العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الحوار مع باقي الفرق

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 27-02-11, 06:10 PM   رقم المشاركة : 1
حمساوي
عضو ينتظر التفعيل







حمساوي غير متصل

حمساوي is on a distinguished road


سيد قطب يسب الصحابة


التهمة :

تقول التهمة أن سيد قطب رحمه الله يبغض الصحابةوينتقص من قدرهم ، خصوصا ثلاثة منهم :

1-
عثمان بن عفان

2-
معاويةبن أبي سفيان

3-
عمرو بن العاص


رضي الله عنهم أجمعين ..

وهذه التهمة يدلل عليها بكتابي : " العدالة الاجتماعية " و " كتب وشخصيات " .

فمن الأمثلة قول سيد قطب في العدالة :


1-

قال سيّد قطبفي كتابه "العدالة الاجتماعيّة"[ص159]: "هذا التّصوّر لحقيقة الحكم قد تغيّر شيئًاما دون شكّ على عهد عثمان - وإن بقي في سياج الإسلام - لقد أدركت الخلافة عثمان وهوشيخ كبير. ومن ورائه مروان بن الحكم يصرّف الأمر بكثير من الانحراف عن الإسلام.كماأنّ طبيعة عثمان الرّخيّة، وحدبه الشّديد على أهله، قد ساهم كلاهما في صدور تصرّفاتأنكرها الكثيرون من الصّحابة من حوله، وكانت لها معقبات كثيرة، وآثار في الفتنةالتي عانى الإسلام منها كثيرًا.
منح عثمان من بيت المال زوج ابنته الحارث بنالحكم يوم عرسه مئتي ألف درهم. فلمّا أصبح الصّباح جاءه زيد بن أرقم خازن مالالمسلمين، وقد بدا في وجهه الحزن وترقرقت في عينه الدّموع، فسأله أن يعفيه من عمله؛ولما علم منه السّبب وعرف أنّه عطيته لصهره من مال المسلمين، قال مستغربًا: "أتبكييا ابن أرقم أن وصلت رحمي؟" فردّ الرجل الّذي يستشعر روح الإسلام المرهف: "لا ياأمير المؤمنين. ولكن أبكي لأنّي أظنّك أخذت هذا المال عوضًا عمّا كنت أنفقته فيسبيل الله في حياة رسول الله. والله لو أعطيته مئة درهم لكان كثيرًا!" فغضب عثمانعلى الرّجل الّذي لا يطيق ضميره هذه التّوسعة من مال المسلمين على أقارب خليفةالمسلمين وقال له: "ألقِ المفاتيح يا ابن أرقم فإنّا سنجد غيرك"!
والأمثلة كثيرةفي سيرة عثمان على هذه التّوسعات؛ فقد منح الزّبير ذات يوم ستمائة ألف، ومنح طلحةمائتي ألف، ونفّل مروان بن الحكم خمس خراج إفريقية. ولقد عاتبه في ذلك ناس منالصّحابة عل رأسهم علي بن أبي طالب، فأجاب: "إنّ لي قرابة ورحمًا" فأنكروا عليهوسألوه: "فما كان لأبي بكر وعمر قرابة ورحم؟" فقال: "إنّ أبا بكر وعمر كان يحتسبانفي منع قرابتهما، وأنا أحتسب في إعطاء قرابتي" فقاموا عنه غاضبين يقولون: "فهديهماوالله أحب إلينا من هديك"
وغير المال كانت الولايات تغدق على الولاة من قرابةعثمان. وفيهم معاوية الّذي وسع عليه في الملك فضمّ إليه فلسطين وحمص؛ وجمع له قيادةالأجناد الأربعة ومهد له بعد ذلك أن يطلب الملك في خلافة علي وقد جمع المالوالأجناد. وفيهم الحكم بن العاص طريد رسول الله الّذي آواه عثمان وجعل ابنه مروانبن الحكم وزيره المتصرّف. وفيهم عبد الله بن سعد بن أبي السّرح أخوه منالرّضاعة…الخ" اهـ كلامه.



2-


قال سيد قطب في كتابه :[ كتب وشخصيات] ص/[242-243] :


"
إن معاوية وزميله عمْراً لم يغلبا علياًلأنهما أعرف منه بدخائل النفوس، وأخبر منه بالتصرف النافع في الظرف المناسب. ولكنلأنهما طليقان في استخدام كل سلاح، وهو مقيد بأخلاقه في اختيار وسائل الصراع. وحينيركن معاوية وزميله إلى الكذب والغش والخديعة والنفاق والرشوة وشراء الذمم لا يملكعلى أن يتدلى إلى هذا الدرك الأسفل. فلا عجب ينجحان ويفشل، وإنه لفشل أشرف من كلنجاح.

على أن غلبة معاوية على علي، كانت لأسباب أكبر من الرجلين : كانت غلبةجيل على جيل، وعصر على عصر، واتجاه على اتجاه. كان مد الروح الإسلامي العالي قد أخذينحسر. وارتد الكثيرون من العرب إلى المنحدر الذي رفعهم منه الإسلام، بينما بقي عليفي القمة لا يتبع هذا الانحسار، ولا يرضى بأن يجرفه التيار. من هنا كانت هزيمته , وهي هزيمة أشرف من كل انتصار."



=\==\

وقد نقل هذه العباراتوغيرها الشيخ ربيع المدخلي في كتاب ( طعون سيد قطب في الصحابة ) ، والكتاب موجود فيموقع الشيخ لمن أراد أن يقرأه . والأمثلة فيها ما هو اسوأ مما ذكرناه هنا وفيها ماهو أقل سوءا .

والحاصل أن هذه التهمة ليست كغيرها من التهم ، أي بلا دليلواضح ، فمعظم ما يتهم به الأستاذ سيد قطب رحمه الله ناتج عن سوء فهم لكلامه رحمهالله ، أو سوء نية في تتبع كلامه .

وهذا الكلام الذي قاله سيد قطب لا يشكمسلم أنه غاية في السوء ، وأنه ينطبق على من يؤمن به عبارات أكثر من أن تحصىتناقلتها الأمة بدأ برسولها محمد صلى الله عليه وسلم إلى كبار أهل العلم في وقتناهذا .. فمن قائل أنه زنديق ، ومن قائل أنه منافق ، ومن قائل أنه إذا تنقصهم كلهمفإنه كافر لتشكيكه في عدالة الجيل الذي نقل إلينا الإسلام .

ولكن : هل كانسيد قطب يؤمن بالكلام هذا حين موته ؟ أم أنه رجع عنه ؟ وما هو الرد على من قال بأنسيد قطب :

1-
لا يحترم الصحابة

2-
يطعن فيهم

3-
رافضي !

4-
يشابه الروافض والخوارج في سبهم للصحابة رضي الله عنهم

وما هيالأدلة على ردودنا عليهم ؟!

=\=\=\=\=

أولا :

كتاب " العدالةالاجتماعية " و كتاب " كتب وشخصيات " من الكتب القديمة لسيد قطب ، التي كتبها فيجاهليته وقبل أن يتعرف على الإسلام .. وكان دافعه لكتابة " العدالة " هو الرد علىالاشتراكيين في وقته .. فمع أنه أراد الخير وأراد نصرة الإسلام إلا أنه أخطأ خطأعظيما في حق صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .


ثانيا :

هذاالكتاب والكتاب الآخر " كتب وشخصيات " ، يجمع العارفون بسيد قطب رحمه الله أنه تخلىعن " الأفكار " و " التصورات " التي فيه .. مع اختلافهم في تخلي سيد قطب عن الكتبنفسها ..

وقد فصلت في هذا سابقا فلا حاجة للإعادة .. ولكن الذي يهمنا أننقوله هو أن هذين الكتابين - وغيرهما من الكتب القديمة - لا تمثل فكر سيد قطب حينموته ، وأنه تخلى عنها بشهادة أخيه الشيخ محمد قطب ، والمستشار العقيل حفظهما الله .

فكيف نحاسب سيد قطب على كلام تخلى عنه وأوصى بعدم طبعه ولا نشره بينالمسلمين ؟ خصوصا وأن التراجع كان عبارة عن رسالة من سيد رحمه الله إلى مجموعة منالإخوان في العالم .


ثالثا :

هناك الكثير من النماذج في ( الظلال ) والتي تبين احترام سيد قطب رحمه الله للصحابة ، وحبه لهم ، وترضيه عنهم ، ومدحهوثناءه عليهم .. ولكن :

عين الرضا عن كل عيب كليلة *** كما أن عين السخطتبدي المساويا

وسنقف مع بعض المواضع من الظلال ، والتي تبين رأي سيد قطبرحمه الله عن الثلاثة الذين طعن فيهم في كتبه القديمة ، ثم نبين رأيه رحمه الله فيالصحابة بشكل عام .. وسنرى هل أصاب من يقول عنه رحمه الله أنه مثل الخوارج والروافض .. أم أنه مخطئ ؟

وهذه النقولات غيض من فيض ، ومن أراد المزيد فليراجعالظلال لمؤلفه سيد قطب رحمه الله .

=\=\=\=\=





عثمانبن عفان رضي الله عنه في الظلال :


1-



ثم تابع اليهودكيدهم للإسلام وأهله منذ ذلك التاريخ . . كانوا عناصر أساسية في إثارة الفتنةالكبرى التي قتل فيها الخليفة الراشد عثمان بن عفان - رضي اللّه عنه - وانتثر بعدهاشمل التجمع الإسلامي إلى حد كبير . . . وكانوا رأس الفتنة فيما وقع بعد ذلك بين علي - رضي اللّه عنه - ومعاوية . . وقادوا حملة الوضع في الحديث والسيرة ورواياتالتفسير . . وكانوا من الممهدين لحملة التتار على بغداد وتقويض الخلافة الإسلامية . .

(
الظلال 1628)



2-


ثم إن رسول اللّه - صلى اللهعليه وسلم - جد في سفره وأمر الناس بالجهاز والإسراع . وحض أهل الغنى على النفقةوحمل المجاهدين الذين لا يجدون ما يركبون ؛ فحمل رجال من أهل الغنى محتسبين عنداللّه . وكان في مقدمة المنفقين المحتسبين ، عثمان بن عفان – رضي اللّه عنه – فأنفقنفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها . . قال ابن هشام:فحدثني من أثق به أن عثمان أنفق فيجيش العسرة في غزوة تبوك ألف دينار ، فقال رسول اللّه – صلى الله عليه وسلم -: اللهم ارض عن عثمان فإني عنه راض .

(
الظلال 1723 )


3-


خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - فحث على جيش العسرة ،فقال عثمان بن عفان:عليَّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها . قال:ثم نزل مرقاة منالمنبر ، ثم حث ، فقال عثمان:عليَّ مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها . قال:فرأيت رسولاللّه – صلى الله عليه وسلم - يقول بيده هكذا يحركها [ وأخرج عبد الصمد يدهكالمتعجب ] : ما على عثمان ما عمل بعد هذا . . [ وهكذا رواه الترمذي عن محمد بنيسار عن أبي داود الطيالسي ، عن سكن بن المغيرة أبي محمد مولى لآل عثمان به . وقال:غريب من هذا الوجه ] . ورواه البيهقي من طريق عمرو بن مرزوق عن سكن بن المغيرةبه ، وقال:ثلاث مرات وأنه التزم بثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها . .

(
الظلال 1724 )


=\=\=\=\=\=


معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهفي ( الظلال ) :


1-


وكثيرا ما تستجيش هذه الدعوة إلىالسماحة والعفو ، وتعليق القلب بعفو الله ومغفرته . نفوسا لا يغنيها العوض المالي ؛ولا يسليها القصاص ذاته عمن فقدت أو عما فقدت . . فماذا يعود على ولي المقتول منقتل القاتل ؟ أو ماذا يعوضه من مال عمن فقد ؟ . . إنه غاية ما يستطاع في الأرضلإقامة العدل ، وتأمين الجماعة . . ولكن تبقى في النفس بقية لا يمسح عليها إلاتعليق القلوب بالعوض الذي يجيء من عند الله . .
روى الإمام أحمد . قال:حدثناوكيع ، حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبي السفر ، قال " كسر رجل من قريش سن رجل منالأنصار . فاستعدى عليه معاوية . فقال معاوية : سنرضيه . . فألح الأنصاري . . فقالمعاوية : شأنك بصاحبك ! – وأبو الدرداء جالس- فقال أبو الدرداء : سمعت رسول اللهصلى الله عليه وسلم يقول : " ما من مسلم يصاب في جسده فيتصدق به إلا رفعه الله بهدرجة , أو حط عنه به خطيئة " .. فقال الأنصاري : فإني قد عفوت ..

(
الظلال 899 – 900 )


2-



ولقد ترك القرآن وسنة الرسول صلى اللهعليه وسلم في نفوس المسلمين أثرا قويا وطابعا عاما في هذه الناحية ، ظل هو طابعالتعامل الإسلامي الفردي والدولي المتميز . . روى أنه كان بين معاوية بن أبي سفيانوملك الروم أمد ، فسار إليهم في آخر الأجل . حتى إذا انقضى وهو قريب من بلادهم أغارعليهم وهم غارون لا يشعرون ، فقال له عمر بن عتبة : الله أكبر يا معاوية ، وفاء لاغدر ! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من كان بينه وبين قوم أجل فلايحلن عقده حتى ينقضي أمدها " !

فرجع معاوية بالجيش .

والروايات عنحفظ العهود - مهما تكن المصلحة القريبة في نقضها - متواترة مشهورة .

(
الظلال 2192 – 2193 )
=\=\=\=\=\=




عمرو بن العاصرضي الله عنه في الظلال


لم أجد إلا هذا الموضع الذي ينقل فيه سيد قطبحادثة شهيرة حصلت من أحد أبناء عمرو بن العاص رضي الله عنه :


1-


ولقد ضربت أبشار بني إسرائيل في طاغوت الفرعونية حتىذلوا . بل كان ضرب الأبشار هو أخف ما يتعرضون له من الأذى في فترات الرخاء ! ولقدضربت أبشار المصريين كذلك حتى ذلوا هم الآخرون واستخفهم فرعون ! ضربت أبشارهم فيعهود الطاغوت الفرعوني ؛ ثم ضربت أبشارهم في عهود الطاغوت الروماني . . ولميستنقذهم من هذا الذل إلا الإسلام ، يوم جاءهم بالحرية فأطلقهم من العبودية للبشربالعبودية لرب البشر . . فلما أن ضرب ابن عمرو بن العاص – فاتح مصر وحاكمها المسلمظهر ابن قبطي من أهل مصر – لعل سياط الرومان كانت آثارها على ظهره ما تزال – غضبالقبطي لسوط واحد يصيب ابنه – من ابن فاتح مصر وحاكمها – وسافر شهراً على ظهر ناقة، ليشكو إلى عمر بن الخطاب – الخليفة المسلم – هذا السوط الواحد الذي نال ابنه ! – وكان هو يصبر على السياط منذ سنوات قلائل في عهد الرومان – وكانت هذه هي معجزةالبعث الإسلامي .

(
الظلال 1364 )



=\=\=\=\=\=


صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمفي الظلال



مدح الأستاذ سيد قطب للصحابة أكثر من أن يحصى ، ولذلكفسنكتفي بعرض سبع مواضع فقط من الظلال لنرى صحة ما يقوله البعض من بغض سيد قطب رحمهالله للصحابة !! ومن أراد المزيد فليراجع الظلال وسيرى ما يسره فيه !



1-


هذا الدرس كله حديث عن المؤمنين ، وحديث معالمؤمنين . مع تلك المجموعة الفريدة السعيدة التي بايعت رسول الله صلى الله عليهوسلم تحت الشجرة . والله حاضر البيعة وشاهدها وموثقها ، ويده فوق أيديهم فيها . تلكالمجموعة التي سمعت الله تعالى يقول عنها لرسوله صلى الله عليه وسلم : لقد رضي اللهعن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ، فعلم ما في قلوبهم ، فأنزل السكينة عليهموأثابهم فتحا قريبا . . وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها: أنتم اليومخير أهل الأرض . .


حديث عنها من الله سبحانه وتعالى إلى رسوله صلى اللهعليه وسلم وحديث معها من الله سبحانه وتعالى:يبشرها بما أعد لها من مغانم كثيرةوفتوح ؛ وما أحاطها به من رعاية وحماية في هذه الرحلة ، وفيما سيتلوها ؛ وفيما قدرلها من نصر موصول بسنته التي لا ينالها التبديل أبدا . ويندد بأعدائها الذين كفرواتنديدا شديدا . ويكشف لها عن حكمته في اختيار الصلح والمهادنة في هذا العام . ويؤكدلها صدق الرؤيا التي رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دخول المسجد الحرام . وأن المسلمين سيدخلونه آمنين لا يخافون . وأن دينه سيظهر على الدين كله في الأرضجميعا .


ويختم الدرس والسورة بتلك الصورة الكريمة الوضيئة لهذه الجماعةالفريدة السعيدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفتها في التوراة وصفتهافي الإنجيل ، ووعد الله لها بالمغفرة والأجر العظيم . .


{
لقد رضي اللهعن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ، فعلم ما في قلوبهم ، فأنزل السكينة عليهم ،وأثابهم فتحا قريبا ، ومغانم كثيرة يأخذونها ، وكان الله عزيزا حكيما . . }


وإنني لأحاول اليوم من وراء ألف واربعمائة عام أن أستشرف تلك اللحظةالقدسية التي شهد فيها الوجود كله ذلك التبليغ العلوي الكريم من الله العلي العظيمإلى رسوله الأمين عن جماعة المؤمنين . أحاول أن أستشرف صفحة الوجود في تلك اللحظةوضميره المكنون ؛ وهو يتجاوب جميعه بالقول الإلهي الكريم ، عن أولئك الرجالالقائمين إذ ذاك في بقعة معينة من هذا الوجود . . وأحاول أن أستشعر بالذات شيئا منحال أولئك السعداء الذين يسمعون بآذانهم ، أنهم هم ، بأشخاصهم وأعيانهم ، يقول اللهعنهم:لقد رضي عنهم . ويحدد المكان الذي كانوا فيه ، والهيئة التي كانوا عليها حيناستحقوا هذا الرضى: إذ يبايعونك تحت الشجرة . . يسمعون هذا من نبيهم الصادق المصدوق، على لسان ربه العظيم الجليل . .


يالله ! كيف تلقوا - أولئك السعداء - تلك اللحظة القدسية وذلك التبليغ الإلهي ؟ التبليغ الذي يشير إلى كل أحد ، في ذاتنفسه ، ويقول له:أنت . أنت بذاتك . يبلغك الله . لقد رضي عنك . وأنت تبايع . تحتالشجرة ! وعلم ما في نفسك . فأنزل السكينة عليك !


إن الواحد منا ليقرأأو يسمع: الله ولي الذين آمنوا . . فيسعد . يقول في نفسه:ألست أطمع أن أكون داخلافي هذا العموم ؟ ويقرأ أو يسمع: إن الله مع الصابرين . . فيطمئن . يقول فينفسه:ألست ارجو أن أكون من هؤلاء الصابرين ؟ وأولئك الرجال يسمعون ويبلغون . واحداواحدا . أن الله يقصده بعينه وبذاته . ويبلغه:لقد رضي عنه ! وعلم ما في نفسه . ورضيعما في نفسه !


يا لله ! إنه أمر مهول !


لقد رضي الله عنالمؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة . . فعلم ما في قلوبهم . فأنزل السكينة عليهموأثابهم فتحا قريبا . .


علم ما في قلوبهم من حمية لدينهم لا لأنفسهم . وعلم ما في قلوبهم من الصدق في بيعتهم . وعلم ما في قلوبهم من كظم لانفعالاتهم تجاهالاستفزاز ، وضبط لمشاعرهم ليقفوا خلف كلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم طائعينمسلمين صابرين .


فانزل السكينة عليهم . . بهذا التعبير الذي يرسمالسكينة نازلة في هينة وهدوء ووقار ، تضفي على تلك القلوب الحارة المتحمسة المتأهبةالمنفعلة ، بردا وسلاما وطمأنينة وارتياحا .


وأثابهم فتحا قريبا . . هوهذا الصلح بظروفه التي جعلت منه فتحا ، وجعلته بدء فتوح كثيرة . قد يكون فتح خيبرواحدا منها . وهو الفتح الذي يذكره أغلب المفسرين على أنه هو هذا الفتح القريب الذيجعله الله للمسلمين . .


ومغانم كثيرة يأخذونها . . إما مع الفتح إن كانالمقصود هو فتح خيبر . وإما تاليا له ، إن كان الفتح هو هذا الصلح ، الذي تفرغ بهالمسلمون لفتوح شتى .


وكان الله عزيزا حكيما . . وهو تعقيب مناسبللآيات قبله . ففي الرضى والفتح والوعد بالغنائم تتجلى القوة والقدرة ، كما تتجلىالحكمة والتدبير . وبهما يتم تحقيق الوعد الإلهي الكريم .

(
الظلال 3325 )




2-



تحت عنوان : " دلالات من سؤال الصحابةللرسول عن شؤون حياتهم " يقول سيد قطب رحمه الله :

وهناك ظاهرة في هذهالسورة تطالعنا منذ هذا القطاع . تطالعنا في صورة مواقف يسأل فيها المسلمون نبيهمصلى الله عليه وسلم عن شؤون شتى ، هي الشؤون التي تصادفهم في حياتهم الجديدة ،ويريدون أن يعرفوا كيف يسلكون فيها وفق تصورهم الجديد ، ووفق نظامهم الجديد . وعنالظواهر التي تلفت حسهم الذي استيقظ تجاه الكون الذي يعيشون فيه . .

فهميسألون عن الأهلة . . ما شأنها ؟ ما بال القمر يبدو هلالا ، ثم يكبر حتى يستديربدرا ، ثم يأخذ في التناقص حتى يرتد هلالا ، ثم يختفي ليظهر هلالا من جديد ؟

ويسألون ماذا ينفقون ؟ من أي نوع من مالهم ينفقون ؟ وأي قدر وأية نسبة ممايملكون ؟

ويسألون عن القتال في الشهر الحرام وعند المسجد الحرام . هل يجوز؟

ويسألون عن الخمر والميسر ما حكمهما ؟ وقد كانوا أهل خمر في الجاهليةوأهل ميسر !

ويسألون عن المحيض ؟ وعلاقتهم بنسائهم في فترته . ثم يسألون عنأشياء في أخص علاقاتهم بأزواجهم ، وأحيانا تسأل فيها الزوجات أنفسهن .

وقدوردت أسئلة أخرى في موضوعات متنوعة في سور أخرى من القرآن أيضا . .

وهذهالأسئلة ذات دلالات شتى:


فهي أولا دليل على تفتح وحيوية ونمو في صورالحياة وعلاقاتها ، وبروز أوضاع جديدة في المجتمع الذي جعل يأخذ شخصيته الخاصة ،ويتعلق به الأفراد تعلقا وثيقا ؛ فلم يعودوا أولئك الأفراد المبعثرين ، ولا تلكالقبائل المتناثرة . إنما عادوا أمة لها كيان ، ولها نظام ، ولها وضع يشد الجميعإليه ؛ ويهم كل فرد فيه أن يعرف خطوطه وارتباطاته . . وهي حالة جديدة أنشأهاالإسلام بتصوره ونظامه وقيادته على السواء . . حالة نمو اجتماعي وفكري وشعوريوإنساني بوجه عام .

وهي ثانيا دليل على يقظة الحس الديني ، وتغلغل العقيدةالجديدة وسيطرتها على النفوس ، مما يجعل كل أحد يتحرج أن يأتي أمرا في حياتهاليومية قبل أن يستوثق من رأي العقيدة الجديدة فيه ، فلم تعد لهم مقررات سابقة فيالحياة يرجعون إليها ، وقد انخلعت قلوبهم من كل مألوفاتهم في الجاهلية ، وفقدواثقتهم بها ؛ ووقفوا ينتظرون التعليمات الجديدة في كل أمر من أمور الحياة . . وهذهالحالة الشعورية هي الحالة التي ينشئها الإيمان الحق . عندئذ تتجرد النفس من كلمقرراتها السابقة وكل مألوفاتها ، وتقف موقف الحذر من كل ما كانت تأتيه في جاهليتها، وتقوم على قدم الاستعداد لتلقي كل توجيه من العقيدة الجديدة ، لتصوغ حياتهاالجديدة على أساسها ، مبرأة من كل شائبة . فإذا تلقت من العقيدة الجديدة توجيها يقربعض جزئيات من مألوفها القديم ، تلقته جديدا مرتبطا بالتصور الجديد . إذ ليس منالحتم أن يبطل النظام الجديد كل جزئية في النظام القديم ؛ ولكن من المهم أن ترتبطهذه الجزئيات بأصل التصور الجديد ، فتصبح جزءا منه ، داخلا في كيانه ، متناسقا معبقية أجزائه . . كما صنع الإسلام بشعائر الحج التي استبقاها . فقد أصبحت تنبثق منالتصور الإسلامي ، وتقوم على قواعده ، وأنبتت علاقتها بالتصورات الجاهلية نهائيا .

(
الظلال 179 – 180 )



3-


يقول سيد منتقدا بعضحركات التصوف :


هذه هي القيمة المطلقة الأخيرة في ميزان الله للحياةالدنيا وللدار الآخرة . . وما يمكن أن يكون وزن ساعة من نهار ، على هذا الكوكبالصغير ، إلا على هذا النحو ، حين توازن بذلك الأبد الأبيد في ذلك الملك العريض . وما يمكن أن تكون قيمة نشاط ساعة في هذه العبادة إلا لعبا ولهوا حين تقاس إلى الجدالرزين في ذلك العالم الآخر العظيم . .

هذا تقييم مطلق . . ولكنه في التصورالإسلامي لا ينشئ - كما قلنا - إهمالا للحياة الدنيا ولا سلبية فيها ولا انعزالاعنها . . وليس ما وقع من هذا الإهمال والسلبية والانعزال وبخاصة في بعض حركات "التصوف" "والزهد" بنابع من التصور الإسلامي أصلا . إنما هو عدوى من التصوراتالكنسية الرهبانية ؛ ومن التصورات الفارسية . ومن بعض التصورات الإشراقية الإغريقيةالمعروفة بعد انتقالها للمجتمع الإسلامي !

والنماذج الكبيرة التي تمثلالتصور الإسلامي في أكمل صورة ، لم تكن سلبية ولا انعزالية . . فهذا جيل الصحابةكله ؛ الذين قهروا الشيطان في نفوسهم ، كما قهروه في الأنظمة الجاهلية السائدة منحولهم في الأرض ؛ حيث كانت الحاكمية للعباد في الإمبراطوريات .. هذا الجيل الذي كانيدرك قيمة الحياة الدنيا كما هي في ميزان الله ، هو الذي عمل للآخرة بتلك الآثارالإيجابية الضخمة في واقع الحياة ، وهو الذي زاول الحياة بحيوية ضخمة ، وطاقة فائضة، في كل جانب من جوانبها الحية الكثيرة .

إنما أفادهم هذا التقييم الربانيللحياة الدنيا وللدار الآخرة ، أنهم لم يصبحوا عبيدا للدنيا . لقد ركبوها ولمتركبهم ! وعَبَّدوها فذللوها لله ولسلطانه ولم تستعبدهم ! ولقد قاموا بالخلافة عنالله فيها بكل ما تقتضيه الخلافة عن الله من تعمير وإصلاح ، ولكنهم كانوا يبتغون فيهذه الخلافة وجه الله ، ويرجون الدار الآخرة فسبقوا أهل الدنيا في الدنيا ، ثمسبقوهم كذلك في الآخرة !


(
الظلال 1072 )



4-


إنني لم أجد نفسي مرة واحدة - في مواجهة هذهالموضوعات الأساسية - في حاجة إلى نص واحد من خارج هذا القرآن [ فيما عدا قول رسولالله صلى الله عليه وسلم ، وهو من آثار هذه القرآن ] بل إن أي قول آخر ليبدو هزيلاً - حتى لو كان صحيحاً - إلى جانب ما يجده الباحث في هذا الكتاب العجيب ..

إنها الممارسة الفعلية التي تنطق بهذه التقريرات ؛ والصحبة الطويلة في ظلحاجات الرؤية والبحث والنظر في هذه الموضوعات .. وما بي أن أثني على هذا الكتاب . . ومن أنا ومن هؤلاء البشر جميعاً ليضيفوا إلى كتاب الله شيئاً بما يملكون من هذاالثناء !

لقد كان هذا الكتاب هو مصدر المعرفة والتربية والتوجيه والتكوينالوحيد لجيل من البشر فريد . . جيل لم يتكرر بعد في تاريخ البشرية - لا من قبل ولامن بعد - جيل الصحابة الكرام الذين أحدثوا في تاريخ البشرية ذلك الحدث الهائلالعميق الممتد ، الذي لم يدرس حق دراسته إلى الآن ..

لقد كان هذا المصدر هوالذي أنشأ - بمشيئة الله وقدره - هذه المعجزة المجسمة في عالم البشر . وهي المعجزةالتي لا تطاولها جميع المعجزات والخوارق التي صحبت الرسالات جميعاً . . وهي معجزةواقعة مشهودة . . أن كان ذلك الجيل الفريد ظاهرة تاريخية فريدة ..

ولقد كانالمجتمع الذي تألف من ذلك الجيل أول مرة ، والذي ظل امتداده أكثر من ألف عام ،تحكمه الشريعة التي جاء بها هذا الكتاب ، ويقوم على قاعدة من قيمه وموازينه ،وتوجيهاته وإيحاءاته . . كان هذا المجتمع معجزة أخرى في تاريخ البشرية . حين تقارنإليه صور المجتمعات البشرية الأخرى ، التي تفوقه في الإمكانيات المادية - بحكم نموالتجربة البشرية في عالم المادة - ولكنها لا تطاوله في "الحضارة الإنسانية " !


(
الظلال 1423 )




5-



والقلب المؤمنيجد في آيات هذا القرآن ما يزيده إيماناً ، وما ينتهي به إلى الاطمئنان . . إن هذاالقرآن يتعامل مع القلب البشري بلا وساطة ، ولا يحول بينه وبينه شيء إلا الكفر الذييحجبه عن القلب ويحجب القلب عنه ؛ فإذا رفع هذا الحجاب بالإيمان وجد القلب حلاوةهذا القرآن ، ووجد في إيقاعاته المتكررة زيادة في الإيمان تبلغ إلى الاطمئنان . . وكما أن إيقاعات القرآن على القلب المؤمن تزيده إيماناً ، فإن القلب المؤمن هو الذييدرك هذه الإيقاعات التي تزيده إيماناً . . لذلك يتكرر في القرآن تقرير هذه الحقيقةفي أمثال قوله تعالى : { إن في ذلك لآيات للمؤمنين } .. { إن في ذلك لآيات لقوميؤمنون } ..

ومن ذلك قول أحد الصحابة - رضوان الله عليهم - : كنا نؤتىالإيمان قبل أن نؤتى القرآن ..

وبهذا الإيمان كانوا يجدون في القرآن ذلكالمذاق الخاص ، يساعدهم عليه ذلك الجو الذي كانوا يتنسمونه ؛ وهم يعيشون القرآنفعلاً وواقعاً ؛ ولا يزاولونه مجرد تذوق وإدراك !


(
الظلال 1475 )




6-

ومن هذه الآية الكريمة – { وأن ليس للإنسان إلا ماسعى } - استنبط الشافعي رحمه الله ومن اتبعه أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلىالموتى ، لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم . ولهذا لم يندب إليه رسول الله صلى اللهعليه وسلم أمته ، ولا حثهم عليه ، ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء ، ولم ينقل ذلك عنأحد من الصحابة - رضي الله عنهم - ولو كان خيرا لسبقونا إليه . وباب القربات يقتصرفيه على النصوص ، ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء . فأما الدعاء والصدقة فذاكمجمع على وصولهما ومنصوص من الشارع عليهما . .

(
الظلال 3415 )



7-


في تفسير قوله تعالى : { ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن } ، يقول سيد :

يقول الله هذا عن نساء النبي الطاهرات ، أمهات المؤمنين ،وعن رجال الصدر الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لا تتطاول إليهموإليهن الأعناق .

(
الظلال 2878 )



=\=\=\=\=


وبعدهذا العرض نقول :

أليس من العدل يا من تنتقدون الأستاذ الشهيد – إن شاء اللهأن ترجعوا لآخر ما كتبه في حياته حتى تتبينوا رأيه النهائي في الصحابة؟!

هل من العدل أن نحاسب الناس على ما فعلوه في جاهلياتهم ؟!

وأكرر : من أراد أن يعرف رأي سيد قطب في الصحابة فليرجع لكتب سيد قطب وسيرى أن التهويلوالتهويش سمة شبه سائدة في من ينتقد كتب سيد رحمه الله من الشباب هذه الأيام .






 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:18 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "