-4-
ضلالهم في سجودهم لمشايخهم
إن أصحــاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قالوا له حين سجدت له الشجرة والجمل:
نحن أّوْلى بالسّجودِ لكَ من الشجرةِ والجملِ الشاردِ،فقال لهم:
(( لا ينبغي أن يُسْجدَ لأَحدٍ إلا لله ربِّ العالمين)) .
وروى ابن ماجه في (سننه) والبُسْتيّ في (صحيحه) عن أبي واقد قال:
لمّا قدم معاذ بن جبل من الشام،سَجَدَ لرسـول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم،فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:مـــا هذا؟
فقال:
يا رسول الله،قدمتُ الشـام،فرأيتُهم يسجدون لبطارقتهم،وأساقفتهم،فأردتُ أن أفعل ذلك بك.
قال:
((لا تفعل،فإني لو أَمَرْتُ شيئاً أن يسجد لشيءٍ؛لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها،لا تؤدّي المرأةُ حقَّ ربِّها،حتى تؤدي حقَّ زوجها،حتى لو سألها عن نفسها على قَتَبٍ لم تمنعه)) .
لفظ البُسْتي.
وفي بعض طرق معاذ:
ونهى عن السجود للبشر وأمر بالمصافحة.
قلتُ –أي الإمام القرطبي- :
وهذا السجود المنهيّ عنه،قد اتخذه جُهَّالُ المتصوّفة،عادةً في سماعهم،وعند دخولهم على مشايخهم واستغفارهم،فيرى الواحد منهم إذا أَخذه الحال بزعمه،يسجد للأقدام لجهله،سواء أكان للقبلة أم غيرها،جهالة منه،ضَلَّ سَعْيُهم،وخاب عملهم.
من كلام الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: (1/293-294)