لقد أبان العلاّمة الفقيه المتفنن الشيخ بكر أبوزيد – رحمه الله – حكم هذه المسألة في كتابه الشهير " حكم الانتماء إلى الفرق والأحزاب والجماعات الإسلامية " ، وذلك لحاجة شباب هذه البلاد إلى معرفة كيفية التعامل مع الجماعات والأحزاب الوافدة إلى بلادنا ، وأوضح الشيخ في مقدمة كتابه أنه " لا حزبية في صدر الإسلام " ، وإنما كان المسلمون جماعةً واحدة على منهاج الكتاب والسنة ، تحت حكم إمام واحد ، ثم بعد ذلك حدث انشقاق الفرق البدعية عن جماعة المسلمين ، وبقي " أهل السنة " هم السواد الأعظم ، ولهم كيانهم المستقل ، " متآخون على منهاج النبوة ، الكتاب والسنة ، ينتظمهم إمام ذو شوكة ومنَعة " ، ومن شذ عنهم كان مفرقًا لجماعتهم.
وعليه أصدر الشيخ حكمه الواضح في الانتماء إلى جماعة الإخوان أو غيرها من الجماعات والأحزاب في بلدٍ كالسعودية ، قائلاً : ( إذا كان المسلم في ولاية إسلامية فيها هذه الثلاثة متلازمة : 1- إسلام ، 2- وجماعة المسلمين على منهاج الإسلام الصحيح ، 3- وولاية إسلامية مالم يظهر كفرٌ بواح ، فإنه لا يجوز له تفريق جمع المسلمين بإيجاد حزب إسلامي ، أو جماعة إسلامية على هذه الأرض التي حالها كذلك ، " فماذا بعد الحق إلا الضلال " ، فهو في حقيقة حاله عنوان تفرق واختلاف : شقٌ لعصا الطاعة ، وتفريق الجماعة ، وشرود عن جماعتهم ، وفي حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة " رواه الترمذي وأحمد ، فعليه أن يلزم جماعة المسلمين ، ويسير معهم على منهاج الكتاب والسنة ، ويدعو إلى ذلك ويصبر ، ويُصابر ) انتهى كلام الشيخ بكر رحمه الله ، ثم أفاض في ذكر خطر الحزبية ومفاسدها التي من أهمها تفريق الكلمة ، وتشتيت الجماعة الواحدة .
قلت : فكيف إذا أضيف إلى هذه المفسدة العظيمة : ما يشوب جماعة الإخوان من بدعٍ متنوعة ، يأتي على رأسها هدمها لأصل " الولاء والبراء " لدى المنتمي لها ، ليُصبح الإخواني المبتدع والمفرّط أحب إليه من المسلم السني الصادق غير المنتمي للجماعة ، يُضاف إلى ذلك – أيضًا – مفسدة لا تقل خطرًا عما سبق ، وهي أن جماعة الإخوان المسلمين يأتي على رأس أولوياتها : منازعة ولاة الأمور في البلاد الإسلامية ، والتربص بهم ، مع ممارسة " التقية " معهم ، والتخطيط السري للخروج والانقلاب عليهم ، ولو كانت هذه البلاد هي السعودية البلد الإسلامي الوحيد الذي يحكم بشرع الله !!
فطموحاتهم السياسية لا تستثني أي بلد .
وقد صرّح بهذا مرشد الجماعة حسن البنا في رسائله ( ص 420 ) بقوله لشباب الجماعة :
( فمصر وسورية والعراق والحجاز واليمن وطرابلس وتونس والجزائر ومراكش ، وكل شبر فيه مسلم يقول : لا إله إلا الله ، كل ذلك وطننا الكبير الذي نسعى لتحريره ، وإنقاذه ، وخلاصه ، وضم أجزائه بعضهعا إلى بعض )
لاحظ أنه يقول هذا في وقت كان يسود فيه الحكم السعودي السلفي أرض الحجاز !!
ولهذا سعت الجماعة إلى محاولة نشر دعوتها في السعودية منذ أيام حسن البنا ، الذي كان يستغل موسم الحج لهذا الأمر ، ثم تتابع مَن بعده على هذا .
يقول علي عشماوي – أحد قيادات الإخوان – في كتابه " التاريخ السري للإخوان المسلمين " ( ص 62 ) :
( مناع قطان هو أحد إخوان المنوفية، وقيل إنه أول مصري يجرؤ على تجنيد سعوديين في دعوة الإخوان في مصر .. ويضيف: ذهبت للأستاذ سيد قطب.. وأبدى إعجابه الشديد بالإخوة في السعودية وقال: إن هذا دليل على أنهم منظمون جدا، وأنهم على كفاءة عالية من العمل ) .
فنصيحتي لمن تورط من شبابنا في الانضمام أو التحزب لهذه الجماعة - وهو أمرٌ محرّم كما سبق - أن يتقي الله وينخلع منها ، ويستغل نشاطه في الدعوة الصحيحة ، وفي أبواب الخير المتنوعة ، دون تحزب ، وإنما بتعاون مع العلماء الثقات ، وتكاتف مع ولاة أمره ، وفق الله الجميع لهدايته