العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات الخاصة > منتدى مقالات الشيخ سليمان بن صالح الخراشي رحمه الله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-01-15, 02:48 PM   رقم المشاركة : 1
سليمان الخراشي
حفظه الله







سليمان الخراشي غير متصل

سليمان الخراشي is on a distinguished road


الموقف الوسط من التمذهب ( فتاوى )

بسم الله الرحمن الرحيم

انقسم الناس في نظرتهم إلى المذاهب الفقهية الأربعة إلى طرفين ووسط :

فالطرف الأول : أوجبوا على جميع الأمة تقليد واحد منهم ؛ وقالوا قولتهم المشهورة " وواجبٌ تقليد حبرٍ منهمو " ، بل وصل الحال ببعضهم ؛ كالصاوي في حاشيته على الجلالين إلى القول : ( لا يجوز تقليد ما عدا المذاهب الأربعة ، ولو وافق قول الصحابة ، والحديث الصحيح ، والآية ، فالخارج عن المذاهب الأربعة ضالٌ مُضل ، وربما أداه ذلك للكفر ؛ لأن الأخذ بظاهر الكتاب والسنة من أصول الكفر ) !!

وقد رد العلماء عليه مجازفته هذه ؛ كالإمام الشنقيطي في " أضواء البيان " ، وانظر للتفصيل : رسالة " تنزيه السنة والقرآن عن أن يكونا من أصول الضلال والكفران " ؛ للشيخ أحمد بن حجر آل أبوطامي رحمه الله .

ورحم الله شيخ الإسلام القائل : ( ولو فُتح هذا الباب - أي تقديم المذهب على الحديث الصحيح - لوجب أن يُعرض عن أمر الله ورسوله ، ويبقى كلُ إمامٍ في أتباعه بمنزلة النبي في أمته ) .


ثم تطور الحال ببعضهم إلى تقليد بعض متأخري المذاهب ، ممن جوّزوا البدع والمحدثات التي لم يقل بها صاحب المذهب ، فضلاً عن مخالفتها الدليل الشرعي ؛ فأصبح التمذهب تُكأة تُستغل في تسويغ البدع ، كما تجده في مسائل التوسل والتبرك والاستغاثة والقبور ونحوها ، ونسبة ذلك كله إلى المذهب !!

وجديرٌ بمن وصل به الحال إلى هذا أن يقرأ هذه الرسالة المهمة : " براءة الأئمة الأربعة من مسائل المتكلمين المبتدعة " للدكتور عبدالعزيز بن أحمد الحميدي :

https://saaid.net/book/open.php?cat=88&book=14022

لكي لا ينسب للأئمة الأربعة رحمهم الله مالم يقولوه أويعتقدوه ، وما هم منه برآء ، وإنما هو من إحداث بعض المتأخرين من أتباع المذهب ، ممن وقع في البدعة .

الطرف الثاني : قول بعض المنتمين لأهل الحديث ، ممن كان فعلهم ردة عكسية لأفعال الطرف الأول ، فنابذوا التمذهب بالمرة ، وتجرأ بعضهم على الأئمة - لاسيما أباحنيفة رحمه الله - ، وأصبحوا يأخذون فقههم من الكتاب والسنة مباشرة ، دون ضوابط ، أو تدرج في الطلب الفقهي ، فأتى بعضهم بالشذوذات .

الطرف الوسط : يقول أصحابه : لاحرج في اتباع المذاهب الأربعة ؛ لمعرفة الفقه ، وضبط مسائله ؛ بشرط أن يتبع الدليل الصحيح إذا ماخالف مذهبه ، وكان من طلبة العلم . وخيرُ من وجدته يمثل هذا الرأي: الشيخان : ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله ، وإليك أقوالهما :


ابن باز - رحمه الله - :

س / هل المسلم ملزم باتباع مذهب معين من المذاهب الأربعة أم لا ؟

ليس ملزماً ، بل إذا أراد أن يتبع مذهب من المذاهب ، إذا كان لا يعرف الدليل ليس بطالب علم يعرف الأدلة، وسار على مذهب من المذاهب الأربعة لا حرج عليه، ولكن ينبغي له بل يجب عليه أن يتحرى في ذلك سؤال أهل العلم من المتبصرين الذين هم في نظره وفي رأيه أقرب من غيره من الورع والعلم والفضل، حتى يتحرى لدينه ، ولا بأس لو كان شافعياً أو مالكياً أو حنبلياً أو حنفياً ، لا حرج في ذلك، أما العالم الذي يعرف الأدلة الشرعية، فالواجب عليه أن يتحرى الأدلة الشرعية ويأخذ بالدليل ولا يقلد غيره ، هذا هو الواجب عليه إلا عند الحاجة والعجز، فيقلد من هو في رأيه واجتهاده أعلم من غيره وأقرب إلى الحق من غيره.


س: حبذا لو قلتم كلمة لطلبة العلم، كيف يكون الاستنباط ومتى يكون الاستدلال بأقوال الناس والأئمة والعلماء ؟


ج: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وتلميذه العلامة ابن القيم رحمه الله، وهكذا تلميذه الحافظ ابن كثير رحمه الله، وابن مفلح وغيرهم، نجلّهم ونعرف لهم قدرهم وفضلهم وعلمهم، ونستعين بكتبهم في مسائل العلم، وننظر إليها ونعتني بها ، ونعرف لهم فضلهم الجميل، ولكن لا يجوز أن تقلدهم في كل شيء، بل يجب على طالب العلم، أن يكون له حرية النظر والاستدلال ، وألا يقبل من زيد أو عمرو شيئًا بدون حجة، بل يكون عنده العناية وعنده النظر، فإذا قال العالم الكبير شيئًا لا وجه له، أو لا سند عليه، فليقف ولينظر فيما هو أولى منه، ولا يمنع كون ذلك العالم جليلا عند طالب العلم، ومعروفًا عنده بالفضل العظيم، لا يمنع أن يختار غير قوله، وأن يرجح غير قوله، إذا قام عليه الدليل، وهو الذي أدركنا عليه مشايخنا -رحمة الله عليهم- يأخذون من أقوال العلماء ما وافق الدليل، ومن جملتهم أبو العباس ابن تيمية وابن القيم وغيرهما، ويتركون ما خالف الدليل ، حتى لو كان معه من هو أكبر منه، كابن عباس وكالصحابة والتابعين والأئمة الأربعة، إذا قام الدليل على خلاف قول أحدهم، وجب الأخذ بالدليل وترك ما خالف الدليل، وإن كان قاله بعض الصحابة، أو بعض الأئمة الكبار .
وهذا هو عمل الأئمة: أحمد والشافعي ومالك وأبو حنيفة ، والثوري والأوزاعي وغيرهم، هكذا يعملون ، يختارون من الأقوال التي فيها خلاف، يختارون ما يرجحه الدليل، وهكذا أوصوا من بعدهم من تلاميذهم وأتباعهم، أوصوهم بهذا المنهج قالوا: لا تقلدونا ولا تقلدوا فلانًا أو فلانًا، وخذوا من حيث أخذنا ، هذا هو الواجب على أهل العلم، مع التريث والتثبت، ومع طيب الكلام في حق الأئمة والترضي عنهم ، وعدم الاعتراض عليهم بما يوهم أو يشير إلى ازدراء أو تنقص ، فهم خير منا وأفضل بأضعاف مضاعفة، ودرجات كثيرة، ولكن لا يمنع ذلك أن ننظر في الأقوال وأن نختار منها الأرجح بالدليل ، سواء كانت تلك الأقوال لمتأخرين أو متقدمين. رحمة الله على الجميع.

* * * * * * * * * *

س : هل المذاهب الأربعة المعروفة تأخذ بالسنة النبوية، وهل جميع ما جاء فيها مطابق للسنة النبوية الشريفة، وجهونا في ضوء هذا السؤال سماحة الشيخ؟

ج : الأئمة الأربعة من خيرة العلماء رحمة الله عليهم، وهم أبو حنيفة النعمان بن ثابت ، ومالك بن أنس ، ومحمد بن إدريس الشافعي ، وأحمد بن محمد بن حنبل ، هؤلاء الأربعة هم الأئمة الأربعة، وهناك أئمة آخرون في زمانهم وقبلهم وبعدهم كـالأوزاعي ، وسفيان الثوري ، وسفيان بن عيينة ، وعبد الله بن المبارك .. وغيرهم من أئمة الإسلام؛ يحيى بن سعيد القطان ، عبد الرحمن بن مهدي ، وإسحاق بن راهويه .. وغيرهم، هم أئمة يتلمسون الحق ويتلمسون السنة يعتنون بذلك، وفتاواهم مدارها على الكتاب والسنة؛ قال الله وقال رسوله، ويتحرون الأصول التي دل عليها الكتاب والسنة، وعلى ما ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم من الفتاوى، فمدار فتاواهم على القرآن العظيم والسنة المطهرة، والأصول المستنبطة من الكتاب والسنة، وعلى فتاوى الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وكل واحد يخطئ ويصيب، ليس أحد منهم معصوماً ، كل واحد يخطئ ويصيب، كل واحد له أخطاء له أغلاط لم تطابق السنة، وهكذا غيرهم من الأئمة له أخطاء وله صواب.فالواجب عرض أقوالهم إذا اختلفوا على الكتاب والسنة، أما إذا أجمع العلماء فالإجماع حجة، والإجماع لا يكون إلا عن نص، فإذا اختلفوا فالواجب على طالب العلم وعلى الفقيه أن يعرض المسألة المختلف فيها على الأدلة الشرعية، وأن يجتهد ويتحرى ما يقوم عليه الدليل فيأخذ به، عليه أن يتحرى ما يرجحه الدليل من القرآن العظيم والسنة المطهرة أو من فتاوى الصحابة حتى يطمئن إلى أرجح القولين أو أرجح الأقوال ثم يأخذ به.

* * * * * * * * * *


س : البعض حفظكم الله يزعم أن اتباع المذاهب الأربعة من أهل البدع فما رأي سماحتكم في ذلك؟

ج : هذا باطل ، هذا الكلام على إجماله باطل ، ما يجوز هذا الكلام. الأصل في المذاهب الأربعة الخير والهدى والصلاح لأنهم دعاة. علماء أربعة أبو حنيفة والشافعي ومالك وأحمد دعاة خير، علماء معروفون لكن الذنب يكون لمن تعصب لهم وقلدهم التقليد الأعمى ، فهم يخطئون ويصيبون ، كل واحد يخطئ ويصيب ، كل واحد له مسائل أخطأ فيها ، فالواجب على أتباعهم أن يتقوا الله وأن لا يتعصبوا ، وأن يأخذوا الحق بدليله ، فإذا أخطأ العالم الفلاني أو العالم الفلاني فلا يؤخذ بخطئه لأنه إمامهم الذي ينتسبون إليه. لا، الحق فوق ذلك فوق الجميع ، فالواجب على أتباع أبي حنيفة وأتباع مالك وأتباع الشافعي واتباع أحمد وعلى غيرهم من أهل العلم أن يأخذوا الحق بدليله وأن لا يتعصبوا لزيد ولا عمرو ، ويجب عدم التعصب ويحرم التعصب ، فليس للحنفي أن يتعصب للحنفية ، وليس للشافعي أن يتعصب للشافعية ، وهكذا المالكي ، وهكذا الحنبلي ، الحق فوق الجميع ، الواجب على أتباع هذه المذاهب أن يتقوا الله وأن يأخذوا الحق بدليله وأن يجتهدوا في ذلك حتى تكون الحجة هي المقدم ، والدليل هو المقدم ، فإذا وافق الدليل ما قاله الأحناف أخذ بقول الأحناف ، وإذا كان الدليل مع الحنبلية أخذ بقولهم في أي مسألة ، وهكذا مع المالكية والشافعية .
مثال لذلك : الجد مع الاخوة. المعروف عند الشافعية والمالكية والحنبلية توريث الاخوة والجد ، والمعروف عند الحنفية إسقاط الاخوة بالجد ، فنحن نقول : قول الحنفية هذا أصلح ، وأن الجد أب يُسقط الاخوة ، من أجل الدليل لا من أجل أنه قول الحنفية بل من أجل الدليل ، وهكذا القول بأن مس المرأة ينقض الوضوء ، والمعروف عند الشافعي أنه ينقض الموضوع مطلقاً ، وقال آخرون كالحنابلة أنه ينقض المس بالشهوة ، والصواب أنه لا ينقض مس المرأة ، لا ينقض مس المرأة بشهوة ولا بغير شهوة ، وإنما ينقض الوضوء الحدث المعروف فساء أو ضراط أو بول أو غائط أو مس الفرج باليد أو النوم... النواقض المعروفة ، أما قوله تعالى : ( أو لا مستم النساء ) فالمراد به الجماع ، لامستم أي جامعتم ، هذا هو الحق من معنى الآية ، هذه أمثلة لبيان الصواب، فلا يجوز التعصب بغير دليل لأي مذهب من المذاهب الأربعة ولا غيرها كالظاهرية ، ولا غيرها. الواجب الأخذ بالدليل وتحكيم الدليل ، فإذا كان الحق مع الحنفية أو مع الظاهرية أخذ به ، و إذا كان مع الشافعية أخذ به ، إذا كان مع المالكية أخذ. المحكم هو الدليل ، فعلى المنتسبين لهذه المذاهب أن يتقوا الله وأن يعتنوا بالدليل وأن يحكموه حتى تكون الحجة هي المقدمة، والدليل هو المقدم ، وحتى يُبتعد عن التعصب والتقليد الأعمى.


* * * * * * * * * *


س : سماحة الشيخ يعتقد البعض أنكم تقفون عند مذهب معين، هل تتفضلون بقول كلمة في هذا المقام؟
ج : الفتاوى الصادرة مني لا أقف فيها ولا أعتمد فيها على مذهب أحد ، لا أحمد ولا غيره، إنما عمدتنا في ذلك تحري ما قاله الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، سواء كان في مذهب أحمد أو مذهب الشافعي أو مالك أو أبي حنيفة أو الظاهرية أو بعض السلف المتقدمين، المقصود: تحري ما يدل عليه الكتاب والسنة، هذا هو الذي نعتمد عليه، لا نعتمد على مذهب أحمد ولا على غيره، إنما نعتمد على ما قاله الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وما دل عليه الكتاب والسنة، في الأحكام؛ لأن هذا هو الواجب على كل طالب علم.

* * * * * * * * * *


قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
( يقول رحمه الله : ومن أصحابنا : يعني : الحنابلة ، وفي هذا دليل على أنه لا بأس أن ينتسب الإنسان إلى مذهب لإمام معين ، ولو كان الله تعالى أعطاه علما وفهما واتباعا فلا حرج أن ينتسب إلى إمام معين يتفقه على قواعده وأصوله ، لكن إذا بان له الدليل اتبعه ، وهو إذا اتبع الدليل في مسألة أو مسألتين أو عشر مسائل أو آلاف ، لا يعد غير منتسب إلى المذهب الذي كان ينتسبه ، ولهذا نجد الأئمة الكبار الفقهاء العظام ، نجد أنهم ينتسبون إلى المذاهب ، شيخ الاسلام وابن القيم والنووي وابن حجر وغيرهم ، أئمة علماء عظماء ينتسبون إلى المذاهب أو أحد المذاهب الأربعة ، ولا يعد هذا عيبا ولا خروجا عن طريق السلف خلافا لمن ظن من الناس الآن أن التفقه على مذهب معين معناه التعصب لهذا المذهب ، وهذا خطأ ، والصحيح أن التعصب للمذهب وتحريف النصوص لأجل موافقة المذهب خطأ عظيم ، لكن كوني أتفقه على مذهب معين أبني فقهي على قواعده واصوله ، لكن إذا بان لي الدليل أخذت بالدليل ، فهذا لا بأس به إطلاقا ، المحظور هو التعصب ) .

تعليقه على كتاب: "اقتضاء الصراط المستقيم"( ص 149 ) .


******************






  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:11 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "