الصمت أبلغ حكمة وأبلغ رسالة من خلالها تستطيع إيصال ما تريده للطرف الآخر،لأنّك في معظم الأحيان لا تستطيع التعبير بالكلام لذلك الصمت يصبح أفضل وأسهل لبعض الأشخاص،
في زمننا الذي اصبحت فيه أعظم الأشياء رخيصة،واصبحت المبادئ والمفاهيم تحمل معنى آخر،فالكذب أصبح مجاملة،والنفاق ولبس الأقنعة،والتلون وتغيير المواقف والمبادئ،شطارة،
وكلمة الحق ظلت عزيزة وغالية الثمن، يخشى الكثيرون أن يدفعوا ثمنها ويستحون منها إن لمعت في تفكيرهم،لأنها تعايرهم بجبنهم فكم مرة رأى إنسان في محيط عمله ظلماً وتعسفاً بحق الآخرين، أو رأى ما لا يجب السكوت عليه من فساد ومحسوبية وطأطأ رأسه ومضى في سبيله خوفا على رزقه أو منصبه،
ألا يذكر بعضنا أنه صمت عن كلمة لو قالها لردّ ظلماً عن مستضعف، أو حفظ حقاً لصاحبه، أو كف ألسن الآخرين عن تلويث سمعة غائب،
وذلك من أجل استرضاء الآخرين وخوفاً من إثارة واستفزاز الأصدقاء والمقربين،
قد تدفع كلمة الحق بصاحبها الى زاوية صعبة،ولكن عدم قولها يضعه في مواجهة مع نفسه ومع التزامه الأخلاقي، واحترامه لذاته ويجرُه إلى دائرة من السلبية،
ففي الماضي كان الرجل يقول(أقول كلمة الحق ولو على رقبتي)
فما الذي حدث،هل تغيّر الإنسان،أم تغير الزمان، وفي أي الدروب تاهت كلمة الحق،
قال أحد الذين دفعوا ثمن كلمة الحق،على الرغم مما خسرته بسبب قولي للحق ودفاعي عنه فإنني كسبت شيئاً واحداً،وهو صداقة أشخاص يستحقون الصداقة،لأن المتزلفين الذين يخشون على مصالحهم ويخافون من قول كلمة الحق تجنبوني وابتعدوا عني بل إن بعضهم أصبح لا يلقي عليّ السلام إذا مرّ بي،
فقد حدث أنني اكتشفت خطأ وقع فيه بعض المسؤولين في محيط عملي وتحدثت عنه ودفعت ثمن ذلك غاليا وخسرت مصالح يحصل عليها الآخرون بالتزلف وينتفعون من مكاسب كان يمكن أن أحصل عليها لو كنت مثلهم، ولكن الرزق من رب العالمين وكلمة الحق، على الرغم من أنها تحرمني من أشياء كثيرة فإنها تشعرني بطبيعتي الفطرية وبأنني أقوى من هؤلاء المتزلفين وأغنى منهم، فـأنا لا أخشى غير الله، وهذا بحد ذاته مكسب كبير لي،
وعندما تكون كلمة الحق واجبة،لأن الحق أحق بأن يتبع،
وأن الرجل إذا كان عاقلاً، فعيب عليه أن يرى الباطل ويسكت، أو يرى الحق ولا ينصره،فكلمة الحق تحتاج إلى قوة،لذلك نجد أن قلة من الناس هم من يجرؤون عليها،ولا يخافون لومة لائم،ومن لا يقولها لا يخاف الله،
أما الآخرون فهم يخافون إن قالوا كلمة الحق،أن يخسروا مصلحة شخصية أو رضى أشخاص يهمهم ان يكونوا على علاقة جيدة معهم للوصول الى هدف معين،
أن الرجال أكثر شجاعة من النساء في قول الحق،لأنهم لا يحملون ضغينة في قلوبهم كالإناث،تجاه من خالفوهم الرأي،ولا يستطيع المرء ان يقول كلمة الحق في أي موقف ولأي شخص، وإلا ساءت علاقته بالكثيرين،وقد تكون كلمة الحق مكلفة أحياناً،لأن الزمن اصبح،زمن مصالح،والفرد وراء مصلحته الشخصية،وعدم استعداده للمواجهة في سبيل كلمة حق، قد يجعله يخسر رضى الآخرين عليه،لذلك لابد للإنسان أن يكون مجاملاً إذا أراد أن يكون مقبولاً من الآخرين،
ان الصراحة اصبحت منفرة للناس،وطاردة للأصدقاء،
في الماضي كانت العلاقات أكثر شفافية وبساطة، وكانت الصراحة بين الاصدقاء من شروط الصداقة،
أما اليوم أن تكون علاقتك جيدة بالآخرين،فعليك ان تتجنب معارضتهم فيما يقولون أو يفعلون،بل زمن يفرض عليك ان تقول عن القبح أنه جميل،وعن الخطأ أنه صواب لكي لا تخسر أصدقاءك أو عملك،ولكن مهما حاول الإنسان أن يكون محايداً ومجاملاً،إلا أن المواقف تفرض عليك ان تقول كلمة الحق،فكلمة الحق لا تخرج الا من صاحب الحق،وكونها في كثير من الاحيان مؤلمة وقاسية، خاصة عند من لا يرى في نفسه انساناً غير معصوم من خطأ او زلة او هفوة، فهي موجعة، ولا يتقبلها،
ولكن قلة قليلة من الناس تبحث عن كلمة الحق لتقولها او تسمعها،
لذلك فكلمة الحق تقف في الحلق لانها تتردد في الخروج، لانها تجهل رد الفعل عليها، فتبقى حبيسة الحلق الى ان يقذفها صاحبها،فإما تصيب،وإما تجني على صاحبها،واذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب،تلك المقولة دائماً تقال للتعبير عن فضل الصمت عن الكلام حيث يقال من كثر كلامه كثرت اخطاءه،
ولكن احياناً يكون ذلك الصمت مؤلم عندما نكون مكرهين على السكوت ولا نستطيع قول كلمة الحق او التعبير عما بداخلنا بحرية وصراحة،
فالمظلوم يأن فى كل وقت انين صامت لايسمعه سوى الله،عسى ان يجعل له رب البرية فرجاً،
20-12-16, 07:58 AM
العرض العادي
