سلسلة فوائد وفتاوى العلماء [0005]: حكم طلب الإمارة والولاية، وتولي المناصب الدينية
سلسلة فوائد وفتاوى العلماء [0005]: حكم طلب الإمارة والولاية، وتولي المناصب الدينية كالقضاء والفتوى والخطابة، ابن باز
الإخوة الكرام .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ننشر فيما يلي فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-، المفتي العام السابق بالسعودية، نقلاً عن ما جاء ضمن فتوى بموقع الإسلام سؤال وجواب برقم (277690) حول تولي المناصب الدينية، من القضاء والتعليم والفتوى والخطابة:
* سئل الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-: ينفر كثير من طلبة العلم من المناصب الدينية.. فما هو السبب ؟ وهل من نصيحة للحضور ؟ كما يلاحظ أن كثيرا من الطلبة في كليات الشريعة ، يبحث بشتى الطرق للتخلص من القضاء ، فما نصيحة فضيلتكم لهم ؟
فأجاب : المناصب الدينية، من القضاء والتعليم والفتوى والخطابة ، مناصب شريفة ومهمة ، والمسلمون في أشد الحاجة إليها ، وإذا تخلى عنها العلماء تولاها الجهال ، فضلوا وأضلوا .
فالواجب على من دعت الحاجة إليه من أهل العلم والفقه في الدين ، أن يمتثل ؛ لأن هذه الأمور من القضاء والتدريس والخطابة والدعوة إلى الله ، وأشباه ذلك من فروض الكفايات ، فإذا تعينت على أحد من المؤهلين ، وجبت عليه ، ولم يجز له الاعتذار منها ، والامتناع.
ثم لو قدر أن هناك من يظهر أنه يكفي ، وأنها لا تجب عليه هذه المسألة ، فينبغي له أن ينظر الأصلح ، كما ذكر الله سبحانه عن يوسف عليه الصلاة والسلام ، أنه قال لملك مصر: ( قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) لما رأى المصلحة في توليه ذلك ؛ طلب الولاية ، وهو نبي ورسول كريم ، والأنبياء هم أفضل الناس ، طلبها للإصلاح : يصلح أهل مصر ، ويدعوهم إلى الحق.
فطالب العلم ، إذا رأى المصلحة في ذلك ، طلب الوظيفة ورضي بها : قضائية أو تدريسا ، أو وزارة أو غير ذلك ، على أن يكون قصده الإصلاح والخير ، وليس قصده الدنيا ، وإنما يقصد وجه الله ، وحسن المآب في الآخرة ، وأن ينفع الناس ، في دينهم أولا ، ثم في دنياهم ، ولا يرضى أن يتولى المناصب الجهال والفساق ، فإذا دعي إلى منصب صالح، يرى نفسه أهلا له ، وأن فيه قوة عليه ، فليُجب إلى ذلك ، وليحسن النية ، وليبذل وسعه في ذلك ، ولا يقل أخشى كذا ، وأخشى كذا .
ومع النية الصالحة ، والصدق في العمل ، يوفق العبد ، ويعان على ذلك ، إذا أصلح لله نيته ، وبذل وسعه في الخير ، وفقه الله .
ومن هذا الباب حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي ، أنه قال: يا رسول الله اجعلني إمام قومي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنت إمامهم ، واقتد بأضعفهم ، واتخذ مؤذنا ، لا يأخذ على أذانه أجرا ) رواه الإمام أحمد ، وأهل السنن ، بإسناد صحيح.
فطلب رضي الله عنه إمامة قومه للمصلحة الشرعية ، ولتوجيههم للخير ، وتعليمهم وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر ، مثلما فعل يوسف عليه الصلاة والسلام .
قال العلماء : إنما نهي عن طلب الإمرة والولاية ، إذا لم تدع الحاجة إلى ذلك ؛ لأنه خطر ، كما جاء في الحديث النهي عن ذلك ، لكن متى دعت الحاجة، والمصلحة الشرعية إلى طلبها جاز ذلك ، لقصة يوسف عيه الصلاة والسلام ، وحديث عثمان رضي الله عنه المذكور " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (23/215).
والله ولي التوفيق.
موقع روح الإسلام
http://www.islamspirit.com