من آداب الزيارات

[امـ حمد]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

من آداب الزيارات
أن ديننا هو دينُ الآدابِ والأخلاق،الزيارات تجددُ الحياة،وتزيلُ الوحشة،وتقويَ الأواصر في المجتمعات،وكلما زادت المحبة بين المؤمنين كلما كانوا على خيرٍ وعلى طريق الجنة،

قال صلى الله عليه وسلم(لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا)رواه مسلم،
من أدب الزيارات أن تكون خالصةً لوجه الله تعالى وطلباً للتقرب إليه،
وقد ذكر لنا النبيُ صلى الله عليه وسلم،قصةَ ذلك الرجل الذي زار اخاً له في قرية أخرى فأرصدَ الله له ملكاً في منتصف الطريق فسأله عن سببِ رحلته فكان الجواب،أني احببته في الله،

فقال له الملك،فإني رسولٌ من الله إليك بأن الله أحبك كما أحببته،
فتأمل،كيف فاز هذا الزائر بمحبة الله تعالى له بسبب أنه مازار أخاه إلا لإجل الله والحب الصادق فيه،
ومن أدب الزيارات،أن تبدأ بالأقاربِ ومن لهم حق الصلة من الأرحام،كالوالدين والإخوةُ والأخوات،
والأحاديثُ التي جاءت بالحث على صلة الرحم(أن الله قال للرحم ألا ترضين أن أصل من وصلك واقطع من قطعك)رواه البخاري،
اختيارُ الوقتُ المناسب،الذي يناسب المزور وأخذِ الموعدِ مسبقاً وأن نحترم مواعيد الآخرين،
والتزامُ أحسنِ الأخلاق مع الآخرين ومنها،الكلمة الطيبة والبسمةُ الصادقة والتواضع،وأن تُقبل بوجهك على الآخرين وتنصتَ لهم بكل أدب،وأن تحذر من أن يكونَ جوالك قاطعاً لهذا الأدب،
إن مما يؤسفُ له أن تجلسَ مع بعضهم وتتحدث إليه وتتفاجأ بأنه بدأ يقلبُ جواله،يلاحق القروبات،وآخر يقلب صفحات الانستقرام والسناب شات،
ومن أدبِ الزيارة،حفظُ البصر عن النظر في متاع البيت،
وعكس ذلك أن ترى ذلك الرجلَ يقلبُ بصره في زوايا المجلس ويسألُ عن كل صغيرةً وكبيرةً فيه مما قد يسبب الإحراج لصاحب المنزل،
والبعدُ عن الجدل والحوار المقيت،وكم نسمعُ في المجالسِ من مواضيعَ تافهة تقومُ الدنيا عليها،وتحدثُ الخلافات عليها وربما ارتفعت الأصوات حولها،
ومن آدب المجالس،عدم فتحِ التلفاز والناسُ في المجلس،لأن الناس حضروا للسلام عليك والمسامرةَ معك لا لاستماع الأخبار ومتابعة المسلسلات،
إنك لتتعجب حينما تدخلُ لذلك المجلس وإذ بهذا يقلبُ القنوات على مايحب،وكأنه يقول لبقيةِ الحضور التزموا الصمت وشاهدوا معي،
وأن تسيطر على المجلس بسبب هواياتك ومبارياتك،
وحفظُ اللسانِ من الغيبة والحديث عن عيوب الآخرين،يا أيها المغتاب كفى ذنوباً،أن تاتي لزيارة زملاءك وإذ بأحدهم يبدأُ في سلسلةٍ من الغيبة والكلام في أعراض الناس،
وعدمُ الإطالة بلاحاجة،مما يسببُ الحرج على صاحب البيت ، وربنا يقول(فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا)
ومن آداب الزيارت ولكن في عالم النساء،أن تحرص المرأة على اللباس المحتشم الذي يرضي الله،وكم في زيارات النساء من منكرات وخاصةً في اللباس،
إن من آداب الزيارات،أن تقولَ ماشاء الله حينما ترى مايعجبك، وهذا الأدب علمناه نبينا صلى الله عليه وسلم،حينما قال،إذا رأى أحدكم من أخيه مايعجبه فليدعُ بالبركةِ فإن العين حق)رواه ابن ماجه،
نحن في زمن الحسد وللأسف،يدخل ذلك الرجل لبيت صاحبه فُيعجب بالبيت ولكنه لايذكر الله،فتقع العين في البيت ويخرجُ الحاسد من البيت ولكن يبقى الحسد والضرر في البيت،
وبعض النساءِ لاتذكر الله حينما تزور جارتها ويقع الحسدُ في بيتها، وربما وقعت العين على أهل البيت،
والحل،هو أن نذكر الله وندعو بالبركة لصاحب المنزل،لا أن نتعجب ونحسدهم على نعم الله التي أسداها لهم،
ومن أدبيات الزيارات،أن تأتي بهدية لصاحبِ البيت،وكم من هديةٍ زادت القلوبَ محبةً وفي الحديث الحسن (تهادوا تحابوا)
وأن تجلس في المكان الذي يختاره لك صاحب المنزل ، حيثُ لايكونُ فيه أيُ حرجٍ عليه ولايكشفُ عورات البيت،
ومن ذوقيات الزيارات،إذا وجدت مايعاب في البيت من أثاثٍ ونحو ذلك فلاتشمت به،ولاتتحدث عنه عند الآخرين ، واعلم أن كتمان بعض ماتشاهد من جميلِ الآداب،
ومن الآداب المهمة أثناء الزيارات،النصيحةُ بالتي هي أحسن حينما ترى منكراً في البيت،فربما كان هناك صوتُ غناء أو غيره،فحينها تجب عليك النصيحة لصاحب المنزل،

والصمتُ عن المنكر لايرضي الله،قال تعالى(وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) وشكرُ أهلَ البيت عند توديعهم،ومن لايشكر الناس لايشكر الله،
عقوبة تارك الرحم،قاطع الرحم ملعون في كتاب الله،قال الله تعالى(فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)سورة محمد،

قال علي بن الحسين لولده،يا بني لا تصحبن قاطع رحم فإني وجدته ملعونا في كتاب الله،
قاطع الرحم من الفاسقين الخاسرين،قال تعالى(وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)البقرة،
قاطع الرحم تعجل له العقوبة في الدنيا ولعذاب الأخرة أشد وأبقى،

عن أبي بكر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه بالعقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.

لا يرفع له عمل ولا يقبله الله،عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم،يقول(إن أعمال بني آدم تعرض على الله تبارك وتعالى عشية كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم)رواه أحمد،وحسنه الألباني،

قطعها قطع للوصل مع الله،عن عائشة رضي الله عنه قالت،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(الرحم معلقة بالعرش تقول،من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله)رواه البخاري،ومسلم،
وسبب في المنع من دخول الجنة،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(لا يدخل الجنة قاطع رحم)رواه مسلم،والترمذي،
اللهم وفقنا للخيرات واعمر حياتنا بالطاعات،ويسرنا لليسرى وجنبنا العسرى،واستعملنا فيما تحب وترضى وزينا بزينة التقوى،

[محمد السباعى]

جزاك الله خيرا