الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
ان المتصوفة لا يقلون خطرا عن بقية المبتدعة حيث بثوا كثيرا من البدع في الامة وصارت من الدين وان من ينكرها ينكرا امرا معلوما من الدين بالضرورة وانا هنا ابين ان شاء الله بعض عقائدهم الخطيرة وعلاقة مشايخ المولد بذلك قاصدا بذلك وجه الله وبيان الحق للائمة حيث كثير من هذه الائمة يحسنون الظن بالصوفية وسيظهر هذا الخطر الصوفي عند التطرق الى علاقة التصوف بالمولد فضلا عن علاقة التصوف بالتشيع
والله الموفق
1- تأليه النبي صلى الله عليه وسلم
لقد غلا بعض أقطاب المتصوفة في النبي صلى الله عليه وسلم الى درجة التأليه وممن ذهب هذا المذهب الخطير عدد من اقطاب التصوف وهم على الترتيب الزمني الهجري:
محي الدين ابن عربي (ت 638):
(حيث صرح ان المهاجر من مكة الى المدينة كان هو الله . كما زعم أن النبي جامع بين العبودية والربوبية)
ذكر ذلك عنه الشيخ عبدالرحمن الوكيل نقلا عن (مجموعة الأحزاب ص2 ط استنبول سنة 1298).
عبدالكريم الجيلي (ت 832):
نقل ذلك عنه احد المتصوفة المعاصرين هو (يوسف بن اسماعيل النبهاني ت 1350) في كتابه جواهر البحار (1/276) ومما ذكره عن الجيلي قوله:
(ثم رأيته رضي الله عنه ذكر في موضع آخر من كتابه هذا _ الكمالات الإلهية _ أنه بينما كان جالسا امام الحجرة النبوية اذ كشف عنه الحجاب فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في الافق الاعلى بصفة الهية لا يشك فيها ومكتوب حوله (قل هو الله احد) فلما رجع الى حسه نظر الى الحائط المقابل له قد كتبت سورة قل هو الله احد).
ومما ذكره النبهاني عن الجيلي في (جواهر البحار 4/239):
(ومن الفاظه المتشابهة المخالفة بحسب الظاهر للعقيدة الاسلامية قوله في اوائل الباب الاول منه قول الحق جل وعلا : (اني قد اختلست من ذاتي نسخة جامعة لاسمائي وصفاتي .... الخ - يعني محمدا صلى الله عليه وسلم -
فقال النبهاني: وهذه العبارة معترضة منتقدة)
وهذا من عجائب النبهاني احد منظري المولد النبو والاحتفال به وله مولد منظوم ينشد في منقطة الحجاز فيه طوام قد نعرض لها ان شا الله.
وللجيلي اشعار في تاليه النبي ومما قاله في كتابه الانسان الكامل (1/13):
[ALIGN=CENTER]فهي من كون ذا ومحمد لحقيقة الاكوان
وهي المعرف بالعزيز وبالهدى ومن كونه ربا فداه جناني [/ALIGN]
الى ان قال:
[ALIGN=CENTER]ولاجل رب عين وصفك عينه ها انت مصباح ونور بياني[/ALIGN]
ومما قاله ايضا (اعلم ايدك الله بروح منه ولا اخلاك في وقت عنه ان الله تعالى لما خلق محمدا صلى الله عليه وسلم من كماله وجعله مظهرا لجماله وجلاله خلق كل حقيقة في محمد صلى الله عليه وسلم من حقيقة من حقائق اسمائه وصفاته ثم خلق نفس محمد صلى الله عليه وسلم من نفسه وليست النفس الا ذات الشيء)
وممن ذهب الى تأليه النبي او كاد :
عبدالغني النابلسي (ت 1143) صاحب كتاب تفسير الاحلام وغيره وله مؤلف في المولد النبوي ومما قاله في هذه العقيدة صراحة في رسالته (شطح الولي ص 194 ضمن كتاب شطحات الصوفية لعبدالرحمن بدوي) :
حيث زعم النابلسي كذبا وزورا ان الله اخبر ان نبيه صلى الله عليه وسلم هو الله بناء على فهمه السقيم لقوله تعالى (ان الذي يبايعونك انما يبايعون الله)، كما زعم كذبا وزورا ان الذي صلى على محمد هو محمد وان صلاة العبيد عليه صدرت بأمر من صورة اسمه
ولم يكتف بتاليه النبي محمد بل ذهب الى ان موسى هو الله بناء على فهمه السقيم لقوله تعالى (وانا اخترتك لنفسي ) قال النابلسي : بان تكون انا واكون انا انت ......الى ان قال: ثم انه تعالى اخرجه من ذلك الطور وارجعه الى صبغته بالصورة الموسوية فقال له (فاعبدني واقم الصلاة لذكري ) اي لاجل هذا التذكر الذي تحققه مني بانك انت انا وان انت...الخ.
قال ابو الاشبال:
وهذا يشبه قول طاغوت الصوفي ابن عربي والذي ذكرنا كلامه انفا حيث قال شعرا في كتابه (فصوص الحكم بشرح القاشاني ص118):
[ALIGN=CENTER]فانت عبد وانت رب لمن له فيه انت عبد
وانت رب وانت عبد لمن له في الخطاب عهد[/ALIGN]
وكما قال الجيلي في (الانسان الكامل 1/31):
[ALIGN=CENTER]لي الملك في الدارين لم ار فيهم سواي فارجو فضله او فاخشاه
وقال ايضا:
واني رب للانام وسيد جميع الورى اسم وذاتي مسماه[/ALIGN]
قلت: فابن عربي اله الانسان والجيلي جعل من نفسه ربا
نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى.
وممن ذهب هذا المذهب
عبدالحمن العيدروسي (ت 1135)
حيث زعم ان الله عزوجل بالغ في مدح نبيه حتى كاد ان يصرح بانه هو.
كما زعم ان الله عزوجل اخرجه عن حال الخلق ونفاه عنهم.
ذكر هذا الباطل صاحب المولد المشهور النبهاني في (جواهر البحار 2/382).
عبدالله الميرغني (ت 1207)
حيث زعم ان النبي صلى الله عليه وسلم نور الذات الالهية وانه المرآة التي ظهر فيها الرب.
ذكره النبهاني (جوهر البحار 4/116).
الامير عبدالقادر الجزائري (ت 1300)
حيث زعم ان النبي صلى الله عليه وسلم هو: السميع والبصير وانه هو الاول والاخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم وان الله اعطاه اسمائه وصفاته ومن راه فكانما راى الله.
ذكره النبهاني (جواهر البحار 3/277).
وممن ذهب الى تأليه النبي او كاد
الطائفة البريلوية الهندية
وهي طريقة صوفية موغلة في التصوف تزعم ان الذي كان مستويا على العرش بصورة الاله هو الذي في المدينة بصورة المصطفى.
ذكر ذلك عنهم الشهيد احسان الهي ظهير في (البريلوية عقائد وتاريخ ص105).
راي الصوفية عموما في تأليه النبي
لقد اثبت عقيدة تاليه النبي للصوفية د. عبدالمنعم الحفني حيث قال:
ولهذا يعتقد كثير من الصوفية ان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال (من راني فقد راى الله).....الى ان يقول : وليس العالم الا صورة الحقيقة المحمدية كما ان الحقيقة المحمدية ليست الا صورة الله تعالى.
انظر المعجم الصوفي لنفس القائل (ص 35-36)
قال ابو الاشبال :
وسوف نذكر ان شاء الله ماهي الحقيقة المحمدية بعد الانتهاء من هذا الموضوع .
واقول ايضا ان الصوفية واقطابها امرهم محير فهنا ذكر المؤلف ان العالم ما هو الاصورة الحقيقة المحمدية، ومن عقائد الصوفية الباطالة قولهم بوحدة الوجود لله حيث يزعمون ان هذا الوجود هو عين وجود الله كما قال احدهم (سبحان من اوجد الاشياء هو عينها) .
من هنا نخلص الى تضارب عقائد الدين الصوفي حيث زعموا وحدة الوجود لله وللنبي.
راي بعض دارسي التصوف
اثبت بعض دارسي التصوف عقيدة تاليه النبي من قبل الصوفية ومن هؤلاء
1- الدكتور زكي مبارك (ت 1371) حيث قال:
وقول البوصيري
دع ما ادعته النصارى في نبيهم واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم
فيه انحراف عن هذه النظرية لان ما ادعته النصارى لعيسى عين ما ادعته الصوفية لمحمد ، فعيسى عند النصارى رب ولكن له اب هو الله رب الارباب وكذلك محمد عند الصوفية رب له اصل هو الذات الاحدية.
انظر االتصوف الاسلامي (1/274).
ومما قاله ايضا (1/279):
الى هنا عرف القاريء كيف نشأ الاغراق في مدح الرسول فهو قائم على اساس القول بوحدة الوجود وقد صح عندي -القائل المؤلف- بعد التامل الذي دام بضع سنين ان الصوفية ارادوا ان ينتهبوا شخصية المسيح ليضفوا ثوبها على نبي الاسلام فاذا كان المسيح ابن الله كما يزعم، فمحمد ارفع من ذلك لان محمدا يقدر على كل شيء وهو اصل الوجود ولولاه لما ظهر عن الله شيء.
2- الشيخ عبدالرحمن الوكيل (صاحب كتاب هذه هي الصوفية)
قال رحمه الله: ويزعم الصوفية ان شأن محمد هو شأن الله اسمع الى صوفي يقول: شأن محمد في جميع تصرفاته شأن الله فما في الوجود الا
محمد......وقال ايضا: ومما تافكه الصوفية ان جبريل حين راى محمد يتلو القران قبل ان يعلمه اياه ، فساله جبريل ؟ فاجابه النبي : ارفع الستر مرة حين يلقى اليك الوحي، ففعل جبريل فراى محمدا هو الذي يوحي اليه ! فصاح مسبحا منك واليك يامحمد.
انظر هذه هي الصوغية (ص76)؟
قال ابو الاشبال: وهذا نتيجة فهمهم السقيم لقول الله عزوجل: (ولا تعجل بالقران من قبل ان يقضى اليك وحيه......)
انتهى موضوع تاليه النبي صلى الله عليه وسلم من قبل الصوفية والى الموضوع القادم باذن الله تعالى وهو (الحقيقة المحمدية)