صارت طاردة للفسقة وأعمالهم
الغناء ممنوع في الرياض والفنانون يغادرونها
يفكر الفنان سلطان الناصر بجدية تحويل عمله الحكومي من مدينة الرياض إلى مدينة جدة، ليس بسبب مشاكل يواجهها في عمله الرسمي، ولكن بسبب "انعدام المناخ الفني في الرياض التي أصبحت مدينة طاردة لكل الفن والفنانين". كما يقول.
ويشير سلطان إلى أن مدينة جدة أكثر حيوية وأكثر تقبلاً للفن، وبالإمكان أن تلتقي بعدد كبير من الفنانين والملحنين "مما يسهم بخلق جو فني صحي تستطيع من خلاله أن تطور من موهبتك وتوسع من نشاطاتك".
مدينة الرياض التي عرفت مراحل طويلة من الحياة الفنية الغنية، والفرق الموسيقية، والحفلات الشعبية، باتت الآن مدينة طاردة للفنانين، وتستهدف النيل منهم، والتضييق عليهم، حتى نجحت في تطهيرهم تماماً من أراضيها.
وقد شهدت الرياض هجرات عديدة من الفنانين إلى مدن مختلفة، حيث كان الفنان ناصر القصبي آخر المهاجرين إلى مدينة دبي، وقرر الفنان راشد الماجد إقفال شركته الفنية "فنون الجزيرة" من الرياض ونقلها إلى دبي، وكان راشد قبل أكثر من عقد ونصف يقيم في مدينة الرياض قبل أن يغادرها إلى البحرين، ومن ثم إلى دبي. أما الفنان رابح صقر فقد ترك الرياض بعد أن أقام فيها فترة طويلة، وقرر الإقامة في مدينة جدة بشكل نهائي. وأصبحت مدينة الرياض الآن شبه خالية من المطربين المشاهير باستثناء الفنان خالد عبد الرحمن، الذي يجلس أوقات طويلة خارجها، ولا يقيم فيها أي احتفالات أو أمسيات كتلك التي يشارك بها في مدن أخرى مثل مدينة حائل التي أقام فيها مؤخراً أمسية شعرية، أو مدينة جدة التي غنى بمهرجانها الغنائي أكثر من مرة.
مثل هذا النزوح الفني عن مدينة الرياض غير مختص بالمشاهير فقط، بل حتى الفنانين والملحنين المغمورين يفضلون مغادرتها إذا ما تسنت لهم الفرصة لذلك، بسبب خلوها من أي نشاطات فنية وإبداعية يمكن أن تساعدهم في إبراز مواهبهم، وبسبب الحرب المسلطة عليهم فيها.
مدينة الرياض لم تعد تقيم أي احتفالات غنائية علنية، على الرغم من عدم وجود أي قانون رسمي يحظر مثل هذه الاحتفالات، التي تحدث أحيانا بالسر، حتى لو قام بها فنانون كبار، مثل الحفلة السرية التي أقامها الفنان محمد عبده في أحد الأماكن التي لم يعلن عنها بسبب خشية مداهمة رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذين يحرمون أي نوع من النشاطات الفنية سواء كانت غنائية أو درامية أو سينمائية.
وبالرغم من اختفاء القوانين، إلا أن ضغوط التيارات المتشددة النافذة في مدينة الرياض هي من فرضت هذا النوع من الوضع الذي تحول مع الوقت إلى ما يشبه وضعاً مقدساً من الصعب اختراقه وتغييره. ويمنع في مدينة الرياض ليس فقط الاحتفالات الرسمية، ولكن حتى الحفلات الشبابية الخاصة التي تقام في النزهات البرية باتت من الأمور الممنوعة من قبل رجال الهيئة. يقول الشاب سعود عبد العزيز "إن رجال الهيئة قاموا باقتحام جلستنا الغنائية البرية على أطراف مدينة الرياض، وفوجئنا بهم يطلبون منا التوقف عن الغناء وصادروا العود والمرواس، ولم نقم بجدالهم لأننا لا نريد أن ندخل في مشاكل معهم، نحن في غنى عنها".
ومع استمرار مثل هذه الحرب على الفن والفنانين، إلا أنها لم تنجح في تحويل سكان مدينة الرياض إلى كارهين لها، بل أنهم يغادرون إلى القاهرة وبيروت ودبي ويحضرون العديد من النشاطات الغنائية والسينمائية.
وبالرغم من خلوها لأي روح فنية، إلا أن الحرب على الغناء مستمرة من أجل تجفيفها من الألبومات الغنائية، بحيث يقوم بعض الدعاة بإغراء الشبان بإحراق الألبومات الغنائية التي يملكونها كبداية موفقة للتوبة إلى الله، وبالفعل تشهد الرياض بين فترة وأخرى حفلات حرق ألبومات غنائية، ويتم الاحتفال بالشاب الذي يقدم على هذه الخطوة.
هجرة الفنانين، واختفاء أي نشاطات فنية، وحظر الغناء حتى في البراري البعيدة، يمنح الرياض لقب المدينة الأولى الطاردة للفن.
02-08-09, 06:01 PM
العرض العادي
