لو قال ابن کثیر:
....ولو تفرد بروايته الصديق رضي الله عنه لوجب على جميع أهل الأرض قبول روايته والانقياد له في ذلك (البداية والنهاية 5/ 307) وصدق رضي الله عنه وأرضاه فإنه البار الراشد في ذلك التابع للحق ... وأن لا يخرج من مسلكه ولا عن سننه. فتغضبت فاطمة رضي الله عنها عليه في ذلك ووجدت في نفسها بعض الموجدة ولم يكن لها ذلك(البداية والنهاية 4/ 231)
فکذلك نقول: ولو تفردت فاطمة (س) في دعواها أن اباها انحلها فدك، لوجب علی أهل الأرض قبول دعواها و الانقیاد لها في ذلك، فانها سیدة نساء اهل الجنة صادقة فی دعواها، و هی البارة الراشدة التابعة للحق.
علما أن ابن کثیر نفسه نقل في تفسیره قضیة هامة جدا، و هی امر الله سبحانه و تعالی في قوله: و آت ذا القربی حقه: لما نزلت وآت ذا القربى حقه دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فأعطاها فدك (تفسير ابن كثير 5/ 63)، و قد نقلت في المشارکة السابقة قوله (و الله أعلم) بعد استشکاله في هذ الروایة، و قلت إن فاطمة لم تکن الروایة عندها ضعیفة! و نفس هذا الاحتمال کاف فی عدم جواز معاتبتها!
ففاطمة تدافع عن امر الله سبحانه بحیث قد سمعت نفسها ذلك من أبیها، أفلا یجب علی اهل الارض قبول دعواها؟ فضلا عن ردّ شهودها و إخراج وکیلها من فدك، هذه ما وردت فی الدر المنثور و ما وردت في سایر کتب الفریقین کثیرة:
الدر المنثور في التفسير بالمأثور (5/ 273)
وأخرج البزار وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية {وآت ذا القربى حقه} دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فأعطاها فدك
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت {وآت ذا القربى حقه} أقطع رسول الله فاطمة فدكا
و من العجیب قول بعض فقهاء اهل السنة في ردّ استدلال الشافعیة لقبول شهادة احد الزوجین للآخر بان علیا (ع) کان یعلم ان شهادة الزوج لزوجته لا تقبل لکنه احترز عن إیحاش فاطمة!!:
الغرة المنيفة في تحقيق بعض مسائل الإمام أبي حنيفة (ص: 187)- عمر بن إسحق سراج الدين أبو حفص الحنفي (المتوفى: 773هـ)
... حجة الشافعي رحمه الله: ما روى أن فاطمة رضي الله عنها ادعت فدكا بين يدي أبي بكر رضي الله عنه واستشهدت عليا رضي الله عنه وأم أيمن وكان بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليها أحد.
الجواب عنه: أن أبا بكر رضي الله عنه لم يحكم بتلك الشهادة ورد دعوى إرثها عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة" وكان علي رضي الله عنه يعلم أن شهادة الزوج لا تقبل لكنه إحترز عن إيحاشها بالامتناع
هل کان عليّ (ع) یعلم إن شهادة الزوج لزوجته لا تقبل و مع ذلك قد شهد احترازا عن ایحاشها؟! هل المشکل هذا بس؟! قبول الشهادة غیر صدق الشهادة! هل کان یعلم أنها کانت (نعوذ بالله) کاذبة في دعواها و مع ذلك شهد لها احترازا عن ایحاشها؟! أم قد شهد بالحقّ و هو یعلم أن رسول الله صلی الله علیه و آله قد أنحلها فدك؟
أفلا یجب، ایها الحافظ ابن کثیر، علی اهل الارض أن یصدّقوا فاطمة و زوجها علیهما السلام فی ما رأیاه بنفسهما عن رسول الله؟! أفنقول إن سیدة نساء اهل الجنة قد کذبت في دعواها و داراها زوجها؟! فانا لله و انا الیه راجعون، یقول ابن کثیر: فتغضبت فاطمة ولم يكن لها ذلك!! هل اذا نسبت (س) الی الکذب في دعواها لم یکن لها التغضب؟! لو فعل هکذا بك تقضي هکذا؟
.