الأزهري الأصلي: 30-12-2007, 17:41
السلام عليكم
سأعلق في هذه المشاركة على الأمور الخاصة بموضوع التفويض ولن اعلق على النقاط الخارجة عن الموضوع.
1- بالنسبة لمقولة الإمام مالك -رضي الله عنه-:
سبق وذكرنا أقوال العلماء في هذه المقولة وخلاصتها:
أ- "معلوم" أي معلوم ذكره في القرآن وهو مذهب ابن قدامة وغيره ويؤيده اللفظ الآخر للمقولة -بالسند الصحيح عنه- "استوى كما وصف نفسه" فوصفك لهذا التفسير بأنه "تحريف ساذج لا ينطلي إلا على ضعاف العقول" وصف لا يليق بأمثال الإمام ابن قدامة ولست له بند.
ب- "معلوم" أي معلوم معناه اللغوي من حيث هو كلفظ وكل ألفاظ الصفات معلومة لغة إذ هي ألفاظ عربية ولا أحد ينكر هذا بل كلامنا في هذه الألفاظ بعد إضافتها لله تعالى وكونها أصبحت صفات له -سبحانه وتعالى- فقلتم نعرف معناها كذلك ولم تنطقوا به!!
ويؤيد هذا أن الإمام مالك لم يقل : "استواؤه معلوم" بل قال "الاستواء معلوم" وهناك فرق لمن يرى.
وسبق أن فصلنا مقولة الإمام مالك سابقاً في هذا الموضوع وبصراحة لو ظللت تكرر أموراً تكلمنا عنها في نفس الموضوع فهذا يعني أنك لا تقرأ المشاركات ونكون بهذا نضيع الوقت في هذا النقاش.
2- قولك أن لازم قولنا أن الله لو لم ينزل هذه الصفات لكان خيراً لنا وأن السلف كانوا كالحمار يحمل أسفاراً وأن الأزهري يريد أن يصلح ما أفسدته الصفات!! .......إلخ هذه الاتهامات:
فهذا والله هو الافتراء فنحن نستشعر أكثر منكم معنى قوله تعالى "يد الله فوق أيديهم" فلا ننكث عهداً ولا نخفر ذمة وهذا هو المعنى الذي أريد به وضع هذه الصفة في هذا السياق , ونحن نعرف مآل غضب الله تعالى فنخاف منه سبحانه وتعالى ونعرف مآل رحمته فنرجوه سبحانه وتعالى.......... وهكذا وهذا هو الذي كان السلف يتكلمون فيه فأما المعاني التفصيلية الدقيقة لكل لفظ بعد إضافته لموصوفه فما كان منهجهم الحديث عنه , فأين أنتم من نشر هذه المعاني ؟؟ أي عاقل ينظر إليكم وإلى تناحركم وتناحر المؤولة معكم لا يكاد يخرج بمعنى ينطبع في قلبه ويزكي عمله!! والحديث عن هذا يطول.
ومن أغرب الأمور أنك تقول أن كتب التفسير لا تزال تفسر هذه الصفات وتروي في ذلك الروايات وهل طلبنا منك إلا هذا؟ نحن نكرر مطالبتك بان تضع لنا تفاسير السلف لهذه الصفات فأنت حتى الان تتناقض وتكرر التناقض فتارة تقول أننا لا نفسرها كما لم يفسرها السلف ونكتفي فقط بإيراد النص الذي جاءت بها وتارة تقول نحن نعرف تفسيرها فها نحن نكرر المطالبة.
3- تكرر -ولا أظنك ستنتهي- أننا نقول أننا نسمح بمعان مجملة للصفات وسنظل نكرر أن المعاني المجملة ليست للصفات بل للسياق الذي وردت به الصفات ككل ف"يد الله" وردت في عدة سياقات اختلفت في معانيها:
فقوله تعالى : "يد الله فوق أيديهم" لها معنى إجمالي مختلف تماماً عن قوله تعالى "وقالت اليهود يد الله مغلولة" فالصفة واحدة "يد الله" ولكن اختلف معنى الجملة التي وردت فيها ويلزمكم أن تقولوا أن "يد الله" في الآيتين معناهما كذا.
وقوله تعالى : "ولتصنع على عيني" يختلف في معناه الإجمالي عن قوله تعالى : "تجري بأعيننا" ويلزمكم أن تحددوا معنى "أعيننا" و "عيني" وهكذا.
4- أما موضوع التفريق بين الصفات الخبرية والصفات العقلية فمجرد التقسيم كاف للتفريق ومجرد الحديث في معاني قسم دون الآخر كاف للاستدلال على التفريق في المعاملة وإلا فيلزمكم كما تكلمت في معاني الصفات العقلية أن تتكلموا هنا ولا تقولوا لنا "قراءتها تفسيرها" ونمتنع عن التفسير كما قلت!! ويكفي للاستدلال أيضاً أقوال السلف العديدة في الصفات الخبرية "لا تفسر" "قراءتها تفسيرها" "أمروها كما جاءت" وغيرها فلماذا لم يقولوها في الصفات العقلية وخصوا الصفات الخبرية بها؟!!
وأنا اكتفي من كل هذه الإلزامات بإلزام واحد وهو تفريقكم أنتم حيث تقولون أننا نمتنع كما امتنع السلف هنا ونخوض كما خاض السلف هناك!! ولكنكم تزيدون قولاً متناقضاً وهو أن السلف امتنعوا وهم يعرفون!!
5- أما مسألة تفسير "بعض" السلف ل"واحدة" من الصفات وقول الأخ الدمشقية أن هذا كاف لإثبات أن منهج السلف هو الحديث في المعاني فقول عجيب ما كنت أظنه يخرج من الأخ الدمشقية إذ لقائل أن يقول:
إذاً لو جئنا بتأويل -أو أكثر وهو موجود- ل"بعض" السلف لبعض الصفات فيكون مذهبهم التأويل!! أتقول بهذا ؟؟ فلو قلت به لجئناك بتأويلات لهم .
وسبق أن أجبنا عن هذا الموضوع من قبل.
على أنه ينبغي توضيح الآتي :
أنا لم أقل أن مجاهد وأبي العالية "اتبعا الظن" ولا أنهما "مخطئان" ولا أنهما قالا "بالرأي" ولا أنهما فارقا رأي السلف بقولهما هذا -وكل ما سبق اتهامات الأخ الدمشقية لي- بل قلت أن ما قالاه لا نستطيع عبره وهو نص وحيد في صفة واحدة أن نقول أن منهج السلف هو تفسير معاني كل الصفات.
لأن -وكما سبق- المنهج يكون بغالب التصرف -كما هو معروف- وغالب تصرف السلف هو السكوت عن هذه المعاني وأنتم تفسرونه بأن سكوت معرفة ونحن نفسره بأنه سكوت عدم معرفة بدلائل النصوص التي وردت عنهم وكررناها كثيراً.
6- أما الفرق بينكم وبين المؤولة :
فقد قلنا من قبل أن كثيراً من الألفاظ -أي لفظ حتى في غير الصفات- يكون لها أكثر من معنى لغوي موجود -وحسب قولكم كلها حقيقة لا مجاز فيها- والالفاظ التي تحتمل معنى واحد قليلة جداً واعطيك مثالاً معروفاً وهو معنى اليد وأبرز من جمع معانيها الحافظ ابن حجر في الفتح - وهو من أقل المتأثرين بالأشعرية وإن كان فيه تمشعر!! حسب قولكم- حيث قال :
(واليد في اللغة تطلق لمعان كثيرة اجتمع لنا منها خمسة وعشرون معنى ما بين حقيقة ومجاز :
الأول : الجارحة
الثاني : القوة نحو "داود ذا الأيد"
الثالث : الملك "إن الفضل بيد الله"
الرابع : العهد "يد الله فوق أيديهم" ومنه قوله (هذي يدي لك بالوفاء).
الخامس : الاستسلام والانقياد قال الشاعر (أطاع يدا بالقول فهو ذلول).
السادس : النعمة قال (وكم لظلام الليل عندي من يد)
السابع : الملك "قل إن الفضل بيد الله"
الثامن : الذل "حتى يعطوا الجزية عن يد"
التاسع : "أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح"
العاشر : السلطان
الحادي عشر : الطاعة
الثاني عشر : الجماعة
الثالث عشر : الطريق يقال (أخذتهم يد الساحل)
الرابع عشر : التفرق (تفرقوا أيدي سبأ)
الخامس عشر : الحفظ
السادس عشر : يد القوس أعلاها
السابع عشر : يد السيف مقبضه
الثامن عشر : يد الرحى عود القابض
التاسع عشر : جناح الطائر
العشرون : المدة يقال (لا ألقاه يد الدهر)
الحادي والعشرون : الابتداء يقال (لقيته أول ذات يدي) و(أعطاه عن ظهر يد)
الثاني والعشرون : يد الثوب ما فضل منه
الثالث والعشرون : يد الشيء أمامه
الرابع والعشرون : الطاقة
الخامس والعشرون : النقد نحو (بعته يدا بيد) )
* ملحوظة: المعنيان الثالث والسابع متشابهان وهكذا هو في معظم الطبعات ولعله خطأ من النساخ أو هو تكرار غير مقصود والله اعلم.
فماذا فعل المؤولة وماذا فعلتم؟
أ- حدد المؤولة من هذه المعاني معنى معين -اختلفوا في المحدد واتفقوا في أصل التحديد- فبعضهم قال معناها : "النعمة" وبعضهم قال : "القوة" وبعضهم قال غيره ونحن نرفض هذا التحديد لأنه مظنون غير قطعي ولكنهم بهذا التحديد لا يخرجون من أهل السنة بل لهم أجر المخطيء على الأقل , ونحارب غيره من التأويلات التي تخرج خارج نطاق العربية ككثير من تفسيرات المعتزلة والباطنية وغيرهم.
وكل ما يفعله المؤول من تحديد يكون بعد نفي المعنى المراد في البشر.
وفي هذا يقول الإمام البنا:
(وإذا تقرر هذا فقد اتفق السلف والخلف على أصل التأويل ، وانحصر الخلاف بينهما في أن الخلف زادوا تحديد المعنى المراد حيثما ألجأتهم ضرورة التنزيه إلى ذلك حفظا لعقائد العوام من شبهة التشبيه، وهو خلاف لا يستحق ضجة ولا إعناتا ).
ويقصد بالاتفاق على أصل التأويل اتفاقهم على الحديث في هذه الصفات بعد نفي مشابهة الله تعالى لخلقه فالمشبهة خارج نطاق الحوار.
وكان قبلها قد رفض التحديد -التأويل- فقال:
(فاللغة أقصر من أن تواتينا بالألفاظ التي تدل على هذه الحقائق ، فالتحكم في تحديد المعاني بهذه الألفاظ تغرير) مرجحاً مذهب السلف .
ب- وماذا فعلتم أنتم؟
رفضتم كل هذه المعاني ثم وقفتم ولم تحددوا معنى آخر غيرها ثم قلتم المعنى معلوم!! فياللتناقض!! ففرغتم الألفاظ عن معانيها المعروفة - مع أنها كلها معاني حقيقة عندكم إذ لا مجاز في القرآن والسنة كما تقولون- ولم تملأوا خانة المعاني فهذا شبيه بالتعطيل إن لم يكن هو هو!!
ج - وأما السلف -وهو ما نجزم أنه مذهبهم- فنفوا معاني التجسيم عن الله تعالى -والكل متفق على نفيها- ثم توقفوا عن تحديد "معنى معين" من المعاني السابقة لأن التحديد لا بد أن يكون بدليل قطعي ولا دليل هنا عليه إلا الظن , وقالوا: إننا نكل علم هذا المعنى إلى عالمه -سبحانه وتعالى-.
وقالوا: يكفينا معرفة المعنى المقصود من السياق ككل وهذا هو الحد الكافي للتدبر والعمل.
وكما اعطينا مثالاً لصفة ذاتية هي (اليد) نعطيكم مثالاً آخر لصفة فعلية هي النزول فالنزول من معانيه اللغوية:
- الهبوط من أعلى إلى أسفل
- الانحطاط من أعلى إلى أسفل.
- الحلول كما في قوله تعالى (فإذا نزل بساحتهم...) أي حل.
- الانحدار من أعلى إلى أسفل ومنه النزول من الجبل إلى الوادي.
- الترك كما يقولون (نزل عن رأيه) أي تركه.
- الإصابة : نزل به مكروه أي أصابه.
- الإتيان : نزل الحاج أي أتى منى.
- الموافقة : نزل على إرادة زميله أي وافقه.
وغيرها من معاني النزول اللغوية التي اوصلها بعض أهل العلم إلى خمسة عشر معناً لغوياً وحسب ما تقولون أنه لا مجاز في القرآن والسنة فكل هذه المعاني حقيقية فما هو تحديد معنى "نزول الله تعالى" عندكم ؟ وما هو دليل هذا التحديد ؟
ونعطي هنا مثالاً لمعاني الاستواء المعدى ب"على":
فمن معانيه : العلو -الارتفاع - الاستقرار - الجلوس - القعود وغير ذلك كثير مما هو موجود في معاجم اللغة , فلماذا حدد بعض السلف بعض معاني هذا الاستواء وقالوا أن المراد به "العلو والارتفاع" دون غيره ؟؟
حاشا السلف أن يتكلموا في صفات الله بالظنون وحاشا العلماء أن يتداولوا هذا بغير فهم فخرجنا من هذا بماذا ؟ أن هؤلاء السلف -كمجاهد وأبي العالية- قالا ما قالاه بتوقيف عندهم وتلقي العلماء لتفسيرهم هذا بالقبول يرفع كلامهم فوق الظن ويرفعه لقريب من اليقين.
وسنجد أن هذا التفسير تفسير للصفة بصفة أخرى فالله تعالى موصوف بالعلو -ومن مرادفاته الارتفاع- فنجدهم حتى في تفسيرهم للصفة لم يخرجوا غلى المعاني اللغوية الشائعة وينسبونها لله تعالى.
وعلى هذا قس في كل الصفات الخبرية نريد تحديد معانيها ويكون هذا التحديد بدليل أو قول لبعض السلف تلقاه العلماء بالقبول ولم ينتقد وكان صحيحاً في نفسه.
على أنه ينبغي التنبه إلى ما يلي :
- "في" من معانيها اللغوية الظرفية وهذا مما لا يليق به سبحانه وتعالى ولذلك فهناك إجماع من السلف ومن بعدهم -من أهل السنة- على نفي هذا المعنى من ضمن معاني "في" وقالوا في مثل قوله تعالى "في السماء" ومثل قول الجارية "في السماء" أن معنى "في" هنا هو : (على).
- "مع" من معانيها اللغوية : معية الذات أو الصفات ومعية ذاته مع خلقه مما نفاه أهل السنة واقتصروا على آيات وأحاديث المعية بأن المقصود بها معية الصفات.
وهكذا وكل هذه التأويلات -إذ نفي معنى من المعاني اللغوية للنص وتحديد آخر اسمه تأويل او تفسير أو تبيان للمعنى وتحديد له- جاءت بأدلة قطعية وهذا ما نقول به ولا نخرج عنه قطعاً أما التأويلات الظنية فلا نقول بها أبداً.
وفي النهاية اذكر الإخوة بالأسئلة التي كررناها والتي يمتنع عن الإجابة عنها الأخ الدمشقية وغيره -وأقول يمتنع عنها كل عاقل- لأنه بالفعل لا يستطيع أحد ينتهج منهج السلف الحق أن يحدد معنى بغير دليل قطعي.
فمذهبنا ومذهبهم واحد إلا أننا نسميه باسمه وهم يمتنعون ويتناقضون!!
يتبع.....
الأزهري الأصلي: 31-12-2007, 05:03
السلام عليكم مجدداً :
هذه المشاركة كالاستراحة بين شوطين!!
قال الأخ الدمشقية: 06-01-2008, 19:05
(وخذ هذه زيادة ثالثة صحيحة الإسناد:
قال محمد بن الـجـهـم حدثنا يحيى بن زياد الفراء قال وقد قال ابن عباس في ثم استوى إلى السماء صعد ” أخرجه البيهقى فى الصفات“ وذكره الذهبى فى العلو للعلى الغفار
قال الشيخ الألبانى : إسناده إلى الفراء لا بأس به وبقية رجاله ثقات ).
التعليق :
هذا الأثر موجود في (معاني القرآن) للفراء -وهو مطبوع- فكان الأولى نقله بالسند العالي.
ثم نقول:
الأخ دمشقية ليست هذه زيادة صحيحة الإسناد ولا غيره فيحيى بن زياد الفراء توفي عام 207 هـ فبينه وبين سيدنا ابن عباس مفاوز لعلك تبحث عن وصلها كما وصلت تعليق أثري مجاهد وأبي العالية من تغليق التعليق!!
وبالمناسبة :
ليس تفسير مجاهد وأبي العالية للاستواء بالصحيح سنداً لذاته فتفسير مجاهد رواه عنه ابن أبي نجيح وهو لم يسمع من مجاهد ولم يلقه وإنما أخذ حديثه بواسطة وأهل العلم اختلفوا في قبول روايته عن مجاهد فبعضهم قبلها لمعلومية الواسطة وكونه -أي الواسطة- أحد الثقات وبعضهم توقف فيها لأن ابن أبي نجيح كان (ربما دلس) كما أنه كان صاحب بدعة داعية إليها وهي بدعة القدرية وكان شيخه فيها عمرو بن عبيد -عليه من الله ما يستحق- فتفسير ابن أبي نجيح -وإن احتفى به كثير من العلماء- ليس هو مما يفيد بذاته في محل نزاع.
وتفسير أبي العالية أيضاً لا يصح لذاته فمعظم طرقه من طريق أبي جعفر الرازي وقد لخص الذهبي درجته عند العلماء بقوله: (قال أبو زرعة: يهم كثيرا، وقال النسائى: ليس بالقوى، ووثقه أبو حاتم) ثم لخص ابن حجر الأقوال في التقريب قائلاً : (صدوق سىء الحفظ خصوصا عن مغيرة) وقد رواه أبو جعفر هذا عن الربيع بن أنس عن أبي العالية ورواية أبي جعفر عن الربيع مطعون فيها :
قال ابن حبان فى " الثقات " في ترجمة الربيع بن أنس : (الناس يتقون من حديثه ما كان من رواية أبى جعفر عنه ، لأن فى أحاديثه عنه اضطرابا كثيراً) وهذه الرواية من رواية أبي جعفر عن الربيع!!
وقد وصلها ابن حجر من طريق آخر فقال في التغليق: (أما قول أبي العالية فقال أبو جعفر الطبري في تفسيره حدثنا محمد ثنا أبو بكر بن عياش عن حصين عن أبي العالية) ولم اجده في التفسير المطبوع للطبري.
ومحمد هو بن أبان -كما قال العيني في عمدة القاري- لخص ابن حجر حاله فقال: (صدوق تكلم فيه الأزدى) كما لا يعرف للطبري رواية عنه فقد مات ابن أبان هذا قبل أن يبلغ الطبري وليس هو في شيوخه فيبدو أن السند فيه سقط لأن ابن أبان من طبقة شيوخ شيوخ الطبري.
وأبو بكر بن عياش سيء الحفظ لما كبر والخلاف فيه معروف.
وحصين أيضاً لما كبر تغير.
وإنما لم نقل هذا من قبل واكتفينا بشرح المتن لما تلقى العلماء هذين التفسيرين بالقبول -اقصد تفسير الاستواء بالعلو والارتفاع-فليس في بحث السند كبير فائدة في نقاشنا لأن النقاش عن المضمون.
ملحوظة : أرجو المعذرة فسأتأخر لمدة ثلاثة أيام أو أقل قليلاً نظراً لسفري فيها فنرجو عدم كتابة أي شيء حتى أتم ردي.
يتبع....
الأزهري الأصلي: 06-01-2008, 18:21
السلام عليكم مجدداً :
أنا آسف على التأخير فأنا اعيش في مشاكل لي أيام فأسألكم الدعاء بالفرج.
تنبيهات هامة قبل الحديث في آخر مشاركة :
1- عرفت أن الأخ الدمشقية احتسب علي قصة السمكة وابنتها "كذبة" وهذا في الحقيقة مدهش فما زال أهل العلم يذكرون هذه الأشياء دون نكير ولعل أشهرها قصة الثيران الذين قال آخرهم (أكلت يوم أكل الثور الأبيض)!! ومنها المناظرة الشهيرة التي عقدها ابن القيم بين الماء والزيت!! وهناك من السلف من اشتهر عنهم إجراء الحكم على ألسنة الحيوانات وهناك كتب كثيرة في هذا أشهرها (كليلة ودمنة) و (مقامات الحريري) وكل هذا يعرف بما يسمى المقامات وعندي العديد من الفتاوى -حتى لعلماء السلفية المعاصرة- بجواز مثل هذا فلا أدري وجه إنكار الأخ الدمشقية علي في هذا واحتسابها "كذبة" وما أظنها إلا "جهلة" منه ؟!! وانصحه بسماع أهل العلم والجلوس بين أيديهم لتعلم العلم منهم والتخلق بأخلاقهم.
2- الأمر الهام الثاني أن الكلام الحديثي عن أثري مجاهد وأبي العالية كلام عن الأسانيد التي وصلت إلينا فقط ورفعها لمرتبة القبول قبول العلماء لها وحكايتهم لها دون نكير فهذا ما يجعلنا نتقبلها قبولاً تاماً .
فإن قال قائل إن أثر مجاهد جاء من طريق على شرط البخاري سنداً -ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد- فكيف تقول فيه ما قلت ؟
قلنا إن أهل العلم المحققين لا يقبلون مثل هذا لأن هناك رواة أجمع أهل العلم على ضعفهم أو على الأقل الجمهور على ترك روايتهم وأخرج لهم البخاري ومسلم -كابن أبي أويس مثلاً- ولذلك انتقد بعض العلماء عليهما ذلك ولكن رد المحققون أن من كان هكذا صفته في الصحيحين وأخرجا له فإن هذا يدل على أنهما سبرا روايته التي أورداها -أو أحدهما- وتبين لهما صحتها بشواهدها أو متابعاتها أو نحو ذلك مما هو معروف.
فشرط البخاري لا يتعلق بالسند وحده بل يتعلق بالمتن أيضاً.
وبخاصة أن ابن أبي نجيح علاوة على بدعته -قدري معتزلي تلميذ لعمرو بن عبيد رأس المعتزلة- فهو (قد يدلس) والقول بثقة الواسطة بينه وبين مجاهد ليس بالمطرد بخاصة مع المدلس المبتدع وبخاصة أيضاً أن هذا من رواية ورقاء عنه وهو أيضاً من المختلف فيهم.
فالأثر عن مجاهد مختلف في سنده وليس مقبولاً لذاته مطلقاً بل مقبول لقبول العلماء له.
أما أثر أبي العالية فهو ضعيف ولا شك في سنده كما فصلنا -بعض التفصيل- ولكن أيضاً هو مقبول لقبول العلماء له اللهم إلا من رد بعض العلماء له كابن بطال والسيوطي وغيرهما -سلمهما الله منك-.
وإنما قلت هذا لأني وجدت الأخ الدمشقية في موضوعه المحذوف يقول بأني أرد على الأثرين اللذين في البخاري ولو كانا بهذه الدرجة من الصحة ما أتى الأخ الدمشقية بوصلهما بعد تعليق البخاري لهما بل ما ألف الحافظ ابن حجر كتابه التغليق.
يتبع بآخر مشاركة.
الأزهري الأصلي: 06-01-2008, 19:05
السلام عليكم ورحمة الله :
هذه آخر مشاركة في الردود والزيادات على الأخ الدمشقية في مشاركاته السابقة :
1- يقول الأخ الدمشقية ويتساءل : لماذا تتناطح مع شيخ الإسلام ابن تيمية ؟؟
فأقول :
الاختلاف والاحترام لا يتعارضان إلا عند المتعصبين فقط وقد تعلمنا الأدب ممن قال : (شيخ الإسلام حبيب إلينا ولكن الحق أحب إلينا منه) -والتي قالها ابن القيم في تأويل الكلام الفج للهروي في منازل السائرين فما بالك بخلاف نراه نحن لفظياً وتراه أنت "شبه لفظي"؟!! - فقد ظهر لنا أن كلامنا هو الحق وظهر لنا أن جمهور علماء المسلمين عليه فكيف نتركه ؟؟
ومع هذا فنحن نحب ابن تيمية وليتكم مثله في موسوعيته.
ثم قال الأخ الدمشقية قولاً طريفاً -اعذروني- وهو تعليله لكلامه أن ابن حجر والسيوطي وغيرهم قالوا عنه أنه (شيخ الإسلام)!! فماذا في هذا؟
فعلاوة على ما تقدم من عدم تعارض الاختلاف والاحترام فلنا أن نتسائل :
وما هو مذهب السلف عند ابن حجر والسيوطي ؟؟ أليس هو مذهبنا : (تفويض المعنى)؟؟
ألم تعدوا هذا من زلاتهم وألفتم في مخالفاتهما العقدية وكانت هذه منها؟!! سبحان الملك.
2- سأل الأخ الدمشقية سؤالاً غريباً : هل يستطيع المفوض إثبات الصوت لله تعالى ؟؟
ولا أدري وجه هذا السؤال : ألم ثبت الصوت في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- فلماذا يتوقف المفوض أو غيره في الإثبات ؟؟ طالما جاء به النص فالمفوض يثبته.
وإثبات المفوض له ليس لإثبات الإمام أحمد أو غيره له بل لإثبات النبي -صلى الله عليه وسلم- له بوحي من الله تعالى.
3- ثم سأل الأخ الدمشقية سؤالاً يتعلق بالسؤال السابق وهو :
ما قولنا في خوض النبي -صلى الله عليه وسلم- في معاني الصفات كإثبات الصوت لكلام الله تعالى ونحوه ؟
فنقول : وهذا سؤال أغرب مما سبقه.
لأن كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- وحي من الله تعالي وليس من عندياته ولا من فهمه المجرد لكلام ربه.
فالله تعالى هو الذي أثبت الصوت لكلامه وأوحاه لنبيه -صلى الله عليه وسلم- فبلغنا به.
4- أما بالنسبة للأحاديث التي أوردها الأخ الدمشقية من نحو تلاوة النبي -صلى الله عليه وسلم- (والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة) وهز المنبر وقبض وبسط يده والإشارة إلى عينه وأذنه -صلى الله عليه وسلم- عند إيراد سمع وبصر الله تعالى ....إلخ, فلا أدري وجه إيراد هذا في موضوعنا موضوع التفويض ؟
فهذه الأحاديث لها فهمان لا ثالث لهما :
فهم المشبهة -عليهم من الله ما يستحقون- الذين يقولون يستدل من هذا أن صفات الله كصفاتنا يحل تمثيلها في أنفسنا وهذا قول باطل لا أقول ولا تقول به.
وفهم أهل السنة وهو ان المراد بهذه الأحاديث التأكيد على إثبات هذه الصفات لله تعالى وعدم التعدي فوق الإثبات فمثلاً لا يستطيع أحد أن يستدل بإشارة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأذنه لإثبات الأذن لله تعالى!! بل هو لإثبات السمع فقط.
كل هذا كان في غير موضوعنا فما علاقة ما سبق به وكيف نستدل به على الخوض في معاني هذه الصفات اللغوية ؟؟ الله اعلم.
5- أما بالنسبة لقول الإمام الترمذي حكاية عن الجهمـية ” تأولت الـجـهـمـيــــة هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم“ (سنن الترمذي3/42).
فهذه لنا لا علينا لأن نص الإمام الترمذي يقول "هذه الآيات" وليس هذه الألفاظ أو الصفات فهو يصب في قولنا بمعرفة معنى الآيات الإجمالي وليس التفصيلي لفظاً لفظاً فالضمير في قوله "ففسروها" عائد على قوله "هذه الآيات" فهل تعقل هذا ؟ أرجو.
على أن الترمذي -عندكم- حكى بعض أقوال الجهمـية على أنها من أقوال أهل السنة ووصفه بعضكم بعدم التحقيق في حكاية مذهب السلف ولو طلبت في مشاركتك الأخيرة ما قاله وما أوله فسنسرده لكم وعلى قولكم يكون منهج السلف التأويل!!
6- بقي أمر أخير وهو قول الأخ الدمشقية -وهو مسبوق- بأن قوله تعالى : (يد الله فوق أيديهم) لا تتعلق بإثبات اليد لله تعالى وقول البعض أنها ليست من آيات الصفات!! ومثلها قول الإمام ابن تيمية عن قوله تعالى : (فأينما تولوا فثم وجه الله) أنها أيضاً ليست من آيات الصفات -وقد رد ابن القيم على شيخه في الصواعق المرسلة ووصف من اول هذه الآية بالتجهم!! ونصره بعض المعاصرين!! مع أن المأولين هم ابن عباس ومجاهد والشافعي وغيرهم-.
وفي الحقيقة هذا هو الأمر الذي لا افهمه إلا أنه تناقض عندكم فأرجو إزالة جهلي بهذه القضية والسؤال:
ما هي القاعدة التي تطبق على الإضافات المضافة لله تعالى فتجعل هذه الآية وهذا الحديث يدل على صفة والآخر لا يدل على هذا ؟؟
حسب علمي أن كلام ابن تيمية وابن أبي العز وغيرهم قعدوا قاعدة مطردة في هذا فقالوا ما مجمله:
أن المضاف إذا كان قائماً بذاته كان مخلوقاً ك (ناقة الله) و (بيت الله) و (روحنا) -مع التسليم والفرض أن الروح قائمة بذاتها-.
وأن المضاف إذا كان لا يقوم إلا بغيره وأضيف لله تعالى كان صفة له تعالى ككل الصفات (يد الله) (وجه الله) .........إلخ.
ويبقى السؤال:
ما هي القاعدة أو الداعي التي أخرجت قوله تعالى (يد الله فوق أيديهم) وقوله تعالى (فثم وجه الله) من كونها تشير إلى صفات تثبت لله تعالى -مع اتفاق ابن تيمية وابن القيم في الأولى واختلافهم في الثانية- ؟؟
فما سبق عندي تناقض على أقل أحواله فأرجو أن تزيلوه دون سباب.
7- ويبقى موضوع النقاش الأساسي بلا إجابة ألا وهو الإجابة عن السؤال في عنوان الموضوع:
(هل فسر السلف آيات الصفات الخبرية؟)
أجاب الأخ الدمشقية بأمرين:
أ- نعم فسروها ومعنى تفسيرهم هو القراءة فقط ولم يزيدوا على ذلك.
ب- نعم فسروها وخاضوا في معانيها وبنص قوله (كتب التفسير لا تزال تفسر آيات الصفات وتروي في ذلك الروايات عن الأئمة والسلف)!!
فقوله الأول هو معنى قولنا بعدم تجاوز القراءة وعدم الخوض وصار الخلاف لفظياً فأنتم تقولون أنهم سكتوا وهم يعرفون ونحن نقول أنهم سكتوا وهم لا يعرفون المعنى الإضافي ويفوضون فاتفقنا على سكوتهم.
وقوله الثاني هو ما نطالبه به من بداية النقاش ومثلنا له بعشرة صفات كاملة ثم تنازلنا وطلبنا منه صفة واحدة فعلية وأخرى ذاتية فأين كتب التفسير -التي غالبها لأشاعرة أو متأثرين بهم وبنص قول أحد المعاصرين الغلاة لا يوجد تفسير مطبوع في كافة عصور الإسلام إلا وفيه تأويل من تأويلات الأشاعرة ولا يوجد تفسير خلا من هذا سوى تفسير السعدي والشنقيطي!!-؟؟
نقول : ابحثوا في كتب التفسير ما بدا لكم -المطبوع منها والمخطوط والمفقود! - وهاتوا لنا برهانكم أن السلف خاضوا في معاني هذه الصفات بقول؟؟
فإن قلتم لم نجد إلا قول مجاهد وأبي العالية -إن صح- فقد سبق توجيهنا له وأن قولاً واحداً في صفة واحدة لا يعبر عن منهج عام للسلف إذ لقائل أن يقول -كما سبق-: لو كان القول الواحد يعبر عن منهج ثلاثة أجيال -هم السلف- لكان التأويل -وهو أكثر- معبراً عن منهج هذه الأجيال الثلاثة ولصار السلف على منهج التأويل ولا يقول بهذا أعتى غلاة التأويل ؟؟
وإن قلتم أن السلف والعديد من العلماء قالوا أن هذه الألفاظ معانيها معلومة!! قلنا: وكذلك نحن نقول بهذا ولكن ليس عن هذا موضوعنا بل موضوعنا ليس عن الألفاظ المفردة بل عن المعاني الإضافية.
كتب أصول الفقه تبدأ بالآتي تعريف الأصول ثم تعريف الفقه كلفظين مستقلين ولكل منهما معاني متعددة ثم تعرف علم أصول الفقه كمركب إضافي فله بعد الإضافة معنى اختص من معاني الأصول معنى واحداً ومن معاني الفقه معنى واحداً وصاراً مركباً إضافياً له معنى معلوم.
فنحن عن هذا المركب نسأل وليس عن الألفاظ المنفردة فلا نعلم أحداً من أهل العقول قال إن هذه ألفاظ لا نعلم معناها!! ولا حتى أعتى المعطلة!!
فهل سيرد الأخ الدمشقية على سؤال المناقشة في آخر مشاركة من مشاركاته ويتحفنا بتفاسير السلف -إن كانوا قد فسروا- لهذه الصفات الخبرية ؟؟
ملحوظة : قد سبق القول أني لن أرد على السباب أو الإفتراءات أو الأشياء الخارجة عن الموضوع كموضوع التأويل وغيره فأرجو أن يركز الأخ دمشقية في الموضوع.
وبناء عليه لا أظن أن أي نقطة تحدث عنها الأخ الدمشقية في موضوعنا -التفويض- قد أهملت الرد عليها والمشاهد شاهد.
والله تعالى أعلى وأعلم.
الأزهري الأصلي: 06-01-2008, 19:27
بقي أن اطلب من الأخ الدمشقية أمراً وهو أن تكون مشاركته القادمة هي مشاركته الأخيرة في هذا الموضوع فيضع فيها كل ما يريد -ولكن باختصار- لأني سأضع بعده ردي الأخير أيضاً ثم يغلق هذا الموضوع للأبد .
وإنما قلت أن تعقيبي يكون الأخير لأن الأخ الدمشقية هو الذي بدأ الموضوع وأصول المناقشات تقول بما قلت.
وإنما وضعت هذه المشاركة حتى لا أغلق الموضوع بعد ردي فيقول الأخ الدمشقية أنه لم يكمل كلامه بعد فأنا أنبهه أن يضع كل ما يريد وضعه من كلام -وأرجو التركيز في موضوع الحوار فليس هو عن التأويل حتى نتكلم عن تأويل اليد بالقدرة ونحوه ولا هو موضوع عن السباق في السباب-.
أخوكم.