإيمان كانسلاخ
القميص عن الإنسان(3) .
ونقول لمن حكموا عقولهم في شرع الله U ، وقدموها عليه: إن تحكيم العقل وهو مخلوق في خالقه بحيث يقولون : يجب عليه بعثه الرسل،
ويجب عليه الصلاح والأصلح، ويجب عليه اللطف، ويجب عليه كذا، وكيف يجوز هذا في حق الله U مما ورد في صفاته وأسمائه جل جلاله _
في كتابه العزيز وسنة نبيه المطهرة؟ وكيف المعجزة؟ وكيف اليوم الآخر ، وما فيه من حساب، وعقاب، وجنة، ونار، وميزان، وصراط،
وشفاعة...؟ إلى آخر ما ينطق به في تلك الأشياء (الإلهيات والنبوات والمعجزات للأنبياء والسمعيات الغيبية) .
نقول: إن قولكم بعقولكم في تلك الأمور _ اعتراضًا _ هذا يجب، هذا يستحيل، كيف هذا . هذا منكم اجتراء على الله U ، وعلى عظمته جل
جلاله ، واعتراض على حكمه وشرعه الحكيم، وتقديم بين يدي الله ورسوله، ومن أجل البارى وعظمه وعظم حكمه وشرعه، لم يجترئ على
ذلك، فلله U الحجة البالغة والحكمة الكاملة، ولا معقب لحكمه ؛ فوجب الوقوف مع قوله تعالى : {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ
أَجْمَعِين}(1) . وقوله تعالى : {لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُون}(2) . وقوله تعالى : {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِه}(3). ويكفيك في فساد عقل
معارض الوحي قرآنًا وسنة اجتراءه على عصمة ربه U .
فكيف نجعل العقل حاكمًا على شرعه $كتابًا وسنة# ، ونقدمه عليه بعد كل هذا، وكيف نتصور أن الشارع الحكيم يشرع شيئًا يتناقض مع
العقول المحكومة بشرعه الحنيف.
يقول الدكتور السباعي : $من المقرر في الإسلام أنه ليس فيه ما يرفضه العقل، ويحكم باستحالته ولكن فيه _ كما في كل رسالة سماوية _
أمور قد $يستغربها# العقل ولا يستطيع أن يتصورها(4) في (الإلهيات والنبوات والمعجزات والسمعيات) فتلك الأمور فوق نطاق العقل وإدراكه،
وقد يحصل الغلط في فهمها فيفهم منها ما يخالف صريح العقل، فيقع التعارض بين ما فهم من النقل وبين ما اقتضاه صريح العقل، فهذا
لايدفع(5) .
يقول ابن خلدون :$ لأن هذه العقائد متلقاة من الشريعة كما نقلها السلف من غير رجوع فيها إلى العقل ولا تعديل عليه ...، فإذا هدانا الشارع
إلى مدرك؛ فينبغي أن نقدمه على مداركنا، ونثق به دونها ، ولا ننظر في تصحيحه بمدارك العقل ولو عارضه، بل نعتمد ما أمرنا به اعتقادًا
وعلمًا ، عما لم نفهم من ذلك ونفوضه إلى الشارع، ونعزل العقل عنه#(6) .
ويقول في موضع آخر: $وليس ذلك بقادح في العقل ومداركه، بل العقل ميزان صحيح؛ فأحكامه يقينية، لا كذب فيها غير أنك لا تطمع أن تزن
به أمور التوحيد والآخرة، وحقيقة النبوة، وحقائق الإلهية ، وكل ما وراء طوره، فإن ذلك طمع في محال... ، ومن يقدم العقل على السمع في
أمثال هذا القضايا، فذلك لقصور في فهمه، واضمحلال رأيه، وقد تبين لك الحق من ذلك#(1) .
وفي ذلك يقول ابن قيم الجوزية : $ إن ما علم بصريح العقل الذي لا يختلف فيه العقلاء؛ لا يتصور أن يعارضه الشرع البتة . ومن تأمل ذلك
فيما تنازع العقلاء فيه من المسائل الكبار؛ وجد ما خالف النصوص الصريحة الصحيحة شبهات فاسدة يعلم بالعقل بطلانها، بل يعلم بالعقل ثبوت
نقيضها . فتأمل ذلك في مسائل التوحيد والصفات، ومسائل القدر والنبوات والمعاد؛ تجد ما يدل عليه صريح العقل، ونحن نعلم قطعا أن الرسل
لايخبرون بمحالات العقول، وإن أخبروا بمجازات العقول فلا يخبرون بما يحيله العقل(2) .
ونختم قضية التعارض بين العقل والنقل بسؤال افترضه الإمام يحيي بن الحسين القاسم الرسي العلم الثاني من علمى الأئمة الزيدية (ت 298
هـ) قال : $فإن قيل: هل يجوز أن تتضاد حجج الله وتختلف، فما تثبته حجة العقل تبطلها حجة الكتاب والسنة، وما تثبته حجة الكتاب والسنة
تبطلها حجة العقل؟
فإن قال : نعم .ويكون ذلك ويوجد، استغنى عن مناظرته بجهله، واستدل على كفره بذلك، وخالف الخلق أجمعين، وقال بما لم يقل به أحد من
العالمين، وافتضح عند نفسه فلا عن غيره ؛ لأنه يزعم أن حجج الله تتناقض وتتضاد، وما تناقض وتضاد فليس بحجة الله على العباد ....، ولو
تناقضت حججه، لبطلت فرائضه ، ولو بطلت فرائضه ؛ لبطل معنى إرساله للرسل....، فبان بحمد الله، لكل ذي عقل وفهم وتمميز أن من قال
بتناقض حجج الرحمن غير عارف به ولا مقر به، ومن لم يعرف الله جل جلاله فلم يعبده، ومن لم يعبده فقد عبد غيره ومن عبد غيره؛ فهو من
الكافرين، ومن كان الكافرين فقد خرج بحمد الله من حد المؤمنين، فنعوذ بالله من الجهل والعمى ونسأله الزيادة في الرحمة والهدي#(3) .
يقول الإمام البيهقي : $ وعلى الأحوال كلها حديث رسول الله e الثابت عنه : قريب من العقول موافق للأصول، لا ينكره عقل من عقل عن الله
الموضع الذي وضع به رسول الله e ، من دينه، وما افترض على الناس من طاعته، ولا ينفر منه قلب من اعتقد بتصديقه فيما قال واتباعه
فيماحكم به، وكما هو جميل حسن من حيث الشرع، جميل في الأخلاق حسن عند أولى الألباب(1) .
وأخيرًا هل أهمل المتحدثون _ حقًا _ العقل في قبولهم للحديث وتصحيحه كما زعم أعداء السنة النبوية المطهرة؟
هذا السؤال أجاب عنه الشيخ عبد الرحمن المعلمي _ رحمه الله تعالى _ في كتابه الأنوار الكاشفة بقوله : $كلا ، راعوا ذلك في أربعة مواطن
: أولاً: عند السماع ، ثانيًا : عند التحديث ، ثالثًا : عند الحكم على الرواة، رابعًا: عند الحكم على الحديث.
أولاً : أما مراعاة المحدثين للعقل في قبول الحديث ورده عند السماع: فيبدو ذلك واضحًا في اعتمادهم صحة سماع الصبي متى كان مميزًا فاهمًا
للخطاب ورد الجواب، سواء كان ابن خمس، أو أقل، وروى ذلك بعد بلوغه الحلم، ومتى لم يكن العقل فهم الخطاب ، ورد الجواب لم يصح
سماعه حتى قال ابن الصلاح(2): وإن كان ابن خمسين سنة(3) .
ويقول المعلمي في شرح ذلك $فالمثبتون إذا سمعوا خبرًا تمتنع صحته أو تبعد ، لم يكتبوه ولم يحفظوه ، فإذا حفظوه لم يحدثوا به ، فإن ظهرت
مصلحة لذكرة، ذكروه مع القدح فيه وفي الرواي الذي عليه تبعته(4) .
ويقول الأستاذ أبو غدة _ رحمه الله تعالى _ : المراد بمراعاة العقل عند السماع، فحص التلميذ الواعي وانتباهه لحال الشيخ الرواي، الذي يريد
أن يتلقى عنه، قبل سماعه منه، فإذا وجه سيئ الحفظ ، أو مضطربًا في الحديث أو شديد التدليس عند التحديث ، أو يروى الواهيات، أو
المنكرات، أو يسوق الموضوعات والخرافات، أو يقلب الأسانيد أو المتون ، أو صاحب بدعة تتصل بحديثه، أو لا تتصل: أعرض عن التحمل
عنه، والسماع منه . وكانوا يوغلون ، ويدققون جدًا في البحث عن الشيخ والكشف عن حاله قبل الأخذ عنه، حتى يقال لهم: أتريدون أن
تزوجوه؟ روى الخطيب في الكفاية بسنده إلى : $شاذان الأسود بن عامر _ قال : سمعت الحسن بن صالح يقول : كنا إذا أردنا أن نكتب عن
الرجل سألنا عنه حتى يقال لنا : أتريدون أن تزوجوة؟ #(1) .
وكثير من طلبة الحديث كانوا لايكتبون عن أحد حتى يسألوه عنه أئمة الشأن الذين يعرفون الرواة ، ومن يجوز أن يكتب عنه ، ومن لا يحل
كتب حديثه للاحتجاج أو الاعتبار، فعن أبى العباس بن باذام قال : قال لي والوليد بن مسلم القرشي : وكنت إذا أردت أن آتي الشيخ أسمع منه
شيئًا ، سألت عنه قبل أن آيته الأوزاعي ، وسعيد بن عبد العزيز، فإذا رأيًا أن أتيه أتيته#(2) ونحو ذلك كثير منتشر في أخبار الراوة
والمحدثين.
وكثيرًا ما كان بعض الطلبة يمتحنون الشيوخ قبل التلقى عنهم، فيقلبون لهم بعض الأسانيد في بعض الأحاديث، ويركبون عليها المتون،
ويسألهم عنها على أنها من أحاديثهم وروايتهم، يفعلون هذا عمدًا: امتحانًا للشيخ قبل السماع منه ، فإن انتبه عرفوا ضبطه ومتانة حفظه
وشدة يقظته ودقة وعيه، وأخذوا عنه، وإن تلقن وأقر : الحديث المقلوب والمغلوط تركوا الرواية عنه .
ومن نماذج مراعاتهم للعقل في قبول الحديث ورده عند السماع.
1_ ما رواه الدارقطنى في سننه عن سفيان بن عيينة قال : دخلت على الحجاج بن أرطاة(3) ، وسمعت كلامه ، فذكر شيئًا أنكرته ، فلم أحمل
عنه شيئًا . وقال يحيى بن سعيد القطان: رأيت الحجاج بن أرطاة بمكة ، فلم أحمل عنه شيئًا #(1) .
2_ وروي الإمام مسلم في مقدمة صحيحه عن عبد الله المبارك(2) ، قال : لو خيرت بين أن أدخل الجنة وبين أن ألقى عبد الله محرر الجزري
الرمى(3) قاضى الرقة _ لاخترت أن ألقاه ، ثم أدخل الجنة ، فلما رأيته كانت بعرة أحب إلى منه#(4) .
ثانيًا : وأما مراعاة المحدثين للعقل في قبول الحديث ورده عند الحديث _ لا عند السماع والتحمل، فيبدو ذلك واضحًا في اشتراطهم العدالة،
والضبط في صحة قبولهم للحديث، وتصحيحه .
ومن شروط العدالة بعد الإسلام : البلوغ والعقل ، فلا يقبل حديث غير البالغ على الصحيح(5)، ولا المجنون سواء المطبق والمنقطع إذا أثر في
الإفاقة(6) .
وأما الضبط فيعرف بمدى موافقته لأهل الحفظ، فإن وافقهم غالبًا ، ولو أتى بأنقص لا يتغير به المعنى ، أو في المعنى ؛ فهو ضابط محتج
بحديثه، وإن وافقهم نادرًا ، وكثرت مخالفته لهم والزيادة عليهم فيما أتى به؛ فهو مخطئ مغفل، عديم الضبط، لا يحتج بحديثه، وإلى ذلك أشار
الإمام الشافعي _ رحمه الله تعالى _ فيمن تقوم به الحجة؛ فقال: $إذا شارك أهل الحفظ وافق حديثهم#(1) .
ويقول أيضًا : $ولا يستدل على أكثر صدق الحديث وكذبه إلا بصدق المخبر وكذبه، إلا في الخاص القليل من الحديث، وذلك أن يستدل على
الصدق والكذب فيه، بأن الحديث المحدث ما لا يجوز أن يكون مثله، أو ما يخالفه ما هو أثبت وأكثر دلالة بالصدق منه#(2) .
وقال الخطيب في الكفاية:$باب وجــوب اطراح المنكر والمستحيل من الأحاديث#(3) يقول الأستاذ عبد الرحمن المعلمي: وفي الرواة جماعة
يتسامحون عند السماع وعند التحديث، لكن الأئمة بالمرصاد للرواة، فلا تكاد تجد حديثًا بين البطلان، إلا وجدت في سنده واحدًا أو أثنين أو
جماعة قد جرحهم الأئمة(4) .
يقول الأستاذ عبد الفتاح أبو غدة _ رحمه الله تعالى _ : $إن المحدثين الحفاظ المتوسعين في جمع الحديث جرت عادتهم على سماع ما يحدث
به من الأحاديث وما لا يحدث به، لأنه ينفع في وجوه كثيرة من علوم الحديث، ولذلك قالوا وقرروا هذا القاعدة، التى عبر عنها الحفاظ يحيى ين
معين بقوله : $إذا كتبت فقمش وإذا حدثت ففتش# أى عند تحمل الحديث وتلقيه عن شيوخ الرواية، يجمعون منه ما استطاعوا عن كل شيخ،
ولكن عند تحديثهم يفتشون فيما تحملوه من الأسانيد والمتون، فلا يحدثون إلا بالأسانيد المتصلة بالعدول الثقات الضابطين عن مثلهم، والمتون
الخالية من الشذوذ والعلة .
وما تبين لهم من كذب أو وهم أو بلايا للرواة في الأسانيد، أو الشذوذ ، أو علة في المتنون يمكسون عن التحديث بها، ولا يذكرونها إلا مع
البيان لما في تلك الأسانيد أو المتنون من ضعف وشذوذ، وربما يحرقون هذه الكتب ويقطعونها، وكل هذا تجده مذكورًا في تراجم طائفة كبيرة
من الرواة المجروحين .
ونسوق هنا نموذج من ذلك : جاء في الميزان، وتهذيب التهذيب في ترجمة $خالد بن يزيد بن أبى مالك الدمشقي $قال ابن أبى الحواري#(1) :
سمعت يحيى بن معين يقول: بالشام كتاب ينبغي أن يدفن : $كتاب الديات# لخالد بن يزيد بن أبى مالك . لم يرض أن يكذب على أبيه حتى كذب
على الصحابة. قال أحمد بن أبى الحواري. قد كنت سمعت هذا الكتاب من خالد بن يزيد، ثم أعطيته لابن عبدوس العطار، فقطعه وأعطى للناس
فيه الحوائج#(2) .
ثالثًا : وأما مراعاة المحدثين للعقل عند الحكم على الرواة: فهذا يظهر كثيرًا في كتب التراجم، فالأئمة كثيرًا ما يجرحون الراوى بخبر واحد منكر
جاء به فضلاً عن خبرين أو أكثر ، ويقولون : للخبر الذي تمتنع صحته أو تبعد : $منكر# أو $باطل# ، وتجد ذلك كثيرًا في تراجم الضعفاء،
وكتب العلل والموضوعات والمتثبتون لا يوثقون الراوى حتى يستعرضوا حديثه، وينقدوه حديثًا حديثًا(3) .
رابعًا : وأما مراعاة المحدثين للعقل عند الحكم على متون الأحاديث فهذا واضح في جعلهم من دلائل الوضع في الحديث مخالفته لبدهيات
العقل(4) ، إلا أن ذلك مقيدٌ بعدم إمكان التأويل والمقصود بالتأويل هنا : محاولة التوفيق بين ما ظاهره التعارض بين المنقصول والمعقلو
وبشرط :$ألا يسرح العقل في مجال النظر والتأويل _ وهو يوفق _ إلا بقدر ما يسرحه النقل#(5) .
كما أن العقل مقيد بالمستنير بكتاب الله U ، وسنة نبيه e الثابتة .
وفي ذلك يقول الحكيم الترمذي : $وإنما تعرف، وتنكر العقول التى لها إلى الله سبيل يصل إلى الله ونور الله سراجه والعقل بصيرته ، والحق
خبئته والسكينة طابعه فرجع إلى خلقه والحق عنده أبلج يضئ في قلبه كضوء السراج يقينًا وعلمًا به كما قال ربيع بن خُيثم : $ إن على الحق
نورًا وضوءًا كضوء النهار نعرفه، وإن على الباطل ظلمة كظلمة الليل ننكرة# .
فالمحققون هكذا صفتهم يعرفون الحق والباطل وكذلك وعد الله تعالى المتقين فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا }(1) .
أما العقل المخلط المكب على شهوات الدنيا المحجوب عقله عن الله U فليس هو المغنى بهذا؛ لأن صدره مظلم، فكيف يعرف الحق؟ وإنما شرط
رسول الله e فقال : $إذا جاءكم عنى حديث تعرفونه، ولا تنكرونه#(2) .
قلت : ومما سبق يتبين لنا أن $قاعدة عرض السنة على العقل# في الحكم على السنة النبوية المطهرة، قاعدة مقررة عند المحدثين والفقهاء،
وطبقوها فعلاً في قبولهم للأحاديث وتصحيحها، إلا أنها مقيدة باستحالة التأويل بالجمع بين ما ظاهره التعارض بين النقل وما استغربه العقل
الواقف عند الحدود التى وضعها له خالقه، فلا يحسن إلا ما حسنه الشرع، ولا يقبح إلا ما قبحه الشرع، ولا يقدم حكمه على حكم رب العباد U
.
وأخيرًا : صدق الفاروق عمر t قال : $ ألا إن أصحاب الرأى أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يحفظوا فأفتوا برأيهم فضلوا وأضلوا، ألا وإنا
نقتدى ولا نبتدى، ونتبع ولا نبتدع، ما نضل ما تمسكنا بالأثر# وفي رواية قال : $إياكم ومجالسة أصحاب الرأي، فإنهم أعداء السنة، أعيتهم
السنة أن يحفظوها ، ونسوا الأحاديث أن يعوها، وسئلوا عما لا يعلمون، فاستحيوا أن يقولوا لا نعلم، فأفتوا برأيهم فضلوا وأضلوا كثيرًا، وضلوا
عن سواء السبيل، إن نبيكم لم يقبضه الله حتى أغناه الله بالوحي عن الرأي، ولو كــان الرأي أولى من السنة، لكان باطن الخفين أولى
بالمسح من ظاهرهما#(3) .
وقال الحافظ ابن عبد البر : $ومن أعف نفسه من النظر، وأضرب عما ذكرنا، وعارض السنن برأيه، ورام أن يردها إلى مبلغ نظره؛ فهو ضال
مضل، ومن جهل كذلك كله أيضًا وتقحم في الفتوى بلا علم ؛ فهو أشد عمى وأضل سبيلاً ... واعلم يا أخي : أن القرآن والسنة هما أصل الرأى
... ومن جهل الأصل لم يصل الفرع أبدًا#(1) أ. هـ .
والله تبارك وتعالى
أعلى وأعلم











































المطـــلب الثالث

وفيه الشبه الآتية :
أولاً : شبهة النهى عن كتابة السنة المطهرة والرد عليها .
ثانيًا : شبهة التأخر في تدوين السنة المطهرة والرد عليها.
ثالثًا : شبهة رواية الحديث بالمعنى والرد عليها .
رابعًا : شبهة أن الوضع وكثرة الوضاعين للحديث أضعفت الثقة بالسنة النبوية.
والرد عليها .







أولاً : شبهة النهى عن كتابة السنة المطهرة

وفيما ما يلى :
أ _ استعراض الشبهة وأصحابها والرد عليها بما يلي:
أولاً : ذكر نماذج من الأحاديث والآثار الواردة في النهى عن كتابة السنة النبوية .
ثانيًا : بيان درجة الأحاديث والآثار الواردة في النهى عن كتابة السنة النبوية .
ثالثًا : الجواب عن زعمهم بأن النهى يدل على عدم حجية السنة النبوية .
رابعًا : بيان علة النهى عن كتابة السنة كما وردت في الأحاديث والآثار التى استشهد بها خصوم السنة على شبهتهم .
ب _ بيان علة النهى عن كتابة السنة عند أعدائها والرد على مزاعمهم الآتية :
أولاً : أن النهى عن كتابة السنة المطهرة يدل على أن النبي e وأصحابه t أرادوا ألا يكون مع كتاب الله U كتاب آخر .
ثانيًا : أن النهى يدل على أن النبي e وأصحابه t أرادوا ألا تكون السنة دينًا عامًا دائمًا كالقرآن الكريم .
ثالثًا : أن النهى عن الإكثار من التحديث دليل على أن الصحابة t كانوا يجتهدون في مقابل السنة الشريفة ولا يأخذون بها .
رابعًا : أن النهى عن الإكثار من الرواية يدل على حجية السنة، واتهام على من أبى بكر وعمر t للصحابة بالكذب .






شبهـــة النهــــى عن كتــــابة الســــنة
استعراض الشبهة وأصحابها
تتخلص هذه الشبهة في زعم المستشرقين وذيولهم من أعداء السنة : أن السنة النبوية لو كانت حجة لأمر النبي e بكتابها ، ولعمل الصحابة
والتابعون t أجمعين من بعده على جمعها وتدوينها ، حتى يحصل القطع بثبوتها بكتابتها كما هو الشأن في القرآن الكريم، ولكن الثابت أن النبي
e _ نهى عن كتابتها، وأمر بمحو ما كتب منها، وكذلك فعل الصحابة والتابعون، ولم يقتصر الأمر منهم على ذلك، بل امتنع بعضهم عن
التحديث ، أو قلل منه، ونهى الآخرون عن الإكثار منه .
واستدل بتلك الشبهة بعض غلاة الشيعة حيث ذهبوا إلى عدم صحة النهى عن كتابة السنة النبوية من النبي e ، وسقم قول من يقول بذلك
والذهاب إلى أن النهى عن كتابة السنة والمنع من التحديث بها كان نابعًا من موقف سياسى اتخذه الخليفة أبو بكر ، ثم عمر ، ومن بعده
الخلفاء للحد من نشر فضائل أهل البيت، وتخوفًا من اشتهار أحاديث الرسول e في فضل على وأبنائه ما دل على إمامتهم. مضافًا إلى مساس
هذا التحديث بأصل مشروعية خلافتهم .
وأن روايات منع الكتابة إنما اختلفت في وقت متأخر لتبرير منع الشيخين أبى بكر وعمر_ رضى الله عنهما _ ومن حذا حذوهما .
وعلى أساس هذه الشبهة بنى على الشهرستاني(1) كتابه $منع تدوين الحديث أسباب ونتائج#(2) ، وكذا مرتضى العسكري(3) في كتابه (
معالم المدرستين)(4) ، وزكريا عباس داود(5) في كتابه $تأملات في الحديث عند السنة والشيعة(6) ، ومروان خليفات(1) في كتابه (وركبت
السفينة)(2) وغيرهم من أعداء السنة(3) .
واتفق المستشرقون مع الشيعة في عدم صحة النهى عن كتابة السنة في أول الأمر في عهد النبوة المباركة، بناءً على رأيهم في السنة النبوية
بأنها وضعت على النبي e ونسبت إليه، مما هي إلا نتيجة للتطور الديني، والسياسي، والاجتماعي للمسلمين(4) .
وقد تزعم هذه الفرية صنمهم الأكبر $جولدتسيهر# ، والذي ذهب إلى أن الأحاديث الواردة في النهى عن كتابة السنة، والأحاديث الأخرى التى
تحث على كتابتها ، ما هي إلا أثر من آثار تسابق أهل الحديث في جانب وأهل الرأى في جانب آخر، إلى وضع الأقوال المؤيدة لنزعيتهم
المتناقضتين . فأهل الحديث يذهبون إلى كتابة السنة؛ لتكون دليلاً على صحتها والاحتجاج بها . فيقول : $ إن الجميع متفقون على أنه لا يمكن
إنكار أن تدوين الأحاديث كان له خصوم، وهذه الكراهية للكتابة لم تكن موجودة منذ البداية، ولكنها نشأت بسبب التحامل الذي ظهر فيما بعد(5)
ويقول في موضع آخر: $ وفي هذا الموضوع هنالك مجموعتان من الآراء في حالة تناقض، ولكي نبين ذلك لابد لنا من الرجوع إلى حقب
زمنية مبكرة من هذا النزاع .
وللفريقين آراؤهما الخاصة، وقد سيقت في صورة أحاديث نبوية، فيروى أحد الفريقين قول النبي e : $لا تكتبوا عنى شيئًا سوى القرآن، ومن
كتب شيئًا فليمحه#(6) بينما يروى ابن جريج من الفريق الثاني حديثًا عن ابن عمرو؛ أنه سأل النبي e : $هل أقيد العلم؟# فوافقه النبي e على
ذلك، وعندما سئل عن معنى تقييده أجاب بأنها الكتابة(7)

.(1) الآية 165 من سورة النساء .
(2) الموافقات 2/ 360 وانظر: قواعد الأحكام في مصالح الأنام للإمام ابن عبد السلام 1/ 5 _ 10 .
(3) الاعتصام للشاطبي 2/ 568 .
(1) الموافقات 1/ 78 ، 79، وانظر : مختصر الصواعق المرسلة 1/ 110.
(2) السنة ومكانتها في التشريع 39 ، 40 .
(1) الآية 174 من سورة النساء .
(2) الآية 113 من سورة النساء.
(3) مختصر الصواعق المرسلة 1/ 112 ، 113 بتصرف .
(1) الآية 149 من سورة الأنعام .
(2) الآية 23 من سورة الأنبياء.
(3) الآية 41 من سورة الرعد .
(4) السنة ومكانتها في التشريع ص 34 بتصرف يسير .
(5) انظر : أمثلة على ذلك مما رفضوه بعقولهم والرد عليهم في الباب الثالث حديث رؤية الله U 2/ 219-229، وحديث عذاب القبر ونعيمه
2/ 282-294 ، وانظر أيضًا :حديث الذباب 2 / 342-353.
(6) المقدمة لابن خلدون الفصل الحادي عشر، في علم الإلهيات ص 548 بتصرف يسير.
(1) المصدر السابق الفصل العاشر في علم الكلام، ص 509 بتصرف يسير.
(2) مختصر الصواعق المرسلة 1/ 114 وما بعدها .
(3) رسائل العدل والتوحيد للدكتور محمد عمارة 2/ 301 _ 303 بتصرف . وانظر: مختصر الصواعق المرسلة لابن قيم الجوزية 1/ 114 _
130 ، ودرء تعارض العقل والنقل لابن تيمية 1/ 171، وانظر : ما سبق في الجواب عن شبهة عرض السنة على القرآن ص 236-239 .
(1) مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة ص 41 .
(2) ابن الصلاح : هو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى الكردي الشهرزوري الشافعي، أبو عمرو، كان من أعلام الدين، وأحد







 
قديم 06-03-08, 06:48 AM   رقم المشاركة : 7
حسينا
موقوف





حسينا غير متصل

حسينا is on a distinguished road


كتب للرد على منكري السنة



يمكن تنزيل كتب عماد السيد الشربيني / مجانا


السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام / عماد الشربيني

رد شبهات حول عصمة النبى صلى الله عليه وسلم في ضوء السنة النبوية الشريفة -

عقوبتا الزاني والمرتد في ضوء القرآن و السنة ودفع الشبهات

رد شبهات حول عصمة النبي في ضوء السنة النبوية الشريفة

عدالة الصحابة رضي الله عنهم في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية ودفع الشبهات




http://www.saaid.net/book/search.php...D1%C8%ED%E4%ED







 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:34 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "