حماس وإيران .. نصيحة واجبة ! ـ د.طارق عبد الحليم
.طارق عبد الحليم : بتاريخ 1 - 3 - 2009
يجب علينا ـ من باب النصيحة ـ أن نوجه كلمة خاصة نهمس بها في آذان قيادات حماس، فإن صديقك من صَدَقَكَ لا من أغمض عن هفواتك وأخطائك. و حماس اليوم في موقع صعب بكل ما تحمله الكلمة من معان، فالأطراف المتصارعة معها أقوي إما بالعتاد والسيطرة على الأرض والموارد، وإما بالخيانة والقدرة على التلاعب بمقدرات المسلمين للوصول إلى سدة الحكم ولو كانت أطلالا بلقعا خرابا.
وما نهمس به في آذان قيادات حماس هو تساؤل عن ذلك الموقف الغامض من إيران ، وما أدراك ما إيران؟ ماذا وراء تلك الزيارات التي يقوم بها كبار مسؤولي حماس إلى إيران؟ ما هو مدي تغلغل النفوذ الرافضي في المصالح الفلسطينية؟ وما هي طبيعة الوعود التي قطعتها إيران لحماس، وفي مقابل ماذا؟ وهي علاقة لا نحسب أنها موهومة خاصة إذا قرنّاها بموقف الإخوان في مصر من المدّ الرافضيّ
أسئلة تحتاج إلى إجابة، نحن على يقين من أننا لن نحصل عليها في القريب العاجل لأمر أو لآخر، ولكن ما يجب علينا أن نحذّر حماس وقياداتها من تداعياته هو التعامل مع الرافضة أو إقامة تحالفات معهم تكون بمثابة حصان طروادة الذي يَلِجون منه إلى قلب الأمة السنًية، أو طابوراً خامساً يعبث بعقيدة الأمة وثوابتها، وهو مخططهم ما بقي فيهم عرق ينبض، وهو ما رأينا آثاره في العالم السنيّ مؤخراً وما حذر منه عقلاء هذه الأمة العارفين بتاريخ الرافضة وخساسة أهدافهم.
نعم، خذلت المجموعة العربية الحاكمة غزة في أحلك المواقف، وغلّت يدها عن مساعدة المسلمين، بل وبسطت يد العون إلى الصهاينة ضد مسلمي غزة وقطعت عنهم، ولا تزال، الدواء والغذاء والكساء بما يعرفه الجميع، ومما لا داع لتكراره لما يجلب من إشمئزاز النفس وإحباطها، كما تمالأت القوي العلمانية الفلسطينية على إخوانها وعشيرتها وأبناء جلدتها لتسقط الحكومة الوحيدة المنتخبة ديموقراطيا في الساحة العربية التي تعج بالفساد والطغيان والإنحطاط.
ولكن الأمر أن اليد التي تمدها إيران في هذا الموقف المظلم ليست يد العون والحماية بل هي يد الغبن والنكاية، وما موقفهم من سنيّ طالبان ببعيد. والرافضة لم ولن يخلصوا لسنيّ ابداً مهما كان الأمر، خذوها مني صريحة صحيحة. إنما هي إستراتيجيات يتحركون بها في العالم السنيّ لنشر أحابيلهم وباطلهم، ولو إستطاعوا لسحقوا الوجود السنيّ بكامله بما فيه حماس وقياداتها. فهؤلاء لا عهد لهم ولا أيمان، وهم يتلفعون برداء الإسلام ليدسوا من تحته السمّ في الدسم، إن كان فيما يقدمونه دسم إبتداءاً!
قد يكون التحرك "الحماسيّ" تجاه الرافضة من قبيل الحيلة السياسية لتخويف الحكومات العربية من إن رفع أيديهم عن الوضع المخزيّ في غزة سيكون من جرّائه لجوء أولئك إلى الحضن الرافضيّ، وجلب القوي الإيرانية إلى الجوار العربيّ، مما يحفز هذه الدول على إستمرار الجلوس على طاولة المفاوضات مع حماس. وهو تحليل غير مستبعد، ولكنه كذلك محفوف بالمخاطر لما ذكرنا من أن اليد الرافضية في هذا السيناريو هي العليا، وسيتقبل الرافضة أي كسب على أرض السنّة بأقل ما يمكنها أن تبذل في سبيله.
الأمر هنا، كما سبق أن ذكرنا وحذرنا، هو أمر عقيدة فبل كلّ شيء وبعد كلّ شيء، والبعد السياسيّ يجب أن يخضع للمنظور العقديّ دائما وعلى كلّ حال. ونسيان هذا البعد، أو تهميشه أو تطويعه لغيره ليس أولا من منهج أهل السنة بحال، كما لا ينشأ عنه خير ولا نجاح، وما تجربة الإخوان منا ببعيد!
فالحذر الحذر، يا إخوة الإسلام والجهاد في حماس، من طابور خامس ينخر في الجسد السنيّ الذي إهترأ أصلا من كثرة الفساد الذي يشيع بأنحائه، والله وحده المستعان فهو نعم المولي ونعم النصير.