العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > منتدى فضح النشاط الصفوى > منتدى نصرة سنة العراق

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-09-11, 10:00 AM   رقم المشاركة : 1
سيوف العـز
مشرف سابق







سيوف العـز غير متصل

سيوف العـز is on a distinguished road


الطفولة في العراق صرخة في ضمير الإنسانية

الطفولة في العراق صرخة في ضمير الإنسانيةد. مثنى عبد الله
د. مثنى عبد الله


هي الحرب تلك التي أقضت بمآسيها مضاجع البشرية على مدى قرون. وكما هو التطور قد مسّ كل مناحي الحياة في العصر الحديث فقد مسّ وسائلها أيضًا حتى باتت أكثر تدميرية من قبل، ولم تعد تأثيراتها مقتصرة على حملة السيوف والرماح كما كان من قبل، أو على مكان محدود بعينه، بل باتت لا تبقي ولا تذر خاصة في ظل السلوك العدواني والانحدار الأخلاقي الذي بات هو المتحكم الفعلي في مسارات السياسة في العالم. فقد أصبح برميل النفط أغلى ثمنًا من الدماء الإنسانية البريئة، وباتت المصالح تشرعن التشوهات الخلقية للأطفال، حتى أمست الولادات بعين واحدة أو بجسد دون أطراف أو بازدواجية الجنس نتيجة أسلحة اليوارنيوم الملقاة على المدن، كما هو حاصل اليوم في كل أنحاء العراق تقريبًا، مجرد تحصيل حاصل للحرب أو من نتائجها المحسوبة كما يقول سماسرتها. ولقد كنا في العراق أول ضحايا ظلمة عالم ما بعد الثنائية القطبية وسيادة القطب الواحد، فلم يسلم شيوخنا وأطفالنا من حصار جائر جعل الدواء والغذاء من المحرمات عليهم، حتى توج بالغزو الذي أباح قتل شبابنا وأطبائنا وضباط جيشنا وعلمائنا وأساتذتنا، وإلقاء جثثهم على قارعة الطريق وفي أماكن جمع القمامة، يرافقه مسلسل لا يتوقف من الاعتقالات والاغتصاب في السجون السرية والعلنية، وتهجير وهجرة في دول الشتات وسط معاناة شظف العيش وذل الغربة.
لكن الجريمة الأكبر التي حصلت في العراق على رؤوس الإشهاد، وأمام مرأى ومسمع العالم المتحضر المدافع عن حقوق الإنسان، هي اغتيال الطفولة في العراق، والتي لم يستطع أحد لحد الآن تقييم أضرارها، ومحاولة النهوض بها. فالسلطة في العراق أبت أن تتولى المسؤولية الأخلاقية والشرعية والقانونية المترتبة عليها وهي تتصدر المشهد السياسي، وانكفأت إلى نحرها تلتهم ميزات المنصب، كما أن المحتل هو الآخر ذهب إلى تأمين مصالحه على حساب الشعب والوطن، فكان هو والسلطات المحلية وسائل فاعلة في هذا الانحدار الكارثي الذي أصاب عالم الطفولة.
أما المنظمات الإنسانية الدولية المختصة برعاية الطفولة فوضعها في العراق كارثي كالوضع العام. فلا زال أفرادها حبيسي الفنادق ومكاتبهم الوثيرة ولا يتجرؤون على الخروج الطبيعي وملامسة الحياة اليومية للأطفال، خوفًا من الاختطاف أو الابتزاز، وغالبية الدراسات والتقارير والأرقام التي يعلنونها ويعتمدونها، هي مجرد نسخ منقحة لتصريحات المسؤولين العراقيين ومؤسساتهم ومنظماتهم التي تتهرب من إعلان الحقيقة، كي لا توصم بالفشل في أدارة البلاد.
ففي الوقت الذي بلغ عدد الأطفال الأيتام ما يقارب خمسة ملايين طفل أي نسبة 16 من عدد السكان، لا زالت دور الأيتام لا يتجاوز عددها 19 دارًا، أربعة منها في العاصمة بغداد والبقية في المحافظات الأخرى، والمشاهدة الميدانية لها تشير إلى كارثية حياة من يعيشون فيها، بسبب انعدام التخصيصات المالية وندرة الكوادر التي تتولى المسؤولية فيها، وتدني الرعاية الصحية والاجتماعية، ابتداء من الوجبات الغذائية مرورًا بأماكن النوم وانتهاءً بالسلوك المتبع في التعامل مع الأطفال.
كما أن الزخم الحاصل في هذه الدور نتيجة عددها القليل ضاعف من شحة الخدمات المقدمة للقاطنين فيها، وبالتالي فإن الوضع العام فيها ساعد على تسرب الكثير من الأيتام إلى الشوارع مجددًا، لتتلاقفهم أيدي ما يطلق على تسميتهم (المقاولين)، وهم أشخاص يمارسون العمل بالأطفال حيث أن كل واحد منهم يجمع عددًا من الأطفال يتراوح بين 30-40 طفلاً ثم يقوم بإطلاقهم صباح كل يوم في شوارع بغداد أو المحافظات، للعمل بالتسول وجمع القمامة لأغراض إعادة التصنيع، وغسل السيارات في الطرقات، وبيع حقائب التسوق والحلويات أو سحب العربات الخاصة بنقل البضائع، ثم يعود هذا المقاول لتجميعهم من الشوارع ليلا وينقلهم إلى مقرات سكنهم وهي عبارة عن دور بالية جدًّا في أحياء بغداد القديمة مثل البتاوين وشارع الرشيد والتي لم تعد صالحة للسكن، وكانت قبل الغزو تستخدم كمخازن ورق وأحبار طباعة ومعامل أحذية، عندها يجمع المقاول الوارد اليومي الذي حصل عليه الأطفال من العمل، ثم يقوم بتقديم وجبة طعام بسيطة لهم ويتركهم ويغادر إلى داره.
ونتيجة اختلاف الفئات العمرية، وعدم وجود راع لهم، ونومهم في مواضع مشتركة فقد انتشرت حالات اللواط فيما بينهم، وباتوا يتسكعون في الأزقة القريبة من سكنهم طوال الليل، ويعرضون أجسادهم الغضة وأرواحهم البريئة إلى بعض المترددين على أماكن المجون في تلك الأحياء، مقابل حفنة من المال أو وجبة طعام أو علبة سكائر، مما أدى إلى انتشار مختلف الأمراض الجنسية بينهم، خاصة بعد تخويفهم من اللجوء إلى المستشفيات، وعدم وجود من يتولى عرضهم على الأطباء المختصين.
ويتوالى هذا الاستنزاف الجسدي والنفسي لهؤلاء الأبرياء حتى في عطلة نهاية الأسبوع، حيث يقوم المتولي عليهم ببيع جهدهم إلى بعض التجار في المجمعات التجارية القريبة، لتحميل البضائع من سيارات النقل إلى داخل المخازن أو تنظيف أماكن الخزن، مقابل أجور يتقاضاها هو بينما تكون حصة جهدهم وجبة طعام سيئة، كما عمد البعض من هؤلاء المجرمين الذين اجتثوا كل جذور الإنسانية من ضمائرهم، إلى انتقاء عدد من هؤلاء الأطفال وعزلهم في دور أخرى يخضعون فيها إلى عمليات تثقيف على فعاليات الشذوذ الجنسي من خلال عرض الأفلام الإباحية عليهم، وتدريبهم على وضع المكياج وارتداء الملابس الداخلية الخاصة بالفتيات، وتزويدهم ببعض الأدوية الوهمية التي تساعد على تكبير بعض أجزاء الجسم، ثم يتم عرضهم في سوق النخاسة والرذيلة للعيش مع الشواذ وأصحاب النفوس المريضة بحجة الخدمة المنزلية التي يقدمونها إلى عدد من الجنسيات الأجنبية في عدد من أحياء العاصمة، مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 90 100 دولار تُدفع إلى والدة الطفل شهريًّا، وقد نجحت هذه الوسيلة في استقطاب عدد من شقيقات وأمهات هؤلاء الأطفال إلى نفس المستنقع، بعد إقناعهن بالعمل المنزلي الذي تبين أن له تبعات أخلاقية أخرى لا علاقة لها بشرف العمل.
كما اتسعت دائرة هذه التجارة المشينة ليتم تشكيل عصابات إجرامية منظمة بالاشتراك مع بعض سواق الشاحنات من دول الجوار، هدفها نقل عدد من الأطفال ممن تتراوح أعمارهم بين 13 -16 عامًا وتهريبهم لأغراض الدعارة، بعد إيهام أمهاتهم بأنهم ملزمين بشراء دار لها بعد ثلاث سنوات من مغادرة طفلها. أما الأطفال في المحافظات العراقية الأخرى فلا تقل مأساتهم عن زملائهم في العاصمة.
فالتقاليد العائلية والعشائرية تقتضي من أخ المتوفى إعالة أبناء أخيه مما يشكل عبئًا مضاعفًا على العائلة المستضيفة لهم، وبالتالي فإن رب الأسرة يضطر إلى إطلاق أولاده وأولاد أخيه الأيتام إلى سوق العمل الرخيص كي يستطيع القيام بالمتطلبات المعيشية، خاصة وأن القابلية التشغيلية في المحافظات أقل منها في العاصمة، كما أن المؤسسات الحكومية المختصة برعاية الطفولة تكاد تكون معدومة فيها، لذلك نجد بأن الغالبية العظمى من الأطفال والأحداث يعملون في معامل إنتاج الطابوق على الطريقة القديمة، التي تنفث سمومها القاتلة في صدور هؤلاء الأطفال يوميًّا، أو يتخذون من الطريق العام الذي يربط المحافظات بعضها ببعض أو بالعاصمة مكانًا لعرض بضاعتهم البسيطة أو بيع الشاي في محطات الوقود وغسل السيارات، علمًا بأن غالبية عوائل الأيتام تتخذ من الخرائب ومعسكرات الجيش القديمة والمقابر أماكن سكن لهم، مما يجعل التفكير في المدرسة أمرًا مستحيلاً في حياتهم.
وإذا كان هذا جزء من المأساة التي يعانيها الأطفال الأصحاء، فإن الأطفال (المعاقين أو المنغوليين أو المصابين بالتوحد) باتوا اليوم أشبه بالموتى وهم أحياء بعدما أقفرت دور الرعاية من الرعاية المخصصة لهم، وتقلصت المدارس التي كانت ترعاهم وتعلمهم نطق الحروف وتنمي مواهبهم في الرسم والموسيقى، وحتى تلك التي لا زالت موجودة فإن ذوي الأطفال باتوا يخافون إرسال أطفالهم إليها كونها بعيدة، ولا يتوفر الأمن اللازم في الشوارع والطرقات، فباتوا حبيسي منازلهم ليل نهار.
أما مأساة الأطفال المرضى فهي أعظم من كل المآسي في ظل الفساد الإداري الذي يعشعش في كل زاوية من زوايا المجتمع، فالمراجعة الصحية خاصة للأطفال تتطلب نثر المزيد من الأموال لهذا الموظف الصحي وذاك الإداري، بالإضافة إلى غياب الكثير من الكوادر الطبية المتخصصة في الأمراض المستعصية التي يعانيها الأطفال، وعطب العديد من الأجهزة الطبية التي تساعد في التشخيص، وندرة الأدوية والمستلزمات الطبية، وفقدان الرحمة والشفقة المطلوبة لهذه الشريحة من المجتمع.
وقد ازدادت الإصابة بالأمراض السرطانية بين الأطفال بشكل ملفت للنظر، خاصة منها سرطان الدماغ الذي شكل نسبة كبيرة في المحافظات الجنوبية والغربية، ولم يعد أمام المستشفيات سوى إعطاء الأدوية الكورتيزونية لهم لتخفيف الشعور بالألم انتظارًا للموت المحقق، حيث يجري التعامل معهم على أنهم الْحَلْقَة الأضعف في المجتمع والتي يمكن التفريط بها أمام الحلقات الأقوى كالأب أو الأم مثلاً.
وعلى الرغم من أن بعض المنظمات الخيرية تدخلت لعلاج هؤلاء في الخارج إلا أنها واجهت مشكلة التواصل العلاجي معهم في الداخل. فقد قام الفريق العربي الأوربي لإنقاذ أطفال العراق، ومنهم كاتب هذه السطور، بأجراء عمليات جراحية لاستئصال سرطان الدماغ لخمسة وسبعون طفل في عدد من الدول الأوربية ولا زال أكثر من خمسمائة طفل أخر مصاب بنفس المرض مسجلين لدينا، إلاَّ أن المشكلة التي واجهتنا كانت مواصلة الرقابة والمعاينة لهم في العراق وتقديم الأدوية والعلاجات المطلوبة، وعندما تطوع لهذه المهمة طبيبين عراقيين مختصين بجراحة الدماغ وعادَا للعمل في العراق، فإن أحدهما قُتِلَ حال خروجه من عيادته في بغداد في نهاية العام الماضي، أما الثاني فقد قتل في نيسان/أبريل الماضي هو وابنته التي تطوعت معه، بعد أن تم تسليبهم المساعدات المالية والأدوية التي كانت مخصصة للأطفال، كما تعرض الفريق إلى ضغط من إحدى الجهات المرتبطة بالسلطة للتخلي عن مهمته الإنسانية، وتحويل الأموال المخصصة للعمليات الجراحية إلى تلك الجهة كي تتولى هي المهمة كما ادعت بذلك.
إن إحصائيات اليونسيف التي تقول بأن نسبة الأطفال القتلى قد شكلت 8.1 من مجموع الضحايا في العراق خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة، مضافًا إليها التسرب الكبير من مرحلة التعليم الابتدائي، ووجود نسبة عالية من الأطفال تحت خط الفقر في أغنى دولة نفطية، فإن ذلك يمثل ناقوس خطر كبير يواجه المجتمع العراقي الذي تشكل الطفولة فيه البنية التحتية اللازمة لإعادة نهضته، لكن السلطة وجهاتها المسؤولة أبعد ما تكون عن النهوض بهذه المهمة. ففي الوقت الذي يوجد في بغداد فقط أربعة دور للأيتام أمام هذه النسبة العالية من المحتاجين إليها، فإن عدد الملاهي والنوادي الليلية في العاصمة بغداد قد تجاوز الخمسمائة وهي أمام أعين السلطات وبموافقتها، مما يؤشر إلى عظمة الخلل وضياع البوصلة الضرورية للنهوض المجتمعي، وعدم القدرة على وضع الأولويات في سياقاتها.
إن أطفال العراق ليسوا متسولين في دولة فقيرة الموارد ويستحقون قطعة خبز أو علبة حلوى، لكنهم بحاجة ماسة إلى تنمية حقيقية تنقلهم من واقعهم البائس، وحكومة تعرف كيف تستثمر فيهم كي يكونوا عماد المستقبل، لكن ذلك مفقود تمامًا في ظل السلطة الحالية






التوقيع :
أتعجب من جيل أصبح يكتب الحمدلله هكذا >>>> el7md lelah !!

ينزل الله القرآن بلغتهم و يدعونه >>>> yarb
للجهلاء : الذين يظنون أنه >>>> ثقافة
تأملوا هذه الآية في سورة يوسف يقول الله تعالى :
♥♥" إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ "
ツツ
من مواضيعي في المنتدى
»» رسالة من بلوشي مشرد حافي القدمين إلى خامنئي
»» هل تعرف طائر الغراب لا أعتقد أقرأ وستعرف
»» إيران تفرض حالة الطوارئ في الأحواز
»» نيويورك تايمز:السلطة تسقط أبوة خامنئي لنجاد
»» وسائل عملية لنصرة أهلنا في بلاد الشام
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:13 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "