بسم الله الرحمن الرحيم,
و قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: " و ما رواه علي بن الحسين وأبو جعفر وأمثالهما من حديث جدهم فمقبول منهم كما يرويه أمثالهم ولولا أن الناس وجدوا عند مالك والشافعي وأحمد أكثر مما وجدوه عند موسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمدبن علي لما عدلوا عن هؤلاء إلى هؤلاء وإلا فأي لأهل العلم والدين أن يعدلوا عن موسى بن جعفر إلى مالك بن أنس وكلاهما من بلد واحد في عصر واحد لو وجدوا عند موسى بن جعفر من علم الرسول ما وجدوه عند كالك مع كمال رغبة المسلمين في معرفة علم الرسول ونفس بني هاشم كانوا يستفيدون علم الرسول من مالك بن أنس أكثر مما يستفيدونه من ابن عمهم موسى بن جعفر ثم الشافعي جاء بعد مالك وقد خالفه في أشياء وردها عليه حتى وقع بينه وبين أصحاب مالك ما وقع وهو أقرب نسبا ببنى هاشم من مالك ومن أحرص الناس على ما يستفيده من علم الرسول من بني عمه وعير بني عمه فلو وجد عند أحد من بني هاشم أعظم من العلم الذي وجده عند مالك لكان أشد الناس مسارعة إلى ذلك فلما كان يعترف بأنه لم يأخذ العلم عن أحد أعلم من مالك وسفيان بن عيينة وكانت كتبه مشحونة بالأخذ عن هذين الاثنين وعن غيرهما وليس فيها شيء عن موسى بن جعفر وأمثاله من بني هاشم علم أن مطلوبه من علم الرسول صلى الله عليه وسلم كان عند مالك أكثر مما هو عند هؤلاء
وكذلك أحمد بن حنبل قد علم كمال محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولحديثه ومعرفته بأقواله وأفعاله وموالاته لمن يوافقه ومعاداته لمن يخالفه ومحبته لبني هاشم وتصنيفه في فضائلهم حتى صنف فضائل على والحسن والحسين كما سنف فضائل الصحابة ومع هذا فكتبه مملوءة بعلم مثل مالك والثوري والأوزاعي والليث بن سعد ووكيع بن الجراج ويحيى بن سعيد القطان وهشيم بن بشير وعبد ارحمن بن مهدي وأمثالهم دون موسى بن جعفر وعلى بن موسى ومحمد بن علي وأمثالهم فلو وجد مطلوبه عن مثل هؤلاء لكان أشد الناس رغبة في ذلك
فإن زعم زاعم أنه كان عندهم من العلم المخزون ما ليس عن أولئك لكان كانوا يكتمونه فأي فائدة للناس في علم يكتمونه فعلم لا يقال به ككنز لا ينفق منه وكيف يأتم اناس بمن لا يبين لهم العلم المكتوم كالإمام المعدوم وكلاهما لا ينتفع به ولا يحصل به لكف ولا مصلحة
وإن قالوا بل كانوا يبينون ذلك لخواصهم دون هؤلاء الأئمة قيل أولا هذا كذب عليهم فإن جعفر بن محمد لم يجيء بعد مثله وقد أخذ العلم عنه هؤلاء الأئمة كما لك وابن عيينة وشعبة والثوري وابن جريج ويحيى بن سعيد وأمثالهم من العلماء المشاهير الأعيان ثم من ظن بهؤلاء السادة أنهم يكتمون علمهم عن مثل هؤلاء ويخصون به قوما مدهولين ليس لهم في الأمة لسان صدق فقد أساء الظن بهم فإن في هؤلاء من المحبة لله ولرسوله والطاعة له والرغبة في حفظ دينه وتبليغه وموالاة من والاه ومعاداة من عاداه وصيانته عن الزادة والنقصان ما لا يوجد قريب منه لأحد من شيوخ الشيعة "