العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 23-05-12, 11:58 AM   رقم المشاركة : 1
جاسمكو
عضو ماسي






جاسمكو غير متصل

جاسمكو is on a distinguished road


التشيع "الاثنا عشري".. يولد ميتاً أحمد الكاتب

م/13
الفصل الثالث عشر : التشيع "الاثنا عشري".. يولد ميتاً

بعد مائة عام من التحديات والعقبات، وصلت نظرية "الإمامة الإلهية" إلى طريق مسدود مع وفاة الإمام الحسن العسكري في سنة 260 للهجرة دون أن يخلف ولدا تستمر الإمامة فيه، ودون أن يشير أو يوصي إلى أحد من بعده. في أكبر دلالة على انتماء العسكري للتشيع السياسي وعدم إيمانه بالتشيع "الديني". وهو ما أقنع كثيرا من الشيعة الملتفين حوله بالتخلي عن نظرية "الإمامة الإلهية" القائمة على أسس وهمية وأحاديث سرية كاذبة. ولكن فريقا من شيعته ممن يميلون الى الغلو رفضوا الاعتراف بحقيقة عدم وجود خلف له، وأصروا على افتراض وجود ولد مكتوم له. وأنه "الإمام" من بعده " لأن الأرض لا يمكن أن تخلو من حجة".[1] وقالوا بأن الإمامة ستسمر في ذرية ذلك الولد المخفي إلى يوم القيامة.

وقد كان القول بوجود ولد للحسن العسكري، قولاً سرياً باطنياً، قال به ذلك الفريق الذي كان يشكل واحدا من أربعة عشر فريقا من أصحاب العسكري، انقسموا بعد وفاته. ولم يكن الأمر واضحاً وبديهيا، أو مجمَعاً عليه بين الشيعة في ذلك الوقت، ولا بين شيعة العسكري الذين كانوا يشكلون أقلية صغيرة على هامش الحركة الشيعية السياسية. حيث كان جوٌ من الحيرة والغموض يلف مسألة الخلف للعسكري، ويعصف بالشيعة بشدة.[2]



وقد بنت الفرقة "الإثناعشرية" عقيدتها بوجود ولد مستور للإمام العسكري ، واستمرار حياته إلى اليوم والى إن يظهر في المستقبل .. على فرضية فلسفية كلامية تتألف من عدة مقدمات، هي:

أولاً : ضرورة وجود الإمام (أي الرئيس ) في الأرض، وعدم جواز بقاء البلاد فوضى بلا حكومة.

ثانياً: ضرورة عصمة الإمام وتعيينه من قبل الله، وعدم جواز حكومة الفقهاء العدول، أو الحكام العاديين .

ثالثاً: وجوب حصر الإمامة في أهل البيت وفي أبناء علي والحسين إلى يوم القيامة .

رابعاً : الإيمان بوفاة الإمام الحسن العسكري، وعدم القول بغيبته و مهدويته.

خامساً: الالتزام بقانون الوراثة العمودية، وعدم جواز انتقال الإمامة إلى أخوين بعد الحسن والحسين.

وسمى المتكلمون الذين نظّروا لوجود "الإمام محمد بن الحسن العسكري" استدلالهم هذا بالدليل العقلي، وقدموه كأهم الأدلة على وجوده.[3]

واعتبر الشيخ المفيد (338هـ - 413 هـ) :" الدليل العقلي الذي يقتضي وجود الإمام المعصوم في كل زمان ... دليلاً كافياً على وجود ابن الحسن وحصر الإمامة فيه" وقال:" إن هذا أصل لن يحتاج معه إلى رواية النصوص لقيامه بنفسه في قضية العقول، وصحته بثابت الاستدلال" .[4]

وقال السيد المرتضى علم الهدى (355 هـ - 436 هـ):" إن العقل يقتضي بوجوب الرياسة في كل زمان، وإن الرئيس لا بد من كونه معصوما.. وإذا ثبت هذان الأصلان فلا بد من القول : إنه (صاحب الزمان) بعينه، لأن الصفة التي اقتضاها ودلَّ على وجوبها لا توجد إلا فيه، وتساق الغيبة بهذا سوقا ضروريا لا يقرب منه شبهة.. ولأنه إذا بطلت إمامة من أثبتت له الإمامة بالاختيار، لفقد الصفة التي دلّ العقل عليها، وبطل قول من خالف من شذاذ الشيعة، فلا مندوحة عن مذهبنا، فلا بد من صحته، وإلا خرج الحق عن الأمة" .[5]

ويمكن تلخيص "الدليل العقلي" في كلمة واحدة هي: " نظرية الإمامة الإلهية لأهل البيت القائمة على العصمة و النص والوراثة العمودية".

وبعد أن افترض "الإماميون الإثنا عشريون" وجود ولد للإمام الحسن العسكري، قاموا بتأويل عدد من الآيات القرآنية واختلاق عدد من الروايات عن النبي الأكرم والأئمة السابقين تتنبأ بمولد "الإمام الثاني عشر". واستعانوا بتراث الفرق الشيعية السابقة كالكيسانية والواقفية التي كانت تتحدث عن "المهدي" و "القائم" و"الغيبة" ليستدلوا بها على وجود الولد للعسكري ويثبتوا ولادته.[6]

ثم جاءوا بمجموعة من القصص السرية على ولادة "الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري" ومشاهدته سراً في مختلف مراحل حياته أيام أبيه وبعد وفاته، وقالوا بغيبته وأنه "الإمام المهدي المنتظر".[7]

المبحث الأول: حصر الإمامة في "اثني عشر"

وبغض النظر عما إذا كان ذلك الولد حقيقة تاريخية أم فرضية فلسفية، فإن الشيعة "الإمامية" الذين قالوا بوجوده؛ لم يعتقدوا في البداية أنه الإمام الأخير، وأن الأئمة اثنا عشر فقط. حيث كانوا ينتظرون خروجه بعد أشهر أو بضع سنوات، ولكنهم وبعد عقود من الزمن بدءوا يؤمنون تدريجيا بحصر الإمامة في "اثني عشر" فولدت الفرقة "الاثنا عشرية" في القرن الرابع الهجري. وكان ذلك تطورا جديدا في النظرية "الامامية" حدث خاصة في صفوف الشيعة الموسوية من أتباع "التشيع الديني"، ولا سيما الجناح المتشدد الذي كان يؤمن بقانون الوراثة العمودية بشدة ولا يقبل أي تسامح فيها، وقد ادعى ذلك الجناح وجود قائمة مسبقة بأسماء الأئمة الاثني عشر، وتحديدهم من قبل الرسول الأعظم (ص) باثني عشر إماما هم**** : (علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي وآخرهم الإمام الغائب محمد بن الحسن العسكري) وكان يستهدف من وراء ذلك إثبات وجود الإمام الثاني عشر "محمد بن الحسن العسكري" الذي كان وجوده محل شك ونقاش في صفوف الشيعة الامامية.

ولكي ينسجم عدد الأئمة السابقين مع هذه القائمة، لجأ "الاثنا عشريون" إلى حذف اسم الإمام زيد والإمام عبدالله الأفطح والإمام أحمد بن موسى الذين قال بإمامتهم كثير من الشيعة الامامية الفطحية في السابق، كما رفضوا الاعتراف بإمامة جعفر بن علي الهادي، الذي ذهب إليه بعض الإمامية أيضا، وأضافوا اسم "الإمام محمد بن الحسن العسكري" ونظموا قائمة جديدة بأسماء تسعة من أولاد الحسين واحدا بعد واحد، وقالوا **** بأن هؤلاء الأئمة قد نص عليهم الرسول وأعلن أسماءهم من قبل، وجاءوا على ذلك بعشرات الأحاديث التي نسبوها إلى رسول الله (ص) والأئمة السابقين. وألغوا بذلك الطابع السياسي للتشيع في الوقت الذي كرسوا فيه الطابع "الديني" له، كما ألغوا التاريخ الشيعي الممتد على ثلاثة قرون، وأغمضوا أعينهم عن كثير من الأحداث والوقائع والأحاديث التي تتناقض مع حكاية "القائمة الاثني عشرية".

أحاديث "الإثني عشرية"

وقد أورد الكليني ، في كتابه**** "الكافي" في مطلع القرن الرابع الهجري، سبع عشرة رواية تتحدث عن "الاثني عشرية" ليأتي بعد ذلك بنصف قرن، الشيخ محمد بن علي الصدوق ويذكر في كتابه "إكمال الدين وإتمام النعمة" خمساً وثلاثين رواية حول الموضوع. ثم يأتي محمد بن علي الخزاز، في أواخر القرن الرابع، ليوصلها في كتابه**** "كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر" إلى حوالي مائة رواية. بينما قال مؤرخ شيعي هو المسعودي في "التنبيه والإشراف": إن أصل "الاثني عشرية" هو كتاب سليم بن قيس الهلالي.[8] وهذا كتاب ظهر في القرن الرابع الهجري لمؤلف مجهول، قيل إنه من أصحاب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وفيه أحاديث تنسب إلى رسول الله (ص) والأئمة من أهل البيت تشير إلى تحديد أسماء الأئمة الاثني عشر بالتفصيل.
أ - الأحاديث السنية حول "الإثني عشرية"

واستعان أقطاب "الاثني عشرية" بأحاديث "سنية" ذكرها البخاري ومسلم حول حدوث الهرج والمرج بعد الخليفة أو الأمير الثاني عشر، فاعتبروها دليلا على صحة نظريتهم التي لم يكن يعرفها أئمة أهل البيت ولا الشيعة ولا حتى "الإمامية" من قبل.
فقد روى محمد بن علي الصدوق في: "إكمال الدين": عن احمد بن الحسن القطان المعروف بأبي علي بن عبد ربه الرازي قال حدثنا أبو يزيد محمد بن يحيى بن خلف بن يزيد المروزي ، بالري في شهر ربيع الأول سنة 302 عن إسحاق بن ابراهيم الحنظلي في سنة 238 ، المعروف بابن إسحاق بن راهويه، عن يحيى بن يحيى، عن هشام، عن مجالد (أو خالد، خ ل ) عن الشعبي عن مسروق قال : بينا نحن عند عبدالله بن مسعود نعرض مصاحفنا عليه إذ قال له فتى شاب (وفي رواية أخرى أعرابي) : هل عهد إليكم نبيكم كم يكون من بعده من خليفة؟..قال : إنك لحدث السن وإن هذا شيء ما سألني عنه أحد من قبلك ، نعم عهد الينا نبينا انه يكون من بعده اثنا عشر خليفة بعدد نقباء بني إسرائيل .[9]

وقال الصدوق : نقل مخالفونا من أصحاب الحديث نقلا ظاهرا مستفيضا من حديث جابر بن سمرة، ما حدثنا به احمد بن محمد بن إسحاق الدينوري، قال حدثني أبو بكر بن أبي داود عن إسحاق بن ابراهيم عن ابن سيرين عن جابر بن سمرة السوائي قال: كنا عند النبي فقال :" يلي هذه الأمة اثنا عشر" قال فصرخ الناس فلم أسمع ما قال، فقلت لأبي - وكان أقرب إلى رسول الله مني - ما قال رسول الله؟.. فقال : قال :" كلهم من قريش وكلهم لا يرى مثله" . وفي رواية أخرى :" يكون بعدي اثنا عشر أميرا " ثم أخفى صوته، فقلت لأبي: ما الذي أخفى رسول الله؟ قال قال:"كلهم من قريش".[10]

وأضاف الصدوق معقبا على ذلك بقوله: وقد أخرجتُ طرق هذا الحديث أيضا وبعضهم روى " اثنا عشر أميرا " وبعضهم روى:" اثنا عشر خليفة " فدل على أن الأخبار التي في أيدي الإمامية عن النبي والأئمة بذكر الأئمة الاثني عشر أخبار صحيحة.[11]

وأورد الشيخ الطوسي، في القرن الخامس الهجري، في كتابه "الغيبة" رواية ابن مسعود الآنفة، ولكن مع إضافة: قال الله عز وجل "وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا".[12] ونقل رواية جابر بن سمرة بعدة أشكال فقال مرة:" يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش" قال فلما رجع إلى منزله أتته قريش فقالوا : ثم يكون ماذا؟..فقال :" ثم يكون الهرج" .[13] وفي رواية أخرى يقول جابر: إنه لم يفهم ماذا قال النبي بعد كلمة خليفة، ويقول: فقال بعضهم: سألت القوم فقالوا:"كلهم من قريش" ولا يذكر:"ثم يكون الهرج".[14]
وفي رواية ثالثة مختلفة يقول جابر: إن النبي (ص) قال:"لا يزال أهل هذا الدين يُنصرون على من ناوأهم إلى اثني عشر خليفة" فجعل الناس يقومون ويقعدون، وتكلم بكلمة لم أفهمها، فقلت لأبي أو لأخي : أي شيء قال؟..فقال:"كلهم من قريش".[15]
ويروي الطوسي رواية أخرى مشابهة لهذه مع حذف كلمة (أهل) حيث يقول:" لا يزال هذا الدين ظاهرا لا يضره من ناوأه حتى يقوم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش".[16] وذلك من دون أن يذكر أي غموض أو كلمة لم يفهمها. ويروي بعد ذلك روايتين عن عبدالله بن عمر يقول في الأولى: سمعت رسول الله يقول:" يكون خلفي اثنا عشر خليفة". ويقول في الثانية مخاطبا أبا الطفيل :" يا أبا الطفيل عدّ اثني عشر من بني كعب بن لوي ..ثم يكون النقف والنفاق".[17] والنقف هو: كسر الهامة عند الدماغ، أو ضربها أشد الضرب برمح أو عصا، وهذه الرواية تشبه بعض الروايات السابقة عن جابر التي تتحدث عن الهرج بعد الاثني عشر خليفة، ولكن عبدالله بن عمر لم يصرح بروايتها عن الرسول الأكرم ، وفي روايته الأولى لم يذكر كلمة : " من قريش" .

ب - الأحاديث الشيعية حول "الاثني عشرية"

وأما الأحاديث الشيعية التي ساقها "الإثنا عشريون" على نظريتهم الجديدة، فهي كما يلي:
1 - عن أبي عبد الله، قال: قال أبي لجابر بن عبد الله الأنصاري: إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها؟ فقال له جابر: أي الأوقات أحببته، فخلا به في بعض الأيام فقال له: يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة بنت رسول الله (ص) وما أخبرتك به أمي أنه في ذلك اللوح مكتوب؟ فقال جابر: أشهد بالله أني دخلت على أمك فاطمة في حياة رسول الله (ص) فهنيتها بولادة الحسين ورأيت في يديها لوحا أخضر، ظننت أنه من زمرد ورأيت فيه كتابا أبيض، شبه لون الشمس، فقلت لها: بأبي وأمي يا بنت رسول الله (ص) ما هذا اللوح؟ فقالت: هذا لوح أهداه الله إليَّ رسول الله (ص) فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابني واسم الأوصياء من ولدي وأعطانيه أبي ليبشرني بذلك، قال جابر فأعطتنيه أمك فاطمة ، فقرأته واستنسخته، فقال له أبي: فهل لك يا جابر: أن تعرضه عليَّ قال: نعم، فمشى معه أبي إلى منزل جابر فأخرج صحيفة من رق، فقال: يا جابر انظر في كتابك لأقرأ أنا عليك، فنظر جابر في نسخته فقرأه أبي فما خالف حرف حرفا، فقال جابر: فأشهد بالله أني هكذا رأيته في اللوح مكتوبا:
"بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمد نبيه ونوره وسفيره وحجابه ودليله نزل به الروح الأمين من عند رب العالمين، عظم يا محمد أسمائي واشكر نعمائي ولا تجحد آلائي، إني أنا الله إله إلا أنا قاصم الجبارين ومديل المظلومين وديان الدين، إني أنا الله لا إله إلا أنا، فمن رجا غير فضلي أو خاف غير عدلي، عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين فإياي فاعبد وعلي فتوكل، إني لم أبعث نبيا فأكملت أيامه وانقضت مدته إلا جعلت له وصيا، وإني فضلتك على الأنبياء وفضلت وصيك على الأوصياء وأكرمتك بشبليك وسبطيك حسن وحسين، فجعلت حسنا معدن علمي، بعد انقضاء مدة أبيه وجعلت حسينا خازن وحيي وأكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد وأرفع الشهداء درجة، جعلت كلمتي التامة معه وحجتي البالغة عنده، بعترته أثيب وأعاقب، أولهم علي سيد العابدين وزين أوليائي الماضين وابنه شبه جده المحمود محمد الباقر علمي والمعدن لحكمتي سيهلك المرتابون في جعفر، الراد عليه كالراد علي، حق القول مني لأكرمن مثوى جعفر ولأسرنَّه في أشياعه وأنصاره وأوليائه، أتيحت بعده موسى فتنة عمياء حندس لأن خيط فرضي لا ينقطع وحجتي لا تخفى وأن أوليائي يسقون بالكأس الأوفى، من جحد واحدا منهم فقد جحد نعمتي ومن غير آية من كتابي فقد افترى علي، ويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة موسى عبدي وحبيبي وخيرتي في علي وليي وناصري ومن أضع عليه أعباء النبوة وأمتحنه بالاضطلاع بها يقتله عفريت مستكبر يدفن في المدينة التي بناها العبد الصالح إلى جنب شر خلقي حق القول مني لأسرنه بمحمد ابنه وخليفته من بعده ووارث علمه، فهو معدن علمي وموضع سري وحجتي على خلقي لا يؤمن عبد به إلا جعلت الجنة مثواه وشفعته في سبعين من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار وأختم بالسعادة لابنه علي وليي وناصري والشاهد في خلقي وأميني علي وحيي، أخرج منه الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن واكمل ذلك بابنه " م ح م د " رحمة للعالمين، عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيوب فيذل أوليائي في زمانه وتتهادى رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين، مرعوبين، وجلين، تصبغ الأرض بدمائهم ويفشو الويل والرنا في نسائهم أولئك أوليائي حقا، بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس وبهم أكشف الزلازل وأدفع الآصار والأغلال أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون". [18]

2- وينقل الكليني رواية عن لقاء الخضر بالإمام أمير المؤمنين وسؤاله مسألة ثم إخباره بأسماء الأئمة الاثني عشر. فيروي عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن أبي جعفر الثاني (الجواد) قال أقبل أمير المؤمنين ومعه الحسن بن علي، وهو متكئ على يد سليمان فدخل المسجد الحرام فجلس إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلم على أمير المؤمنين، فرد عليه السلام فجلس، ثم قال: يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما قضى عليهم وأن ليسوا بمأمونين في دنياهم وآخرتهم، وإن تكن الأخرى علمت أنك وهم شرع سواء. فقال له أمير المؤمنين : سلني عما بدا لك، قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين إلى الحسن فقال: يا أبا محمد أجبه، قال: فأجابه الحسن ، فقال الرجل أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهد بها وأشهد أن محمدا رسول الله ولم أزل أشهد بذلك وأشهد أنك وصي رسول الله (ص) والقائم بحجته - وأشار إلى أمير المؤمنين - ولم أزل أشهد بها وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته - وأشار إلى الحسن- وأشهد أن الحسين بن علي وصي أخيه والقائم بحجته بعده وأشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين وأشهد على جعفر بن محمد بأنه القائم بأمر محمد وأشهد على موسى أنه القائم بأمر جعفر بن محمد وأشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي ابن موسى وأشهد على علي بن محمد بأنه القائم بأمر محمد بن علي وأشهد على الحسن بن علي بأنه القائم بأمر علي بن محمد وأشهد على رجل من ولد الحسن لا يكنى ولا يسمى حتى يظهر أمره فيملاها عدلا كما ملئت جورا والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، ثم قام فمضى، فقال أمير المؤمنين: يا أبا محمد اتبعه فانظر أين يقصد فخرج الحسن بن علي، فقال: ما كان إلا أن وضع رجله خارجا من المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله، فرجعت إلى أمير المؤمنين فأعلمته، فقال: يا أبا محمد أتعرفه؟ قلت: الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم، قال: هو الخضر عليه السلام".[19]

3- وروى الكليني رواية جابر بطريق آخر، مع إضافة ".. فعددت اثني عشر آخرهم القائم، ثلاثة منهم محمد وثلاثة منهم علي". [20]

4- وروى حديثا آخر، عن سليم بن قيس قال: سمعت عبد الله بن جعفر الطيار يقول: كنا عند معاوية، أنا والحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعمر بن أم سلمة وأسامة بن زيد، فجرى بيني وبين معاوية كلام فقلت لمعاوية: سمعت رسول الله (ص) يقول: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم أخي علي بن أبي طالب أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا استشهد علي فالحسن بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم ابني الحسين من بعده أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا استشهد فابنه علي بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا علي، ثم ابنه محمد بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا حسين، ثم تكملة اثني عشر إماما تسعة من ولد الحسين، قال عبد الله بن جعفر: واستشهدت الحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعمر بن أم سلمة وأسامة بن زيد، فشهدوا لي عند معاوية، قال سليم: وقد سمعت ذلك من سلمان وأبي ذر والمقداد وذكروا أنهم سمعوا ذلك من رسول الله (ص). [21]

5 - وروى الكليني معنعنا إلى أبي الطفيل أنه شهد الإمام علي يقول ليهودي:" يا هاروني إن لمحمد اثني عشر إمام عدل... ومسكن محمد في جنته معه أولئك الاثني عشر الإمام العدل" فقال اليهودي: صدقت والله الذي لا إله إلا هو إني لأجدها في كتب أبي هارون، كتبه بيده وإملاء موسى عمي، قال: فأخبرني.. عن وصي محمد كم يعيش من بعده؟ وهل يموت أو يقتل؟ قال: يا هاروني يعيش بعده ثلاثين سنة، لا يزيد يوما ولا ينقص يوما، ثم يضرب ضربة ههنا - يعني على قرنه - فتخضب هذه من هذا قال: فصاح الهاروني وقطع كستيجه وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأنك وصيه، ينبغي أن تفوق ولا تفاق وأن تعظم ولا تستضعف.[22]

6 - كما روى عن علي بن الحسين أنه قال: إن الله خلق محمدا وعليا وأحد عشر من ولده من نور عظمته، فأقامهم أشباحا في ضياء نوره يعبدونه قبل خلق الخلق، يسبحون الله ويقدسونه وهم الأئمة من ولد رسول الله (ص). [23]

7 - وروى عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر يقول: الاثنا عشر الإمام من آل محمد كلهم محدث من رسول الله (ص) ومن ولد علي، فقال علي بن راشد، وكان أخا علي بن الحسين لأمه وأنكر ذلك فصرر أبو جعفر وقال: أما إن ابن أمك كان أحدهم. [24]

8 - وروى عن أبي جعفر أنه قال: إن الله أرسل محمدا (ص) إلى الجن والإنس وجعل من بعده اثني عشر وصيا، منهم من سبق ومنهم من بقي وكل وصي جرت به سنة والأوصياء الذين من بعد محمد (ص) على سنة أوصياء عيسى وكانوا اثني عشر. [25]

9 - وروى عن أبي جعفر الثاني (الجواد) أن أمير المؤمنين قال لابن عباس: إن ليلة القدر في كل سنة، وإنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة، ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله (ص)، فقال ابن عباس: من هم؟ قال: أنا وأحد عشر من صلبي أئمة محدثون. [26]

10 - وروى عن رسول الله (ص) لأصحابه: آمنوا بليلة القدر إنها تكون لعلي بن أبي طالب ولولده الأحد عشر من بعدي. [27]

11 - وأن أمير المؤمنين قال لأبي بكر يوما: " لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " وأشهد أن محمدا (ص) رسول الله مات شهيدا، والله ليأتينك، فأيقن إذا جاء‌ك فان الشيطان غير متخيل به، فأخذ علي بيد أبي بكر فأراه النبي (ص) فقال له: يا أبا بكر آمن بعلي وبأحد عشر من ولده، إنهم مثلي إلا النبوة وتب إلى الله مما في يدك، فإنه لا حق لك فيه، قال ثم ذهب فلم يُرَ. [28]

12 - وعن زرارة قال: سمعت أبا جعفر يقول: الاثنا عشر الإمام من آل محمد كلهم محدَّث من ولد رسول الله (ص).[29]

13 - وعنه أيضا قال: يكون تسعة أئمة بعد الحسين بن علي، تاسعهم قائمهم.[30] وفي عبارة أخرى: نحن اثنا عشر إماما منهم حسن وحسين ثم الأئمة من ولد الحسين. [31]

14 - وفي رواية أخرى عن أبي عبد الله قال: لما قتل الحسين عجت السماوات والأرض ومن عليهما والملائكة، فقالوا: يا ربنا إئذن لنا في هلاك الخلق حتى نجدهم عن جديد الأرض بما استحلوا حرمتك، وقتلوا صفوتك، فأوحى الله إليهم يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي اسكنوا، ثم كشف حجابا من الحجب فإذا خلفه محمد (ص) واثنا عشر وصيا له، وأخذ بيد فلان القائم من بينهم، فقال: يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي بهذا أنتصر لهذا - قالها ثلاث مرات. [32]

15 - وعن سماعة بن مهران قال: كنت أنا وأبو بصير ومحمد بن عمران مولى أبي جعفر في منزله بمكة فقال: محمد بن عمران: سمعت أبا عبد الله يقول: نحن اثنا عشر محدَّثا فقال له: أبو بصير سمعتَ من أبي عبد الله؟ فحلفه مرة أو مرتين أنه سمعه؟ فقال أبو بصير: لكني سمعته من أبي جعفر. [33]

المبحث الثاني : الولادة الميتة.. نظرية التقية والانتظار

وبغض النظر عن صحة تلك الأحاديث أو ضعفها، فقد اختلفت النظرية "الاثنا عشرية" عن "الامامية" اختلافا مهما، في أن هذه الأخيرة كانت تدور حول أئمة من أهل البيت، موجودين في الحياة بشكل ظاهر، وتعتقد أنهم أولى بالحكم والخلافة من الحكام الأمويين أو العباسيين، وتقول**** إن أولئك الأئمة معينون من قبل الله، وأنهم مصدر ديني للفقه والتفسير، بينما أخذت النظرية "الاثنا عشرية" تدور حول إمام غائب لا أثر له في الحياة، هو "الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري" الذي تدعي أنه ولد في ظروف سرية واختفى وسوف يظهر في المستقبل. وتسبب ذلك القول بانقطاع "الاثني عشرية" عن مصدر العلم الإلهي المستمر، بحيث لم تعد تملك من تراث أهل البيت سوى أخبار آحاد ضعيفة أضعف من روايات السنة عن النبي محمد (ص).[34] ولم تستطع مواكبة الحوادث الواقعة اعتمادا على تلك الأحاديث القاصرة، وكل ذلك أدى إلى فقدان النظرية "الاثني عشرية" للمعنى السياسي والحيوي، أي انها ولدت ميتة ولم تستطع الاستمرار في الحياة.

فقد دخل الشيعة "الاثنا عشرية" ، بعد قولهم بوجود الإمام الثاني عشر "محمد بن الحسن العسكري" وغيبته، في مرحلة أسموها "الانتظار" أي انتظار الإمام الغائب (الثاني عشر). واتسموا في تلك المرحلة بالسلبية السياسية المطلقة، حيث حرموا الثورة على الظالمين وإقامة الدولة إلا بعد ظهور "الإمام المعصوم المنصوص عليه من الله". وعطلوا كل ما يتعلق بالدولة من أمور، كجباية الخمس والزكاة وإقامة الحدود، وصلاة الجمعة والجهاد.[35]

فقد قال الشيخ محمد بن أبى زينب النعماني (توفي سنة 340هـ ) :" إن أمر الوصية والإمامة بعهد من الله تعالى وباختياره، لا من خلقه ولا باختيارهم، فمن اختار غير مختار الله وخالف أمر الله سبحانه، وَرَدَ مورد الظالمين والمنافقين الحالّين في ناره" . وأورد سبع عشرة رواية حول وجوب التقية والانتظار وتحريم الخروج في "عصر الغيبة ".[36]

وقال الشيخ الصدوق (توفي سنة 381 هـ) :" التقية فريضة واجبة علينا في دولة الظالمين، فمن تركها فقد خالف دين الامامية وفارقه .. والتقية واجبة لا يجوز تركها إلى أن يخرج القائم، فمن تركها فقد دخل في نهي الله عز وجل ونهي رسوله والأئمة (ع) ويجب الاعتقاد أن حجة الله في أرضه وخليفته على عباده في زماننا هذا هو القائم المنتظر ابن الحسن.. ويجب أن يعتقد أنه لا يجوز أن يكون القائم غيره بقي في غيبته ما بقي، ولو بقي عمر الدنيا لم يكن القائم غيره ".[37]

ومن هنا فقد رفض المتكلمون "الاثنا عشريون" الأوائل دعوة المعتزلة والشيعة الزيدية، إلى تبني نظرية "ولاية الفقيه" في ظل "الغيبة الكبرى" بحجة فقدان الفقيه للعصمة والتعيين من الله، وتعارض نظرية "ولاية الفقيه" مع نظرية "الإمامة الإلهية".

وعلى رغم أن الشيعة "الاثني عشرية" كانوا يعيشون في القرنين الرابع والخامس، في ظل الدولة البويهية الشيعية (الزيدية)، إلا أنهم لم يستطيعوا إنتاج نظرية عصرية سياسية تلبي متطلبات الحياة، وأصروا على تكريس نظرية "الانتظار" السلبية وترديدها في مختلف كتبهم الفكرية والفقهية. وحتى عندما قامت الدولة الصفوية في القرن العاشر الهجري، فإن قسما من الشيعة ظل يتمسك بموقف الانتظار السلبي للإمام الغائب المنتظر، كلازمة من لوازم نظرية "الإمامة الإلهية" ويرفض الانخراط في الدولة الصفوية، بالرغم من تأييد الشيخ علي عبد العالي الكركي لها، بناء على نظرية "نيابة الفقهاء العامة عن الإمام الغائب" والتي أجاز لنفسه على ضوئها إضفاء نوع من الشرعية على الدولة الصفوية. حيث كان ذلك القسم من العلماء يرى في المحاولة الصفوية - الكركية انقلابا على أهم أسس النظرية الامامية، من حيث اشتراط العصمة والنص في الإمام، واستلابا واغتصابا لدور "الإمام المعصوم" (المهدي المنتظر الغائب).[38]

وتجلى ذلك الموقف السلبي من إقامة الدولة في "عصر الغيبة"، في القرن الثالث عشر الهجري أيضا، في موقف الشيخ محمد حسن النجفي صاحب "جواهر الكلام" الذي عاصر الأيام الأخيرة للدولة العثمانية، ولكنه لم يفكر في الثورة عليها وإقامة دولة شيعية خاصة في العراق، نظراً لأنه كان يؤمن بعدم إمكانية إقامة الدولة في "عصر الغيبة" وإلا لظهرت دولة الحق وخرج الإمام المهدي "الذي لم يختفِ إلا بسبب الخوف على نفسه" كما يقول. ولذلك توصل النجفي إلى ضرورة الانتظار، والاستمرار فيه حتى ظهور المهدي، وعدم جواز إقامة الدولة الإسلامية في عصر "الغيبة"، بل عدم إمكانيتها. [39]

وانعكس الموقف السلبي أيضا وأخيرا، في رفض "المرجعية الدينية" الشيعية في الستينات من القرن العشرين (أيام المرجع السيد محسن الحكيم) لتأسيس "حزب الدعوة الإسلامية" الذي أعلن عنه مجموعة من الشباب من أجل إقامة حكومة إسلامية، وذلك بسبب إيمان الحكيم وغيره من المراجع بنظرية الانتظار وتحريم العمل السياسي، والاقتصار على الشؤون الدينية. [40]
وقد انعكست نظرية الانتظار السلبي للإمام الغائب (الثاني عشر) على موقف الشيعة "الاثني عشرية" من: (قانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) مما أدى إلى نشوء ظاهرة الانسحاب السياسي عند قطاع واسع من الشيعة الاثني عشرية، وضعف المشاركة الشعبية في التغيير الاجتماعي. وقد تمثل ذلك بصورة جلية في إحجام عدد من الفقهاء الذين تسلموا زمام "المرجعية الشيعية العامة" عن خوض العمل السياسي أو التصدي للظلمة والطواغيت .

كما انعكست نظرية "الانتظار" التي التزم بها أولئك العلماء ، أيضا، على مسألة إقامة الحدود في "عصر الغيبة"، حيث اشترطوا إقامتها بظهور الإمام المهدي الغائب، وقد قال الشيخ الطوسي:" أما إقامة الحدود .. فليس يجوز لأحد إقامتها إلا لسلطان الزمان المنصوب من قبل الله تعالى أو من نصبه الإمام لإقامتها، ولا يجوز لأحد سواهما إقامتها على حال" .[41]

وكاد إجماع الشيعة "الاثني عشرية" ينعقد عبر التاريخ على حرمة الجهاد الابتدائي في "عصر الغيبة". فقد اشترط الشيخ الطوسي في: "المبسوط" في وجوب الجهاد : ظهور الإمام العادل الذي لا يجوز لهم القتال إلا بأمره ، ولا يسوغ لهم الجهاد دونه ، أو حضور من نصبه الإمام للقيام بأمر المسلمين ، وقال بعدم جواز مجاهدة العدو متى لم يكن الإمام ظاهرا ولا من نصبه الإمام حاضرا ، وقال: "إن الجهاد مع أئمة الجور أو من غير إمام خطأ يستحق فاعله به الإثم، وإن أصاب لم يؤجر وإن أصيب كان مأثوما". واستثنى من ذلك حالة الدفاع عن النفس وعن حوزة الإسلام وجميع المؤمنين إذا دهم المسلمين عدو يخاف منه على بيضة الإسلام.[42]

وإضافة إلى تلك الجوانب السياسية التي علقها الاثنا عشرية في "عصر الغيبة والانتظار" فقد علقوا أيضا الجوانب الاقتصادية التي ترتبط بالدولة، كالزكاة والخمس والأنفال والخراج وما شابه.. وبالخصوص بعض موارد صرفها، وهي الموارد التي تتعلق بشؤون الدولة و "الإمام" فقد أجازوا لمن وجبت عليه الزكاة أن يتولى إخراجها من ماله وتوزيعها بنفسه، وذلك عند فقد الإمام والنائبين عنه، وتعذر إيصالها إليه. وأسقطوا سهم المؤلفة قلوبهم وسهم (سبيل الله) والعاملين عليها من مصارف الزكاة .

ومع سقوط نظرية الدولة في الفكر السياسي الشيعي الاثني عشري، وتحريم إقامتها في "عصر الغيبة" تعامل الفقهاء مع موضوع الزكاة من ثلاثة جوانب، فأوجبوا الزكاة من ناحية، وأمروا المكلفين بإخراجها وتوزيعها بأنفسهم لعدم وجود الإمام الشرعي، من ناحية ثانية، وأسقطوا حصص العاملين عليها والمؤلفة قلوبهم والجهاد، من ناحية أخرى .

هكذا أفتى ابن حمزة في "الوسيلة إلى نيل الفضيلة" وابن إدريس في "السرائر" والمحقق الحلي نجم الدين جعفر بن الحسن في "شرائع الإسلام" و "المختصر النافع" والمقداد بن عبد الله السيوري الحلي في "كنز العرفان في فقه القرآن".

أما في موضوع الأنفال التي ينص القرآن الكريم على أنها لله وللرسول، فكان الشيعة الامامية يعتقدون أنها للإمام القائم مقامه من بعده، خالصة له كما كانت خالصة للرسول (ص) في حياته، ولا يحق لأحد أن يعمل في شيء من الأنفال إلا بإذن الإمام العادل، فمن عمل فيها بإذنه فله أربعة أخماس المستفاد منها وللإمام الخمس. ولما كان "الإمام العادل" في المصطلح الإمامي يعني : "الإمام المعصوم المعين من قبل الله تعالى" وأنه منذ وفاة الإمام الحسن العسكري سنة 260 هـ هو "الإمام الثاني عشر المهدي محمد بن الحسن العسكري" الذي ولد سنة 255 هـ وغاب بعد ذلك إلى اليوم، فانه يصبح : المالك الحقيقي للأنفال، وكذلك المالك الحقيقي للخمس، وهو قانون خاص غير الزكاة يفرضه الشيعة على المغانم والأرباح أيضا، ويعتقدون أن عليهم تقديمه لله وللرسول وللإمام ولليتامى والمساكين وأبناء السبيل من بني هاشم، وأن سهم الله والرسول وذي القربى يجب تقديمه للإمام (الذي يمثل ذوي القربى ) والذي هو اليوم (الإمام المهدي المنتظر ) كما يجب إعطاؤه الأسهم الثلاثة الأخرى: أسهم اليتامى والمساكين وأبناء السبيل، لكي يوزعها على الأصناف الثلاثة من بني هاشم.[43]

وقد أدى الالتزام بنظرية "الانتظار" إلى الوقوع في أزمة حادة في موضوع الخمس والأنفال في "عصر الغيبة"، فمن جهة : إن الإمام المهدي هو الشخص الوحيد صاحب الخمس والأنفال، والذي يحق له استلامها وتوزيعها، ومن جهة أخرى : لا سبيل إلى الوصول إليه لأداء حقوقه، كما لا توجد أية نصوص منه في مسالة توزيعها والتصرف فيها في ظل الغيبة. ومن هنا فقد احتار الفقهاء في حكم الخمس والأنفال، وقال الشيخ المفيد في : (المقنعة):" قد اختلف قوم من أصحابنا في ذلك عند الغيبة، وذهب كل فريق منهم إلى مقال: فمنهم من يسقط فرض إخراجه، لغيبة الإمام، وما تقدم من الرخص فيه من الأخبار. و بعضهم يوجب كنزه، ويتأول خبراً ورد: " أن الأرض تظهر كنوزها عند ظهور الإمام، وأنه (ع) إذا قام دلّه الله على الكنوز فيأخذها من كل مكان". وبعضهم يرى صلة الذرية وفقراء الشيعة على طريق الاستصحاب. وبعضهم يرى عزله لصاحب الأمر، فان خشي إدراك الموت قبل ظهوره وصّى به إلى من يثق به في عقله وديانته حتى يسلم إلى الإمام ، ثم إن أدرك قيامه .. وإلا وصّى به إلى من يقوم مقامه في الثقة والديانة، ثم على هذا الشرط إلى أن يظهر إمام الزمان. وهذا القول عندي أوضح من جميع ما تقدم، لأن الخمس حق لغائب لم يرسم فيه قبل غيبته رسما يجب الانتهاء إليه فوجب حفظه إلى وقت إيابه، والتمكن من إيصاله إليه أو وجود من انتقل بالحق إليه ، ويجري ذلك مجرى الزكاة التي يعدم عند حلولها مستحقها فلا يجب عند ذلك سقوطها، ولا يحل التصرف فيها على حسب التصرف في الأملاك، ويجب حفظها بالنفس أو الوصية إلى من يقوم بإيصالها إلى مستحقها من أهل الزكاة من الأصناف". وأضاف:"إنما اختلف أصحابنا في هذا الباب لعدم ما يلجأ إليه من صريح الألفاظ ". [44]

وقد أدت هذه الحيرة والغموض في موضوع الخمس في "عصر الغيبة" إلى ظهور عدد من الأقوال الغريبة المنافية للعقل والقرآن من قبيل إسقاط الخمس أو دفنه في الأرض أو إلقائه في البحر أو عزله والوصية به إلى يوم ظهور المهدي، وهو الرأي الذي اختاره المفيد وفقهاء آخرون عبر التاريخ، بينما ذهب فقهاء آخرون إلى تحليل الخمس وإباحته للشيعة في "زمان الغيبة".[45]

وتأثرت صلاة الجمعة بنظرية "الانتظار" بسبب اشتراطهم حضور"الإمام المعصوم" وإجازته لإقامة الصلاة. ولمـّا كانوا يقولون : إن الإمام المعصوم غائب في هذا العصر، وإن من شروط إقامة صلاة الجمعة حضور الإمام أو إذنه، فقد قالوا بافتقاد أحد شروط صلاة الجمعة، وهو إذن الإمام المعصوم المهدي المنتظر. ونتيجة لذلك قالوا بحرمة أو بعدم وجوب صلاة الجمعة في "عصر الغيبة". [46]

وقد انتهوا إلى تعطيل صلاة الجمعة في عصر الغيبة، انسجاما مع نظرية "الانتظار" التي تحرم إقامة الدولة الإسلامية لغير الأئمة المعصومين المعينين من قبل الله تعالى.

إذن فقد أدت نظرية "الانتظار للإمام المهدي الغائب" إلى غيبة الشيعة الامامية أنفسهم عن مسرح الحياة السياسية، وذلك بتحريم العمل السياسي وإقامة الدولة في (عصر الغيبة)، وقد كانت هذه نتيجة منطقية لنظرية ولدت ميتة.



[1] - الطوسي : الغيبة، ص 132 . والصدوق: إكمال الدين ج1ص44 . والمفيد: الإرشاد ، ص 341 و النجاشي: الرجال . ترجمة احمد بن عامر بن سليمان أبى الجعد . والطبري:دلائل الإمامة ، ص 224 ، والصدر: الغيبة الصغرى، ص 315 ، والصدوق : إكمال الدين، ص 44
[2] - وقد كتب عدد من العلماء المعاصرين لتلك الفترة كتباً تناقش موضوع الحيرة وتبين سبل الخروج منها، كالشيخ علي بن بابويه الصدوق (- 329هـ) الذي ألَّف كتاباً أسماه: (الإمامة والتبصرة من الحيرة). وابنه الشيخ محمد بن علي الصدوق (-381 هـ)، الذي أشار في مقدمة كتابه: (إكمال الدين وإتمام النعمة) الى حالة الحيرة تلك، فقال:" وجدت أكثر المختلفين إليّ من الشيعة قد حيّرتهم الغيبة، ودخلت عليهم في أمر القائم الشبهة... وقد كلمني رجل بمدينة السلام (بغداد) فقال لي: إن الغيبة قد طالت، والحيرة قد اشتدت، وقد رجع كثير عن القول بالإمامة لطول الأمد".( الصدوق:إكمال الدين، ص 2 و 16) ووصف محمد بن إبراهيم أبي زينب النعماني (- 340 هـ)، حالة الحيرة التي عمّت الشيعة في ذلك الوقت في كتابه "الغيبة" فقال: "إن الجمهور منهم يقول في الخلف: أين هو؟ وأنى يكون هذا؟ والى متى يغيب؟وكم يعيش هذا، وله الآن نيّف وثمانون سنة؟.. فمنهم من يذهب الى أنه ميت، ومنهم من ينكر ولادته ويجحد وجوده بواحدة، ويستهزئ بالمصدق به، ومنهم من يستبعد المدة ويستطيل الأمد". وقال:" أي حيرة أعظم من هذه التي أخرجت من هذا الأمر الخلق العظيم والجمّ الغفير؟ ولم يبق ممن كان فيه إلا النزر اليسير، وذلك لشك الناس".(النعماني، الغيبة، ص 113، و 186) ونقل الكليني والنعماني والصدوق مجموعة كبيرة من الروايات التي تعبر عن مصير الشيعة "الإمامية" وتؤكد وقوع الحيرة بعد "غيبة صاحب الأمر" واختلاف الشيعة، وتشتتهم في ذلك العصر، واتهام بعضهم بعضا بالكذب والكفر، والتفل في وجوههم، ولعنهم، وانكفاء الشيعة كما تُكفأ السفينة في أمواج البحر، وتكسرهم كتكسر الزجاج أو الفخار. الكليني، الكافي، ج1 ص 366، 338، 340، والنعماني، الغيبة، ص 89، 206، 208، والصدوق، عيون أخبار الرضا، ص 168 ، وإكمال الدين، ص 408
[3] - وقد نقل الشيخ الصدوق قول المتكلم الشيعي المعاصر لتلك الفترة: (أبى سهل إسماعيل بن علي النوبختي) الذي استدل على "وجود" ابن الحسن ، بالعقل ، وذكر في كتابه (التنبيه) ، الذي ألفه بعد ثلاثين عاما من (الغيبة) :" إن الشيعة قد علموا بوجود ابن الحسن بالاستدلال ، كما عرفوا الله والنبي وأمور الدين كلها بالاستدلال" . الصدوق، إكمال الدين، ص 92
[4] - المفيد، الإرشاد، ص 347

[5] - المرتضى، رسالة في الغيبة، ص 2 - 3
[6] - الصدوق، إكمال الدين، ص 378 ، و الخزاز ، كفاية الأثر، ص 277
[7] - لمزيد من التفصيل، يرجى مراجعة كتابنا حول الموضوع تحت عنوان:"الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري.. حقيقة تاريخية؟ أم فرضية فلسفية؟"
[8] - المسعودي، الإشراف والتنبيه، ص 198
[9] - الصدوق، إكمال الدين، ص 272
[10] - المصدر 272
[11] - الصدوق: إكمال الدين 67 ـ 68 في الجزء الرابع من صحيح البخاري، في كتاب الأحكام في باب جعله قبل باب إخراج الخصوم، وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة: حدَّثني محمد بن المثنى حدثنا غندر حدثنا شعبة عن عبد الملك سمعت جابر بن سمرة قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: " يكون اثنا عشر أميراً فقال كلمة لم أسمعها فقال أبى: انه يقول:" كلهم من قريش ".
وفي صحيح مسلم : في كتاب الإمارة في باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش : حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن حسين عن جابر بن سمرة قال: قال: سمعت النبي يقول:- ح وحدثنا رفاعة بن الهيثم الواسطي، واللفظ له حدثنا خالد يعني ابن عبد الله الطحان عن حصين عن جابر بن سمرة قال: دخلت مع النبي فسمعته يقول: " ان هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضى فيهم اثنا عشر خليفة، ثم تكلم بكلام خفي عليَّ فقلت لأبي: ما قال ؟ قال: كلهم من قريش .
وأيضا في ( كتاب الإمارة في الباب المذكور ) ابن أبى عمر حدثنا عن سفيان بن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: " لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا " ثم تكلم النبي (صلى الله عليه وآله) بكلمة خفيت علي فسئلت أبى ماذا قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ فقال: كلهم من قريش ورواه أيضا عن قتيبة بن سعيد عن أبي عوانه عن سماك عن جابر بن سمرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) ولم يذكر( لا يزال أمر الناس ماضيا) . وحدثنا هداب بن خالد الأزدي حدثنا حماد بن مسلمة عن سماك بن حرب قال: سمعت جابر بن سمرة يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة " ثم قال كلمة لم افهمها فقلت لأبي ما قال (ماذا قال، نخ) فقال: كلهم من قريش.
[12] - الطوسي: الغيبة 90
[13] - المصدر، ص 88
[14] - المصدر
[15] - المصدر
[16] - المصدر 89
[17] - المصدر ، ورد الحديث في مسند احمد: ( جزء 1 صفحة 398 ) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن بن موسى ثنا حماد بن زيد عن المجالد عن الشعبي عن مسروق قال كنا جلوساً عند عبد الله بن مسعود وهو يقرئنا القرآن فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) كم يملك هذه الأمة من خليفة ؟ فقال عبد الله بن مسعود: ما سألني عنها أحد منذ قدمت من العراق قبلك ثم قال: نعم، و لقد سألنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: "اثني عشر كعدة نقباء بني إسرائيل".

[18] - الكافي، كتاب الحجة، باب في الاثني عشر والنص عليهم، ح رقم 3
[19] - الكافي، كتاب الحجة، باب في الاثني عشر والنص عليهم، ح رقم 1
[20] - الكافي، كتاب الحجة، باب في الاثني عشر والنص عليهم، ح رقم 9
[21] - الكافي، كتاب الحجة، باب في الاثني عشر والنص عليهم، ح رقم 4
[22] - الكافي، كتاب الحجة، باب في الاثني عشر والنص عليهم، ح رقم 5 و ح رقم 8
[23] - الكافي، كتاب الحجة، باب في الاثني عشر والنص عليهم، ح رقم 6
[24] - الكافي، كتاب الحجة، باب في الاثني عشر والنص عليهم، ح رقم 7
[25] - الكافي، كتاب الحجة، باب في الاثني عشر والنص عليهم، ح رقم 10
[26] - الكافي، كتاب الحجة، باب في الاثني عشر والنص عليهم، ح رقم 11
[27] - الكافي، كتاب الحجة، باب في الاثني عشر والنص عليهم، ح رقم 12
[28] - الكافي، كتاب الحجة، باب في الاثني عشر والنص عليهم، ح رقم 13
[29] - الكافي، كتاب الحجة، باب في الاثني عشر والنص عليهم، ح رقم 14
[30] - الكافي، كتاب الحجة، باب في الاثني عشر والنص عليهم، ح رقم 15
[31] - الكافي، كتاب الحجة، باب في الاثني عشر والنص عليهم، ح رقم 16
[32] - الكافي، كتاب الحجة، باب في الاثني عشر والنص عليهم، ح رقم 19
[33] - الكافي، كتاب الحجة، باب في الاثني عشر والنص عليهم، ح رقم 20
[34] - قام علماء الرجال والحديث الشيعة بتضعيف معظم روايات "الكافي" أي حوالي 9500 رواية من 16000 رواية، ولم يصححوا سوى ألفين منها، ولا يزال بعضهم يضعف المزيد منها، علما بأن الكافي يعتبر من أصح كتب الحديث لدى الاثني عشرية.
[35] - لمزيد من التفصيل راجع: الفصل الأول من الجزء الثالث من كتابنا تطور الفكر السياسي الشيعي.
[36] - النعماني، الغيبة، ص 57 و 201 وكان من تلك الروايات التي اعتمد عليها النعماني في تنظيره لفكرة الانتظار ، هي ما رواه عن أبى جعفر الباقر (ع) انه قال:" الزم الأرض ، لا تحركن يدك ولا رجلك أبدا حتى ترى علامات اذكرها لك.. وإياك وشذاذ آل محمد ، فان لأل محمد وعلي راية ولغيرهم رايات ، فالزم الأرض ولا تتبع منهم رجلا أبدا حتى ترى رجلا من ولد الحسين معه عهد النبي ورايته وسلاحه.. فالزم هؤلاء أبدا وإياك ومن ذكرت لك" . و"كل راية ترفع قبل راية المهدي فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله" . و " كل بيعة قبل ظهور القائم فانها بيعة كفر ونفاق وخديعة". و" والله لا يخرج أحد منا قبل خروج القائم إلا كان مثله كمثل فرخ طار من وكره قبل ان يستوي جناحاه فأخذه الصبيان فعبثوا به".

[37] - الصدوق، الهداية، ص 47
[38] - وكان يقود ذلك التيار الشيخ إبراهيم القطيفي ، الذي أفتي بحرمة صلاة الجمعة خلافا للشيخ الكركي الذي أفتى بإباحتها. و ألف رسالة خاصة في حرمة الخراج في الرد على الشيخ الكركي ، اسماها السراج الوهاج لدفع عجاج قاطعة اللجاج ) وأيده في ذلك المقدس الاردبيلي الذي كتب (تعليقات على خراجية المحقق الثاني) .

[39] - حيث قال في كتاب القضاء من (جواهر الكلام):" لم يأذنوا (الأئمة) لهم (للفقهاء) في زمن الغيبة ببعض الأمور التي يعلمون عدم حاجتهم إليها كجهاد الدعوة المحتاج إلى سلطان وجيوش وأمراء ونحو ذلك مما يعلمون قصور اليد فيها عن ذلك ونحوه ، وإلا ظهرت دولة الحق".

[40]- وكان مؤسس حزب الدعوة السيد محمد باقر الصدر قد كتب رسالة حول أطروحة الحزب وقيامه على أساس الشورى، وقام بعرضها على أساتذة الحوزة كالشيخ حسين الحلي والسيد محسن الحكيم، والسيد أبو القاسم الخوئي، والشيخ مرتضى آل ياسين ، الذين رفضوا بقوة فكرة إقامة الدولة في عصر الغيبة ، مما أدى إلى حدوث أزمة فكرية لدى الصدر واستقالته من الحزب. وقد تحدث الصدر عن تلك الأزمة في رسالة له إلى السيد محمد باقر الحكيم في تموز 1960 ، وقال :"إنها حدثت له أثناء مراجعته لأسس الأحكام الشرعية وآية (وأمرهم شورى بينهم) التي هي أهم تلك الأسس ، وبدونها لا يمكن العمل في سبيل تلك الأسس مطلقا ، وإذا تم الإشكال فان الموقف الشرعي لنا سوف يتغير بصورة أساسية ، وإن لحظات تمر علي في هذه الأثناء وأنا اشعر بمدى ضرورة ظهور الفرج وقيام المهدي المنتظر (صلوات الله عليه) ولا زلت أتوسل إلى الله تعالى أن يعرفني على حقيقة الموضوع ويوفقني إلى حل الإشكال … وعلى كل حال فان حالتي النفسية لأجل هذا مضطربة وقلقة غاية القلق".
وقد ذكر السيد محمد باقر الحكيم في مقال نشرته مجلة (قضايا إسلامية): إن الشك في دلالة آية الشورى انتهى بالشهيد الصدر إلى الشك في صحة العمل الحزبي الذي لا معنى له في نظره آنذاك، إلا إذا كان يتضمن الدعوة إلى قيام الحكم الإسلامي، فإذا لم تكن النظرية حول قيام الحكم الإسلامي واضحة فكيف يمكن إيجاد تنظيم يسعى إلى هذا الهدف دون أن يكون نفس الهدف واضح المعالم؟.إن خروج السيد الشهيد الصدر من حزب الدعوة الإسلامية كان لشبهة شرعية ... إن السيد الصدر لم يعد يؤمن بضرورة الدولة الإسلامية لذلك لم يجد ضرورة لعمل حزب الدعوة الإسلامية الذي أسس لغرض إقامة الحكومة الإسلامية.
الصادق الوعد، صفحات من حياة الداعية المؤسس الحاج محمد صالح الأديب، ص 68 منشورات حزب الدعوة، ومذكرات السيد مهدي الحكيم، والنعماني ، محمد رضا : الشهيد الصدر سنوات المحنة وأيام الحصار ص 146 ، الطبعة الأولى قم ، و الخرسان ، صلاح : حزب الدعوة ص 114
[41] - الطوسي، النهاية ص 284

[42] - الطوسي، المبسوط، ص 281

[43] - راجع: الطوسي، النهاية ، ص 265

[44] - المفيد، المقنعة، ص 46
[45]- جواهر الكلام للشيخ محمد حسن النجفي، كتاب الخمس، ص 156 و 164 وللمزيد من التفصيل راجع المبحث السابع من الفصل الأول من الجزء الثالث من كتاب "تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى إلى ولاية الفقيه، للمؤلف،

[46] - لمزيد من التفصيل راجع المبحث الثامن من الفصل الأول من الجزء الثالث من الكتاب المذكور.


أحمد الكاتب

http://www.alkatib.co.uk/13.htm







التوقيع :
دعاء : اللهم أحسن خاتمتي
وأصرف عني ميتة السوء
ولا تقبض روحي إلا وأنت راض عنها .
#

#
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله :
العِلمُ قَالَ اللهُ قَالَ رَسولُهُ *قَالَ الصَّحَابَةُ هُم أولُو العِرفَانِ* مَا العِلمُ نَصبكَ لِلخِلاَفِ سَفَاهَةً * بينَ الرَّسُولِ وَبَينَ رَأي فُلاَنِ

جامع ملفات ملف الردود على الشبهات

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=83964
من مواضيعي في المنتدى
»» مقتطفات من اقوال الخميني الكفرية و الباطلة
»» السيد المهري وتجريم القتلة والصمت عن المذبحة السورية
»» طعن اصحاب الائمة في الائمة وينسفون عصمة / العصمة
»» إيران.. اليهودية والمجوسية
»» وفاة 'ناصر الدوسري' في معركة اللاذقية بسوريا
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:09 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "