العقيد عميروش القائد والمجاهد وخادم العلم و العريية
بقلم : محمد حاج عيسى الجزائري
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد : فإني لست مؤرخا ولا شاهدا على تاريخ من مضى ، ولكني قارئ له كسائر القراء المعتنين به، أحب مطالعة أسفاره، وأتشوف إلى معرفة حقائقه، وأتطلع إلى تفسير أحداثه وأخذ العبر منه، ولا يخفى أن تاريخ أمتنا تاريخ حافل بذكر سير الرجال الأبطال وتدوين جلائل الأعمال، وقد بدا لي أن أنقل في هذه الصفحات شيئا من مآثر أحد المجاهدين الكبار المنتمين إلى هذه الديار، أحد أعلام الجهاد الذي حررت به هذه البلاد، وهو الشهيد عميروش آيت حمودة رحمه الله، أنقلها من المصادر المعتمدة وعن الشهود العيان عليها، لنقربها إلى قراء موقع ".."، ولعلها تكون حافزا لبعضهم أن يرجع إلى المصادر ويتعمق أكثر في تاريخ أمتنا المجيدة
[العقيد عميروش في رحاب جمعية العلماء]
والذي يمهد لنا شرح هذه الجوانب أن نعلم أن عميروش رحمه الله كان قد انتسب إلى الشعبة المركزية لجمعية العلماء العاملة في باريس آنذاك، فكان من النشطاء في ظلها، وبعد أن تعلم مبادئها واعتنقها، صار داعيا إليها ناشرا لصحفها ومنسقا بين خلاياها في تلك البلاد، وذلك ابتداء من السنة التي التحق فيها بباريس عام 1950م، وكان رحمه الله منتميا لحزب الانتصار للحريات الديمقراطية، فانسحب منه قبل الانضمام للجمعية أو بعد انضمامه –ليس ثمة خبر يقيني عن هذا الأمر- وقد اختلفت الروايات في تحديد سبب انسحابه من هذا الحزب السياسي ، والذي شهد به المجاهد عبد الحفيظ أمقران أن سبب ذلك اختلافه مع الجماعة التي تبنت النزعة البربرية داخل الحزب في تلك الحقبة، فقد أرادوا استمالته إليهم بحكم انتمائه لمنطقة القبائل، لكنه رحمه الله تعالى كان متشبعا بالعقائد والأفكار التي تحميه من مثل تلك النزعات العرقية، التي كانت تبثها فرنسا الاستعمارية آنذاك من أجل تفريق مسلمي الجزائر إعمالا لسياسة فرق تسد، فعارضهم بل واجَههم حتى وصل الأمر إلى المشادات البدنية وضرب بعمود حديدي فكسرت ثَنِيَّتُه.
وحسب رواية الشيخ الطاهر آيت علجات فإن كسر سِنّه كان بسبب انخراطه في صفوف النَّشيطين مع جمعية العلماء والداعين إليها، ثم إنه بعد إعلان الجهاد تصالح مع خصمه واجتمعا على حرب الغزاة الصليبيين