موقف بني العباس من الشيعة بمختلف طوائفهم ( راوندية وزيدية ورافضة ) وعقائدهم
جمعه وأعده
الشريف أبو العباس
عبدالإله بن حاتم بن أحمد العباسي
والشريف أبو عبدالرحمن
عبدالمحسن بن حاتم بن أحمد العباسي
a.h.a.abbasi @gmail.com
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , أما بعد :-
فإن بني العباس بن عبدالمطلب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعصبته أحد البيوت الأربعة من بيوت آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم , وهذا الأمر عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقد روى مسلم أن زيد بن أرقم سئل عن آل البيت فقال هم آل العباس وآل عقيل وآل جعفر وآل علي , وهذا باتفاق أهل السنة والجماعة أيضا ولم يخالف في ذلك إلا المبتدعة فقد قال ابن تيمية في منهاج السنة (4\359):- ( اتفق العلماء على أن بني العباس وبني الحارث بن عبدالمطلب من آل محمد الذين تحرم عليهم الصدقة ويدخلون في الصلاة ويستحقون من الخمس).
وقد كان موقف بني العباس من الشيعة موقفا سنيا سلفيا قويا , فكانوا كلهم على ذلك إلا شاذين اثنين المأمون والناصر , فكلما زاد ضلال الشيعة اشتدت العقوبة عليهم , حتى أصبح من شعارهم التبرؤ من بني العباس .
قال ابن أبي العز في شرح الطحاوية (ص 490) :-
قال القاضي أبو بكر ابن الطيب عن الباطنية وكيفية إفسادهم لدين الإسلام قال يقولون للداعي : يجب عليك إذا وجدت من تدعوه مسلما أن تجعل التشيع عنده دينه وشعاره واجعل المدخل من جهة ظلم السلف لعلي وقتلهم الحسين والتبري من تيم وعدي وبني أمية وبني العباس . انتهى .
وأصبح كل من أثنى على بني العباس وذكر أخبارهم ناصبيا مهددا من الروافض وغيرهم , كما حصل مع الخطيب البغدادي عندما أخرج من دمشق بسبب أنه ناصبي يروي فضائل الصحابة وأخبار خلفاء بني العباس في الجامع فكان ذلك سبب إخراج الخطيب من دمشق كما ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق (14\285) .
وصار من علامات الشيعة ذم بني العباس بصفة عامة وخلفائهم بصفة خاصة فقد قال ابن تيمية - وهو من أعلم الناس بمذاهبهم - في منهاج السنة (4\358) :-
آل محمد يدخل فيهم بنو هاشم وأزواجه وكذلك بنو المطلب على أحد القولين وأكثر هؤلاء تذمهم الإمامية فإنهم يذمون ولد العباس لا سيما خلفاؤهم وهم من آل محمد صلى الله عليه وسلم . انتهى .
وهذه العلامة موجودة إلى اليوم, فقد حدثنا أحد طلبة العلم في المدينة النبوية وهو من بلاد فارس أن الروافض في إيران لا يسبون في مناهجهم الدراسية الصحابة صراحة ولكن يسبونهم في الكتب المنشورة في المكتبات وغيرها ولكن خلفاء بني العباس وبالأخص المنصور والرشيد يسبون ويتنقصون حتى في المناهج الدراسية.
وكذلك ما يفعله المبتدع الضال حسن فرحان المالكي مع قناة الكوثر الإيرانية الرافضية الخبيثة من تخصيصهم حلقات في ذم بني العباس رفع الله قدرهم وأخزى عدوهم .
وهذه نصوص عن شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان مخالفة بني العباس للشيعة بصفة عامة:
قال ابن تيمية في منهاج السنة (6\225) :-
وما زال بنو العباس مثبتين لخلافة الأربعة مقدمين لأبي بكر وعمر وعثمان على المنابر فلم يقاتل أحد من شيعتهم ولا من شيعة بني أمية قدحا في خلافة الثلاثة .
وقال في منهاج السنة (8\171) :-
ثم كان من نعم الله سبحانه ورحمته بالإسلام أن الدولة لما انتقلت إلى بني هاشم صارت في بني العباس فإن الدولة الهاشمية أول ما ظهرت كانت الدعوة إلى الرضا من آل محمد وكانت شيعة الدولة محبين لبني هاشم وكان الذي تولى الخلافة من بني هاشم يعرف قدر الخلفاء الراشدين والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار فلم يظهر في دولتهم إلا تعظيم الخلفاء الراشدين وذكرهم على المنابر والثناء عليهم وتعظيم الصحابة وإلا فلو تولى والعياذ بالله رافضي يسب الخلفاء والسابقين الأولين لقلب الإسلام ولكن دخل في غمار الدولة من كانوا لا يرضون باطنه ومن كان لا يمكنهم دفعه كما لم يمكن عليا قمع الأمراء الذين هم أكابر عسكره كالأشعث بن قيس والأشتر النخعي وهاشم المرقال وأمثالهم ودخل من أبناء المجوس ومن في قلبه غل على الإسلام من أهل البدع والزنادقة وتتبعهم المهدي بقتلهم حتى اندفع بذلك شر كبير وكان من خيار خلفاء بني العباس وكذلك الرشيد كان فيه من تعظيم العلم والجهاد والدين ما كانت به دولته من خيار دول بني العباس .
وهذه عقيدة وجهود بعض من الأفراد من بني العباس ضد الشيعة وعقائدهم:
1- الصحابي الجليل عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب (68 هـ)
الثناء على أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأم المؤمنين عائشة ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم أجمعين:
1-أخرج البخاري في صحيحه ج 3 ص 1375 أَنَّ عَائِشَةَ اشْتَكَتْ فَجَاءَ بن عَبَّاسٍ فقال يا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تَقْدَمِينَ على فَرَطِ صِدْقٍ على رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى أبي بَكْرٍ.
قلنا : يعني أنهما ينتظرانك في الجنة ، فيه الشهادة لها ولأبي بكر رضي الله عنهما بالجنة.
2-أخرج البخاري في صحيحه ج 3 ص 1373 عن الْمِسْوَرِ بن مَخْرَمَةَ قال لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَعَلَ يَأْلَمُ فقال له بن عَبَّاسٍ وَكَأَنَّهُ يُجَزِّعُهُ يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَئِنْ كان ذَاكَ لقد صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ ثُمَّ فَارَقْتَهُ وهو عَنْكَ رَاضٍ ثُمَّ صَحِبْتَ أَبَا بَكْرٍ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ ثُمَّ فَارَقْتَهُ وهو عَنْكَ رَاضٍ ثُمَّ صَحَبَتَهُمْ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُمْ وَلَئِنْ فَارَقْتَهُمْ لَتُفَارِقَنَّهُمْ وَهُمْ عَنْكَ رَاضُونَ.
3- أخرج الحاكم في مستدركه ج 3 / ص 98 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : دخلت على عمر حين طعن فقلت : ابشر بالجنة يا أمير المؤمنين أسلمت حين كفر الناس و جاهدت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم حين خذله الناس و قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو عنك راض و لم يختلف في خلافتك اثنان وقتلت شهيدا.
4- أخرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ج 1 ص 75 عنه دخوله على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وقوله لها : أبشري ما بَيْنَكِ وَبَيْنَ ان تَلْقَىْ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم وَالأَحِبَّةَ الا ان تَخْرُجَ الرُّوحُ مِنَ الْجَسَدِ كُنْتِ أَحَبَّ نِسَاءِ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى رسول اللَّهِ ولم يَكُنْ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الا طَيِّباً وَسَقَطَتْ قِلاَدَتُكِ لَيْلَةَ الأَبْوَاءِ فَأَصْبَحَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حتى يُصْبِحَ في الْمَنْزِلِ وَأَصْبَحَ الناس ليس مَعَهُمْ مَاءٌ فَأَنْزَلَ الله عز وجل ) فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ( فَكَانَ ذلك في سَبَبِكِ وما أَنْزَلَ الله عز وجل لِهَذِهِ الأُمَّةِ مِنَ الرُّخْصَةِ وَأَنْزَلَ الله بَرَاءَتَكِ من فَوْقِ سَبْعِ سماوات جاء بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ فَأَصْبَحَ ليس لِلَّهِ مَسْجِدٌ من مَسَاجِدِ اللَّهِ يُذْكَرُ الله الا يُتْلَى فيه أناء اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ.
5- قال رضي الله عنه كما في المستدرك على الصحيحين للحاكم - (ج 10 / ص 228) في قوله عز وجل : ( وشاورهم في الأمر) ، قال : « أبو بكر وعمر رضي الله عنهما » ، قال الحاكم « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين» ، ووافقه الذهبي في التلخيص.
6- قال رضي الله عنه كما في صحيح البخاري ج 3 ص 1373 لما قيل له : هل لك في أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُعَاوِيَةَ فإنه ما أَوْتَرَ إلا بِوَاحِدَةٍ قال أَصَابَ إنه فَقِيهٌ.
وقال أيضا كما في صحيح البخارى - (ج 13 / ص 53) : دَعْهُ ، فَإِنَّهُ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم.
موقفه من قتل ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه:
روى الإمام أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه - (ج 7 / ص 488) عنه رضي الله عنهما أنه قال : لو أن الناس أجمعوا على قتل عثمان لرجموا بالحجارة كما رجم قوم لوط.
النهي عن سب أحد من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين:
روى اللالكائي في اعتقاد أهل السنة - (ج 4 / ص 633) :عن ميمون بن مهران قال قال لي ابن عباس احفظ عني ثلاثا إياك والنظر في النجوم فإنه يدعو إلى الكهانة وإياك والقدر فإنه يدعو إلى الزندقة وإياك وشتم أحد من أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم فيكبك الله في النار على وجهك.
روى البيهقي في الاعتقاد - (ج 1 / ص 331) : عن عمرو بن ميمون ، قال : كنا عند ابن عباس فقال : أخبرنا الله ، في القرآن أنه قد رضي عن أصحاب الشجرة ، فعلم ما في قلوبهم ، فهل حدثنا أنه سخط عليهم بعد ؟
2- علي السجاد بن عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب (118هـ)
روى الخلال في السنة ج 2 ص 433 والآجري في الشريعة ج 5 ص 2448 :-
عن عن عمر بن بُزَيْع قال : سمعني علي بن عبد الله بن عباس وأنا أريد أن أسب معاوية [ رضي الله عنه ] فقال : مهلا ؛ لا تسبه ، فإنه صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- أمير المؤمنين الخليفة أبو العباس عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب سفاح المال (136هـ)
قال ابن الجوزي في كشف المشكل من حديث الصحيحين (1\16) :-
وقد روى أبو سليمان الخطابي عن أبي عمر الزاهد عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال أول خطبة خطبها السفاح في قرية يقال لها العباسية بالأنبار فلما افتتح الكلام وصار إلى ذكر الشهادة من الخطبة قام رجل من آل أبي طالب في عنقه مصحف فقال أذكرك الله الذي ذكرته إلا أنصفتني من خصمي وحكمت بيني وبينه بما في هذا المصحف , فقال له ومن ظالمك ؟ فقال أبو بكر الذي منع فاطمة فدك , فقال له وهل كان بعده أحد ؟ قال نعم , قال من ؟ قال عمر , قال فأقام على ظلمك ؟ قال نعم , قال وهل كان بعده أحد ؟ قال نعم , قال من ؟ قال عثمان , قال فأقام على ظلمك ؟ قال نعم , قال وهل كان بعده أحد ؟ قال نعم , قال من ؟ قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب , قال وأقام على ظلمك ؟ فأسكت الرجل وجعل يلتفت إلى ما وراءه يطلب مخلصا , فقال له والله الذي لا إله إلا هو لولا أنه أول مقام قمته ثم إني لم يكن تقدمت إليك في هذا قبل لأخذت الذي فيه عيناك , اقعد , وأقبل على الخطبة .
4- أمير المؤمنين الخليفة أبو جعفر المنصور (158هـ)
قال ابن كثير في البداية والنهاية (13\336) :-
ثم دخلت سنة إحدى وأربعين ومائة فيها خرجت طائفة يقال لها الراوندية على المنصور .
ذكر ابن جرير عن المدائني: أن أصلهم من خراسان، وهم على رأي أبي مسلم الخراساني، كانوا يقولون بالتناسخ، ويزعمون أن روح آدم انتقلت إلى عثمان بن نهيك، وأن ربهم الذي يطعمهم ويسقيهم أبو جعفر المنصور, وأن الهيثم بن معاوية جبريل، قبحهم الله.
قال ابن جرير: فأتوا يوما قصر المنصور فجعلوا يطوفون به ويقولون: هذا قصر ربنا، فأرسل المنصور إلى رؤسائهم فحبس منهم مائتين، فغضبوا من ذلك وقالوا: علام تحبسهم ؟ ثم عمدوا إلى نعش فحملوه على كواهلهم وليس عليه أحد، واجتمعوا حوله كأنهم يشيعون جنازة، واجتازوا بباب السجن، فألقوا النعش ودخلوا السجن قهرا واستخرجوا من فيه من أصحابهم، وقصدوا نحو المنصور وهم في ستمائة، فتنادى الناس وغلقت أبواب البلد، وخرج المنصور من القصر ماشيا، لأنه لم يجد دابة يركبها، ثم جئ بدابة فركبها وقصد نحو الراوندية وجاء الناس من كل ناحية، وجاء معن بن زائدة، فلما رأى المنصور ترجل وأخذ بلجام دابة المنصور، وقال: يا أمير المؤمنين ارجع ! نحن نكفيكهم , فأبى وقام أهل الأسواق إليهم فقاتلوهم، وجاءت الجيوش فالتفوا عليهم من كل ناحية فحصدوهم عن آخرهم، ولم يبق منهم بقية.
وقال أيضا في المجلد الثالث عشر في ترجمة جدنا المنصور :-
قال الربيع بن يونس الحاجب: سمعت المنصور يقول: الخلفاء أربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي.
وقال مالك: قال لي المنصور: من أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقلت: أبو بكر وعمر.
فقال: أصبت وذلك رأي أمير المؤمنين.
يتبع...