أقوال الأئمة بالمولد النبوي الشريف
أولاً : الإمام الحُجة الحافظ السيوطي.. عقد الإمام الحافظ السيوطي في كتابهِ (الحاوي للفتاوي) باباً سمّاهُ (حُسنُ المقصَدَ في عمل المولد) ص189 ، قال في أولهِ : وقع السؤال عن عمل المولد النبوى في شهر ربيع الأول ، ما حكمهُ من حيث الشرع ؟ وهل هو محمود أم مذموم ؟ وهل يثاب فاعلهُ أم لا ؟
والجواب عندي (( أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ، والأخبار الواردة في بداية أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما وقع لهُ من الآيات ، ثم يُمد لهم سماط يأكلونهُ ، وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يُثاب عليها صاحبها لما فيها من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح بمولده الشريف)) انتهى كلام السيوطي رحمهُ الله
وقال السيوطي أيضاً في نفس المرجع السابق :
يُستحب لنا إظهار الشكر بمولدهِ صلى الله عليه وسلم والإجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات .
ثانياً : أمير المؤمنين في الحديث وإمام الشُرّاح الحافظ ابن حجر العسقلاني.. قال الحافظ السيوطي في نفس المرجع السابق ما نصهُ : (( وقد سُئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل ابن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصهُ : أصل عمل المولد بدعة لم تُنقل عن السلف الصالح من القرون الثلاثة ، ولكنها مع ذلك اشتملت على محاسن وضدها ، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كانت بدعة حسنة ، وقد ظهر لي تخريجها على أصلٍ ثابت ، وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم ، فقالوا : هو يوم أغرق الله فيهِ فرعون ، ونجى موسى ، فنحنُ نصومهُ شكراً لله ، فيُستفادُ منهُ فعل الشكر لله على ما مُنّ بهِ في يوم معين من إسداء نعمة ، أو دفعُ نقمة.. إلى أن قال : وأي نعمةٍ أعظمُ من نعمة بروز هذا النبي صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة في ذلك اليوم ، فهذا ما يتعلق بأصل عملهِ ، وأما ما يُعمل فيهِ فينبغي أن يُقتصر فيهِ على ما يُفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخرة )) انتهى كلامه رحمه الله .
ثالثاً : الإمام المحدث الحافظ العراقي..فقد جاء في شرح المواهب اللدنية للزرقاني أنهُ قال : إن اتخاذ الوليمة وإطعام الطعام مُستحب في كل وقت ، فكيف إذا انضم إلى ذلك الفرح والسرور بظهور النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر الشريف ، ولا يلزم من كونهِ بدعة أن يكون مكروهاً ، فكم من بدعة مستحبة بل قد تكون واجبة . انتهى كلامهُ رحمهُ الله . وقد ألف كاتباً كاملاً في المولد النبوي الشريف سمّاهُ (المورد الهني في المولد السني) .
رابعاً : الإمام الحافظ السخاويجاء في السيرة الحلبية (1/ 83 و 84 ) أنهُ قال : لم يفعلهُ أحدٌ من السلف في القرون الثلاثة ، وإنما حدث بعد ، ثم لازال أهل الإسلام من سائر الأقطار والمُدن يعملون المولد ويتصدقون في لياليهِ بأنواع الصدقات ويعتنون بقراءة مولدهِ الكريم ، ويظهر عليهم من بركاته ِكلُ فضلٍ عميم . انتهى كلام الحافظ السخاوي رحمهُ الله . وقد ألف السخاوي رسالةً في المولد النبوي الشريف سمّاها ( الفخر العلوي في المولد النبوي ) .
خامساً : الإمام العلامة ابن عابدين.. فقد قال في شرحهِ على مولد ابن حجر ما نصهُ ( اعلم أن من البدع المحمودة عمل المولد الشريف من الشهر الذي ولد فيه صلى الله عليه وسلم . وقال أيضاً : فالاجتماع لسماع قصة صاحب المعجزات عليهِ أفضل الصلوات وأكمل التحيات من أعظم القُربات لما يشتمل عليهِ من المعجزات وكثرة الصلوات) .
سادساً : الحافظ ابن حجر الهيثمي.. قال رحمهُ الله : والحاصل أن البدعة الحسنة متفقٌ على ندبها ، وعمل المولدواجتماع الناس لهُ كذلك .
سابعاً : الحافظ ابن الحاج.. فقد قال في المدخل (1/ 361) فكان يجب أن نزداد يوم الأثنين الثاني عشر في ربيع الأول من العبادات والخير شكراً للمولى على ما أولانا من هذه النعم العظيمة وأعظمها ميلاد المصطفى صلى الله عليه وسلم .
ثامناً : ابن تيمية.. فقد قال في كتابهِ (اقتضاء الصراط المستقيم) طبعة دار الحديث- ص266 السطر الخامس من الأسفل ما نصه : ( وكذلك ما يُحدثهُ بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليهِ السلام وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيماً له ُ ، والله قد يُثيبهم على هذا المحبة والإجتهاد........ . إلى أن قال : فإن هذا لم يفعلهُ السلف ، مع قيام المقتضى لهُ ، وعدم المانع منهُ ) .
أما قولُ ابن تيمية سامحهُ الله وغفر لهُ عندما وضع الإحتمال السابق فقال : ( إما مضاهاةٌ للنصارى في ميلاد عيسى عليهِ السلام وإما... ) ، فهو قولٌ مردود لقولهِ سبحانهُ وتعالى (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً).
فقد قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن هو أعظم من ابن تيمية رحمهُ الله ألا وهو سيدنا أسامة بن زيد رضي الله عنه عندما قتل ذلك الرجل كما في صحيح مسلم 1/68 بعد أن قال : (لا إله الا الله) قال لهُ رسول الله أقتلتهُ بعد أن قالها يا أسامة ، قال أسامة والله ما قالها يا رسول الله إلا خوفاً من بريق السيف فقال لهُ رسول الله عبارتهُ الشهيرة : (( أفلا شققت عن قلبهِ ؟ )) أو كما قال عليهِ الصلاة والسلام .
فهل شق ابن تيمية رحمهُ الله عن قُلوبهم فعلم أنهم يضاهون النصارى في ميلاد عيسى عليهِ السلام باحتفالهم بالمولد النبوي الشريف ؟؟
إن الذي يشفع لإبن تيمية مقُولتهُ تلك واحتمالهُ السابق ، هو قولهُ في نفس المرجع السابق ما نصهُ : ( فتعظيم المولد واتخاذهُ موسماً قد يفعلهُ بعض الناس ويكون لهُ فيهِ أجر عظيم لحُسنِ قصدهِ وتعظيمهِ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ) .
وقال ابن تيمية أيضاً في الفتاوى ( 23/132)
ما نصهُ : ( وقد رُوي في الملائكة السيارين الذين يتتبعون مجالس الذكر الحديث المعروف . فلو أن قوماً اجتمعوا بعض الليالي على صلاة تطوع من غير أن يتخذوا ذلك عادةً راتبة تُشبه السنة الراتبة لم يُكره... وكذلك القول في ليلة المولد وغيرها ) . اهـ
إن قول ابن تيمية هذا هو قول من ترك التعصب جانباً وتكلم بما يرضي الله و رسولُه صلى الله عليه وسلم . أما نحنُ فلا نفعل المولد إلا كما قال : [( محبة للنبي صلى الله عليهِ وآلهِ وسلم وتعظيما لهُ والله قد يُثيبنا على هذهِ المحبة و الإجتهاد )] .
ولله در الإمام البوصيري عندما قال :
دع ما ادعتهُ النصارى في نبيهمِ *** واحكم بما شئت مدحاً فيهِ واحتكمِ
وانسب إلى ذاتهِ ما شئت من شرفٍ *** وانسب إلى قدرهِ ما شئت من عظمِ
فإن فضل رسول الله ليس لهُ *** حدٌ فيُعرب عنهُ ناطقٌ بفمِ
تاسعاً : الحافظ ابن كثير..صنف الإمام ابن كثير مولداً نبوياً كما ينقل ذلك عنهُ الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابهِ ( الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة ) . وقد طُبع أخيراً بتحقيق الدكتور صلاح الدين المنجد .
عاشراً : الإمام الحافظ محمد بن أبي بكر عبد الله القيسي الدمشقي المعروف بالحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي .
حيثُ ألف كُتباً في المولد الشريف سمّاها: (جامع الآثار في مولد النبي المختار) و (اللفظ الرائق في مولد خير الخلائق) ، وكذلك (مورد الصادي في مولد الهادي) صلوات الله وسلامهُ عليه . وهو القائل في أبي لهب :
إذا كان هذا كافراً جاء ذمّهُ *** بتبت يداه في الجحيم مُخلّدا
أتى أنه ُ في يوم الإثنين دائماً *** يُخففُ عنهُ للسرورِ بأحمدا
فما الظن بالعبد الذي طول عمرهِ *** بأحمد مسروراً ومات مُوحّدا
الحادي عشر : الإمام المُحدّث الحافظ الفقيه مُلا علي قاري..فقد ألف كتاباً في المولد النبوي العطر سمّاه ُ: (المورد الروي في المولد النبوي) .
الثاني عشر : الإمام العالم ابن دحية..وسمى كتابهُ : (التنوير في مولد البشير النذير) صلى الله عليه وسلم .
الثالث عشر : شيخ الإسلام وإمام القراءآت في عصرهِ الحافظ الـمُحدّث الإمام الحافظ شمس الدين محمد بن عبدالله الجزري.. إمام القُرّاء وصاحب التصانيف التي منها : (النشر في القراءآت العشر) ، وسمى كتابهُ : (عُرف التعريف بالمولد الشريف) .
فقد قال في كتابهِ عُرف التعريف بالمولد الشريف بعد ذكره قصة أبي لهب مع ثويبة ما نصهُ : ( فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمهِ جوزي في النار بفرحهِ بمولد النبي r فما حالُ المسلم الموحد في أمة النبي ، يُسرُ بمولدهِ ، ويبذل ما تصل اليهِ قدرتهِ في محبتهِ صلى الله عليه وسلم لَعُمري إنما يكون جزاؤهُ من الله أن يُدخلهُ بفضلهِ جنات النعيم ) . انتهى كلامهُ رحمه الله . ونقل أيضاً هذا القولَ عنهُ القسطلاني في المواهب اللدنية (1/147) .
الرابع عشر : الإمام الحافظ ابن الجوزي.. فقد نقل صاحب السيرة الحلبية عن ابن الجوزي أنهُ قال عن المولد الشريف أنهُ ( أمان في ذلك العام ، وبشرى عاجلة بنيل البُغية والمرام ) اهـ
الخامس عشر : الإمام عبد الرحمن بن اسماعيل الدمشقي المعروف بأبي شامة (وهو شيخ الإمام الحافظ النووي) . فقد أثنى في كتابهِ (الباعث على إنكار البدع والحوادث ص13) على الملك المظفر ، بما كان يفعلهُ من الخيرات ليلة المولد الشريف ثم قال ما نصهُ : ( ومِن أحسن مااُبتدِعَ في زماننا ما يُفعل كل عام في اليوم الموافق لمولده صلى الله عليه وسلم من الصدقات ، والمعروف ، وإظهار الزينة والسرور ، فإن ذلك مُشعرٌ بمحبته صلى الله عليه وسلم وتعظيمهُ في قلب فاعل ذلك وشكراً لله تعالى على ما منَّ بهِ من إيجاد رسولهِ الذي أرسلهُ رحمةً للعالمين) اهـ
السادس عشر : الإمام الشهاب القسطلاني ( شارح البخاري )
حيث قال في كتابهِ : (المواهب اللدنية 1/148 طبعة المكتب الإسلامي) ما نصه : (فرحِم الله امرءًا اتخذ ليالي شهر مولدهِ المبارك أعيادا ، ليكون أشد علةً على من في قلبهِ مرضٌ وإعياء داء) اهـ
السابع عشر : القاضي أحمد بن محمد العزفي.. وهو من تلاميذ القاضي أبي بكر بن العربي الفقيه المالكي شارح الترمذي وقد ألف مولداً سمّاهُ (الدر المنّظم بمولد النبي الأعظم) ومات قبل إكمالهِ فأكملهُ ولده القاضي محمد .
الثامن عشر: الشيخ ابن عباد القدوري. وهومن مشايخ الشيخ زروق وقد وردت فتواه بجواز الإحتفال بالمولد في (رسائلهِ الكبرى).
التاسع عشر : الإمام الحافظ المناوي.. شارح الجامع الصغير وصاحب كتاب الترغيب والترهيب لهُ مؤلف في المولد اُشتُهر بـ (مولد المناوي) في ثمانين صفحة طُبعت سنة 1377
العشرون : العلامة ابو الوفاء الحُسيني.. والذي ألف رسالةً في المولد الشريف سمّاها (مولد البشير النذير السراج المنير) طبع عام 1307هـ .
الواحد والعشرون : الشيخ العلامة عطية إبراهيم الشيباني الزبيدي.. وسمى كتابهُ (مولد المصطفى العدناني) .
الثاني والعشرون : الإمام عبد الغني النابلسي.. وسمى كتابهُ (العلم الأحمدي في المولد المحمدي) .
الثالث والعشرون : السيد العلامة جعفر البرزنجي مفتي الشافعية بالمد ينة المنورة ، وسمى كتابهُ (عقد الجوهر في مولد النبي الأزهر) .
الرابع والعشرون : العلامة الفقيه السيد علي زين العابدين السمهودي الحسني مؤرخ المدينة المنورة وسمى كتابهُ (الموارد الهنية في مولد خير البرية) .
الخامس والعشرون : العلامة الحُجة شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي مفتى الشافعية بمكة المكرمة وسمى كتابهُ (إتمام النعمة على العالم بمولد سيد ولد آدم) .
السادس والعشرون : الإمام ابراهيم الباجوري لهُ حاشية على مولد ابن حجر وسمى كتابهُ (تحفة البشر على مولد ابن حجر) .
السابع والعشرون : الإمام الحافظ الشريف محمد بن جعفر الكتاني الحسني وسمى كتابهُ (اليُمن والإسعاد بمولد خير العباد) من64 صفحة
الثامن والعشرون : الشيخ علي سليم الطنطاوي وسمى كتابهُ (نور الصفاء في مولد المصطفى) .
التاسع والعشرون : الشيخ محمد المغربي دفين اللاذقية وسمى كتابهُ (التجليات الحفية في مولد خير البرية) .
الثلاثون : العلامة المُفسر الكبير محمد متولي الشعراوي رحمهُ الله.. فقال في كتابهِ على مائدة الفكر الإسلامي ص295 (وإكراماً لهذا المولد الكريم ، فإنهُ يحق لنا أن نُظهر معالم الفرح والإبتهاج بهذهِ الذكرى الحبيبة لقلوبنا كل عام ، وذلك بالإحتفال بها من وقتها )اهـ
وقال ايضاً في نفس الصفحة إذا كان بنو البشر فرحون بمجيئه لهذا العالم، وكذلك المخلوقات الجامدة فرحة لمولده وكل النباتات فرحة لمولده وكل الحيوانات فرحة لمولده وكل الجن فرحة لمولده، فلماذا تمنعونا من الفرح بمولده ؟ .
وكذلك ممن ألّف وتكلم في المولد : الإمام تقي الدين علي ابن عبد الكافي السبكي صاحب طبقات الشافعية والشيخ محمد البناني والشيخ الدرديري في الشرح الكبير والشيخ الدسوقي في حاشيتهِ على الشرح الكبير ، والشيخ محمد أحمد عليش المالكي في شرحهِ على مختصر خليل والشيخ الصاوي في حاشيته على الشرح الصغير