قطره من فيض مناقب الفاروق ( رضى الله عنه )

[أقسمت أن أفدي عقيدتي]

عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ ، مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْيَ ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ ، وَمَرَّ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قُمِيصٌ يَجُرُّهُ " ، قَالُوا : مَاذَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " الدِّينُ " .

وهذا الحديث فيه منقبة عظيمه للخليفة الثانى للنبى صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضى الله عنه إذ الرؤيا تُشير إلى تمام دينه وكمال إيمانه رضى الله عنه ولم تكن هذه الرؤيا هى الوحيده التى رأها له النبى صلى الله عليه وسلم بل رأى له رؤى أخرى متعدده منها على سبيل المثال ما جاء فى الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم ( بينا أنا نائم إذ رأيت قدحاً أتيت به فيه لبن فشربت منه حتى إنّي لأرى الريّ يجري في أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب. قالوا: فما أوّلت ذلك يا رسول الله؟ قال: العلم) والعلم هنا علم من نوع خاص وهو العلم بسياسة الخلق بشرع ربنا تبارك وتعالى واختص عمر بهذه الخصيصه لإنه يفضُل أبو بكر فى شىء ويفضُل عثمان الذى بعده بشىء آخر يفضُل أبو بكر بطول مدة خلافته فأبوبكر إنشغل فى فترة خلافته القصيره بحروب الرده وتثبيت قواعد الدين فالفتوحات فى زمانه كانت محدوده أما فى عهد عمر إستتب الأمر ودانت له الأمم ونشر الله به دينه وكثُرت الفتوحات ولم يكن ذلك فى عهد أبوبكر ثم إمتاز عمر عن عثمان بميزة أخرى وهى أن عمر كثرة الفتوحات فى عهده والفتوحات سبب من أسباب وجود الخلاف ومع ذلك لم يحدث خلاف ما وقع فى عهد عثمان رضى الله عنه فقد كُثرت الخلافات والفتن فى زمانه حتى راح ضحيتها رضى الله عنه فامتاز على أبى بكر بطول خلافته وامتاز عن عثمان بإن الخلافات والفتن لم تكن فى عهده رضى الله عنهم أجمعين .


وهناك رؤيا ثالثه تدل على طول مدة خلافته مع علو همته فى الدعوه إلى دين الله عزوجل ونشرها ( فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أريت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليب فجاء أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين نزعا ضعيفا والله يغفر له ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غربا فلم أر عبقريا يفري فريه حتى روي الناس وضربوا بعطن (


هذا الحديث فيه إشارات الإشارة الأولى هى قِصر خلافة أبى بكر وفيه إشارة إلى طول خلافة عمر وقد حدث ثم فيه إشاره إلى تأسيس الأمه وتثبيت قواعد الدين فى خلافة أبى بكر ففيه مشقه أما فى خلافة عمر أروى الناس جميعاً وأعطاهم حاجتهم فاتسعت الرقعه الإسلاميه والفتوحات فى عهده .
الإشارة الثانيه فيها إيحاء بالخليفه من يكون بعد النبى وما الذى يكون بعده .
الإشارة الثالثه فيه رد على الشيعه بقولهم على أن عمر سرق الخلافه من على وفعل وفعل وكذبوا والله وقولهم فى ذلك عظيم على صحابة النبى صلى الله عليه وسلم فإنهم يتعبدون إلى الله تبارك وتعالى بسب الصحابه ولعنهم ولهم فى ذلك أغراض وصلوات يتقربون بها إلى الله تبارك وتعالى ومع ذلك كم أحسن فيهم الخلق الظن فكفروا من رضى الله عنه وأبعدوا عن جنة الله من شهد له بجنته فهذا يدل على فساد معتقدهم وظلمهم لإصحاب النبى صلى الله عليه وسلم .
وقوله فلم أر عبقريا يفري فريه أى لم أرى سيداً يعمل مثل عمله يقصد بذلك عمر رضى الله عنه وبشره النبى صلى الله عليه وسلم ببشرى ثالثه مناماً بعدما بشره فى اليقظة بالشهادة والجنه قال صلى الله عليه وسلم ( اثبت سبير فإنما عليك نبى وصديق وشهيدان ) وبشره النبى بالجنه وبشره برؤيا مناميه ببشارة أخرى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ( رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة وسمعت خشفة فقلت من هذا فقال هذا بلال ورأيت قصرا بفنائه جارية فقلت لمن هذا فقال لعمر فأردت أن أدخله فأنظر إليه فذكرت غيرتك فقال عمر بأبي وأمي يا رسول الله أعليك أغار) هم النبى فى النوم أن يدخل هذا القصر لكن تذكر غيرة عمر فمنعه ذلك من الدخول فلما أخبر عمر بذلك بكى رضى الله عنه وبكائه إما شوقاً وإما فرحاً ويحتمل أن يكون بكائه خوفاً فرحاً بهذه البشرى العظيمه التى بشره بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وشوقاً فإن من أخبر بمثل هذا الشىء تعجل وتشوق للتمتع به وإما خوفاً أن يبدل الله أمره من حال إلى حال مع أن النبى شهد له بالجنه فكلما عظُمت عبادة العبد بربه أساء الظن بنفسه فهو مع كل هذه المبشرات لما طعنه العدو الغادر أبو لؤلؤه المجوسى طعنته القاتله دخل عليه عبدالله بن عباس فجعل يذكره بمحاسنه لما رأى به من بكاء فظن أن بكائه جزعاً من شدة الألم فجعل يقول له يا أميرالمؤمنين لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفارقك وهو عنك راض وصاحبت أبا بكر ففارقك وهو عنك راض وصحبت الأمه ولإن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون وهذا مما ينبغى علينا أدخال أو التنفيس للمريض وإن كان مرضه لا يُرجى شفاءً كما علمنا صلى الله عليه وسلم فإن العامل النفسى له تأثير على الصحة والبدن إيجاباً وسلباً فكم من طبيب أعيىَ سليماً من غير علة وكم من آخر بشر مريضاً أدهمه المرض فعاش الأيام المقدره له لكن فى نشوة ونشاط فقال له عمر أما ما ذكرت من صحبتى برسول الله صلى الله عليه وسلم وفراقه عنى وهو عنى راض فذلك مَنُُُّ مَنَّ الله به عَلىَ وأما ما ذكرت من صحبتى لإبى بكر وفراقه وهو عنى راضٍ فذلك مَنُُّ مَنّ الله به علىَ وأما ما ترى منى فهو من أجلك وأجل أصحابك والله لو أن لىِ طلاع الأرض ذهباً لإفتديت به من عذاب الله قبل أن أراه رضى الله تبارك وتعالى عنه .
وهنا أمر وهو لا يفهم أحد من هذا الحديث أفضلية عمر على أبى بكر لكونه لم يذكر هاهنا كما يذكر عمر إذ يُحتمل أن أبو بكر لم يُعرض فى الناس الذين عُرِضوا على النبى هذه المره إما لإنه قد عُرض قبل ذلك وحين عُرِض كان ثوبه أطول من ثوب عمر وهذا القول رجحهُ الحافظ بن حجر رحمه الله ويُحتمل أن يكون سر السكوت عن ذلك إكتفاءً بما عُلِم من أفضليته .
والأحتمال الثالث أن يكون وقع ذكره فزهد الراوى عنه وهذا القول مستبعد لأننا لو قلنا بجواز الزهود والنسيان على الرواه لكان باباً مفتوحاً للآخرين الذين يطعنون فى الصحابه والرواه ولو قيل بعدم هذه الإحتمالات جميعاً قال أهل العلم فهو معارض للإحاديث الداله على أفضليته وقد تواترت تواتراً معنوياً أى بإن أبى بكر أفضل الأمه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
هنا عبر النبى عن الإيمان بالدين فلماذا عبر النبى بالدين دون الإيمان ؟
فالعلماء بعضهم لا يفرق بين الإسلام والدين والإيمان فالثلاثه عندهم بمعنى واحد وهذا هو مذهب الإمام بن حجر ومحمد بن نصر المروزى لكن بعض العلماء يفرق بينهم فعلى قول من فرق إن قال أن الإسلام له معنى يخصه والإيمان معنى يخصه فيكون التعبير بالدين أعم من التعبير بالإسلام ونحوه لإن الدين أصل ينبثق منه الإيمان وعلى رأى من يفرق بين الإسلام والإيمان إن إجتمعا ويجمع بينهما إذا تفرقا بمعنى لو جاء لفظ الإيمان مع لفظ الإسلام فى نص واحد فلكل واحد منهم معنى خاص (( قالت الأعراب أمنا قلم لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا )) وإن جاء واحد منهم بلفظ واحد يشمل الإثنين فعلى قول من يقول بإنه يفرق بينهما إذا إجتمعا ويجمع بينهما إذا تفرقا يكون وصف الدين أقرب للإسلام ويستدل بذلك بآيات القرآن الكريم قال تعالى (( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو فى الآخره من الخاسرين)) .


لا تنسونا من صالح دعائكم

[دخيل التميمي]

جزاك الله خيرا أخي الحبيب على هذا التوضيح الطيب واسمح لي ياأخي فقد كتبت هذه الاية خطأ املائيا أرجوا منك تعديله لقد لونت الخطأ باللون الأسود ( م ) زائده بقل 0جزاك الله خيرا وهو كالتالي (( قالت الأعراب أمنا قلم لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ))

[شهد الشام]

رضي الله تعالى عن الفاروق وأرضاه
جزاكم الله خيرا

[بعيد المسافات]

رضي الله عن الفاروق وجمعنا به في الفردوس الاعلى
يزاك الله خير اخوي اقسمت