بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ، فبالرغم من تظافر روايات الإمامية على معرفة الإمام المعصوم بسؤال السائل قبل نطقه به !!!
إلا أننا نجد في المقابل ما يناقضه ؛ إذ نراه يخطئ في فهم مراد السائل حتى يصحح له أحد الحاضرين ويوضح له المراد !!!
وإليكم بيان ذلك التناقض وكما يلي:
أولاً: معرفة الإمام المعصوم بالسؤال قبل طرحه
وهذه فيها روايات كثيرة متظافرة سأقتصر على بعضها روماً للاختصار ، فمنها:
1-روى علامتهم هاشم البحراني في كتابه (مدينة المعاجز)(5/337-338):[ محمد بن الحسن الصفار : عن محمد بن إسماعيل ، عن علي بن الحكم ، عن شهاب بن عبد ربه قال : أتيت أبا عبد الله - عليه السلام - ( أسأله ) فابتدأني فقال لي: إن شئت فاسأل يا شهاب ، وإن شئت أخبرناك بما جئت له ، قال : فقلت له: أخبرني جعلت فداك ، قال : جئت تسئل عن الجنب يغرف الماء من الحب بالكوز فيصيب يده الماء ؟ قال : نعم ، قال : ليس به بأس .
قال : وإن شئت سل ، وإن شئت أخبرتك ، قال : قلت له أخبرني قال : جئت تسئل عن الجنب يسهو فيغمر يده في الماء قبل أن يغسلها ؟ قلت : وذاك جعلت فداك قال : إذا لم يكن أصاب يده شئ فلا بأس بذاك.
سل وإن شئت أخبرتك ، قلت : أخبرني ، قال : جئت لتسألني عن الجنب يغتسل فيقطر الماء من جسمه في الاناء أو ينتضح الماء من الأرض فيقع في الاناء ؟ قلت : نعم جعلت فداك ، قال : ليس به بأس كله
سل وإن شئت أخبرتك ، قلت : أخبرني ، قال : جئت لتسألني عن الغدير يكون في جانبه الجيفة أتوضأ منه أو لا ؟ قال نعم توضأ من الجانب الآخر إلا أن يغلب على الماء الريح ( فينتن ) وجئت لتسألني عن الماء الراكد من البئر قال : فما لم يكن فيه تغير أو ريح غالبة ، قلت : فما التغيير ؟ قال : الصفرة ، فتوضأ منه ، وكلما غلب عليه كثرة الماء فهو طاهر ].
2-روى علامتهم هاشم البحراني في كتابه (مدينة المعاجز)(5/340):[ عن الحسن بن موسى الحناط قال : خرجنا أنا وجميل بن دارج وعائذ الأحمسي حجاجا ، فكان عائذ كثيرا ما يقول لنا في الطريق : إن لي إلى أبي عبد الله - عليه السلام - حاجة أريد أن أسأله عنها ، فأقول له حتى نلقاه ، فلما دخلنا عليه سلمنا عليه وجلسنا فأقبل علينا بوجهه مبتدئا فقال : من أتى الله بما افترض الله عليه لم يسئله عما سوى ذلك ، فغمزنا عائذ ، فلما قمنا قلنا : ما كانت حاجتك ؟ قال : الذي سمعتهم قلنا : كيف كانت هذه حاجتك ؟ فقال : أنا رجل لا أطيق القيام بالليل ، فخفت أن أكون مأخوذا به فأهلك ].
3-روى علامتهم هاشم البحراني في كتابه (مدينة المعاجز)(5/339-340):[ عن زياد بن أبي الحلال قال : اختلف في جابر بن يزيد الجعفي وعجائبه وأحاديثه ، فدخلت على أبي عبد الله - عليه السلام - وأنا أريد أن أساله عنه ، فابتدأني من غير أن أسأله فقال : رحم الله جابر بن يزيد الجعفي ، فإنه كان يصدق علينا ، ( ولعن الله المغيرة بن سعيد فإنه كان يكذب علينا )].
4-روى علامتهم هاشم البحراني في كتابه (مدينة المعاجز)(5/346):[ عن جعفر بن هارون الزيات قال : كنت أطوف بالكعبة ، فرأيت أبا عبد الله - عليه السلام - فقلت في نفسي : هذا هو الذي يتبع ، والذي هو الامام وهو كذا وكذا ، قال : فما علمت به حتى ضرب يده على منكبي ، ثم أقبل علي فقال : ( أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر )].
5-روى ثقتهم محمد بن يعقوب الكليني في كتابه (الكافي)(1/351-352):[ عن أبي يحيى الواسطي ، عن هشام بن سالم قال : كنا بالمدينة بعد وفات أبي عبد الله عليه السلام أنا وصاحب الطاق والناس مجتمعون على عبد الله بن جعفر انه صاحب الامر بعد أبيه ، فدخلنا عليه أنا وصاحب الطاق والناس عنده وذلك أنهم رووا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : إن الامر في الكبير ما لم تكن به عاهة ، فدخلنا عليه نسأله عما كنا نسأل عنه أباه ، فسألناه عن الزكاة في كم تجب ؟ فقال : في مائتين خمسة ، فقلنا : ففي مائة ؟ فقال : درهمان ونصف فقلنا : والله ما تقول المرجئة هذا ، قال : فرفع يده إلى السماء فقال : والله ما أدري ما تقول المرجئة ، قال : فخرجنا من عنده ضلالا لا ندري إلى أين نتوجه أنا وأبو جعفر الأحول ، فقعدنا في بعض أزقة المدينة باكين حيارى لا ندري إلى أين نتوجه ولا من نقصد ؟ ونقول : إلى المرجئة ؟ إلى القدرية ؟ إلى الزيدية ؟ إلى المعتزلة ؟ إلى الخوارج ؟ .. فدخلت فإذا أبو الحسن موسى عليه السلام فقال لي ابتداء منه : لا إلى المرجئة ولا إلى القدرية ولا إلى الزيدية ولا إلى المعتزلة ولا إلى الخوارج إليَّ إليَّ ..].
ثانياً:خطأ الإمام المعصوم في فهم مراد السائل
إن هذه الحقيقة وهي خطأ الإمام المعصوم في فهم مراد السائل حتى اضطر أحد الحاضرين إلى التصحيح له وبيان المعنى الصحيح المراد من السائل ..
قد رواها لنا شيخ الطائفة الطوسي في كتابه (الاستبصار)(2/58) وكتابه (تهذيب الأحكام)(4/137):[ عن أبي سلمة سالم بن مكرم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال له رجل: وأنا حاضر حلل لي الفروج ، ففزع أبو عبد الله عليه السلام ، فقال له رجل : ليس يسألك أن يعترض الطريق ، إنما يسألك خادما يشتريها أو امرأة يتزوجها أو ميراثا يصيبه أو تجارة أو شيئا أعطاه ، قال : هذا لشيعتنا حلال الشاهد منهم والغائب والميت منهم والحي من تولد منهم إلى يوم القيامة فهو لهم حلال ، أما والله لا يحل إلا لمن أحللنا له ولا والله ما أعطينا أحدا ذمة ، وما بيننا لأحد هوادة ولا لأحد عندنا ميثاق ].
فإذا كان الإمام المعصوم يعلم بما يدور في نفس الإنسان من كلام أو سؤال قبل أن ينطق به ، فكيف خفي عليه مراد السائل بقوله (حلِّل لي الفروج) حتى فزع من مقولته ، ليأتي أحد الحاضرين فيبين له المعنى الصحيح الذي يريده السائل ؟!