فمن ذلك أنه ذكر القول بخلق القرآن ثم قال في ( ص6)
( وقد ظهرت هذه الفتنة بعض الظهور في زمن الإمام أبي حنيفة فقال فيها قولاً فصلاً ورد على ناشريها فأسكتهم إلى حين )
وأقول :
لايخفى على من له فضل إطلاع على مافي هذا الكلام من المبالغة في المدح بمالاحقيقة له .
وقد رأيت عدداً من الكتب التي ذكر فيها الرد على الجهمية وما رأيت أحداً من أهل السنة ذكر عن أبي حنيفة أنه رد على الجهمية بشئ
فضلاً عن أن يكون قال قولاً فصلاً أسكت به الجهمية الذين نشروا فتنة القول بخلق القرآن .
فأما ماذكره الكوثري عن أبي حنيفة فسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى .
وفي ( ص7) نقل المؤلف عن الكوثري أنه قال :
( ولم يحل قتل جهم دون ذيوع رأيه في القرآن فافتتن به أناس فشايعه مشايعوه ونافره منا فروه
فحصلت الحيدة عن العدل إلى إفراط و تفريط من غير معرفة لمغزى هذا المبتدع
أناس جاروه في نفى الكلام النفسي وأناس قالوا في معاكسته بقدم الكلام اللفظي ) ا.هـ
وأقول :
إن الأكابر من علماء السنة قد عرفوا مغزى جهم حق المعرفة ولذلك نافروه وكفروه ونافروا أتباعه وكفروهم واستدلوا على تكفيرهم وبطلان أقوالهم في القرآن بالأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة وذلك مبسوط في الكتب المصنفة في السنة والرد على الجهمية .
وليس في إنكار أهل السنة على الجهمية وردهم حيدة عن العدل إلى الإفراط أو التفريط كما زعم ذلك الكوثري
بل إن أهل السنة لم يزالوا على العدل وأتباع الحق.
ومن أنكر ذلك فلاشك أنه هو الذي حاد عن العدل وكابر في رد الحق وأما الذين تابعوا جهماً وجاروه في نفي الكلام عن الله تعالى وفي زعمه أن القرآن مخلوق مثل بشر المريسي وثمامة بن أشرس وأحمد بن أبي دؤاد وأضرابهم من الزنادقة
فهؤلاء هم الذين حادوا عن العدل إلى الإفراط والتفريط بل إلى الكفر الصريح
وقد رد عليهم الإمام أحمد وغيره من أكابر العلماء وحذروا من أقوالهم المشتملة على الكفر والزندقة.