الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل المرسلين أما بعد:
فإن الله تعالى وعد من وحّد وآمن وعمل صالحا وعده بالأمن والأمان والاستخلاف والتمكين والنصر والرفعة؛والعكس بالعكس ،فمن أشرك وعصى فإن الله تعالى يضيق عليه ويعيش معيشة ضنكى .
هذه حقائق ثابتة في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
ولقد تابعت ردود الأفعال والتعليقات التي تصدر من الناس بين الفينة والأخرى حينما تقع التفجيرات والقتل للناس المدنيين والأطفال والنساء في العراق،تابعت ذلك على البي بي سي! فما وجدت واحدا منهم قال: إن ما وقع هو من كسب أيدينا لأننا عصينا ونسينا الله تعالى وتركنا شرعه ! فصار همنا أن نأكل وأن نكون مترفين مثل الدول الكافرة الأخرى أو الدول المسلمة الآمنة؛ما وجدت واحدا منهم يقول: ارجعوا لربكم فيمتعكم متاعا حسنا ،ارجعوا لربكم فيفتح عليكم بركات السماء والأرض!
الشعب العراقي وغيره يصدق عليه قول الشاعر:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها**إن السفينة لا تجري على اليبس!
الكل تكلم عن الداء ! ولكني ما رأيت أحدا تطرق لسبب الداء الحقيقي ولا للدواء!!
ويصدق عليهم قول الشاعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ**والماء على ظهورها محمول!
لقد وعد الله تعالى من رجع إلى دينه ووحد الله تعالى واتقى الله واستقام أن يسبغ عليه الأمن والأمان والبركات،وهذا العلاج في كتاب الله عزوجل؛ قال الله تعالى في سورة الأعراف:
{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100) تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101)}.
والناس هاربون من ربهم ،ويطالبون بالديمقراطية !ولا أحد منهم طالب بتحكيم شرع الله تعالى ! بل هم يتبرأون منه!ولا يريدون دينا !!فغَضِب الرب عليهم؛لقد سمعت بأذني في أكثر من مقابلة للناس هناك يقولون : لا نريد دينا!! نريدها علمانية! نريدها بلدا ديمقراطيا!!!
أما سألوا أنفسهم: هذه الأمنيات المارقة ألا تغضب الرب جلّ جلاله؟!!
أما سألوا أنفسهم: ما الذي أهلك الأمم السالفة وضيق عليهم؟!!
أما سألوا أنفسهم: ألستم بمسلمين تؤمنون بالقرآن؟!!
أمركم الله في القرآن أن تقيموا شرعه ،وتوحدوه ، أليس سب الله تعالى علنا في الشوارع في الشاردة والواردة؟!!
أليست الأوثان تُعبد من دون الله تعالى :ملايين مملينة من الدهماء متوجهون لعلي والحسين وموسى الكاظم يناشدونه ويستغيثونه ويطلبون منه الأمان والرزق والعافية والصحة!! أهكذا أمركم الله تعالى في كتابه؟!! أقال لكم : ادعوني أم ادعوا الأولياء؟!! هل هناك آية واحدة تقول: ادعوا آل البيت أو ادعوا الجيلاني أو ادعوا الجنيد؟!!
أليست الخمّارات منتشرة هنا وهنالك؟!!
تريدون الأمن والأمان والنعمة والتوفيق وأنتم لم تتقوا الله تعالى؟!!
غر كثيرا من هؤلاء الناس الملايين -وفيهم الدكاترة والمهندسون والأساتذة- غرهم أهل المآرب والأغراض من معممي دولة إيران المجوسية ! أما آن لكم أن تفيقوا ، أم أنكم لن تفيقوا إلا في يوم صباحه جهنم؟!!!!
يا قوم :
إني ناصح لكم أمين:
قال أمير المؤمنين عمر-رضي الله عنه- :
إنا قوم كنا أذلة ،فأعزنا الله تعالى بالإسلام ، فمتى ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله.
قال تعالى:
{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)}.
قال العلامة السعدي في تفسيره:
(لما ذكر تعالى أن المكذبين للرسل يبتلون بالضراء موعظة وإنذارا، وبالسراء استدراجا ومكرا، ذكر أن أهل القرى لو آمنوا بقلوبهم إيمانا صادقا صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى اللّه تعالى ظاهرا وباطنا بترك جميع ما حرم اللّه، لفتح عليهم بركات السماء والأرض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم، في أخصب عيش وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كد ولا نصب، ولكنهم لم يؤمنوا ويتقوا { فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } بالعقوبات والبلايا ونزع البركات، وكثرة الآفات، وهي بعض جزاء أعمالهم، وإلا فلو آخذهم بجميع ما كسبوا، ما ترك عليها من دابة. { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } )اهـ.
وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي في (أضواء البيان) :
(وأما المعرض عن الدين فإنه يستولي عليه الحرص الذي لا يزال يطمح به إلى الازدياد من الدنيا مسلط عليه الشحّ الذي يقبض يده عن الإنفاق، فعيشة ضنك، وحاله مظلمة. ومن الكفرة من ضرب الله عليه الذلة والمسكنة بسبب كفره، كما قال تعالى: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ} . وذلك من العيش الضنك بسبب الإعراض عن ذكر الله. وبيّن في مواضع أخر أنهم لو تركوا الإعراض عن ذكر الله فأطاعوه تعالى: أن عيشهم يصير واسعاً رغداً لا ضنكاً، كقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ}، وقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} ، وكقوله تعالى عن نوح: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً} ، وقوله تعالى عن هود: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} ، وقوله تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} ، إلى غير ذلك من الآيات)اهـ.
والله الموفق.
والحمد لله رب العالمين.