بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ، فمن خلال قراءتي للصحيفة السجادية وتحديداً لسندها الذي وردت به والرواية المذكورة في ذلك ، وجدتها تنطوي على كوارث وطامات تزلزل أصول التشيع الإمامي وتضرب ثوابته ، فمن هذه الكوارث ما يلي:
الكارثة الأولى:أراد جعفر الصادق التبرير لعدم خروجه بالسيف فطعن بخروج الحسين رضي الله عنه
ويمكن تلخيص هذه الكارثة بعدة نقاط وكما يلي:
أولاً:
لما سأل الراوي ( متوكل بن هارون ) يحيى بن زيد بن علي بن الحسين عن سبب ميل الناس إلى جعفر الصادق وأبيه الباقر أكثر من ميلهم إليه وإلى أبيه زيد ، فجاء جوابه طاعناً فيهما بكل صراحة بكونهما يدعون الناس إلى الحياة بعدم الخروج بالسيف والقتال ، بينما يدعو هو وأبوه الناس إلى الموت بالسيف والقتال ..
فقال:[ يا متوكل إن الله عز وجل ، أيد هذا الأمر بنا ، وجعل لنا العلم والسيف ، فجمعا لنا ، وخص بنو عمنا بالعلم وحده . فقلت : جعلت فداك إني رأيت الناس إلى ابن عمك جعفر عليه السلام أميل منهم إليك وإلى أبيك . فقال : إن عمي محمد بن علي ، وابنه جعفرا عليهما السلام دعوا الناس إلى الحياة ، ونحن دعوناهم إلى الموت .. فلما خرجا ، قال لي أبو عبد الله عليه السلام : يا متوكل كيف قال لك يحيى إن عمي محمد بن علي وابنه جعفرا دعوا الناس إلى الحياة ودعوناهم إلى الموت ؟ قلت : نعم أصلحك الله ، قد قال لي ابن عمك يحيى ذلك ].
ثانياً:
لما أراد الصادق دفع اتهام يحيى بن زيد له ولأبيه بالركون للدنيا وعدم الخروج بالسيف أورد رواية مفادها أن السبب بعدم خروجه هو إخبار النبي صلى الله عليه وسلم لهم بأن بني أمية ستملك زمام هذه الأمة وسيطول ملكها حتى لو طاولتهم الجبال لطالوا عليها ، فلا فائدة من الخروج ما دام ملكهم ثابتاً ثبوت الجبال الراسيات ولن يتزحزح أبداً بخروج من يخرج عليهم ..
أي أن العلم بعدم الفلاح والظفر بالخروج على بني أمية هو السبب الذي جعل الصادق وأباه الباقر يتركون الخروج بالسيف ويلتزمون التقية والمهادنة ..
فقال:[ فلما خرجا ، قال لي أبو عبد الله عليه السلام : يا متوكل كيف قال لك يحيى إن عمي محمد بن علي وابنه جعفرا دعوا الناس إلى الحياة ودعوناهم إلى الموت ؟ قلت : نعم أصلحك الله ، قد قال لي ابن عمك يحيى ذلك . فقال يرحم الله يحيى إن أبي حدثني ، عن أبيه عن جده علي عليهم السلام " أن رسول الله صلى الله عليه وآله أخذته نعسة ، وهو على منبره ، فرأى في منامه رجالا ينزون على منبره نزو القردة ، يردون الناس على أعقابهم القهقري ، فاستوى رسول الله صلى الله عليه وآله جالسا والحزن يعرف في وجهه .. قال : فأطلع الله عز وجل نبيه عليه السلام أن بني أمية تملك سلطان هذه الأمة ، وملكها طول هذه المدة ، فلو طاولتهم الجبال لطالوا عليها حتى يأذن الله تعالى بزوال ملكهم ].
ومن خلال هذين الأمرين أقول:
إن كان الصادق مصيباً بهذا التعليل - وهو الإمام المعصوم الذي لا يخطئ - فلماذا لم يلتزم الإمام الحسين بهذه الحقيقة فيترك الخروج لإزالة ملك لو طاولته الجبال لطال عليها ؟
فلا يخلو الأمر من تخطئة أحد المعصومين وكما يلي:
أ-إن كان تعليل الإمام الصادق بعدم الخروج صواباً ؛ ففيه تخطئة للإمام الحسين بخروجه وعدم التزامه بنفس العلة التي أوردها الصادق.
ب-إن كان خروج الإمام الحسين صواباً رغم علمه بعدم زوال ملك بني أمية بخروجه عليهم ، ففيه تخطئة للإمام الصادق بالتعليل الذي أورده.
الكارثة الثانية:طعنةٌ أخرى من الصادق بخروج الإمام الحسين على يزيد بالسيف
وفيه اتهامٌ لكل من يخرج من أهل البيت قبل الإمام المهدي بأنه يتسبب في زيادة البلاء والشدة والضر بأهل البيت وشيعتهم ..
فقال:[ قال : ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : " ما خرج ولا يخرج منا أهل البيت إلى قيام قائمنا أحدٌ ، ليدفع ظلماً أو ينعش حقاً ، إلا اصطلمته البلية ، وكان قيامه زيادة في مكروهنا وشيعتنا " ].
وعليه أتوجه للإمامية بهذا السؤال:
هل وقعت هذه المفسدة التي قالها الصادق بخروج الإمام الحسين والتي نصها " وكان قيامه زيادة في مكروهنا وشيعتنا " ؟
فلا يخلو الأمر من الطعن إما بالصادق في تقريره أو بالحسين في خروجه
الكارثة الثالثة: تَرَحُّم الصادق على يحيى وبكائه عليه وهو منكر للإمامة وطاعنٌ بإمامين معصومين
ويمكن بيان هذه الكارثة بعدة نقاط وكما يلي:
أولاً:ادعائه للإمامة والمتضمن نفيه لإمامة الصادق والباقر
حيث أثبت الإمامة لنفسه ثم توصيته بانتقالها من بعده لمحمد ( ذو النفس الزكية ) وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن المثنى ..
فقال:[ يا متوكل إن الله عز وجل ، أيد هذا الأمر بنا ، وجعل لنا العلم والسيف ، فجمعا لنا ، وخص بنو عمنا بالعلم وحده .. فإذا قضى الله من أمري وأمر هؤلاء القوم ما هو قاض ، فهي أمانة لي عندك حتى توصلها إلى ابني عمي محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي عليهما السلام فإنهما القائمان في هذا الأمر بعدي ].
ثانياً: طعنه بإمامين معصومين وهما الباقر والصادق حيث اتهمهما بالركون للدنيا وترك الجهاد بالسيف
فقال:[ يا متوكل إن الله عز وجل ، أيد هذا الأمر بنا ، وجعل لنا العلم والسيف ، فجمعا لنا ، وخص بنو عمنا بالعلم وحده . فقلت : جعلت فداك إني رأيت الناس إلى ابن عمك جعفر عليه السلام أميل منهم إليك وإلى أبيك . فقال : إن عمي محمد بن علي ، وابنه جعفرا عليهما السلام دعوا الناس إلى الحياة ، ونحن دعوناهم إلى الموت .. فلما خرجا ، قال لي أبو عبد الله عليه السلام : يا متوكل كيف قال لك يحيى إن عمي محمد بن علي وابنه جعفرا دعوا الناس إلى الحياة ودعوناهم إلى الموت ؟ قلت : نعم أصلحك الله ، قد قال لي ابن عمك يحيى ذلك ].
ثالثاً:بكائه ووجده الشديد عليه ودعائه له بالرحمة
فقال:[ قال المتوكل : فقبضت الصحيفة ، فلما قتل يحيى بن زيد صرت إلى المدينة ، فلقيت أبا عبد الله عليه السلام فحدثته الحديث عن يحيى ، فبكى واشتد وجده به ، وقال : رحم الله ابن عمي وألحقه بآبائه وأجداده .. فقال يرحم الله يحيى ].
فمن خلال هذه الحقائق نرى أن يحيى بن زيد قد ارتكب ثلاث جنايات كل واحدة منها تكفي لتكفيره بموجب تقريرات مذهب الإمامية ، وهي:
1-إنكاره للإمامة الصادق والباقر.
2-دعواه الإمامة لنفسه والعهد بها من بعده لمحمد بن عبد الله ( ذو النفس الزكية ) وأخيه.
3-طعنه في الإمام المعصوم باتهامه بالركون للدنيا وترك الجهاد في سبيل الله.
وهذه هي الكارثة الثالثة بوقوع المعصوم في محذور الدعاء بالرحمة على كافرٍ منكر للإمامة مع أن الواجب عليه تكفيره ولعنه والدعاء عليه بالعذاب الأليم.
15-01-18, 02:08 PM
العرض العادي
