العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات العلمية > منتدى عقيدة أهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-11-16, 12:59 AM   رقم المشاركة : 1
ابواحمد القبي
مشترك جديد







ابواحمد القبي غير متصل

ابواحمد القبي is on a distinguished road


Post القبر والتبرك به والبناء عليه

بسم الله والحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده -

(فصل في القبر والبناء عليه والتبرك به، من الكتاب والحديث وأقوال المذاهب والعلماء ونقض اقوال المخالفين باختصار)

● تعظيم القبور وبناء المشاهد عليها والأضرحة والقباب ذريعة موصلة إلى تعظيم المقبورين، وهو من دين المشركين والمأمور به في دين المسلمين عمارة المساجد لا تعظيم وبناء المشاهد، قال الله تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ)، وقال سبحانه: (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة". [روآه البخاري ح 427 ومسلم ح 528].

وحديث جندب بن عبد الله وأنه قال: "ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك". [روآه مسلم ح 532].

وحديث عائشة وانه قال :"لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". [روآه البخاري ح 435، 436 ومسلم ح 531].

وحديث جابر بن عبد الله وأنه: "نهى أن يجصص القبر ، وأن يقعد عليه ، وأن يبنى عليه". [روآه مسلم ح 970].
وحديث جابر أيضاً وأنه: "نهى أن يُبنى على القبر أو يُزاد عليه أو يُجصص". [وروي عن أكثر من صحابي عند النسائي 4/86 والبيهقي 3/410 وأحمد 6/299 وأبن ماجه ح1564].
وحديث أبي مرثد الغنوي وأنه قال: "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها". [رواه مسلم ح972].

وحديث ابن عباس وأنه قال :"لا تصلوا إلى قبـر ، ولا تصلوا على قبـر". [رواه الطبراني 12051 ، 12168، السلسلة الصحيحة 1016].
وحديث أبن عباس ايضاً وأنه :"لعن زائرات القبور ، والمتخذين عليها المساجد والسرج". [رواه أحمد 1/229، وأبو داود ح3236، والترمذي ح320، والنسائي ح2042].

وحديث أبي سعيد الخدري وأنه قال :"الأرض كلها مسجد إلا المقبـرة والحمام". [رواه الترمذي ح317، وأبو داود ح492].
وحديث أبن عمر وأنه قال: "اجعلوا في بـيوتكم من صلاتكم ، ولا تــتخذوها قبورا". [رواه البخاري ح432، ومسلم ح777].
وحديث فضالة: "فَأمر فضالة بن عبيد بقبره فسوي ، ثم قال : سمعت رسول الله يأمر بتسويتها". [روآه مسلم ح 968].

وأنه بعث علياً وقال :"أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ، ولا قبرا مشرفا إلا سويته". [روآه مسلم ح 969].
فساوى بين طمس التماثيل وتسوية القبور ، إذ بهما يُتوصل لعبادة البشر ، فعبادة الاصنام بدءت بتعظيم الأموات باتخاذ صورهم وتجسيمها ومسحها والصلاة عندها .
ورفع القبر تعظيم كذلك لصاحب القبـر ، والزائرين إذا رأوا بناءً فوق القبر هالهم ذلك، ومن ثم عظُـم الميت في نفوسهم، فكان هذا سبباً في تعلق قلوبهم به ، ومن ثم التقرب إليه والتوجه بالدعاء وغيره .

ومن اقوال وأفعال الصحابة :- • أن عثمان خرج فأمر بتسوية القبور فسويت ، إلا قبر أم عمرو ابنة عثمان ، فقال : ما هذا القبر ؟ فقالوا : قبر أم عمرو . فأمر به فسُوي". [مصنف ابي شيبة 11795].
• وايضا "عن أبي سعيد الخدري قال لا تضربوا علي فسطاطا ". [مصنف ابن أبي شيبة ح11748].

• وأوصى أبو موسى الأشعري فقال :"ولا تجعلوا على قبـري بناءً". [رواه أحمد 4/397].
• ورأى ابن عمر فسطاطاً على قبر عبد الرحمن فقال: "انزِعه يا غلام، فإنما يظله عمله". [رواه البخاري في صحيحة تعليقا ص: 458].

• وعن ابن عباس قال: "إذا رأيت القوم قد دفنوا ميتا فأحدثوا في قبره ما ليس في قبور المسلمين ، فسوِّه بقبور المسلمين". [مصنف ابي شيبة 11796].
• وعن أنس قال: "كنت أصلي قريباً من قبر، فرآني عمر بن الخطاب فقال: القبر القبر". [رواه البخاري في صحيحة معلقا قبل حديث ر427 والبيهقي 2/435].

• ومر عمر في المقبرة وأناس يحفرون لزينب بنت جحش في يوم حار فقال : لو أني ضربت عليه فسطاطا ، فضرب عليهم فسطاطا ، فكان أول فسطاط ضرب على قبر" [كنز العمال ح 37796 ، ومنازل الأشراف لأبن أبي الدنيا 8/ 301].
• وأن عمر رأى مظلة على قبر فامر برفعها وقال دعوه يظله عمله" [المجموع للنووي ص 266 عن البغوي].

ومن اقوال الإئمة والعلماء الذين يستعملون عادة لفظ الكراهة ويقصدون به التحريم، ويأخذون بطريقة القرآن، كقول الله تعالى: (كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا) كالقتل والزنا ، وقوله تعالى: (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ).

قال ابن القيم: "وقد غلط كثير من المتأخرين من أتباع الأئمة على أئمتهم بسبب ذلك , حيث تورع الأئمة عن إطلاق لفظ التحريم , وأطلقوا لفظ الكراهة , فنفى المتأخرون التحريم عما أطلق عليه الأئمة الكراهة , ثم سهل عليهم لفظ الكراهة وخفت مؤنته عليهم فحمله بعضهم على التنزيه , وتجاوز به آخرون إلى كراهة ترك الأولى , وهذا كثير جدا في تصرفاتهم ; فحصل بسببه غلط عظيم على الشريعة وعلى الأئمة". [أعلام الموقعين 32].

اولاً: الشافعية :- قال الشافعي: "وأكره أن يعظم مخلوق حتى يُجعل قبره مسجداً ". [الأم 1/278، والمهذب 1/139 ، وروضة الطالبين 1/652 ، والمجموع 5/266 و8/257].
وقال ايضا: "وأكره أن يبنى على القبر مسجد وأن يسوى ، أو يصلى عليه وهو غير مسوى ، أو يصلى إليه". [الأم 1/317].

وقال النووي: "واتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على كراهة بناء مسجد على القبر سواء كان الميت مشهورا بالصلاح أو غيره , لعموم الأحاديث , قال الشافعي والأصحاب : وتكره الصلاة إلى القبور , سواء كان الميت صالحا أو غيره قال الحافظ أبو موسى : قال الزعفراني : ولا يصلى إلى قبره , ولا عنده تبركا به وإعظاما له للأحاديث". [المجموع 5/270].

وقال النووي: "قال الشافعي والاصحاب يكره ان يجصص القبر وان يكتب عليه اسم صاحبه أو غير ذلك وان يبني عليه وهذا لا خلاف فيه عندنا ..... قال الشافعي في الام ورأيت من الولاة من يهدم ما بني فيها قال ولم ار الفقهاء يعيبون عليه ذلك ولا أن في ذلك تضييقا علي الناس". [المجموع 5/298 ، شرح مسلم للنووي 7/24 ، الجنائز باب 33، ومواهب الجليل 3/65].

وقال النووي ناقلاً عن الزعفراني وهو فقيه محقق كما وصفه بذلك النووي: "الْمُسْتَحَبُّ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ أَنْ يَقِفَ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ مُسْتَقْبِلًا وَجْهَ الْمَيِّتِ يُسَلِّمُ وَلَا_يَمْسَحُ_الْقَبْرَ وَلَا_يُقَبِّلُهُ وَلَا يَمَسُّهُ فَإِنَّ ذَلِكَ عَادَةُ النَّصَارَى". [المجموع 5/ 311].
وقال أيضا: "ويكره تجصيص القبر والبناء والكتابة عليه". [الوهاج في شرح المنهاج 3/109].

وقال النووي: "ولا يجوز أن يطاف بقبره صلى الله عليه وسلم ، ويكره لصاق البطن والظهر بجدار القبر ، قاله أبو عبد الله الحليمي وغيره ، قالوا: ويكره مسحه باليد وتقبيله بل الأدب أن يبعد منه ، كما يبعد منه من حضره في حياته صلى الله عليه وسلم .هذا هو الصواب الذي قاله العلماء وأطبقوا عليه ، ولا يغتر بمخالفة كثير من العوام وفعلهم ، كذلك فإن الاقتداء والعمل إنما يكون بالأحاديث الصحيحة وأقوال العلماء ، ولا يلتفت إلى محدثات العوام وغيرهم وجهالاتهم". [المجموع 258].

وقـال بن حجر الهيتمي: "فإن أعظم المحرمات وأسباب الشرك الصلاة عندها واتخاذها مساجد أو بناءها عليها . والقول بالكراهة محمول على غير ذلك ، إذ لا يظن بالعلماء تجويز فعل تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم لعن فاعله ، ويجب المبادرة لهدمها وهدم القباب التي على القبور إذ هي أضر من مسجد الضرار؛ لأنها أسست على معصية الرسول؛ لأنه نهى عن ذلك ، وأمر صلى الله عليه وسلم بهدم القبور المشرفة ، وتجب إزالة كل قنديل وسراج على القبر ولا يصح وقفه ونذره". [الزواجر عن اقتراف الكبائر 1/121] وأقرة الألوسي في [روح المعاني 5/31].

وقال الهيتمي أيضاً ما ملخصه: "ويكره تجصيص القبر والبناء عليه . . . والكتابة عليه ، للنهي الصحيح عن الثلاثة ، سواء كتابة اسمه وغيره في لوح عند رأسه أو في غيره ، إلى أن قال: وقد أفتى جمع بهدم كل ما بقرافة مصر من البناء حتى قبة إمامنا الشافعي ، التي بناها بعض الملوك ، وينبغي لكل أحد هدم ذلك ، ما لم يخش منه مفسدة فيتعين الرفع للإمام". [تحفة المحتاج في شرح المنهاج ص197-198]و[العقد الثمين ص 186].

وقال البيضاوي: "لما كان اليهود والنصارى يسجدون لقبور أنبيائهم ،ويتوجهون إليها تعظيما لشأنهم ، ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة والدعاء نحوها ، واتخذوها أوثانا ، لعنهم الله ، ومنع المسلمين من مثل ذلك . وأصل الشرك إنما حدث من تعظيم القبر والتوجه إليه". [حاشية سنن النسائي 2 \ 42].

وقال السويدي: "فتراهم يرفعونها فوق كل رفيع ، ويكتبون عليها الآيات القرآنية ويعملون لها التوابيت من خشب الصندل والعاج ، ويضعون فوقها ستور الحرير المحلاة بالذهب العقيان والفضة الخالصة ، ولم يرضهم ذلك حتى أداروا عليها شبابيك من الفضة وغيره ، وعلقوا عليها قناديل الذهب ، وبنوا عليها قبابا من الذهب ، أو الزجاج المنقوش ، وزخرفوا أبوابها ، وجعلوا لها الأقفال من الفضة وغيرها خوفا عليها من اللصوص ، كل ذلك مخالف لدين الرسل ، وعين المحادة لله ورسوله ، فإن كانوا متبعين فلينظروا إليه ، صلى الله عليه وسلم ، كيف كان يفعل بأصحابه الذين هم أفضل الأصحاب ، وينظروا إلى قبره الشريف وما عملت الصحابة فيه". [العقد الثمين 185].

وقال تقي الدين السبكي، وهو يتكلم عن آداب زيارة قبر النبي: "وَلَا يَمَسُّ الْقَبْرَ وَلَا يَقْرُبُ مِنْهُ وَلَا يَطُوفُ بِهِ". [فتاوى السبكي 1/ 289].
وقال أيضا: "وإنما التمسح بالقبر وتقبيله والسجود عليه ونحو ذلك فإنما يفعله بعض الجهــال ومن فعل ذلك ينكـــر عليه فعلــه ويعلَم آداب الزيارة". [شفاء السقام13٠].

ونقل السبكي كلام ابن تيمية بأن الصحابة لم يكونوا يأتون قبره صلى الله عليه وسلم للصـلاة عنده ولا لمسح القبر، فقال: "ونحن نقول من آداب الزيارة ذلك . ننهى عن التمسح بالقبر والصلاة عنده". [شفاء السقام 152].

وقال السيوطي: "والذي يستحب للرجل الزائر للقبور أن يتذكر بزيارته الآخرة ، وأن يسلم عليهم ويدعو لهم بالمأثور بالدعاء الذي كان يعلم النبي أصحابه... وما سوى ذلك من المحدثات ، كالصلاة عندها ، واتخاذها مساجد ، وبناء المساجد عليها فقد تواترت النصوص عن النبي بالنهي عن ذلك والتغليظ على فاعله ..... فهذه المساجد المبنية على القبور يتعين إزالتها ، هذا مما لا خلاف فيه بين العلماء المعروفين ، وتكره الصلاة فيها من غير خلاف ، ولا تصح عند الإمام أحمد في ظاهر مذهبه ، لأجل النهي واللعن الوارد في ذلك ..., وكذلك الصلاة عندها مكروهة وإن لم يكن هناك مسجد ، فإن كل موضع يصلي فيه فهو مسجد وإن لم يكن بناء". [الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع ص56-60].

وقال السيوطي أيضاً :" وهذه العلة التي لأجلها نهى الشارع صلى الله عليه وسلم هي التي أوقعت كثيرا من الأمم إما في الشرك الأكبر أو فيما دونه ، ولهذا تجد أقواما كثيرين من الضالين يتضرعون عند قبور الصالحين ويخشعون ويتذللون ويعبدونهم بقلوبهم عبادة لا يفعلونها في بيوت الله المساجد ، بل ولا في الأسحار بين يدي الله تعالى ، ويرجون من الصلاة عندها والدعاء ما لا يرجونه في المساجد التي تشد إليها الرحال ، فهذه المفسدة هي التي أراد النبي صلى الله عليه وسلم حسم مادتها ، حتى نهى عن الصلاة في المقبرة مطلقا وإن لم يقصد المصلي بركة البقعة ولا ذلك المكان ، سدا للذريعة إلى تلك المفسدة التي من أجلها عُـبدت الأوثان". [الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع ص 138].

وقال الغزالي: "ولا يمس قبراً ولا حجراً فإن ذلك من عادة النصارى" وقال أيضاً: " فإن المس والتقبيل للمشاهد من عادة اليهود والنصارى". [إحياء علوم الدين 1/259، 4/491].

ثانياً: الحنفية :- قال محمد تلميذ أبي حنيفة: "لا نرى أن يُزاد على ما خرج من القبر ونكره أن يُجصص أو يُطين أو يُجعل عنده مسجدا". [الآثار لمحمد بن الحسن الشيباني ص45].

وقال الكاساني : "ويكره تجصيص القبر وتطيينه ، وكره أبو حنيفة البناء على القبر ، وأن يُعلّم بعلامة ، وكره أبو يوسف الكتابة عليه". [بدائع الصانع في ترتيب الشرائع 2/359].

وقال الطحطاوي: "ولا يمس القبر ولا يقبله فإنه من عادة أهل الكتاب ولم يعهد الاستلام إلا للحجر الأسود والركن اليماني خاصة". [حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح 620].

وقال الزيلعي: "ويكره أن يبنى على القبر أو يقعد عليه أو ينام عليه أو يوطأ عليه أو يقضى عليه حاجة الإنسان ... أو يصلى إليه أو يصلى بين القبور ... ونهى - عليه الصلاة والسلام - عن اتخاذ القبور مساجد". [تبيين الحقائق للزيلعي 1/246].

ثالثًا: المالكية :- قال مالك: "أكره تجصيص القبور والبناء عليها، وهذه الحجارة التي يبنى عليها". [المدونة الكبرى 1/189].

وقال ابن الحاج: "قال مالك في رواية ابن وهب: إذا سلم على النبي - ودعا يقف ووجهه إلى القبر لا إلى القبلة، ويدنو ويسلم عليه ولا يمس القبر بيده". [المدخل 1/ 261].

وقال الحطاب :" قال ابن رشد : " كره مالك البناء على القبر وأن يجعل البلاطة المكتوبة ، لأن ذلك من البدع التي أحدثها أهل الطول من إرادة الفخر والمباهاة والسمعة ، وذلك ممّا لا اختلاف في كراهته". [مواهب الجليل في شرح مختصر خليل 2/100].

وقال الجندي: "وليحذر مما يفعله بعضهم بقبره - صلى الله عليه وسلم - وكذلك أيضًا تمسحهم بالبناء ويلقون عليه مناديلهم وثيابهم، وذلك كله من البدع؛ لأن التبرك إنما يكون بالاتباع له - صلى الله عليه وسلم - وما كانت عبادة الجاهلية الأصنام إلا من هذا الباب". [مناسك الحج 145].

وقال الفاسي: "الثالثة من البدع اتخاذ المساجد علي مقبرة الصالحين ووقد القناديل عليه دائما أو في زمان بعينه والمسح بالقبر عند الزيارة وهو من فعل النصارى وحمل تراب القبر تبركا به وكل ذلك ممنوع بل يحرم". [شرح الرسالة 1/289].
وقد أكد على ذلك في كتابه [عمدة المريد الصادق ص533]، فقال: "ولا يصلي على المقابر ، ولا يبني عليها مسجد للتبرك ".

وقال ابن عبد البر :"وكل ما يعبد من دون الله فهو وثن ، صنما كان أو غير صنم ، وكانت العرب تصلي إلى الأصنام وتعبدها ، فخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمتـه أن تصنع كما صنع بعض من مضى من الأمم ، كانوا إذا مات لهم نبي عكفوا حول قبره كما يُصنع بالصنم". [التمهيد 5/177].

وقال القرطبي :"فاتخاذ المساجد على القبور والصلاة فيها والبناء عليها ، إلى غير ذلك مما تضمنته السنة من النهي عنه ممنوع لا يجوز ; لما روى .... قال علماؤنا : وهذا يحرِّم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبـياء والعلماء مساجد .
وروى الأئمة عن أبي مرثد الغنوي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها .
أي لا تتخذوها قبلة فتصلوا عليها أو إليها كما فعل اليهود والنصارى ، فيؤدي إلى عبادة من فيها ، كما كان السبب في عبادة الأصنام". [الجامع لأحكام القرآن تفسير سورة الكهف].

رابعًا: الحنابلة :- قال ابن الجوزي: "وأما نهيه عن اتخاذ القبور مساجد فلئلا تعظم لأن الصلاة عند الشيء تعظيم له وقد أغرب أهل زماننا بالصلوات عند قبر معروف وغيره وذلك لغلبة الجهلة وملكة العادات". [كشف المشكل من أحاديث الصحيحين 1/145].

وقال الأثرم :"قلت للإمام أحمد بن حنبل، قبر النبي صلى الله عليه وسلم يلمس ويتمسح به؟ قال: ما أعرف هذا". [الصارم المنكي 145] و[المغني 3/ 479].

وقد روي أنه أجاز مس القبر: "فقد جاء عن أبنه عبد الله قال سَأَلته عَن الرجل يمس مِنْبَر النَّبِيَّ ويتبرك بمسه ويقبله وَيفْعل بالقبر مثل ذَلِك أَو نَحْو هَذَا يُرِيد بذلك التَّقَرُّب إِلَى الله جلّ وَعز فَقَالَ لَا بَأْس بذلك". [العلل ومعرفة الرجال 2/492].

وأستبعد بعض أصحاب ابن حنبل ذلك عنه، كما ذكر أبن حجر في [فتح الباري 3/ 475]. وشكك الهيتمي ايضا في هذه الرواية وذكر أن بعض أصحاب أحمد استبعدوا ذلك عنه.[حاشية الهيتمي على شرح الإيضاح في المناسك 454].
وهناك رواية أُخرى صحيحة عن أحمد قوله :"ولا يمس الحائط ولا يُقَبِّلُهُ» يعني حائط القبر". [مسائل الإمام أحمد رواية ابنه صالح 3/60 رقم 1340]

واخرى أيضا عنه قال ابن قدامة في [المُغْنِي 5/468] :"ولا يُستَحَبُّ التَّمَسُّحُ بحائط قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تقبيله ، قال أحمد : ما أعرفُ هذا . قال الأثرم : رأيتُ أهل العلم من أهل المدينة لا يمسُّونَ قبرَ النبي صلى الله عليه وسلم ، يقومون من ناحيةٍ فيُسَلِّمُون . قال أبو عبد الله -الإمام أحمد- : وهكذا كان ابن عمر يفعل"

وقال ابن قدامة: "ولأنَّ تخصيص القبور بالصلاة عندها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها ، والتقرُّب إليها ، وقد روينا أنَّ ابتداء عبادة الأصنام تعظيم الأموات باتخاذ صورهم ومسحها والصلاة عندها". [المغني 193/2].

وقال مرعي الكرمي: "إعلم أن كل مكان لا فضل له في الشريعة أصلاً ، ولا فيه ما يوجب تفضيله ، بل هو كسائر الأمكنة أو دونها ، وقصد ذلك المكان أو قصد الاجتماع فيه لصلاة أو دعاء أو ذكر أو غير ذلك من معتقد قاصده ؛ من الضلال الواضح ، والخطأ الفاضح ، إذ هو تشريع في الدين ، وتفضيل بقعة لم تفضلها الشريعة ، بل مجرد الهوى الذي جعله الله تعالى بمنـزلة إلـٰه يعبد ، فقال سبحانه (أفرأيت من أتخذ إلـٰهه هواه) ، وفي ذلك مشابهة للمشركين في تفضيلهم أماكن بمجرد هوى أنفسهم ، فإنهم كانوا يقصدون بقعة بعينها لتمثال هناك ، أو غير تمثال ، يعتقدون أن ذلك يقربهم إلى الله تعالى". [شفاء الصدور في زيارة المشاهد والقبور 59].
وقال ايضا: "وأما تقبيل القبور والتمسح_بها فهو بدعة باتفاق السلف". [شفاء الصدور 80].

وقال البهوتي: "ولا يمسح قبر النبي - ولا حائطه ولا يلصق به صدره ولا يقبله". [بغية الناسك 146].

وقال ابن تيمية: "وكان ظهور المشاهد وانتشارها حين ضعفت خلافة بني العباس وتفرقت الأمة ، وكثر فيهم الزنادقة المُلبسون على المسلمين ، وفشت فيهم كلمة أهل البدع ، وذلك من دولة المقتدر في أواخر المائة الثالثة ، فإنه إذ ذاك ظهرت القرامطة العبيدية القداحية بأرض المغرب ، ثم جاءوا إلى أرض مصر ، وقريباً من ذلك ظهر بنو بُويه ، وكان في كثير منهم زندقة وبدع قوية". [الاستغاثة في الرد على البكري ص 334].

وقال أيضاً: "واتفق العلماء على أن من زار قبر النبى صلى الله عليه وآله وسلم أو قبر غيره من الأنبياء والصالحين والصحابة وأهل البيت وغيرهم أنه لا يتمسح به ولا يقبله ، بل ليس فى الدنيا من الجمادات ما يشرع تقبيلها إلا الحجر الأسود ...

ولهذا لا يسن بإتفاق الأئمة أن يقبل الرجل أو يستلم ركنى البيت اللذين يليان الحجر ولا جدران البيت ولا مقام إبراهيم ولا صخرة بيت المقدس ولا قبر أحد من الأنبياء والصالحين ، حتى تنازع الفقهاء فى وضع اليد على منبر سيدنا رسول الله صل الله عليه وآله وسلم لما كان موجودا ؛ فكرهه مالك وغيره لأنه بدعة ، وذكر أن مالكا لما رأى عطاء فعل ذلك لم يأخذ عنه العلم ، ورخص فيه أحمد وغيره ؛ لأن إبن عمر رضى الله عنهما فعله ، وأما التمسح بقبر النبى صلى الله عليه وآله وسلم وتقبيله فكلهم كره ذلك ونهى عنه ، وذلك لأنهم علموا ما قصده النبى صلى الله عليه وآله وسلم من حسم مادة الشرك وتحقيق التوحيد وإخلاص الدين لله رب العالمين". [مجموع الفتاوى ٢٧/48].

وقال ابن القيم وعلى هذا فيهدم المسجد إذا بُني على قبـر ، كما ينبش الميت إذا دفن في المسجد ، نص على ذلك الإمام أحمد وغيره ، فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبـر ، بل أيهما طرأ على آخر مُنع منه ، وكان الحكم للسابق ، فلو وضِعا معاً لم يجز ، ولا يصح هذا الوقف ولا يجوز ، ولا تصح الصلاة في هذا المسجد لِنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ولعنه من اتخذ القبـر مسجدا ، أو أوقد عليه سراجاً ، فهذا دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله ونبـيه ، وغربته بـين الناس كما ترى". [زاد المعاد 3/572].

وقال الشوكاني: "إعلم أنه قد اتفق الناس سابقهم ولاحقهم وأولهم وآخرهم من لدن الصحابة رضي الله عنهم إلى هذا الوقت أن رفع القبور والبناء عليها بدعة من البدع التي ثبت النهي عنها ، واشتد وعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاعلها كما يأتي بيانه ، ولم يخالف في ذلك أحد من المسلمين أجمعين". [شرح الصدور 20].

ومن الأدلة على تحريم الصلاة في المقـابر أن موضع مسجده صلى الله عليه وسلم كان مقبـرة للمشركين قبل بناءه ، فنَبش النبي قبورهم ، ونقل رفات الموتى ، ثم سوّى الأرض ، ثم بنى المسجد ، ولم يتخذ المكان مسجدا إلا بعد إزالة القبور منه . وهذا رواه البخاري (428) ، ومسلم (524).

والصلاة المحرمة عند القبور هي ذات الركوع والسجود ، بخلاف صلاة الجنازة لمن فاتته فجائز أداؤها في المقبرة ، فقد ثبت أن هناك من كان يقم المسجد فمات فسأل النبـي صلى الله عليه وسلم عنه فقالوا : مات ، قال : أفلا كنتم آذنتموني به ؟ دلوني على قبـره أو قال : على قبـرها ، فأتى قبـره فصلى عليه". [رواه البخاري ح458 ومسلم 956].

والصلاة عند القبور من عادة اليهود والنصارى وغيرهم، "ومن تشبه بقوم فهو منهم". [رواه أبو داود ح4031]؛ "لتــتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر ، وذراعا بذراع ، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه .
قلنا : يا رسول الله : اليهود والنصارى ؟ قال : فمن". [رواه البخاري ح3456 ومسلم ح2669].
فمثلاً : كنيسة القديس بطرس تقوم على ساحة مكرسة للعبادة من قبل الأسلام وتحت أرضيتها تيه من المقابر الأثرية .

فالأدلة صريحة على حرمة المشاهد في دين الإسلام، فلا بناء على القبور في القرون الأولى ، وأنما ظهر ذلك وتفشى في عهد القرامطة في القرن الرابع ، الذين ظاهرهم التشيع، قاموا بتبديل دين الإسلام فبنوا المشاهد المكذوبة وصنفوا الأحاديث في فضل زيارة القبور وتعظيمها والصلاة عندها والدعاء وغيره .

وكتب الشيعة قد أجمعت من قبل على كراهية وحرمة البناء على القبور فقد روي أن النبي بعث عليا فقال: "أن لا تدع صورة إلا طمسها ولا قبرا مشرفا إلا سويته". [الكافي 6/528 ، وسائل الشيعة 2/869 ، جامع أحاديث الشيعة 3/445].

"ونهى رسول الله أن يصلى على قبر أو يقعد عليه أو يبنى عليه". [وسائل الشيعة 2/869].
"ونهى أن يجصص القبر أو يبنى عليه أو أن يقعد عليه". [مستدرك الوسائل 1/127].
وعن أبا عبد الله قال: "أمّا زيارة القبور فلا بأس بها ، ولا يُبني عندها مساجد". [ فروع الكافي: 3/228، من لا يحضره الفقيه: 821، وسائل الشيعة:2/887].

وعن الصادق قال: "من أكل السحت سبعة: وذكر منها- والذين يبنون البناء على القبور". [مستدرك الوسائل 1/127].
وعنه قال: "لا تبنوا على القبور فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كره ذلك". [تهذيب الأحكام1/130، والمحاسن للبرقي 612، وسائل الشّيعة: 2/870].
وعن الكاظم قوله: "لا يصلح البناء عليه ولا الجلوس ولا تجصيصه ولا تطيينه". [وسائل الشيعة 2/869 ، جامع أحاديث الشيعة 3/444 ، الاستبصار 1/217].

وقال الشهيد العاملي: "المشهور كراهية البناء على القبر واتخاذه مسجدًا… ونقل الإجماع على الكراهية على البناء عليه، وفي النهاية يُكرَه تجصيص القبور وتظليلها، وكذا يُكرَه المقام عندها لما فيه من إظهار السُّخْط لقضاء الله أو الاشتغال عن مصالح المعاد والمعاش أو بسقوط الاتعاظ بها، وقد روى يونس بن ظبيان عن الصادق (ع) عن أبيه قال نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله- أن يُصلَّى على قبر أو يُقعَد عليه أو يُبنَى عليه، وفي صِحاح العامة عن جابر: نَهَى رَسولُ اللهِ أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ أو أن يُبْنَى عليه وأَنْ يُقعَد عَلَيْه". [الذكرى ص68].

فشهد الشهيد ومعه المحقق البحراني والمجلسي على إجماع الشيعة الإمامية على مخالفة النبي وأهل بيته فقالوا: "هذه الأخبار رواها الشيخان والصدوقان وجماعة المتأخرين في كتبهم ولم يستثنوا قبرًا، ولا ريب أن الإمامية مُطبِقة على مُخالفة قضيتين من هذه، إحداهما البناء والأخرى الصلاة في المشاهد المقدسة". [الذكرى ص69 ، مفتاح الكرامة4/280 ، الحدائق الناضرة 4/139 ، بحار الأنوار97/19].

وتجدهم أكثر من ذلك يعظمون القبور والمشاهد المبنية عليها ويعكفون ويحجون إليها ويصنفون كتب لزيارتها مشابهة للمشركين وحدادا وافساداً لدين المسلمين .


وعلى ذلك يستدل المخالفين لشرع الله بأقوال :

1- قولهم أن قبر النبي ﷺ داخل مسجد.؟
ومعلوم أن مسجد النبي بني قبل موته ولم يبنى على قبره ولم يدفن فيه، بل دفن في حجرة عائشة،
وذلك للأحاديث المتواترة أنه عند موته حذر ولعن من إتخاذ قبره مسجدا، فخشي الصحابة فأخفوا قبره في حجرة عائشة وقد جاء ذلك معللاً بقول عائشة: "خشي أن يتخذ مسجداً"، وقولها "لولا خشية الصحابة أن يتخذ الناس قبـر النبـي مسجدا يُصلى عنده لأبرزوا قبـره"، أي لدفن في المقبـرة وصار قبـره ظاهرا للناس كالقبور الأخرى .

ولظرورة توسعة المسجد في خلافة الوليد بن عبد الملك أدخلت الحجرة في مسجده وبنوا عليها حائطاً. فالأصل أن المسجد النبوي بني قبل القبر ومن ثم لم يدفن فيه، بل دفن في حجرة عائشة صلوات ربي وسلامه عليه .

وإدخال القبر في مسجد النبي مخالفة لا أصل لها، ومثلها مثل القبة الخضراء على قبره، فقد بنيت بعد الهجرة بسبعة قرون، في عهد السلطان قلاوون؛ والحكم الشرعي واضح صريح أن هذه الأفعال بدعة، وقد قال العلماء على مر العصور بظرورة فصل القبر عن المسجد وهدم القبة، ولم يبق إلا تنفيذ ذلك من ولاة الأمر .

والولاة غالباً يخشون الفرقة والفوضى بين عامة الناس وجهالهم، وتهييج علماء البدعة على الوالي بمجرد ذكر إخراج القبر عن المسجد أو هدم القبة، فلم يجروء أحدا على فعل ذلك .

ولا يعني هذا السكوت على ذلك، بل يجب على الولاة إزالة المحضور وإعادة الوضع إلى ما كان عليه في عهد الصحابة ما لم يترتب على ذلك فتنة أكبر .

2- قولهم أن عائشة كانت تصلي في غرفتها وفيها القبر.؟
ومعلوم أن بيتها لم يكن غرفة واحدة بل كان أكثر من غرفة ومن أدلة ذلك ماجاء عند أبن ماجة (ح2151) وأبي داود (ح509) :حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ وَوَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَرَسًا بِالْمَدِينَةِ فَصَرَعَهُ عَلَى جِذْمِ نَخْلَةٍ فَانْفَكَّتْ قَدَمُهُ فَأَتَيْنَاهُ نَعُودُهُ فَوَجَدْنَاهُ فِى مَشْرَبَةٍ لِعَائِشَةَ.."؛ والمشربة هي الغرفة.

وفي المستدرك للحاكم (ح4495) عن أبو بكر بن إسحاق ، أنبأنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا أبو القاسم بن أبي الزناد ، أخبرني هشام بن سعد ، عن عمرو بن عثمان بن هانئ ، عن القاسم بن محمد قال : " أطلعت في القبر - قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر - من حجرة عائشة رضي الله عنها فرأيت عليها حصباء حمراء".

وفي مسند أحمد (ح25701) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد بن أسامة قال أنا هشام عن أبيه عن عائشة قالت : كنت أدخل بيتي الذي دفن فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبي فاضع ثوبي فأقول إنما هو زوجي وأبي فلما دفن عمر معهم فوالله ما دخلت إلا وأنا مشدودة على ثيابي حياء من عمر".

وهذا فيه إشارة إلى أن لها غرفة أخرى لأنه يستحيل أن تستمر في بيتها وقد شدت عليها ثيابها .

3- قولهم المقصود من اتخاذ القبور مساجد أي استقبالها عند الصلاة والسجود إليها، وينفون معنى بناء المساجد على القبور وقصد الصلاة فيها مع أن الاحاديث واضحة في بيان هذا المعنى ، وهذا ما فهمه أهل العلم منهم البخاري في صحيحة: بابُ مَا يُكْرَهُ مِنِ اتِّخَاذِ المَسَاجِدِ عَلَى القُبُورِ ثم ترجم بقوله: باب بناء المسجد على القبر. [صحيح البخاري ٤٤٩/1].

4- قولهم أن أسماعيل دفن داخل الحجر.؟
وهذا من الأقوال الواهية، فمسمى الحجر لم يكن موجودا أصلا ولا علم لإسماعيل بهذا الحجر ، فقد بنيت الكعبة كاملة مع هذا الحجر ، ثم تصدعت جدران الكعبة من أثر سيل جارف قبل بعثة النبي، فهدمت قريش ما بقي من جدرانها وأعادت بناءها فقصرت بهم النفقة الطيبة عن إتمام البناء على قواعد إبراهيم وإسماعيل، فأخرجوا منها الحجر وبنوا عليه جدارا قصيرا دلالة على أنه منها .

ولم يثبت حديث عن النبي أن هذا الحجر دفن فيه إسماعيل أو هاجر ، وكل ما جاء في ذلك آثار موقوفة بأسانيد واهية، ومثل هذا الأمر يحتاج إلى نقل المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى ، فإن بيننا وبين إسماعيل الآف السنين ؛ فكيف نجزم بمكان قبره، ونحن نجزم أساساً أن دفن الأمواتِ في المساجد لم يكن من سنة الأنبياء لا إسماعيل ولا من قبله ولا من جاء بعده .

فقد ورد في سيرة ابن هشام :" قال ابن اسحاق: "وكان عمر اسماعيل فيما يذكرون مائة سنة وثلاثين سنة ثم مات رحمة الله وبركاته عليه ودفن في الحجر مع أمه هاجر ".
وذكر نحوه ابن سعد في طبقاته، والذهبي في تاريخ الإسلام، وابن خلدون في تاريخه، والأزرقي في أخبار مكة :"وكان من حديث جرهم وبني إسماعيل أن إسماعيل لما توفي دفن مع أمه في الحجر وزعموا أن فيه دفنت حين ماتت".

وهذه أرساليات موقوفة لا دليل عليها، فقد نقلوا الخبر بقولهم (فيما يذكرون) و (زعموا)، وهذه الألفاظ لا يثبت بها شي، بل هي من صيغ التمريض .

ومن الموقفات أيضاً روى ابن سعد في الطبقات ومن طريقه ابن الجوزي في المنتظم :عن أبي الجهم بن حذيفة الصحابي قال :" أوحى الله إلى إبراهيم عليه السلام أن يبني البيت وهو يومئذ بن مائة سنة وإسماعيل يومئذ بن ثلاثين سنة فبناه معه وتوفي إسماعيل بعد أبيه فدفن داخل الحجر مما يلي الكعبة مع أمه هاجر ".
وفي إسناد هذه الرواية: موسى بن محمد بن إبراهيم : منكر الحديث. وفيه أيضا محمد بن عمر الواقدي : متروك بالأجماع . [راجع كتب الجرح والتعديل].

وروى ابن سعد أيضاً ومن طريقه ابن الجوزي: عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة قال:" ما يعلم موضع قبر نبي من الأنبياء إلا ثلاثة : قبر إسماعيل فإنه تحت الميزاب بين الركن والبيت ، وقبر هود فإنه في حقف من الرمل تحت جبل من جبال اليمن عليه شجرة تندى وموضعه أشد الأرض حرا ، وقبر رسول الله ".
والقائل : إسحاق بن عبدالله بن أبي فروة متروك منكر الحديث بالأجماع . [أنظر كتب الجرح والتعديل].

5- قولهم أبي جندل دفن ابي بصير وبنى على قبره مسجدًا .؟
وهذه القصة ذكرها ابن عبد البر في الاستيعاب عند ترجمة أبي بصير بلفظ: "فدفنه أبو جندل مكانه وصلى عليه وبنى على قبره مسجدًا".
وأصلها عند الواقدي في مغازيه بدون إسناد [2/629].

والواقدي ضعيف كذاب متروك. ينظر ترجمته مثلا في [تهذيب الكمال، والكامل، وتاريخ بغداد، والضعفاء الصغير].

وقد ذكرت القصة بسندها في دلائل النبوة للبيهقي [4/172]، وأبن عساكر في تاريخ دمشق [25/299]، وفتح الباري لابن حجر [5/351]، وتاريخ الإسلام للذهبي [2/400]، جميعهم عن موسى بن عقبة في مغازيه بلفظ: "وجعل عند قبره مسجدًا".

وقد ذكرت قصة أبي بصير وأبي جندل عند البخاري في صحيحه [ح2731 و2732]، وأحمد في المسند [328/4]، وأبو داود في سننه [ح 2765]، وابن حبان في صحيحه [ح4872]، ولم يذكروا فيها دفن أبي بصير ولا بناء المسجد أصلا .

6- قولهم أبو أيوب الأنصاري يتعاهدون قبره ويزورونه ويستسقون به إذا قحطوا.؟

وهذا رواه الحاكم وغيره: "..وشهد أبو أيوب بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوفي عام غزا يزيد بن معاوية القسطنطينية في خلافة أبيه معاوية سنة اثنتين وخمسين وقبره بأصل حصن القسطنطينية بأرض الروم فيما ذكر يتعاهدون قبره ويزورونه ويستسقون به إذا قحطوا".

وجاء في تاريخ دمشق [62/16] :" أن عظموا قبر أبي أيوب فبنوا عليه قبة بيضاء وأسرجوا عليه قنديلا".

إذن هذا فعل النصارى، وهم أول من بنى القباب على قبور المسلمين .

7- قولهم انتم تحرمون زيارة قبر النبي وقبور الصالحين؛ وهذا القول غير صحيح، فزيارة القبور سنة مستحبة طالما أنها لغرض تذكر الآخرة والإحسان إلى الأموات بالدعاء لهم، فقد روي في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها"، وفي زيادة :"فأنها تذكر الآخرة".

والمرأة أيضا تحتاج إلى التذكير فيجوز لها أن تزور القبور إن أمنت الجزع والفتنة وألا تتحرى أياماً محددة وألا تكثر الزيارة كما قوله صلى الله عليه وسلم "لعن الله زوارات القبور". فإن اللعن هنا لمن تكثر الزيارة .

وقبر النبي أولى من غيرة بالزيارة، ولكن بدون نية السفر إليه فلا تشد الرحال إلا للمساجد الثلاث وإنما توجة النية كاملة لقصد زيارة مسجده الشريف ثم تكون زيارة قبرة تبعا وقبور أهل البقيع ... فإذا كان قبر الميت في البلد يستحب زيارته أما إذا كان بعيداً بحيث يسمى سفراً حرمت زيارته .

فشد الرحال الى القبر ذريعة إلى التعلق بصاحب القبر والتبرك به، وأن الصلاة والدعاء عند القبر ذريعة الى التوسل ودعاء صاحب القبر ، وهذا سبب التحريم .

8- قولهم وأستدلالهم بالحديث الضعيف والموضوع في زيارة قبر النبي وشد الرحال إلى القبور، والتي لم يخرجها أحد من أصحاب كتب الحديث الستة ولا صححها إمام يعتمد عليه؛ منها: حديث "من جاءني زائرا لم تنـزعه حاجة إلا زيارتي كان حقاً عليَّ أن أكون له شفيعا يوم القيامة".

وهذا الحديث موضوع تفرد به مسلمة بن سالم الجهني الذي لم يعرف إلا برواية هذا الحديث المنكر. [أنظر كتب الجرح والتعديل].

وحديث "من زار قبري وجبت له شفاعتي".
وهذا الحديث موضوع رواه ضعيفان: عبد الله بن عمر العمري، وموسى بن هلال البصري. [راجع كتب الجرح والتعديل].

وحديث "من زارني بالمدينة محتسباً كنت له شهيداً، أو شفيعاً يوم القيامة".
وحديث "من زارني حتى ينتهي إلى قبري، كنت له يوم القيامة شهيداً".
وحديث "من زارني متعمداً كان في جواري يوم القيامة".
وحديث "من أتى المدينة زائراً لي وجبت له شفاعتي يوم القيامة، ومن مات في أحد الحرمين بعث آمناً".

فعامة أحاديث الزيارة لم يثبت منها شيء بسند صحيح فروآتها ما بين ضعيف أو كذاب أو مجهول أو واهي الحديث .

قال ابن تيمية: "ما ذكروه من الأحاديث في زيارة قبر النَّبيّ صلى الله عليه وسلَّم فكلّها ضعيفةٌ باتّفاق أهل العلم بالأحاديث؛ بل هي موضوعةٌ لم يروِ أحدٌ من أهل السّنَن المعتمدة شيئًا منها، ولم يحتجَّ أحدٌ من الأئمَّة بشيءٍ منها، بل مالك -إمام أهل المدينة النبوية، الَّذين هم أعلمُ النَّاس بِحُكم هذه المسألة- كرِه أن يقول الرَّجُل: زُرْتُ قبرَه صلى الله عليه وسلَّم، ولو كان هذا اللَّفظ معروفًا عندهم أو مشروعًا أو مأثورًا عنِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلَّم لم يكرهه عالمُ أهل المدينة".

وقال :"فإن أحاديث زيارة قبره كلها ضعيفة، لا يعتمد على شيء فيها في الدين؛ ولهذا لم يرو أهل الصحاح والسنن شيئاً منها، وإنما يرويها من يروي الضعاف؛ كالدارقطني والبزار وغيرهما". [التوسل والوسيلة ص 72].

9- قولهم -لنتخذن عليهم مسجدا - قال الله تعالى: (إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا أبنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا).

والقول هنا أن الذين اتخذوهم مسجدًا كانوا من النصارى الذين لعنهم رسول الله - ففعلهم لا يدل على أنهم كانوا مؤمنين صالحين متمسكين بشريعة نبي مرسل بل الظاهر أنهم ملوك أو ولاة وغالبا هم أهل شرك أو فجور، فقولهم «لَنَتَخِذَنَّ » تلائم أهل النفوذ والقهر والغلبة ، ولا يقال إن الله تعالى أقرهم وهو قد لعنهم على لسان رسوله وبين إنكاره لهذا الفعل في أكثر من عشر أحاديث صحيحة .

فإتخاذ المساجد على القبور محرم في كل شرع وفعله جهلة أتباعهم كما فعله جهلة أتباع رسولنا بالرغم من نهيه الصريح عنه .







 
قديم 20-08-18, 11:43 AM   رقم المشاركة : 2
السليماني
عضو ماسي








السليماني غير متصل

السليماني is on a distinguished road


جزاك الله خيرا







 
 

الكلمات الدلالية (Tags)
القبر والتبرك به والبناء عليه

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:14 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "